الفصل الثالث عشر / 2
طرقت الباب ثلاثاً حتى نطق روبنسون و هو يحوّل بنظره نحو الباب : تفضّل
كذلك كان ليوناردو متشوقاً لمعرفة صاحب الطرقات في هذا الوقت المتأخر من الليل حيث كانت الساعة تشير إلى الثانية و النصف بعد منتصف الليل حتى دخلت كارولاين بخجل , حوّلت بنظرها فلم تجد سوى روبنسون و ليوناردو لينطق روبنسون بحيرة : ما الأمر ؟ كارولاين .. هل من شيء ما ؟
كارولاين بخجل : أوه , عفواً لقد ظننت بأن لورا هنا لأنها ليست في الحجرة و لا في المكتبة , كما أنني لم اجد في إحدى دورات المياه أو في الحديقة
تبادل الأخوان نظرات الاستفهام و التعجب فيما بينهما ,
ركضت حتى صعدت السلالم الحديدية بخفة و ابتعدت عنه لكنها تفاجأت بظهوره المفاجئ من الجانب و هو يقفز إلى الممر الحديدي الذي تقف عليه لورا , لينطق كريس : تهربين لأنني نصف فضائي , أم لأنني مازلت شخصاً تحبينه ترفضين قتاله ؟
لورا بحزم :
لا تتفوه بشيء لا تعرفه جيداً
كريس بثقة :
و لكنني , أفهم قلبك جيداً و لطالما فعلت و أنتِ تدركين ذلك
لورا بحزم :
طالما أنك تتحدث بهذا الهراء .. لماذا تهاجمني إذاً ؟
صمت كريس برهة ثم احتدث ابتسامته مجيباً :
لأجلك
تحوّلت يده اليسرى لجسم مسطح فضرب لورا بسرعة لتندفع و تسقط من الممر الحديدي و لايفصلها عن الأرضية البعيدة سوى يديها التي تمسّكت بهما على السياج الحديدي , حيث سقط سيفها و ارتمى على الأرض و هي تنظر إليه , اقترب منها كريس منحنياً إليها حيث أدارت رأسها و نظرت إليه بشيء من الخوف , ليحدّثها بملامح الشرود : أنتِ ضعيفة جداً , إلى متى ستظلين مع مجموعة الحمقى اولئك ؟
حدقّت لورا بعينيه الشاردتين مما أثار فيها تساؤلاً جعلها تشعر بخطأ ما , حتى تأرجحت مرة و ألقيت بنفسها على إحدى المسطحات الدائرية قد كان سطحاً لإحدى القوالب الضخمة في المصنع , لكنها لوت كاحلها و أغمضت عينيها متألمة , أدارت برأسها نحو كريس في الأعلى فأطلق ليزراً نحوها من يده المتحوّلة جعلها تقفز بسرعة إلى الأسفل و تسقط , ابتسم كريس ابتسامة عريضة فأمسك بالسياج و قفز إلى الأسفل فاستقر بقوة بدون أن يتألم حتى أصبح ينظر نحوها و هي تزحف على الأرض تحاول الهرب منه لكن هيهات فهو يسير نحوها ببطء بكل سهولة و هو ينطق : لابد انكِ كنتِ تتساءلين مؤخراً .. سبب ضعف قدرتك .. لقد قمت بإلغاها , بسبب أنني أعرفكِ جيداً و أدرك قوة هذه القدرة التي أصبحت أمتلكها أنا أيضاً , ألا تشعرين بالفضول لاستخدام تلك العقارات التي يصنعها العلماء لدينا ؟ نملك كل المؤهلات التي تجعلنا نحظى بعالم جميل
حاولت لورا الوقوف على ساقيها و هي تمسك بإحدى القوالب الحديدية بجوارها لتدير بجسدها نحوه و ترد ساخرة مقاومة ألمها : جميل ها ! كيف و أنتم تثيرون الفوضى في كل مكان و تقتلون الأبرياء ؟
كريس بحزم :
أي أبرياء ؟ سنبيد جميع الحثالة ! و نبدأ عالم جديد
لورا بحزم :
أهذه فكرتكم ؟ كريس مهما كان ما أخبروك به فهو ليس صحيحاً
كريس بهدوء :
و ما الذي أخبروكِ به أنتِ ؟
لورا بحزم : لم يخبروني , و لكنني واعية لأدرك بأنكم مجموعة حمقى متحالفين مع الفضائيين , و يوماً ما ستجدون أنهم قد انقلبوا ضدكم و تنتهي كل حياة بشرية على سطح الأرض
كريس بابتسامة ساخرة :
هه خيالك واسع لورا
اندفع نحوها ليضربها بالسيف الذي تحوّل من يده لتتفاداه بسيفها الذي التقطته قبل قليل و لكنها كانت أضعف منه فسقطت أرضاً على ظهرها متألمة لينطق كريس : أنتِ لا تملكين سوى قدرة سهلة لا تتوافق مع طبيعة مهماتك في القتال بعكس رفاقك الذين يمتلكون قوى فطرية مختلفة
اتسعت عيني لورا ليفهمها كريس أفكارها قائلاً : بالتأكيد , نحن نعرف الكثير عنكم و هذا ما سيجعل منظمة الـ a.k تنتهي بسهولة بين أيدينا , لهذا السبب نحن هنا نتقاتل , لورا انضمي إليّ
قوّست لورا حاجبيها مجيبة :
ليس و أنت بجانبهم كريس !
كريس :
أنتِ لم تفهمي شيئاً أليس كذلك ؟
اختفى من أمام ناظريها و ظهر من خلفها لتدير رأسها نحوه فيضربها بقوة لتطير عالياً و تسقط على بطنها من دون قوة متألمة حيث سقط السيف في الجهة الأخرى , رفعت رأسها ببطء حيث ظهرت بعض الدماء نازفة من فمها , رأت كريس يقف بعيداً فحاولت الوقوف على ساقيها متثاقلة حتى انطلق كريس بسرعة هائلة نحوها ليمسك بها من رقبتها و يعلقها بمحاذاة الحائط و لورا بالكاد تستطيع فتح عينيها لتحتد عيني كريس قائلاً بحزم : أنتِ لا تفهمين , وجودك في الجهة الأخرى يعني القضاء عليك , سيقضون عليكِ لورا و سيبحثون عن كل ما تحبيه ليقضون عليه , بقاءك في تلك المنظمة يعرّضك للخطر , بقاؤك هناك يجعلنا نتقاتل دوماً هكذا , هل تحبين هذا ؟
لورا بتثاقل :
اقض .. عليّ .. إذاً , و انه الأمر
حاولت لورا أن تكون حازمة رغم آلامها و هي تردف : لكنني .. لن انضم لحزب المتمردين حلفاء الفضائيين
تفاجأ من ردها و لكنه قوّس حاجبيه و ضغط على رقبتها لتختنق متألمة , حدّق بها و هي تتألم حتى توقف فجأة و تركها لتقع أرضاً بينما استدار إلى الجهة الأخرى و هو يهمس : مازلتِ عنيدة جداً
انحنى ليجثو على إحدى ركبتيه بجانبها فرفعت رأسها و هي تنظر متثاقلة و لم يعد بإمكانها رؤيته جيداً ليحدثها : انظري إلى نفسك , أين هم رفاقك الذين يقاتلون معك ؟ لماذا ليسوا بجانبك الآن ؟
ابتسمت لورا ساخرة لترد :
هه تحاول إنشاء فتنة بيننا , لقد جئت وحدي و لا علاقة لهم بما يحدث بيننا
كريس بابتسامة واثقة : صحيح فأنتِ لا علاقة لكِ بأي واحد منهم , و لذلك جئتِ وحيدة هنا .. بدون أن يفتقدك أحد بدون أن يشعر بكِ أحد , لطالما كانوا هكذا أليس كذلك ؟ دائماً ما تكون هناك مسافات بينكم , دائماً ما تكونين وحدك و لا أحد بجانبك , لا شيء يربطك بهم سوى القتال و القتال فقط
كانت لورا تنظر إلى عينيه بذهول و هو يتابع قراءة أفكارها و فهم ما يجول في داخلها متابعاً : عيروكِ بالأنانية و المغرورة, دائماً ما ينشئون الأفكار الخاطئة عنكِ و هم لا يعرفون أي شيء عما يجول بداخلك , لكنكِ في الحقيقة لا تحبين الاختلاط بأحد لأنكِ ...
لورا بحزم : توقف ! أنت أيضاً لا يحق لك أن تتحدث عني بهذه الطريقة , أنت لم تعد تعرف عني أي شيء
كريس بهدوء : بل أعرف كل شيء , يمكنني أن أفهم كل شيء بمجرد رؤيتك و أنتِ مازلتِ تدركين ذلك , بمجرد كوننا متباعدين في طرفين مختلفين و لكن ذلك لا يعني أنه لم يعد بإمكاني أن أفهمك لأنني لم أتغير أبداً
قطّبت لورا حاجبيها مضيفة بنبرة حزينة و ابتسامة باهتة : بلى كريس .. نحن كلينا تغيّرنا , نحن لم يعد بيننا أي شيء , مجرد ماضي باهت و ذكرى مهترئة جرفها الزمن بأيامه , نحن هكذا أنا هنا و أنت هناك
قوّست حاجبيها مضيفة :
أنا بخير بدونك لست بحاجة إليك و لستُ بحاجة لأي أحد
حدق بها برهة و بقيا صامتين و نظرات كلاً منهما نحو الآخر حتى بدأ كريس يلحظ لمعان عينيها حتى أرخت رأسها مبعدة ملامح وجهها عنه , ليدرك مقدار الأسى الذي لا تحاول إظهاره لينطق شارداً : أوه لورا .. أنتِ متخبطة جداً
رفع رأسها بلطف و هو يضع أطراف أصابعه على ذقنها حتى قرّب رأسه من رأسها متابعاً : كل ما أريده رؤيتكِ بخير مجدداً , أحبكِ لورا
اتسعت عينيها حتى غابت عن وعيها فجأة و سقطت بين ذراعيه ليهمس كريس : آسف , إنها الطريقة الوحيدة , قتالك بهذه الطريقة و ما سيحدث بعد ذلك , من أجل أن تكوني بخير
أشرقت الشمس و ضج المصنع بالكثير من عملاء المنظمة حيث كان بعضهم يأخذ عينات الدماء التي نثرت , كان الجميع في هذا الوقت مجتمعين حول الطاولة المستديرة في قاعة الاجتماعات حيث بدا عليهم القلق حتى صرّح روبنسون : جميع الأدلة تشير إلى أنّ لورا قد توجهت إلى المصنع , حتى الآن لم نستطع إيجادها أو أي دليل يثبت تواجدها في أي مكان آخر , بعض الدماء التي وجدت هناك سيتم فحصها كما أن هناك بعض البصمات التي سنبحث عنها و لا نملك سوى الانتظار الآن
كاسيدي بقلق :
و لكنها قد تكون في مكان آخر أليس كذلك
جولي بهدوء :
لقد كانت تعرف ذلك الشاب , لذلك هي ربما ذهبت لتبحث عنه
جوناثان بحيرة :
و لكن لورا لماذا ذهبت هناك وحدها ؟
أشاح ليوناردو بوجهه مغتاظاً : هه تلك الفتاة , لقد كنت أشك بها لابد أنها كانت تتستر عنه منذ البداية حتى بدأت الأمور تظهر على حقيقتها
نهضت كارولاين بعنف فصرخت :
لورا ليس لها أي علاقة بهم ؟
ليوناردو :
لا تتحدثي بدون دليل مقنع بأنها بجانبه أيتها الصبية
كارولاين :
و لكن لورا ..
تنهدت كاسيدي مقطبة حاجبيها فنطقت :
أولاً كايرو و الآن لورا , مالذي سيحدث بعد ذلك ؟
ريكاردو و هو ينظر نحو ليوناردو :
هه سنجد صاحب القمامة في قائمة القبض على الفضائيين
حوّل ليوناردو نظره نحو ريكاردو حيث رمقه الأخير بإزدراء لكن روبنسون غضب من تلك الكلمات التي تفوه بها ابنه فصرخ : ريك !
نهض ليوناردو من كرسيه و هو يبتسم بسخرية قائلاً :
لا عليك , دع الصبي يعبر عن رأيه , أما أنا ..
تنهد بعمق و هو يخرج من الحجرة متابعاً :
سأخرج من هذا الهراء كله , لستُ مهتمّاً
في مكان آخر بعيد جداً , في ممر أبيض طويل قد انتعشت فيه رائحة النظافة و مستحضرات التعقيم ذات الرائحة المميزة , كان أحدهم يسير في ذلك الممر و حواره مع أحدهم يتردد في رأسه حيث قال " كيف هي الآن ؟ " ليرد الآخر " إنها بخير .. لقد تجاوب جسدها مع عقار qet-12 مما أدى لشفائها بسرعة قبل أن تستيقظ "
- استيقظت ! كيف كانت ردة فعلها ؟ ألم تسأل عن أي شيء ؟
- لا تخف , إنها هادئة جداً و لن تؤذي أحداً .. يمكنك أن تراها الآن
هكذا مرّ هذا الحوار برأسه الذي حدث قبل قليل فاهو قد انطلق إليها يسير في الممر و يحمل في داخله قلقاً لا يكاد أن يظهر عليه حتى وصل إلى آخر حجرة , فتح كريس الباب مندفعاً و هو ينطق " لورا " , كانت تقف على شرفة النافذة تراقب عذوبة السماء الزرقاء مرتدية ثوب كلون ما وصلت إليها عينيها يصل حتى ركبتيها قد تطايرت خصلات شعرها الفاحم مع نسائم الصبح , التفتت بسرعة فرو سماعها لصوت كريس حتى رأى ملامح وجهها الهادئة , ابتسم و تقدم نحوها بهدوء و هو ينطق : هل أنتِ بخير لورا ؟
بدا على وجهها الحيرة و هي ترد بهدوء :
لورا ! إذاً .. هذا هو اسمي !
دُهشَت عيني ْ كريس ْ بينما أخذَت يديه تمتدّان لها رويداً حتى غير رأيه سريعاً و راح يكتّف يديه حول صدره , و تحدث
بشُرود عينيه في عينيهَا : و إذن .. لُورا ؟
عادت لُورا انطواعيةً ً لتأمُّل السماء من جديد .. سماءُ توشك الغيوم على تلبُّدها تماماً كقلبِها
الذي أصبح و بلا سابق إنذار مقبوضاً .. همسَت بخوف : إن كنتُ لورا .. فمن تكونُ أنتَ ؟!
بابتسامة عريضَة أجابها :
كريس , صديقُك كريس ْ !
انقَضى حديثُ الكَلام و الألسُن بينهُما و لم يعد هُناك همسُ سِوى حديث عينيهِما التي تعانقت بغرابَة
أهي تعانُقُ شكّ و ثِقة ؟ أم تعانُقُ إحساسُ الحاجة بالأمّن مع مصدر الأمان ذاتَه ؟ , ~ نهاية الفصل الثالث عشر
لورا فقدت الذكرة و ضمّها كريس إليه
مالذي سيحدث الآن ..؟ الأحوال تتدهور و تقف ضد أبطالنا !
هل ستقوم لورا بمحاربة رفقائها وتظل مع كريس أم أنّها ستجد الحقيقة؟
نلقاكم غداً بإذن الله
|
|