الفصل الخامس / 2
دخلت إلى تلك القاعة الضخمة و تبعتها تلك الفتاة ذات الشعر الفاحم , استطاعت رؤية تلك الفتاتان اللتان تجلسان بجوار ذلك الشاب الأصهب حول الطاولة .
قالت بقليل من الذهول:
-كاسيدي ! ظننت انك ستكونين الأخيرة.
-أتقصدين الأولى؟
تجاهلتها وجلست جوار جونثان الذي قال:
-أين آبيغال وريكاردو؟
أجابه السيد روبنسون وهو يعدل ربطه عنقه الحمراء الفاخرة:
-في الطريق إلينا.
قالت كاورلاين:
- هل أجدنا العمل اليوم؟
قالت جولي بقليل من الملل:
-وهل يهمك ذلك جداً؟
رمقت كارولاين جولي بنظرة ثم اشاحت بنظرها لتوجهه نحو السيد روبنسون الذي ابتسم بدوره وقال:
-جدا .. عمل كل ثنائي كفريق وهذا ما اعجبني.
ثم اكمل : أظن ان عملكم كثنائي أفضل من عملكم كفرقة.
سألت كاسيدي بانفعال:
-اتعني أني سأكون مع كايرو للأبد؟
حاول أخفاء ضحكته حينها فظهرت على شكل ابتسامة وقورة تليق بعمره.
ثم أجاب:
-لا لم أقصد توزيعكم جديا , ولكن اتمنى ان تعملوا هكذا دائما وانتم معاً.
فتح الباب لتدخل تلك الفتاة التي تعلو وجهها تلك الأبتسامة العريضة وخلفها الفتى الأشقر ذو الملامح المنزعجة .
جلست بشغف إلى تلك الطاولة ثم قالت:
-أفضل مهمة في حياتي.
نظرت كاسيدي باستغراب لتقول:
-ماذا حدث؟
أمسك ريكاردو بظهر الكرسي ليجلس فيه , ثم قال بتلك النبرة:
-لا شيء .. لقد جعلتها فقط تقود في طريق العودة.
عاودت تلك الابتسامة آبيغال وقالت:
-هذا هو السر.
نظرت كاسيدي ثم علقت:
-في المرة القادمة .. رافقيني.
صفق السيد روبنسون بيده لجذب انتباههم , نظر الجميع نحوه وبدأت أصواتهم بالأنخفاض حتى ساد الصمت في المكان .
فتحدث :
-أكملتم المهمة على أفضل وجهه كلكم دون تحديد .. لكن ما يشغلني هو أمر واحد , أخشى أن المنظمات المتمردة بدأت بالتحرك .
اتسعت عينا لورا قليلا , فاستقامت بظهرها لتسمع آخر التقارير وكأن الأمر قد جذبها جداً.
نظرت جولي إليها لتقول:
-ما بك تغيرت هكذا فجأة ؟
لم تنظر لورا نحوها أو تحدها بل اكتفت بتجاهلها.
أكمل السيد روبنسون : حسنا .. بالنسبة لتحركهم فقد كانو يجتمعون في ذلك المبنى العتيق.
سأل جونثان:
-الذي قاتلنا فيه؟
أجابه روبنسون:
-نعم وجدنا في الطابق العلوي جثث للبشر في غرفة يبدو انها كانت طعام لهم , و في غرفة آخرى وجدنا سرير لمشفى و كأنت الغرفة مجهزة كمختبر تجارب , أبر المهدئات وبعض المواد الكميائية.
اكملت لورا عنه:
-لذا علينا توخي المزيد من الحذر.
أضاف روبنسون:
-هذا صحيح تماما , لا أريد تعريضكم لخطر البشر فهم أخطر بكثير من الفضائين يكفي ان لهم عقلا يفكرون به.
قال ريكاردو :
-أبي ! كفاك خوفاً .. البشر ضعفاء.
قاطعه :
-نعم .. لكن ليس ان كان لديهم ابحاث بشأن قواكم أو أسلحة.
أكملت كارولاين :
-تقصد ان نبتعد عن الناس قدر المستطاع حتى لا يقوم احدهم بكشف قوانا و نقاط ضعفنا.
قالت جولي:
-الأمور اصبحت جدية.
أطرق السيد روبنسون برأسه ثم أكمل:
-يمكنكم الأن ان تحظوا بنوم هانئ.
خاطبه جونثان:
-لا تيقظنا مجددا بذلك الصوت المزعج.
أضافت آبيغال:
-مزعج عندما يكون المرء مستيقظاً .. لكن بالنسبة للجميع فهو جيد لإيقاظهم بسرعة.
تسلل ذلك الأسم عـلى مسـامع الجمـيع حـين نطقته جولي بصوت واضح:
-كايرو!
اتجهت انظارهم كلهم بما فيهم السيد روبنسون نحو باب الغرفة التي ظهر منه ذلك الفتى بثياب المشفى الزرقاء و بجانبه ذلك العمـود المعدني المزود بعجلات الذي ربطه بالمغذي.
قال جونثان بفزع:
-كايرو .. ماذا تفعل هنا؟! < غاب فصلين
نظر نحوه وقال ببساطة:
-بحثت عنكم فلم اجدكم .. لذا جئت لهنا لأرى اي مهمة ستكون اليوم.
ثم نظر نحو ابرة المغذي فـي يـده وابعدها وهو يقول بانزعـاج:
-لا احتاج إلى هذا.
قال السيد روبنسون:
-هل أنت بخير؟
أجابه بثقة:
-نعم .. أفضل من آي وقت مضى.
ابتسم السيد روبنسون وهو يقول:
-جيد ! آهلا بعودتك.
ضربه ريكاردو على كتفه بخفه وقال:
-لقد قلقنا عليك يا فتى.
اعتلت ابتسامة خفيفة وجهه ثم اردف:
-اي مهمة موكلة إلي الأن؟
تبادل الجميع نظرات فرح ثم أجابته لورا بنبرتها الواثقة:
-لقد انهينا مهمة للتو.
وجـه نظره لجولي و علق:
-لاحظت قميصهـا المتسخ.
شتمت جولي:
-تبا .. مزعج.
علقت كاسيدي:
-تبدو متحمساً كايرو .. لا تقلق لم يفتك شيء فالوضع يزداد اثارة.
قـاطعهم السـيد روبنسـون بابتسـامة عريضة على محيا وجـهه:
-وهـدية أخيـرة لجهـدكم , المنظمة لا تحتاج هذه السيارات يمكنـكم الإحتفـاظ بهـا للمهمـات القـادمـة.
ارتسمـت عـلامات الذهول عليهـم لتهتـف آبيغال:
-يـا إلهـي .. كـم أحب عمـلي هنـا.
فكـر جـونثان قليلاً ثـم سـأل:
-إذا لكل إثنـين منا سيارة؟
أومـأ السيد روبنسون بـرأسه فنظرت كاسيدي إلى كـايرو وتذمرت قائلة:
-لمـاذا استيقظت الآن؟ كان يمكنني الاستمتاع وحدي.
رفع أحد حاجبيها وأجابها:
-يبدو أن هذا من سوء حظك.
تلبدت الغيوم السوداء في السماء و اختفى ضوء الشمس , لينطلق وهج ازرق و يتبعه ذلك الرعد مزمجرا .
اتجهت لتلك النافذة الزجاجية لتتفقد أحوال الجو , قالت بتأمل : لا تزال السماء تمطر !
أقفلت ذلك الكتاب بين يديها و قالت :
لقد اقترب فصل الشتاء .
ألتفت كارولاين نحوها وأجابت مبتسمة:
هذا صحيح .
أكملت مخمنة:
لا أظن أن هناك مهمة اليوم .
أكتفت لورا بأن قالت :
من يعلم ؟
ثم فتحت الكتاب مجددا , نظرت كارولاين نحوها ثم ابتسمت لتحدث نفسها قائلة " لقد توطدت علاقتنا مؤخرا , أنا متأكدة اننا سنصبح افضل صديقتين "
فتحت عينيها الخضرواتين ببطأ , أبعدت الغطاء عنها ثم جلست على طرف السرير , رأت تلك الفتاة المشغولة أمام مرآتها الصغيرة ذات الأطراف الحمراء .
خاطبتها : لماذا لم توقظيني ؟
ابعدت المرآة من أمامها لتجيبها بانزعاج : حتى لا اسمع صوتك المزعج .
لم تكترث لما قالته وسألتها :
أين آبي ؟
قالت وهي تنهض من فوق الأريكة :
وما ادراني لقد استيقظت قبلي .
جاء ذلك الصوت : أتقصدونني أنا .
وجهت جولي نظرها نحو الباب حيث كانت آبيغال تقف عنده بثوبها البنفسجي القصير و تلك الابتسامة التي اعتلت وجهها .
قالت كاسيدي : اهلا ..
سألتها جولي : ماسر تلك الابتسامة ؟
قالت آبيغال بتردد :
في الحقيقة .. اممم حسنا لقد تمكنت من اطلاق ثلاث موجات متتالية بمستوى واحد .
قالت جولي بخيبة أمل :
ظننت انك كنت في مكان مسلي .. الجو هنا ممل جدا .
قالت كاسيدي : هل يجب ان اقول مبارك لك ؟
نظرت آبيغال نحوها و قالت : أظن ذلك .
سمع صوت طرق الباب فاتجه نحوه بخطواته التي أظهرت ثقته , فتح الباب ليرى تلك المرأة تقف مبتسمة عند الباب .
قال بهدوء: أهناك أمر ما ؟
ابتسمت وقالت بصوتها الناعم :
لا شيء مهم .. طلب مني والدك أن تذهب أنت و أصدقائك للطابق السادس .
كرر خلفها ما جذبه من كلامها : الطابق السادس ؟!
أكملت : هذا صحيح ..
انصرفت بتهذيب نحو الباب المجاور , فاغلق الباب وهتف : غريب .
سأله كايرو الواقف بجوار النافذة :
من كان هذا ؟
قال بحيرة :
ماري .. أبي يريد منا التوجه للطابق السادس .
قال هذا ثم نظر نحو ذلك الفتى الذي كان يشخر بصوت منخفض نسبيا , ثم صرخ : جون ! استيقظ .
قفز واقفا وهو ينظر يمنة ويسرة و يقول : ماذا ؟ ماذا ؟
أنطلقت ضحكة ريكاردو العالية منعشة أركان الغرفة , تبعه كايرو بضحكة لم يتردد صداها .
استوعب جونثان الأمر فقال بانزعاج :
لا توقظني هكذا مجددا !
قال ريكي بتحد : وإلا ؟
أجابه جونثان بلامبالاة : ماذا هناك ؟ أهناك مهمة ؟
قال ريكاردو بابتسامة عريضة : لا .. ولكن علينا الصعود للطابق السادس
ركض نحو المصعد و ضغط زره بحركة سريعة , فتح الباب فظهرت لورا وكارولاين .
قال جونثان : صباح الخير .
اجابته لورا : صباح الخير .
وصل ريكاردو و كايرو خلف جونثان و ركبوا في المصعد مع الفتاتان .
قامت كارولاين بالضغط على زر الطابق السادس في حين قال جونثان : ماذا أسنبقى صاميتن هكذا ؟
أجاب ريكاردو : أتساءل ماذا يوجد في الطابق السادس .
قالت لورا بنبرتها العادية : سيبقى لغز حتى نصل .
اردف كايرو : و ها نحن قد وصلنا .
انطلقت تلك الترنيمة ليفتح باب المصعد , اتجهت انظارهم كلهم صوب تلك الصالة الواسعة ذات الجدران البيضاء لتصطف تلك الأبواب الملونة فيها .
قالت كارولاين : أبواب !
نظرت نحو لورا التي لم تظهر آي تعابير على وجهها .
لمح جونثان ماري التي كانت تقف جوار احد الأبواب , خرج الجميع من المصعد , متجهين نحو دليلهم الوحيد الموجود هنا .
قال جونثان :
المزيد من المفاجئآت .
ابتسمت ماري وأِشارت على احد باب أخضر داكن وقالت :
تلك صالة الألعاب الألكترونية .
قال ريكاردو بمرح :
منذ متى أصبح أبي لطيفا ؟
قالت كارولاين معارضة :
لا السيد روبنسون لطيف دوما .
صحح ريكاردو :
كنت أمزح فقط .
قال جونثان بحماس :
هذا مدهش حقا .
اكملت ماري : الباب الأحمر خاص بالفتيات ادخلوه لتعرفوا , أما عن الباب الأصفر فهو للورا خصيصا .
ابتسمت لورا ابتسامة خفيفة وقالت : مكتبة .
اطرقت ماري برأسها : نعم .. ويمكن للجميع دخولها طبعا .
قالت كارولاين بفرح : كما قال جونثان المزيد من المفاجئات .
تسللت تلك الترنيمة المنخفضة نحو أذانهم حيث اعلنت ماري : يبدو ان البقية قد وصلوا .
خرجت جولي من المصعد و كانت في المقدمة حيث أن آبيغال وكاسيدي خلفهما ..
ابتسمت كارولاين فور رؤية جولي و خاطبتها : سيعجبك هذا المكان .
اعتلت ملامح الحيرة على وجهه جولي التي قالت : لماذا ؟
قالت ماري: اعلموهم بكل شيء .. لدي بعض الأعمال لأنجازها .
قالت آبيغال بعفوية : أوصلي شكري للسيد روبنسون .
طأطأت ماري برأسها وذهبت لتستقل المصعد ,
قالت كاسيدي : وكأنك تعرفين ماذا هناك ؟
اجابتها آبيغال : يبدو شيئا يستحق الشكر .
قال ريكي بسعادة : أراكم لاحقا يا جماعة ..
ومشى متجها نحو ذلك الباب الأخضر قام جونثان باللحاق به بشغف أما عن كايرو فقد قرر مرافقتهما بدل البقاء هنا مع برفقة الفتيات .
اقتربت كارولاين من جولي و البقية وقالت :
حسنا هناك مكتبة هنا ..
قاطعتها جولي : ممل .
اكملت كارولاين : أظن ان هناك امرا سيعجبك خلف ذلك الباب الأحمر .
قالت لورا : أؤكد كلام كارولاين .. سأذهب إلى المكتبة .
نظرت كارولاين نحوها بينما مضت لورا ذاهبة , فكرت قليلا ثم استوقفتها قائلة : لورا!
ألتفت لورا إليها و اظهرت ابتسامة صغيرة على شفتيها عندما قالت : يمكنك مرافقتي كارولاين .
بدت ملامح السرور على وجهها عندما سمعت تلك الكلمة من لورا , نظرت إلى البقية و قالت : نراكم لاحقا .
علت صرختها التي تعبر عن مدى سعادتها : لا أصدق عيناي !
قالت هذا بعدما رأت تلك الغرفة الواسعة الزهرية المحفوفة بالملابس بأنواعها جزء للأثواب , وآخر للقمصان و المعاطف , و كان هناك حقائب و قبعات و الكثير الكثير من الأشياء , كما ضمت تلك الغرفة غرفة صغيرة لتبديل الثياب و بجوارها كرسيان مريحين .
قالت كاسيدي وهي تنظر لعيني جولي الزرقاء والتي كانت تشع بالحماس : لهذا السبب أكدت لورا ما قالته كارولاين .
لفت انتباه آبيغال ذلك الثوب الأسود المزركش باللون الأبيض .. أنطلقت نحوه لتأخذه .
قاطعتها جولي :
لا ! هذا لا يناسبك .
رمقتها آبيغال بتلك النظرة و قالت بحدة :
ماذا تعنين بقولك ذلك ؟
اقترب جولي منها بخطوات سريعة , وأمسكت بذلك الثوب ثم بدأت فلسفتها : هذا الثوب ينسدل بطريقة تظهر قوامك بشكل غير جيد .. ستظهرين وكأنك عمود مصباح في الطريق .
تهكمت آبيغال لتقول : ماذا تقصدين من كلامك هذا ؟
قالت جولي بصراحة : ستبدين نحيلة جدا عزيزتي آبي .
فكرت آبيغال قليلا ثم اردفت : أتعنين انه لا يناسبني ؟
أجابت جولي بسخرية : هذا ما قلته سابقا .
ثم أكملت بجدية : ما رأيك أن أختار لك ما ترتدين ؟
طأطأت برأسها ثم هددتها : أن لم أكن جميلة فيما تختارينه فسأكمل تدريبي عليكي .
ضحكت جولي بصوتها اللطيف , ثم لاحظت كاسيدي التي كانت تستمع لحديثهما و خاطبتها : ماذا عنك ؟
تنهدت كاسيدي ثم تمتمت : إن كان هذا يسليك .. فحسنٌ .
صفقت جولي بيدها وقالت : إذا لنبدأ .
كان السيد روبنسون في مكتبه يقلّب بعض الأوراق و يتمعّن في محتواها بدقة و يقوم بتسجيل بعض الملاحظات على أرواق أخرى , بدا منهمكاً أثناء قيامه بذلك .
دخلت ماري تحمل في يدها فنجان قهوة وقد وضعته على مكتبه و همت بالخروج لولا سؤال روبنسون : كيف هم الأولاد ؟
ردت : يستمتعون بكل ما قدمته لهم , و قد انعكس ذلك إيجاباً على البعض < لن يكون لديهم أي مبرر الآن إن هربوا من المركز
عندما سمع إجابتها عاد إلى أوراقه مكملاً عمله , شعرت ماري ببعض الغرابة فجو المكتب مشحون بالقلق , لم تتردد في سؤاله : معذرة سيدي , لكن هل هناك ما يقلقك ؟
ترك الورقة و أسند ظهره إلى سنّاد الكرسي و قال : لا أعلم , هدوء الوضع يثير القلق , ليس هناك رصد ولا أخبار لأي فضائيين , هل هو الهدوء الذي يسبق العاصفة ؟ < نعم خ
قالت مطمئنة له :
لا تشغل تفكيرك , و حتى لو عادوا فإن أبطالنا سيكونون نداً لهم
ثم خرجت بعد أن تأكدت أنه ليس بحاجة لشيء . نهاية الفصل الخامس
|
التعديل الأخير تم بواسطة Mulo chan ; 04-25-2016 الساعة 12:46 PM |