إنما يتقبل الله من المتقين - عيون العرب

القرار الصائب · #1 05-15-2009, 04:38 PM

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد

قال تعالى (( إنما يتقبل الله من المتقين )) ، إنها جزء آية من آيات سورة المائدة إلا أنها أقضت مضاجع السلف الصالح رضي الله عنهم ، وأرّقت جفون الأولياء والمقربين من عباد الله تبارك وتعالى الصادقين في إيمانهم والمخلصين في أعمالهم .
إن هذه الآية الكريمة خطيرة في دلالتها ، رهيبة في إيمائها ، يقشعر البدن من مضمونها ومحتواها ، ذلك لأنها حصرت قبول العمل الصالح في التقوى ، والتقوى ليست أمرا سهل المنال ، بل إنها أصعب بكثير من حمل الجبال إلا على منْ وُفقوا وسُددوا .
إن للتقوى مواصفات عظيمة ، لا يمكن أن يُنسب إليها إنسانا كائنا من كان حتى يحقق تلك المواصفات ، وإن من مواصفاتها ما ذكره الحق تبارك وتعالى في قوله (( هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون )) البقرة .
وإن من مواصفاتها ما ذكره الحق تبارك وتعالى بقوله (( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء الضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم )) آل عمران .
وإن من مواصفاتها ما ذكره الحق تبارك وتعالى في قوله (( إن المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حق للسائل والمحروم )) الذاريات .
إن تلك المواصفات يجمعها حسن الصلة بالله تبارك وتعالى وصدق التعامل مع العباد ، وتحقيق ذلك في واقع الحياة يحتاج إلى مكابدة للنفس ، ومجاهدة للهوى ، ومعاندة للشيطان ، ولعمر الله تعالى إنها لمهمة جسيمة وعقبة كؤود ، لا يذلل صعابها بعد عون الله جل شأنه إلا عزم إيماني لإصلاح النفس ، وتهذيب سلوكها ، وتقويم اعوجاجها .
إن الكثير من الناس لو فتش في نفسه بصدق وإنصاف لوجد أن الجامع لتلك الصفات مفقود لديه تماما ، فلا هو حسن الصلة بالله تبارك وتعالى ، ولا هو صادق التعامل مع الناس ، فهو في جانب الله جل شأنه مقصر مضيع مفرط ، يهمل الفرائض ولا يبالي بالنوافل ، وقلما أن يخلص الإخلاص المطلوب لله تبارك وتعالى في قول أو عمل .
وهو في جانب العباد مصادر لحقوقهم ، متجاوز لحرماتهم ، قلبه قد ملئ حقدا عليهم وحسدا لهم ، ومع ذلك كله فإنه يرجو القبول لعمله ، فهو يريد أن يتحقق المشروط بدون تحقق شرطه ، وهيهات هيهات أن يكون السراب كالماء ، أو أن يكون الخيال كالحقيقة .
إن تلك الآية العظيمة من آيات الذكر الحكيم جعلت ( التقوى ) شرطا أساسيا لقبول العمل الصالح ، لأن القبول ليس سلعة رخيصة يمكن شراؤها بثمن بخس دراهم معدودة ، بل هو سلعة غالية ، لأنه الطريق إلى الجنة التي أغلى الله تعالى مهرها وأعلى قدرها .
وقد يقول قائل : وأين ذهب الإخلاص إذا كانت التقوى هي الشرط الأساس لقبول العمل ؟ .
والجواب عن هذا : أنه لا إخلاص بلا تقوى ، فالتقي هو الذي تحمله تقواه على الإخلاص لمولاه تبارك وتعالى ، وذلك بمراقبة قلبه دائما وأبدا حتى لا ينحرف به المسار عن الوجهة التي أرادها وهي ابتغاء ما عند الله تبارك وتعالى من الثواب والإحسان ، وأما غير المتقي فالإخلاص عنده معدوم ، إذ لا وازع لديه يعصمه من الرياء ، أو الإشراك بالله تبارك وتعالى .
إن تلك الآية العظيمة ميزان دقيق ، إذا عرض المسلم نفسه عليه علم حينذاك مدى قربه من القبول أو بعده عنه .
فاحرص أخي المسلم على تحصيل التقوى في واقع ذاتك ودنيا وجودك حتى تكون في الدنيا من المقبولين ، وفي الآخرة من الناجين يوم يقوم الناس لرب العالمين .

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين

من مكتبتي

المواضيع المتشابهه
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
أرجوكم تعالوا نعرف شيئا عن رمضان الكريم قبل رمضان لعل الله يتقبل منا الصيام و القيام	fares alsunna	أرشيف القسم الإسلامي 2005-2016	17	09-17-2007 01:42 AM
مسجات رمضانية روعة......الله يتقبل	samir albattawi	أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه	12	09-14-2007 12:38 PM
هذه جنان الارض فكيف بالتي وعد الله بها المتقين...صور رائعة في الجمال...	jihadnet	أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه	20	07-11-2007 10:22 PM
لمن سجدت ؟ الرجاء من الجميع الدخول و المناقشة	شبيه الريح	نور الإسلام -	10	05-03-2006 10:21 AM