بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

وبعد :



( إنما المؤمنون أخوة )


هذه الجملة تفيد قصر المبتدأ بالخبر ..


والقصر عند اهل البلاغة


" قصر مبالغة " : والغرض منه


تأكيد الصفة بأبلغ ما يكون من التأكيد ..


وهنا كأن بقية الصفات تنوسيت وبقيت الاخاء ..


والاخاء التماثل والتواصل ..


وعند الأصوليين : الحكم اذا علَّق بالمشتق أفاد معنى التعليل ..


أي أن اُخوتهم هي بمقتضى إيمانهم ..


لذلك أعيدت في مقام الاضمار ظاهرة ..



( فأصلحوا بين اخويكم )


أي أصلحوا بينهم لأنهم مؤمنين ..



وقرأ يعقوب الحضرمي ( بين أخوتكم )


والتثنية هنا ( أخويكم ) لأنهما الاصل في الاصلاح ..


وسر التوسط لهذه الآية ( إنما المؤمنون )


لأن المقام في السورة يرجع لرعاية جانبين عند الاختزال


" جانب النبوة , جانب الأخوة "



( أصلحوا )


والمِصلحة التي هي المكنسة التي تزيل ما عرض على الفناء ..


ومثلها المِخيطة ..


وقد نقل الامام البخاري عن أثر عمار في باب الايمان


" ثلاث من جمعهن فقد استكمل الايمان :


الانصاف من نفسك والانفاق من الاقتار وبذل السلام للعالم "



قال العلماء في المتالف التي تحصل في قتال أهل البغي :


اذا كانت من بغاة بتأويل الفهم فالمتالف لا تضمن


لأن فيها جبرا للخواطر وقطعا للطريق


على ان ينفر هؤلاء ونحن بصدد الصلح ..


أما اذا كانوا بغير تأويل فالضمان قائم ..


والامام مالك يقول لا يضمن أيضا


ومنهم من احالها على الحكام او لبيت مال المسلمين ..


واذا ارتأى الامام ان يؤخر ألوانا من الاحكام


لمصلحة كبرى كان له ذلك ..



ونذكر هنا ان سيدنا معاوية رضي الله عنه


قد اخطأ عندما قبل البيعة بشرط ..


لأن البيعة لا يقبل فيها الشرط ..


لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط ..


خصوصا اذا كان الشرط ينافي أصل العقد ..


كأن يقول بايع أولا ثم نعقد مجالس القضاء


وأقضي أنا فيه باسم الامامة ..



" فهؤلاء كلهم متأولة وقال فيهم العلماء


" المتأول لا يضمن ولا يُطعن فيه "



وقد سئل عمر بن عبد العزيز ن ذلك فقال :


" تلك حروب طهر الله منها سيوفنا فلنطهر ألسنتنا منها "



وقال العلماء في كتب العقائد :


" ويجب السكوت عما شجر بين صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم


وأن نسوي بين البغاة والذين في وجوههم وبين الذين اعتزلوا الفريقين ..."



وعن أبي هريرة رضي الله عنه :" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له :


اذا كانت الفتنة فاتخذ سيفا من خشب .."


أي تهيب به ولا تقطع .. لانها حرب بين أخوة ..



وسئل أحد الصالحين عن اهل هذه الفترة فقال :


" حضر أصحاب رسول الله وغبنا .. وعلموا فجهلنا .. واتفقوا فاتبعنا ..


واختلفوا فتوقفنا .. وهم أدرى منا فيما دخلوا فيه ..


وهم اورع في شرع الله من كل سفيه .."



الأخ : اذا كان في النسب فجمعه ( إخوة ) ..


واذا كان في غير نسب كان جمعهم ( إخوان )


وهنا جاء بالأخوة لنكتة جميلة...


وهي الاشارة الى ان الاخوة الايمانية أشد وأقوى ..!



( لعل ) في أصلها تفيد معنى الترجي ..


ثم هي تستعار لقرب الرجاء وقرب تحصيله


وربما تأتي للتعليل كما هنا ( لترحموا) ..


قال العلماء : " ولعل من ربنا واجبة أي لا تخلف ..


لأنها اطماع من كريم ..! "



وقالوا أيضا :" هنالك تلازم بين التوحيد والوحدة


لقوله تعالى :" وأن هذه امتكم امة واحدة وأنا ربكم فاعبدون "


أي بين هذه العقيدة وخلق الاجتماع ..


فاذا رأيت دعوة للعقيدة ولم تثمر


اخاءا ولا صفوا ولا جمعا


فتشكك في أمر ما ..."





والحمد لله رب العالمين





~

الذي هناك

هو أنت هنا ..؟؟



جميلٌ جدا