لا يزال كايرو مغشياً عليه على إحدى أسرة مستشفى المنظمة .. قد أوصلت إلى أوردته بعض المحاليل المغذية عبر الأنانيب .. جولي تقلب صفحات إحدى مجلات الأزياء و الموضة في غرفتها و هي مسترخية على سريرها و القلق يرتسم على ملامحها .. و كاسيدي تسرّح شعرها المبلل بهدوء أمام المرآة حين بدا على النافذة خلفها أنه الليل .. أما أبيغال فهي مستلقية على سريرها تنظر نحو السقف بشرود .. كانت الأجواء غارقة بالصمت و الشرود بين أحدهما الآخر إثر آخر معركة حدثت .. مرّت بذاكرة آبيغال لمحة فيما حدث حينما نطقت آيرون بنبرة حزينة " كيف تعملون مع أناس لم يتقبلوكم ؟ " قطبت حاجبيها مفكرة : لماذا كانت حزينة .. ذلك الوقت ؟ ليس من عادتهم أن يكونوا هكذا ! في حين كانت لورا تقرأ في حجرتها بهدوء كالمعتاد على سريرها و هي تجلس بمحاذاة الحائط فيما كانت كارولاين تسترق النظر إليها مرة تلو مرة و يبدو عليها التوتر .. حاولت أن تتحدث لكنها تراجعت في كل مرة حتى استقرّت عينيها على الأرض فشتت لورا تفكيرها حينما قالت : آسفة رفعت كارولاين رأسها نحو لورا بسرعة لتبعد الأخيرة الكتاب عن وجهها بحيث يسمح لها رؤية كارولاين .. فظهرت تقاسيم وجهها الذابل رغم الابتسامة الباهتة متابعة : أسفة لأنني رفيقة حجرة سيئة تفاجأت كارولاين حيث اتسعت عينيها و هي تطلق تلك الصرخة الخفيفة و تقف لترد بارتباك و قد احمرّت وجنتاها : لا ! أنا .. لم أكن .. أقصد ! لورا ! < طبعاً لورا قرأت أفكارها لورا ببرود و قد تلاشت ابتسامتها : لا بأس .. يمكنكِ إخباري .. أنا أدرك جيداً بأنني لست مؤهلة بأن أكون أفضل صديقة .. لذلك لن أنزعج كارولاين مقطبة حاجبيها بنبرة اعتذراية دون أن تضع عينيها على عيني لورا : في الحقيقة .. لورا .. منذ أن التحقتُ بالمنظمة و أنا قلقة من رؤيتك وحيدة هكذا .. دائماً تبقين وحيدة .. دائماً تكونين بعيدة و صامتة .. و لا تحبين أن تندمجي معنا رمشت لورا بعينيها و هي تراقب كلمات كارولاين التي تخرج من فمها بعفوية قبل أن تقرأ أفكارها فتتابع كارولاين : أنا أعتقد بأنكِ فتاة رائعة لكن ملامح الصمت التي ترتسم عليكِ تجعلكِ بعيدة و .. صمتت كارولاين و عينيها تتحرّك بتوتر و رأسها إلى الأسفل .. لتغلق لورا الكتاب بهدوء و تضعه على السرير فتنهض و تقف أمام كارولاين لترفع الأخيرة برأسها فتجد لورا تقف بابتسامة أمامها .. ثم نطقت لورا : ماذا تحبين أن نفعل الآن ؟ شعرت كارولاين ببعض الذنب لإحساسها بسرقة بعض وقت لورا فابتسمت و هي تنظر نحو سرير لورا قائلاً : عمّ تقرين ؟ لورا ببرود : مثلث برمودآ < بما إنّي أنا من كتب هذا الفصل كنتُ قد اشتريتُ كتاباً عن مثلث برمودا وجعلت لورا تقرأ نفس الشيء أدارت كارولاين برأسها نحو لورا مستغربة : برمودآ .. مثلث الشياطين >< ..؟ لورا بابتسامة : أجل هل تريدين قرائته معي ..؟ احتدت ابتسامة كارولاين مجيبة : أجل .. إن كنتِ تسمحين ^^ 4 أغلق جوناثان باب حجرته من الخارج بهدوء متذمراً و هي يتلفت يمنة ويسرة : تباً أين اختفى ريك ؟ تنهد ثم سار في الممر ذو الضوء الخافت و هو يضع يديه في جيبيه متابعاً : سأذهب لرؤية كايرو وحدي دخل المصعد و ضغط أحد الأزرار ليغلق الباب أوتوماتيكياً فيتكئ جوناثان على جدار المصعد مفكراً : لقد بدأت الأحداث معنا تزداد صعوبة .. ظهور المستوى الثاني و إمكانية ظهور المستوى الثالث أيضاً .. أتساءل لو بإمكاننا الصمود و كايرو لايزال غير واعٍ خرج من المصعد حيث الطابق المطلوب و سار في الممر هنا و هناك حتى لمح قفا ذلك الصبي الأشقر الذي يسير بهدوء قد حاذر صوت خطواته ليبدو كالمتسلل فيناديه جوناثان : هي ! ريك ! اهتزّت أطرافه فتصلّب في مكانه بسرعة دون يستدير ليتابع جون باستغراب : مالذي تفعله هنا في هذا الليل ؟ استدار ريكاردو نحو جوناثان بسرعة ليجيب بابتسامة مرتبكة : ماذا ؟ لابد أننا نفكر بنفس الشيء .. أوجه إليك نفس السؤال جوناثان ببرود و هو يشير نحو الاتجاه الذي يذهب إليه : أحمق ! المشفى من هنا .. هل أضعت الطريق يا ابن أبيك ؟ و لماذا ترتدي هذه الملابس المكلفة ؟ ريكاردو بارتباك : لا .. لاتسيء الظن .. كنت أود الذهاب إلى دورة المياه أولاً رفع جوناثان حاجباً مضيفاً : ألم يكن من السهل أن تذهب إلى حمام الحجرة أولاً أم أنك تذكرت ذلك في منتصف الطريق ريكاردو بمرح و هو يتقدم نحو جوناثان : لماذا تريد ان تحقق معي هكذا ؟ هيا هيا .. فلنذهب لرؤية كايرو ! وضع يديه على كتفي جوناثان و دفعه أمامه ليذهبان فينطق جوناثان باستغراب : مهلك ريك .. تمهّل ! < من الواضح جداً بأنّ ريك لم يكن ينوي الذهاب لكايرو, لقد تسلل للهروب من المكان تنهد روبنسون و هو يرجع بجسده إلى الخلف ليسند ظهره على الكرسي .. فتنطق ماري التي كانت تقف بجانبه : تبدو متعباً يا سيدي .. هل تريد فنجان قهوة ؟ روبنسون بهدوء : لا شكراً لكِ .. أرّ أن الصبيان متعبون و مصدمون لما حدث في آخر معركة و قلقين بشأن رفيقهم .. و يبدو أنهم قد بدأوا يشعرون بالتقيد و كأنهم مسجونين هنا .. هل ترين ذلك يا ماري ؟ ماري بقلق : نعم يا سيدي .. ذلك واضح روبنسون : كنت أفكر بأمر عسى أن يستردوا به نشاطهم و أن يتوقفوا عن التسلل ليلاً .. أريدك أن تجهزّي بعض الأمور رجاء .. أشرقت شمس الصباح حاملة معها نسائم يوم جديد مفعم بـ الأمل .. كان الرفاق السبعة متجمعين حول الطاولة المستديرة يجلسون على الكراسي كالمعتاد و بدا على كل واحد منهم نظرات الاستغراب الممزوجة بالدهشة نحو روبنسون الذي بادلهم بابتسامة لطيفة على شفتيه و هو يضم يديه خلف ظهره .. فينطق ريكاردو بدهشة : هل تمزح يا أبي ؟ كاسيدي باستغراب : أرجو أن توضح جيداً ما الذي تعنيه بـ" أجازة " ؟ روبنسون بابتسامة هادئة : إجازة مفتوحة .. تفعلون بها ما تريدون .. أي مكان تريدون الذهاب إليه ؟ أي شيء تريدون أن تفعلوه حتى خارج المنظمة رفع سبابته منبهاً : و لكن تذكروا .. فقط لهذا اليوم ! نهضت كاسيدي من كرسيها مبتهجة فتنطق بمرح : هل يمكننا الذهاب لـ الشاطئ ؟ نهضت جولي بجانبها بنفس الطريقة لتضيف بمرح : هل يمكنني الذهاب لـ مركز التجميل ؟ نهضت آبيغال فتضيف إليهما بسعادة : و هل يسعنا الذهاب لمدينة الألعاب ؟ أحبط روبنسون و هو ينكس رأسه مفكراً : لماذا لا يمكنكم الاتفاق على مكان معين ؟ < كل شخصية مختلفة عن الأخرى رفع رأسه ليتحدّث إليهم و الابتسامة على وجهه متابعاً : يمكنكم الذهاب إلى حيث تريدون و لكنكم ستلتزمون بأخذ جهاز الإرسال و التعقب معكم حتى نضمن سلامتكم كارولاين بخجل : سيد روبنسون هل يسعني الذهاب لـ حديقة هايد ؟ << حديقة هايد معروفة بـ هايد بارك تعتبر من أكبر الحدائق بلندن و موجودة في منتصف المدينة >> روبنسون بهدوء : بالتأكيد يا عزيزتي أدارت كارولاين رأسها نحو لورا بجانبها فتسألها بهدوء : إلى أين تريدين الذهاب لورا ؟ < كارولاين المسكينة تحاول دائماً التقرّب من لورا لورا ببرود مغمضة عينيها عاقدة الذراعين : المكتبة ! رمقها كلا من ريكاردو و جون بسخرية و إحباط حيث يجلسان بجانب كارولاين .. فيديران برأسيهما نحو روبنسون لينطق ريكاردو بمرح : أنا أريد الذهاب لـ لعب كرة القدم في الملعب جوناثان مضيف بمرح : و أنا سأذهب معه روبنسون بهدوء : نعم ستذهبان .. و لكنك يا ريكارو .. عبس وجه روبنسون ليتابع : لن أسمح لك بالذهاب مجدداً إن ظللت تتسلل في الليل تفاجأ ريكاردو ليرخي برأسه مجيباً بصوت خافت : حسناً < مكشوف من البداية يَ ريك أدار روبنسون برأسه نحو جولي قائلاً : الأمر ينطبق عليكِ جولي اتسعت عينيها : هااا ! فترخي برأسها مجيبة بصوت خافت : حسناً < المتسللان جوناثان بهدوء : ماذا عن كايرو ؟ ليس من المنصف أن نمرح و هو .. شعر البقية ببعض الذنب فأرخوا برؤوسهم إلى الأسفل مقطبي حواجبهم ليبتسم روبنسون مخاطباً : لا عليكم .. كايرو سيكون بخير و سيأخذ أجازة هو أيضاً حينما يستيقظ أما أنتم فسأعطيكم الأجازة الآن و يمكنكم البقاء هنا إن أردتم كاسيدي باستنكار : من قال ذلك ؟ أنا أريد الخروج من هنا قليلاً رفع روبنسون يده و حول بنظره نحو الساعة التي يرتديها حيث كانت تشير إلى التاسعة .. ليخاطبهم بابتسامة : ستبدأ أجازتكم من الآن حتى الساعة العاشرة ليلاً .. لا أريدكم أن تتأخروا اتفقنا ! ردد الجميع بمرح : حسناً ..!! روبنسون : أجازة سعيدة بدأ يوم الأجازة و انطق كلاً إلى ما يريد .. ريكاردو و جوناثان ذهبا لـ إحدى ملاعب كرة القدم ليستمتعان .. و لأن مدينة الألعاب لا يمكن الذهاب إليها مفرداً فقد اتفقت أبيغال بأن تذهب مع كاسيدي في النهار إلى الشاطئ بينما يستمتعان في مدينة الألعاب في الليل .. كذلك قررت لورا أن تذهب مع كارولاين إلى الحديقة حتى يتسنى لهما الذهاب إلى المكتبة معاً فيما بعد .. أما جولي فقد كانت مستمتعة بالذهاب لمركز التجميل وحدها حيث يتم تصفيف شعرها بعناية و الاهتمام بأظافرها و بشرتها .. قد بدأت موظفات المركز بتقليم أظافر قدمها و طليها و تنعيمها كما ينبغي و هي تجلس باسترخاء على الكرسي و تتحدث عبر هاتفها النقال قائلة : نعم رجاء .. فليكن مساء اليوم .. اتسعت عينيها متابعة : لا لا أستطيع الظهور بمقابلة غداً .. سيكون الوضع سيئاً خرجت جولي بعد بضع ساعات من المركز و قد قامت بجميع ما رغبت به هنا و هي ترتدي نظارة شمسية أنيقة و قبعة جميلة لم تخفي جمال تصفيف شعرها الذي جعلته ملفوفاً بطريقة جذابة .. لكنها ظلت تتذمر و هي تمسك بهاتفها بيدها : لا يمكنني القيام بأي مقابلة أو حفلة .. تباً لذلك الـ روبنسون لماذا لم يخبرنا بذلك سابقاً ؟ لكنت قد قمت ببعض الحجز مسبقاً .. شعرت بالإحباط حيث نكست رأسها متابعة : ستنتهي نجوميتي إن بقيت على هذا الحال في المنظمة أدارت إحدى المارّات من الناس برأسها نحو جولي و تشير إليها فتهمس لصديقتها بحماس : انظري ! انظري ! أليست هذه الفنانة المشهورة جولي ؟ ردت صديقتها باندهاش : بلى .. بلى أعتقد ذلك ! سمعتهما جولي فرفعت برأسها و إذا بالناس حولها بدأوا يتجمعون و ينظرون نحوها و هم يتهامسون بحماس لتصاب بالذعر هامسة : لا ! ما هذه الورطة ؟ هكذا لن يسعني الذهاب للتسوق ! ركضت برجلها هاربة من بينهم على رصيف الشارع ليلحقوا بها .. بل إن البعض منهم يصرخ راغباً بالتوقيع و هم يصرخون باسم جولي .. أدارت برأسها تنظر إليهم فإذا بهم يتزايدون لتصرخ : لا لست هي ! دعوني و شأني ! في تلك الأثناء و مع زحمة الشوارع كانت كلاً من كارولاين و لورا تقفان عند إحدى المكتبات استعداداً لدخولها .. حتى أدارت لورا رأسها فجأة نحو اليمين لتستغرب كارولاين تصرفها : ما الأمر لورا ؟ بقيت لورا صامتة حتى ظهرت جولي من بين الناس فجأة لتندهش كارولاين : جولي ! توقفت جولي أمامها و هي تلهث مندهشة لتسرع لورا بالتحدّث بحزم : ادخلي المكتبة بسرعة ! دخلت جولي مسرعة و معها كارولاين حيث بقيت لورا في الخارج تطمئن لأحوال المعجبين حتى ابتعدوا .. فتدخل المكتبة بهدوء كما كان يراقبها أحدهم من بعيد في إحدى الأزقة في الجهة المقابلة .. فيبتسم بخبث و هو يهمس : لورا .. أخيراً دخلت الفتيات الثلاث إلى المكتبة .. كانت واسعة بشكل كبير .. قد رُصّت فيها الكتب بين الرفوف بنظام و ترتيب و الناس هنا و هناك يسيرون بين الأروقة و ينتقون من الكتب مايشاؤون .. و البعض منهم يجلسون على الكراسي المرصوصة حول الطاولات .. جولي كانت أحدهم حينما تنهدت بإحباط و هي تجلس على إحدى الكراسي و يبدو عليها التضجر لتنطق بتملل و هي تضع كفها على خدها : يال هذا الجو الممل .. كم من المفترض بي أن أبقى هنا حتى يبتعدون تماماً .. أكل هذا التخفي لم يجدي ؟ ردت كارولاين هامسة حيث كانت تجلس مقابلة لها و بيدها إحدى الكتب القصصية : ربما من الأفضل أن تقرئين شيئاً بدل البقاء هكذا جولي جولي بتذمر : ماذا ؟ لا أحب قراءة الكتب .. إنها تصيبني بالضجر نطقت لورا ببرود التي كانت تقف عند الرف المجاور و تحاول انتقاء أحدها : لهذا السبب أحضرتكِ إلى هنا أدارت جولي برأسها نحو لورا لتسألها مستغربة : وضحي أكثر رجاء ! لورا ببرود : يستحيل لأهل الفن و صيحات الموضة البحث عن سبل لـ قراءة العلم و البقاء بجو القراءة هذا همهمت جولي بهدوء حتى اتسعت عينيها فجأة و هي تنظر نحو لورا فتسألها بنبرة غاضبة : ما الذي تقصدينه ؟ لورا ببرود و قد استخرجت إحدى الكتب و بدأت بتصفحها : إن هذا الجو من الهدوء جهة معاكسة من أجواء الصخب و الحفلات .. ستبقين بأمان هنا بالتأكيد بعيداً عن كل أنواع الصخب و الفوضى في الخارج بعيداً عن كل الناس الذين قد يؤذوكِ .. فقط هنا في الداخل يسعك الشعور بالأمان و الهدوء .. بين هذه الكتب شعرت كارولاين و جولي ببعض الغرابة من كلماتها فتبادلا النظرات الاستفهامية القلقة .. قطع تفكيرهم اهتزاز الساعات التي بأيديهم و هي تومض بالضوء الأحمر .. لتنطق جولي باندهاش : ما الأمر ؟ كارولاين بقلق : الساعات المحتوية على أجهزة التعقب و الإرسال تومض بالأحمر .. ذلك يعني أنّ .. ضغطت لورا على إحدى الأزرار فبدأت بالتحدث و هي تقرّب الساعة من فمها : ماذا هناك ؟ صدر صوت خافت لـ السيد روبنسون من الساعة عند كلٍ منهن و هو ينطق : اشتباه بحركة فضائي لديكن في المكتبة .. أريد منكن أن تتقصّوا الأمر ! كارولاين بقلق و هي تحوّل ببصرها نحو الناس حولها : المكتبة مليئة بالناس .. هل يتخفى بينهم ؟ روبنسون : كلاً .. هناك مخرن في آخر المكتبة نعتقد بأنه يختبئ هناك .. أريد منكم أن تدخلوا هناك بحذر بدون أن تحدثوا جلبة لورا بحزم : حاضر ! أدخلت لورا الكتاب مكانه و نهضت كلاً من كارولاين و جولي من كرسيهما لتنطق جولي بحزم : سيد روبنسون أرشدنا إلى المخزن !