01-11-2010, 05:46 PM
|
|
النجاح و الفشل نحن لا نفكّر في الفشل وتبعاته التي ستظهر فيما بعد، لأنه يكون مغلفاً في البداية بحلاوة الكسل ونداوته. أما الفشل فهو السم المغلّف بدسم الكسل، واللاّمبالاة التي تميز الكثير من الشباب الذين لا يفتؤون يأكلون منه ليل نهار بكل شهية ورغبة، فقد يظلون على هذه الحال فترة طويلة من الزمن، ربما تستغرق منهم سنوات، وفي اللحظة التي تصعقهم فيها المفاجأة بزوال طبقة الدسم وظهور طبقة السم تحتها، تكون الشيخوخة قد تمكنت منهم، ليجدوا أنفسهم وحيدين مهزومين ضعفاء، لا يجدون من يواسيهم في زمهرير العجز الذي يعصف بأرواحهم حتى في أرق أيام الربيع وألطفها. فيكون الجلوس في ركن منعزل والتفرج على نجاحات الآخرين تتويجاً لمأساتهم الكبرى، وهم يلتهمون سم الفشل رغماً عنهم!
ولكن ينبغي ألا ننسى أن الفشل هو جوهر النجاح ونواته، لأن كوكب الأرض الذي يبدو من الفضاء الخارجي جميلاً، زاهياً بالألوان، وزاخراً بالحياة، يحتضن بداخله نواة ملتهبة يغلي في أتونها أنواع لا تعدّ ولا تحصى من المواد المصهورة، لكن ما أكثر الذين يستسيغون أتون الفشل، وما أكثر الذين يستمرئون جحيمه! دون أن يفكروا في شق طريقهم إلى الأعلى حيث المشاهد البديعة والهواء الطلق والحياة الرخيّة.
إن الذي لم يعرف الفشل في حياته يكون كالذي ولد وفي فمه ملعقة من ذهب؟ لأن الصلف والأنانية وعدم الشعور بمعاناة الآخرين، وهي الصفات التي تميز العديد ممن عاشوا حياة رغيدة، مرفهة خالية من أبسط أشكال الحاجة من المهد إلى اللحد، يمكن أن تنسحب على من لم يعرف المعاناة من الفشل في حياته، ولم تثقب روحه ولو مرة وحدة برمحه الجهنمي. إن الارتخاء الذي تخلقه ديمومة الرخاء المادي لها امتدادات إلى قلب من لم يشرب ولو جرعة واحدة من مياه الفشل الشديدة الملوحة، لكن ما أكثر الذين يستمرئون العيش في أعماق بحره الميت! |