الفصل التاسع عشر / 2
ركضت جولي مبتعدة عن تلك الغرفة التي أخذت الجدران الزجاجية فيها الإنخفاض ليخرج خلفها فوجٌ من الفضائيين , نظرت إلى الخلف للحظة لتصطدم بجسد كبير وتسقط , ما إن رفعت رأسها حتى رأت ذلك الفضائي من المستوى الأول بجسده الضخم حيث إبتسم بلهفة قائلاً:
-طعام!
ترددت صرختها في أرجاء الطابق الثاني , لكن جونثان لم يتمكن من سماع شيء بسبب الصرخات التي تعالت في الطابق الثالث كذلك حيث كان الفضائيين يغطون المكان بالكامل , إستاء وجهه ليقول:
-يبدو أننا لم نحدث تلك الضجة في النهاية.
في الطابق الأرضي حيث كان كانت كاسيدي محاطة بالمرضى المتحولين تقاتل القدر الذي إستطاعت وفي الوقت ذاته تبحث عن مخرج , تفاجئت بموجة قوية دفعت كل من حولها إلى ذلك العجوز الذي ركض متفادياً أجساد الفضائيين ,
نظرت آبيغال إلى كاسيدي وقالت:
-هل إستسلمتي بهذه السرعة؟
عاد الفضائيون مجدداً ليفرقوا بينهم , لكن آبيغال إستخدمت قدراتها لترفع كاسيدي عن الأرض , تحضرها إلى جانبها حيث خرجا كلاهما من الصالة ثم بسرعة قامت كاسيدي بتغطية الباب بكومة هائلة من الجليد وهي تقول بقلق:
-لن يصمد هذا كثيراً!
أمسكت آبيغال بكاسيدي قائلة:
-إذا لنذهب من هنا بسرعة!
لم تبتعدا كثيراً حتى سمعتا صوت تحطم الجليد , تحت صدى صرخات الناس العالية وأصوات الفضائيين , تربع سيرا على كرسيه الجلدي أمام مكتبه يشاهد ما يجري من الدمار في منظمته.
بعيداً عنهم وفي منزل جونثان , جلست كارولاين بملل أمام التلفاز تقلب القنوات مفكرة
"كان من الأفضل لي إن ذهبت معهم".
في الطابق الثاني فتحت لورا عينيها تدريجياً ثم نهضت ونزلت السلالم بهدوء , حين رأت كارولاين توقفت لوهلة تحدق بها , وعادت تساؤلاتها مجدداً "هل هم أصدقائي حقاً؟","من هم أعدائي؟","من قام بمحو ذاكرتي؟".
خلال ثوانٍ أصابها ألم شديد وصداع في رأسها لتمسك بها وتغمض عينيها متألمة تصرخ , حالاً إلتفتت كارولاين إليها وأسرعت إليها قائلة بقلق: لورا!
جلست لورا على السلالم وهي تصرخ متألمة ,
بينما جلست كارولاين بجانبها تحاول مساعدتها.
-سيـرا!
صـرخ بإسمه وهو يقف بثقة أمام باب مكتبه , إلتفت سيرا إليه ثم إبتسم قائلاً: لم أتوقع مجيئك إلى هنا , بعد هجرك لنا .. لقد عرضت عليك الحياة المثالية لكنك رفضتها ولا ننسى أنني لبيت طلبك وعالجت شقيقه.
سار ديفيد بخطوات واثقة إليه وهو يقول عابساً:
-عالجته؟ أهذا ما تسميه؟! لقد حولته إلى مسخ يركض خلف أرواح البشر ثم قتلته! والآن حان دورك!
إبتسم سيرا بخبث:
-بل حان دورك أنت.
سحب مسدسه من بنطاله وأطلق طلقة واحدة على ديفيد لتخترقه ببساطة وتستقر في الجدار.
قـال ديفيد ساخراً:
-من المفترض أن تكون أكثر شخص يعلم بأن هذا لن يجدي معي!
كونك أقمت تجاربك التافهة علي!
شعر ديفيد فجأة بألم في صدره ليجثو على الأرض , حينها إقترب سيرا منه قائلاً بجفاء:
-أنت محق! أنا أعلم بقدراتك أكثر من أي شخصٍ آخر على وجه الأرض , لكن لم يكن هدفي قتلك فقط أردت من الرصاصة أن تخترقك ليسقط ما عليها بداخل جسدك.
تأوه ديفيد متألماً وهو يقول:
-مالذي حقنتي به؟
-العلاج ذاته الذي قدمته لشقيقك , ودع إنسانيتك ديف!
إستلقى ديفيد على الأرض مغشياً عليه ليضحك سيرا مردفاً بخبث:
-أخيراً! لنرى الآن ما مفعول هذا السائل على المميزين أمثالك.
-لا!
تعالت صرخاتها وهي تحاول إبعاد الفضائيين عنها , محيطة نفسها بجدار جليدي , تحطم الجدار لتقيم آخر , وهاهو أحد الفضائيين يوجه يده الزرقاء الضخمة إليها ليحطم الجدار مسقطها أرضاً.
حاول آخر أن يضربها لكنها تجنبته وحين تجهز آخر لسحقها صرخت في مكانها مستسلمة , أحيطت جولي بالفضائيين من كل جهة مغلقين عليها أي طريق للهروب , في لحظات بدأت أجسادهم تحترق شيئاً فشيئاً ليجن الفضائييون وهو يصرخون , ركض ريكاردو بسرعة ووقف أمام جولي قائلاً بسخرية:
-استسلمت بهذه السهولة؟
تأملته جولي وهي تتمتم:
-ريكي أنت ..
-لا وقت للكلام لنذهب قبل أن يأتي آخرون.
وقفت جولي وعضت على شفتها قائلة:
-يبدو أننا تأخرنا قليلاً.
إلتفت ريكاردو ليجد فضائيين آخرين من المستوى الثاني يسيرون إليهم ,
وضع ريكاردو يده خلف ظهر جولي ثم حملها وركض بسرعة خارقة بعيداً عنهم.
همست كاسيدي:
-أتظنين أنهم ذهبوا؟
أجابتها آبيغال:
-لن أخرج لأعرف.
كانت كلاهما في مخزن صغير وقفا خلف الباب وهما خائفتان , إقترحت كاسيدي:
-ألا تظنين أن علينا مقاتلتهم؟
-لا إنهم كثيرون جداً سنموت إن فتحنا هذا الباب.
-إذا سنبقى هنا حتى ماذا؟ حتى تهدأ الأمور؟ سيستغرق ذلك سنة هنا إن لم يقاتلهم أحد.
فكرت آبيغال قائلة:
-ربما أنت محقة , لننزل إلى القبو .. أظن أنه سيكون أكثر هدوءاً.
-تعجبني فكرتك , لكن كيف سنفعل ذلك؟
-بالمصعد! سنتسلل إليه وننزل , إحرصي على عدم جذب الإنتباه إلينا.
حلق بجانحيه بعيداً مرتفعاً عن المبنى بينما حاول الفضائيون الإمساك به , هبط خارج المبنى وهو ينظر للفوضى العارمة , خاطب الجميع مستخدماً ساعته:
-أظن أنه وقت الإنسحاب , لنخرج من هذا المبنى.
قام ريكاردو بالرد عليه:
-إنسى الأمر جون! إن كنت جباناً إلى هذه الدرجة فعد إلى المنزل , أنا وجولي سنبقى لنقاتل!
إنزعج جونثان من ردة فعله لكنه تأمل الوضع قليلاً ثم خاطب ريكاردو بحزم:
-أين أنتم؟
صرخت كاسيدي بفزع:
-آبي أغلقي الباب بسرعــة !!
وقفتا في المصعد بينما كان الفضائيون متجهون نحوهم , أغلق الباب لينزل المصعد إلى الأسفل , حين إستقرت حجرة المصعد في القبو لم يفتح الباب.
عبست آبي:
-أتظنين أننا علقنا؟
أجابتها كاسيدي:
-لا أريد أن أعرف , فقط إفتحي الباب بقواك.
إستخدمت آبيغال قدرتها ليفتح باب المصعد تدريجياً إلى ذلك الممر الطويل , إتسعت عينا آبي حينما رأت ديفيد ملقاً على الأرض , ركضت إليه ولحقت كاسيدي بها.
إنحنت آبيغال إليه وقالت قلقة:
-ديفيد ماذا حدث؟
كان يتأوه من الألم وهو يجيبها:
-لقد فات الأوان آبي .. أنا آسف , لكن عليك .. عليك قتلي.
تفاجئتا من طلبه بينما أردفت آبيغال:
-مالذي تتحدث عنه؟
وقف بجهد ثم أغمض عينيه وفتحهما لتصبحا حمراوتين اللون ,
بعد ثوانٍ تحول لون جلده إلى البنفسجي , وبدأ جسده بالإنتفاخ.
في الوقت ذاته وقفت آبي وهي تنظر إليه مرددة:
-لا ..
حدق ديفيد فيها بعينيه الحمراوتين ببرودٍ تام ,
وبينما كان جسده يكمل التحول شدت آبي على قبضتيها وقالت بحدة:
-إصنعي لي وتداً جليدي!
تسائلت كاسيدي:
-أنت متأكدة .. آبي؟
-الآن كاسيدي!
فردت كاسيدي كفها لتتكون المياه فيه وتتشكل على شكل وتدٍ قامت كاسيدي بتجميده, قدمته إلى آبيغال التي قامت برفع يديها جاعلة الوتد يطفو ويتوجه مباشرة إلى ديفيد ليخترق قلبه, أخفضت آبيغال يداها ثم سقطت على ركبتيها و إنهارت باكية.
و ما كانت سوى دقائق معدودة حتى تهالك المبنى بالكامل و وحدة القتال يراقبون , جون , كاسيدي , آبيغال , جولي و ريكاردو و تقاسيم الأسى تظهر على وجوههم, فقال جون مقطباً الحاجبين : ليو ! آسفُ أيها القائد , لقد فعلنا ما بوسعنا
كاسيدي بأسى :
بالرغم من هذا الحُطام , أرجو أن نجده بطريقة ما
جولي بشرود :
فلنأمل ألا يكون هُنا فِعلاً , في النهاية نحن لم نجده
ظّلت آبي صامتة بينما حدّث ريك نفسه بأسى :
أحقاً إذاً ذلك الشخص قد مات .. كما حدثَ مع أبي !!
جلست لورا على الأريكة وأمامها كوب ماءٍ على الطاولة ,
إرتشفت رشفة منه ثم تنهدت بعمق لتسألها كارو:
-كيف تشعرين الآن؟
حدقت لورا فيها بهدوء مردفة:
-أنا أذكر كل شيء. نهاية الفصل اتاسع عشر
|
|