عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-31-2016, 04:02 PM
 






الأصحاب: هم جماعة الرجل و صحبته
و الأخدود: جمع خَدْ، وَ الْخَدُّ هُوَ الشَّقُّ
يُقَالُ: خَدَدْتُ الْأَرْضَ خَدّاً أَيْ شَقَقْتُهَا، و الخد شق في الأرض كالخندق

يقال أنّ هناك جماعات ثلاثة يُعرفون بأصحاب الأخدود ..
واحد منهم بنجران, و الآخر بالشام, و الآخر بفارس

كلهم استخدموا أسلوباً واحداً لتعذيب المؤمنين فحفروا الخنادق و ملؤها بالنار ثم قذفوا المؤمنين بها و أحرقوهم بالنار و هم أحياء !!

أما الذي بالشام فهو أنطياخوس الرومي ، و أما الذي بفارس فهو بختنصر ، و أما الذي بأرض العرب فهو يوسف بن ذي نواس ، فأما ما كان بفارس و الشام فلم ينزل الله تعالى فيهما قرآنا ، و أنزل في الذي كان بنجران .

و أما أصحاب الأخدود الذين ذمَّهم الله في القرآن الكريم فهم الملك ذو نواس الحميري آخر ملوك حمير باليمن و جماعته، و إنما عُرفوا بأصحاب الأخدود لأنهم شقوا خندقاً مستطيلاً في الأرض ثم أضرموا النار في ذلك الخندق، ثم أحضروا المؤمنين بالله من نصارى نجران و طلبوا منهم ترك ديانتهم و الدخول في الديانة اليهودية المنحرفة التي كان عليها الملك، و كان مصير من يرفض أن يُلقى في النار و هو حي، أما أصحاب الأخدود فكانوا يتلذذون من تعذيب أولئك المؤمنين المستضعفين الذين لم يكن لهم ذنب سوى الإيمان بالله.




كان في صنعاء في اليمن ملك من التابعية (قوم تبع) و يقال له ذو نواس، و كان يهودي الديانة فبلغه أن رجلاً من النصارى وصل إلى أرض نجران يدعو الناس إلى النصرانية قائلا لهم: ان عيسى ابن مريم نسخ بشريعته شريعة اليهود، فأحبه الناس و آمن به أهل نجران، فغضب الملك ذو نواس و سار إليهم بجنود من حمير، و أمر بشق أخدود كبير (شق) وأحضر الحطب والوقود وأشعل النار، و صار يأتي بواحد واحد بأن يرجع عن الديانة النصرانية و يرضى باليهودية، فإن أطاعه تركه، و إن أبى أحرقه بتلك النار المحرقة.

لم يترك أحداً من شيخ عجوز او طفل صغير أو إمراة إلا و القاه في تلك النار المحرقة، وكان يستمتع و يتلذذ في مناظر أولئك المؤمنين و هم يُحرقون, ولم يبق بذلك أحد من النصارى، وكان كل من بقي من اليهود فقط، و لم ينقم اولئك اليهود على النصارى في ذلك الزمان إلا أنهم آمنوا بالله تعالى رباً و تمسكوا بدينهم و إيمانهم، فكان فعلهم مستوجباً لغضب الله و لعنته، و نزول نكال الدنيا وعذاب الآخرة.





روى الإمام مسلم في صحيحه عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

( كان ملك فيمن كان قبلكم، وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إلي غلاما أعلمه السحر

فبعث إليه غلاما يعلّمه، فكان في طريقه إذا سلك راهب، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه، فشكا ذلك إلى الراهب، فقال: إذا خشيتَ الساحر فقل "حبسني أهلي"، وإذا خشيت أهلك فقل "حبسني الساحر"

فبينما هو كذلك، إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس، فقال: اليوم أعلم آلساحر أفضل أم الراهب أفضل

فأخذ حجرا فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس

فرماها فقتلها، ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب: أي بني.، أنت اليوم أفضل مني، قد بلغ من أمرك ما أرى، وإنك ستبتلى، فإن ابتليت فلا تدل علي

وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص، ويداوي الناس من سائر الأدواء, فسمع جليس للملك كان قد عمي، فأتاه بهدايا كثيرة، فقال: ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني

فقال: إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله, فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك

فآمن بالله، فشفاه الله، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس، فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟

- ربي
- ولك رب غيري !!
- ربي وربك الله

فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام، فجيء بالغلام، فقال له الملك: أي بني، قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص، وتفعل وتفعل

فقال: إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله

فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب، فجيء بالراهب، فقيل له: ارجع عن دينك!!

فأبى، فدعا بالمئشار، فوضع المئشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه، ثم جيء بجليس الملك، فقيل له: ارجع عن دينك!!

فأبى، فوضع المئشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بالغلام، فقيل له: ارجع عن دينك!!

فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا, فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه!!

فذهبوا به فصعدوا به الجبل، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت

فرجف بهم الجبل فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك ؟

قال: كفانيهم الله

فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قرقور فتوسطوا به البحر، فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه

فذهبوا به, فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت

فانكفأت بهم السفينة فغرقوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟

- كفانيهم الله, إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به
- وما هو

- تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع ، ثم خذ سهما من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل "باسم الله رب الغلام"، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني

فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثم أخذ سهما من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال: باسم الله رب الغلام

ثم رماه، فوقع السهم في صُدْغِهِ، فوضع يده في صُدْغِهِ في موضع السهم فمات، فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام

فأُتِيَ الملكُ فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر, قد والله نزل بك حَذَرُكَ، قد آمن الناس !!

فأمر بالأخدود في أفواه السكك فخدت، وأَضْرَمَ النيران، وقال: من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها

أو قيل له: اقتحم ففعلوا، حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أُمَّاهِ اصبري فإنك على الحق ).


كذا رواه الإمام أحمد، ورواه مسلم والنسائي، من حديث حماد بن سلمة، زاد النسائي وحماد بن زيد كلاهما عن ثابت به.

ورواه الترمذي من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت بإسناده نحوه، وجرد إيراده كما بسطنا ذلك في التفسير.



__________________

كفّـارَة المَجلِس :
[ سُبحانكَـ اللهُمَّ وبحَمدِكـ , أشهَـدُ أن لا إلهَ إلاَّ أنت , أستَغفِـرُكَـ وأتوبُ إليكـ ]

روايتي : مغامرات أسطورة بددت أوجه الظلم والظلام
رواية قتالية : حين تصير أرواح الناس غذاء

التعديل الأخير تم بواسطة Mulo chan ; 01-31-2016 الساعة 04:29 PM
رد مع اقتباس