عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. العيــون الساهره.•°`¯)}§¢¤~ > أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه

أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه.

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-23-2009, 10:14 PM
 
دراسة .. في شاعر ..

"

مرحبا جميعا ً
ربما هو أول حضور لي بين أروقتكم .. كوني لا أمارس إلا لعبة واحدة
اليوم فقط ..
خطرت في ذهني مؤامرة شعرية أتمنى أن تنال إعجابكم
هي فكر تحتاج إلى جهدكم في البحث والتنقيب ... ولكن لها من الفائدة الكثير الكثير
دراسة نقوم بها لشاعر معاصر أو في قيد الموت ..
نترجم له بعضا من حياته .. شخصيته .. أوراقه .. مؤلفاته الكبيرة والصغيرة
هذا كل مافي الأمر ..
ولا بأس لدي بالمواضيع المنقولة التي غالبا ماتكون كذلك ..
والذي يهم فعلا هو الفائدة للقارئ وللناقل
لمزيد من التشجيع سأبدأ أولاً ..

: ) مجد

.
__________________
..

المغالطة الرابعة
في فهم قوله تعالى :"إن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "

المحاضرة العشرون

..
  #2  
قديم 05-23-2009, 10:42 PM
 
رد: دراسة .. في شاعر ..

دراسة عن " ابن الونان " المشهور بأبي الشمقمق


هو أبو العباس احمد بن محمد بن الونان الملوكي الحميري النسب التواتي الاصل الفاسي الدار كان والده من ندماء السلطان "سيدي" محمد بن عبد الله وهو مشهور عند عموم الشعراء
ابن الونان شخص يكاد لا يجهله احد من مختلف طبقات المثقفين عندنا، صغارا و كبارا، فهو قد احرز شهرة واسعة،بحيث لا تسأل عنه متأدبا ولو ناشئا إلا وجدت عنده من أمره خبرا
ولا مبالغة اذا قلنا انه مع ذلك يعتبر شخصا يكاد لا يعرف أحد من حياته قليلا و لا كثيرا
وحسبك من الجهل به أننا لا نعرف تاريخ ولادته ولا تاريخ وفاته، الا ما ذكره النميشي في انه ظفر بتاريخ وفاته في كناش بفاس وقال انه توفى سنة 1187، وقد اكتفى العلامة عبد الله كنون بالوثوق بالنميشي بنقل هذا التاريخ عن الاستقصاء بنفسه.
رغم انه ليس ببعيد العهد منا جدا كبعد عهد الاندلسيين و العباسيين الذين قد نظفر بصفحات غير يسير من تاريخهم.
وذلك يدل على اهمال المتأخرين لأدبائهم، وساعدهم في ذلك ما كان قد فشا فيهم من التحاسد و التباغض وصل حد الاطماس.
لذلك فان معرفته تتأتى من أرجوزته الشمقمقية ( سنتحدث عنها لاحقاً )
أما نسبه فحميري من سلالة بني معقل من بني كهلان بن سبأ أخي حمير
وأما أصله فتواتي من توات قرب زناتة، وهي قبيلة تملكها عرب الصحراء الحمييرين الذي وفدوا المغرب بعد الفتح على الارجح.
واما داره فكانت عدوة فاس التي حوت معلمة التاريخ وأول جامعة في العالم بأسره "جامع القرويين" الذي بنته فاطمة الفهرية نفعها الله به.
كان والده من ندماء السلطان، وكان أديبا ظريفا خفيف الروح، لطيف الحس، صاحب نوادر و ملح،وكاد شديد الصمم،ثم زال سمعه كلية،ومن رهافة حسه انه كان يفهم ما يقال له بقراءة الشفتين.
وكان من آثار السلطان به أن كناه بأبي الشمقمق تشبيها له بالشاعر الكوفي الماجن المعروف بابي الشمقمق، فلزمته هذه الكنية حتى انسحبت على ابنه ..
ولما مات الوالد انقطع الولد عن مجالس السلطان ووقف في طريق الوصول اليه وزير كان يحسده.
فكان ان ارتقى من الارض تلة فنادى باعلى صوته
يا سيدي سبط النبي *** أبو الشمقمق أبي
فعرفه السلطان ثم قربه
إلى هنا ينسدل الستار عن حياة الشاعر فلا نعرف عنه اكثر..

القصيدة الشمقمقية :


مَهْلًا عَلَى رِسْلِكَ حَادِي الْأَيْنُقِ ** وَلَا تُكَلِّفْهَا بِمَا لَمْ تُطِق


فطالما كلفتها وسُقْتَها ** سَوْقَ فتًى من حالها لم يُشفِق


ولم تزل ترمي بها يَدُ النوى ** بكل فَجّ وفَلَاةٍسَمْلَق


وما ائْتَلَتْ تَذْرَعُ كل فَدْفَدٍ ** أَذرعُها وكل قاع قَرِق


وكلَّ أبطحَ وأجزعَ وجَزْ ** عٍ وصرِيمَة وكل أبْرَق


مجاهلٌ تَحارُ فِيهِنَّ الْقَطَا ** لا دمنةٌ لا رسمُ دارٍ قد بقي


ليس بها غيرُ السَّوَافِي والحَوَا *صِبِ الحَرَاجِيجِ وَكُلِّ زِحْلِق



القصيدة الشمقمقية هي من أعظم آثار ابن الونان، وهي ديوان أدبه، ونموذج شاعريته،ومثال نظمه،ولكثير من الادباء إعجاب بها يجاوز حد ما تستحق،وهي على روي القاف، وعدد أبياتها 275 ، وتنقسم بحسب الاغراض الشعرية الى ثمانية أقسام:
-النسب بذكر رحيل الاحبة،ووصف الابل التي تحملوا عليها،والبيد التي تعسفوها،ولوم الحادي على جده في السير ليل نهار حتى اضر بالابل......
- التغزل بصفات محبوبته،وماهي عليه من فنون المحاسن وضروب المفاتن.
- الحماسة والفخر
- مخاطبة الحسود
- الحكم و الامثال و الوصايا.
- مدح الشعر.
- مدح السلطان.
- مدح الارجوزة،حيث تحدى الشعراء ان ياتوا بمثلها..
أما قيمتها الادبية:
يتفاوت فيها الطبع بين الحسن و القبح، ففيها ما يسمو بها الى درجة ابي نواس، وفيها ما يسفل بها الى درجة "الالفيات".
وغالب ذلك يوجد في القسم الاول الذي يصف فيه البيد و القفار،والنباتات والاشجار وغير ذلك،وفي القسم الثاني الذي يذكر فيه الحكم و الامثال و الوصايا.
أما الاول فلانه حشر فيه من الالفاظ الغريبة والكلمات الحوشية مما يتعلق بوصف تلك الامور المشار اليها، ما جعله كانه من متون اللغة.
وأما القسم الثاني فانه أراد أن يسلك في ضرب الامثال طريقة ابن دريد في "مقصورته" من الاشارة الى مواردها، والتزم ذلم التزاما كليا،حتى غاب فيها على القارئ انباء ذلك فصار احوج الى شيخ بجانبه يفسر له، ان لم نقل بحاجة الى ابن الونان نفسه ليشرح أرجوزته.
وعلى الجملة،فانها ارجوزة ظريفة جامعة لكثير من فنون الادب و أخبارالعرب،وهي على عالمية صاحبها أدل منها على شاعريته.
ولمكانتها عند الادباء،فقد عارضها ابن عمر الرباطي من ادباء القرن الثالث عشر،واعتنى بشرحها جماعة منهم :
1- العلامة ابو عبد الله الناصري في شرح حافل
2- العلامة ابو حامد البطاوري
3- العلامة عبد الله كنون الحسني دفين طنجة في اعذب شرح مختصر... وغيرهم .
الذي يبدو من القصيدة و الله اعلم انه كتبها بعد ان ظفر بمقام السلطان لينفس عن نفسه و ليبكت بعدوه الذي فشل في صده عن لقاء السلطان.
وان الشعر الذي كان قد كتبه في السلطان مادحا، كتبه يتقصد به لقاءه، وعلى هذا يكون قد كتبه من زمن بعيد عن زمن لقائه،
ولم يمنعه من ذلك قلة شعره، فهو يعلم ان السلطان محمد بن عبد الله كان اعلم اهل زمانه بالعربية، حتى كتب فيها مصنفا بدأه في شرح المغني، ولعله نفسه المصنف الذي انهاه السلطان مولاي حفيظ الموسوم ب "السبك العجيب"
وهو يعلم ايضا ان السلطان سينقد عليه قيمة شعره، فلم يقدم له هذه الارجوزة: لانه جمعت الغث و السمين.
والذي يبدوا ايضا انه كتبها في نفس واحد ولم يجلس لتنقيحها، وهذا طبعه، فقد كان من المكثيرين، سيال القلم،
غير ان افضل ما ولنا من آثاره نظم رصين لمسائل ابن خميس، وهو احسن الانظام.
وخلاصة القول انه خلال استقرائنا للارجوزة الشمقمقية يتبين لنا تشفي ابن الونان في الحسود و تلظيه منه، حتى لا يكاد ينساه في جل قصيدته، فكان استقصاؤه في ذكر المرادفات التي هي بمعنى واحد انما كان لاظهار مخزونه اللغوي، وسعة اطلاعه على تاريخ العرب وايامه.
وهل الاديب الا الذي اغترف من القاموس و اطلع على اخبار العرب و ايامهم؟
وهذا جهد المقل فيما ظنناه والله اعلم
نحتسب بها عند الله افادتكم بنهج الرواية،علها تكون لنا و لكم عونا في اكتساب المنهج الادبي الصرف الخالي من كل شائبة.


النص قطعة من بحر الرجز،يغلب عليه الكثير من الزحافات، استهل بمصدر قصد به الامر،وذلك لارادة مقام العلو وحقيقة الاستعلاء.
استعمل النص الكثير من المفردات الغريبة، وتكرار المفردات التي تؤدي المعنى الواحد ظاهرة جدا،
وردت في النص صور بلاغية كالاستعارة و ما يشبه الاستعارة
كل الابيات وردت فيها سلاسة في النطق الا البيت الخامس، ومنعه من ذلك ذكر كلام متنافر الوحدات،وكذالك شطر الكلمة لاخراجها من الضرب الى صدر عجز البيت.
أبلغ عبارة وردت في النص هي :"ولم تزل ترمي بها يد النوى"
أسهل بيت على النطق هو:" مجاهل تحار فيهن القطا......."

يبدو من المطلع ان الشاعر حينما بدا الكتابة كان قلبه ممتلئا بالغيظ، فما صدق ان حمل القلم حتى افرغ جام غضبه على الورق، لذلك اتى باكثر من ست هنات"اي سقطات" في مطلعه قصيدته وهي كما يلي:
قال: "مهلا على رسلك" وهو تكرار دون موجب التأكيد، لان قولنا مهلا ليس فيه استعلاء ليضطر الى تأكيده.. وانما هو محض استعاء للانتباء الى ما نريد توضيحه.
قال: "حادي الاينق": حادي اخفى حركتها من الظهور لغير علة الا علت النظم، وكان الاولى ان ينتقي ما يصلح من اللفظ لتجاوز ذلك. و"الاينق" عبر بوزن القلة على الكثرة، وذلك مخالف لتسوية البلاغة.
قال: "ولا تكلفها" جاء بالواو لغير عطف ولا استئناف، وارادت الوزن فقط تفيد ضعف الشاعر .
قال : "بما لم تطق" جاء ب"الباء" لارادة التعدية، وفعل "كلف يتعدى بنفسه بحيث لا يحتاج الى حرف يتعدى به، فكان مجيئ الباء حشو لا فائدة منه. "لم تطق" هو يريد النهي لا النفي، ومقتضى النهي ان يقول: "لا تطق" لانه نهي على ما هو مفعول في الحاضر.اما قول "لم" فيدل على القلب للماضي. وهذا ايضا حط من قد المطلع عند شاعرنا.
وغير هذا كثير.
البيت الثاني و الثالث أديا معنى واحد فلو استغنى بواحد منهما عن الاخر بحيث يقتبس من احدهما للاخر لكفاه ذلك.
ابتداء من البيت الرابع تكلف الشاعر سرد مفردات لغوية سرعا يشبه ان يكون تعريفيا بحيث يخيل اليك انه بصدد سرد قاموس منظوم، وذلك خرج به عن حد الشاعرية فصار مجرد نظم. ولكن في ذلك تعبير عن ان الشاعر كان عالما باللغة متضلعا فيها.


والله المستعان

. أرجو أن تكون الفائدة قد وصلت ... وبانتظار أقلامكم

مجد

.




__________________
..

المغالطة الرابعة
في فهم قوله تعالى :"إن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "

المحاضرة العشرون

..
  #3  
قديم 05-23-2009, 10:54 PM
 
رد: دراسة .. في شاعر ..

شكرا على المووضع الحلوى
  #4  
قديم 05-23-2009, 11:02 PM
 
رد: دراسة .. في شاعر ..

أهلا وسهلا ...
ولو أني زرعت الموضوع هنا لا أشكر عليه .. بل لتشاركوني به

بانتظاركم دوما ..

.
__________________
..

المغالطة الرابعة
في فهم قوله تعالى :"إن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "

المحاضرة العشرون

..
  #5  
قديم 05-24-2009, 03:05 AM
 
رد: دراسة .. في شاعر ..

أهلا ومرحبا بك اخي الكريم رحيق الصمت
في دوحة الشعر الغناء.. يسعدنا جدا أن تتفيأ معنا ظلالها حتى نقتبس من شاعريتك ما تقتات به أرواحنا في أيام الجدب وما اطولها من أيام!!
بما أنك لا تبتئس لفكرة النقل فقد قمت بهذه المشاركة للفائدة والإثراء.."بتصرف بسيط "
ولكن ..
أعدك بالغوص في خبايا شاعر آخر..وتنقيب عميق يذهلك ويكون بمثابة الهدية لذائقتك الجميلة


برع "ابن زيدون" في الشعر كما برع في فنون النثر، حتى صار من أبرز شعراء الأندلس المبدعين وأجملهم شعرًا وأدقهم وصفًا وأصفاهم خيالا، كما تميزت كتاباته النثرية بالجودة والبلاغة، وتعد رسائله من عيون الأدب العربي.
الميلاد والنشأة
ولد الشاعر "أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أحمد بن غالب بن زيد المخزومي" سنة [394ه= 1003م] بالرصافة من ضواحي قرطبة، وهي الضاحية التي أنشأها "عبد الرحمن الداخل" بقرطبة، واتخذها متنزهًا له ومقرًا لحكمه، ونقل إليها النباتات والأشجار النادرة، وشق فيها الجداول البديعة حتى صارت مضرب الأمثال في الروعة والجمال، وتغنّى بها الكثير من الشعراء.
وفي هذا الجو الرائع والطبيعة البديعة الخلابة نشأ ابن زيدون؛ فتفتحت عيناه على تلك المناظر الساحرة والطبيعة الجميلة، وتشربت روحه بذلك الجمال الساحر، وتفتحت مشاعره، ونمت ملكاته الشاعرية والأدبية في هذا الجو الرائع البديع.
وينتمي "ابن زيدون" إلى قبيلة "بني مخزوم" العربية، التي كانت لها مكانة عظيمة في الجاهلية والإسلام، وعرفت بالفروسية والشجاعة.
وكان والده من فقهاء "قرطبة" وأعلامها المعدودين، كما كان ضليعًا في علوم اللغة العربية، بصيرًا بفنون الأدب، على قدر وافر من الثقافة والعلم.
أما جده لأمة "محمد بن محمد بن إبراهيم بن سعيد القيسي" فكان من العلماء البارزين في عصره، وكان شديد العناية بالعلوم، وقد تولى القضاء بمدينة "سالم"، ثم تولى أحكام الشرطة في "قرطبة".
كفالة الجد
وما كاد "ابن زيدون" يبلغ الحادية عشرة من عمره حتى فقد أباه، فتولى جده تربيته، وكان ذا حزم وصرامة، وقد انعكس ذلك على أسلوب تربيته لحفيده، وهو ما جنبه مزالق الانحراف والسقوط التي قد يتعرض لها الأيتام من ذوي الثراء.
واهتم الجد بتربية حفيده وتنشئته تنشئة صحيحة وتعليمه العربية والقرآن والنحو والشعر والأدب، إلى غير ذلك من العلوم التي يدرسها عادةً الناشئة، ويقبل عليها الدارسون.
وتهيأت لابن زيدون -منذ الصغر- عوامل التفوق والنبوغ، فقد كان ينتمي إلى أسرة واسعة الثراء، ويتمتع بالرعاية الواعية من جده وأصدقاء أبيه، ويعيش في مستوى اجتماعي وثقافي رفيع، فضلا عما حباه الله به من ذكاء ونبوغ، وما فطره عليه من حب للعلم والشعر وفنون الأدب.
ابن زيدون متعلمًا
ومما لا شك فيه أن "ابن زيدون" تلقى ثقافته الواسعة وحصيلته اللغوية والأدبية على عدد كبير من علماء عصره وأعلام الفكر والأدب في الأندلس، في مقدمتهم أبوه وجده، ومنهم كذلك "أبو بكر مسلم بن أحمد بن أفلح" النحوي المتوفى سنة [433ه=1042م] وكان رجلاً متدينًا، وافر الحظ من العلم والعقيدة، سالكًا فيها طريق أهل السنة، له باع كبير في العربية ورواية الشعر.
كما اتصل "ابن زيدون" بكثير من أعلام عصره وأدبائه المشاهير، فتوطدت علاقته -في سن مبكرة- بأبي الوليد بن جَهْور الذي كان قد ولي العهد ثم صار حاكمًا، وكان حافظًا للقرآن الكريم مجيدًا للتلاوة، يهتم بسماع العلم من الشيوخ والرواية عنهم، وقد امتدت هذه الصداقة بينهما حتى جاوز الخمسين، وتوثقت علاقته كذلك بأبي بكر بن ذَكْوان الذي ولي منصب الوزارة، وعرف بالعلم والعفة والفضل، ثم تولى القضاء بقربة فكان مثالا للحزم والعدل، فأظهر الحق ونصر المظلوم، وردع الظالم.
.. وزيرًا
كان "ابن زيدون" من الصفوة المرموقة من شباب قرطبة؛ ومن ثم فقد كان من الطبيعي أن يشارك في سير الأحداث التي تمر بها.
وقد ساهم "ابن زيدون" بدور رئيسي في إلغاء الخلافة الأموية بقرطبة، كما شارك في تأسيس حكومة جَهْوَرِيّة بزعامة "ابن جهور"، وإن كان لم يشارك في ذلك بالسيف والقتال، وإنما كان له دور رئيسي في توجيه السياسة وتحريك الجماهير، وذلك باعتباره شاعرًا ذائع الصيت، وأحد أعلام "قرطبة" ومن أبرز أدبائها المعروفين، فسخر جاهه وثراءه وبيانه في التأثير في الجماهير، وتوجيه الرأي العام وتحريك الناس نحو الوجهة التي يريدها.
وحظي "ابن زيدون" بمنصب الوزارة في دولة "ابن جهور"، واعتمد عليه الحاكم الجديد في السفارة بينه وبين الملوك المجاورين، إلا أن "ابن زيدون" لم يقنع بأن يكون ظلا للحاكم، واستغل أعداء الشاعر ومنافسوه هذا الغرور منه وميله إلى التحرر والتهور فأوغروا عليه صدر صديقه القديم، ونجحوا في الوقيعة بينهما، حتى انتهت العلاقة بين الشاعر والأمير إلى مصيرها المحتوم.
ابن زيدون وولادة
كان ابن زيدون شاعرًا مبدعًا مرهف الإحساس، وقد حركت هذه الشاعرية فيه زهرة من زهرات البيت الأموي، وابنة أحد الخلفاء الأمويين، وهي "ولادة بنت المستكفي"، وكانت شاعرة أديبة، جميلة الشكل، شريفة الأصل، عريقة الحسب، وقد وصفت بأنها "نادرة زمانها ظرفًا وحسنًا وأدبًا".
وأثنى عليها كثير من معاصريها من الأدباء والشعراء، وأجمعوا على فصاحتها ونباهتها، وسرعة بديهتها، وموهبتها الشعرية الفائقة، فقال عنها "الصنبي": "إنها أديبة شاعرة جزلة القول، مطبوعة الشعر، تساجل الأدباء، وتفوق البرعاء".
وبعد سقوط الخلافة الأموية في "الأندلس" فتحت ولادة أبواب قصرها للأدباء والشعراء والعظماء، وجعلت منه منتديًا أدبيًا، وصالونًا ثقافيًا، فتهافت على ندوتها الشعراء والوزراء مأخوذين ببيانها الساحر وعلمها الغزير.
وكان "ابن زيدون" واحدًا من أبرز الأدباء والشعراء الذين ارتادوا ندوتها، وتنافسوا في التودد إليها، ومنهم "أبو عبد الله بن القلاس"، و"أبو عامر بن عبدوس" اللذان كانا من أشد منافسي ابن زيدون في حبها، وقد هجاهما "ابن زيدون" بقصائد لاذعة، فانسحب "ابن القلاسي"، ولكن "ابن عبدوس" غالى في التودد إليها، وأرسل لها برسالة يستميلها إليه، فلما علم "ابن زيدون" كتب إليه رسالة على لسان "ولادة" وهي المعروفة بالرسالة الهزلية، التي سخر منه فيها، وجعله أضحوكة على كل لسان، وهو ما أثار حفيظته على "ابن زيدون"؛ فصرف جهده إلى تأليب الأمير عليه حتى سجنه، وأصبح الطريق خاليًا أمام "ابن عبدوس" ليسترد مودة "ولادة".
الفرار من السجن
وفشلت توسلات "ابن زيدون" ورسائله في استعطاف الأمير حتى تمكن من الفرار من سجنه إلى "إشبيلية"، وكتب إلى ولادة بقصيدته النونية الشهيرة التي مطلعها:

أضحى التنائي بديلا من تدانينا


وناب عن طيب لقيانا تجافينا


وما لبث الأمير أن عفا عنه، فعاد إلى "قرطبة" وبالغ في التودد إلى "ولادة"، ولكن العلاقة بينهما لم تعد أبدًا إلى سالف ما كانت عليه من قبل، وإن ظل ابن زيدون يذكرها في أشعاره، ويردد اسمها طوال حياته في قصائده.
ولم تمض بضعة أشهر حتى توفي الأمير، وتولى ابنه "أبو الوليد بن جمهور" صديق الشاعر الحميم، فبدأت صفحة جديدة من حياة الشاعر، ينعم فيها بالحرية والحظوة والمكانة الرفعية.
ولكن خصوم الشاعر ومنافسيه لم يكفوا عن ملاحقته بالوشايات والفتن والدسائس حتى اضطر الشاعر في النهاية إلى مغادرة "قرطبة" إلى "إشبيلية" وأحسن "المعتضد بن عباد" إليه وقربه، وجعله من خواصه وجلسائه، وأكرمه وغمره بحفاوته وبره.
في إشبيلية
واستطاع "ابن زيدون" بما حباه الله من ذكاء ونبوغ أن يأخذ مكانة بارزة في بلاط "المعتضد"، حتى أصبح المستشار الأول للأمير، وعهد إليه "المعتضد"، بالسفارة بينه وبين أمراء الطوائف في الأمور الجليلة والسفارات المهمة، ثم جعله كبيرًا لوزرائه، ولكن "ابن زيدون" كان يتطلع إلى أن يتقلد الكتابة وهي من أهم مناصب الدولة وأخطرها، وظل يسعى للفوز بهذا المنصب ولا يألو جهدًا في إزاحة كل من يعترض طريقه إليه حتى استطاع أن يظفر بهذا المنصب الجليل، وأصبح بذلك يجمع في يديه أهم مناصب الدولة وأخطرها وأصبحت معظم مقاليد الأمور في يده.
وقضى "ابن زيدون" عشرين عامًا في بلاط المعتضد، بلغ فيها أعلى مكانة، وجمع بين أهم المناصب وأخطرها.
فلما توفي "المعتضد" تولى الحكم من بعده ابنه "المعتمد بن عباد"، وكانت تربطه بابن زيدون أوثق صلات المودة والألفة والصداقة، وكان مفتونًا به متتلمذًا عليه طوال عشرين عامًا، وكان بينهما كثير من المطارحات الشعرية العذبة التي تكشف عن ود غامر وصداقة وطيدة.
المؤامرة على الشاعر
وحاول أعداء الشاعر ومنافسيه أن يوقعوا بينه وبين الأمير الجديد، وظنوا أن الفرصة قد سنحت لهم بعدما تولى "المعتمد" العرش خلفًا لأبيه، فدسوا إليه قصائد يغرونه بالفتك بالشاعر، ويدعون أنه فرح بموت "المعتضد"، ولكن الأمير أدرك المؤامرة، فزجرهم وعنفهم، ووقّع على الرقعة بأبيات جاء فيها:

كذبت مناكم، صرّحوا أو جمجموا


الدين أمتن، والمروءة أكرم


خنتم ورمتم أن أخون، وإنما


حاولتمو أن يستخف "يلملم"


وختمها بقوله محذرًا ومعتذرًا:

كفوا وإلا فارقبوا لي بطشةً


تلقي السفيه بمثلها فيحلم


وكان الشاعر عند ظن أميره به، فبذل جهده في خدمته، وأخلص له، فكان خير عون له في فتح "قرطبة"، ثم أرسله المعتمد إلى "إشبيلية" على رأس جيشه لإخماد الفتنة التي ثارت بها، وكان "ابن زيدون" قد أصابه المرض وأوهنته الشيخوخة، فما لبث أن توفي بعد أن أتمّ مهمته في [ أول رجب 463ه= 4 من إبريل 1071م] عن عمر بلغ نحو ثمانية وستين عامًا.
غزليات ابن زيدون
يحتل شعر الغزل نحو ثلث ديوان "ابن زيدون"، وهو في قصائد المدح يبدأ بمقدمات غزلية دقيقة، ويتميز غزله بالعذوبة والرقة والعاطفة الجياشة القوية والمعاني المبتكرة والمشاعر الدافقة التي لا نكاد نجد لها مثيلا عند غيره من الشعراء إلا المنقطعين للغزل وحده من أمثال "عمر بن أبي ربيعة"، "وجميل بن مَعْمَر"، و"العبّاس بن الأحنف".
ومن عيون شعره في الغزل تلك القصيدة الرائعة الخالدة التي كتبها بعد فراره من سجنه بقرطبة إلى "إشبيلية"، ولكن قلبه جذبه إلى محبوبته بقرطبة فأرسل إليها بتلك الدرة الفريدة (النونية) التي يقول في مطلعها:

أضحى التنائي بديلا من تدانينا


وناب عن طيب لقيانا تجافينا


الوصف عند ابن زيدون
انطبع شعر "ابن زيدون" بالجمال والدقة وانعكست آثار الطبيعة الخلابة في شعره، فجاء وصفه للطبيعة ينضح بالخيال، ويفيض بالعاطفة المشبوبة والمشاعر الجياشة، وامتزج سحر الطبيعة بلوعة الحب وذكريات الهوى، فكان وصفه مزيجًا عبقريًا من الصور الجميلة والمشاعر الدافقة، ومن ذلك قوله:




إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا

إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا
والأفق طلق ووجه الأرض قد راقا
وللنسيم اعتلال في أصائله
كأنما رق لي فاعتل اشفاقا.
والروض عن مائه الفضي مبتسم
كما حللت عن اللبات أطواقا
نلهو بما يستميل العين من زهر
جال الندى فيه حتى مال أعناقا
كأن أعينه إذ عاينت أرقي
بكت لما بي فجال الدمع رقراقا
ورد تألق في ضاحي منابته
فازداد منه الضحى في العين اشراقا
سرى ينافحه نيلوفر عبق
وسنان نبه منه الصبح أحداقا
كل يهيج لنا ذكرى تشوقنا
إليك، لم يعد عنها الصدر أن ضاقا
لاسكن الله قلبا عق ذكركم
فلم يطر بجناح الشوق خفاقا
لو شاء حملي نسيم الريح حين سرى
وافاكمُ بفتى أضناه مالاقى
يوم كأيام لذات لنا انصرمت
بتنا لها حين نام الدهر سراقا
لو كان وفى المنى في جمعنا بكمُ
لكان من أكرم الأيام أخلاقا
ياعلقي الأخطر الأسنى الحبيب إلى
نفسي إذا مااقتنى الأحباب أعلاقا
كان التجاري بمحض الود مذ زمن
ميدان أنس جرينا فيه أطلاقا
فالآن أحمد ماكنا لعهدكمُ
سلوتمُ وبقينا نحن عشاقا

الإخوانيات الشعرية عند ابن زيدون
كان "ابن زيدون" شاعرًا أصيلا متمكنا في شتى ضروب الشعر ومختلف أغراضه، وكان شعره يتميز بالصدق والحرارة والبعد عن التكلف، كما كان يميل إلى التجديد في المعاني، وابتكار الصور الجديدة، والاعتماد على الخيال المجنح؛ ولذا فقد حظي فن الإخوانيات عنده بنصيب وافر من هذا التجديد وتلك العاطفة، ومن ذلك مناجاته الرقيقة لصديقه الوفي "أبي القاسم":

يا أبا القاسم الذي كان ردائي


وظهيري من الزمان وذخري


هل لخالي زماننا من رجوع


أم لماضي زماننا من مكرِّ؟


أين أيامنا؟ وأين ليال


كرياض لبسن أفاق زهر؟


الفنون النثرية عند ابن زيدون
اتسم النثر عند "ابن زيدون" بجمال الصياغة، وكثرة الصور والأخيلة، والاعتماد على الموسيقا، ودقة انتقاء الألفاظ حتى أشبه نثره شعره في صياغته وموسيقاه، وقد وصف "ابن بسام" رسائله بأنها "بالنظم الخطير أشبه منها بالمنثور".
وبالرغم من جودة نثر "ابن زيدون" فإنه لم يصل إلينا من آثاره النثرية إلا بعض رسائله الأدبية، ومنها:
· الرسالة الهزلية: التي كتبها على لسان "ولادة بنت المستكفي" إلى "ابن عبدوس" وقد حمل عليه فيها، وأوجعه سخرية وتهكمًا، وتتسم هذه الرسالة بالنقد اللاذع والسخرية المريرة، وتعتمد على الأسلوب التهكمي المثير للضحك، كما تحمل عاطفة قوية عنيفة من المشاعر المتبانية: من الغيرة والبغض والحب، والحقد، وتدل على عمق ثقافة "ابن زيدون" وسعة اطلاعه.
وقد شرحها "جمال الدين بن نباتة المصري" في كتابه: "سرح العيون"، كما شرحها "محمد بن البنا المصري" في كتابه: "العيون".
الرسالة الجدية: وقد كتبها الشاعر في سجنه في أخريات أيامه، يستعطف فيها الأمير "أبا الحزم" ويستدر عفوه ورحمته، وهي أيضًا تشتمل على الكثير من الاقتباسات والأحداث والأسماء.
ومع أن الغرض من رسالته كان استعطاف الأمير إلا أن شخصية "ابن زيدون" القوية المتعالية تغلب عليه، فإذا به يدلّ على الأمير بما يشبه المنّ عليه، ويأخذه العتب مبلغ الشطط فيهدد الأمير باللجوء إلى خصومه.
ولكن الرسالة مع ذلك تنبض بالعاطفة القوية وتحرك المشاعر في القلوب، وتثير الأشجان في النفوس.
وقد شرحها "صلاح الدين الصفدي" في كتابه: "تمام المتون"، و"عبد القادر البغدادي" في كتابه: "مختصر تمام المتون".
بالإضافة إلى هاتين الرسالتين فهناك رسالة الاستعطاف التي كتبها الشاعر بعد فراره من سجنه وعودته من "إشبيلية" إلى "قرطبة" مستخفيًا ينشد الأمان، ويستشفع بأستاذه "أبي بكر مسلم بن أحمد" عند الأمير.
وهذه الرسالة تعد أقوى رسائل "ابن زيدون" جميعًا من الناحية الفنية، وتمثل نضجًا ملحوظًا وخبرة كبيرة ودراية فائقة بأساليب الكتابة، وبراعة وإتقان في مجال الكتابة النثرية.
ولابن زيدون كتاب في تاريخ بني أمية سماه "التبيين" وقد ضاع الكتاب، ولم تبق منه إلا مقطوعتان، حفظهما لنا "المقري" في كتابه الكبير: "نفح الطيب".
أحببت ان أضيف هنا رائعته النونية حتى تزهر أرواحنا بعبق حرف هو بكل تأكيد مختلف!!


أَضْحَى التَّنَائِي بَدِيْلاً مِنْ تَدانِيْنا

وَنَابَ عَنْ طِيْبِ لُقْيَانَا تَجَافِيْنَا
ألا وقد حانَ صُبح البَيْنِ صَبَّحنا
حِينٌ فقام بنا للحِين ناعِينا
مَن مُبلغ المُبْلِسينا بانتزاحِهم
حُزنًا مع الدهر لا يَبلى ويُبلينا
أن الزمان الذي ما زال يُضحكنا
أنسًا بقربهم قد عاد يُبكينا
غِيظَ العِدى من تساقينا الهوى فدعوا
بأن نَغُصَّ فقال الدهر آمينا
فانحلَّ ما كان معقودًا بأنفسنا
وانبتَّ ما كان موصولاً بأيدينا
لم نعتقد بعدكم إلا الوفاءَ لكم
رأيًا ولم نتقلد غيرَه دينا
ما حقنا أن تُقروا عينَ ذي حسد
بنا، ولا أن تسروا كاشحًا فينا
كنا نرى اليأس تُسلينا عوارضُه
وقد يئسنا فما لليأس يُغرينا
بِنتم وبنا فما ابتلت جوانحُنا
شوقًا إليكم ولا جفت مآقينا
نكاد حين تُناجيكم ضمائرُنا
يَقضي علينا الأسى لولا تأسِّينا
حالت لفقدكم أيامنا فَغَدَتْ
سُودًا وكانت بكم بيضًا ليالينا
إذ جانب العيش طَلْقٌ من تألُّفنا
وموردُ اللهو صافٍ من تصافينا
وإذ هَصَرْنا غُصون الوصل دانية
قطوفُها فجنينا منه ما شِينا
ليسقِ عهدكم عهد السرور فما
كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
لا تحسبوا نَأْيكم عنا يُغيِّرنا
أن طالما غيَّر النأي المحبينا
والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً
منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا
يا ساريَ البرقِ غادِ القصرَ فاسق به
من كان صِرفَ الهوى والود يَسقينا
واسأل هناك هل عنَّي تذكرنا
إلفًا، تذكره أمسى يُعنِّينا
ويا نسيمَ الصِّبا بلغ تحيتنا
من لو على البعد حيًّا كان يُحيينا
فهل أرى الدهر يَقصينا مُساعَفةً
منه ولم يكن غِبًّا تقاضينا
ربيب ملك كأن الله أنشأه
مسكًا وقدَّر إنشاء الورى طينا
أو صاغه ورِقًا محضًا وتَوَّجَه
مِن ناصع التبر إبداعًا وتحسينا
إذا تَأَوَّد آدته رفاهيَة
تُومُ العُقُود وأَدْمَته البُرى لِينا
كانت له الشمسُ ظِئْرًا في أَكِلَّتِه
بل ما تَجَلَّى لها إلا أحايينا
كأنما أثبتت في صحن وجنته
زُهْرُ الكواكب تعويذًا وتزيينا
ما ضَرَّ أن لم نكن أكفاءَه شرفًا
وفي المودة كافٍ من تَكَافينا
يا روضةً طالما أجْنَتْ لَوَاحِظَنا
وردًا أجلاه الصبا غَضًّا ونَسْرينا
ويا حياةً تَمَلَّيْنا بزهرتها
مُنًى ضُرُوبًا ولذَّاتٍ أفانِينا
ويا نعيمًا خَطَرْنا من غَضَارته
في وَشْي نُعمى سَحَبْنا ذَيْلَه حِينا
لسنا نُسَمِّيك إجلالاً وتَكْرِمَة
وقدرك المعتلى عن ذاك يُغنينا
إذا انفردتِ وما شُورِكْتِ في صفةٍ
فحسبنا الوصف إيضاحًا وتَبيينا
يا جنةَ الخلد أُبدلنا بسَلْسِلها
والكوثر العذب زَقُّومًا وغِسلينا
كأننا لم نَبِت والوصل ثالثنا
والسعد قد غَضَّ من أجفان واشينا
سِرَّانِ في خاطرِ الظَّلْماء يَكتُمُنا
حتى يكاد لسان الصبح يُفشينا
لا غَرْو فِي أن ذكرنا الحزن حِينَ نَهَتْ
عنه النُّهَى وتَركْنا الصبر ناسِينا
إذا قرأنا الأسى يومَ النَّوى سُوَرًا
مكتوبة وأخذنا الصبر تَلْقِينا
أمَّا هواكِ فلم نعدل بمنهله
شِرْبًا وإن كان يروينا فيُظمينا
لم نَجْفُ أفق جمال أنت كوكبه
سالين عنه ولم نهجره قالينا
ولا اختيارًا تجنبناه عن كَثَبٍ
لكن عدتنا على كره عوادينا
نأسى عليك إذا حُثَّت مُشَعْشَعةً
فينا الشَّمُول وغنَّانا مُغَنِّينا
لا أَكْؤُسُ الراحِ تُبدى من شمائلنا
سِيمَا ارتياحٍ ولا الأوتارُ تُلهينا
دُومِي على العهد، ما دُمْنا، مُحَافِظةً
فالحُرُّ مَنْ دان إنصافًا كما دِينَا
فما اسْتَعَضْنا خليلاً مِنك يَحْبسنا
ولا استفدنا حبيبًا عنك يُثْنينا
ولو صَبَا نَحْوَنا من عُلْوِ مَطْلَعِه
بدرُ الدُّجَى لم يكن حاشاكِ يُصْبِينا
أَوْلِي وفاءً وإن لم تَبْذُلِي صِلَةً
فالطيفُ يُقْنِعُنا والذِّكْرُ يَكْفِينا
وفي الجوابِ متاعٌ لو شفعتِ به
بِيْضَ الأيادي التي ما زلْتِ تُولِينا
عليكِ مِني سلامُ اللهِ ما بَقِيَتْ
صَبَابةٌ منكِ نُخْفِيها فَتُخفينا



__________________
لأننا نتقن الصمت
حمــلونـــا وزر النــوايــا..!!
غادة السمان

التعديل الأخير تم بواسطة الطائرالحزين ; 05-24-2009 الساعة 03:22 AM
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دراسة عن الدور المشبوه لقنوات mbc ..... [بقلم: (عبدالكريم آل عبدالمنعم )] fares alsunna مواضيع عامة 6 02-25-2009 01:43 PM
دراسة علمية: صودا الدايت تشكل خطرا على القلب حمزه عمر صحة و صيدلة 6 09-06-2007 07:41 AM
دراسة لجامعة تل أبيب (أسرائيل) اسمع ماذا تقول؟ ابن سامراء حوارات و نقاشات جاده 6 04-17-2007 07:20 PM
دراسة مثيرة عن الدور الصهيوني في الحرب على العراق zrilokt ختامه مسك 2 07-30-2006 09:03 PM


الساعة الآن 11:54 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011