عرض مشاركة واحدة
  #81  
قديم 08-17-2016, 12:32 PM
 
الفصل العشرون / 2



كريس بحزم : لا أتعاطفُ مع سيرا و حلفاء الفضائيين من البشر ,
لكنّي انبّهكم بأنّه بهذا المعدّل فسيسحق الفضائيون الأرض بفضلِ أخطائهم

صمت الجميع لوهلة فعادت آبي إلى المنزل حيثُ مرّت بحجرة الجلوس حيثُ لاحظتها جولي التي هرولت و خرجت من الحجرة فوجدت آبي تصعد السلالم ببطء ,فنادتها جولي حيثُ لا تزال تحت تأثير الذهول : هاه آبي .. أينَ كنتِ ؟ اسمعي ما يقوله هذا الشاب ؟

حدّقت بها لوهلة فقالت بحيرة :
آبي .. هل أنتِ بخير ؟

لم تدر آبي رأسها حيث أجابت بهدوء :
نعم , أنا متعبة فحسب سأرتاح قليلاً

قطّبت جولي حاجبيها فقالت :
حسناً لا بأس

راقبتها جولي حتى ابتعدت فاقتربت منها كاسيدي التي حدّثت جولي بهدوء : دعيها .. فقد عانت كثيراً , لقد فقدت شخصاً عزيزاً عليها اليوم

و همهمت جولي بالموافقة ..



سارت لورا في الحي وحدها حتى شعرت بـ آبي تلحق بها فوقفت تنظر إليها بصمت و ما إن توقّفت آبي بجوارها حتى قالت الأخيرة : لورا .. صحيحٌ بأنني لا أعرفُ كريس و لا بشأنِ العلاقة التي تربطك به سابقاً و لكن ... أعتقدُ بأنه صادق في كلامه .. إنّه فعلاً يهتم بكِ , أعطهِ فرصة

لورا ببرود : ماذا آبي ؟ كيفَ تصدّقين عدوّاً بمحاولاته لاستمالة مشاعركِ إليه ؟ .. كريس نصف فضائيّ إنّهُ يفعلُ ذلك من أجلِ خطة للقضاء علينا .. و ما كانَ بيني و بينه قد انتهى منذ زمن و الآن قد عقدتُ عليه

آبي بهدوء : كلا أعتقدُ بأنّكِ تكابرين فقط , و إنّي لرأيتُ في عينيه حينما ينظر إليكِ كما كان ديفيد ينظر إليّ .. و أنا أعلم بأنّ ديفيد .. قد كانَ ..

نكست رأسها إلى الأسفل حيث لم تكمل جملتها و لورا تنظر إليها بأسى ,فقالت آبي بنبرة حزينة : لقد أخبرنا السيد روبنسون سابقاً .. بأنّه لو حدث و التقيتما مجدداً فلنحذر ألا تتصرّفي بتهورٍ تجاهه لكنّي فهمتُ للتو ما كان يقصده ..
بالتصرّف بهذا التهور حيثُ لا تتركين له فرصة للاعتذار أو حتى مسامحته حينما يعود إليكِ شخصاً يحبكِ بصدق بعدَ طولِ غياب

حدّقت لورا بها بأسى فأردفت آبي بغصة في حلقها : لو أنني .. ما زلتُ أملِكُ الفرصة لاعتذرَ إليه .. لأضمّه بشدة حتى لا يبتعد , لكن ديفيد .. ديفيد .. لقد قتلتُه بيديّ

بدأت تبكي حيث لم تظهر تقاسيم وجهها حيث لا تزال تنكس رأسها إلى الأسفل و لورا تراقبها مقطبة الحاجبين , فقالت آبي باكية : لورا حتى لو أنّكِ ما زلتِ تشكين به , فلا تسمحي له بالابتعاد طالما أنّكِ تبادلينه المشاعر و إلاّ فإنّ الغصة ستنشب بحلقك و ستندمين لأنّكِ ظللتِ باردة معه طوال فترة بقائِه معك

مسحت آبي دموعها و رفعت رأسها لتنظر صوبَ عينيّ لورا التي ظلّت تراقب بأسى , فقالت آبي بحزم : تخليّ قليلاً عن قالب الثلج لورا و استمعي لقلبك لبرهة

تذكرت لورا هذا الحوار لما حدثَ قبل قليل .. حيث كانت شاردة أمام كوب القهوة الدافيء الموجود على الطاولة الدائرية أمامها و بدأ المطر بالهطولِ في الخارج حيث أدارت رأسها نحو النافذة مراقبة انسياب قطراتِ الماء على الزجاج

فحدّثت نفسها : قالب الثلج هاه ! بالفعلِ كنتُ أحاول ألا اخلط مشاعري الشخصية في أمورٍ كهذه لربما حتّى تكوّن هذا الثلج بداخلي ,لكن ما الذي كان عليّ أن أفعل غير هذا بعد أن وضعني والديّ في مدرسة داخليه ثم التحقت بسكنِ الجامعة حتى تركتها و أنا أشعر بأن لا طاقة لي بها , حتى انتَ كريس وسط تلك الضوضاء تخليّت عني

أخذت رشفة من كوب القهوة و هي تسترسل بأفكارها : ماذا عسايَ أن أفعل .. و أنا لا أشعر بأيّ كائن يتقبلني سوى أن أجمّد نفسي حتى لا أهتزّ شعرة ثم أنوح ؟ , تجمّدت مشاعري هاه ! كيفَ لي أن أصمد ؟ لقد تألمّت حتى أصبحتُ هكذا , الآن جئتَ لتسترجعني !!

تذكرت لمحات من الماضي حينما كانا معاً فسالت دموع عينيها بحيث لم تشعر بها مفكرة :
أحمق ! كيفَ أردتني أن أنتظر حتى هذا الوقت ؟

تنبّهت لدموعها فمسحت عما سال على وجنتيها بأطراف أصابعها ثم ابتسمت بإحباط هامسة :
لا .. بل يبدو بأنني أنا الحمقاء هنا

ظلّت لورا تنظر بشرود نحو الدخان المتصاعد من الكوب لوهلة
حتى نهضت بسرعة و ابتعدت بعد أن تركت بعض النقود على الطاولة



أثناء ذلك كان البقيّة لا يزالون متجمّعين في حجرة الجلوس في بيت جون و كريس مقيّد بالحبالِ على كرسيّ وسط الحجرة , أدارت كاسيدي برأسها نحو النافذة حيث كانت قطرات المطر تطرق على الزجاج فقالت : لازال الطقس ممطراً , يبدو أنّ لورا قد حوصرت بالمطرِ في مكان ما

حوّل جون بعينيه نحو الساعة المعلّقة على الحائط .. حيث كانت تشير إلى الواحدة إلاّ رُبعاً ,قائلاً : هلاّ خرجنا لنبحث عنها ؟ أخشى أنّها قد أوقعت نفسها في مشكلة

رفعت كارو حاجباً حيث ردّت بهدوء :
لورا ليست من النوع الذي يقحم نفسه في المشكلات

تثاءب ريك حيثُ بدا عليه النعاس فقال كايرو : لقد تأخّر الوقت , يجب أن نعيّن من يبقى مع هذا الشاب لمراقبته , لا يمكن أن نتركه وحده من دونِ حراسة

ليو بهدوء :
هذا الشاب ليسَ أسيراً لدينا , لقد أخبرتكم سابقاً بأنّه قد التحق بنا

تقدّم ليو نحو كريس الذي لا يزال هادئاً على كرسيه ,
فهرول كايرو إليه و أمسك بذراعه قائلاً بحزم : لا تقل بأنّك تفكر أن تحل وثاقه

كاد ليو أن يردّ عليه لكنه تنبّه نحو من يقف عند الباب حيث نظر بدهشة كذلك فعل كايرو و البقية , و كريس الذي لفته منظر لورا و هي تقف عند الباب قد بللها المطر و اختلط بدموع عينيها و هي تنظر نحوه ,

فحدّث كريس نفسه و هو ينظر إليها بذهول : لورا

و هيَ بدورها كانت تنظر نحو عينيّ كريس حيثُ حدّثته في نفسها : آسفة كريس , أنا فعلاً ما زلتُ أرغبُ بك أن تكون بجانبي , و لكني خائفة أن تخذلني

كريس محدّثاُ لورا في نفسه : ليسَ عليكِ أن تخافي الآن لورا ,ما عاد لديّ شيء في الحياةِ سواكِ و لا يمكن أن أخذلك بأي شكل

سارت لورا نحوه ببطء محدّثة إياه في نفسها :
إذاً .. لهذهِ الدرجة تريدني أن أثق بك !

ابتسم كريس محدثها في نفسه :
أكثر من ذلك

أزال كريس الحبال التي توثقه بدون مجهود يذكر و وقف وسط دهشة البقيّة و لورا تقترب منه أكثر ,همّ كايرو بالتقدم نحوهما و لكنّ ليو منعه قائلاً : لا ! دعهما .. فلن يؤذيها !

توقّفت لورا مكانها و هيّ تنظر بعينيه حيث لاحظ كريس دموعها التي تحاول تخبئتها في عينيها و البقيّة ينظرون نحوهم بتعجّب , حتى اتسعت أعينهم و شهقوا بدهشة حينما جرّها كريس إليه بحنان و هو يضمّها و يخبئ وجهها بين طيّاتِ قميصه , فأبعدت لورا نفسها عنه بسرعة حيثُ فوجئت هيَ أيضاً و نظرت إليه بدهشة و فتحت فاها تلقائياً حيثُ عجزت عن الكلام و أحمرّ خديها محدّثة إياه في نفسها : ما الذي تفعله أيها الأحمق ؟

حوّل بنظره نحوها حيث ارتسمت على وجهه ابتسامة لطيفة, ليحدّثها في نفسه : لقد خبأتُ دموعك حتى لا تسقط فيرونها فأنتِ لا تحبيّن أن يرَ أحدٌ دموعك حتى لا يستضعفونك !

لورا في نفسها :
ليسَ بهذا الشكل , أحمق !

شعرتُ لورا بعيون المراقبين و أفكارهم فتحوّل خجلها إلى غضب و قالت بعصبيّة : إن فعلتَ ذلك فسأقيّدك بنفسي و لن أسمحَ لأحدٍ بفكِ وثاقك

جولي باشمئزاز : ألم ترَ هذهِ الفتاة بأنّه قد فكّ وثاقه بنفسه ؟
كاسيدي بابتسامة ساخرة : هه لقد كانت مشغولة بأمرٍ آخر

فقالت لورا بجهوريّة : لا بأس , كريس لن ينقلب ضدنا فقد كنتُ اقرأ أفكاره طوال الوقت و إلاّ لعرفتُ ذلك

جون بحيرة : إذاُ .. أتقولين بأنّ نصف الفضائيّ هذا سيكون في صفنا من الآن فصاعدا ؟
لورا بهدوء : أجل و إلا لقتلنا جميعاً طوال الفترة الماضية

فكّر البقيّة لوهلة في لحظة صمت فحدّث كريس نفسه و هو ينظر نحو لورا : ما هذهِ الكذبة ؟ أنتِ تعلمين بأنني أستطيع منعكِ من قراءة أفكاري إن كنتُ أخطط لقتلكم و أنتم نائمون

حوّلت بعينيها نحو كريس محدّثة نفسها :
و أيّ كذبة تكذبها على نفسك ؟ تعلم بأنني سأكون حاضرة لقتلك بسيفي

أشاحت لورا بعينيها عنه محدّثة نفسها بابتسامة :
ففي كل الأحوال لن أستطيع النوم هذهِ الليلة

حدّثها كريس في نفسه : لماذا ؟
ارتبكت لورا محدثة نفسها : تباً قرأ هذا أيضاً !!

< كريس شخصيتي المفضّلة بعد لورا, وأنتم ألا يعجبكم ؟

راقبت جولي لورا و كريس فيما كان البقيّة يتجادلون في حديث , فحدّثت نفسها : أيمكِنُ أن لورا و كريس ..؟

أدارت برأسها نحو ريك الذي كان يقف بمحاذاة الحائط و يتثاءب بقوة و هو يضع يده على فمه , سحب ليوناردو نفسه من الحجرة ببطء و هدوء و سار في الممر مفكراً : صدقت توقعاتك , لولا أنّك لم تخبرني بذلك لخسرناه

تذكّر ليوناردو ما حدث يوماً حينما كان يجلس في مجلس السيد روبنسون في مكتبه في الليل حيثُ قال روبنسون بثقة : كريس باريت ليسَ العدوُ الحقيقيّ لنا يا ليو ,لقد تمّ استغلال طفولته القاسية التي تحوّلت إلى غضبٍ ضد البشر لقتالهم و إبادتهم , إنه ضحيّة و حينما يفهم حقيقة الأمورِ سيكون مستعداُ للالتحاقِ بنا ..

ليو بلا مبالاة : و كيفَ للآخرين أن يتقبّلوه بعدما كشفَ عن انيابه ؟
روبنسون بثقة : حينما يأتِ الوقت .. سيتقبّل الجميعُ ذلك

هكذا اختتم ليو مشهد ذكرياته محدّثاً نفسه :
الآن و قد ربطنا الامورَ ببعضها لم يبقَ إلا عقد الأطراف ..

حيث فتح خزانة إحدى الحجرات و سحب من أحد رفوفها نصفي ورقة و ابتسم بثقة مفكراً : مكونات العقار الأصلية هنا ,بالتأكيد لم أكن لأحتفظ بالمكونات الحقيقية في جيب بنطالي الخلفي إلاّ ليُخدعوا بها و تحلّ عليهم كارثة ما ,الآن ليسَ لي إلاّ أن أسلمّها أفراد مختبر المنظمة ليعملوا عليها فيكون لنا سلاح ضدّهم , و بالتأكيد .. يجب أن نغير موقعنا الحالي فقد عرفوا مكان إقامتنا هذا .. و فور أن نفعل فسنضع خطتنا النهائية للإحكام عليهم خصوصاً بوجود حليفنا الجاسوس بينهم , آن أوان خططك المحنّكة يا أخي أن تنفّذ .. ثم ترقدُ بسلام



في مكان مظلم ما كان رجُلاً عجوزاً ذو لحية شقراء يجلس على كرسيَ جلديّ هامساً بحنق : أفعلتها يا كريس ؟ و زحفتَ كالأمواتِ نحوها ! , لقد أخبرتُك مراراً أن تنساها و إلاَ فالعِداءُ بيننا ..

قالت بنبرة رسميّة مُهذّبة و هي تقف : و لكن يا سيدي .. لسنا متأكدين إن كان كريس قد التحق بالأعداءِ أو أنّهُ بالكادِ قد نجا من الانهيار , فكلُ ما فعله أمامنا هو التخلّف عن الهروبِ معنا لأمرٍ قال أنّه سيسترجعه , و لو أننا انتظرناه قليلاً للحقَ بنا و قضى تلكَ الحاجة في نفسه فهلّا سمحتَ لهم بالبحثِ عنه

سيرا بابتسامة ساخرة : أتحاولين مؤاساتي أم تمكرين بي يا روزا ؟, فإنّي لأرى فيكِ بعضَ مما جاء به كريس

فوجئت ذات الشعرِ الأصهبِ لوهلة حيثُ أخفت بعض القلقِ في نفسها فقال سيرا بحزم و شدة : جميع من يحاول التآمرَ ضدّي فسيهلك , كـ مصير كريس الذي اختياره بعد كل محاولاتي لمنعِه , كريس الاحمق ! سأطعمك مما سأطعمه لمن تقف بينهم الآن ..

بعد فترة قصير خرجت ماري من حجرة سيرا مفكرة : لقد بدأتُ الأمور تأخذُ مجرياتها عند المنعطفات الأخيرة , سيدي ليوناردو أرجو أن تقوم بالمناسبِ إن كان كريس بينكم , فما كان السيد روبنسون يتوقعه قد بدأ يحدّث الآن .. و أنا بدوري سأحاول ألاّ يتم اكتشافي كـ جاسوسة بينهم تابعة لـ قتال الفضائيين

تذكرت ماري بعض الاحداث حين كانت في المشفى قبل عدة أيام و سيرا يحدّثها عبر الهاتف باضطراب : اذهبي و اقتليه يآ روزآ .. اقتليه قبل أن يعلم الفضائيين !!

أغلقت ماري هاتفها المحمول و سارت بخطوات ثابتة حيث كان صوت كعب حذائها العالي يتردد في الممر الخالي من المارّين حتى وصلت إلى إحدى الحجرات و فتحت الباب بهدوء .. أدخلت أطراف أصابعها بين زركشات قميصها الرسميّ حيث اخرجت قطعة سوداء و وضعتها بالقربِ على الأرضِ بالقرب من الباب , ثم سارت باتجاه السرير حتى توقفت بقرب الرجلِ الممدد أمامها عليه , فهمست : سيدي , لقد وجدوك ! و قد أُمرتُ أن أقتلك حتى لا يصل إليكَ الفضائيين ..
ماذا عسايَ أن أفعل و قد وضعوا بعضِ أدواتِ التنصّتِ على ملابسي ؟ لقد أزلتها قربَ البابِ خشية إن كان هناك من يراقبني في الخارج ,إنّهم يشكّون بي و إلاّ لفعلوا ذلك بأنفسهم و لما طلبوا منيّ شيئاً كهذا أن أفعله

فهمس روبنسون :
النافذة مفتوحة ! لابد أنّ هناك من يراقبك في الخارج !

همست ماري بجديّة :
يجب أن نقنعهم بطريقة ما أن تموت , يجب أن تمثّل معي إذاً

همس ربنسون : كلا ! لربما حان الوقت لاتخاذ قرارات جريئة ماري , ففي كلّ الأحوالِ قد لا أستطيع استعادة عافيتي , فإمّا أن يهاجمونني و نبقيّ الوضع مهزوزاً هكذا أو أن تنفّذين ما طلبَ منكِ و ليثقوا بكِ أكثر ..

ماري بارتباك : ما الذي تقوله يا سيدي ؟ لن أقتلك ,فوجودي بينهم ما هو إلا لمهمّة سريّة مؤقتة ,إن تراجعتُ الآن فلن نخسرَ شيئاً .. فلربما ممن الأفضل أن أنسحب من بينهم و نهرّبك من هنا بمساعدة وحدة القتال

روبنسون : ماري .. لا تضعفي هذهِ اللحظة ,ما علمّتكِ التراجعَ حينما تُحبك الأمور لجانبنا

ماري بارتباك :
و لكن سيدي ! قد يكون بإمكاننا ..

هزّ هاتفها فجأة حيثُ لم تكمل جملتها و قد كان بوضعٍ صامت ,فوجئت و ترددت بادئ الأمرِ حتى قررت أن تجيب .. حيث قال المتصل : ما الامر ورزا ؟ هلاّ قتلتهِ بسرعة أم أنّكِ أشفقتِ لحاله ؟

كان المتصّل يتحدث و هو يراقبها عبر نافذة الحجرة , حيث كان يقف في السطح و ينظر إليها خلالَ المنظار الملحق بالبندقيّة حيثُ تكشِف روبنسون الممدد على السرير و وجهه إلى الجهة الأخرى و تقف ماري التي لم يرَ منها إلاً شيء من تنورتها حتىّ نهايات قميصها , فقالت ماري برسمية : كنتُ أتأكدّ من عدم وعيه حتى لا يستيقظ على حين غرة مني

ردّ المتصل :
إذاً أسرعي قبل أن أقرر إصابته بنفسي !

أغلق الهاتف ففعلت الأخرى بدورها فقال روبنسون :
لا مهرب إذاً .. افعلي ماري !

ماري بقلق :
لكن !

روبنسون بهدوء :
إنّي لآسفُ على ريك أكثرَ من نفسي لكنّه سيتفهّم أنني ما فعلتُ ذلكَ إلاّ لمصلحة الجميع

قطّبت ماري حاجبيها فقال روبنسون بحزم :
اسرعي !

أخرجت ماري حقنة من حقيبتها و حقنتها بالكيس ذو المحلول الشفاف المعلّق على عامود تتصل نهايته بيد روبنسون ,
أخذت لمحة أخيرة على وجه روبنسون الذي أغمض عينيه بينما خرجت من الحجرة على عجل بعد أن التقطت القطعة السوداء من الأرض و هي تمسح ما سال على خدّيها بأطرافِ أصابعها ثم هرولت في الممر ..




كان صباحا هادئا بالنسبة للأمس أجتمع الجميع على طاولة الطعام , كان كاسيدي قد حضرت طبقا من البيض لها لكنه تحول لطبق جماعي فاضطرت للتحضير كمية أكبر .

قال ريكاردو بامتعاض :
ينقصه الملح .

نظرت كاسيدي بحدة نحوه و قالت :
ملح هاه ! .. لا تأكل إذا ..

ثم ألقت نظرة نحو الجميع وهي تقول :
كلوا جيدا فهذه أول و آخر مرة سأحضر لكم آي شيء .

انطلقت ضحكة ريك وجولي و آخذا يتهامسان و يضحكان , نظرت كاسيدي إليهما بانزعاج وقالت : يالكما من ثنائي !

تعالت أصوات حديثهم كان كل أثنين يتحدثان معا و تنوعت المواضيع , آبي كانت هادئة بعض الشيء و قد اختارت مكانا مناسبا للجلوس حتى لا يزعجها أحد , في نهاية الطاولة بجوار كارولاين .

أما عن كريس فقط كان يجلس في آخر الغرفة ينظر إليهم بحيرة كيف لمجموعة المهرجين تشكيل فريق ناجح قوي شجاع .

أقتربت لورا نحوه قائلة :
وقت الجد جديون و وقت اللعب ممتعون .

ثم أتبعت :
ألن تأكل ؟

أجابتها بنصف إبتسامة :
و أتعارك معهم على البيض .. لا أعتقد .

ضحكت لورا ضحكة خفيفة حيث بادلها كريس بابتسامة .
صفق أحدهم صفقتين فعم الهدوء فجأة و اتجهت أعينهم نحو الصوت , كان يقف مستندا على الجدار مبتسما يرتدي بدلة زرقاء قاتمة و كان قد تخلى عن ربطة العنق.

-صباح الخير ..
قال ذلك ولا تزال الإبتسامة على وجهه .

قال جون : تبدو سعيدا ليو , مالأمر ؟
-منزلكم الجديد أنه جاهز !

قفزت جولي فرحة :
مرحى , وآخيرا شيء أفضل من مكب القمامة هذا .

أجابها جون :
شكرا على المدح .

تمتمت آبي بنبرة هادئة:
أظن اننا نحتاج لبعض التغير .

سألت كارولاين :
و آين ذاك ؟

وجه ليوناردوا نظره إلى كريس وقال :
مكان بعيد .

لاحظت لورا تلك النظارات كانت تنم عن الشك وعدم الثقة , لكنها قاطعت الأمر : أنه معنا .

قال ليو بمنطقية :
أعلم ذلك .. لكننا لا نعلم إن كان سيغير رأيه يوما .

كان كريس صامتا رغم ان الحديث عنه لكنه لم يتفوه بأي كلمة مما أثار شكوك باقي الفريق .

انهى ليو جلستهم تلك بأن قال :
وضبوا أغراضكم .. ستكون شاحنة خاصة هنا بعد ساعة .

قالت كاسيدي بتذمر :
ساعة ! لجمع كل أغراضنا , مرحبا ليس جميعنا فتيان .

ابتسم ليو :
ساعتين ..

بادلته كاسيدي بابتسامة :
هذا منصف .



توقفت الشاحنة الضخمة امام منزل ليس بالكبير جدا , و نزل كل منهم وهو يحمل حقائبه و أغراضه , كان المنزل محفوفا بأسوار حديدية ضحمة وبدا عليها الصدأ , حديقة أمامية للمنزل لم تكن خضراء يانعة لكن وجدت نباتات و أشجار صغيرة .. ثم توسط البيت المكان بجدرانه البيضاء و بابه الأزرق و تلك النوافذ الزرقاء ذات مصرعين , أتضح ان المنزل ليس بالجديد ولا بالسيئ.

كانت اعينهم تدل على خيبة الأمل فقد تصورا منزلا كمبنى المنظمة أو على الأقل منزلا جديدا و مرتبا أكثر
قالت كاسيدي : لم يكن علينا التحمس كثيرا .

سار الجميع حيث فتح ريكاردو البوابة الحديدة و ساروا حتى وصلوا لباب المنزل , تقدم كايرو فهو دوما يحب أن يكون في المقدمة و فتح الباب .

ظهر أمامه ليو واقفا مباشرة أمام الباب , ففزع الجميع .
قال ضاحكا : وكأنكم رأيتم شبحا .
جولي بتبرير : وصلت سريعا .
-كنت بانتظاركم جميعا .. ما رأيكم ؟

بدأ الجميع بتفقد المكان كان رثا بعض الشيء , أروقة خشبية .. جدران بلون الرمل بدت كئيبة إلى حد ما .. بدت على الجميع الخيبة دون أي مظهر اندهاش أو أعجاب .

قال ليو : ولكن الميزة الوحيدة لكل منكم غرفة وحده .
علقت جولي : وآخيرا ..
قالت كارولاين بقلق : لا أفضل النوم وحدي .

أنتهت جولتهم حول المنزل لم يكن هناك إلى غرف فارغة و مطبخ صغير بدا عليه انه من العصر الفكتوري من شدة قدمه , حمام مهترئ ..

قال ريكي : ياله من مكان لمنظمة .
أردفت جولي : خير من شقة صغيرة .
قال جون : والأن أين السلالم وغرف النوم ؟
ابتسم لي بخبث وقال : كنت أنتظر هذا السؤال ! .. اتبعوني .

سار ليو و سار الجميع خلفه كان كريس الأخير , توقفوا عند غرفة فارغة و أمر ليوناردوا الجميع بالدخول وأغلاق الباب .. كانوا كلهم في حالة إستغراب .. ضغط ليو على أحد الجدران فخرج لوح من الجدار وعليه أرقام , قام ليو بادخال عدة ارقام ولم تكن على مرأى أين منهم .

قال جوني بحماس : والأن نحن نتكلم .

و إذا بالغرفة كلها تتحول إلى مصعد وتنزل إلى الأسفل ..

جولي :رائع ..
ريكي : توقعت أن هناك خدعة في الأمر ..

كانت لورا تنظر إلى كريس الذي بدا عليه عدم الأهتمام فهو يتبعهم بصمت فحسب ,فتح الباب الغرفة ليظهر رواق رخامي ممتد وجدران حمراء منقوشة إضافة إلى لوحات معلقة على الجانبين و تحف و مزهريات .

كاسيدي باندهاش : رائع .

وإذا بأبواب تحف الرواق , واسم كل واحد منهم معلقا على الباب .. وحتى أسم كريس كان موجدا بينهم .
ختم ليو لقائهم : أتمنى لكم إقامة طيبة .. سأزودكم بالمعلومات لاحقا ..

هرعت جولي وكاسيدي إلى غرفهم قبل الجميع أرادوا ان يتفقدوها أولا , كان الجميع مرتاحا و مندهشا .



وفي ذلك المكتب الكبير ورد أتصال لذلك الرجل الجالس إلى المكتب , رد سريعا .. فقد علم جيدا هوية المتصل.
-نجحت المهمة ؟

قال المتصل بتردد :
سيد سيرا .. أخشى أنني أحمل خبرا سيئا ..

ضرب سيرا بيده المكتب وهو يشتعل غضبا :
ماذا الأن ؟
-فقدنا أثرهم .. ليسوا في المكان السابق. .

صرخ سيرا : تبا ..

وسرعان ما ارتسمت ابتسامة خبيثة على وجهه وقال : أعرف جيدا ما علينا فعله ..

-امرك سيدي ..
-فلنجع حربنا علنية !


نهاية الفصل العشرون



وصلت الأحداث لحماسها ..
ماسيحدث في الستة فصول القادمة كلها متتابعة بعضها خلف بعض ومليئة بالإثارة
اقترح عليكم تخصيص وقت لمتابعة الفصول التالية سوياً




__________________

كفّـارَة المَجلِس :
[ سُبحانكَـ اللهُمَّ وبحَمدِكـ , أشهَـدُ أن لا إلهَ إلاَّ أنت , أستَغفِـرُكَـ وأتوبُ إليكـ ]

روايتي : مغامرات أسطورة بددت أوجه الظلم والظلام
رواية قتالية : حين تصير أرواح الناس غذاء

التعديل الأخير تم بواسطة Mulo chan ; 08-17-2016 الساعة 01:19 PM
رد مع اقتباس