12-06-2009, 02:48 PM
|
|
وقت الفراغ في حياة المرأة المسلمة . الحمدلله الذي خلقنا من عدم وكبرنا من صغر وقوانا من ضعف وبصرنا من عمى وأسمعنا من صمم وأغنانا من فقر وعلمنا من جهل وهدانا من ضلالة ،اللهم لك الحمد بالقرآن ولك الحمد بالإيمان ولك الحمد بالأهل والمال والمعافاة كبت عدونا وأظهرت أمننا ومن كل ما سألناك ربنا أعطيتنا ، فلك الحمد ربي حتى ترضى ولك الحمد بعد الرضى ولك الحمد على حمدنا إياك . أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .أما بعد : فاحرصوا عباد الله على تقوى الله تفوزوا وتسعدوا يقول ربكم جل وعلا :{.. وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَاأُوْلِي الْأَلْبَابِ}.أمة الإسلام مشكلة بدأت تظهر في حياة الناس ويعاني أغلب الناس منها،وقد يعرف البعض حقيقة تلك المشكلة بينما ينشغل قوم بظواهر المشكلة ويحاولوا علاجها دون الالتفات إلى الجوهر،هذه القضية هي قضية الفراغ في حياة المرأة المسلمة المعاصرة ؛وقد يقول قائل الفراغ نعمة فما بال إمامنا يجعل منه مشكلة،فأقول نعم إن الفراغ نعمة لمن عرف قدره وعرف كيف يستغله ولكن المصطفى r أخبرنا بقوله ( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغ))([1])وممن غبن في نعمة الفراغ طائفة من النساء وأسباب حدوث هذا الفراغ كثيرة منها توفر الخدم،ومنها توفر الأجهزة الحديثة التي وفرت الكثير من الوقت والجَهْد،ومنها عدم معرفة المرأة المسلمة المعاصرة بدورها المطلوب منها تجاه بيتها وزوجها وأولادها فنجد تلك الفتاة التي تزوجت حديثاً واشترطت على زوجها في العقد احضار خادمة! فالخادمة تكنس والخادمة تغسل والخادمة تطهو الطعام،والخادمة تعتني بالأولاد تطعمهم إذا جاعوا وتسقيهم إذا عطشوا وتميط عنهم الأذى،وتسليهم إذا ملوا،وتسهر عليهم إذا مرضوا،وينام الأطفال في حجرها إذا أمسوا ويصبحون على صوتها إذا استيقظوا،وما أعظم ما أصاب الأطفال من ذلك حيث يتعلق الأطفال بالخادمة لأنهم وجدوا عندها الحنان الذي افتقدوه من قلب أمهم القاسي،ونسمع عن طفل سافرت خادمة البيت فتأثر وامتنع عن الطعام والشراب حتى مات !! ونرى أطفالاً تعلقوا بالخادمة بعد أن أمضت معهم عامين كاملين ثم انتهت مدتها وسافرت،فأصيبوا بصدمة نفسية عنيفة؛كتلك التي يصاب بها الطفل الذي يفقد أمه،ثم حضرت أخرى فتعلقوا بها وفي نهاية مدتها سافرت فتعرضوا لصدمة أخرى وهكذا حتى تصاب نفسياتهم بشروخ عميقة،ولعلنا نعاني من بعض صور في المجتمع من جيل تربية الخدم،وليس المقام مقام عرض آثار تربية الخدم لكن وددت أن أعرض نموذجاً لتفريط المرأة في دورها ثم تشتكي الفراغ،بل وحتى الخادمة تحضر للزوج كأس الماء إن طلبه وتلك الزوجة العزيزة دورها تناول الطعام والشراب فقط!!لكنها تعاني من مشكلة ضاغطة اسمها الفراغ فمع نومها الساعات الطويلةلازال عندها وقت طويل من الفراغ، وكم من البيوت هدمت يوم أن وجد الرجل من الخادمة عناية لم يجدها من زوجته،وتجد الفتاة التي انتهت من دراستها الجامعية وهي في انتظار الوظيفة مثل الرجل فالخادمة والوالدة تقومان بكل ما يلزم المنزل وتلك الفتاة تعاني من الفراغ،بل حتى الطالبة على مقاعد الدراسة تأتي من المدرسة وتنتهي من واجباتها الدراسية ولأن ليس لها دور آخر فهي تعاني من ساعات طويلة من الفراغ !! وترتب على ذلك أن تعالت أصوات تطالب بأن تكون هناك أماكن تقضي فيها المرأة وقت الفراغ !! وأصبحت المرأة تطالب زوجها بإلحاح أن يُحضر لها لاقطات فضائية (دش) تقضي أمامه ساعات الفراغ !! أصبحت تطالب بالخروج للأسواق لتمضية وقت الفراغ،أصبحت تكثر الخروج لزيارة صديقاتها لقتل الفراغ،أضحت تطيل المكالمات الهاتفية تمضية لوقت الفراغ،أصبحت تطلب الخروج للدراسة للعمل لأي شيئ بسبب شعورها بالفراغ القاتل،وهذا الشعور بالفراغ قد يكون الخطوة الأولى نحو انحراف المرأة ! كما أن كثرة خروج المرأة من بيتها يوقعها في الفتن والانحراف يقول r (الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ))([2])فما بالكم وهي تكثر الخروج مع رجل أجنبي مثل السائق،وإذا نظر المرء فيما حوله كيف تقضي المرأة المسلمة المعاصرة وقت فراغها لوجدها إمام قنوات أو مجلات تثير كوامن الغرائز أو في محادثة هاتفية فارغة أو جولات في الأسواق معرضة للفتنة أو ماشابه ذلك من عوامل هدم الإيمان في نفوسهن إلا ما رحم ربي،أيها الأحبة في الله إن الفراغ خطر على الذكور فضل عن الإناث،وهو خطر وحده فكيف إذا افتقد التوجيه السليم لا بل وخالطه ما يفسد الأخلاق ويهيج الغرائز.المرأة الفارغة من الإيمان التي تعاني من فراغ الأوقات كالعلبة الفارغة يلعب بها الهوى يمنة ويسرة.وأقول أحبتي أن هناك من انشغل بالعرض عن المرض فتنازل عن أساسيات في الحفاظ على العرض والأهل فترك نساؤه يجبن الأسواق عرضة لكل ذئب جائع أو تركهن فريسة لخطر القنوات أو المعاكسات الهاتفية ونحوها وما علم أن أصل الداء هو في الفراغ الذي تعاني منه المرأة في حياتنا المعاصرة؛وما نتج هذا الفراغ في الحقيقة إلا يوم أن غفل المجتمع عن دور المرأة الحقيقي في بناء الأمة فلا يتصور امرأة مسلمة تؤدي الدور المطلوب منها أن تجد وقتاً من الفراغ لكن لما جُهلت الأساسيات،وتبدلت الأولويات،وفُرِّط في المسئوليات حدث ما حدث.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ(6)} |