عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. عيون الاقسام المخفية.•°`¯)}§¢¤~ > خواطر أعجبتني

خواطر أعجبتني خواطر اعجبتك واحببت أن تنقلها إلينا من شبكة الانترنت

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 04-16-2010, 07:01 AM
 
عمدة كفر البلاص ( 17 )

(العمدة ينادي من داخل القاعة )
ـ عبد الجبار ، واد يا عبد الجبار ...
( يدخل عبد الجبار مسرعا ، يتخبط بباب القاعة ، ينكسر الباب ، يمسك عبد الجبار بالباب قبل أن يسقط على الأرض ، يكاد الدم أن يتفجر من وجنتيه خجلا ، يقف ممسكا بالباب ، ينظر إلى العمدة و الشيخ جمعة الجالس إلى جواره ، و ينظر إلى الباب ، لا يعرف ماذا يفعل ، يصرخ العمدة )
ـ جاموسة داخلة علينا ؟ إيه اللي انته هببته ده يا بجم ؟
(وقف عبد الجبار يتصبب منه العرق ، ينظر إلى الأرض ، لا يستطيع النطق بكلمة واحدة ، يحاول لملمة الحروف فلا يستطيع )
ـ ما ... ما ... أصل ... أصل ...
ـ انته ها تمأمأ لي ؟ اسند الزفت اللي كسرته ده على الحيطة و غور هات الواد ( قادوم ) يصلحه ، بسرعة .
ـ أمرك يا حضرة العمدة .
( يسند عبد الجبار الباب على الحائط ، و يخرج مسرعا ، يناديه العمدة )
ـ واد يا عبد الجبار ، انته يا وله ...
( يعود عبد الجبار مسرعا لكنه يتردد في الدخول فيقف خارج الباب )
ـ أمرك يا حضرة العمدة .
ـ عدي على شيخ الغفر خليه يجيني .
ـ حاضر .
( يذهب عبد الجبار ، يميل الشيخ جمعة على العمدة )
ـ طيب أستأذنك أنا يا حضرة العمدة ؟
ـ لا ، تستأذن مين ؟ لازم تقعد لغاية لما يجي و تحضرنا .
ـ عشان بس ما يبقاش فيها حرج يا عمدة .
ـ حرج إيه و بتاع إيه ؟ و لا فيها حرج و لا حاجة ، اقعد اقعد ( ينادي ) بت يا بهانة ...
( ترد بهانة من خلف الباب الداخلي )
ـ أأمر يا أبا العمدة .
ـ اعملي لنا حاجة نشربها يا بت .
ـ شاي ؟
ـ شاي شاي ؟ ما فيش غير الشاي ؟
ـ أعملك قهوة ؟
( يكلم الشيخ جمعة )
ـ إيه رأيك في فنجانين قهوة م البن المحوج اللي جابهولي شيخ الغفر ؟
ـ ماشي .
( ينادي العمدة على بهانة )
ـ صحيح تعالي يا بت يا بهانة ادخلي ، ما فيش حد غريب ، ده أبوك الشيخ جمعة .
( تدخل بهانة )
ـ السلام عليكم ، إزيك يا أبا الشيخ جمعة ؟
ـ أهلا يا بهانة ، عاجبك اللي عمله جوزك ده يا بت ؟
ـ عمل إيه ؟
( يقاطعها العمدة )
ـ كسر الباب يا فالحة .
( يشير العمدة إلى الباب المكسور ، تنظر بهانة إلى الباب )
ـ هوه اللي كسره ؟
ـ لا آني ، الواد بأنادي عليه لقيته داخل في الباب زي البهيم .
ـ معلش يا أبا العمدة ، أصله بيحبك قوي و الله ، و ما بيصدق إنك تنادي عليه بيبقى عاوز يطير طير كده و يجيلك .
ـ حبك برص و عشرة خرص انتي و هوه ، كسبنا صلاة النبي ؟
ـ اللهم صلى عليه .
ـ طب اجري بقى اعملي لنا فنجانين قهوة مظبوط م اللي وصى عليهم داود في التذكرة يا بت .
ـ أمرك يا أبا العمدة ، بس بالله عليك ما تزعل من عبد الجبار يا أبا العمدة.
ـ خلاص اللي حصل حصل ، بس روحي انتي اعملي القهوة .
ـ هوا .
(تخرج بهانة )
ـ ما قلتليش يا شيخ جمعة ، مش يمكن الناس دول يكونوا قرايبه ؟
ـ قرايبه مش قرايبه ، المفروض أي حد يدخل البلد و يقعد فيها يكون عندك علم بيه ، و بعدين دول مش واحد و إلا اتنين .
ـ معاك حق طبعا ، و دول جم البلد إمتى يا شيخ جمعة ؟
ـ ساعة لما انته كنت في المديرية بتجيب الدكتور الجديد .
( يدخل شيخ الخفر )
ـ السلام عليكم ، خير يا حضرة العمدة ، ازيك يا شيخ جمعة ؟ إيه اللي كسر الباب كده ؟
ـ و عليكم السلام .
ـ سيبك م الباب دلوقتي يا شيخ الغفر ، إيه موضوع الناس اللي قاعدين عندك دول ؟
ـ قرايبي يا حضرة العمدة و جايين زيارة يومين ، ليه خير ؟ حد فيهم عمل حاجة كده و الا كده لا سمح الله ؟
ـ مش المفروض أبقى على علم بكل حاجة في البلد يا شيخ الغفر ؟ أنا مش قايلك انته مكاني لغاية لما أرجع م البندر ؟ يبقى أي حاجة تحصل في البلد و أنا غايب لازم يكون عندي علم بيها .
ـ معاك حق طبعا يا أبا العمدة ، عداك العيب ( ينحني شيخ الخفر على كف العمدة يقبله ، يسحب العمدة كفه بسرعة )
ـ استغفر الله العظيم .
ـ حقك عليا ، أني غلطان ، بس و الله ما جت فرصة أقولك مش أكتر ، و بعدين دول جايين يقعدوا يومين و ماشيين ، و معروف انك طول عمرك بيتك مفتوح للغريب قبل القريب يا حضرة العمدة .
( يدخل عبد الجبار )
ـ الواد ( قادوم ) مش موجود ، بيقولوا راح البندر ، عنده شغل هناك و مش ها يجي إلا بعد يومين .
ـ و ها أقعد يومين من غير باب يا فالح ؟
( يقاطعه شيخ الخفر )
ـ فيه واد من قرايبي نجار يا حضرة العمدة ، بعد إذنك عبد الجبار يروح ينادي له يصلحه .
ـ يعني الناس جايين ضيوف عندنا نقوم نشغلهم برضك ؟
( يقاطعه الشيخ جمعة )
ـ ما فيهاش حاجة يا حضرة العمدة ، يعني نصلح الباب و إلا الدار تفضل مفتوحة كده من غير باب ؟
ـ أيوة بس أكيد ما معهوش عدة .
ـ ده ما بيمشيش من غيرها ، روح يا عبد الجبار عندنا الدار و قول لهم شيخ الغفر بيقول لكم ابعتوا الواد (شنكل) بالعدة بتاعته عند أبويا العمدة .
ـ فوريرة .
( يخرج عبد الجبار ، تدخل بهانة بالقهوة )
ـ القهوة .
ـ اعملي كمان واحد مظبوط لشيخ الغفر يا بت .
ـ حاضر .
ـ سبحان الله ، قريبك النجار ده جه في وقته .
ـ لأ مش بس كده ، ده أخوه حداد كمان و التالت بنا .
ـ اللهم صلى ع النبي .
( يقاطعهما الشيخ جمعة )
ـ ما تخليهم يعملوا لنا مدنة للجامع يا عمدة ينوبك ثواب .
ـ و ماله ، بس يمكن نعطلهم عن شغلهم و إلا حاجة ؟
( ينظر إلى شيخ الخفر ، يجيبه )
ـ و لا عطلة و لا حاجة يا حضرة العمدة ، هي الدنيا ها تطير ؟ يقعدوا لهم أسبوع أو اتنين زيادة ، ها يجرى إيه يعني ؟ ده كفاية الثواب اللي ها ياخدوه .
ـ الله يبارك فيك يا شيخ الغفر .
( يدخل عبد الجبار و بصحبته (شنكل) )
ـ السلام عليكم .
ـ و عليكم السلام ، (شنكل) ابن خالتي اللي كلمتك عنه يا أبا العمدة .
ـ أهلا و سهلا بيه .
ـ شوف لنا الباب الي كسره الدغف ده كده يا شنكل ، ينفع يتصلح ؟
ـ كل حاجة تتصلح إن شاء الله يا حضرة العمدة .
ـ يلا ورينا الهمة .
( يبدأ شنكل في العمل ، يجلس العمدة و الشيخ جمعة و شيخ الخفر يتناولون القهوة حتى ينتهي شنكل من تصليح الباب سريعا )
ـ خدمة تانية يا حضرة العمدة ؟
ـ اللهم صلى على النبي .
ـ شوف كده يا حضرة العمدة ، لا تقولي بقى ( قادوم ) و لا غيره .
ـ إيه الحلاوة دي يا وله ؟ ( يغلق الباب و يفتحه ) بسم الله ما شاء الله ، هو ده الشغل على أصوله ، أيوة كده .........
( يمد العمدة يده في جيبه ، يخرج حافظة نقوده ، يمسك شيخ الخفر بيده)
ـ تلاتة بالله العظيم ما انته مطلع مليم أحمر يا عمدة .
ـ عيب يا شيخ الغفر .
( يقاطعهم شنكل )
ـ و هو أنا أصلا كنت أطول و إلا أحلم أعمل شغل في بيت العمدة ؟ ده كفاية الشرف اللي حط على راسي .
ـ ما يصحش يا وله .
ـ تلاتة بالله العظيم ما أني واخد أيتها حاجة .
( يقاطعه الشيخ جمعة )
ـ خلاص بقى يا حضرة العمدة ، طالما حلف ، الراجل ضيف عندنا ، ما توقعوش في حلفانه .
ـ لا إله إلا الله ، طب إيه رأيك بقى أنا عاوزك تصلح لي شوية الحاجات البايظة اللي في الدار ، بس بشرط .
ـ أأمر يا عمدة .
ـ تاخد حقك تالت و متلت ، أنا بأقول من دلوقتي أهو .
( يرد شيخ الخفر )
ـ بكره م النجمة إن شاء الله يكون واقف قدام الدار .
ـ شكرا يا شيخ الغفر ، ألف شكر يا شنكل .
ـ الله يسلمك يا حضرة العمدة ، و هو أني عملت حاجة ؟
ـ طيب ، تأمرنا بأيتها حاجة يا أبا العمدة ؟
ـ ما تقعدوا تتعشوا معايا .
ـ دايما عامر بحسك يا حضرة العمدة ، سلام عليكم .
ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .
( يتبع )
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 04-16-2010, 07:03 AM
 
عمدة كفر البلاص ( 18 )

( دخل الشيخ جمعة مسرعا إلى القاعة ،
وجد عبد الجبار يفترش الأرض بجوار الحائط ،
وكزه الشيخ جمعة مناديا )
ـ واد يا عبد الجبار ، عبد الجبار ....
( يجلس عبد الجبار يفرك عينيه ،
ينظر يمينا و يسارا يحاول أن يتدارك ما يدور من حوله )
ـ نعم ؟
ـ فين حضرة العمدة يا وله ؟
ـ نعم ؟
ـ مالك يا وله ؟ بأقولك فين أبوك العمدة ؟
( ينظر عبد الجبار إلى الشيخ جمعة ، تدور بعينيه علامات الاستفهام ، و كأن الشيخ جمعة ينطق بطلاسم لا يفهمها )
ـ طيب .
( يسحب عبد الجبار الغطاء عليه و يعود متمدادا مرة أخرى متمتما )
ـ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، خير اللهم اجعله خير .
( يغضب الشيخ جمعة ، يوكزه وكزة قوية ، تتبعها أخرى )
ـ واد يا عبد الجبار ، قوم قامت قيامتك ياوله .
( يرد عليه عبد الجبار من تحت الغطاء )
ـ سيبني أنام الله يخليك يا شيخ جمعة .
ـ نامت عليك حيطة ، قوم رد عليا يا وله .
ـ فيه إيه بس يا شيخ جمعة ؟
ـ فين أبوك العمدة يا وله ؟
ـ أبويــــا العمــــدة نــــــــايم تعبــــــــــــــان ، هيه ارتحت ؟
ـ نايم تعبان ؟ تعبان ماله يا وله ؟
ـ الدكتور الجديد كان سهران معاه طول الليل و لسه ماشي هو وشيخ الغفر دلوقتي حالا ، سيبني أنام بقى .
ـ و الدكتور قال العمدة ماله يا وله ؟
ـ يا شيخ حرام عليك ، و الله العظيم ما نمت بقى لي يومين بحالهم ، اعتقني بقى لوجه الله .
ـ طيب ها اعتقك ، بس قولي الأول ، الدكتور قال أبوك العمدة ماله ؟
ـ قال إنه تعبــــان و لازم يرتــــــــــــــــاح ، سيبني أرتاح بقى أني كمان الله يخليك .
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله .
( يدخل شيخ الخفر مسرعا )
ـ السلام عليكم .
ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ، أهلا يا شيخ الغفر .
ـ أهلا يا شيخ جمعة ، خير ؟
ـ العمدة ماله يا شيخ الغفر ؟
ـ ما فيش ، الدكتور قال انه بعافية شوية ، و لازم يرتاح .
ـ أيوة يعني يكفينا الشر عنده إيه ؟
ـ الدكتور قال انها زي ما تقول كده انتكاسه ، ربنا يقومه منها بالسلامة .
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، طيب ممكن أشوفه ؟
ـ الدكتور مانع أي حد يشوفه ، ده مشاني أني بذات نفسي من عنده امبارح .
ـ استغفر الله العظيم ، طب أنا عاوز على الأقل أطمن عليه .
ـ إطمن يا شيخ جمعة ، و يا ريت تطمن أهل البلد كلهم .
ـ و ها نعمل إيه يا شيخ الغفر ؟
ـ نعمل إيه في إيه يا شيخ جمعة ؟
ـ في البلد ، مين اللي ها يشوف أحوال البلد و يراعيها ؟
ـ و اني مش مالي عينك و الا إيه يا جمعة ؟
ـ جمعة كده حاف ؟ ؟؟؟ أني قصدي يعني لازم يكون فيه عمدة يراع.....
( تحمر عينا شيخ الخفر ، فيمسك الشيخ جمعة من رقبته )
ـ بص بقى يا جدع انته ، حاكم أني ساكت لك من الصبح ، البلد دي مالهاش و لا ها يبقى لها غير عمدة واحد ، هو الراجل اللي راقد جوه ده ، و على بال ما ربنا يقومهولنا كده بالسلامة ، كل حاجة ها تمشي زي ما كان مخطط لها بالظبط ، و آني بقى اللي ها أنفذ كل اللي قال لي عليه بالحرف الواحد ، و حسك عينك تهلفط بأي كلام من كلامك الماسخ ده ، جمعة ، ما تخلينيش أوريك الوش التاني ، و إلا تحب تشوفه ؟
( ارتعد الشيخ جمعة ، تلعثم ، أول مرة يواجه فيها وحشا ثائرا بهذه الصورة ، حاول المسكين لملمة أية حروف للرد على شيخ الخفر ، و لكن تضيع محاولاته أدراج الرياح ، ينظر الشيخ جمعة إلى الأرض يحاول الهرب من هذا الشرر المتطاير من عيني شيخ الخفر )
ـ أ .. أ .. أنا .. طبعا ما أقصدش أي حاجة يا حضرة شيخ الغفر لا سمح الله ، ماهو انته الخير و البركة برضه ، و هو فيه حد في البلد يسجر يقول أيتها حاجة ؟
ـ بحسب .
ـ طب تأمرني بأيتها حاجة يا حضرة شيخ الغفر ؟
ـ ياريت في كل صلاة تدعي و تخلي الناس كلتها تدعي للعمدة إن ربنا يشفيه و يقومه بالسلامة .
( ينفض التراب عن كتف الشيخ جمعة و يقترب من أذنه يهمس )
ـ و ياريت برضه توريني همتك كده و ما تسيبش راجل أو ست أو حتى عيل في البلد إلا اما تعرفه إن العمدة فوضني في كل حاجة في البلد لغاية لما ربنا يقومه بالسلامة .
( يهرب الشيخ جمعة من وسوسته و ينطلق خارجا )
ـ طبعا يا حضرة شيخ الغفر ، ضروري طبعا ، سلام عليكم .
ـ و عليكم السلام ، ( يرفع صوته ملاحقا ) ما تقطعش الجوابات .
( ينادي شيخ الخفر على عبد الجبار )
ـ عبد الجبار .
( ينتفض عبد الجبار واقفا )
ـ أمرك يا شيخ الغفر .
ـ أني مش منبه عليك ما حدش يدخل هنا ؟
ـ و الله اني قافل الباب قبل ما انام يا شيخ الغفر ، بس فجأة لقيت الشيخ جمعة فوق راسي ، الظاهر البت بهانة هي اللي فتحت له واني نايم .
ـ على العموم فتح عينك ، و حسك عينك حد يخرج أو يدخل على أبويا العمدة ، زي ما قال الدكتور ، و نبه برضه على البت بهانة ، تلاتة بالله العظيم لو جيت في مرة و لقيت حد هنا لتكون سنتك سودة ،
و إلا على إيه ؟ أني ها ابعت واحد م الغفر يقف على الباب من بره ، روح خلي البت بهانة تعمل لي فنجان قهوة م البن بتاع العمدة .
ـ أمرك يا أبا العمدة ، قصدي أمرك يا حضرة شيخ الغفر ....


( يتبع )
رد مع اقتباس
  #33  
قديم 04-16-2010, 07:04 AM
 
عمدة كفر البلاص ( 19 )

( هناك ، قريبا من المسجد ،
أخذ بعض الرجال يعملون بهمة و نشاط ،
مددوا فوق الأرض بجوارهم بعض الأنابيب المعدنية ، أخذوا يحفرون بفؤوسهم حتى أحدثوا فجوة عميقة بالأرض ،
ربط العمال ثلاثة أعمدة حديدية ببعضها البعض بالحبال من أطرافها العلوية ، نصبوها بشكل أفقي ، باعدوا بين أطرافها السفلية لتأخذ شكلا هرميا فوق هذه الفجوة ،
ثبتوا بأعلى الأعمدة بكرة يتدلى منها طرفي حبل ، مثبت في أحدهما أسطوانة حديدية مفرغة ،
أخذ أحدهم يجذب الطرف الآخر من الحبل ثم يفلته بصورة متكررة حتى بدأت هذه الاسطوانة تغوص بالأرض ،
و كلما غاصت مسافة ما بباطن الأرض ، رفعوها ليفرغوا ما بداخلها من الرمال ،
ثم يعودوا لتكرار شد الحبل و إفلاته بصورة مترددة ,
أخذ الرجال يرددون إنشادهم بصوت رخيم )
ـ هيلا هيلا ، صلوا ع النبي ، هيلا هيلا ...
( في هذه الأثناء مر عليهم الخفير التوابتي ، صرخ فيهم )
ـ بتهبب إيه يا جدع انته و هو ؟ و مين اللي أذن لك أصلا إنك تحفر جنب دار شيخ الغفر ؟ هي العملية سايبة و الا يعني .....
( يخرج شيخ الخفر من داره على إثر صرخاته )
ـ مالك يا توابتي فيه إيه ؟
ـ لا مافيش يا حضرة شيخ الغفر ، ده أنا كنت باسألهم بس بيعملوا إيه جنب دارك ؟
ـ و انته مالك انته ؟ لازم يعني تحط مناخيرك في كل حاجة ؟
ـ العفو يا شيخ الغفر العفو ، بس أنا كنت فاكر إن آني ها ....
ـ أنت ها تقعد تحكي لي قصة حياتك ، اجري بسرعة لعمك حسنين هات للرجالة صندوق كاكولة .
ـ فوريرة .
ـ الهمة يا رجالة ، عاوزين نخلص قبل الضهر عشان الشمس .
ـ أمرك يا شيخ الغفر .
( يمر الشيخ جمعة )
ـ سلام عليكم .
ـ سلام سيدي و رحمة الله و بركاته ، عملت إيه يا شيخ جمعة ؟
( يسلم على شيخ الغفر ، يميل مقتربا من أذنه )
ـ زي ما قلت لي بالظبط ، ما فيش نفر في البلد إلا و عرف إنك الكل في الكل دلوقتي ، ده غير شاعر الربابة اللي داير في البلد يحكي لهم حكاية أبو زيد الهلالي اللي قتل السلعوة ، ما عدش للناس سيرة غير شيخ الغفر و أفضاله ع الكفر و أهل الكفر ...
ـ تمام كده ، الله ينور عليك .
ـ لا مؤاخذة و لو فيها رزالة يعني ، الجماعة دول شكلهم أغراب مش م الكفر ، همه بيعملوا إيه لا مؤاخذة ؟
ـ و الله العظيم عارف إنك ها تسأل السؤال ده ، بس برضه ما فيش مانع تعرف و تعرف البلد كلتها ، دول رجالة جايبهم م البندر عشان يدقوا لنا طرمبة مية ، خلاص ، ما عدش شرب م الترعة بعد كده .
ـ الله يبارك فيك يا شيخ الغفر ، أيوة كده ، هو ده الكلام .
ـ و أديني عاملها بيني و بين الجامع أهو ، عشان اللي عاوز يتوضى و اللي عاوزة تطبخ .......
ـ روح يا شيخ الله يعمر بيتك ، بعد إذنك لما أروح أخلي الولية تعمل للرجالة براد شاي .
ـ ما لوش لزوم ، الواد التوابتي راح يجيب لهم كاكولة .
ـ بسم الله ما شاء الله ، كده بقى البلهارسيا ها تخرج من بلدنا بلا رجعة .
ـ هي البلهارسيا بس ، دي البلهارسيا و كل الأمراض و البلا الأزرق اللي معششة في الكفر ، خلاص ، الجهل و العك اللي كنتم غرقانين فيه ده خلاص ، بح .
( يأتي التوابتي يحمل صندوق المياه الغازية على كتفه )
ـ ساقعة يا وله ؟
ـ أمال إيه ؟ ده أنا أول ما قلت له عاوز كاكولة لشيخ الغفر نزل جوه الحفرة بنفسه و عبى لك الصندوق كله من تحت خالص .
ـ طب حطه هنا يا وله ، و افتح لكل واحد م الرجالة قزازة ، و افتح لك واحدة انته كمان و هات أسقع واحدة هنا لعمك الشيخ جمعة .
ـ أوامرك يا شيخ الغفر .
ـ الله يعمر بيتك يا شيخ الغفر ، طول عمر بيت أبو حماد بيت كرم بصحيح.
ـ طب تعالى ندخل جوه و خلي الرجالة تشوف شغلها .
( يدخل شيخ الخفر و الشيخ جمعه إلى داخل الدار بينما يعود الرجال للعمل بجد و نشاط ، تتردد أصواتهم )
ـ هيلا هيلا ، صلي ع النبي ، هيلا هيلا ....
( داخل الدار ، يجلس شيخ الغفر و الشيخ جمعه يتجاذبان أطراف الحديث)
ـ أخبار صحة العمدة إيه دلوقتي ؟
ـ زي ما هو ، لا بينطق لا من فوق و لا من تحت .
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، هو إيه اللي جرى له ؟
ـ و هو انته بتستقل الكفر و بلاويه ، ده أنتم تنقطوا و تشلوا أتخن تخين ، و بعدين بيني و بينك العضمة كبرت بعيد عنك .
ـ طب و الدكتور رأيه إيه ؟
ـ ها يقول إيه ؟ كل ما أسأله يقول لي الأمل في ربنا كبير ، بس شكلها كده ما فيش فايدة ،آدينا بنعمل اللي علينا و الباقي على ربنا .
ـ طب ما ينفعش نسفره يتعالج ؟
ـ سفر إيه يا شيخ جمعة ، و همه يعني الدكاترة هناك على راسهم ريشة ؟ ما هم برضه دكاترة زي الدكتور اللي عندنا بالظبط ، و الشهادة لله الراجل مش مقصر معاه في أيتها حاجة .
ـ على رأيك ، يلا ، ربنا يتولاه برحمته .
( يدخل التوابتي يصرخ )
ـ إلحق يا شيخ الغفر ...
ـ فيه إيه يا وله ؟
ـ الطرمبة اللي الرجالة دقوها ...
ـ مالها يا وله ؟ حصل إيه ؟ اتكلم ؟
ـ تعالى شوف بنفسك .
( ينتفض شيخ الخفر واقفا ، ينطلق إلى خارج الدار )
ـ فيه إيه يا رجالة ؟
( و إذا بشعلة نار عالية تخرج من الأنابيب المغروسة بالأرض )
ـ إيه ده ؟
ـ إلحق يا شيخ الغفر ، الكفر عايمة على بير بترول ...
ـ بترول ؟
ـ أيوة ، تلاتة بالله العظيم أهوه ، شوف بنفسك ...
ـ إيه النار دي يا وله ؟
ـ ده الغاز اللي بيبقى متخزن فوق بير البترول ، و لو غوطنا شوية ها نوصل للبير ذات نفسه .
( يتقافز الجميع فرحا في الهواء ، يحتضنون بعضهم ،
تتعالى الصرخات هنا و هناك ،
يصرخ شيخ الخفر فيهم )
ـ بس يا وله انته و هوه ، حسك عينك حد يعرف بالموضوع ده لغاية لما نتأكد ، واد يا توابتي .
ـ أمرك يا كبير البلد ؟
ـ طفوا النار دي و اقفلوا الماسورة دي بسرعة ، و حط لي عليها اتنين غفر ما يرمشوش .
ـ أمرك يا كبير البلد .

( يتبع )






رد مع اقتباس
  #34  
قديم 04-22-2010, 08:21 AM
 
عمدة كفر البلاص ( 20 )

( نشاط غير عادي يدب في القرية ،
رجال أشداء من ذوي البشرة البيضاء يرتدون ملابس زرقاء و على رؤوسهم خوذات صفراء ، يعملون بجد و نشاط ،
تحول الكفر إلى معسكر حربي ،
معدات و سيارات و آلات حفر عملاقة تنتشر هنا و هناك ،
تجمهر الأهالي عن بكرة أبيهم حول السياج الذي ضربه الرجال حول المكان )
ـ يا حلاوة يا ولاد .
ـ علي الطلاق بالتلاتة ما هم أجانب ، تلاقيهم صابغين شعرهم أصفر .
ـ يا سلام ، و صابغين جلدهم أبيض كمان ؟
ـ طب حد فيكم سمعهم و همه بيتكلموا انجليزي ؟
ـ و الله العظيم أجانب ، أقطع دراعي من هناهو إن ماكانوش أجانب ..
ـ ياراجل حرام عليك ده أنا سامع بوداني اللي ها ياكلها الدود الراجل اللي واقف هناك جنب الونش دهو و هو بيقول ( نو ) و (يس) كمان ...
ـ ما يمكن تكون قطة مستخبية تحت الونش بتنونو و هو بيقولها ( بس )..
ـ طب بص بص بص ، السيجارة اللي بيشربها عاملة إزاي ....
ـ يا حلاوة يا ولاد ، تلاتة بالله العظيم شيخ الغفر ده مرزق ، شوف حصل إيه أول ما مسك البلد ...
ـ و الله و ها تتنغنغي يا بلد ...
ـ أمال فين شيخ الغفر يا وله .
ـ قاعد مع البهوات جوه عشان يتفق معاهم .
ـ و المصحف ما ها نشوف أيام أحلى من أيامك يا شيخ الغفر .
ـ شوف قلب حال البلد إزاي .
ـ طب و رحمة أمي ربنا بيحبنا عشان بعت لنا الراجل دهو ، قولوا ورايا بسرعة يا ولاد الوزة ، شيخ الغفر يا فتوة ، يا اللي قتلت لنا السلعوة .
( يهتف الأهالي باسم شيخ الخفر )
ـ شيخ الغفر يا فتوة ، يا اللي قتلت لنا السلعوة .
ـ شيخ الغفر يا كبير ، طلع نغنغنا من البير .
ـ شيخ الغفر يا كبير ، طلع نغنغنا من البير .
( داخل الدار ،
جلس شيخ الخفر على كرسيه ، جلس إلى يمينه امرأة شقراء و عن يساره يجلس رجل أشقر يرتدي بنطال (جينز) أزرق و قميص أبيض أنيق ، يقف وراءهم رجل بملابس زرقاء و على رأسه خوذة صفراء ،
تضع المرأة أمام شيخ الخفر بعض الأوراق )
ـ جرى إيه يا حاجة ؟ ها أمضي عمياني يعني ؟ لا معلش ، مش ها أمضي على أيتها حاجة إلا لما أعرف الأول إيه اللي لينا و إيه اللي علينا .
( يتكلم الرجل الجالس بجواره بالإنجليزية ، عندها يقوم الرجل الواقف وراءهم بترجمة كلامه )
ـ سنأخذ حك استخراج البترول و تكريره و تصديره مكابل خمسة دولارات للبرميل الواحد ، و سنضع هذه الأموال في حسابكم الذي سنفتحه لكم ببنوك سويسرا ، علاوة على ذلك سنقوم بإعلان استقلال بلدكم ، لتصبح دولة ذات سيادة و تعيينكم زعيما لهذه الدولة ....
ـ نعم نعم ؟ طب و العمدة الله يطول لنا في عمره ؟
ـ لا عليك سيدي الزعيم ، سنأخذه في طائرة خاصة و نعالجه في مستشفياتنا و سيلقى العناية اللازمة .
ـ أيوة بس هو العمدة برضك ، و المفروض يفضل عمدة .
ـ و من قال أننا سنقيله من العمودية ، سيظل كما هو بنفس مسماه ، عمدة كفر البلاص ، و لكن دولة كفر البلاص شيء آخر و كيان آخر ، فلن يعترف المجتمع الدولي بكفر البلاص ، و لكن أمام العالم ستكون دولة كفر البلاص ، دولة مستقلة ذات سيادة ، مجرد مسميات لا أكثر يا أخي الزعيم ، و لك طبعا مطلق الحرية في اختيار من يساعدوك في هذه المهمة ، كما أننا سنقوم كذلك بتوفير الحماية لبلدكم .
ـ حماية ؟ ليه إن شاء الله ؟
ـ سيدي الزعيم ، أنت تعلم جيدا أن بلدكم لصغر حجمها من الممكن أن تكون مطمعا لأية قوة غريبة تقوم باحتلالها و نهب ثرواتها ، لذلك لن تستطيعوا حماية أنفسكم بهذه البنادق الخشبية ، و لكن سنمدكم بكل الآلات العسكرية اللازمة من دبابات و صواريخ و طائرات و جنود ...
ـ طيب ، بس أني برضه عاوز أهالي الكفر ينوبهم م الحب جانب ، الأرض اللي انتم ها تحفروا و تدوروا فيها دي برضه أرضهم و وارثينها أبا عن جد .
ـ أكيد ، فسنكوم بتوفير بيت و سيارة و راتب شهري كبير لكل فرد مكابل حرية التنقيب في أي مكان تختاره الشركة .
ـ عظيم ، طيب و الأكل و الشرب و الذي منه ؟
ـ سنقوم ببناء مجمعات استهلاكية لكل أصناف الأطعمة و المشروبات ، يشترون منها ما يلزمهم ، علاوة على توزيع حصة تموينية لكل منهم مجانا .
ـ كده بقى ممكن أمضي و أبصم لكم بالعشرة كمان .
( يوقع شيخ الخفر على الأوراق التي أمامه ، يصيح الرجل الأشقر )
ـ ما تسمعينا زغروتة يا جاكلين .
( تتعالى الضحكات بينما تضع المرأة الشقراء يدها على فمها تزغرد ،
تنطلق على إثرها الزغاريد و التصفيق و التهليل خارج الدار ،
و تعزف الموسيقى و يتراقص العمال فرحا ،
أخذ الأهالي يهتفون و يرددون )
ـ شيخ الغفر يا فتوة ، يا اللي قتلت لنا السلعوة .
ـ شيخ الغفر يا كبير ، نغنغنا و طلع م البير .


( يتبع )

رد مع اقتباس
  #35  
قديم 04-22-2010, 11:37 AM
 
أبوريحان
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
( الشيخ جبر ) نزف قلم : محمد سنجر محمد سنجر قصص قصيرة 7 08-16-2013 08:01 AM
ذهب مع الريح ( نزف قلم : محمد سنجر ) محمد سنجر قصص قصيرة 2 12-11-2009 06:20 PM
بلال لال ( نزف قلم : محمد سنجر ) محمد سنجر نور الإسلام - 0 11-05-2009 11:46 PM
ضد التيار ( نزف قلم : محمد سنجر ) محمد سنجر مواضيع عامة 8 10-22-2009 08:40 AM


الساعة الآن 05:47 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011