عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام العامة > مواضيع عامة

مواضيع عامة مواضيع عامة, مقتطفات, معلومات عامه, مواضيع ليس لها قسم معين.

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-20-2009, 06:59 PM
 
فإن رب عمر يرى!!

فإن رب عمر يرى!!






أ.د. نظمي خليل أبو العطا موسى


من الفوارق الرئيسة بين القانون الإلهي والقانون البشري أن القانون الإلهي يحتاج إلى تقوى ومراقبة ذاتية لله أثناء تطبيقه , وأن الإنسان إن فلت من قبضة العقاب في القانون الوضعي لعدم ثبوت الأدلة المادية عليه فقد تخلص من العقاب، و في القانون الإلهي الإنسان محاسب على ذنبه أمام القانون وأمام الله سبحانه وتعالى، والرقابة في القانون الإلهي دائمة ومستمرة مع الإنسان في كل زمان ومكان، وقد قعّد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم للقانون الإلهي والمراقبة الدائمة بقوله في الحديث الصحيح(اتق الله حيثما كنت) أي اتخذ لنفسك وقاية من عذاب الله عز وجل بفعل أوامره واجتناب نواهيه، (حيثما كنت) أي في أي مكان كنت فيه سواء في العلانية أو في السر، سواء في البيت أو خارج البيت، في بلدك أو خارج بلدك، وسواء رآك الناس أو لم يروك.


وهذه القاعدة رقابة ذاتية من المسلم على أعماله لا توجد في القوانين الوضعية والنظم البشرية، وإذا طبق المسلم وطبقت المسلمة هذه القاعدة الشرعية للرقابة الذاتية ما وجدنا هذه الصور المخزية من بعض المسلمين خارج ديار المسلمين حيث التحلل من اللباس الشرعي للمرأة، وشرب الخمر، والذهاب إلى المراقص، والسواحل العارية، والسرقة من المحال العامة , والهروب من دفع الأجرة في المواصلات العامة وفي (أكشاك) بيع الصحف وغيرها، وإذا طبق المسلم وطبقت المسلمة هذه القاعدة الذهبية في التربية الإسلامية (اتق الله حيثما كنت) ما وجدنا هذا العري في بعض حفلات نساء المسلمين غير المختلطة حيث الألبسة الفاضحة المتحللة من الحياء تماما وحيث الرقص المهين والمشين الخارج عن حدود الترفيه والفرح والاحتفال، فالمسلمة تفرح من دون أن تخرج عن الآداب العامة حتى وهي بين النساء، وهناك سلوكيات مشينة تصدر عن البعض بحجة عدم وجود رجال، وهناك في بعض المدارس للبنات المعلمات والإداريات والعاملات في المدرسة يرتدين الملابس غير اللائقة بحجة عدم وجود رجال، وتناسين أهمية القدوة وأهمية التربية وأهمية الحياء في القدوة والتربية منهن للطالبات .
الحياء سلوك فطري يفقد بالخروج عن آداب الحياء حتى في الخلوة، فالمسلم يستحي من الله، والمسلمة تستحي من الله ومن الرقيب الملائكي والعتيد الملائكي، والعبد إن لم يستح من الله فلن يستحي من الناس , وبعض البنات المنقبات يأتين بأفعال لا تليق بحجة أن لا أحد يعرفهن , وتناسين أن الله تعالى يراهن ويعلم من هن ويعلم ما في قلوبهن , لذلك كانت التقوى من المقاصد العامة للعبادات في الآسلام، ففي الصيام يقول الله تعالى بعد ذلك ذكر الصيام:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " (البقرة 183 ). والقرآن هدى للمتقين قال تعالى:"ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ " البقرة(2). وقال تعالى: " وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ " (آل عمران 133).
وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال: (تقوى الله وحسن الخلق) رواه الترمذي، وقال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله (التقي مُلجم) لا يفعل كل ما يريد، وتقوى الله تؤدي الى النجاة من العذاب والعقوبة والفوز بالجنة ومحبة الله تعالى للمتقين , فإذا تربينا على تقوى الله في كل مكان وزمان كنا في معية الله وفي رحمته في كل مكان وزمان، وهذه التربية تورث الإنسان الحياء وتحافظ عليه وتقويه، والحياء كما قال الراغب في مفرداته هو انقباض النفس عن القبائح وتركها. وقال ابن علان: الحياء خلق يبعث على ترك القبيح من الأقوال والأفعال والأخلاق يمتنع صاحبه عن التقصير في حق ذي الحق، ولنا في ابنه الرجل الصالح أسوة كما قال تعالى:"فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء " القصص (25)، فهذا خلق المسلمة في كل مكان في البيت والمدرسة والحفلات، والأسواق، منفردة ومجتمعة، وهذا خلق المسلم في كل زمان ومكان , فماذا تقول الأم المتبرجة خارج الديار لربها يوم القيامة؟ وماذا يكون موقف أبنائها من الحلال والحرام ومراقبة الله تعالى؟ وماذا ستقول المعلمة غير الملتزمة بالاحتشام أمام تلميذاتها لربها يوم القيامة؟ وماذا تفعل لطالباتها وقد رأين معلمتهن لا تستحي من الله ولا تتقيه ولا تحافظ على دينه؟
على كل منا ان يعلم أنه مسئول أمام الله عن كل من يقتدي به في الحلال والحرام , وعلينا أن نوطن أنفسنا على التربية الإيمانية والخشية من الله في كل زمان ومكان , وأن يعلم كل منا أن الله سبحانه وتعالى يرانا في كل زمان ومكان، وأن على كل منا حفظه يسجلون عليه كل جميل وقبيح , والحل الأمثل هو إتباع القاعدة الذهبية في التربية الإسلامية (اتق الله حيثما كنت)، وتذكرنا هذه القاعدة الذهبية بأم عمر بن عبدالعزيز حيث كان جده عمر بن الخطاب يطوف بالليل يتفقد أحوال الرعية، وفي ليلة كان معه غلامه أسلم وقد استندا إلى جدار بيت، فسمع عمر أعرابية من داخل البيت تخاطب ابنتها قائلة: يا بنيتي لقد أصبحنا فقومي إلى اللبن فامذقيه بالماء (أي: اخلطيه بالماء) واذهبي به إلى السوق فقالت لها الابنة: أوما علمت يا أماه بما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم؟ قالت الأم: وماذا كان من عزمة أمير المؤمنين؟ قالت الفتاة: لقد أمر مناديه، فنادى في الناس ألا يخلط اللبن بالماء. فقالت الام: قومي يا ابنتي فامذقي اللبن بالماء، فإنك بموضع لا يراك فيه عمر، ولا منادي عمر، فردت البنت على أمها غاضبة: يا أماه، والله ما كنت لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء، إن كان عمر لا يرى فإن رب عمر يرى، والله ما كنت لأفعل وقد نهي الخليفة.
لقد سمع ابن الخطاب هذا الحوار الذي ملأ نفسه إعجابا بهذه الفتاة المسلمة البرة، وسال عنها فإذا هي جارية من بني هلال، فزوجها ابنه عاصما، وتمضي الأيام وتنجب الأم لعاصم فتاة يتزوجها والد عمر بن عبدالعزيز فتنجب له عمر بن عبدالعزيز، وكانت زوجة صالحة طيبة برة تقية جمعت بين أخلاق أبيها وأمها، وهذا درس لنساء المسلمين وبنات المسلمين في كل زمان ومكان.
(فإن كان عمر لا يرى فأن رب عمر يرى) فالمسلمة التي تخلع النقاب فور نزولها من الطائرة في دول الغرب وتتبرج وتتعرى لا تخاف من رب العباد ولكنها تخاف من العباد والعادات والتقاليد في بلدها , والمعلمة التي تتبرج في مدرسة البنات غابت عنها هذه القاعدة الذهبية في التربية الأخلاقية (اتق الله حيثما كنت)، والمسلم الذي يشرب الخمر، ويزني في السفر وخارج بلاده لا يخاف الله رب العالمين ولكن يخاف من أهل بلده وعشيرته.
علينا أن نعلم أبناءنا هذه القاعدة الذهبية (اتق الله حيثما كنت) حتى نخرج أبناء ربانيين يعلمون أن الله سبحانه وتعالى يعلم ما يسرون وما يعلنون وأنه سبحانه لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء وانه سبحانه يحب المتقين الصادقين المخلصين وأعد لهم جنات النعيم.





أخبار الخليج – الملحق الإسلامي – العدد (11067) – الجمعة 8 رجب 1429 هـ - 11 يوليو 2008م
__________________
.
استمع إلى القرآن الكريم لعشرات القراء أضغط هنا
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 01:12 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011