عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. عيون الاقسام المخفية.•°`¯)}§¢¤~ > خواطر أعجبتني

خواطر أعجبتني خواطر اعجبتك واحببت أن تنقلها إلينا من شبكة الانترنت

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #26  
قديم 03-11-2010, 09:33 AM
 
عمدة كفر البلاص ( 12 )

( دخل شيخ الخفر مسرعا ،
وجد عبد الجبار جالسا ،
سأله في عجالة )
ـ فين أبوك العمدة يا عبد الجبار ؟
ـ بيصلي .
ـ هو لسه ما صلاش العشا لغاية دلوقتي ؟
ـ بيصلي السنة .
ـ طب نادي بسرعة على بهانة و خليها تقوله إن شيخ الغفر عايزك ضروري ....
( عندها ينفتح الباب الداخلي للقاعة و يدخل العمدة )
ـ السلام عليكم .
ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ، حرما يا حضرة العمدة .
ـ جمعا إن شاء الله ، خير ؟
ـ عاوزك في كلمتين يا حضرة العمدة .
( ينظر العمدة لعبد الجبار )
ـ روح خلي البت بهانة تعمل لنا اتنين شاي يا عبد الجبار ، و أقف انته بره لغاية أما أناديلك .
ـ أمرك يا حضرة العمدة .
( يخرج عبد الجبار )
ـ خير يا شيخ الغفر .
ـ لا مش خير أبدا يا أبا العمدة .
ـ ليه بس حصل إيه ؟
ـ السل بينهش في الكفر يا أبا العمدة .
ـ سل ؟ أعوذ بالله ، سل إيه يا شيخ الغفر ؟
ـ يعني هو الدكتور عادل ما قالكش ؟
ـ و لا قال لي أيتها حاجة .
ـ العيال قرايبه اللي جم امبارح الصبح م البندر و قعدوا عنده في الدار .
ـ مالهم يا وله ؟
ـ اللهم احفظنا عيانين بالسل ، و أهي العدوى انتشرت في الكفر كله .
ـ مين اللي قالك الكلام الفارغ ده يا شيخ الغفر ؟
ـ أني اللي بأقولك أهوه ، و ابعت هاته كده خليه يكذبني .
( يصرخ العمدة مناديا )
ـ عبد الجبار ، وله يا عبد الجبار .
( يدخل عبد الجبار يحمل الشاي )
ـ أمرك يا حضرة العمدة .
ـ حط الشاي اللي في إيدك ده ، و روح بسرعة هات لي الدكتور عادل دلوقتي حالا ، قوله أبويا العمدة عاوزك ضروري ، و ما تجيش إلا معاه .
ـ فوريرة .
( يخرج عبد الجبار مسرعا )
ـ معقولة الكلام ده ؟
ـ و مش معقولة ليه ؟ مش هو برضه اللي موت خالتي الحاجة زهرة مراتك الله يرحمها ؟
ـ إيه الكلام الفاضي ده يا طاهر ؟ لا كله إلا كده ، حرام عليك ما تفتريش ع الراجل ...
ـ و ها أفتري عليه ليه إن شاء الله ؟ مش هو برضه اللي اداها حقنة غلط بدل ما يوطي لها الضغط علاه ؟
ـ كلام إيه ده يا شيخ الغفر ؟
ـ ده مش كلامي ، ده الكلام اللي البلد كلتها بتقوله يا أبا العمدة .
ـ و انته ها تسمع لكلام الناس .
ـ ما فيش دخان من غير نار يا أبا العمدة .
ـ طب دول عالم فاضية بيقولوا أيتها حاجة و خلاص ، و بعدين ما حدش بيموت ناقص عمر .
ـ أيوة بس فيه أسباب برضك .
ـ على العموم خلينا دلوقتي في المصيبة اللي احنا فيها ، الكلام ده لو صحيح يبقى على الدنيا السلام ، الدكتور عادل ؟ معقولة ؟ بالذمة ده كلام برضه ؟
( يدخل عبد الجبار و معه الدكتور عادل )
ـ السلام عليكم .
ـ روح انته يا عبد الجبار ، و عليكم السلام .
ـ خير يا حضرة العمدة ؟
ـ إيه حكاية قرايبك اللي عندك دول يا دكتور عادل ؟
ـ مالهم يا حضرة العمدة ؟
ـ صحيح عيانين بالسل ؟
( ينظر الدكتور لشيخ الغفر )
ـ هو حضرتك عرفت يا حضرة العمدة .
ـ و هو فيه حاجة بتستخبى ع العمدة برضك يا دكتور عادل ؟
ـ لو لك قرايب عيانيين و جم واقعين في عرضك يا حضرة العمدة عشان تشوف لهم حل ها تعمل إيه ؟ حتى لو مش قرايبي ، من واجبي أعالجهم و أراعيهم لغاية ما يقوموا بالسلامة ، مش دي الأصول برضه ؟
ـ أيوة بس ده سل يا دكتور عادل ،عارف يعني إيه سل ؟
( فجأة يدخل الخفير التوابتي يلهث ، يحاول التقاط أنفاسه )
ـ ..... إلحقونا يا عالم ، إلحقنا يا دكتور عادل أنا ف عرضك ، الواد حمودة ابني بيكح دم ....
( عندها يصرخ شيخ الغفر )
ـ مش قلت لك يا حضرة العمدة ؟ أهوه ، آدي البشاير ظهرت أهي ،و الواد ابن حسان أبو شوشة كمان لسه سامع أمه بتصوت عليه و انا جايلك ...
( صرخ العمدة في وجه الدكتور عادل )
ـ ينفع الكلام ده يا دكتور عادل ؟ أهي العدوى انتشرت في البلد أهي ..
( ينكب التوابتي على كف الدكتور عادل يقبلها )
ـ أبوس إيدك يا دكتور عادل ، تلحق الواد ابني بسرعة ...
( يصرخ شيخ الخفر )
ـ ها يلحق مين و إلا مين ؟ روح منك لله يا شيخ ، ما كنا قاعدين كافيين خيرنا شرنا ، لازم يعني تدخل لنا السل البلد ؟
ـ ما تحترم نفسك يا شيخ الغفر ؟
( يمسك الدكتور عادل شيخ الغفر من ملابسه ،عندها يجذبه العمدة بعيدا )
ـ سيب شيخ الغفر دلوقتي يا دكتور عادل و روح إلحق المصيبة اللي وقعتنا فيها إنته وقرايبك ، يلا بسرعة ...
( يخرج الدكتور و التوابتي )
ـ مش قلت لك يا أبا العمدة ؟ مش قلت لك ؟
ـ و العمل إيه دلوقتي يا شيخ الغفر .
ـ عمله اسود بعيد عنك ، لازم دلوقتي حالا نعمل حظر على البلد كلتها .
ـ حظر ؟
ـ إيوه ، لا حد يخرج من بيته و لا حد يدخل لغاية لما نشوف حل في المصيبة دي .
( يصرخ العمدة مناديا )
ـ عبد الجبار ، عبد الجبار ...
( يدخل عبد الجبار )
ـ بسرعة يا وله لم لي الغفر كلهم دلوقتي حالا .
( يخرج عبد الجبار مسرعا )
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، كنا ناقصين الدكتور عادل كمان ؟
ـ لازم تكرشه م البلد يا عمدة الليلة هو وقرايبه .
ـ و البلد تقعد كده من غير دكتور ؟
ـ و هو الدكتور عمل إيه يعني للبلد ؟ ما هو قدامك أهوه ، هو اللي جاب لنا الخراب أهوه ، و من بكره الصبح نبعت شكوى للمديرية يبعتوا لنا حد غيره ، تلاتة بالله العظيم الواد (أنتي بيوتك) برقبته ، قلت إيه ؟
ـ أيوه بس على الأقل نخليه لغاية لما المديرية تبعت لنا دكتور تاني .
ـ موت يا حمار ، طول ما هو موجود عمرهم ما هيسألوا فينا ، لكن لما يروح لهم هناك مكروش م البلد ، و يعرفوا إن البلد من غير دكتور ، ها يبقى وضع تاني ، خاصة لما يعرفوا كمان إن السل انتشر في البلد ، ده مش بعيد يبعتوا لنا دكتورين تلاتة على الأقل .
ـ خلاص ، بس لما الغفر يوصل نبعت واحد منهم يمشيه هو و قرايبه .
ـ و نستنى ليه ؟ أني ها أروح أكرشهم حالا دلوقتي ، و إلا يعني نستنى لما الفاس تقع في الراس و يعدوا البلد كلها ، ده سل يا أبا العمدة ، سل ، استر يا رب ...
( يخرج شيخ الخفر مسرعا ، و يجلس العمدة حائرا يكلم نفسه )
ـ معقولة ؟ الدكتور عادل ؟ اللي تحسبه موسى يطلع فرعون ، لا حول و لا قوة إلا بالله ، استر يا رب ، يا لطيف يا لطيف يا لطيف ....
( يدخل عبد الجبار و معه الغفر ، يؤدون التحية العسكرية )
ـ أفندم يا حضرة العمدة ؟
ـ دلوقتي حالا أبو شقفة و التهامي يلفوا على كل بيوت البلد دار دار ، تنبهوا عليهم ممنوع حد يدخل أو يخرج ، و اللي ها يخرج من داره يقول على نفسه يا رحمن يا رحيم ، و انته يا عوادلي ، تاخد دلوقتي حالا جردل البوية الحمرة و كل دار فيها حد تعبان أو بيكح تحط لي على بابه علامة غلط ، و حسك عينك انته و هوه تخلي حد يخرج من بيته أو يدخل لغاية لما المديرية تبعت لنا حد يشوف المصيبة السودة اللي احنا فيها دي ،
( يصرخ فيهم ) يلا بسرعة مستنين إيه ؟
ـ أوامرك يا حضرة العمدة .
( يخرج الخفر مسرعين يتخبطون ببعضهم البعض ،
يجلس العمدة على كرسيه يضرب كفا بكف )
ـ حسبي الله و نعم الوكيل ، حسبي الله ونعم الوكيل .
( يتبع )
رد مع اقتباس
  #27  
قديم 03-15-2010, 09:37 AM
 
عمدة كفر البلاص ( 13 )

( الصمت يخيم على بيوت القرية ،
صوت الضفادع يأتي من بين الحقول الغارقة في الظلام ،
الخفر يجلسون حول إبريق الشاي الذي وضعوه فوق بعض الحطب المشتعل ،
الخفير (التوابتي) يحمل كوبا يصب به بعض الشاي و يأخذه لشيخ الخفر الذي يجلس بعيدا )
ـ الشاي يا شيخ الغفر .
ـ شكرا يا توابتي .
ـ هي المديرية مش ها تبعت دكتور بدل اللي راح يا شيخ الخفر ؟
ـ و هو انته فاكر إن كفرنا دي على بال البهوات القاعدين في المديرية ؟ موت يا حمار .
ـ أمال ها نعمل إيه في المصيبة اللي احنا فيها دي ؟
ـ آدينا مستنين الفرج .
( شبح يخرج من بين بيوت القرية ، يتجه ناحية الخفر ،
يصرخ أحد الخفر )
ـ مين هناك ؟
( الشبح لا يتكلم ، يصرخ الخفير و قد صوب بندقيته ناحيته )
ـ بقول مين هناك ؟
(يصرخ شيخ الخفر و هو يجري ناحية الشبح )
ـ مين هناك إيه يا طربش ؟ نزل البندقية الله يخرب بيتك ، انته اتعميت خلاص ؟ ده أبويا العمدة يا بجم .
ـ حضرة العمدة ؟
( يصل شيخ الخفر إلى العمدة ، يسلم عليه )
ـ أهلا وسهلا حضرة العمدة ....
( يقف الخفر يؤدون التحية العسكرية ، يذهب شيخ الخفر و العمدة يجلسان بعيدا عن الخفر )
ـ سلام عليكم .
ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .
ـ اقعدوا اقعدوا ، إيه آخر الأخبار يا شيخ الغفر ؟
ـ كله تمام يا حضرة العمدة ، لا حد دخل و لا خرج من داره زي ما حضرتك أمرت ، و كل بيت فيه حد تعبان عملنا على بابه علامة بالبوية الحمرة .
ـ و بعدين يا شيخ الغفر ؟ إيه العمل ؟
ـ العمل عمل ربنا يا عمدة ، ربنا يعديها على خير .
ـ و ها نقعد كده لحد إمتى ؟
ـ أنا رأيي إن التهامي و أبو شقفة ينزلوا البندر م الفجر و يروحوا المديرية ....
ـ مش ها ينفع ، لازم أروح أنا بنفسي .
ـ و إيه المانع ؟ أكيد برضك ها يعملوا لك ألف حساب و يتصرفوا .
ـ خلاص ، بكرة إن شاء الله تبعت معايا اتنين غفر ، و آدي انته تبقى مكاني لغاية لما آجي .
ـ برقبتي يا حضرة العمدة .
ـ التوابتي فين ؟
ـ أهوه ( ينادي ) يا توابتي ، تعال كلم أبوك العمدة .
( يجري التوابتي إلى العمدة ، يؤدي التحية العسكرية )
ـ أفندم ؟
ـ أخبارك ابنك إيه دلوقتي ؟
ـ سألت عليك العافية يا حضرة العمدة ، لا ده خف و بقى عال العال ، مش طلع لا عنده سل و لا حاجة .
ـ أمال إيه الدم اللي نزل منه ده ؟
ـ لا ، ما هو الدكتور عادل لما شافه قبل ما يمشي ، قال إن الدم ده من سنانه .
ـ الحمد لله .
( يقاطعه شيخ الخفر )
ـ خلاص روح انته يا توابتي ، و حمد الله على سلامة ابنك .
( يذهب التوابتي يجلس مع الخفر ، يكمل العمدة حديثه مع شيخ الخفر )
ـ الواد ابن أبو شوشة أخباره إيه ؟
ـ لسه جاي من عندهم دلوقتي ، الواد السخونية مسكاه و بيخرف ، منه لله بقى الدكتور عادل ، تلاتة بالله العظيم ، الواد ده لو جرى له حاجة ذنبه ها يبقى في رقبته ، و ساعتها بقى أبو شوشة مش ها يسكت .
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله .
ـ طب الواد ( أنتي بيوتك ) ما بيوريناش همته ليه و يعالجه ؟
ـ ما هو لولاه كان الواد راح في شربة ميه ، ده لما لقى السخونية مسكاه ، جري بيه ع الترعة و قعد يغطسه فيها لغاية لما راحت ، و ادى له إبرة مخدر ما عرفش و إلا إيه ، الواد بعدها بقى عال العال ، بس يدوبك ساعتين تلاتة ، و السخونية رجعت تاني و حالته بقت حاله .
ـ ما تيجي لما نعدي عليه نشوفه .
ـ لا يا عمدة ، كله إلا انته ، البلد مش مستغنية عنك ، و بعدين أنا لسه جاي من عندهم أهوه .
ـ طب خلي حد م الخفر ياخد لهم شوال رز و شوال دقيق و زيت و الذي منه .
ـ ربنا يخليك لينا يا عمدة ، حاضر من عينيه .
ـ و تخلي الواد (أنتي بيوتك) ما يسبوش .
ـ ما هو عندهم في الدار من ساعتها ، الشهادة لله ، الواد مش مقصر .
ـ ربنا يعديها على خير .
ـ و صاحبك مشي ؟
ـ غار في ستين داهية هو و العيانين قرايبه ، داهية لا ترجعه .
ـ قال لك إيه لما قلت له يمشي م البلد ؟
ـ و هو قدر ينطق بحرف واحد ؟ ما هو غلطان و الغلط راكبه من ساسه لراسه ....
ـ أنا خايف لنكون ظلمناه يا وله .
ـ ظلمناه ؟ ليه إن شاء الله ؟ ده يظلم بلد بحالها ، و إلا يعني كنا نستنى لما قرايبه يعدوا البلد كلتها ؟ و ساعتها بقى قول على البلد يا رحمن يا رحيم .
( صرخات عالية تأتي من القرية ، يقف العمدة و شيخ الخفر )
ـ إيه ده ؟
ـ الظاهر الواد ابن أبو شوشة مات ، الصويت جاي من ناحية دارهم .
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، يلا بينا يا شيخ الغفر .
ـ اتفضل يا حضرة العمدة .
( يسرع العمدة و شيخ الخفر في اتجاه الصوت )
ـ اسبقنا يا غفير انته و هوه شوف فيه إيه بسرعة .
( يجري الخفر ناحية دار أبو شوشة )
ـ الله يقطع الدكاترة كلهم في ساعة واحدة قادر يا كريم ، آدي آخرة الدكاترة و اللي بيجلنا من ورا الدكاترة ، منك لله يا دكتور عادل ، بس هازز لي طوله في الرايحة و الجاية بالبالطو الأبيض و السماعة ، حسبنا الله و نعم الوكيل ، حسبنا الله و نعم الوكيل .
ـ استر يا رب ، يا رب استرها لجل حبيبك النبي .
( يعود التوابتي مسرعا ، يقابل العمدة و شيخ الخفر ، يلهث )
ـ فيه إيه يا وله ؟ ما تنطق .
ـ ده الواد توفيق بيضرب مراته .
ـ الله يقطعه و يقطعها في ساعة واحدة ، و ده وقته ؟
( يلتقط العمدة أنفاسه )
ـ خضنا الله يخضه ، لا إله إلا الله ، خلاص خليك انته بقى يا شيخ الغفر .
ـ أوصلك يا أبا العمدة ؟
ـ توصلني إيه ؟ عيل صغير قدامك ؟
ـ العفو يا حضرة العمدة ، بس اتشرف بالمشي معاك مش أكتر و الله .
ـ لا ، خليك انته شوف شغلك ، سلام عليكم .
ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .

( يتبع )

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 03-18-2010, 08:14 AM
 
عمدة كفر البلاص ( 14 )

( صوت طلقات نارية تشق سكون الليل ،
استيقظ الأهالي مذعورين ،
أسرع الرجال بالخروج ،
النساء ينظرن من خلف النوافذ ،
يتساءلون )
ـ فيه إيه ياد يا توفيق ؟
ـ شايفني يعني باشم على ضهر إيدي ؟ الله أعلم .
ـ يا ساتر استر يا رب .
( يشاهدون شبحا يجري مبتعدا في الظلام ، يدخل مسرعا بين أعواد الذرة ، صوت طلقات نارية تدوي )
ـ ده مين ده يا وله اللي دخل في الدرة ؟
ـ فيه إيه ياعم الحاج ؟ هو انته فاكرني مين بالظبط ؟ شايف نظري سته على سته ؟
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله .
( يمر عليهم أحد الخفر ، يلتقط أنفاسه ، يسألهم )
ـ ما شفتوش الواد سليمان جري منين ؟
ـ سليمان مين يا حضرة الغفير ؟
ـ الواد سليمان أبو سليمان الغفير اللي اتعرض للبت خضرة و العمدة طرده م البلد .
ـ و ده راجع ليه إن شاء الله ؟
ـ المهم حد فيكم شافه ؟
ـ إيوه شفناه ، كان جاي من هناك هناهو ، و قام جاري و داخل مستخبى جوه الدرة اللي هناك دهوه بتاع أبويا العمدة .
ـ طب كل واحد فيكم يدخل داره عشان ما يتعورش ، لأن الواد ده معاه سلاح و لسه ضارب علينا النار دلوقتي .
( يجري الأهالي إلى بيوتهم ، يتابعون ما يحدث من خلف النوافذ )
ـ الله يعمر بيتك يا شيخ الغفر .
ـ طول ما الراجل ده موجود يبقى نامي في العسل يا بلد .
ـ ده ما بيسبش كبير و إلا صغير إلا ما يسأل عنه .
ـ ده كفاية انه كرش الدكتور عادل و قرايبه بتوع السل م البلد ، الله يسترك دنيا و آخرة يا شيخ الغفر .
( صوت طلقات نارية متتابعة هنا و هناك ،
أحد الغفر يجري إلى اليمين ،
يتبعه آخر يجري إلى اليسار ،
يصرخ أحد الغفر )
ـ الله أكبر ، جبت لك أجله يا شيخ الغفر .
( يصرخ آخر )
ـ تلاتة بالله العظيم ما حد جاب داغة إلا اني .
( يصرخ ثالث )
ـ إلحق يا شيخ الغفر ، حضرة العمدة عاوزك بسرعة .
ـ و ده وقته ؟ طيب ، حاضر ( يوجه حديثه للخفر ) إياكم حد فيكم يسيب مكانه لغاية لما أرجع .
( يذهب شيخ الغفر مسرعا إلى دار العمدة ،
يجد العمدة في انتظاره ممسكا ببندقيته )
ـ فيه إيه يا شيخ الغفر ؟
ـ الواد سليمان أبو سليمان اللي كان غفير و انته طردته م البلد ...
ـ ماله ؟
ـ لامم لي شوية قلاضيش و عاوزين يقتلوك يا عمدة .
ـ يقتلوني اني ؟
ـ التحريات اللي عملناها كلها كانت بتأكد الموضوع ده ....
ـ و لما انته عامل تحريات ، سايبني على عمايا يا شيخ الغفر ؟ ليه ما نبهتنيش من بدري ؟
ـ ما حبيتش أقلقك بس يا أبا العمدة .
ـ ابقى هاتهولي هو و القلاديش اللي مسكتوهم معاه عشان ما حدش ها يحقق معاهم إلا اني .
ـ لا ، هو انا ماقولتلكش ؟ ما هم هربوا لما عرفوا إن عينينا مفنجلة و قاعدين لهم .
ـ هربوا منكم ؟
ـ و هو إحنا كنا مسكناهم و هربوا مننا ؟ احنا أول ما شفناهم ضربنا عليهم نار ، و همه ردوا علينا ، بس الواد العوادلي بيحلف إنه ضرب أبو سليمان بالنار و جت في رجله اليمين و الناس شايفينه و هو بيجري بيزك ، و الواد التوابتي كمان بيحلف إنه ضربه بالنار في راسه ، بس لما رحنا ندور عليه في الدرة لقيناه فص ملح و داب .
ـ أيوة بس كده ممكن يرجعوا تاني ، و طبع اللي اتجرأ و عملها مرة ، يبقى أكيد ها يعملها تاني و تالت و رابع .
ـ ما هو عشان كده بعد إذنك يعني ، ها أعمل بعض الحاجات كده عشان نقدر نشتغل صح بقى .
ـ حاجات إيه دي ؟
ـ يعني بعد إذنك يا حضرة العمدة ،
أولا : ما حدش يمشي في البلد بعد صلاة العشا إلا اما يكون معاه تصريح مني شخصيا ،
ثانيا : ما حدش يخرج م البلد و لا يدخل إلا لما أبقى عارف الخارج خارج ليه و الداخل داخل ليه ،
ثالثا : أي غفير له الحق انه يمسك و يحبس أي حد في البلد للاشتباه فيه....
ـ أيوة بس ده احنا ما صدقنا الناس شمت نفسها حبتين بعد الحبسة بتاع موضوع السل ده .
ـ ما هو حضرتك شايف أهو بمجرد ما هوينا لهم الحبل شوية إيه اللي حصل أهو ، و بعدين الصراحة بقى أنا مش مستعد أدخل عليك في مرة ألاقيك واخد لك عيارين لا قدر الله يا أبا العمدة .
ـ أيوة بس براحة على أهالينا يا شيخ الغفر .
ـ ما تقلقش يا أبا العمدة ، دول أهلي و ناسي ، و عشان كده عندي اقتراح كده ها يبسط البلد و يا ريت حضرتك توافق عليه .
ـ خير إن شاء الله ؟
ـ طبعا إحنا لما نضيق على الناس بالشكل ده ، فياريت برضه نبحبحها عليهم من الناحية التانية .
ـ عروستي ؟
ـ كنت بأقول يعني نخلي التليفون للأهالي مجانا يتكلموا براحتهم .
ـ تليفون إيه ؟
ـ تليفون العمدة .
ـ نعم ؟ تليفون العمدة ؟
ـ لا ، ما هو احنا ها نجيب لهم عدة تانية نحطها في القاعة و هانخلي واحد م الغفر قاعد عليه عشان الناس تتكلم بالدور .
ـ آه ، بحسب ، و ماله ، ما عنديش مانع ، بس هي دي البحبحة اللي تقصدها ؟
ـ يعني ، أهي حاجة برضه تسعدهم و توسع عليهم .
ـ الأهم من كده تنبه على الغفر ما حدش يضايق الناس .
ـ لا ، من الناحية دي اطمن ، طول ما أنا موجود و لا يكون عندك أيتها فكرة ، أنا عاوزك انته بس كده تنام و تمدد رجليك و تشخر براحتك خالص و على كيف كيفك يا أبا العمدة .
ـ حسك عينك أسمع أيتها شكوى من أي حد في البلد يا شيخ الغفر .
ـ برقبتي ، و لا تشغل بالك انته يا أبا العمدة .
ـ مش عارف كنت ها أعمل إيه من غيرك يا وله يا طاهر ، قصدي يا حضرة شيخ الغفر .
ـ إحنا مش عاوزين غير رضاك علينا يا أبا العمدة .


( يتبع )
رد مع اقتباس
  #29  
قديم 03-22-2010, 09:50 AM
 
عمدة كفر البلاص ( 15 )


( اجتمع أهالي القرية عن بكرة أبيهم أمام دار العمدة ،
كل منهم يريد أن ينال دوره للتحدث من خلال هاتف العمدة المجاني ،
وقف الخفر يصفون الناس ،
بينما أخذ الخفير التهامي يصيح بالجموع )
ـ عمرنا ما ها نتعلم النظام أبدا ؟
ما تقف صف واحد ياله انته و هوه ،
حازي ، و الا احنا يعني ما نمشيش غير بالعصاية ؟
مش كفاية العمدة الله يعمر بيته خلاكم بني آدمين و عملكم التليفون مجانا ؟ دي فين تلاقوها دي في العالم كله يا ناس ؟
سبحان الله ، عليا النعمة خدمة عشر نجوم ،
ـ نرجع نأكد ـ كل واحد فيكم ياخد دوره ،
جاتكوا داهية ، الستات في ناحية و الرجالة في ناحية ، كلكو زي بعض ،
ارجع يا راجل انته هناك ، ها ناخد واحدة ست و بعدين راجل و بالدور ، و اللي يدخل عشان يتكلم ما يعوقش ، يعني تتلقح تقعد تطرش الكلمتين و تفز تقوم على طول ، رغي النسوان ده مالوش لازمة ، أني بأنبه اهوه ، عشان ما حدش يقول (التهامي) ما حذرناش .
انته ياد يا حسونة ، جاي تتكلم من هنا ليه ؟ مش عندك تليفون ؟ و الا أبو بلاش كتر منه ؟
ـ هو أني مش زي الناس دي و الا إيه يا ( تهامي ) ؟
ـ و التهامي ده كان بيلعب مع أبوك في الشارع ؟ أما تيجي تكلمني يا وله تقول حضرة الغفير التهامي ، فاهم و إلا لأ ؟ و بعدين ، لأ طبعا إنته مش زي الناس ، مش عندك تليفون في بيتكم ، يبقى تروح تتكلم منه ؟
ـ مش ماشي يا حضرة الغفير ، زيي زيهم .
ـ طب تلاتة بالله العظيم ما انته متكلم لو على جثتي ...
( يجذبه من جلبابه بعيدا ، يحاول التخلص من بين يديه و لا فائدة ، يذهب الرجل بعيدا و هو يصيح )
ـ و الله لاني قايل لحضرة العمدة ، إشمعنى اني يعني ؟
( يدخل ( التهامي ) إلى داخل دار العمدة بينما وقف الخفر بالخارج يصفون الأهالي بنظام ، نسمع صوت ( التهامي ) ينادي من الداخل )
ـ دخلي أول واحد يا ( عوادلي ) .
ـ يلا ادخل انته يا حسن يا بو خميس .
( يصرخ أحد الرجال )
ـ اشمعنى أبو خميس يعني ؟ أني جاي قبله ، و الا عشان قريبك ؟
( يصرخ الخفير العوادلي في وجهه )
ـ هوه كده ان كان عاجبك ، عافية بقى ، و عليا النعمة كلمة تانية ما انته شايف التليفون ده شكله إيه ، إيه رأيك بقى ؟
( عندها يتراجع الرجل ، لكنه يتكلم بصوت خفيض بكلام غير مفهوم )
ـ بتبرطم تقول إيه يا ابن هنومة ؟
ـ بادعي لك ، الحق عليا ؟
ـ باحسب ، عارف لو كنت بتبرطم كده و الا كده ؟
( يتحرك شاب من بين الجموع يقترب من العوادلي ، يهمس في أذنه )
ـ أمي بتقولك انته ما عديتش عليها ليه عشان تاخد صينية البطاطس اللي عاملاها لك ؟ و بتقولك هي عايزة تكلم اخويا في العراق .
( يلتفت العوادلي إليه يهمس في أذنه )
ـ قولها حاضر بس شوية كده عشان زحمة دلوقتي ( يغمز بعينه ، ثم يرفع صوته ) أنا ما عنديش خيار و فاقوس ، أنا باقولك اهوه ، كل واحد في دوره ، يلا من هنا .
( ينصرف الولد ، يشير العوادلي بعصاه لإحدى النساء الواقفات )
ـ الست اللي هناك دي ، إنتي مين يا ست انتي ؟
ـ أني من أبو زعيبل .
ـ نعم ؟ زعيبل مين يا أم زعيبل ؟ يلا امشي مششت ركبك من بدري ...
( يذهب إليها يدفعها بقوة فتقع المرأة أرضا ، عندها تحدث ضجة بين الجموع )
ـ ما تسيبها يا عم عوادلي .
ـ يعني هي ما لهاش نفس زينا ؟
ـ يعني التليفون ها يخس ؟
( عندها يصرخ فيهم العوادلي )
ـ إياك أسمع نفس حد فيكم انته و هوه ، كل واحد فيكم ينقطنا بسكاته ، اللي متعاطف معاها يوريني نفسه ، الخدمة دي لأهالي كفر البلاص و بس ، يلا غوري في ستين داهية من هنا ، و أديني بانبه اهوه ، أي حد من أبو زعيبل أو أبو حطب يمشي من سكات أحسن له و إلا ها أسود عيشته و عيشة اللي جابه .
( تقف المرأة و ترحل و هي تبكي ، بينما ينسحب بعض الرجال و النساء من بين الصفوف ، و يعود العوادلي لينظم الصفوف )
......................
( بعد المغرب جلس الخفير ( التوابتي ) مع شيخ الخفر )
ـ كله تمام يا شيخ الغفر .
ـ عملت إيه النهاردة ؟
ـ زي ما أمرت بالظبط ، و كل حاجة متسجلة هنا في الورق ده .
( يخرج التوابتي بعض الأوراق و يناولها لشيخ الخفر )
ـ إوعى يكون حد شافك و انته بتكتب ؟
ـ هو أني أهبل ؟ أنا كنت باصنت من التليفون اللي جوه .
ـ طب اقرا لي اللي انته كاتبه كده .
ـ الواد حسن ابو خميس طلق مراته و كلم أهلها في البندر عشان يجو ياخدوا حاجاتها .
ـ و طلقها ليه ؟
ـ عشان ما خلفتش لغاية دلوقتي .
ـ و العيب من مين ؟
ـ كل واحد فيهم بيقول العيب م التاني .
ـ غيره .
ـ البت نحمده بنت أبو إسماعيل جاي لها عريس من أبو حطب .
ـ و اتلمت عليه فين الواد ده ؟
ـ كان معاها في المصنع بتاع المركز ، و جاي هو و أهله يوم الاربع عشان يطلبوها من أبوها .
ـ غيره .
ـ الواد حسان أبو جمعة أخوه باعت له ألفين جنيه من بلاد برة مع واحد صاحبه ، و ها يجيب له الفلوس بكرة الظهر .
ـ هو أخوه بيشتغل إيه هناك ؟
ـ بيقولوا مبيض محارة كبير قوي هناك ،
على فكرة الواد حسونة كان جاي النهاردة عشان يتكلم من عندنا ، بس التهامي طرده .
ـ طرده ليه إن شاء الله ؟
ـ عشان عندهم تليفون و جاي يتكلم من تليفون العمدة .
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، و هو أنا قعدت أتحايل على العمدة لغاية لما عمل التليفون مجانا ليه ؟ بعد ما تخرج من عندي تروح تقطع السلك بتاع تليفون الواد حسونة ، و أني ها أنبه على التهامي إنه يسيبه يتكلم من عندنا .
ـ أمرك يا شيخ الغفر .
ـ و بكرة ها أخلي واحد م الغفر يعملهم شاي كمان .
ـ ما نجيب لهم سحلب و طاولة أحسن ؟ ( يضحكان ) أموت و أعرف لزمتها إيه المصاريف دي كلها ؟
ـ عمدة و عاوز يريح أهل بلده يا أخي ، و إلا يعني الكحكة في إيد اليتيم عجبه ؟ و بعدين ده كفاية إننا نعرف كل كبيرة و صغيرة في البلد .
ـ طب و التقارير اللي أني قاعد أكتبها دي ، أبويا العمدة عنده خبر بيها ؟
ـ لأ طبعا ، دي حاجة بيني و بينك بس ، و حسك عينك حد يعرف الموضوع ده ، و بعدين ما هو إحنا لازم نعرف كل كبيرة و صغيرة في البلد يا وله ، أمال ها نحافظ على أمن البلد دي إزاي ؟
ـ معاك حق و الله يا شيخ الغفر ، عاوز الصراحة يا شيخ الغفر ؟
ـ لا بنت عمها .
ـ كان نفسي دماغي تبقى و لو نص دماغك .
ـ ياد قول بسم الله ما شاء الله ، يلا روح عشان تنام ( يخرج بعض النقود من جيبه و يدسها في جيب التوابتي ) و بكرة إن شاء الله تطرطق ودانك على الآخر .
ـ مطرطقة و سالكة و مية مية إن شاء الله يا شيخ الغفر ، سلام عليكم .
ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .



( يتبع )
رد مع اقتباس
  #30  
قديم 03-31-2010, 11:45 AM
 

عمدة كفر البلاص ( 16 )

( صرخة عالية شقت سكون القرية ،
تعلقت العيون و الآذان باتجاه الصرخات ،
فجأة انطلق أحد الغلمان فارا من بين أعواد الذرة ،
يمسك جلبابه بفمه و يهرول في اتجاه القرية يصرخ )
ـ روحوا يا هــــــــــوه ، ( السلعوة ) ظهرت يا جدعان .....
( تخونه قدماه الدقيقتان فيتعثر منزلقا إلى الترعة ،
يخرج منها زاحفا ، ما يلبث أن يعاود الفرار ،
اختلط الحابل بالنابل ،
النساء و الأطفال و الرجال يفرون في كل اتجاه )
ـ اهرب بسرعة ياد يا محمود .
ـ ما جايز كلب مسعور ياد يا حمودة .
ـ هو أنا عبيط و الا مختوم على قفايا ؟
بقولك أنا لسه شايفها في أرض أبوك محمد أبو اسماعيل ....
ـ يا داهية دقي .....
( محمود يفك الحبال التي ربط بها بهائمه ،
ينهال عليها ضربا بعصاه فتفر البهائم باتجاه القرية ،
يقفز محمود فوق حماره يهز قدماه بشدة ، يلوح بعصاه عاليا ،
صرخات الاستنفار تتصاعد هنا و هناك )
ـ استر يا رب ، انته لسه ما قفلتش يا عم حسنين ؟
ـ ما أنا بأقفل أهو ، ليكون ديب ياله يا حمودة ؟
ـ برضك ها يقولي ديب، بقولك ( السلعوة ) أنا شايف عينيها بعيني اللي هاياكلها الدود و هيه بتطق شرار .
ـ طب اجري بسرعة و بلغ أبوك العمدة ...
ـ عمدة مين الساعة دي ؟ يا روح ما بعدك روح ....
( يغلق عم حسنين باب دكانه الخشبي سريعا ،
يعلق قضيبا طويلا من الحديد عليه ،
يضع قفلا كبيرا و يفر هاربا )
ـ اجري استخبى يا وله انته و هوه بسرعة ، يا لطيف ، يا لطيف .
( تجري إحدى النساء تنتشل طفلها من فوق الأرض و تفر به ، تصرخ )
ـ يا بت يا سعاد ، ادخلي بسرعة يا بنت ال ........
( تدخل إلى منزلها ، تغلق الباب خلفها سريعا ،
طفل صغير يحاول الفرار ، فيسقط تدوسه الأقدام ،
يوقفه أحد الرجال ، يصرخ في الناس )
ـ الرحمة يا جدعان حرام عليكم .
( يجري الطفل إلى حارة ضيقة ، يختفي عن الأنظار ،
امراة تصرخ في ولدها )
ـ شفت أختك فين ياد يا عبوده ؟
ـ دخلت بيت عم أبو سليمان .
( الجميع يحاول الفرار )
ـ يا ساتر استر يا رب .
( ما هي إلا لحظات حتى ساد صمت مميت ،
جميع الأهالي يهرعون إلى ديارهم ،
جميع الأبواب تغلق بإحكام ،
العيون جاحظة تترقب خلف الأبواب و النوافذ ،
الآذان صاغية تتنصت ،
البعض صعد فوق السطوح يتابع المشهد من أعلى ،
يتساءل أحد الرجال)
ـ مش جايز تعلب و الا ديب و الا كلب مسعور يا جدعان .
ـ الواد حمودة بيقولك شايف الشرار طالع من عينيها .
ـ شيخ الغفر بيحلف على المصحف إن هي اللي أكلت كلاب العمدة أول امبارح .
ـ ده أبو شلبي لسه شايفها امبارح بالليل على جسر الترعة و هي بتسن سنانها يا جدعان .
( صرخة عالية تشق الفضاء )
ـ استر يا رب ، الصرخة دي جاية منين ؟
ـ دي جاية من ناحية دار أبو خميس .
( صوت الصرخات يقترب و يقترب )
ـ ده صوت عيل صغير ، يالطيف ، يالطيف .....
( تظهر من خلف البيوت طفلة صغيرة تصرخ و تجري إلى أحد الأبواب )
ـ الحقيني يا أمه ، الحقني يا آبا .....
( تدق الباب و تدق و لا مجيب ،
الجميع يتابع ما يحدث من خلف الأبواب و النوافذ و من فوق السطوح ،
تتعالى صرخات الأهالي ، تتزايد أصواتهم )
ـ يا ضنايا يا بنتي ، ربنا يكون في عونك .
( ينادي أحدهم من خلف الأبواب )
ـ بنت مين دي يا عالم ؟
( يرد عليه آخر )
ـ دي بنت حسين أبو حبيبة .
( البنت تبكي و تصرخ و لا مجيب ،
فجأة ،
تخرج ( السلعوة ) من بين أعواد الذرة ،
يتطاير الشرر من عينيها ،
سوداء حالكة اللون ،
يسيل من بين أنيابها لعاب السعار ،
تقف متحفزة ،
تتعالى صرخات الأهالي )
ـ حد يغيتها يا ولاد ، ما تفتح لها ياد يا مسعود .
ـ ما انته حلو اهوه يا له ، ما تطلع تاخدها انته يا ناصح ، و الا بس بق على الفاضي ؟
ـ و هو انا مستغني عن نفسي و عن عيالي ، دي سلعوة يا آبا ، عارف يعني إيه سلعوة ؟
( تتراجع البنت ملتصقة بالأبواب ،
نحيبها يمزق القلوب ،
دقات قلبها الصغير تتردد بين جدران البيوت ،
لحظات من الترقب )
ـ يا بلد ما فيهاش راجل ، مفيش حد يغيت البت المسكينة دي ؟
ـ و هي أهلها سايبنها ليه الساعة دي ؟
ـ فيه حد يسيب ضناه كده بالذمة ؟
( تقترب منها السلعوة شيئا فشيئا ،
تصرخ الطفلة و تصرخ حتى يبح صوتها ،
فجأة ينفتح أحد الأبواب ،
تخرج منه ( خضرة ) ،
ترفع في يديها عصا غليظة )
ـ ما تخافيش يا أمه ، ما تخافيش .
( تقف بين السلعوة و البنت الصغيرة ، تتعلق عينها ب السلعوة ،
تجري البنت لتتشبث بجلبابها )
ـ دي مين بنت المجنونة دي ؟
ـ دي البت (خضرة) أم لسانين .
ـ و الله بت بميت راجل .
( تتحرك خضرة بجنبها خطوة خطوة باتجاه بابها ،
تقترب منها السلعوة شيئا فشيئا ،
تفتح خضرة باب دارها بينما عينيها مازالت معلقة على السلعوة ، تدخل البنت من الباب مسرعة ،
عندها تقفز السلعوة على خضرة تحاول افتراسها ، إلا أنها باغتتها بضربة قوية بعصاها الغليظة على رأسها و صرخت )
ـ موتي بقى الله ياخدك .....
( تسقط السلعوة على إثر الضربة ، إلا إنها تهب ثانية لتهجم على خضرة فتباغتها بضربة ثانية و ثالثة ، و تصرخ )
ـ الله ياخدك ، الله ياخدك ....
( عندها تسقط السلعوة على الأرض لا تستطيع الحراك ، إلا أنها ما زالت حية ،
عندها نجد أحد الخفر (العوادلي) يخرج من خلف أحد الأبواب ،
يصرخ )
ـ إلحقنا يا شيخ الغفر ، إلحقنا يا شيخ الغفر .
( عندها يخرج شيخ الخفر يحمل بندقيته ، يصوبها ناحية السلعوة ، و يطلق عليها النار ،
عندها يصرخ ( العوادلي )
ـ الله أكبر ، الله أكبر ،
شيخ الغفر قتل السلعوة يا حضرة العمدة ، شيخ الغفر قتل السلعوة يا بلد .
( عندها يتردد صوته في الفضاء )
شيخ الغفر قتل السلعوة يا حضرة العمدة ، شيخ الغفر قتل السلعوة يا بلد .


( يتبع )

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
( الشيخ جبر ) نزف قلم : محمد سنجر محمد سنجر قصص قصيرة 7 08-16-2013 08:01 AM
ذهب مع الريح ( نزف قلم : محمد سنجر ) محمد سنجر قصص قصيرة 2 12-11-2009 06:20 PM
بلال لال ( نزف قلم : محمد سنجر ) محمد سنجر نور الإسلام - 0 11-05-2009 11:46 PM
ضد التيار ( نزف قلم : محمد سنجر ) محمد سنجر مواضيع عامة 8 10-22-2009 08:40 AM


الساعة الآن 05:35 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011