عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > قصص قصيرة

قصص قصيرة قصص قصيرة,قصه واقعيه قصيره,قصص رومانسية قصيرة.

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-02-2009, 06:59 PM
 
قراءة في رواية ’’عام جبلي جديد‘‘

قراءة فى " عام جبلى جديد " لفكرى داوود
هل نال الحيوان حقه فى السرد الروائى العربى ؟
إبراهيم محمد حمزة
" لا تزال نواتج الأدب العربى تكاد تكون خاوية من حيوانها الخاص ، أى أن هذا النتاج الروائى الضخم لا يتضمن نسبة معقولة من الحيوانات المؤثرة فى النص " بهذه العبارة التى ترتسم فيها سخرية الأديب الراحل محمد مستجاب فى مقاله " باب فى الحيوان الروائى " بكتابه " أمير الانتقام الحديث " متناولا أسباب قلة الحيوان فى سردنا الحديث ، معللا ذلك بسبب وحيد وجيه هو إقامة المبدعين فى المدن ، وتحول الريف إلى المدنية ، فلا يتصور احد أن الحوت سوف يواجه نجيب محفوظ على شاطىء الاسكندرية ، او أن جملا هائما سوف يداهم بيت جمال الغيطانى ، أو أن يوسف القعيد سوف يدخل الحمام قبل الفجر ؛ ليفاجأ بقرد يعبث فى رافعة السيفون " ولكن " فكرى داود عاش هذه التجربة ، أعنى التعبير عن الحيوان فى الرواية تعبيرا عادلا .
- ثلاثية روائية :
الرواية هى الجزء الثانى من ثلاثية روائية متصلة منفصلة للكاتب فكرى داود ، يجمعها هم التعبير عن الغربة التى بدأت برواية " وقائع جبلية " التى كتبت عام 2001م وصدرت عام 2007م ثم روايتنا " عام جبلى جديد " التى كتبت عام 2006م وطبعت فى نفس العام ، وهناك رواية تكمل الثلاثية بعنوان " المحارم " تدور حول الرجال الذين يصحبون زوجاتهم العاملات فى الدول العربية – خاصة السعودية - مسجلا صفحة متكررة فى الواقع خافية تماما فى السرد الروائى .
فى العمل الأول – المتعاقدون – نجد " عبد البديع " مسافرا إلى محافظة بدوية جبلية فى سيارة نصف نقل ، تعود به الذاكرة الى أيام تألقه كمعلم بين طلاب يحبهم ويقدرونه ، وتتداعى تذكاراته ، حتى يصل لمكان العمل الجديد ، فيبدأ فى تصوير حياة المتعاقدين وحياناتهم وخيباتهم وخوفهم وآلامهم ، حتى يصل بنا الكاتب للحظة العودة بعد عام من المعاناة والتذكار الممض ....... لننتقل فى الرواية التى بين أيدينا – عام جبلى جديد – مستكملين رحلة الإعارة ، تبدأ اللحظة الولى فى الديرة – القرية – الجبلية ، هنا راو بعكس العمل الأول الذى تلقيناه عبر السارد الثالث "الهو " نحن هنا مع الحاكى وفالح وسعود ، وحسين وصلاح ، والديرة الجبلية التى تبعد مائة كيلو مترا عن أقرب تليفون ، هذه القرية التى تنتظر الماء ، يشاء القدر للمتعاقدين أن يمضوا فيها عاما جبليا جديدا ، تلقى بهم متاعب النفس إلى جزر منعزلة ، تكاد تلقى بكل منهم على شواطىء الجنون ، فالراوى يعيش مع صورة ابنته الصغرى ، بينما "حسين " القاهرى – يسلم نفسه للصمت ، ثم يبدأ مسيرة إقامة حياة بديلة لمخلوقات من طين يصنعها – وهو القاهرى – من تراب ناعم وماء ، مكونا من الطين حياة بديلة لأهله ، ويضع عائلته الوهمية على رف مواجه لسريره ، بينما " صلاح " – وهو الصعيدى – يبدع فى رسم لوحات فنية يحملها آلامه ، يرسم نعش أبيه يتوسط المشيعين ، الحجرة تزدحم باللوحات ، ويقترح عليه أحدهم رسم قرد الديرة الذى يشاع أنه على علاقة بـ " صابحة " راعية الغنم ، وحين تتم اللوحة ، يهاجم القرود المكان ، ويمزقون اللوحة .
أما " سعود " صديقهم ، فهو واحة فى هجير الصحراء ، بروحه الطيبة الخيرة ، بصراعاته الدائمة مع القردود ، بحكاياته عنهم التى لا تنتهى ، حتى هاجمته إحدى إناثهم أثناء غفوة ظهيرة ، فأطاحت – كما يتوهم - برجولته ، وحين يصيب طلقه النارى عين زعيم القرود ، يفاجأ بهجوم قردى يرى من خلاله " صبيحة " خالة البنت صالحة ، التى غابت من سنوات إلى حضن القرود الوسيع ، ثم ننشغل بعلاقة حب بين بنت القرود السمراء وابن كبير شمبانزية الديرة ، وكيف انتهى الأمر بهروبهما ، وامتداد الشك لدى القرود نحو " سعود " الذى سبق وأقنع قردا بالهروب من عشيرته ، والعيش معه ، وأطلق عليه اسما – ظافر – وعلمه الكثير ، وكاد يعلمه ضرب النار ، لكن عشيرة القرود سبقته وقتلت قردهم الخائن ، ثم يهاجم الرجال قبيلة القرود ويأسرون نسناسا صغيرا يفشل سعود فى استئناسه مما يدفعه لاستحضار كلب وولف ، لكن القرود تختطفه ويتحول هو لمعسكر الأعداء ، ثم نلحظ موضة إقامة المباريات عند القردة ، وتمضى الأيام بالجميع ويتزوج " سعود " من صالحة ، تلك المتهمة السابقة بالقرد ، ويستعد المتعاقدون للعودة وقد " انتظم صفان قرديان على مؤخراتهم ، يرتكزون ، ترتفع أكفهم المشعرة نحو أعينهم الدامعة " .
- طرح بلا سبق :
أتصور أن رواية " عام جبلى جديد " تخوض نهرا لم يسبح فيه أحد قبله ، نهر لم يؤمه الروائيون كثيرا ، أعنى طرح الدور الروائى للحيوان ، فالحيوان فى هذه الرواية " فاعل " لا مفعول به كالعادة ، حيث يقف ندا للإنسان ، بل يبادؤه بالفعل ، حتى يصير الإنسان صاحب رد الفعل ، والحق أن الروايات العصرية التى تعاملت مع الحيوان كثيرة ، لكن الكيفية تختلف تماما ، لاختلاف البيئة المعبر عنها فى الأساس ، إن تجربة الغربى التى تعبر عنها الرواية لم تعد بنفس ألقها القديم ، حيث أفقدها التكرار خصوصيتها ، وألقى بها إلى العادية التى لا تصلح للفن ، إلا بيد نحات ماهر ينحت المشاعر فى المقام الأول .

والواقع أن الأدب العربى – الشعبى منه خاصة – قد غرق تماما فى السرد الحيوانى ، بل يقرر " فوزى العنتيل " ان حكاية الحيوان أقدم الحكايات على وجه الأرض ، وسنجدها لدى العرب فى كتاب الأمثال للسدوسى المتوفى عام 195هـ ، بل سنجد وجودا قويا للحيوان فى القصص الدينى ، ثم جاءت " كليلة ودمنة " لتصبح منارا يستضىء به أهل السرد فى الدنيا كلها ، مثل " سهل بن داوود الذى اصطنع كتابا سماه "ثعلة وعفراء " ثم أخرج " على بن داود وكذلك ألف أبو عبد الله محمد بن القاسم القرشي ، المعروف بابن ظفر ،كتاباً بعنوان (سلوك المطاع في عدوان الطباع) ، وذلك على غرار كليلة ودمنة .ثم انداح فيض الحكى الحيوانى – كما فصّل ذلك الدكتور غنيمى هلال والدكتور عبد الرازق حميدة وغيرهما ، وفى كافة التصنيفات للحكاية الشعبية ، يقبع الحيوان فى مقدمة الترتيب ، بل إن اهم ما يميز المرحلة الثانية فى تاريخ البشرية فى رأى " أنجلز - هو أن الشرق – العالم القديم – قد أخذ فى تدجين الحيوانات البيئية - كما يذكر الدكتور صلاح الراوى ، بل ينبه العلامة فاروق خورشيد إلى نسج الخيال الشعبى لكائنات خرافية مثل الغول والعنقاء والخل الوفى ، وظهرت وحوش لها أجنحة ، وحيات تتكلم ... وهو عكس ما طرحه " فكرة داوود " فالرواية تطرح أبعادا للتعايش بين البشر والحيوانات ، والتأثير المتبادل الذى يمارسه الطرفان ، بل إن الفعل الإنسانى فى الرواية قد يكون رد فعل لتصرف حيوانى ، على سبيل المثال نجد الراوى يتذكر طفلته حين " تتعلق عيناه بحسناء القرود الوليدة ، تطرحها امها حانية فوق الظهر ، .... تقطف الأم الحبات ، تنزع أسنانها قشرة الثمرة ، تدفع بها داخل الفم الصغير ، تلوح فى عيونهما نظرات الحب " ثم على المستوى الإنسانى فى السطر التالى مباشرة :
" فوق موكيت الصالة ترفعها يداى ، تتأبط ساقاها جنبى خشية السقوط ، تخلص أصابعى حبات الفول السودانى من قشورها .."
هذا التماثل فى الفعل يتكرر ؛ ليمنح الحيوان دورا روائيا جديدا فى الأدب العربى ، سنجد الدمعة الوحيدة التى ترقرقت فى عينى " سعود " كانت مقترنة بذكرى القرد " ظافر " ثم يدخل الحيوان كعامل مفرق حين يقارن الراوى بين أطفال الطين الذين يصنعهم زميله ، وبين الصور التى يحتفظ بها لأولاده ، ثم ... " تمتلىء عيناى حسرة بمشهد إحدى الأسر القردية ملمومة الشمل "
هكذا تحدث المفارقة بين جنسين مختلفين ، حتى زرع الحيوان فى نفوس البشر ، بل سنجد فصلا بعنوان " قرد الديرة " يصور فيه الراوى اللوحة التى رسمها صديقه صلاح لقرد الديرة ، وتصوره لهذا الكائن المرعب ، حيث مؤخرته تمتد بامتداد الصحراء ، عيناه بئران عميقان ، عقيرة ظهره إحدى قمم الجبل متعدد الرؤوس ، إلخ ، بل هناك كا يشبه التوحد أحيانا بين السلوكين (البشرى والقردى ) فبينما يهرب سعود والراوى من حديث السياسة ، يهرب القرد من حجر " حسين " ، وكأن السياسة بمثابة الحجر الذى يطارد المتجرئين على الكلام .
واستمرارا للتماثل ، سنجد فى أواخر الرواية حادثا ينتج عنه سقوط حجر كبير فوق النصف الأسفل لقرد غافل ، نتج عنه ما يشبه الشلل فى قدميه ، وصارت أماميتاه كآلتى جر ، وهنا يقدم حسين خبرا " بشريا " مماثلا :
- الولد يا صلاح الولد !
- أى ولد يا ابنى ؟
فتح جلبابه ، رنا إلى نماذج الولد الطينية ، قال : البكرى .. دهست سيارة نصفه الأسفل .

البنية المتقافزة :
إن كافة العاومل البنائية فى الرواية ، نستطيع تفسيرها حين نربط بينها وبين الحضور الحيوانى الحدثى ، فشخصية " فالح " المسطحة الميتة ، التى شغلت فراغ غياب سعود لعدة أيام ، شخصية لا أبعاد لها ، لأنها تخلو من علاقة مميزة مع الكائن المعاشر لهم – القرود – شخصية رجل متوحد مع ذاته مع " حلاله " أغنامه ، بينما الشخصية المقابلة لها هى شخصية " سعود " الحية النابضة التى تأخذ حضورها من علاقته المكثفة متعددة الأدوار بالحيوان ، فصالحة التى سيتزوجها قبيل انتهاء الرواية يشاع أنها على علاقة بقرد الديرة ، وخالتها المختفية ، تعود له مع القرود لتنتقم معهم منه ، كذلك علاقته بالكلب الوولف ، وبالقرد ظافر ... إن الحيوان قد أثرى الرواية التى خاضت فى مسألة الغربة التى كادت تفقد قدرتها على تقديم خصوصية ما فى الوقت الحاضر ، نظرا لتكرارها ، وربما نفسر ضعف الإشارة لعالم التلاميذ ، بانشغال الرواية باكتشاف عالم أكثر عجبا هو عالم القرود ، بعجائبيته وغرائبيته الشديدة .
وقد استخدم الكاتب أسلوبا مخالفا للجزء الأول من الرواية – وقائع جبلية – حيث اتكأ على طريقة بناء تقوم على حكايات متوالية ، بينما اعتمد فى الأولى على الفصول المرتبة رقميا ، هنا تتسع النكهة الحكائية المصاغة بأسلوب يقترب من الطريقة الشعبية – وأحيانا التراثية – مضفرا إياها ببعض الكتب كنهاية الأرب مثلا ، فيبدأ بـ وقائع ارتحال سعود بن عايض " ثم " الدنيا من فوق برميل مقلوب " ... إن البنية هنا غير ثابتة ، بنية متقافزة بفعل تقافز القرود بلا ناقطاع ، اختار فكرى داوود مخالفة بنية العمل الأول فى كافة معالم العمل
( السارد – البناء – التقسيم – اللغة ...) ومن هنا كان اختيار بنية أقرب لروح الحكى الشعبى الذى يستجيب أسرع للغرائبية ، ورغم ذلك لم يسقط إيقاع العمل لحظة من كاتبه ، وذلك لاعتماده على تجربة شديدة الثراء والخصوصية والصدق ، عبر لغة مصفاة محكومة بصرامة قاسية ومن خلال منح اللغة أقصى طاقاتها العاطفية ( تدفع أيدينا قاطرات الليل المسودة ، جادين فى القضاء على يوم يمر ، يبعدنا عن البعاد خطوة ، ليدنو بنا من شواطىء اللقيا ) ورغم ارتفاعا الهاجس البلاغى أحيانا فقد جاءت البلاغة حاملة جمالياتها الخاصة ، من خلال الإيجاز اللغوى الذى حققه فكرى داوود بعدة سبل ، ربما أهمها التقديم الفنى والتأخير كسمة أسلوبية صاخبة فى لغة الكاتب ( كعنزة كسيحة مرت الأيام ) ( متباه هو برؤوسه المتعددة ) كذلك الحذف ابلاغى ، فيحذف الفاعل ، ويحذف أحيانا الخبر ، ويحذف الوصف فى براعة ، كما تتناسب تشبيهاته وبيئة عمله ، ويعتمد لغة إشارية أمنت الرواية من شرك الإملال ( ها هو الظهر الأنثوى مسلما نفسه للأرض – ككل مرة – وبين الساقين منتشيا ينام جرم حيوانى فتى ) هذه اللغة الإشارية الشاعرية الموجزة منحت للعمل تميزه ، فقد
قدم " فكرى داود " عملا مكتوبا بوعى شديد ، وصبر أشد .
إبراهيم محمد حمزة

مجلة أدب ونقد (المصرية) أغسطس 2009العد88
مجلة الفصول الأربعة (الليبية) أغسطس2009العد14
  #2  
قديم 11-07-2009, 06:45 PM
 
شكرااااااااااااااااااا
__________________
سبحان الله العظيم
سبحان الله وبحمده


فاضي دقيقتين؟
ادخل هنا
وشاركنا
هنا
مشاركة في دورة عيون العرب لتعليم الفوتوشوب خطوة بخطوة 2


يا كاشفني
ღ. ŚḿĨŁę ğĩŕĻ .ღ.
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:21 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011