|
خواطر أعجبتني خواطر اعجبتك واحببت أن تنقلها إلينا من شبكة الانترنت |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#31
| ||
| ||
(العمدة ينادي من داخل القاعة ) ـ عبد الجبار ، واد يا عبد الجبار ... ( يدخل عبد الجبار مسرعا ، يتخبط بباب القاعة ، ينكسر الباب ، يمسك عبد الجبار بالباب قبل أن يسقط على الأرض ، يكاد الدم أن يتفجر من وجنتيه خجلا ، يقف ممسكا بالباب ، ينظر إلى العمدة و الشيخ جمعة الجالس إلى جواره ، و ينظر إلى الباب ، لا يعرف ماذا يفعل ، يصرخ العمدة ) ـ جاموسة داخلة علينا ؟ إيه اللي انته هببته ده يا بجم ؟ (وقف عبد الجبار يتصبب منه العرق ، ينظر إلى الأرض ، لا يستطيع النطق بكلمة واحدة ، يحاول لملمة الحروف فلا يستطيع ) ـ ما ... ما ... أصل ... أصل ... ـ انته ها تمأمأ لي ؟ اسند الزفت اللي كسرته ده على الحيطة و غور هات الواد ( قادوم ) يصلحه ، بسرعة . ـ أمرك يا حضرة العمدة . ( يسند عبد الجبار الباب على الحائط ، و يخرج مسرعا ، يناديه العمدة ) ـ واد يا عبد الجبار ، انته يا وله ... ( يعود عبد الجبار مسرعا لكنه يتردد في الدخول فيقف خارج الباب ) ـ أمرك يا حضرة العمدة . ـ عدي على شيخ الغفر خليه يجيني . ـ حاضر . ( يذهب عبد الجبار ، يميل الشيخ جمعة على العمدة ) ـ طيب أستأذنك أنا يا حضرة العمدة ؟ ـ لا ، تستأذن مين ؟ لازم تقعد لغاية لما يجي و تحضرنا . ـ عشان بس ما يبقاش فيها حرج يا عمدة . ـ حرج إيه و بتاع إيه ؟ و لا فيها حرج و لا حاجة ، اقعد اقعد ( ينادي ) بت يا بهانة ... ( ترد بهانة من خلف الباب الداخلي ) ـ أأمر يا أبا العمدة . ـ اعملي لنا حاجة نشربها يا بت . ـ شاي ؟ ـ شاي شاي ؟ ما فيش غير الشاي ؟ ـ أعملك قهوة ؟ ( يكلم الشيخ جمعة ) ـ إيه رأيك في فنجانين قهوة م البن المحوج اللي جابهولي شيخ الغفر ؟ ـ ماشي . ( ينادي العمدة على بهانة ) ـ صحيح تعالي يا بت يا بهانة ادخلي ، ما فيش حد غريب ، ده أبوك الشيخ جمعة . ( تدخل بهانة ) ـ السلام عليكم ، إزيك يا أبا الشيخ جمعة ؟ ـ أهلا يا بهانة ، عاجبك اللي عمله جوزك ده يا بت ؟ ـ عمل إيه ؟ ( يقاطعها العمدة ) ـ كسر الباب يا فالحة . ( يشير العمدة إلى الباب المكسور ، تنظر بهانة إلى الباب ) ـ هوه اللي كسره ؟ ـ لا آني ، الواد بأنادي عليه لقيته داخل في الباب زي البهيم . ـ معلش يا أبا العمدة ، أصله بيحبك قوي و الله ، و ما بيصدق إنك تنادي عليه بيبقى عاوز يطير طير كده و يجيلك . ـ حبك برص و عشرة خرص انتي و هوه ، كسبنا صلاة النبي ؟ ـ اللهم صلى عليه . ـ طب اجري بقى اعملي لنا فنجانين قهوة مظبوط م اللي وصى عليهم داود في التذكرة يا بت . ـ أمرك يا أبا العمدة ، بس بالله عليك ما تزعل من عبد الجبار يا أبا العمدة. ـ خلاص اللي حصل حصل ، بس روحي انتي اعملي القهوة . ـ هوا . (تخرج بهانة ) ـ ما قلتليش يا شيخ جمعة ، مش يمكن الناس دول يكونوا قرايبه ؟ ـ قرايبه مش قرايبه ، المفروض أي حد يدخل البلد و يقعد فيها يكون عندك علم بيه ، و بعدين دول مش واحد و إلا اتنين . ـ معاك حق طبعا ، و دول جم البلد إمتى يا شيخ جمعة ؟ ـ ساعة لما انته كنت في المديرية بتجيب الدكتور الجديد . ( يدخل شيخ الخفر ) ـ السلام عليكم ، خير يا حضرة العمدة ، ازيك يا شيخ جمعة ؟ إيه اللي كسر الباب كده ؟ ـ و عليكم السلام . ـ سيبك م الباب دلوقتي يا شيخ الغفر ، إيه موضوع الناس اللي قاعدين عندك دول ؟ ـ قرايبي يا حضرة العمدة و جايين زيارة يومين ، ليه خير ؟ حد فيهم عمل حاجة كده و الا كده لا سمح الله ؟ ـ مش المفروض أبقى على علم بكل حاجة في البلد يا شيخ الغفر ؟ أنا مش قايلك انته مكاني لغاية لما أرجع م البندر ؟ يبقى أي حاجة تحصل في البلد و أنا غايب لازم يكون عندي علم بيها . ـ معاك حق طبعا يا أبا العمدة ، عداك العيب ( ينحني شيخ الخفر على كف العمدة يقبله ، يسحب العمدة كفه بسرعة ) ـ استغفر الله العظيم . ـ حقك عليا ، أني غلطان ، بس و الله ما جت فرصة أقولك مش أكتر ، و بعدين دول جايين يقعدوا يومين و ماشيين ، و معروف انك طول عمرك بيتك مفتوح للغريب قبل القريب يا حضرة العمدة . ( يدخل عبد الجبار ) ـ الواد ( قادوم ) مش موجود ، بيقولوا راح البندر ، عنده شغل هناك و مش ها يجي إلا بعد يومين . ـ و ها أقعد يومين من غير باب يا فالح ؟ ( يقاطعه شيخ الخفر ) ـ فيه واد من قرايبي نجار يا حضرة العمدة ، بعد إذنك عبد الجبار يروح ينادي له يصلحه . ـ يعني الناس جايين ضيوف عندنا نقوم نشغلهم برضك ؟ ( يقاطعه الشيخ جمعة ) ـ ما فيهاش حاجة يا حضرة العمدة ، يعني نصلح الباب و إلا الدار تفضل مفتوحة كده من غير باب ؟ ـ أيوة بس أكيد ما معهوش عدة . ـ ده ما بيمشيش من غيرها ، روح يا عبد الجبار عندنا الدار و قول لهم شيخ الغفر بيقول لكم ابعتوا الواد (شنكل) بالعدة بتاعته عند أبويا العمدة . ـ فوريرة . ( يخرج عبد الجبار ، تدخل بهانة بالقهوة ) ـ القهوة . ـ اعملي كمان واحد مظبوط لشيخ الغفر يا بت . ـ حاضر . ـ سبحان الله ، قريبك النجار ده جه في وقته . ـ لأ مش بس كده ، ده أخوه حداد كمان و التالت بنا . ـ اللهم صلى ع النبي . ( يقاطعهما الشيخ جمعة ) ـ ما تخليهم يعملوا لنا مدنة للجامع يا عمدة ينوبك ثواب . ـ و ماله ، بس يمكن نعطلهم عن شغلهم و إلا حاجة ؟ ( ينظر إلى شيخ الخفر ، يجيبه ) ـ و لا عطلة و لا حاجة يا حضرة العمدة ، هي الدنيا ها تطير ؟ يقعدوا لهم أسبوع أو اتنين زيادة ، ها يجرى إيه يعني ؟ ده كفاية الثواب اللي ها ياخدوه . ـ الله يبارك فيك يا شيخ الغفر . ( يدخل عبد الجبار و بصحبته (شنكل) ) ـ السلام عليكم . ـ و عليكم السلام ، (شنكل) ابن خالتي اللي كلمتك عنه يا أبا العمدة . ـ أهلا و سهلا بيه . ـ شوف لنا الباب الي كسره الدغف ده كده يا شنكل ، ينفع يتصلح ؟ ـ كل حاجة تتصلح إن شاء الله يا حضرة العمدة . ـ يلا ورينا الهمة . ( يبدأ شنكل في العمل ، يجلس العمدة و الشيخ جمعة و شيخ الخفر يتناولون القهوة حتى ينتهي شنكل من تصليح الباب سريعا ) ـ خدمة تانية يا حضرة العمدة ؟ ـ اللهم صلى على النبي . ـ شوف كده يا حضرة العمدة ، لا تقولي بقى ( قادوم ) و لا غيره . ـ إيه الحلاوة دي يا وله ؟ ( يغلق الباب و يفتحه ) بسم الله ما شاء الله ، هو ده الشغل على أصوله ، أيوة كده ......... ( يمد العمدة يده في جيبه ، يخرج حافظة نقوده ، يمسك شيخ الخفر بيده) ـ تلاتة بالله العظيم ما انته مطلع مليم أحمر يا عمدة . ـ عيب يا شيخ الغفر . ( يقاطعهم شنكل ) ـ و هو أنا أصلا كنت أطول و إلا أحلم أعمل شغل في بيت العمدة ؟ ده كفاية الشرف اللي حط على راسي . ـ ما يصحش يا وله . ـ تلاتة بالله العظيم ما أني واخد أيتها حاجة . ( يقاطعه الشيخ جمعة ) ـ خلاص بقى يا حضرة العمدة ، طالما حلف ، الراجل ضيف عندنا ، ما توقعوش في حلفانه . ـ لا إله إلا الله ، طب إيه رأيك بقى أنا عاوزك تصلح لي شوية الحاجات البايظة اللي في الدار ، بس بشرط . ـ أأمر يا عمدة . ـ تاخد حقك تالت و متلت ، أنا بأقول من دلوقتي أهو . ( يرد شيخ الخفر ) ـ بكره م النجمة إن شاء الله يكون واقف قدام الدار . ـ شكرا يا شيخ الغفر ، ألف شكر يا شنكل . ـ الله يسلمك يا حضرة العمدة ، و هو أني عملت حاجة ؟ ـ طيب ، تأمرنا بأيتها حاجة يا أبا العمدة ؟ ـ ما تقعدوا تتعشوا معايا . ـ دايما عامر بحسك يا حضرة العمدة ، سلام عليكم . ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته . ( يتبع ) |
#32
| ||
| ||
عمدة كفر البلاص ( 18 ) ( دخل الشيخ جمعة مسرعا إلى القاعة ، وجد عبد الجبار يفترش الأرض بجوار الحائط ، وكزه الشيخ جمعة مناديا ) ـ واد يا عبد الجبار ، عبد الجبار .... ( يجلس عبد الجبار يفرك عينيه ، ينظر يمينا و يسارا يحاول أن يتدارك ما يدور من حوله ) ـ نعم ؟ ـ فين حضرة العمدة يا وله ؟ ـ نعم ؟ ـ مالك يا وله ؟ بأقولك فين أبوك العمدة ؟ ( ينظر عبد الجبار إلى الشيخ جمعة ، تدور بعينيه علامات الاستفهام ، و كأن الشيخ جمعة ينطق بطلاسم لا يفهمها ) ـ طيب . ( يسحب عبد الجبار الغطاء عليه و يعود متمدادا مرة أخرى متمتما ) ـ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، خير اللهم اجعله خير . ( يغضب الشيخ جمعة ، يوكزه وكزة قوية ، تتبعها أخرى ) ـ واد يا عبد الجبار ، قوم قامت قيامتك ياوله . ( يرد عليه عبد الجبار من تحت الغطاء ) ـ سيبني أنام الله يخليك يا شيخ جمعة . ـ نامت عليك حيطة ، قوم رد عليا يا وله . ـ فيه إيه بس يا شيخ جمعة ؟ ـ فين أبوك العمدة يا وله ؟ ـ أبويــــا العمــــدة نــــــــايم تعبــــــــــــــان ، هيه ارتحت ؟ ـ نايم تعبان ؟ تعبان ماله يا وله ؟ ـ الدكتور الجديد كان سهران معاه طول الليل و لسه ماشي هو وشيخ الغفر دلوقتي حالا ، سيبني أنام بقى . ـ و الدكتور قال العمدة ماله يا وله ؟ ـ يا شيخ حرام عليك ، و الله العظيم ما نمت بقى لي يومين بحالهم ، اعتقني بقى لوجه الله . ـ طيب ها اعتقك ، بس قولي الأول ، الدكتور قال أبوك العمدة ماله ؟ ـ قال إنه تعبــــان و لازم يرتــــــــــــــــاح ، سيبني أرتاح بقى أني كمان الله يخليك . ـ لا حول و لا قوة إلا بالله . ( يدخل شيخ الخفر مسرعا ) ـ السلام عليكم . ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ، أهلا يا شيخ الغفر . ـ أهلا يا شيخ جمعة ، خير ؟ ـ العمدة ماله يا شيخ الغفر ؟ ـ ما فيش ، الدكتور قال انه بعافية شوية ، و لازم يرتاح . ـ أيوة يعني يكفينا الشر عنده إيه ؟ ـ الدكتور قال انها زي ما تقول كده انتكاسه ، ربنا يقومه منها بالسلامة . ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، طيب ممكن أشوفه ؟ ـ الدكتور مانع أي حد يشوفه ، ده مشاني أني بذات نفسي من عنده امبارح . ـ استغفر الله العظيم ، طب أنا عاوز على الأقل أطمن عليه . ـ إطمن يا شيخ جمعة ، و يا ريت تطمن أهل البلد كلهم . ـ و ها نعمل إيه يا شيخ الغفر ؟ ـ نعمل إيه في إيه يا شيخ جمعة ؟ ـ في البلد ، مين اللي ها يشوف أحوال البلد و يراعيها ؟ ـ و اني مش مالي عينك و الا إيه يا جمعة ؟ ـ جمعة كده حاف ؟ ؟؟؟ أني قصدي يعني لازم يكون فيه عمدة يراع..... ( تحمر عينا شيخ الخفر ، فيمسك الشيخ جمعة من رقبته ) ـ بص بقى يا جدع انته ، حاكم أني ساكت لك من الصبح ، البلد دي مالهاش و لا ها يبقى لها غير عمدة واحد ، هو الراجل اللي راقد جوه ده ، و على بال ما ربنا يقومهولنا كده بالسلامة ، كل حاجة ها تمشي زي ما كان مخطط لها بالظبط ، و آني بقى اللي ها أنفذ كل اللي قال لي عليه بالحرف الواحد ، و حسك عينك تهلفط بأي كلام من كلامك الماسخ ده ، جمعة ، ما تخلينيش أوريك الوش التاني ، و إلا تحب تشوفه ؟ ( ارتعد الشيخ جمعة ، تلعثم ، أول مرة يواجه فيها وحشا ثائرا بهذه الصورة ، حاول المسكين لملمة أية حروف للرد على شيخ الخفر ، و لكن تضيع محاولاته أدراج الرياح ، ينظر الشيخ جمعة إلى الأرض يحاول الهرب من هذا الشرر المتطاير من عيني شيخ الخفر ) ـ أ .. أ .. أنا .. طبعا ما أقصدش أي حاجة يا حضرة شيخ الغفر لا سمح الله ، ماهو انته الخير و البركة برضه ، و هو فيه حد في البلد يسجر يقول أيتها حاجة ؟ ـ بحسب . ـ طب تأمرني بأيتها حاجة يا حضرة شيخ الغفر ؟ ـ ياريت في كل صلاة تدعي و تخلي الناس كلتها تدعي للعمدة إن ربنا يشفيه و يقومه بالسلامة . ( ينفض التراب عن كتف الشيخ جمعة و يقترب من أذنه يهمس ) ـ و ياريت برضه توريني همتك كده و ما تسيبش راجل أو ست أو حتى عيل في البلد إلا اما تعرفه إن العمدة فوضني في كل حاجة في البلد لغاية لما ربنا يقومه بالسلامة . ( يهرب الشيخ جمعة من وسوسته و ينطلق خارجا ) ـ طبعا يا حضرة شيخ الغفر ، ضروري طبعا ، سلام عليكم . ـ و عليكم السلام ، ( يرفع صوته ملاحقا ) ما تقطعش الجوابات . ( ينادي شيخ الخفر على عبد الجبار ) ـ عبد الجبار . ( ينتفض عبد الجبار واقفا ) ـ أمرك يا شيخ الغفر . ـ أني مش منبه عليك ما حدش يدخل هنا ؟ ـ و الله اني قافل الباب قبل ما انام يا شيخ الغفر ، بس فجأة لقيت الشيخ جمعة فوق راسي ، الظاهر البت بهانة هي اللي فتحت له واني نايم . ـ على العموم فتح عينك ، و حسك عينك حد يخرج أو يدخل على أبويا العمدة ، زي ما قال الدكتور ، و نبه برضه على البت بهانة ، تلاتة بالله العظيم لو جيت في مرة و لقيت حد هنا لتكون سنتك سودة ، و إلا على إيه ؟ أني ها ابعت واحد م الغفر يقف على الباب من بره ، روح خلي البت بهانة تعمل لي فنجان قهوة م البن بتاع العمدة . ـ أمرك يا أبا العمدة ، قصدي أمرك يا حضرة شيخ الغفر .... ( يتبع ) |
#33
| ||
| ||
عمدة كفر البلاص ( 19 ) ( هناك ، قريبا من المسجد ، أخذ بعض الرجال يعملون بهمة و نشاط ، مددوا فوق الأرض بجوارهم بعض الأنابيب المعدنية ، أخذوا يحفرون بفؤوسهم حتى أحدثوا فجوة عميقة بالأرض ، ربط العمال ثلاثة أعمدة حديدية ببعضها البعض بالحبال من أطرافها العلوية ، نصبوها بشكل أفقي ، باعدوا بين أطرافها السفلية لتأخذ شكلا هرميا فوق هذه الفجوة ، ثبتوا بأعلى الأعمدة بكرة يتدلى منها طرفي حبل ، مثبت في أحدهما أسطوانة حديدية مفرغة ، أخذ أحدهم يجذب الطرف الآخر من الحبل ثم يفلته بصورة متكررة حتى بدأت هذه الاسطوانة تغوص بالأرض ، و كلما غاصت مسافة ما بباطن الأرض ، رفعوها ليفرغوا ما بداخلها من الرمال ، ثم يعودوا لتكرار شد الحبل و إفلاته بصورة مترددة , أخذ الرجال يرددون إنشادهم بصوت رخيم ) ـ هيلا هيلا ، صلوا ع النبي ، هيلا هيلا ... ( في هذه الأثناء مر عليهم الخفير التوابتي ، صرخ فيهم ) ـ بتهبب إيه يا جدع انته و هو ؟ و مين اللي أذن لك أصلا إنك تحفر جنب دار شيخ الغفر ؟ هي العملية سايبة و الا يعني ..... ( يخرج شيخ الخفر من داره على إثر صرخاته ) ـ مالك يا توابتي فيه إيه ؟ ـ لا مافيش يا حضرة شيخ الغفر ، ده أنا كنت باسألهم بس بيعملوا إيه جنب دارك ؟ ـ و انته مالك انته ؟ لازم يعني تحط مناخيرك في كل حاجة ؟ ـ العفو يا شيخ الغفر العفو ، بس أنا كنت فاكر إن آني ها .... ـ أنت ها تقعد تحكي لي قصة حياتك ، اجري بسرعة لعمك حسنين هات للرجالة صندوق كاكولة . ـ فوريرة . ـ الهمة يا رجالة ، عاوزين نخلص قبل الضهر عشان الشمس . ـ أمرك يا شيخ الغفر . ( يمر الشيخ جمعة ) ـ سلام عليكم . ـ سلام سيدي و رحمة الله و بركاته ، عملت إيه يا شيخ جمعة ؟ ( يسلم على شيخ الغفر ، يميل مقتربا من أذنه ) ـ زي ما قلت لي بالظبط ، ما فيش نفر في البلد إلا و عرف إنك الكل في الكل دلوقتي ، ده غير شاعر الربابة اللي داير في البلد يحكي لهم حكاية أبو زيد الهلالي اللي قتل السلعوة ، ما عدش للناس سيرة غير شيخ الغفر و أفضاله ع الكفر و أهل الكفر ... ـ تمام كده ، الله ينور عليك . ـ لا مؤاخذة و لو فيها رزالة يعني ، الجماعة دول شكلهم أغراب مش م الكفر ، همه بيعملوا إيه لا مؤاخذة ؟ ـ و الله العظيم عارف إنك ها تسأل السؤال ده ، بس برضه ما فيش مانع تعرف و تعرف البلد كلتها ، دول رجالة جايبهم م البندر عشان يدقوا لنا طرمبة مية ، خلاص ، ما عدش شرب م الترعة بعد كده . ـ الله يبارك فيك يا شيخ الغفر ، أيوة كده ، هو ده الكلام . ـ و أديني عاملها بيني و بين الجامع أهو ، عشان اللي عاوز يتوضى و اللي عاوزة تطبخ ....... ـ روح يا شيخ الله يعمر بيتك ، بعد إذنك لما أروح أخلي الولية تعمل للرجالة براد شاي . ـ ما لوش لزوم ، الواد التوابتي راح يجيب لهم كاكولة . ـ بسم الله ما شاء الله ، كده بقى البلهارسيا ها تخرج من بلدنا بلا رجعة . ـ هي البلهارسيا بس ، دي البلهارسيا و كل الأمراض و البلا الأزرق اللي معششة في الكفر ، خلاص ، الجهل و العك اللي كنتم غرقانين فيه ده خلاص ، بح . ( يأتي التوابتي يحمل صندوق المياه الغازية على كتفه ) ـ ساقعة يا وله ؟ ـ أمال إيه ؟ ده أنا أول ما قلت له عاوز كاكولة لشيخ الغفر نزل جوه الحفرة بنفسه و عبى لك الصندوق كله من تحت خالص . ـ طب حطه هنا يا وله ، و افتح لكل واحد م الرجالة قزازة ، و افتح لك واحدة انته كمان و هات أسقع واحدة هنا لعمك الشيخ جمعة . ـ أوامرك يا شيخ الغفر . ـ الله يعمر بيتك يا شيخ الغفر ، طول عمر بيت أبو حماد بيت كرم بصحيح. ـ طب تعالى ندخل جوه و خلي الرجالة تشوف شغلها . ( يدخل شيخ الخفر و الشيخ جمعه إلى داخل الدار بينما يعود الرجال للعمل بجد و نشاط ، تتردد أصواتهم ) ـ هيلا هيلا ، صلي ع النبي ، هيلا هيلا .... ( داخل الدار ، يجلس شيخ الغفر و الشيخ جمعه يتجاذبان أطراف الحديث) ـ أخبار صحة العمدة إيه دلوقتي ؟ ـ زي ما هو ، لا بينطق لا من فوق و لا من تحت . ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، هو إيه اللي جرى له ؟ ـ و هو انته بتستقل الكفر و بلاويه ، ده أنتم تنقطوا و تشلوا أتخن تخين ، و بعدين بيني و بينك العضمة كبرت بعيد عنك . ـ طب و الدكتور رأيه إيه ؟ ـ ها يقول إيه ؟ كل ما أسأله يقول لي الأمل في ربنا كبير ، بس شكلها كده ما فيش فايدة ،آدينا بنعمل اللي علينا و الباقي على ربنا . ـ طب ما ينفعش نسفره يتعالج ؟ ـ سفر إيه يا شيخ جمعة ، و همه يعني الدكاترة هناك على راسهم ريشة ؟ ما هم برضه دكاترة زي الدكتور اللي عندنا بالظبط ، و الشهادة لله الراجل مش مقصر معاه في أيتها حاجة . ـ على رأيك ، يلا ، ربنا يتولاه برحمته . ( يدخل التوابتي يصرخ ) ـ إلحق يا شيخ الغفر ... ـ فيه إيه يا وله ؟ ـ الطرمبة اللي الرجالة دقوها ... ـ مالها يا وله ؟ حصل إيه ؟ اتكلم ؟ ـ تعالى شوف بنفسك . ( ينتفض شيخ الخفر واقفا ، ينطلق إلى خارج الدار ) ـ فيه إيه يا رجالة ؟ ( و إذا بشعلة نار عالية تخرج من الأنابيب المغروسة بالأرض ) ـ إيه ده ؟ ـ إلحق يا شيخ الغفر ، الكفر عايمة على بير بترول ... ـ بترول ؟ ـ أيوة ، تلاتة بالله العظيم أهوه ، شوف بنفسك ... ـ إيه النار دي يا وله ؟ ـ ده الغاز اللي بيبقى متخزن فوق بير البترول ، و لو غوطنا شوية ها نوصل للبير ذات نفسه . ( يتقافز الجميع فرحا في الهواء ، يحتضنون بعضهم ، تتعالى الصرخات هنا و هناك ، يصرخ شيخ الخفر فيهم ) ـ بس يا وله انته و هوه ، حسك عينك حد يعرف بالموضوع ده لغاية لما نتأكد ، واد يا توابتي . ـ أمرك يا كبير البلد ؟ ـ طفوا النار دي و اقفلوا الماسورة دي بسرعة ، و حط لي عليها اتنين غفر ما يرمشوش . ـ أمرك يا كبير البلد . ( يتبع ) |
#34
| ||
| ||
عمدة كفر البلاص ( 20 ) ( نشاط غير عادي يدب في القرية ، رجال أشداء من ذوي البشرة البيضاء يرتدون ملابس زرقاء و على رؤوسهم خوذات صفراء ، يعملون بجد و نشاط ، تحول الكفر إلى معسكر حربي ، معدات و سيارات و آلات حفر عملاقة تنتشر هنا و هناك ، تجمهر الأهالي عن بكرة أبيهم حول السياج الذي ضربه الرجال حول المكان ) ـ يا حلاوة يا ولاد . ـ علي الطلاق بالتلاتة ما هم أجانب ، تلاقيهم صابغين شعرهم أصفر . ـ يا سلام ، و صابغين جلدهم أبيض كمان ؟ ـ طب حد فيكم سمعهم و همه بيتكلموا انجليزي ؟ ـ و الله العظيم أجانب ، أقطع دراعي من هناهو إن ماكانوش أجانب .. ـ ياراجل حرام عليك ده أنا سامع بوداني اللي ها ياكلها الدود الراجل اللي واقف هناك جنب الونش دهو و هو بيقول ( نو ) و (يس) كمان ... ـ ما يمكن تكون قطة مستخبية تحت الونش بتنونو و هو بيقولها ( بس ).. ـ طب بص بص بص ، السيجارة اللي بيشربها عاملة إزاي .... ـ يا حلاوة يا ولاد ، تلاتة بالله العظيم شيخ الغفر ده مرزق ، شوف حصل إيه أول ما مسك البلد ... ـ و الله و ها تتنغنغي يا بلد ... ـ أمال فين شيخ الغفر يا وله . ـ قاعد مع البهوات جوه عشان يتفق معاهم . ـ و المصحف ما ها نشوف أيام أحلى من أيامك يا شيخ الغفر . ـ شوف قلب حال البلد إزاي . ـ طب و رحمة أمي ربنا بيحبنا عشان بعت لنا الراجل دهو ، قولوا ورايا بسرعة يا ولاد الوزة ، شيخ الغفر يا فتوة ، يا اللي قتلت لنا السلعوة . ( يهتف الأهالي باسم شيخ الخفر ) ـ شيخ الغفر يا فتوة ، يا اللي قتلت لنا السلعوة . ـ شيخ الغفر يا كبير ، طلع نغنغنا من البير . ـ شيخ الغفر يا كبير ، طلع نغنغنا من البير . ( داخل الدار ، جلس شيخ الخفر على كرسيه ، جلس إلى يمينه امرأة شقراء و عن يساره يجلس رجل أشقر يرتدي بنطال (جينز) أزرق و قميص أبيض أنيق ، يقف وراءهم رجل بملابس زرقاء و على رأسه خوذة صفراء ، تضع المرأة أمام شيخ الخفر بعض الأوراق ) ـ جرى إيه يا حاجة ؟ ها أمضي عمياني يعني ؟ لا معلش ، مش ها أمضي على أيتها حاجة إلا لما أعرف الأول إيه اللي لينا و إيه اللي علينا . ( يتكلم الرجل الجالس بجواره بالإنجليزية ، عندها يقوم الرجل الواقف وراءهم بترجمة كلامه ) ـ سنأخذ حك استخراج البترول و تكريره و تصديره مكابل خمسة دولارات للبرميل الواحد ، و سنضع هذه الأموال في حسابكم الذي سنفتحه لكم ببنوك سويسرا ، علاوة على ذلك سنقوم بإعلان استقلال بلدكم ، لتصبح دولة ذات سيادة و تعيينكم زعيما لهذه الدولة .... ـ نعم نعم ؟ طب و العمدة الله يطول لنا في عمره ؟ ـ لا عليك سيدي الزعيم ، سنأخذه في طائرة خاصة و نعالجه في مستشفياتنا و سيلقى العناية اللازمة . ـ أيوة بس هو العمدة برضك ، و المفروض يفضل عمدة . ـ و من قال أننا سنقيله من العمودية ، سيظل كما هو بنفس مسماه ، عمدة كفر البلاص ، و لكن دولة كفر البلاص شيء آخر و كيان آخر ، فلن يعترف المجتمع الدولي بكفر البلاص ، و لكن أمام العالم ستكون دولة كفر البلاص ، دولة مستقلة ذات سيادة ، مجرد مسميات لا أكثر يا أخي الزعيم ، و لك طبعا مطلق الحرية في اختيار من يساعدوك في هذه المهمة ، كما أننا سنقوم كذلك بتوفير الحماية لبلدكم . ـ حماية ؟ ليه إن شاء الله ؟ ـ سيدي الزعيم ، أنت تعلم جيدا أن بلدكم لصغر حجمها من الممكن أن تكون مطمعا لأية قوة غريبة تقوم باحتلالها و نهب ثرواتها ، لذلك لن تستطيعوا حماية أنفسكم بهذه البنادق الخشبية ، و لكن سنمدكم بكل الآلات العسكرية اللازمة من دبابات و صواريخ و طائرات و جنود ... ـ طيب ، بس أني برضه عاوز أهالي الكفر ينوبهم م الحب جانب ، الأرض اللي انتم ها تحفروا و تدوروا فيها دي برضه أرضهم و وارثينها أبا عن جد . ـ أكيد ، فسنكوم بتوفير بيت و سيارة و راتب شهري كبير لكل فرد مكابل حرية التنقيب في أي مكان تختاره الشركة . ـ عظيم ، طيب و الأكل و الشرب و الذي منه ؟ ـ سنقوم ببناء مجمعات استهلاكية لكل أصناف الأطعمة و المشروبات ، يشترون منها ما يلزمهم ، علاوة على توزيع حصة تموينية لكل منهم مجانا . ـ كده بقى ممكن أمضي و أبصم لكم بالعشرة كمان . ( يوقع شيخ الخفر على الأوراق التي أمامه ، يصيح الرجل الأشقر ) ـ ما تسمعينا زغروتة يا جاكلين . ( تتعالى الضحكات بينما تضع المرأة الشقراء يدها على فمها تزغرد ، تنطلق على إثرها الزغاريد و التصفيق و التهليل خارج الدار ، و تعزف الموسيقى و يتراقص العمال فرحا ، أخذ الأهالي يهتفون و يرددون ) ـ شيخ الغفر يا فتوة ، يا اللي قتلت لنا السلعوة . ـ شيخ الغفر يا كبير ، نغنغنا و طلع م البير . ( يتبع ) |
#35
| ||
| ||
أبوريحان
|
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
( الشيخ جبر ) نزف قلم : محمد سنجر | محمد سنجر | قصص قصيرة | 7 | 08-16-2013 08:01 AM |
ذهب مع الريح ( نزف قلم : محمد سنجر ) | محمد سنجر | قصص قصيرة | 2 | 12-11-2009 06:20 PM |
بلال لال ( نزف قلم : محمد سنجر ) | محمد سنجر | نور الإسلام - | 0 | 11-05-2009 11:46 PM |
ضد التيار ( نزف قلم : محمد سنجر ) | محمد سنجر | مواضيع عامة | 8 | 10-22-2009 08:40 AM |