هفوات ، خطايا ، ذنوب
“الحسد يقتل صاحبه”
نفوس مريضة ، و نتائج عقيمة تندرج تحت خطايا البشر...
و الكل لا يدرك أنه ينحدر في منحدر لا نجاة منه إلا بتحكم جيد بمقود الخلق و الوعي و التعقل...
لكن النفس تهوى الخطيئة...
و القلب يخدع بما تهواه النفس...
ما بال عين طامعة تنظر للشهرة و المال و الطلة البهية قد اجتمعت بحياة شخص واحد...
لن تكون النتيجة سوى...خطيئة الحسد..!
تنحنح أمامي و حاجبيه الكثيفين قد ارتبطا ارتباطة تشير بغضب يحاول كتمانه دون جدوى، و ليته يزول تاركا لعقله مساحة من التأمل بما لديه...
أنفاسه المتثاقلة قادتني للضجر ...
حقا أنا متعطشة للراحة بعيدا عنه كما هو متعطش للحصول على مالدى صديقه فيكتور ...
منظره...يغيظني بالفعل ....
ارتشف قهوته التي قدمتها برشفة واحدة لا ثاني لها ثم أطلق صوته مخرجا ما أثقل همومه اللامعنى لها: أنا لا أفهم.. ما الخطأ الذي فعلته...لمَ هو يملك كل شيء و أنا في الحاشية.. لم هو الرئيس و أنا التابع.... لم هو المعروف أمام النواظر و أنا مجهول كنكرة لا أساس له...ألم نكن معا...؟!...في الدراسة ...ثم العمل ...كنا بخطى متتابعة واحدة...لم دوما هو المتقدم إذا...ما السر؟!
تأففت جالسة على مقعد مكتبي النيلي رافعة رجلي اليسرى على اليمنى بحكم أني عسراء ثم أجبته بما زاده غيضا و انزعاجا لم يكن يهمني بالحقيقة : إسمع رونالد، لا تراقب غيرك و دعه و شأنه، من راقب الناس مات هما...خذها قاعدة لك و احفرها معلومة في ذهنك علّها ترتكز و تخلصك من شؤم أفكارك هاته...
جاب تلك الغرفة الواسعة دون قرار ، بل كل مناه هو الفرار من واقع يمقته...أن رفيق أيامه أعلى منه درجة و منزلة، لا أعلم ما نفع ذلك التفكير العقيم ...
ليته توقف عن إصدار ذلك الصوت المنرفز بصك أسنانه ، بل صرخ بعد ذلك و هو يرمقني بنضرات الإشمئزاز تلك: أنت لا تفهمين شيئا... أنا أحسده، أحسده لأنه بلغ كل ما يتمناه شخص مثلي.... هو أصبح رئيسي، و أنا تابعه ..هو ذو الصيت و أنا الذي يكد خلف الستار... لم يحصل ذلك و لم يحصل العكس...
تبا، يكفيني هموماً في الآونة الأخيرة لأتكفل بهم هذا الأهوج...
وقفت تاركة مكتبي لأخرج ناوية أن أستنشق هواء عليلا من نافذة الممر الكامن يمناي لولا أنه أوقفني: أين..؟؟
رمقته بعين ساخطة و يدي قد تراصتا حولي و كأنهما تضماني عن التهور و توجيه لكمة تفسد تخطيط وجهه المتناسق: ماذا...لست موكلة بالإجابة ، دعني و شأني و لا تتحدث معي عن مشاكلك ...فلدي ما يكفي للتفكير به..
أكملت بتمتمة خفيفة ساخطة :سحقا لك و لذلك الفكتور..
استدرت نحوه موجهة جملتي الأخيرة قبل أن أخرج و أصفق ذاك الباب ذو اللمعة الخضراء خلفي لأنفس عن غضبي منه: و إن أردت أن تعرف سر جلوسه بذلك المكتب الخاص فاعرف..أنه العزيمة و التواضع... أنت، بعقلك الصغير هذا و الطمع الذي تحمله، لن تتقدم قيد أنملة ...
تبا، لا راحة البتة...
أخرجت أنفاسي بشهيق و زفير ..شهيق و زفير ، علّني أهدأ....
كنت أحاول التخلص من الكلمات التي تراود عقلي منذ الأمس...فذلك الحديث الذي حدثني والدي به ينذرني بشؤم قدري...لاغير!
" ابنتي...زواجك بلورانس سيكون سبب خلاصي مما أنا فيه من ضائقة مالية... و هو ليس بالسيء، شاب عشريني من عائلة عريقة و صحة جيدة و خلق رفيع... ماذا تطلب الفتاة أكثر..."
حركت وجهي يمنى ثم يسرى بسرعة لأنفض هذه الأفكار التي لا خلاص منها...
نظرت للأسفل بشرود ، أناس عدة...منهم الأزواج السعداء المتضللون بالأشجار الزهرية المحيطة بهذا المبنى.. ~~~~~~
~~~~~~
كنتت أتمعن بإبتسامة تلك الفتاة المرحة التي تقفز و تدور بسعادة بادية على وجهها الثلجي ...
كانت تنعكس من تحركاتها سعادة لكونها بجانب قمحي الشعر الذي يمشي خلفها بخطى ثقيلة...
لحظات مضت ، و أنا...أؤمل نفسي مكانها...يبدوا أني و رونالد، متشابهان...
كلانا نود اكتساب ما ليس من حقنا..
أطلقت تنهيدة خفيفة قبل أن أعود أدراجي، فذاك هو التصرف السليم قبل مجيئ رئيسنا فكتور
......
دخلت لأراه منهمك في العمل بصمت و كأنه استسلم لواقعه ثانية .. لولا ربطة العنق المفتوحة التي أبدت رغبته في إبعاد أفكار خانقة ...
تقدمت نحوه ببطء ، أوجه له كلماتي بصوت خفيف لكنه مسموع: رونالد...
التفت إلي بعينيه السماويتان لأبحر في غموضها الذي بين أمواج عاتية تخفي الكثير تحت مدها و جزرها..
فكرت لحظة أن هذه هي حدودي ، لن أستطيع الإبحار في عالمه قريبا... و لن يجرأ هو الآخر على إخراج مكنوناته...
فنحن في حافة سنهوى بها .. و ليتها هاوية واحدة..
كنت أود الإفصاح له بما يجري حولي، لكني تراجعت...
نضرته المتفحصة لي جرتني للتراجع و القول: ما رأيك بفنجان آخر من القهوة؟..مريح للأعصاب.
لا أعرف، هل نجحت في التمويه عن نيتي الواقعية أم أنه أفلح في كشف بواطن أفكاري ...
لكنه همس لي مستوعبا شيئا آخر و بواد آخر أيضا: آسف على إزعاجك كاترين، أنا بخير الآن.
إجابة شافية أنَّ علي التوجه لمكتبي المجاور له ففعلت، و بينما أقلب بين صفحات الإنترنت على الشاشة التي تقابلني ..كنت أتصفح كلماتي التي يجب أن أفصحها له....
نحن لم تتواعد ، و لم نبدي اهتماما كبيرا ببعضنا ..إلا أن الأعين تفهم أن اتصال الفكر و اندماج الروح بتآلف كائن منذ فترة غير وجيزة...
انتهى العمل و لم أنطق بنت شفه بعد ما حصل...
هو و عناده و تكبره و حسده الذي أعماه عن روابط الصداقة بينه و بين فكتور ...
و والدي و طلبه الذي سيسلب مني سعادة لا يراها...
كالعادة تكفل هو بإيصالي بالسيارة التي استأجرها، و تبادلنا أطراف الحديث الجزئي حتى وصلنا...
ترجلت مودعة لكنه فاجأني بأنه ترجل معي!
حدقت به ببلاهة قبل أن أستوعب أن سر نظراته هو رغبته في الحديث معي..خارج نطاق العمل..
أبديت تساؤلي له بعيدا عن حدرد المجاملة: هل هناك ما أستطيع مساعدتك به؟
رأيت توتره في مقلتيه الغير ثابتتان ، كان يلملم شتات كلماته لتكن الأنسب على ما يرى حتى أسمعني جملته تلك: كاترين، أنا.. أريد أن أتحدث مع والدك..إن سمحت لي.
ارتعش جسدي...خوفا من تفكيره، و حزنا على نفسي و عليه...لم تحدث بهذا الآن..
لم يتكلّم عن ذلك؟!...
ادعيت عدم وصول الفكرة و أنا أضبط أعصابي : ما الذي ترمي له رونالد؟
أظهر إبتسامة لا أعرف ماهيتها ثم صرَّح و ليته لم يفعل: أنا..أنوي أن أضمك لحياتي ، نتشارك بسرائها، ضرائها ...لقد اتخذت هذا القرار من فترة.. أنت أنسب شخص لي .
شفتي مطبقتان..
أود أن أخرجه من دوامته ...لكن كيف...كيف أخبره بشيء للتو قال أنه قرار له فترة ما...
كيف لي أن أقطع بوابة آماله بجملتي القاسية..؟!!
وددت لو يخبرني أحد...كيف يجب علي أن أتعامل..
رفع كفيه لتطوقان عنقي ، بشيء بارد الملمس بين دفء كفيه...
لم أستطع الحراك، حتى للنظر نحو هديته هذه...
الدنيا بدأت تدور حولي، و عقلي يحاول استيعاب ما يجري...
يستوعب حروفه الأخيرة لي: لا تعرفين كم انتضرت هذا اليوم، وددت افتتاح الموضوع معك بعيد ميلادك.. عيد ميلاد سعيد كاترين.
خلخل أصابعه بين خصلاتي الطويلة متما: عرفت أنها ستناسبك ..
اكتفى بذلك بعد ثوان صامتة كادت تقتلع قلبي من مكانه، مبعدا كفه عن رأسي خاتما حوارنا ذو الطرف الواحد: فكري بالأمر مليا...لن أجبرك على شيئ و سأحاول تفهمك إن رفضت هذا القرار .
أخرجت سؤالي اللذي سيطر علي و لا أستطيع تجاهله: لم ..تحادثني بهذا الآن؟..بعد عامين للتو تعرف...
صمت أراجع صحة كلماتي الساخطة على حظنا قبل كلّ شيء و هو واجهتني و أجاب على بعد الأمتار التي بيننا و عينه الحانية زلزلت مشاعري و كلماته الصريحة زادت وجدي : ماذا.لأعترف لك، وقعت بغرامك منذ الأسبوع الأول إن لم يكن النظرة الأولى، و أجزم أن أي شاب سيرى طباعك، خلقك، بالإضافة لمحياك سيقع بشراكك...إنما أموري لم تكن مهيأة...!
حقا
لم يود تعذيبي بهذا الكلام الفارغ، هو فارغ..و لا نتيجة له..
يجب أن أوصل له المعلومة ، بشكل لا يراني المقصرة به!!!
توجهت نحو غرفتي فوراً لأغلق بابها الزيتي رامية نفسي على سريري...لا أريد رؤية أحد...لا أريد محادثة أحد...
حتى نفسي..!
لم أنا مضطربة...
لا قرار لي ...
لا يجب على والدي أن يعرف، ذلك الرجل سيتشارك مع والدي في صفقاته و سيتناول عن ديونه مقابل زواجي بإبنه...
يجب أن أفعلها...
يجب أن أتخلى عن أنانيتي...
قلبت نفسي و أغمضت جفني، بودي فقط...لو أصرخ مخرجة المكبوت في صدري...
يا إلهي...
كنت أظن أن لاشيء بيننا ، أنا و رونالد...
صديقين جيدين، متفاهمين...نتفهم ضروف بعضنا و نحاول حلّها...
نجر البسمة وسط فوضى عارمة في داخلنا...
لكن...
لم تتسارع دقات قلبي...و لم اضمحل تركيزي...
و لم جملته تعيد صياغتها مثبته صحة حديثه...
عضضت شفتي السفلى غضبا من نفسي التي غرقت في أوهامها...
أنا أعلنت ما لدي بالأمس و لن أغيره...
"مادام ذلك سيسرك لا مانع لدي أبي"
حاولت أن أنطقها علّ عقلي اللاواعي يستوعبها لكن...
برودة ذلك السلسال حوّل لهج لساني لأنين خافت...
أنين بينه خرج اسم.."رونالد"
~~~~~~~~
~~~~~~~~
جلسَت متأففة بضجر، يبدوا أنها غطت في النوم دون تبديل ملابسها حتى...!
سترتها الحارة ذات اللون الناصع بينت ذلك،فذا تصبب العرق إثر ذلك
حاولت لم شتات شعرها المبعثر و كأن خصلاتها الذهبية كانت تهرب من بعضها!
لاحظت صوت صرير وجَّه مقلتيها الزرقاوين نحو مصدره..و هو الباب. .
تلك الإمرأة الخمسينية الهزيلة و شعرها المبيض، لها الفضل عليها ما دامت تستنشق الهواء في رئتيها...
نطقت كاترين: ماذا هناك أمي؟
اقتربت الأم من إبنتها لتبان نظرتها الحنون التي اتسمت بغرابة لونها الرمادي : هذا السؤال يجب أن أوجهه لك عزيزتي.
فهمت كاترين أنها سببت القلق لوالديها ، وذلك زادها كرها لنفسها و لاستلامها لمشاعرها ...
حتى أنها أضاعت عيد مولدها الثالث و العشرون في وحدةٍ لا تزيح هواجسها، و انقلاب رأيها
قادت نفسها لتظهر كونها طبيعية عكس الحرب المتأججة بأعماقها و هي تنهض من السرير تحتظن رمز حنانها: لا تقلقي أمي... كل ما هناك أني متفاجأة مما يحصل لي في الآونة الأخيرة .
شدت الأم ذراعيها حول صغيرتها هامسة بأذنها: كاترين، إتبعي قلبك فقط ... نحن لا نريد سوى سعادتك...إن كان هناك شخص تشعرين بالسعادة قربه وتجدين قلبك أسير حبه ،أخبريني و سأتكفل الأمر .
توسعت حدقتيها... لم تفهم كلمات والدتها توا...هل حقا ، تقرأ أفكارها أم ترافق بوابة مشاعرها...
انتبهت لنفسها تكاد توشك على الإستسلام فابتعدت مبتسمة: أمي...أنا بخير، لا شيء يعوضني عن سعادتكما
و راحتكما.
~~~~~~~~
~~~~~~~~
"آخٍ كم أتوق لرؤيته يعود بسيارة أجرة اليوم.."
هذا ما قاله رونالد و إبتسامة غامضة تعلوه...إبتسامة أزعجتني..كثيراً ...
تركت الملف الزهري الذي أمامي مدققة على ما يرمي له حديثه: رونالد..ما الذي تخطط له؟..أرجوك أوقف تفكيرك السلبي هذا...
عرضت إبتسامة شفتيه و كأنه يتجاهل إنذاري : مزحة لاغير...لن أفعل شيئا له...بل لسيارته..
أخذت نفسا ًلأدقق النظر نحوه مبينة أن المزاح بعيد عن حديثي: لا أعرف سر أفكارك الغريبة هاته، منذ تنصيب فكتور للرئاسة و أنت غريب عني..لا أفهمك، و كأنك لا تطيق رؤية الخير الذي يناله...
شعرت لوهلة أني أصبت الهدف...عينه التي لمعت بحزن أكدت ذلك...
تنهدت تنهيدة عميقة قبل أن أُخرج حقا ارتئيته: رونالد، أنت جيد كما أنت عليه... لا أظن أنك تحتاج اكتساب المزيد، رجل عامل..مرموق السمعة، شاب مثقف و بصحة جيدة...و أيضا، ..
سلبتني الغبنة حروفي الأساسية... لا حق لي في إبداء رأيي به أكثر ..لا يجب أن أدخله في قائمة العذاب تلك. .
هو قال بعد ثوان يسيرة:ماذا هناك؟!..لا تبدين طبيعية، هذا واضح عليك منذ الأمس...
حسنا، ليس بالأمر الغريب أن يكتشف ذلك بعد عامين من المعرفة..
لكني اكتفيت بإجابة خفيفة: مشاكل في الآونة الأخيرة..لا تكترث.
قطبت حاجبي لأجره الكلام بعد استيعابي أنه قلب دائرة الإستجواب نحوي أنا:عوضا عن المراوغة ، أخبرني في ماذا تفكر؟...
خلخل شعره البني و هو ينهض متجها نحو مكتبي : إبتسمي و سأخبرك.
إستفزازٌ لأعصابي لا أكثر جعلني أتكتف لأظهر صرامة ظاهري الرسمي: تحدث..
وجه ناظريه نحو النافذة الواسعة التي تطل لأشعة الشمس علينا: قلت لأحدهم أن يصدم سيارة فكتور بعدما يدخل الشركة...أريد تذكيره بأيامه السالفة لاغير.
برودة لحنه، جمود عيناه التي طالما أبحرت بزرقتها الصافية ...
" هل هذا أنت رونالد..؟!"
صمته قتل لحظاتي التي تأملت بها أن يعدل عن رأيه... طفولية بدت في تصرفاته ، كنت أظنه طامعا ، متشوقا للحصول على ما حصل عليه صديقه..لكن الآن، هو يود محو ما يراه لدى فكتور...!
استقمت حاملة حقيبتي لأهرب منه، يبدوا أني كنت مخطأة...هو ليس سوى شخص غريب عني...
وجهت له جملتي التي بدت ساحقة له، خاصة و أنا أنزع ماطوقني من هديته الغالية على كلينا: آسفة، لا أظن أني أتأقلم مع أفكارك البدائية هذه ..إبحث عن غيري.
أسرعت بالخروج لأستقر بأبعد مكان عن ناظريه، و لأمضي وقتا لنفسي بخلوة تريحني...لكنه لم يدع لي فرصة ذلك...
تبعني من فوره ..
أنا أنزل المدرجات و هو ينزلها خلفي...
أمسك السور الذهبي جانبي تارة و أتركه أخرى ، حتى وصلنا الطابق الأخير...
أوقفنا من تشاجرنا بسببه بنظرات متعجبة : ما بكما أنتما الإثنان؟
زجره رونالد بغضب: لا شأن لك، إذهب لمكتبك فقط.
كنت أقاوم لهاثي و أنا ألاحظ عدم رضا الرئيس الجديد ليقل: حسنا، و أنا آمر بأن..تعودا لعملكما...
ضيق عينيه متما: فورا.
كانت فرصة رونالد ليسحبني معه بصمت من جانبي ...
لكن أوقفنا بل أوقف رونالد صوت فكتور و هو بحادث مقابله: إنتظر، يبدوا أني نسيت هاتفي في السيارة..سآتي به.
ألوان رونالد الشاحبة أفهمتني أن موعد ما هو مخطط الآن..!
و ردة فعله صرحت بصحة توقعي، فهو قد ترك معصمي مهرولا خلف صديقه...ناعتا بإسمه بإنفعال شديد: فكتور..انتظر.
انقبض قلبي و دفعني شعور مجهول للحاق بهما...
كان فكتور يدخل رأسه بتلك السيارة الذهبية المصفوفة لدى الرصيف ليجد ضالته بينما سيارة قاتمة تتطلع القرب منها..و كأن سائقها أعمى!!
شعرت و كأن أحبال رونالد الصوتية تنقطع و هو يصرخ...
لم أعي ماحصل...و كيف حصل ..و متى ..حصل...؟!
تحرك جسدي مستجيبا لدقاته التي تكاد تتوقف...
هويت ساقطة على قدمي أتحسس تلك الزوجة القانية التي تراقصت تحتي ...لتجرني للجنون...
أردت أن أرفع رأسه بين يدي لكن.. قوتي الخائرة خانتني لأظل بحسرة ذلك أيضاًً...
لم يكن بدهشة المرتمي جانبا أثر ألحظه ..فأنا، مذهولة بخطب جلل بلحظتي هذه...
لساني يلهج بكلمات لا أكاد أفهمها...و كفي مشغولة بمسح تلك الدماء التي تردعني للنظر لملامحه ..
رفعُْ قلادتي الفضية بين أصابعه أحرق لي فؤادي ...
لسانه لا يكاد ينطق و هو في حرب ليحادثني: إنها تناسبك...
تمسكت بكفه، كانت دافئة...مازالت دافئة...
قلت له بصوتي الذي يشوبه ونين خافت:أصمت وتوقف عن الحراك..ستصل الإسعاف الآن.
لكنه أبى أن لا يمسح دموعي التي انحدرت على وجنتي المصفرتين: سحقا...كنت أريد أن...أس...عدك...
أحترق..أشعر بحريق يلهب أحشائي و فؤادي معا... كنت أهيئ كلماتي للبعد منه..لكن ليس فراقه...ليس رحيله عني هكذا...
ليس مهما لمَ...
سواء كان لأني صادفت حادثا مهولا ، أم لأني اعتدت قربه، أم لأني لا أقوى على الحراك الآن ...
أنا...لا أرغب بفراقه...
مررت بكفه العريضة فوق دموعي الباقية و أنا أهمس له: أعرف...رونالد أعرف...لذا أصمت و حاول أن تبقى معي..
وضع ما تبقى له من قدرة ليجلس مستندا علي راسما على شفتيه الحمراوين بسمة يائسة موصيا لي..وصيته!...: لست شخصا يجب عليك البكاء لأجله...إبتسمي فقط
قادني انفعال قلبي لإجابته بصراحة أودت بأوجاع قلبي للظهور: أنا أود البكاء...و أنت أصمت..
هدأت ثورتي قليلا و أنا أكمل: أصمت فقط... ستنجوا..لأجلي على الأقل أيها الوغد... ألم تقل أنك تريدني ..إذا ، لا تفارقني ..أحمق...
حشرجة صوته الغليظ و الحانِ أثارت في نفسي هلعا و رعبا لايُدركان...
" حسدي هو قاتلي..لذا لم أستحقك.."
شعرت برعشته ..توسعت حدقتي و تلعثم لساني...هو لا يستحقني..!
جاهدت في التمسك به و هو يقذف دماءً من فمه...
حاولت التشبث بروحه علّ روحي ترافقه...
لن أدع لتلك الزجاجة التي اخترقت جنبه أمامي فرصة سرقته بعيداً....
لا..
لن أكون لغيره
وعدٌ إن فتح عينيه
أن أحارب قدري لأجله...
هزني فكتور من خلف كتفي
يريد مني أن أتركه
بالطبع لن أفعل...
همس بأذني ما جرني للصراخ...
صرخة تلو صرخة..
أنة تلو أنة...
مستحيل...مستحيل...لن يرحل هكذا...
لن...يموت و يتركني
~~~~~~
~~~~~~
الحسد ، هو قاتله...
لو لم يطمع بما لدى فكتور...
لو لم يسعى لرؤية انتكاسة بحياة صديقه...
و لو لم يجهد لتحطيم سيارته، لكان ..حياًّ...
غريبة حكاية الحسد ، بدأ بصاحبه فقتله ..
بشكل أو بآخر...
قراءة ممتعة |
__________________
إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم
فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم
التعديل الأخير تم بواسطة وردة المـودة ; 03-27-2017 الساعة 11:37 AM |