|
مواضيع عامة مواضيع عامة, مقتطفات, معلومات عامه, مواضيع ليس لها قسم معين. |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||
| ||
منتديات الانترنت ومدوناته بسم الله الرحمن الرحيم رغم عظمة الانترنت وروعته، وإمكاناته المذهلة، وقدرته المبهرة على تحطيم حواجز الزمان والمكان، وتخطي الحدود والسدود الثقافية والسياسية، ورغم ما أتاحه للمعلومات والمعرفة والحكمة من انتشار سهل وسريع ودقيق وموثق، وما غمر به الحياة الإنسانية من فضائل تذكر لكن لا تحصر، رغم ذلك كله وسواه، يظل الانترنت بمواقعه ومدوناته ومنتدياته وبريده ووسائل اتصاله مجرد وعاء، ينضح بما يسكب فيه، ولا يمكنك أن تغرف منه إلا ما يحتويه، مما تختاره أنت وتنتقيه . فالإنسان بثقافته المتقدمة أو المتأخرة، واهتماماته الراقية أو السخيفة، وفكره العميق أو الضحل، وعلمه الغزير أو الهزيل، بإبداعه أو تقليده، وجموده أو تجديده، هو من يصنع مضمون تلك المواقع والمدونات والمنتديات، وهو من يرجع إليها ويتفاعل معها. سواء أكان هذا المضمون هو محتويات مكتبة الكونغرس ذاتها، أو موسوعات ومعاجم متخصصة، أو موضوعات علمية متقدمة، أو أدب رفيع، أو فكر عميق، أو كان هذرا بلا طائل، وحديثا معمما سطحيا لا يقدم ولا يؤخر . لقد تناولت كثير من الكتابات والتقارير مضمون ما هو مدون باللغة العربية على الانترنت، وهي تؤكد أن ذلك المضمون نزر يسير، قياسا إلى المضمون العالمي، ويقل بكثير عن الواحد في المائة من حيث الكم، أما من حيث النوع فهو مضمون متواضع هزيل مقارنة مع مضامين الانترنت المكتوبة ببعض اللغات الأخرى، فهو لا يلبي غالبا حاجة الباحثين والدارسين، ولا يشبع الفضول العلمي للجادين والمهتمين . فإذا بحثوا في موضوع معين ذي بعد علمي أو فكري، دخلوا من خلال عناوين البحث إلى متاهة الأحاديث العامة والأخبار المتفرقة والحوارات السطحية، ولم يجدوا ضالتهم في معظم الأحيان . لكن ما تقدم لا يعني أبدا عدم وجود مواقع ومدونات ومنتديات عربية جادة مفيدة ذات قيمة، يحرص القائمون عليها على الفكر العميق والذوق الرفيع، ويراعي المشاركون فيها أدب الحوار وحسن النقاش وجودة اللغة، وتزداد قيمة مثل هذه المنتديات الجادة بطبيعة الحال، بالنظر لما يتيحه الانترنت من حرية لا تتيحها الكتب والصحف ووسائل التعبير الأخرى بالمستوى ذاته. غير أن من المنتديات والمدونات العربية، وبخاصة فيما تتضمنه من ردود وتعليقات ونقاشات، ما يعكس جملة من الثقافات السلبية، وينم عن تردي أنماط التفكير، وتدني مستوى الوعي، وضحالة الفكر السائد والغالب . كما تعكس حاجة القيم والاهتمامات وطبيعة النظرة للآخر وأسلوب الخطاب إلى الارتقاء . فالبعض مثلا ينقل المواضيع دون أن يشير لكاتبها ومصدرها . كأنه لا يعترف بقيمة الأمانة العلمية، لكي لا نقول قيمة (الملكية الفكرية)، مع أن ثمة الكثير ممن يحرصون على الأمانة، فيدرجون اسم الكاتب والمصدر الذي اقتبسوا منه، لكن الردود والتعليقات تأتي لتنهال بالمديح على من نقل المقال أو الموضوع المكتوب وليس على من كتبه ..! فتقرأ في الردود عبارات مثل (يسلم قلمك) (أفكارك دائما رائعة) (ننتظر المزيد من كتاباتك الجميلة) ... كل ذلك رغم أن من اقتبس الموضوع كان أمينا في نقله ولم ينسب شيئا لنفسه . وكان يمكن للردود أن تشكره على اختياره واهتماماته، لا أن تنسب إليه ما لم ينسبه لنفسه ...! وقد يكون في هذا السلوك تعبير عن الثقافة الاجتماعية السائدة، التي ترجح المجاملة على اعتبارات الصدقية والدقة والحقيقة. وتتسم كثير من الردود والتعليقات في المنتديات كذلك بالعمومية، وعدم تقديم أية فكرة أو قيمة مضافة، وينم بعضها عن أن مرسلها لم يقرأ الموضوع الذي يعلق عليه، فاكتفى بعبارات عامة فضفاضة تصلح لكل مقام، كتقديم المدح لصاحب الموضوع، والقول بأنه موضوع مهم . ويسود هذا الشكل من الردود ليعبر عن ثقافة اجتماعية منتشرة، وهي : (المهم أن تقول شيئا، أي شيء، وليس مهما إن كان هذا الشيء يحمل إضافة جديدة) . كما يعبر عن ثقافة الاهتمام بالكم على حساب الكيف، حيث يسعى من يقدمون الردود إلى الإكثار من مشاركتهم ليحسب ذلك لهم، بهدف الحصول على مرتبة أو لقب في المنتدى الذي يشاركون فيه ..! وتظهر في كثير من منتديات الانترنت كذلك سخافة الاهتمامات، وسطحية الفكر، ومغالطات التفكير، من خلال تلك الموضوعات التي تهتم بالخرافات والأساطير وتنبؤات الأبراج، أو بالشائعات والفضائح والأخبار التافهة، وتلك الردود التي لا تستطيع أن تأتي بجديد، وتقتصر على تقليد أنماط الأفكار الجاهزة المعلبة، وترديد المقولات المحفوظة المستهلكة، ناهيك عما يظهر هنا أو هناك من أشكال التعصب، الذي يدل هو الآخر على فكر ضحل، ونفس تفتقد للتسامح، وقلب لا يتسع للآخر، مما يخلق ضيق الأفق، وعدم القدرة على الحكم الموضوعي . ويلجأ البعض لاستخدام اللغة العامية في المنتديات، بسبب العجز عن استخدام اللغة الفصيحة غالبا، مما يضفي على المواضيع والردود والتعليقات مسحة إضافية من الركاكة، ويقلل من ذلك الجمال الذي يمكن أن تتيحه اللغة العربية الفصيحة للكتابة، ويحد من فرص تبادل الأفكار بين الدول العربية التي تختلف فيما بينها اللهجات، بينما يمكن لأبنائها التفاهم من خلال اللغة الفصيحة . ومع أنه لا يفترض في كل من يسهم في الإدلاء برأيه في المنتديات أن يكون كاتبا أو أديبا، لكن لا أقل من تحري لغة تميز العلم والأدب والفكر والحديث الجاد عن لهجة الأسواق والشوارع والصالونات . ورغم كل ما تقدم، ورغم أية سلبيات أخرى قد نلحظها، فستظل للمنتديات والمدونات على الانترنت أهميتها، كوسيلة تعبير جديدة، وأداة حوار، وطريق للتعلم والتعليم ونقل الفكر والمعرفة، على نحو قد يسهم في تغيير الأفكار المستحكمة والثقافات السلبية، وتطوير المجتمع، في ظل ما يتيحه الانترنت من حرية وسرعة وسهولة في التبادل......إبراهيم كشت __________________ [ |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |