عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-02-2018, 06:48 PM
 
ذهبي السّمو ؛ الأرجاءّ المتحققةّ








لّملمتُ ذِكرىً إليِّ بُعِثتّ، فّسّرتها بلغةِ العّجم فما وضّحتّ، سئمتّ تِكرارها المّرير معّ زَبدّ أمواجيِ و أرسّلت حوتاً يحملها نحوّ قاعِ ذاتيّ ً، سّكنتّ قليلاً ثمّ سّمت فطفتّ، ويلاه أي كيآنٍ هي أفكاري؟


يوماً و آخّر أكرّر ذاتّ المشّهدِ الهزلِي ببنآتِ هوآجسي، معآركُ الضّميرِ الخيرّ و خطيئةِ النزوةِ الفاجِرة، أحّاربِ فكّري بفكريِ بلآ غنائمٍ ، و أكونّ ضحيةّ حربِي.

ألقيت الأنا بعيداً لأعّود لحقيقتيّ، حيثّ انبعثتّ زقازِق أطفالٍ منْ خلِف نافْذتي المطلّة على دارِ الجوارِ ، كانتّ مرنانْة حبورةّ، تبثْ الطلاقةَ و توجِدّ الندّاوة.

صوتّ "يزيدّ" يكررّ الأذان، تحتمل حبالُ صوتِه جهير الكلامّ، مليسٌ واضحٌ و حآدٌ كحسآم يولسيسْ الهوميريِ *، رحمآكّ - يا ليتّ الطفْل صوتِه لا ينضجّ أبدا، تُستحضرُ من ذكرآه صورة لصّبيُ في الثالثّة، يبتسمّ و هو يقّول منمنماً : " لقّد أضآع عمّار حذائه، فأعرتهّ حذائي" .

ارْهف السّمع لعل أذنِيَّ تغّسلُ بنقائهم، عمّار الصغِير، يركضّ همهاماً كفارسٍ عّربي، يبْث فوجاً من ضحكآتٍ عبرّ هواءٍ مترقرق، تنفطّر الروحُ لأصواتٍ عهدناها هنآك، و روحٌ من الأرضّ تبغي الخروج لتلعبّ، هل سمعت عن روحٍ تلعب؟

يؤنسّ الحديثّ صوتً لشآب يكآد ينضج، يعاتب البعض و يضحك لبعض، و تحسّبه لسحر صوتهِ يكآدّ يكونْ بلالاً *** الحْبشي ، و أينّ قيسٌ من بلالٍ الحبشي؟.

في لحظةٍ ينقّلب الحبورّ لنواح ، كأن زوبعةَ وبّاصاً تدّمر خلجانّ الأيكّ السبأي !، هبّ قلبي جزعاً و أسرعتْ إلى نافِذتي أستطلعُ الخبّر، و لا شيء.

لا شيء غَير سّكونٍ من عبثْ ، دقائق و إذ بصّرخةٍ مهولَةٍ حسبتها خطأً نفّخ السورِ تخترقِ أطبالَ أذني، تشتدّقت عيناي إتساعاً حتى إذا بدا احمرارهما و كدّت املنْخلّ لإنطلاقْ أفكاري السوداويةْ.

حسّبكْ ما تسِع يدي؟ ولولتّ جزعاً على مصّير الإخوة المشؤومّ، و ماذا بيدي؟ كنْت وحيدةَ داري إذّ نزحّ والدّي الى بلادّ الجدة دهراً و لا مجالّ لعودتهما الأنْ، و أما إخوتِي ملاهِيج أكادّ أقسمّ أن لا علمّ لهم بما حدّث تواً.


-"مالذي حدّث؟ أتريدّ أن تنقذهم؟ أنت بطل؟ أولستّ بطلاً؟"


لماذا قلبكِّ يخفقّ كأذيالِ لهبٍ مستّعر، كأنه يطيرّ في فضاءه، يتربعّ الفضاء فيكِ، فيكِ أنتِ.

أسّرعتّ لبابّ غرفتي عليّ أجدّ لهم مخرجاً ، و إذ بابي موصّد ! لا مفتاحّ و لا فاتحّ، حينما أذكرّ هذه اللحظة تحديداً أحسبْ أنني كنتُ في سجنّ خواطري، في السجّن الذي خلقتهّ أنا بهواجسي.

نظرتَ إلى نافذتي التي زينتهْا القضبّان، و كيف عسايّ أعبرّ منها؟ كنتّ لحينها أحسّ بسكراتِ الموتِ تنتشلّ روحي، أنفّاسي تتسارع، فؤادّي يلهث، شلتّني أحاسيسْ الرحيلّ و إذ بوجهي يكبّ على البسيطةْ في حاشيةِ سجادّةٍ فارسيةٍ بلونّ التركواز النهّري، أقابلّ شعيراتها الميكروسكوبيةّ بينّ ما تسِيلُ دموعِ الّسّلمِ كاداً، و يخرقِ حلقومِي حشرجّةً روحِ تريدّ الخروجّ!


آنياً، ألفتّ مادّتي فيِ محيطٍ أسودّ، حيثُ أبصّرت حيتانَ ياقوتٍ بحجْم الفرّيز تسبحُ أسرباً بلا وُصولّ، و إذ بشْهبٌ عفريتية تتراقَصُ حولي تلهّث بأغنْية هاولْ *** قبيلّ إحالتهْ، و تّراكمّ الحيتانّ فوق بعضها بعضاً لتكوّنَ ملكاً من سبائكِ الفضةِ النقية، لهُ لحيةٌ طولها ألفُ فْرسخ تحوي العالْم.

كنتّ ابتسِم بغيرِ إرادة، و أكبح ابتسامتي بغير تكليلّ، أرتجفْ هلعاً دونّ أن أفعلّ، في مكآن من فراغٍ لا سوآه، و من كمآل حافِل لا سوآه.

و إذْ بصوتِ خريرّ النِيلّ آتٍ من ركنٍ لا يرى، إذِ به صوتّ الملكِ الهيىء ، ينادِيّ : ( هللويّا *****)
فتْجِيبه الشّهب : (سبحآن الله)
و يكررهآ و يجّعل منْ تكرارِهآ أمراً.


هُنيهة، و يحملقّ الملكِ إلى بوقآر، فيعلوْ صوتهّ قولاً:( بخّ بخٍ لفتيةٍ أضمرتّ نزوةْ الموبقاتّ، يا سّليلةّ ابنْ محسّن البهّي. أنتِ فيّ أرضّ كادّ و يكآدّ، حيثْ عُلقتّ روحكْ في العلياءّ .)
لآ أنبسّ ببنت شفةّ، و أطلسِم قولهّ لأحدّ اللغات السّامية العّتيقة، حيثّ شُوشتّ انبعاثات اعصابي فشُلَت أطرافي و حواشيّ.


يرْدّف الملكّ العجيبّ أمره : ( إلا أنكّ لمّ تلاقيِ المنيةً آنا ، لكنّكِ هنا لأعلمكّ أنهّ حينما تريدّين العبورّ حيثّ لا توجدّ غيرّ الجدرآنْ ، يخّلقُ الله لكِ باباً)

و هنآ يهلسّ ما بقى من هيكليِ فيلتقمني ما بقي من سوادٍ ببّردٍ زمهريري ، و أفتحْ عينيّ لأواجِه سجاداً فارسياً بللته الدُموع.


يخلقّ الله باباً حيثّ لا توجدّ إلا الحيطآن، أزحفّ بوهنّ لأستّقبلِ القِبلة ، و أصِلي حيثّ لا أشعّر غيرّ الخشوعّ، أسأل اللهم أجعْلني رياحاً!


اللهم اجعلنِي رياحاً.

كأنّي لمّ أوجدّ إلا لأحوي الاشيء، تلاشتْ موآد جسديّ البشريِ لتحررّ نسيماً ينفْذ عبرّ الفتّحاتّ الطّوبية، أحركّ رياحي الى منزِلِ الجيرة لعليْ أجدّ فيّ منجاداً.


قيلّ عندّ البْربر أنّ القوىّ الشيطانِيةْ قدّ توجّد حيثْ تمرّ السحّب السوداءْ، فتحوي ما استْطاعتّ ناصيةً مخْلوقاتِ الأرضْ، كنتّ حينها في باحّة منزلهِم ، حيثّ يلتهيِ الصغآر بعّدةِ لعبّ و بعض الأراجيحّ، و حيثْ ملأ المحيطْ مسخٌ شيطاني شكلْ نفسهُ منْ رمآلّ اللوسّ.

أدّرت بصريّ الريحّي بحثاً عن الأخوة، حيثْ وجدّت جثةّ لشابٍ ما تجاوز السّادسة عشرّ تنظرّ بموتٍ إلى السماء، كانّ غندراً له تقاسيم رقيقة حوتّ شحوبهّ المريضْ ، في خديهْ همى العّين جمدّه شرّور المكانْ.

إذ ببريقٍ يغشى عينيهَ بلمحِة ليعلن الحياة، و يطّرف إلى ركنٍ ما بألمّ، فأتجه برياحي حيث يتجّه، و أرى طفلينّ يبكيان أعلى الزلاقّة - يزيدّ و عمآر .


أبحثّ عن أمٍ و أبٍ ينجدّ ، فإذا بهما كتلّ من الطميْ المتحجّر أبرصُ اللونِ لا حياة فيهّ ، فليحّذرّ الشيطآن غضبي!

استعْرت أطرافيّ فهببتّ بما جآدتْ علي السرعّة إلى منتصفِ كتلّة الرمّل، و إذ بهِ ينهآر شتّاتاً فأحسّبني غلبتهْ.

و ما فعلت !


تشكلّ المسّخ جدّيداً ، وسّط حيرتي و إندّهاشيّ، كنتّ سأخترِقه مائة مرةّ، فيحيا مائة مرّة.
كآن هكوكاً أشدّ من قبلّه، أسودّ تنبعثّ من هالتهِ اللعناتّ، يدحجْ ذيلّ ريحيّ ملهزاً يريدّ سحبه، إلا أنهّ لم يستطّع لكونّي الريّح.


و تنبهّت إلى سحابةٍ تحّوم أعّلانآ بلا مّرادّ، فتوقفت كأنما كنّا المقصدّ، إلا أنها لم تفّعلّ شيئاً.


إرتفّعتّ عالياً لأواجهها، سألتهّا ما المبتغَى ، فلمّ تقلّ شيئا.


نظرّت إلى الفضاء، رفعتّ يدّاي الريحيتينّ استجّدي ربّ السماءّ، فكأنماً حُركتّ لأنقّر السحابةً دونّ درايةٍ منّي فيهطّل منها هماراً هّشمّ المسخّ حتى بكّرة أبيه لِيكوّن كتلةً دبقْةً من الرمل المسّود، و لتتلآشى كتلةّ الشر في طّرفةِ عين.


هكّع المحّيطّ و سكتّ السحَآب ، هدأت نسائّمي فطِفت مع الأفقّ، كآنتّ هنالك شمسّ طفيفة تشيرّ للغُروبّ.


هبطتّ تقّودني ذرآتّ الهواء، تلآشىّ فراغي تدرجياً لأعودّ بشراً، بينما لمسّ كعبيّ أرض باحّة الجيرآنّ،


فقدّت توازنِي و ارتّميت فشعرتّ بأحدهم ، لم أعرّفه لكنّني حسّبته الملّك المتلحيّ ، من بين لحيتهِ الفضيةِ بدتّ ابتسامةٌ رقيقة.
سكنتّ، و انتهى كلّ شيءَ.



يولسيس : بطّل هومري ظهرّ في الإنيادة
*** بلال بنّ رباح - رضي الله عنه -
*** هاولّ: يقصدّ به السّاحر هاول الذي ظهر في فيلم قلعة هاول
***** هللويا: كلمة فصيحة معناها "سبحوا الربّ."





__________________

ARWEN@PAIN.ME
I DIDN'T SAY THAT I WANT YA TO GO AWAY..
b l o g| G a l l e r y | m a g i c|صارحني
سبحان الله - الحمدلله-لا إله إلا الله- الله أكبر



رد مع اقتباس