|
نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||
| ||
( عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) بسم الله الرحمن الرحيم عنوان هذا الدرس أو هذا المقال : آية من كتاب الله وهي : قوله تعالى : ( عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) ، أحببت أن أبين فيه أقوال المفسرين في المراد بكلمة ( البيان ) الواردة في الآية الكريمة وذلك بقدر الطاقة إذ اختلفت تفسيرات العلماء لها ، وهذه الكلمة جاءت في الآية الرابعة من سورة الرحمن بعد قوله تعالى : الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3). وقد علمنا شيخنا الجليل أ.د شحادة العَمْري الفاضل تلميذ شيخنا الفضل أ.د فضل حسن عباس علمنا بأن الله أنزل المنهج الرباني بقوله تعالى : (علم القرآن) ثم (خلق الإنسان) الذي كلف بالسير على هذا المنهج والتمسك به حين كلفه بما جاء فيه ، وبهذا فإن المنهج قد نزل قبل خلق المكلَّف به وهو الإنسان . هذا ما وودت أن أبدأ به هذا البحث ولكني سأسلط الضوء على كلمة واحدة من تلك الآية وهي قوله تعالى : ( البيان ) بل أعيش وإياكم في ضوء تلك الكلمة فهي ضوء بنفسها ولا تحتاج إلى من يسلط عليها الضوء كأمثالي فبالله أستعين وعليه أتوكل . اعلم أن كلمة ( البيان ) وردت صِيَغُها في القرآن الكريم : ثماني وخمسون ومئتا مرة (258 ) . وأما مادتها - أي جذر الكلمة وهو ( بانَ ) أو ( بَيَنَ ) - فلم ترد وأما صيغها فوردت وهي عبارة عن ثماني وعشرين -(28)- صيغةً جاءت على النحو الآتي: 1- بيّنّا : ثلاثة مرات . 2- بيّنّاه : مرة واحدة . 3- بيَّنوا : مرة واحدة . 4- لأُبيِّنَ : مرة واحدة . 5- لِتُبَيِّنَ :مرتين . 6- لَتُبَيِّنُنَّهُ : مرة واحدة . 7- نبيِّن : مرتين . 8- لِنُبَيِّنَهُ : مرة واحدة . 9- يُبَيِّن : احدى وعشرين مرة . 10- يُبَيِّنَنَّ : مرة واحدة . 11- يُبَيِّنُها: مرة واحدة . 12- يُبينُ: مرة واحدة . 13- تَبَيَّنَ :احدى عشرة مرة . 14- تَبَيَّنَتْ : مرة واحدة . 15- يَتَبَيَّنَ :ثلاثة مرات . 16- تَبَيَّنُوا : ثلاثة مرات . 17- تَسءتَبينَ : مرة واحدة . 18- بَيِّنٍ : مرة واحدة . 19- بَيِّنَة :تسع عشرة مرة . 20- بَيِّنات:اثنتين وخمسين مرة . 21- مُبَيِّنة : ثلاثة مرات . 22- مُبَيِّناتٍ : ثلاثة مرات . 23- مُبِين: مئة وستين مرة . 24- مُبِيناً:ثلاثة عشرة مرة . 25- المُسْتَبِينَ: مرة واحدة . 26- بَيَان:مرتين . 27- بَيانُهُ: مرة واحدة . 28- تِبْياناً : مرة واحدة . تعريف ( البيان ) لغة واصطلاحا : بادِئَ بَدْءٍ أود أن أشير إلى أن علماء اللغة أوردوا مادة كلمة ( البيان ) مرة ( بان ) وأخرى ( بين ) فالأولى ذكرها الإمام الراغب الأصفهاني في كتابه معجم مفردات القرآن الكريم ، والأخرى ذكرها الإمام ابن فارس في كتابه مقاييس اللغة ، وإليكم تعريف كلمة( البيان ) : لغة : يظهر أن مادة ( ب ي ن ) كان أول وضع لها عند العرب يتناسب مع المعاني السائدة في عصرهم فهم يعيشون في صحراء ممتدة الأطراف وذات مساحات واسعة فلذلك ليس بعيدا أن يضع العرب هذه المادة ( ب ي ن ) للشيء البعيد عن الأنظار ثم ينكشف رويدا رويدا إذا ما سار نحوه العربي وقد جاء في كلام الإمام اللغوي الشهير ابن فارس في كتابه مقاييس اللغة بأن مادة بَيَنَ الباء والياء والنون أصلٌ واحد، وهو بُعْدُ الشَّيء وانكشافُه. وتطلق-أيضا- على الفِراق فالأعرابي كان يقطع المسافات الشاسعة لزيارة أقاربه فكان للفراق وقعه الخاص أكثر مما هو ملموس الآن إذ أن الكرة الأرضية أصبحت كقرية واحدة بفعل وسائل المواصلات والإتصالات السريعة ، وقال في المقاييس: فالبَيْن الفِراق، يقال بَانَ يَبِينُ بَيْنا وَبَيْنُونَة. ومما يتناسب- أيضاً - مع البيئة العربية آنذاك هو استعمالهم كلمة البَيون للبئر البعيدة القَعر فقد كانوا يعتمدون على البئر في شرب الماء ومن ثَمَّ سقي أنعامهم وهكذا ، وهذا ما ورد في كلام العالم اللغوي ابن فارس - رحمه الله - في قوله : وَالبَيُون: البئر البعيدة القَعْر. وكما قلنا بأنهم كانوا يقطعون المسافات الشاسعة عند تنقلهم من مكان لآخر وكذلك في أسفارهم وليس عجيبا أن يسموا القطعة من الأرض التي هي قدر مد البصر ( بِين ) وهذا ما جاء في المقاييس بقوله : وَالبِينُ ( بكسر حرف الباء ): قطعةٌ من الأرْضِ قدْرُ مَدِّ البَصَر، قال: بِسَرْوِ حِمْيَرَ أبوالُ البِغَالِ به أنِّى تَسَدَّيْتِ وَهْناً ذلك البِينَا واستعملت هذه المادة في اتضاح الشيء وانكشافه وأن فلان أوضح كلاما من فلان وفي هذا يخبرنا ابن فارس حيث يقول : وَبانَ الشَّيءُ وَأبَانَ إذا اتَّضَحَ وانْكَشَفَ، وفلانٌ أبْيَنُ مِنْ فُلانٍ أي أوْضَحُ كلاماً منه[1] . ثم تطوَّرت الكلمة لتصبح : البيان في اظهار المتكلم ُ المرادَ للسامع ومن ثم تشعبت استعمالات الكلمة واضافاتها حتى وصلنا من بين ما وصلنا إليه إلى اضافتها – أي كلمة البيان - إلى التفسير وهذا ما سيظهر من خلال كلام الراغب الأصفهاني - رحمه الله - حيث يقول مبينا معنى بان بقوله : بان: يُقالُ بانَ واسْتَبَانَ وَتَبَيَّنَ وقد بَيَّنْتُهُ ، ويقالُ آيةٌ مُبَيَّنةٌ اعْتِباراً بِمَنْ بيَّنَهَا وآيةٌ مُبَيِّنةٌ وآياتٌ مُبَيِّنَاتٌ وَمُبَيَّنَاتٌ، والبيِّنةُ الدِّلالةُ الواضِحَةُ عَقْلِيّةً كَانَتْ أو مَحْسُوسَةً ، والبيانُ : الكَشْفُ عنِ الشيءِ وهوَ أعَمُّ منَ النُّطْقِ مُخْتَصٌّ بالإنْسَانِ وَيُسَمَّى مَا بُيِّنَ به بياناً. قال بَعْضُهُمْ: البيانُ يكونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أحدُهُما بالتَّنْجِيزِ وهوَ الأشياءُ التي تدُلُّ عَلَى حالٍ مِنَ الأحوَالِ مِنْ آثارِ صُنْعِهِ. والثاني بالاخْتِبارِ وذلكَ إمَّا أَنْ يكونَ نُطْقاً أو كِتابةً أو إشارةً، فِمَّا هو بيانٌ بالحالِ قولهُ: {ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين} أي كوْنُهُ عَدُوّاً بَيِّنٌ في الحالِ {تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَـنٍ مُّبِينٍ }. وما هو بَيانُ بالاخْتِبَارِ {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّنَـتِ وَالزُّبُرِ ـ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّل إليهم} ، وسمِّيَ الكلامُ بَياناً لِكَشْفِهِ عَنِ المعْنى المَقْصُودِ إظْهَارُهُ نحوُ {هذا بيان للناس} وَسُمِّيَ مَا يُشْرَحُ بهِ المُجْمَلُ والمُبْهَمُ منَ الكلامِ بَياناً نحوُ قولهِ: {ثم إن علينا بيانه} وَيُقَالُ بَيَّنْتُهُ وَأبنْتُهُ إذا جَعلْتَ لهُ بَياناً تكْشِفُ نحوُ: {لتبين للناس ما نزل إليهم} وقال: {نذير مبين ــــ إن هذا لهو البلاء المبين ــــ وَلا يكاد يبين} أي يُبَيِّنُ {وهو في الخصام غير مبين}[2]. تعريفها – البيان - اصطلاحا : البيان : عبارة عن إظهارُ المتكلمِ المرادَ للسامع، وهو بالإضافة[3] خمسة: بيان التبديل: هو النسخ، وهو رفع حكمٍ شرعي بدليلٍ شرعي متأخر. بيان الضرورة: هو نوع بيان يقع بغير ما وضع له، لضرورةٍ ما، إذ الموضوع له النطق، وهذا يقع بالسكوت، مثل سكوت المولى عن النهي حين يرى عبده يبيع ويشتري، فإنه يجعل إذناً له بالتجارة ضرورة دفع الغرر عمن يعامله، فإن الناس يستدلون بسكوته على إذنه، فلو لم يجعل إذناً لكان إضراراً بهم، وهو مدفوع[4]. بيان التغيير: هو تغيير موجب الكلام، نحو التعليق، والاستثناء والتخصيص. بيان التفسير: وهو بيان ما فيه خفاء من المشترك، أو المشكل، أو المجمل، أو الخفي، كقوله تعالى: " وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة "[5] ، فإن الصلاة مجمَل، فلحق البيان بالسنة، وكذا الزكاة مجمَل في حق النصاب والمقدار، ولحق البيان بالسنة، وهو النطق الفصيح المعرب، أي المظهر، عما في الضمير، وإظهار المعنى وإيضاح ما كان مستوراً قبله، وقيل: هو الإخراج عن حد الإشكال، والفرق بين التأويل والبيان، أن التأويل ما يذكر في كلام لا يفهم منه معنًى محصل في أول وهلة، والبيان ما يذكر فيما يفهم ذلك لنوع خفاء بالنسبة إلى البعض[6] [7]. إذاً : فكلمة بيان تطلق على الكلام بَياناً لِكَشْفِهِ عَنِ المعْنى المَقْصُودِ إظْهَارُهُ وهوَ أعَمُّ منَ النُّطْقِ مُخْتَصٌّ بالإنْسَانِ وَيُسَمَّى مَا بُيِّنَ به بياناً . قلت : وهي تطلق على علوم البلاغة المكونة من علم المعاني وعلم البيان وعلم البديع ثم أصبحت تستعمل في علم التشبيهات والاستعارات على وجه الخصوص فيقال علم البيان ومن هنا تجد أن مولانا الشيخ العلامة علامة بلاد الشام في تفسير القرآن الكريم وعلومه الاستاذ الدكتور فضل حسن عباس حفظه الله ورعاه قد أصدر مؤلفا هو عبارة عن : سلسلة في علوم البلاغة فنونها وأفنانها وأسماها سلسلة بلاغتنا ولغتنا وكان الجزء الأول بعنوان : علم المعاني ، والجزء الثاني بعنوان :علم البيان ، والثالث بعنوان : علم البديع . هذه مادة بيان في أصل وضعها ومن ثم فيما وصلت إليه في مسلسل تطورها. ومن هنا أود أن أبين أقوال العلماء في قوله تعالى : ( علمه البيان ) . أقوال المفسرين في المراد بكلمة ( البيان ) في قوله تعالى ( علمه البيان ). يقول الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسير جامع البيان : وقال آخرون: عنى به الكلام: أي أن الله عزّ وجلّ علم الإنسان البيان. قال ابن زيد : والصواب من القول في ذلك أن يقال: معنى ذلك: أن الله علَّم الإنسان ما به الحاجة إليه من أمر دينه ودنياه من الحلال والحرام، والمعايش والمنطق، وغير ذلك مما به الحاجة إليه، لأن الله جلّ ثناؤه لم يخصص بخبره ذلك، أنه علَّمه من البيان بعضا دون بعض، بل عمّ فقال: علَّمه البيان، فهو كما عمّ جلّ ثناؤه [8]. ثم جاء ترجيح الإمام الطبري بعد تفسير قوله تعالى : ( الشمس والقمر بحسبان ) : والبيان يأتي على هذا: علَّمه البيان أن الشمس والقمر بحسبان، قال: فلا يحذف الفعل ويُضمر إلا شاذّا في الكلام. وأما صاحب الكشاف فقال : ثم ذكر ما تميز به من سائر الحيوان من البيان ، وهو المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير [9]. وممن جمع بين المعنيين أقصد - المنطق والنطق - الإمام ابن عطية رحمه الله تعالى في كتابه : المحرر الوجيز فقال : [10] و : { البيان } النطق والفهم والإبانة عن ذلك بقول قاله ابن زيد والجمهور ، وذلك هو الذي فضل الإنسان من سائر الحيوان ، وقال قتادة : هو بيان الحلال والحرام والشرائع ، وهذا جزء من { البيان } العام ، وقال قتادة : { الإنسان } آدم . وقال ابن كيسان : { الإنسان } : محمد . ثم رجح القول بعدم وجود الدليل على تخصيص البيان بما قاله قتادة رضي الله عنه وأن البيان شامل لجميع المعلومات السابقة فقال : قال القاضي أبو محمد : وهذا التخصيص لا دليل عليه ، وكل المعلومات داخلة في البيان الذي علمه الإنسان . وإذا جئنا لنتعرّف على ما قاله الإمام الرازي فإننا نجده قد خصّ البيان بالنطق في موضع ، وبالمنطق والفهم والإبانة في آخر وهذا ما سيقول به الأمام الألوسي لاحقا ، فعند تفسيره- أي الرازي- قوله تعالى : : { واحلل عُقْدَةً مّن لِّسَانِي * يَفْقَهُواْ قَوْلِي } [ طه : 27 ، 28 ] وفيه مسائل : المسألة الأولى : اعلم أن النطق فضيلة عظيمة ويدل عليه وجوه . أحدها : قوله تعالى : { خَلَقَ الإنسان * عَلَّمَهُ البيان } [ الرحمن : 3 ، 4 ] ولم يقل وعلمه البيان لأنه لو عطفه عليه لكان مغايراً له ، أما إذا ترك الحرف العاطف صار قوله : { عَلَّمَهُ البيان } كالتفسير لقوله : { خَلَقَ الإنسان } كأنه إنما يكون خالقاً للإنسان إذا علمه البيان ، وذلك يرجع إلى الكلام المشهور من أن ماهية الإنسان هي الحيوان الناطق . وثانيها : اتفاق العقلاء على تعظيم أمر اللسان ، قال زهير : لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فلم يبق إلا صورة اللحم والدم وقال علي : ما الإنسان لولا اللسان إلا بهيمة مهملة أو صورة ممثلة . والمعنى أنا لو أزلنا الإدراك الذهني والنطق اللساني لم يبق من الإنسان إلا القدر الحاصل في البهائم ، وقالوا : المرء بأصغريه قلبه ولسانه . وقال : " المرء مخبوء تحت لسانه " وثالثها : أن في مناظرة آدم مع الملائكة ما ظهرت الفضيلة إلا بالنطق حيث قال : { يَاءَادَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِم قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِي أَعْلَمُ غَيْبَ السموات والأرض } [ البقرة : 33 ] [11]. قلت : هذا ما ذهب إليه الإمام الرازي في هذه الآية واستشهد لتفسيره هذا بآية سورة الرحمن ، بينما ذهب مذهبا آخر حين وصل إلى تفسير الآية ذاتها في سورة الرحمن والتي نحن بصدد الحديث عنها فلنرى كيف صنع حين تساءل قائلاً : ما البيان وكيف تعليمه ؟ نقول : من المفسرين من قال : البيان المنطق[12] فعلمه ما ينطق به ويفهم غيره ما عنده ، فإن به يمتاز الإنسان عن غيره عن الحيوانات ، وقوله : { خَلَقَ الإنسان } إشارة إلى تقدير خلق جسمه الخاص ، و { عَلَّمَهُ البيان } إشارة إلى تميزه بالعلم عن غيره . وقد خرج ما ذكرنا أولاً أن البيان هو القرآن وأعاده[13] ليفصِّل ماذكره إجمالاً بقوله تعالى : { عَلَّمَ القرءان } كما قلنا في المثال حيث يقول القائل : علمت فلاناً الأدب حملته عليه ، وعلى هذا فالبيان مصدر أريدَ به ما فيه المصدر ، وإطلاق البيان بمعنى القرآنِ على القرآنِ في القرآنِ كثيرٌ ، قال تعالى : { هذا بَيَانٌ لّلنَّاسِ } [ آل عمران : 138 ] وقد سمى الله تعالى القرآن فرقاناً وبياناً والبيان فرقان بين الحق والباطل ، فصح إطلاق البيان ، وإرادة القرآن [14]. قلت : إذاً هو يذهب هنا إلى أن معنى كلمة ( البيان ) المنطق وليس النطق . وإذا أردنا أن تستوضح الإمام الخازن رحمه الله عن تفسيره للآية فسنجده لا يمانع في إبداء رأيه حيث يورد أراء من سبقه في ذلك فيقول : { علمه البيان } يعني أسماء كل شيء وقيل علَّمه اللغات كلها فكان آدم يتكلم بسبعمائة لغة أفضلها العربية وقيل الإنسان اسم جنس وأراد به جميع الناس ، فعلى هذا يكون معنى علمه البيان أي النطق الذي يتميز به عن سائر الحيوانات ، وقيل علمه الكتابة والفهم والإفهام حتى عرف ما يقول وما يقال له وقيل علم كل قوم لسانهم الذي يتكلمون به وقيل أراد بالإنسان محمداً علَّمه البيان يعني بيان ما يكون وما كان لأنه ينبىء عن خبر الأولين والآخرين وعن يوم الدين ، وقيل علمه بيان الأحكام من الحلال والحرام والحدود والأحكام [15]. قلت : والظاهر أن الإمام الخازن قد اختار الرأي الراجح فأورده أولاً ثم ذكر الأقوال الأخرى بصيغة التمريض ( قيل )[16] وأود أن أشير إلى أن رأيه هذا ورد في قول ابن عباس رضي الله عنهما في التفسير المنسوب إليه ( تنوير المقباس وهو : وجاء في التفسير المنسوب لابن عباس رضي الله عنه ( تنوير المقباس ) : { خَلَقَ الإنسان } يعني آدم من أديم الأرض { عَلَّمَهُ البيان } ألهمه الله بيان كل شيء وأسماء كل دابة تكون على وجه الأرض[17]. والآن دعونا نذهب إلى تفسير الجلالين فقد حسم الجلال موقفه بأنها – أي البيان – النطق [18] فقال : { عَلَّمَهُ البيان } النطق [19]. وأما إن سألتم عن رأي تفسير آخر في معنى كلمة( البيان ) فلن أتوانا في ذكر ما جاء في البحر المديد لابن عجيبة [20] حيث يقول : { علَّمه البيانَ } وهو المنطق الفصيح ، المُعْرِب عما في الضمير ، وليس المراد بتعليمه : تمكينه من بيان ما في نفسه ، بل منه ومِن فهم بيان غيره ، إذ هو الذي يدور عليه التعليم . وأَخَّر ذِكر خلق الإنسان عن تعليم القرآن؛ ليعلم إنما خلقه للدين ، وليُحيط علماً بوحي الله وكُتبه ، ثم ذكر ما تميز به من سائر الحيوان ، وهو البيان والإفصاح عما في الضمير . والجمل الثلاث أخبار مترادفة للرحمن ، وإخلاء الأخيرتين عن العاطف لمجيئها على نمط التعديد ، كما تقول : زيد أغناك بعد فقر ، أعزّك بعد ذلك ، كثَّرك بعد قِلَّة ، فعل بك ما لم يفعل أحدٌ بأحدٍ ، فما تُنكر إحسانه؟ [21]. قلت : يعني الإمام ابن عجيبة أن الله علمه البيان عما في نفسه وعلمه البيان من فهم بيان غيره . ثم جاء الإمام الألوسي فذكر المرادان وهما النطق والمنطق مرجحا الأخير فقد فعل مثل ما ذهب إلي الرازي فالأول وهو النطق ذهب إليه عند تفسيره لقوله تعالى على لسان نبيه موسى عليه السلام : { واحلل عُقْدَةً مّن لِّسَانِي * يَفْقَهُواْ قَوْلِي } [ طه : 27 ، 28 ] والثاني وهو المنطق فقد ذكره بمفرده عند تفسير الآية التي نحن بصدد بيان أقوال العلماء فيها: { عَلَّمَهُ البيان } لأن البيان هو الذي به يتمكن عادة من تعلم القرآن وتعليمه ، والمراد به المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير . وإن قلت لكم بأنني لا أستطيع أن أترك البحث خالياً من كلام هذا الإمام الجليل صاحب التفسير الروح روح المعاني فلا إخالكم تترددون في موافقتي على معرفة رأي هذا الإمام ولن تنتظروا موافقتي على ذلك حيث رجح القول بأن المراد منها المنطق فهو يقول بعدما ذكر الأقوال التي مرت معنا في البحث: ... وهذه أقوال بين يديك ، والمتبادر من الآيات الكريمة لا يخفى عليك ولا أظنك في مرية من تبادر ما ذكرناه فيها أولاً . ثم قال : هذا ومن باب الإشارة : في بعض الآيات { مُّقْتَدِرِ الرحمن * عَلَّمَ القرءان } [ الرحمن : 1 ، 2 ] إشارة إلى ما أودعه سبحانه في الأرواح الطيبة القدسية من العلوم الحقانية الإجمالية عند استوائه عز وجل على عرض الرحمانية { خَلَقَ الإنسان } [ الرحمن : 3 ] الكامل الجامع { عَلَّمَهُ البيان } وهو تفصيل تلك العلوم الإجمالية [22]. هذا وقد بين الحافظ ابن حجر البيان ورجح المراد به في الاية الكريمة فقال عند شرحه للحديث الذي أورده في باب إن من البيان سحراً عنعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ قَدِمَ رَجُلَانِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا أَوْ إِنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ لَسِحْرٌ ) . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْبَيَان اِثْنَانِ : أَحَدهمَا : مَا تَقَع بِهِ الْإِبَانَة عَنْ الْمُرَاد بِأَيِّ وَجْه كَانَ ، وَالْآخَر : مَا دَخَلَتْهُ الصَّنْعَة بِحَيْثُ يَرُوق لِلسَّامِعِينَ وَيَسْتَمِيل قُلُوبهمْ ، وَهُوَ الَّذِي يُشَبَّه بِالسِّحْرِ إِذَا خَلَبَ الْقَلْب وَغَلَبَ عَلَى النَّفْس حَتَّى يُحَوِّل الشَّيْء عَنْ حَقِيقَته وَيَصْرِفهُ عَنْ جِهَته ، فَيَلُوح لِلنَّاظِرِ فِي مَعْرِض غَيْره . وَهَذَا إِذَا صُرِفَ إِلَى الْحَقّ يُمْدَح ، وَإِذَا صُرِفَ إِلَى الْبَاطِل يُذَمّ . قَالَ : فَعَلَى هَذَا فَاَلَّذِي يُشَبَّه بِالسِّحْرِ مِنْهُ هُوَ الْمَذْمُوم . ... وَقَالَ اِبْن بَطَّال : أَحْسَن مَا يُقَال فِي هَذَا أَنَّ هَذَا الْحَدِيث لَيْسَ ذَمًّا لِلْبَيَانِ كُلّه وَلَا مَدْحًا لِقَوْلِهِ مِنْ الْبَيَان ، فَأَتَى بِلَفْظَةِ " مِنْ " الَّتِي لِلتَّبْعِيضِ قَالَ : وَكَيْف يُذَمّ الْبَيَان وَقَدْ اِمْتَنَّ اللَّه بِهِ عَلَى عِبَاده حَيْثُ قَالَ : ( خَلَقَ الْإِنْسَان عَلَّمَهُ الْبَيَان ) اِنْتَهَى . وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْمُرَاد بِالْبَيَانِ فِي الْآيَة الْمَعْنَى الْأَوَّل الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الْخَطَّابِيُّ ، لَا خُصُوص مَا نَحْنُ فِيهِ . وَقَدْ اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى مَدْح الْإِيجَاز ، وَالْإِتْيَان بِالْمَعَانِي الْكَثِيرَة بِالْأَلْفَاظِ الْيَسِيرَة ، وَعَلَى مَدْح الْإِطْنَاب فِي مَقَام الْخَطَابَة بِحَسَبِ الْمَقَام ، وَهَذَا كُلّه مِنْ الْبَيَان بِالْمَعْنَى الثَّانِي . نَعَمْ الْإِفْرَاط فِي كُلّ شَيْء مَذْمُوم ، وَخَيْر الْأُمُور أَوْسَطهَا . وَاَللَّه أَعْلَم [23]. تفسيرها عند بعض المفسرين المعاصرين : وندَعُ - مؤقتاً - خلق الإنسان ابتداء ، فسيأتي ذكره في مكانه من السورة بعد قليل . إذ المقصود من ذكره هنا هو ما تلاه من تعليمه البيان . إننا نرى الإنسان ينطق ويعبر ويبين ، ويتفاهم ، ويتجاوب مع الآخرين . . فننسى بطول الألفة عظمة هذه الهبة ، وضخامة هذه الخارقة ، فيردنا القرآن إليها ، ويوقظنا لتدبرها ، في مواضع شتى . فما الإنسان؟ ما أصله؟ كيف يبدأ ؟ وكيف يُعلم البيان؟ إنه هذه الخلية الواحدة التي تبدأ حياتها في الرحم . خلية ساذجة صغيرة ، ضيئلة ، مهينة . ترى بالمجهر ، ولا تكاد تَبين . وهي لا تُبين!!! ولكن هذه الخلية ما تلبث أن تكون الجنين . الجنين المكون من ملايين الخلايا المنوعة . . عظمية . وغضروفية . وعضلية . وعصبية . وجلدية . . ومنها كذلك تتكون الجوارح والحواس ووظائفها المدهشة : السمع . البصر . الذوق . الشم . اللمس . ثم . . ثم الخارقة الكبرى والسر الأعظم : الإدراك والبيان ، والشعور والإلهام . . كله من تلك الخلية الواحدة الساذجة الصغيرة الضئيلة المهينة ، التي لا تكاد تَبين ، والتي لا تُبين! [24]. ويرى الشيخ العلامة ابن عاشور عند تفسيره لقوله تعالى من سورة البقرة : ( وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )(31) . الجمع بين القولين وهما النطق والمنطق حين يقول : وتعليم الله تعالى آدمَ الأسماء إما بطريقة التلقين بعرض المسمى عليه فإذا أراه لُقن اسمه بصوت مخلوق يسمعه فيعلم أن ذلك اللفظ دال على تلك الذات بعلم ضروري ، أو يكون التعليم بإلقاء علم ضروري في نفس آدم بحيث يخطر في ذهنه اسم شيء عند ما يعرض عليه فيضع له اسماً بأنْ ألهمه وضع الأسماء للأشياء ليمكنه أن يفيدها غيره ، وذلك بأن خلق قوةَ النطق فيه وجعله قادراً على وضع اللغة كما قال تعالى : { خلق الإنسان علمه البيان } [ الرحمن : 2 ، 3 ] وجميع ذلك تعليم إذ التعليم مصدر علَّمه إذا جعله ذَا علم مثل أدَّبه فلا ينحصر في التلقين وإِنْ تبادَر فيه عرفاً . وأيَّاً ما كانت كيفية التعليم فقد كان سبباً لتفضيل الإنسان على بقية أنواع جنسه بقوة النطق وإحداث الموضوعات اللغوية للتعبير عما في الضمير [25]. ويذهب ثلة من علماء الأزهر الأجلّاء إلى أن المراد من الكلمة الإبانة بدون التنويه إلى قوة النطق أو النطق التي أشار إليها العلماء السابقون فقالوا : أوجد الإنسان . علمه الإبانة عما فى نفسه تمييزاً له عن غيره [26]. وكذلك قال العلماء المفسرون أصحاب كتاب (التفسير الميسر ) ومنهم شيخي أ.د.محمد ابراهيم الشافعي وهو شيخ أزهري جليل قالوا: خلق الإنسان، علَّمه البيان عمَّا في نفسه تمييزًا له عن غيره [27]. هذا وقبل ان أنسى فقد تناهى إلى مسامعي أن الشيخ الجليل أ.د عدنان زرزور ذهب إلى القول بأن المراد هو النطق والله تعالى أعلم ، وكنت أود أن أرى ذلك بنفسي إلا أنه ضيق الوقت الذي لم يسعفني فالواجبات أكثر من الأوقات. هذه أقوال ثلة من الأولين وثلة من المعاصرين من العلماء المفسرين - رحم الله متوفاهم وأغدق على الأحياء منهم موفور الصحة والعافية- آمين . خلاصة البحث والراجح من الأقوال عندي : والراجح عندي هو : أن كلمة البيان يراد بها الفهم والإدراك بالإضافة إلى النطق والله أعلم وأن كلمة ( البيان) يراد بها العلم الفهم والإدراك أكثر من النطق والله أعلم. والأسباب التي أوصلتني إلى هذه النتيجة بالإضافة إلى ما ذكره مَن ذهب إلى هذا القول من العلماء كالإمام الرازي والإمام الألوسي والإمام ابن عجيبة والشيخ العلامة ابن عاشور وغيرهم : 1- الجمع بين الأقوال المتكاملة بعضها مع بعض فلا تعارض بينها. 2- أننا نجد من الناس من يستطيع النطق ولكنه لا يستطيع أن يعبر عما في داخله ولو بجملة واحدة مفيدة وإن عبر بجملة فإنك تجدها مقطعة الأوصال ، والسبب في ذلك أنه عامي لا يقرأ ولا يكتب ومن ثَـَّم ليس عنده من المعارف المختلفة إلا النزر اليسير واليسير جدا ولذلك لا يتستطيع أن يبيُِن عما في نفسه لأنّ فاقد الشيء لا يعطيه وهو فاقد للعلم الذي يعلمه الله للإنسان كما علم آدم الأسماء كلها وعجزت الملائكة عن بيانها - الأسماء - حين طولبوا ببيانها. 3- وفي المقابل فإننا نجد رجلا ابتلاه الله بعدم النطق أو فقدَهُ عرَضاً بسببِ حادث سيارة أو ما شابه ذلك ، ولكنه يستطيع أن يبيّن عمّا في نفسه بأفضل ذاك الذي ينطق ولا يكاد يبين وذلك بواسطة قلمه أو إشارته ، ألا ترون كيف يستطيع مساعد المذيعِ على التلفازِ أن يوصِلَ المعلومات لغير الناطقين ببيانه بالإشارات وهو في نفس الوقت ليس بأخرس بل هو ناطق فكيف إذا كان يتمتع بالنعمتين معا ، نعمة النطق ونعمة الإبانة فلا شك أنه يكون أنسانا بليغا . 4- أن الله خلق آدم ناطقا ولكنه لم يستطع البيان إلا بعد أن علمّه أسماء الأشياء كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما ، والملاحظ أن الفعل المضعّف ( علّم ) يفهم منه أن العلم يكتسب ببطء في الوقت الذي يكون فيه الإنسان سليم الخِلقة ليس أبكما . إذاً فالنطق بدون العلم لا يأتي بالبيان المثالي الذي أشار إليه الحافظ ابن حجر أثناء شرحه للحديث الصحيح عن الإمام الخطابي . وأما العلم والادراك يستطيع صاحبه أن يبيّن به ، ناطقا كان أم أبكما ، فالعلم والمعرفة والفهم والادراك والنطق بعضلة اللسان وبما منحه الله تعالى للإنسان من أسباب البيان كلها مجتمعة مرادة – والله تعالى أعلم – بقوله : ( خلق الإنسان ، علمه البيان ) وأخيرا إن كنت قد أخطأت فمني ومن الشيطان وإن كنت قد وفقت فمن الله وحده . ( وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ) . محمود محمد علي المالوخ [1] ابن فارس ، المقاييس في اللغة: (329 ـ 395 هـ ـ 941 ـ 1004 م) أحمد بن فارس بن زكريا الرازي، أديب، لغوي، نحوي، قرأ عليه بديع الزمان الهمداني، والصاحب ابن عباد، أصله من قزوين، أقام مدة في همذان ثم رحل إلى الري أين قضي نحبه من مؤلفاته: «المقاييس في اللغة»، «الإتباع والمزاوجة». «اختلاف النحويين»، «تمام فصيح الكلام»، «الثلاثة»، «جامع التأويل»، «الصاحبي»، «سيرة النبي » «المجمل»، وغيرها... [2] الراغب الأصفهاني ، معجم مفردات القران : مادة : بان . [3] أي : اضافة كلمة ( بيان ) إلى كلمة أخرى ككلمة التفسير مثلاً كما هو ظاهر في سياق البحث . [4] بيان الحال: هو الذي يكون بدلالة حال المتكلم، كالسكوت في معرض البيان : محمد قلعجي ، معجم لغة الفقهاء - (ج 1 / ص ) . [5] سورة البقرة: (277) . [6] بعض العلماء يرى بأن الفصيح أن يقال : إلى بعضهم لأن كلمة بعض لا تعرف بالألف واللام وإن كان بعض العلماء استخدمها ( مُضافة ) مثل الإمام الألوسي . [7]الجرجاني ، التعريفات:- (ج 1 / ص 14) . [8] ابن جرير الطبري ، تفسير الطبري - (ج 22 / ص 8) [9] الزمخشري ،الكشاف - (ج 6 / ص 461) [10]لبن عطية ، المحرر الوجيز - (ج 6 / ص 251) [11] تفسير الرازي - (ج 10 / ص 398- 399) [12] لاحظ أخي القارئ أختي القارئة أن كلمة المنطق تختلف عن كلمة النطق فالأولى : العلم الذي ينطق به والثانية النطق بالألفاظ فانتبه رحمك الله . [13] أي اعادة كلمة ( علّم ) في قوله تعالى : ( علمه البيان ) [14] تفسير الرازي - (ج 15 / ص 51-52) [15] تفسير الخازن - (ج 6 / ص 22) [16] قلت : حسب علمي فإنه ليس بالضرورة أن تأتيَ كلمة ( قيل ) -دائما للتمريض فإن كان ذلك كذلك فيكون الخازن قد ذكر الأقوال كلها دون ترجيح أو بترجيح الأول رغم ذلك كله ، والله تعالى أعلم . [17] تنوير المقباس ( المنسوب ) لابن عباس رضي الله عنهما - (ج 2 / ص 59) . [18] قلت : هذا رأي جلال الدين المحلي - رحمه الله تعالى - وليس رأي السيوطي إذ الأخير رحمه الله فسر من سورة البقرة إلى نهاية سورة الإسراء فأحسبك خبير بذلك . [19] تفسير الجلالين (ج 10 / ص 403) . [20] ابن عجيبة (1160 - 1224 ه = 1747 - 1809 م) أحمد بن محمد بن المهدي، ابن عجيبة، الحَسَني الانجري: مفسر صوفي مشارك. من أهل المغرب. دفن ببلدة أنجرة (بين طنجة وتطوان) له كتب كثيرة، منها (البحر المديد في تفسير القرآن المجيد ): الأعلام للزركلي - (ج 1 / ص 245). [21] (ج 6 / ص 201) [22] الألوسي ، تفسير الألوسي - (ج 20 / 13،193) [23] ابن حجرالعسقلاني ، فتح الباري - (ج 16 / ص 304) [24] سيد قطب ، في ظلال القرآن - (ج 7 / ص 93) [25] ابن عاشور ، التحرير والتنوير - (ج 1 / ص 217) [26] مجموعة من علماء الأزهر ، المنتخب - (ج 2 / ص 433) [27] مجموعة من العلماء الأفاضل ، التفسير الميسر - (ج 9 / ص 422) |
#2
| ||
| ||
في سورة الرحمن لماذا قُدِّمت الآية (عَلَّمَ الْقُرْآنَ) على الآية (خَلَقَ الإِنْسَانَ)، أي أنَّه -الإنسان- عُلِّمَ القُران قَبْلَ أن يُخلَق ثُمَّ عُلِّمَ البيان، أي البيان غير القرآن فلمن عَلَّم الرَّحمنُ عَزَّ وَجَلَّ القُرآنَ؟ وما هو الفرق بين القرآن والبيان؟ الجواب: الظاهر أنَّ منشأ التَّقديم والتَّأخير هو التَّفاوت بين الأمور الثَّلاثة في مستوى الفضل والعظمة، فتعليم القرآن هي أعظم منحة منحها الله لخلقه وهي لا تنحصر بالإنسان، ويليها في العظمة خلق الإنسان، فما من شيءٍ أعظم خلقًا من الإنسان ثم يلي ذلك في العظمة تعليم البيان، والمراد من تعليم البيان هو أنَّ الله تعالى أودع في الإنسان قدرةً يستطيع بها التَّعبير عما يختلج في وجدانه وما ينقدح في ذهنه فهو قادرٌ بنعمة الله عزَّ وجلَّ على بيان وتفهيم ما في نفسه من مشاعر وأفكار ومعرفة. |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |