المغامرة 2 : خطوات تائهة في البيت المتحوّل (الفصل الخامس) .. 5.1
مياه راكدة لايزيد ارتفاعها عن خمسة سنتيمترات في تلك المنطقة ذات الإضاءة الخافتة, هناك لمبة معلّقة على السقف بطريقة عشوائيّة وحشرتين أو ثلاثة تطير حولها, المكان موحش حيث الممرات المتفرّقة المقرفة, لكن كانت هناك صبّة اسمنتيّة على الجانبين قد علا عليها الغبار.
بدا المكان مهجوراً وذو صمت رهيب خيّم هناك حتى تعالت صرخة من بعيد, كانت صادرة من تلك الفتحة على أحد الحوائط, بدت كممر مائل ذو صفائح معدنيّة, ازداد الصوت اقتراباً حتى خرج منها سامي وهو يسقط أرضاً ووجهه على المياه بعد أن وضع يديه محاذراً أن يصدم وجهه, سقطت أشواق فوقه وهي تخرج من نفس الفتحة تصرخ, لكنها نهضت بسرعة وهي تقول بخجل: آ آسفة
تنبّهت أشواق لصوت أيهم يخرج من الفتحة فرأته يقفز نحوها لكنها ابتعدت بسرعة وهي تتنحى, فسقط فوق سامي الذي كان لايزال مستلقياً, فقال أيهم بحماس: رائع!
ثم سقطت أمل فوقه مصطدمه به, راقبتهم أشواق وهي تمسك بالإضاءة فنهضت أمل بدون أن تتعجّل وهي تقول بحيرة: هل خرجنا إذاً؟
همس أيهم بإنزعاج: إنها ثقيلة فعلاً!
سمع صوت فقاعات أسفله, فإذا به سامي تحته ووجهه إلى الأرض فابتعد عنه بسرعة, أثناء ذلك وقفت أمل بجوار أشواق التي كانت تضع يدها على أنفها وفمها, فقالت أمل بحيرة: ماهذا المكان؟
أشواق بحيرة وهي تحرّك الإضاءة حولها: لستُ متأكدة, ولكنه يبدو كممر للمجاري أو شيء من هذا القبيل
وضعت أمل يدها على أنفها وهي تقول: نعم هذا واضح من الرائحة السيئة
لاحظت أمل صرصوراً يقترب منها فداست عليه بقدمها لتسحقه, واخضرّ وجه سامي وهو يقول بإنهاك: الأهم أننا نجونا من ذلك المنزل
استدار وبدأ يستفرغ مابجوفه بصوتٍ مقزز, فأدار أيهم برأسه نحوه قائلاً: هل أنت بخير؟ هيه! لاتقل أنّك قد ابتلعت بعض هذا الماء, هيه! لاتخرج الطعام كلّه حتى لاتجوع فليس لدينا طعام نأكله الآن! حاول أن تبتلعه!
حدّقت أشواق نحوه بأسى وهي تقطّب حاجبيها, بينما راقبت أمل بإشمئزاز ثم أدارت برأسها إلى الجهة المغايرة وهي تقول: الفتيان!
اتسعت عينيها واتجهت نحو ماتنظر إليه وهي تقول: أشواق! تعاليّ هنا
أدارت برأسها نحو أمل وتقدّمت إليها بضع خطوات وهي تشهر بالإضاءة نحوها, فقد صعدت أمل الصبّة التي كان ارتفاعها أعلى من نصف جسدها, حيث وضعت يديها عليها ورفعت بأحد ساقيها لتصعد وهي ترفع نفسها بطريقة صبيانيّة, وأشواق تراقبها بحيرة, سارت أمل خطوتين مقتربة من الحائط حتى توقّفت أمام لوحة ورقيّة علّقت عليه بدت كخريطة ما, حرّكت أشواق الإضاءة وهي تقترب بدون أن تصعد الصبة فهي أصعب من أن تصعد إليها وحدها, وضعت أمل يدها على اللوحة وقالت بهدوء: هذهِ اللوحة, لابد أنها خريطة لهذا المكان, إن اتبعنا الاتجاهات فسنتمكن من الخروج من هنا حتماً
قفز أيهم إلى الصبة باستخدام يديه, ثم تقدّم نحو أمل وهو يقول بهدوء: إذاً أين نحن الآن من هذهِ الخريطة؟
فتّشت أمل ببصرها في الخريطة وكذلك فعل أيهم, حرّكت سبابتها على الخريطة محاولة إيجاد الموقع, ووضع أيهم يده على رأسه وهما يفكّران, بينما كانت أشواق لاتزال خلفهما تنظر ممسكة بالإضاءة, فوقف سامي بجانبها حيث أدارت برأسها نحوه, فقال بإنهاك: فلنخرج من هنا بسرعة, إنه حتى لايبدو أنه آمن, أخشى أن تظهر مثل تلك الوحوش
أشواق بقلق مقطبة حاجبيها: هل أنتَ بخير؟
سامي بابتسامة مصطنعة: نعم أنا بخير, سأكون بخير إن خرجنا من هنا
أشار أيهم لنقطة حمراء على الخريطة وقال بحماس: هنا! لابد أنّ هذهِ الإشارة الحمراء هي موقعنا الآن
أمل بدهشة: ماذا؟
أشارت أمل نحو نقطة حمراء أخرى وقالت بشيء من الحدة: بل هذهِ هي مايحدد موقعنا وليست تلك
كانت هناك نقطتان اثنتان على الخريطة حيث أشار أيهم لأحدها بينما أشارت أمل للأخرى, فقال أيهم بثقة: انظري ياغبيّة! هذهِ النقطة تشير إلى منطقة واسعة كهذا المكان والنقطة التي تشيرين إليها موجودة في مكان ضيق
أمل بثقة: ومالذي يجعلك تظن بأننا الآن في الممر الواسع وليس الممر الضيق؟
أيهم بانفعال: انظري لهذا المكان, أليسَ واسعاً بما يكفي؟
أمل بانفعال: أنسيت بانّ القصر كان كبيراً جداً؟ ثم لعلّه لايربط بالقصر فحسب
أشار أيهم بسبابته نحوها وهو يقول بدهشة: هاه! أنتِ تقولين بأنّ هناك بيوتاً أخرى! كيف لم نرها حينما دخلنا القصر؟
أمل بانفعال: هل تظن فعلاً بأنّ هذا القصر وحده هنا؟, لابد أنّ هناك بيوتاً لم نرها بالجوار, نحن لم نلقِ نظرة حتى
رفعت بسبابتها وهي تقول بثقة: مثل ذلك المنزل الذي دلّنا عليه ذلك الفتى, أليس من المفترض أن يكون قريباً من هنا؟
أيهم بغضب: ماذا؟ نحن لن نسير حسب استنتاجكِ الغبيّ هذا
أمل بغضب: أنتَ حتى لستَ واثقاً بما تقوله
راقبهما أشواق وسامي بيأس, فقال الأخير بإحباط: فلنجرّب كلا الخيارين إذاً
أدارا أيهم وأمل برأسيهما نحوهما وكلاَ منهما يشير إلى نفسه وهو يقول بحماس: خياري أنا أولاً
نظر كلاً منهما نحو الآخر ثم أشاحا بوجهيهما إلى الجهة الأخرى بزفرة غاضبة.
~|| ==================| خطوات تائهة |================== ||~
وبعد عدة دقائق كانوا يسيرون أربعتهم جنباً إلى جنب وأمل تمسك باللوحة الورقيّة بين يديها على يمينها أشواق وهي تضي المكان بينما كان أيهم على يسارها وعلى وجهه ملامح الخيبة وهو يضع يديه خلف رأسه وبجواره سامي الذي لايزال يشعر بالسقم ويسير بترنّح واضعاً يده على أنفه وفمه, توقّفت أمل فجأة وهي تنظر نحو الخريطة بين يديها قائلة بهدوء: هذا ليس منطقيّاً, يُفترض أن يكون هناك منعطف ذو اتجاه واحد وليس اتجاهين
أبعدت أمل الخريطة عن عينيها لتنظر نحو مفترق الطرق أمامها الذي كان يؤدي إلى طريقين يمنة ويسرة, فقال أيهم بلامبالاة وهو يضع يديه خلف رأسه: هذا لأنّ الطريق الذي سلكناه خاطئ ياغبية, لقد أخبرتكِ منذ البداية بأنّكِ مخطئة!
هبطا جفنا أمل إلى النصف وهي تقول: أحمق! فكلا المسارين يتشابهان حتى هذهِ النقطة, لذلك حتى لو سرنا بالمسار الخاطئ لكان الوضع مشابهاً, يبدو أن المسارات متطابقة إلى حدٍ ما, أتساءل مالذي تعنيه هذهِ الكلمات؟
كانت تحاول قراءة تلك الكلمات المبهمة على الخريطة والتي يبدو أنها للغة غريبة, فقال أيهم بلامباة: لولا أنني لم أخسر بتحدي الحجر والورقة لخرجنا من هنا بدل أن نضيّع كل هذا الوقت
استدار نحوها وهو يمدّ بيديه ليخطف اللوحة منها قائلاً: إنه دوري!
أبعدت أمل اللوحة عنه وهي ترفع يديها إلى جهة أشواق التي تنحّت عنها بسرعة, قائلة بثقة: كلا! نحن لم نصل للنهاية بعد
أيهم بانفعال: هيا اعترفي بأننا تهنا بسبب ارشاداتكِ السقيمة
أمل بانفعال: نحن لم نتوه! لربما هذا الممر تم بناوه حديثاً, يجب أن نلقي عليه نظرة أولاً
حاول أيهم خطف الخريطة منها وهو يقول: أعطني هذهِ!
دفعته أمل بقدمها وهي تقول بانفعال: ابتعد!
راقبتهما أشواق بصمت بينما اتجه سامي لزاوية ما وهو يستفرغ, نظرت إليه أشواق بقلق وأمل وأيهم لايزالان يتجادلان حيث أيهم يحاول خطف الخريطة منها وقد تشابكت أياديهما وأرجلهما بطريقة مضحكة, فقالت أشواق بصوتها الرقيق مقطبة حاجبيها: لا داعي للشجار, يجب أن نهدأ حتى نجد المخرج بأسرع وقت ممكن
سقطا أمل وأيهم على الأرض متلوثان بالمياه القذرة ولكنهما لم يهتما بقدر اهتمامهما بالمعركة, وبينما كانت أشواق تراقبهما إذا اتسعت عينيها وهي تشهق مركزة بالإضاءة نحو نهاية الممر. .
.
|
التعديل الأخير تم بواسطة Mulo chan ; 02-25-2016 الساعة 04:59 PM |