الفصل الثالث والعشرون / 1
كان الجنود يطلقون عليها الرصاصات من كل مكان, فتفادتها بصعوبة وهي تحمل كارولاين معها, ركضت وانعطفت يميناً
لكنّها فوجئت بدبابة ضخمة أمامها وجنود آخرين بدا أنهم قد أحاطوا المنطقة بكاملها, اتسعت عيني لورا حينما رأتهم يشهرون بأسلحتهم فلم يسعها أن تلتف أو تهرب, ففاجأتها رصاصة انطلقت نحو جبينها وارتدّ رأسها إلى الخلف وهي تشعر بهلاكها حيث اتسعت عينيها, ذابت الرصاصة في رأسها وهي تخدّرها ففقدت وعيها وسقطت هيَ وكارولاين فتجمّع الجنود حولها ليحملون كلتاهما. .
.
تخلّصت جولي من آخر الفضائيين وهي تحوّله لقطعة جليدية صلبة ثم بنقرة من أصبعها عليه تحطّم, وضعت يديها على خدّيها وهي تتمايل بغنج وحماسة, ضحكت بطريقة مغرورة ثم قالت: يا إلهي! لا أصدّق بأنني قضيتُ عليهم بسهولة فضائيوا المستوى الثالث, فعلاً أشعر بأنني قويّة إلى أبعد الحدود, أوه ليوناردو أين كنت تخبئ هذا العقار؟
كانت تقف في الدور الثاني لأحد المباني وقد تهدّم جداره مما يسمح لها بالنظر إلى الشارع, أدارت برأسها نحو ريكاردو تعتليها نظرة مغرورة وهي تفكّر: لا أصدق بأنه هرب منهم هذا الضعيف, يبدو أنه لايجيد استخدام قواه الجديدة كما يجب , هاه!
لاحظت جنوداً يتقدّمون نحوه ويلمسونه بحذر, حيث كانوا مسلّحين و مزوّدين بالدروع فهمست: مالذي يريدونه هؤلاء؟
حمله جنديّ وسار به إلى مدرّعة, راقبه آخر وهو يتتبعه ببصره, ففوجئ بصوتٍ من خلفه هزّ جسده حيث كانت جولي
التي قالت بحزم: هيه! أنتم! ما الذي تريدونه من ريك!
لعلّه كان جنديّاً مستجدّاً فقد أجاب بنبرة خائفة وهو يضع الدرع وقاية لها:
هـ هاه! إنها الأوامر! يـ يجب أن تأتي ..
جولي بغضب:
لستُ وحشاً أيها البائس لتتراقص أمامي هكذا! هيه! أنت! ضعه أرضاً !!
وجّهت أوامرها نحو من يحمل ريك, ولكنّها مالبثت أن تقدّمت خطوتين حتى شعرت برصاصة خدّرتها بدت لسعة الكهرباء
ففقدت وعيها وهي تراقبهم يبعدون ريك عن نظرها. < الآن تشتد الحرب أكثر ~
هذا الفصل سيدور غالباً بين ليوناردو و سيرا ------------------------------------------------------------ 23
قال ليوناردو بحزم: لقد بدا كالفخ فعلاً, ولكنّ رؤية الفضائيين يقتلون الأبرياء ويدمرون لندن لم يوقفهم عن القتال!
وأنت تضحّي بالناس للفضائيين وبالفضائيين لنا وبنا لجنودك.. وبجنودك.. حتى يتسنى لك أن تتربّع على عرشك!
كان يحدّث سيرا في ذلك المكتب المتواضع في مبنى البداية, حيث كان الأخير يجلس بإسترخاء على كرسيه الفاخر يدخن السيجار بهدوء
فقال ليورناردو بجديّة:
لم أفهم الأمر جيّداً حتى وصلتُ إلى هنا, أن تستخدم قوة نفوذك لنشر الجيش في لندن باسم القضاء على الإرهاب!! تستدرج حماة لندن حتى الخارج وتجعل من جنودك أن يقبضوا عليهم
ابتسم ساخراً وهو يردف: بالتأكيد قوتهم أكبر من يتم القبض عليهم بواسطة البشر العاديين, ولكنّ بمعرفة مكونات العقار, كلا.. بل لعلّ مكون واحد يجعلك قادر على إنتاج مايكبّلهم, حتى تمنعهم من استخدام قوتهم موقتاً على الأقل, وهذا ماحصلت عليه من المكونات الناقصة
زفر سيرا بهدوء ليخرج الدخان من رئتيه, فأردف ليوناردو بجديّة: لا أظن بأنّك ستقضي عليهم وإلاّ لفعلت, ولكن.. لعلّك ستقوم بما يستهويك, كالحصول على قوى الفضائيين مثلاً فأنت تريد أن تحصل على قواهم بعد أن تحتجزهم!
لقد كان الجنود قد أمسكوا بهم جميعاً وهم يكبّلونهم بحلقات معدنيّة حول أجسادهم و أرجلهم, لم يدرك أحدهم مايجري فقد كانوا فاقدي الوعي وهم يُنقلون إلى ذلك المكان النائي, عبر الطائرات العمودية أو السيارات المدرّعة, إلى مبنى مسيّج مزوّد بالحراسة المشددة
قال ليوناردو بجديّة: وفي النهاية.. ستفوز باسمِ القضاء على الإرهاب, أنتَ وبقيّة المنظمات المتحالفة في أنحاء بريطانيا, بل لربما في أنحاء العالم, أما بالنسبة للفضائيين, فستقوم بالقضاء عليهم بعقاقيرك المطوّرة, وحينما ينجح ذلك ستكون لك اليد في التحكّم بالعالم
زفر سيرا دخان السيجارة ثم قال بتأنٍ: لقد ضعف أولئك الجبناء وانسحبوا! لقد قالوا بأنّ قوى الفضائيين أكبر من أن يحتويها البشر ليقاتلونهم, يال ضعفهم! لن تكون حماية العالم بالمجّان! لابد من بعض التضحيات
ليورناردو بجديّة:
هناك أمر لستُ متأكداً منه في الحقيقة, ولكن.. هؤلاء الفضائيين..
احتدت نظرة عينيه وهو يردف:
لم يأتوا من تلقائهم!
ابتسم سيرا ساخراً وقال:
أنتَ تحلل الأمور بطريقة جيدة, من المؤسف أننا سنضطر للقضاء عليك
ليورناردو ساخراً:
تقضي علي! أتظن بأنني أتيتُ خاوي اليدين؟
حدّق سيرا به بحدة, فأخرج ليوناردو من جيبه الخلفيّ, جهاز بدا كمسجّل صغير, فقرّبه فمه قائلاً: هل سمعتم؟
لم يجب أحد فكرر جملته لكنّ الصوت كان مشوّشاً, فضحك سيرا ساخراً, رفع ليوناردو عينيه نحوه, فقال سيرا: أتظنّ بأنني أترك دفاعاتي متهالكة؟
احتدت نظرة ليوناردو فقال سيرا بثقة: هذهِ الحجرة متميّزة بحيث تجعل الأجهزة غير قادرة على العمل, بالتأكيد, لم يكن هذا هوَ المغزى ولكنه نفع, فقد عرفتُ بأنك تخطط لذلك منذ دخلتَ الحجرة
ابتسم ليوناردو قائلاً :
هذا ليسَ كل شيء! لديّ وثائق وأدلّة ضدّك
سيرا بثقة:
أين؟ مبنى المنظمة, أم ذلك المنزل المتواضع.. أم منزلك!
اتسعت عينيّ ليوناردو فأردف سيراً :
لقد أصبحت جميعها رماد! مواقعك الالكترونية كذلك, كل شيء يخصّك أنت و بقيّتكم
عض ليوناردو شفتيه .. أطفأ سيرا سيجارته وقال:
من المؤسف أن ترسل الأطفال إلى حتفهم ببساطة أليسَ كذلك؟
بابتسامة ساخرة قالها ثم أدرف:
أخاك أيضاً كان يفعل ذلك بدمٍ بارد قبل أن نقتله بهدوء
خطا خطوة وهو يرفع قبضة يده بغضب قائلاً:
لاتتحدّث بهذهِ الطريقة عنه!
استخدم ليوناردو قوته بالتنقّل ليكون بجانب كرسيّ سيرا, وبسرعة لوّح بقبضته ليضربه ولكن سيرا فجأة اختفى من كرسيّه بلمحة عين فاتسعت عينيّ ليوناردو, سمع صوته من وسط الحجرة يقول ببرود: أتظن بأنّك قويّ كفاية لمواجهتي؟
أدار ليوناردو برأسه نحوه بدهشة فوجده يقف بكبرياء ويديه خلف ظهره, فقال ليوناردو بذهول: أنت.. مستحيل! لابد أنّك قمتَ بتحويل جسدك أيضاً
سيرا ببرود:
ليسَ تحويلاً بل تطوير! كيف لبشريّ بسيط أن يقود العالم بقوة؟
مالت ابتسامته وهو يقول بخبث: بالتفكير ملياً..
وضعك يعجبني.. ليوناردو جاكفيلدون!
لم يفهم ليوناردو مايلمّح إليه فظلّ ينصت بصمت
أكمل سيرا: بدلاً عن قتلك.. ما رأيكَ بأن ..
احتدت نظرة عينيه:
نعيد تكوينك!
لم يفهم ليوناردو حيث ظلّ يحدّق به, اختفى سيرا من أمام عينيه فجأة فاتسعت عينيّ ليوناردو, وحينما شعر به من خلفه تماماُ استدار بسرعة وهو يلوّح بقبضته, فأمسك سيرا بذراعه, انتقل ليوناردو إلى جهة أخرى من الحجرة بعيداً, حدّق به وهو يفكّر بقلق: إنه سريع جداً, بشكلٍ يضاهي قدرتي
انتقل سيرا إليه وهو يقف أمامه مباشرة, فانتقل ليوناردو ليكون خلفه فاختفى سيرا مجدداً, تلفّت ليوناردو حوله بتوتّر حتى وجده يقف في زاوية بعيدة وهو يبتسم بخبث, احتدّ تقويس ليوناردو لحاجبيه فقال سيرا ساخراً: هل تفكّر بالقضاء عليّ فعلاً أيها الجاهل؟
سار سيرا نحوه بخطى ثابتة بطيئة فظلّ ليوناردو يحدّق به, وسيرا يقول بثقة: أترَ سيّد جاكفيلدون؟ يمكنني تطوير القدرات البشرية لتصبح أفضل باستعمال قدرات الفضائيين
خطوة تلو خطوة وهو يبتسم بخبث ووقع خطاه يتردد على مسمع ليوناردو, الذي فكّر بتوتر وهو يقوّس حاجبيه: قد لاينجح معه التنقّل البصري ولكن ..
قال سيرا وهو يتقدّم نحوه:
الشباب اليافع ذوي عواطف متوقّدة, ولكن أنت.. قد تصبح ..
وصل سيرا ليقف أمام ليوناردو مباشرة الذي ظلّ مكانه ينظر إليه
فأردف سيرا: المُطوّر المِثاليّ!!
أسرع ليوناردو بوضع يده على كتف سيرا وهو ينظر نحو عينيه, ظلّ سيرا يحدّق بعينيه, لقد كان ليوناردو ينوي تنويمه بقدرته الخاصّة, مرّت اللحظة ببطء وبصمت, بطريقة متوترة بالنسبة لليوناردو الذي كان متشككاً من قدرته الآن
وكلتا العينان تحدّق بالأخرى بنظرة صادمة, فتحرّكت شفتاه سيرا الذي قال ساخراً: أيها الجاهل!
فجأة اتسعت عينيّ ليوناردو وهو يشعر بخدر في جسده, فمال جسده وهو يحدّق بوجه سيرا ذو الابتسامة الخبيثة, حتى سقط على الأرض فاقداً وعيه
لم يشعر بطول المدة التي قضاها فاقداً وعيه, لم يعرف كم من الوقت غاب فيها عن العالم, لقد كان ذهنه في بقعة أخرى لم يعرف مسارها, لمح زوجته المتوفاة تبتسم إليه, ابنته تركض في الأرجاء, أصوات مموهة, ضحكات طفولية, حتى بدأ يضايقه صوتها وهي تنادي بإسمه, حتى شعر بثقل في جسمه وهو يحاول التحكّم به, فهمست مجدداً بحدة: سيد ليوناردو!!!!!
ففتح عينيه دفعة واحدة لأقصاها, ووجد وجه ماري أمامه وهي تنظر إليه بقلق, همست بتوتر وقد كانت منشغلة بما حولها: يجب أن تخرج من هنا بسرعة
ابتعدت عن ناظريه حين شعر بجسده ملقى, حرّك ليوناردو جسده ولكنّه لم يكن قادراً حيث قطعة معدنية صلبة تحيط بجسده وهو يشعر بذراعيه على جانبيه بمحاذاة السرير الذي وُضع عليه مصفّدة, وكذلك قدميه, سمع صوت ماري يقول يتوتر: سيرا يريد تزويدك بقدرات الفضائيين ومحو ذاكرتك كما فعل بلورا سابقاً
أدار برأسه نحوها ليجدها تعمل على جهاز الكتروني قرب سريره وهي تردف:
سيقوم بإجراء التجارب عليك لتصبح مثل كريس, كلا! بل أقوى منه وأقدر على تلبية رغباته
زفر ليوناردو ثم قال بحزم وهو يحاول فكّ الأصفاد: صدقاً!
إن هذا الرجل مجنون! أين أنا الآن؟ هل أرسلني إلى مختبره؟
ماري بحزم: ليسَ بعد, لاتزال في مبنى البلدية في الحقيقة, ولكن إن لم تخرج الآن فسيرسلونك إلى مركز المنظمة مع الآخرين, لقد أمسكوا بهم جميعاً !!!
توقّف ليوناردو عن شد عضلاته من أجل أن يتحرر وهو يقول بابتسامة ساخرة: ههه تباً !
وهذه الأداة تمنعني من استخدام قدرتي لأهرب ببساطة من هذا العناء
كان يقصد ذلك المعدن الذي بدا كنصف دائرة يلصق جسده بالسرير
فقالت ماري بحزم: إنني أعمل على إلغاء قدرتها الآن
حدّق ليوناردو بها لوهلة ثم قال بتأنِ:
إن اكتشف سيرا وجودك هنا فسيقتلك, هل أنتِ متأكدة بإنه لابأس بوجودك؟
ماري بحزم: لا يهم! لن أتواني عن القتال في هذهِ الظروف الحرجة, ولو أنني لستُ ذات قوى فريدة أو مزوّدة بقدرات فضائية, ولكنني سأفعل مابوسعي, لاحاجة للتجسس إن فشلنا الآن!
حدّق بها لوهلة وهيَ تعمل على اللوحة الالكترونية بإرتباك, حتى كُتبَ على الشاشة الصغيرة التي تعمل عليها ( غير مقفل ), وظهر صوت الكتروني ظلّ لنصف ثانية مؤكّداً نتاجاً الكترونياً قد حصل, فقالت ماري بجديّة: هاقد عطّلته! ولكنّك لن تستطع إستخدام قدرتك قبل ثلاث دقائق من زوال مفعول هذهِ الأداة
ليوناردو ساخراً وهو يغمض عينيه بإحباط:
هه يالِ هذا العناء, بالرغم من أنني سأظلّ مقيّداً
ماري بحزم: سيد ليوناردو, أرجو ألا تتواجه مع سيرا الآن, إنه أقوى بأضعاف المرات, لايُمكنك أن تتصدي له وحدك
لقد تسرّعت, لولا أنه لم يردك لغاية له لما كنتَ حيّاً اللحظة, أنتَ حتّى لم تستخدم العقار أليس كذلك؟
ليوناردو بشرود وهو ينظر إلى السقف: أعلم ذلك, لقد تهاونت ولكنه أغضبني!
لم أتناول شيئاً من ذلك العقار فلم أتوقع أن يكون سيرا نفسه متحوّلاً مجنوناً!
ماري بحزم: سيد ليوناردو حينما تخرج من هنا أرجو أن تساعد الصبية في الخروج من المركز
حوّل بعينيه إليها فأردفت:
هناك المختبر الرئيسيّ وبنك العقاقير, ومن هناك يقومون بإجراء التجارب, إنّ الفضائيين يعرفون ذلك و يتوقّع سيرا بنفسه أن ينقلبوا ضده قريباً, ولذلك فهو متجهّز بعقاقيره التي ستقتلهم
أبعدت خصلة من شعرها بأصابعها خلف أذنها, وعبثت بهاتفها النقّال وهي تقول: سأعطيك الرمز السرّي لسيرا, ومنه ستتمكن من الولوج لمستنداته وفك أقفاله حتى تتواصل مع البقية, يجب أن تفعل ذلك بسرعة حينما ألهيه وأخرجه من مكتبه
ليوناردو بحزم: لقد أخبرتني بأنّ مجموعة من المستوى الرابع تتوافد إلى هناك أحياناً
أتلمّحين بأنهم قد يلتقوا بالصبية هناك؟
ماري بجديّة: سيرا لايريد الاستفادة من قدراتهم فحسب واختزالها لدراسات وعقاقير أخرى, بل سيقوم بإهدائهم للفضائيين كإضحيات بدون قواهم فقد بدوا مهتمّين بهم بطريقة ما
اتسعت عينيّ ليوناردو فأردفت ماري بجديّة وهي تبعد عينيها عن هاتفها: وبعد أن يقومون بإلتهامهم سيقتل الفضائيين بعقاقيره, لذلك, ففضائيين المستوى الرابع سيواجهونهم حتماً
اهتزّت عينيّ ليوناردو بقلق, فقالت ماري بقلق:
وهناك أيضاً .. هناك أيضاً
حدّق بها ليوناردو بقلق ثم قال بجديّة: هناك أيضاً الجنود المنتشرين في كل مكان, والطائرات القتالية والسيارات المدرّعة إنه ليسَ من أجل الإمساك بنا أليسَ كذلك؟ هذا مُبالغ فيه!
حوّلت ماري عينيها نحوه بقلق فأكمل ليوناردو:
الأمر أكبر من ذلك! أليس كذلك؟
حدّقت به ماري بقلق وما إن حرّكت شفتيها لتنطق حتى تعالى صوت أحدهم: يالجرأتك!!!
أدارا برأسيهما نحو مصدر الصوت بسرعة, فكان سيرا يقف عند الباب بابتسامة خبيثة ترتسم على وجهه, اتسعت عينيّ ماري وكذلك ليوناردو الذي لايزال مقيّداً.
|
|