إبراهيم كشت - أينما بحثت عن جذور لفظ (الهيبة) واشتقاقاتها، وجدت أن دلالاتها مرتبطة في جانب منها بمعنى (التخويف)، فأن تهاب شخصا يعني أنك تتقيه وتحذره وتخشاه، بحيث تكون هذه المشاعر ممتزحة في نفسك بنوع من التعظيم والإجلال الموجه نحوه . وحين يوصف رجل بأنه ذو (هيبة)، فإن هذا الوصف يوحي بصورة من يوقره الناس توقيرا مقترنا بالرهبة منه . ومما يؤيد هذا الفهم ما ذكره معجم لسان العرب في معنى (الهيبة)، فهو يقول إنها : المهابة، أي الإجلال والمخافة ! وحين تتمثل الهيبة في تأثير ذاتي طبيعي يحدثه الشخص فيمن حوله تلقائيا، نتيجة ما يحوزه من احترام لذاته وللآخرين، أو نتيجة خصائص فطرية أخرى يملكها، فإنها (أعني الهيبة) قد تغدو ذات أثر ايجابي في بعض المجالات، كما في مجالات القيادة والإدارة والقضاء والتدريس مثلا، لأن بلوغ الأهداف في هذه المجالات يحتاج إلى حد أدنى من التقيد بالضوابط، وربما تسهم هيبة من يتولاها في دفع الآخرين للالتزام بها . أما حين تكون الهيبة متكلفة، يسعى المرء لإضفائها على ذاته من خلال وسائل مصطنعة، كالعبوس والتجهم، والاستعلاء، والتجنب، وتكلف الجدية المفرطة، والتظاهر بعدم الاهتمام بالناس . فإنها تغدو سلوكا ممجوجا، معوقا لحسن الاتصال، وباعثا على الكراهية في النفوس، والنفور في القلوب، ومجافيا لمعاني الجمال وحسن الذوق ورقي التصرفات .
وربما لا يغيب عمن يتتبع ويلاحظ، أن ثمة نمطا من الثقافة يسود لدى بعض من أفراد مجتمعنا، يمكن لك أن تسميه (ثقافة تكلف الهيبة)، وتتجلى هذه الثقافة في إضفاء المرء وزنا كبيرا على ظهوره بصورة من يملك الهيبة، بحيث يغدو قناع الهيبة هذا نمطا مرغوبا من الشخصية، يسعى الكثيرون لتمثلها وتقمصها والإطلال على الناس من خلالها ... ! ولعل في ذلك ما يفسر العبوس الذي يتسم به الكثير منا، والجفاف والجلافة التي تظهر في أحاديثنا وتعاملنا، على نحو اتخذت صورته موضوعا للتندر والفكاهة، وإجراء المقارنات الطريفة بسلوك الشعوب الأخرى، الأكثر اتصافا بالعفوية ولطف الحديث والمعشر ... ! لما تتضمنه المقارنة من مفارقة تستند إليها النكات بطبيعتها .
وأعتقد بأن ثقافة (تكلف الهيبة) هذه، ذات علاقة وثيقة بموقفنا من الآخرين، ومدى إحساسنا بالأمان نحوهم، فبمقدار ما نملك من خوف (قد يكون لاشعوريا أحيانا) من تجاوز من حولنا لحدودهم في أثناء تعاملهم معنا، وخشية من أن يتدخلوا في شؤوننا، أو يتجرأوا علينا، نسعى للتحوصل بتلك الهيبة، واصطناع الاستعلاء، والإيحاء بالأهمية . حتى أن البعض منا يتبع فنونا في أساليب إلقاء السلام أو حجبه أو الرد عليه، فربما اكتفى برفع حاجبيه، أو التظاهر بعدم الالتفات للشخص المقابل، أو رسم ابتسامة تعمد أن يفهم منها من يتلقاها أنها مصطنعة، فهو لا يستحق أكثر منها ! والمسألة هنا تشبه حال الموظف العام الذي يتعمد الصلافة والجفاء والتجهم في وجه المواطن الذي يراجعه في أمر ما، تحسبا من أن يكثر ذلك المراجع من طلباته، أو يستغرق وقتا طويلا، أو يدخل معه في جدال، ولكي يظل ذلك المواطن (طالب الخدمة) متوجسا حذرا، فلا يشعر في لحظة أنه يطلب حقا له .
ويدخل في نطاق هذه الهيبة المصطنعة شكل من السلوك ربما يحتاج لمن ينتبه إليه، ويتمثل فيمن تجده يرحب بك، ويكيل لك عبارات التأهيل والتسهيل، بل يقسم عليك بأن يستضيفك على وليمة، لكنه في حديثه وتصرفه هذا كله يبقى متجهما عابسا، جادا وجافا، فالهيبة مطلوبة لديه في كل حال ! وكثيرا ما تؤدي الهيبة المصطنعة الى عدم الانخراط في نشاطات الحياة التي تتعدى العمل والزيارات الواجبة والولائم، كما تجعل صاحبها غير قادر على ممارسة الهوايات والترفيه، اللهم إلا إذا تم ذلك بشكل لا يناسب فيه المقال المقام .. !
ولعل مما يلاحظ على أفراد المجتمعات النامية بوجه عام، أنهم يلجأون لمحاولة تحقيق قيمتهم الذاتية والاجتماعية، وإشعار الناس بها، إما من خلال وسائل مصطنعة كما في تكلف الهيبة، أو من خلال وسائل خارجية كما في الاستعراض والتظاهر . ومن عجب أن كثيرا من المجتمعات الأخرى تتعامل بعفوية، وابتسامة، ومرح، ووجه طليق، وعبارات لطيفة، ومع ذلك لا نستطيع أن نصف أفرادها بأنهم فاقدو الهيبة، ولا أن ندعي أن تلك العفوية والطلاقة واللطافة تسبب أي تهديد لأمنهم النفسي الداخلي، أو تؤدي لتعدي الناس عليهم .

__________________
http://quran.al-islam.com/GenGifImag...-0/59/18/1.png

فعلا اخي حمزة ... هذا ما نعني منه في تعاملاتنا ...
اظنهم نسوا ان تبسمك في وحه اخيك صدقة ...
و احيانا قد يكون التبسم صانع كبير للهيبة ..

شكرا لك على الموضوع ..

طبعا كلامك مضبوط الهيبة يصنعها الانسان باحترامه لنفسه واحترامه للاخرين وليست باخافة الناس 0شكرا لك وموضوعك روعة

__________________
أقسى اللحظات
(أن تقف أمام شخص يبكي ولا تملك الشجاعة لأن ترفع يدك وتعانقه)

أقسى اللحظات(أن يعطيك شخص كل معاني الحب من قلبه وتعجز عن أعطائه معنى واحد من قلبك )

thanks my brother and sister

__________________
http://quran.al-islam.com/GenGifImag...-0/59/18/1.png

تسلم على الموضوع يا اخي

جزاك الله خير

__________________
..

هل رأيتم الليل حين يلقي ظلمته وينيره القمر ,,

والأرض عندما تجف وتموت فيحيها المطر ,,

والحدائق حين تحزن فيلونها الزهر ,,

صديقتي تشبه تلك الأشياء ,,

رسمت في حياتي أجمل الصور ,,

عندما تعصف الأجواء وتسقط الأمطار ,,

حين تقرع الأجراس وتبدأ الأسفار ,,

كلما قست الدنيا وأبكتني الأخبار ,,

أجدها هناك ,, معي حتى أخر المشوار ,,

صديقتي ,, كاتمة أسراري ,, وعقلاً يناقش أفكاري ,,

صديقتي ,, قلبا ً يسع إبحاري ,, رفيقة كل أسفاري ,,

صديقتي كاتبة فذه ,,

فتاة هادئة عذبة ,,

رفيقة كلها رقة ,,

وجدتك ..


نورا يضيء سماء ليلي ..

وماءا يروي ظمأي ..

ورفيقا يؤنس وحدتي ..

ومنديلا يمسح عبرتي ..

وشمعة تضيء دربي ..


... ... ...


حق لي أن أفخر وأسمو ..

حق للأشجار أن تتمايل وتزهوو

حق للأزهار أن تتفتح وتبهوو

حق للأطيار أن تغرد وتشدوو

عاهدتني بأن تبقي معي...
عاهدتني بالوفاء والإخلاص...
وها هو قلبي يقطع مع قلبكِ عهداً بأن نبقى أحبة..
لا يفرقنا الا الموت..

عهدا .. سأكون مخلصة لكِ وفية لحبك
وحتماً سأوفي عهدي ووعدي

اقولها من اعماق اعماق وجداني
احبكِ ضياءا ينير دروبي احبك صديقتي احبك !!
*Drip*