عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #401  
قديم 05-08-2010, 11:33 PM
 
آيات هزَّت قلوبًا


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن الجبال -وهي جبالٌ بغلظتها وقساوتها- لو أُنزل عليها كلام الله -عز وجل- ففهمته وتدبرت ما فيه لخشعت وتصدَّعت من خوف الله
تبارك وتعالى
{لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}
[سورة الحشر: 21].

قال ابن عباس -رضي الله عنهما- في تأويل هذه الآية: "يقول: لو أني أنزلت هذا القرآن على جبل حَمَّلته إياه؛ لتصدَّع وخشع من ثقله، ومن خشية الله".

وقال -تعالى-: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} [سورة الرعد: 31]، وقد جاء في تفسيرها أنه لو كان هناك قرآن سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كُلِّم به الموتى؛ لكان هذا القرآن.

فإذا كانت الجبال الصم لو سمعت كلام الله وفهمته لتصدعت من خشيته؛ فكيف ببني آدم وقد سمعوا وفهموا؟!

والناظر في حال السلف -رضوان الله عليه- وتأثرهم بآيات الله -جلَّ في علاه- يتعجب من حالنا ونحن نسمع القرآن ليلاً ونهارًا ولا نتأثر كما تأثَّروا، بالرغم من أن الآيات هي الآيات، والكلمات هي الكلمات، وربك قد حفظ كتابه، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [سورة الحجر: 9]، ولكن الفرق ليس في الآيات؛ وإنما في القلوب التي تستقبل كلام الله -عز وجل-!!

كانت قلوبهم -رحمهم الله- أرق من نسيم الفجر، ما إن تلامس أسماعهم آيات الله -عز وجل- حتى تصل إلى القلوب، فيرون بأعينهم ما لا يراه غيرهم، فخَلَفَ من بعدهم خلفٌ قست قلوبهم، فهي أشد قسوة من الجبال التي لو فهمت كلام الله لخشعت.

قال أبو عمران: "والله لقد صرف إلينا ربنا -عز وجل- في هذا القرآن ما لو صرفه إلى الجبال لهتَّها وحناها"، وقال مالك بن دينار -رحمه الله-: "أقسم لكم لا يؤمن عبد بهذا القرآن إلا صدع قلبه".

وأخبار الصالحين هي زاد السائرين إلى الله -تبارك وتعالى-، تُعلي من هممهم، وتصرف عنهم الدَّعة والكسل، وتدفعهم دفعًا إلى مزيد من الطاعة والقرب.

فهيا بنا نقف على طرف من أخبارهم مع آيات الله -عز وجل-، نرى كيف هزَّت قلوبهم، وكيف وقفوا على دقيق معانيها، فغيَّرت مسار حياتهم إلى صراط الله المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

قال الحسن البصري -رحمه الله-: "والله يا ابن آدم لئن قرأتَ القرآن ثم آمنتَ به؛ ليطولن في الدنيا حزنك، وليشتدن في الدنيا خوفك، وليكثرن في الدنيا بكاؤك".

وقال مالك بن دينار -رحمه الله-: "إن الصديقين إذا قُرئ عليهم القرآن طربت قلوبهم إلى الآخرة".

سيد ولد آدم سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-:
عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: «اقْرَأْ عَلَيَّ»، قلت: "آقرأ عليك وعليك أنزل؟"، قال: «فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي»، فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [سورة النساء: 41]، قال: «أَمْسِكْ»، فإذا عيناه تذرفان، وفي رواية لمسلم: "فَرَأَيْتُ دُمُوعَهُ تَسِيلُ" [متفق عليه].

أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: كان رجلاً أسيفًا، لا يمر بالآية في الصلاة إلا ويبكي.

عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: كان يمر بالآية في ورده، فتخنقه، فيبكي حتى يسقط، ثم يلزم بيته حتى يُعاد، يحسبونه مريضًا.

أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها-: قال عروة: "دخلت على أسماء وهي تصلي، فسمعتها وهي تقرأ هذه الآية: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [سورة الطور: 27]، فاستعاذت، فقمت وهي تستعيذ، فلما طال عليَّ أتيتُ السوق ثم رجعت وهي في بكائها تستعيذ".

سعيد بن جبير -رحمه الله-: عن القاسم بن أبي أيوب قال: "سمعت سعيد بن جبير يردد هذه الآية في الصلاة بضعًا وعشرين مرة: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [سورة البقرة: 281]".

سفيان الثوري -رحمه الله-: صلى بالناس المغرب، فقرأ حتى بلغ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، فبكى حتى انقطعت قراءته، ثم عاد فقرأ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

محمد بن المنكدر -رحمه الله-: بينما هو ذات ليلة قائم يصلي إذ استبكى وكثر بكاؤه حتى فزع أهله وسألوه: ما الذي أبكاه، فاستعجم عليهم، وتمادى في البكاء، فأرسلوا إلى أبي حازم فأخبروه بأمره، فجاء أبو حازم إليه فإذا هو يبكي، قال: "يا أخي، ما الذي أبكاك؟ قد رُعتَ أهلك، أفمن علة أم ما بك؟"، فقال: "إنه مرت بي آية في كتاب الله -عز وجل-"، قال: "وما هي؟"، قال: "قول الله -تعالى-: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [سورة الزمر: 47]، فبكى أبو حازم أيضًا معه، واشتد بكاؤهما، فقال بعض أهله لأبي حازم: "جئنا بك لتفرج عنه فزدته"، فأخبرهم ما الذي أبكاهما.

ويروى أنه جزع عند الموت، فقيل له: "لم تجزع؟"، فقال: "أخشى آية من كتاب الله -عز وجل-، قال الله -تعالى-: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}، وإني أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أكن أحتسب".

الربيع بن خثيم -رضي الله عنه-: عن عبد الرحمن بن عجلان قال: "بت عند الربيع بن خثيم ذات ليلة، فقام يصلي، فمر بهذه الآية: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [سورة الجاثية: 21]، فمكث ليلته حتى أصبح ما جاوز هذه الآية إلى غيرها ببكاء شديد".

علي بن الفضيل -رحمهما الله-: قال إسماعيل الطوسي أو غيره: بينما نحن نصلي ذات يوم الغداة خلف الإمام ومعنا علي بن فضيل، فقرأ الإمام: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} [سورة الرحمن: 56]، فلما سلم الإمام قلت: "يا علي، أما سمعت ما قرأ الأمام؟"، قال: "ما هو؟"، قلت: "{فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ}"، قال: "شغلني ما كان قبلها: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ} [سورة الرحمن: 35]".

ميمون بن مهران -رحمه الله-: قرأ قوله -تعالى-: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} [يس: 59]، فرقَّ حتى بكى، ثم قال: "ما سمع الخلائق بعتب أشد منه قط".

الحسن بن صالح -رحمه الله-: عن حميد الرواسي قال: كنت عند علي والحسن ابني صالح ورجل يقرأ: {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [سورة الأنبياء: 103]، فالتفت عليٌّ إلى الحسن وقد اصفار واخضار، فقال: "يا حسن، إنها أفزاع فوق أفزاع"، ورأيت الحسن أراد أن يصيح، ثم جمع ثوبه فعضَّ عليه حتى سكن عنه وقد ذبل فمه، واخضار واصفار.

عمرو بن عتبة -رحمه الله-: لما تُوفي دخل بعض أصحابه على أخته، فقال: "أخبرينا عنه"، فقالت: "قام ذات ليلة، فاستفتح سورة (حم)، فلما أتى على هذه الآية: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [سورة غافر: 18]، فما جاوزها حتى أصبح".

سليمان التيمي -رحمه الله-: يحكي عنه مؤذنه معمر، قال: "صلى إلى جنبي سليمان التيمي بعد العشاء الآخرة، وسمعته يقرأ: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سورة الملك: 1]، فلما أتى على هذه الآية: {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [سورة الملك: 27]، جعل يرددها حتى خف أهل المسجد فانصرفوا، فخرجت وتركته، وغدوت لأذان الفجر فنظرت فإذا هو مقامه، فسمعت فإذا هو فيها لم يجزها، وهو يقول: {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}".

عمر بن ذر -رحمه الله-: عن أبي نعيم، قال: سمعت عمر بن ذر يقرأ هذه الآية: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [سورة القيامة: 34]، فجعل يقول: "يا رب ما هذا الوعيد؟".

وكان إذا قرأ هذه الآية: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قال: "يا لك من يوم! ما أملأ ذكرك لقلوب الصادقين!".

أبو سليمان الداراني -رحمه الله-: كان يقول: "ربما أقمت في الآية الواحدة خمس ليال، ولولا أني بعد أدع الفكر فيها ما جزتها أبدًا، وربما جاءت الآية من القرآن تطير العقل، فسبحان الذي رده إليهم بعد".

محمد بن كعب القرظي -رحمه الله-: كان يقول: "لأن أقرأ في ليلة حتى أصبح: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا}، و{الْقَارِعَةُ}، لا أزيد عليهما، وأتردد فيهما وأتفكر؛ أحب إلى من أن أهدر القرآن هدرًا"، أو قال: "أنثره نثرًا".

مـنـع الـقـرآن بـوعــده ووعـيده *** مقـل العيون بليلها أن تهجع
فهموا عن الملك الكريم كلامه *** فهمًا تذل له الرقاب وتخضع


والأخبار كثيرة، والقلوب التي هزتها آيات الله -عز وجل- ها هي قد سبقتنا إلى رضوانه، ويبقى السؤال: أين قلوبنا نحن من القرآن؟ أين قلبُ مَن ختم القرآن؟ أين قلب من يسمع القرآن ليله ونهاره ثم لا تدمع له عين ولا يخشع له قلب؟!

اللهم اغفر لنا عجزنا وتقصيرنا، اللهم طهر قلوبنا، اللهم لا تخزنا يوم يبعثون، {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ . إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [سورة الشعراء: 88-89].


كتبه/ محمد مصطفى
__________________
رد مع اقتباس
  #402  
قديم 05-09-2010, 01:50 AM
 
كيف نتعامل مع الطفل الذين يسرق؟

هناك الكثير من الأسباب التي تدفع الأطفال يسرقون. فبعض الأطفال يسرقون ليشعروا بالراحة، أو لإثارة إعجاب مجموعة من الأصدقاء، أو لينتقموا من أبائهم، أو أحيانا للحصول على الأشياء لا يستطيعون الحصول عليه.
ولكن كيف توقف الطفل السارق؟ من الواضح، أنك تستطيع أن تساعدهم لإيجاد طريق آخر لتلبية حاجاتهم، حتى لا يستمرّوا بالسرقة.
يقوم الأطفال الذين يكررون هذا السلوك بالسرقة لسبب بسيط: لأنها طريقة ناجحة. وبغض النظر عن حافزهم: الانتباه، المال، أو الحماس، تنجز السرقة حاجاتهم.
في نفس الوقت، أنت المسئول عن تشكّيل عقل طفلك. ماذا تفعل عندما تجد محفظة في الشارع؟ أو عندما يخطأ محاسب الصندوق في عد النقود، ويعيد لك نقودا إضافية؟ أطفالك سيراقبونك، ويتعلّمون.
يجب أن يكون تأكيدك الأساسي عند تربية الأطفال على تعزيز قيم الأمانة. ويمكنك أن تستعمل الأحداث يومية، مثل القصص من التلفزيون أو المدرسة، للبدء بغرس قيم الأمانة، والإخلاص، والأخلاق العائلية.
أما في حال أمسكت بالطفل وهو يسرق فلا تردّ بانفعال. ولكن لا تتركه يكذب، ولا تكافئ محاولته بلفت انتباهك باستعراض لقوتك عندما تغضب.
شجّع طفلك على عمل الشّيء الصّحيح. وهذا يعني تصحّيحه. ليس فقط بإعادة الذي سرقه، لكن بالتعويض أيضا عن الإزعاج والازدراء الذي سببته السرقة. ويمكن للطفل أن يقوم بذلك تحت إرشادك، وضمن هذه الاقتراحات:

_ أرجع السلعة المسروقة إلى مدير المخزن التجاري، التلميذ في المدرسة، أو المعلّم، مع بعض التعويض والاعتذار.
_الأطفال يستجيبون بالتشجّيع على عمل الشّيء الصّحيح. هذا يعني مجموعة من الخطوات، وليس فقط إعادة المسروقات، لكن التعويض بالدافع أيضا للإزعاج والازدراء الذي سببته السرقة. شجّع الطفل على إيجاد الحلول بنفسه وبدعم منك. وإليك بعض الأفكار:
_إذا كانت السلع مباعة ومستهلكة، يجب أن يبيع بعض من أملاكه (ربما إليك) لدفع ثمنها بالإضافة إلى الغرامة. تأكّد من إخفاء الشيء الذي باعه لك جيدا، لأنه لن يتعلم إذا أعدته له لاحقا.
_رتب له القيام ببعض "الخدمات الاجتماعية" سواء للضحيّة، أو لأي شخص مجهول، أو للعائلة أو الجيران.
_إعادة المواد المسروقة فرصته للقيام بالشّيء الصّحيح. إذا رفض، فليس أمامك من بديل سو فرض عقوبة أكبر.
_يجب أن تكون الرسالة دائما عمل الشيء الصادق، حتى لو كان ذلك بعد الحدث.
_تجنب الحديث كثيرا أو العقوبة بالحجز في الغرفة. فلو كان السجن يصلح المجرمين لكان المجتمع بخير. الأفضل أن تقول كلمات ذات مغزى يتبعها عمل جاد للإصلاح.
أخيرا، عندما ينتهي الموضوع. عد إلى نمط الجائزة، ابحث عن التصرفات والسلوكيات الإيجابية التي يقوم الطفل بعملها بشكل جيد، وكافئه سواء بالكلمات التشجيعية أمام الأهل والأصدقاء أو المكافئات المالية، التي ستجعله غير مضطرا للسرقة. كذلك عزز لديه قيم الأمانة والإخلاص عن طريق اختباره. وتذكر بأن سلوك السرقة هو العدو، وليس الطفل.
__________________
رد مع اقتباس
  #403  
قديم 05-09-2010, 01:57 AM
 

بسم الله الرحمن الرحيم

مع الجزء الثامن عشر
( 7 )
وبعض أيات من سورة النور

ويجري سياق السورة حول محورها الأصيل ( محور التربية ) في خمسة مبادئ: تحدثنا في اللقاءات السابقة عن المبدأ الأول.

وإن شاء الله تعالى نتناول اليوم الحديث عن المبدأ الثاني.

حيث يتناول وسائل الوقاية من الجرائم الأخلاقية، وتجنيب النفوس أسباب الإغراء والغواية. فيبدأ بآداب البيوت والاستئذان على أهلها، والأمر بغض البصر والنهي عن إبداء الزينة للمحارم....والتحذير من دفع الفتيات إلى البغاء.. وكلها أسباب وقائية لضمان الطهر والتعفف في عالم الضمير والشعور، ودفع المؤثرات التي تهيج الميول الحيوانية، وترهق أعصاب المؤمنين المتطهرين، وهم يقاومون عوامل الإغراء والغواية.


ومع أخلاقيات الإستئذان وحرمات المنازل تطالعنا الأيات التالية:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ -27
فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ -28

يرشد الباري عباده المؤمنين، أن لا يدخلوا بيوتا غير بيوتهم بغير استئذان، فإن في ذلك عدة مفاسد: منها ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال " إنما جعل الاستئذان من أجل البصر " فبسبب الإخلال به ، يقع البصر على العورات التي داخل البيوت ، فإن البيت للإنسان في ستر عورة ما وراءه، بمنزلة الثوب في ستر عورة الجسد.
ومنها: أن ذلك يوجب الريبة من الداخل بدون إذن، لأن الدخول خفية، يدل على الشر، ومنع الله المؤمنين من دخول غير بيوتهم حَتَّى يَسْتَأْنِسُوا أي: يستأذنوا .. سمي الاستئذان استئناسا، لأن به يحصل الاستئناس، وبعدمه تحصل الوحشة, ﴿ وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ﴾ وصفة ذلك، ما جاء في الحديث: " السلام عليكم، أأدخل "؟
﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ لاشتماله على عدة مصالح، وهو من مكارم الأخلاق الواجبة، فإن أذن، دخل المستأذن.
﴿ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ﴾ أي: فلا تمتنعوا من الرجوع، ولا تغضبوا منه،
﴿ هُوَ أَزْكَى لَكُمْ ﴾ أي: أشد لتطهيركم من السيئات، وتنميتكم الحسنات. ﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيم ﴾
وبهذا الأدب الرفيع المستوى والحساسية المرهفة للشخصية المؤمنة نهض المسلمون الأوائل بفتح القلوب ونشر الإسلام بتلك الأخلاق التي لا تجد لها نظيرا بين أخلاقيات الأمم .

*******

لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ -29

مثل الفنادق وبيوت الضيافة ومساكن العاملين إن كانت خالية وليس فيها ساكن، فأسقط الحرج في الدخول إليها، ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ﴾ من أحوالكم الظاهرة والخفية، وعلم مصالحكم، فلذلك شرع لكم ما تحتاجون إليه وتضطرون، من الأحكام الشرعية.

*******

ومن الأخلاق الرفيعة التي تضع حائل ضد الرذائل تلك الأخلاق التي تناولتها الأيات التالية .

قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ -30


﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ عن النظر إلى العورات وإلى النساء الأجنبيات، وإلى كل ما يخاف بالنظر إليهم الفتنة، وإلى زينة الدنيا التي تفتن، وتوقع في المحذور...
﴿ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ﴾ أطهر وأطيب، وأنمى لأعمالهم، فإن في هذا الحفظ، طهر من الخبث الذي يتدنس به أهل الفواحش، وزكت أعماله، بسبب ترك المحرم، الذي تطمع إليه النفس وتدعو إليه،
فمن ترك شيئا لله، عوضه الله خيرا منه، ومن غض بصره عن المحرم، أنار الله بصيرته، ولهذا سماه الله حفظا، فالشيء المحفوظ إن لم يجتهد حافظه في مراقبته وحفظه، وعمل الأسباب الموجبة لحفظه، لم ينحفظ .
، ويجوز النظر في بعض الأحوال لحاجة، كنظر الشاهد والطبيب والخاطب، ونحو ذلك.
ثم ذكرهم الله تعالى بعلمه بأعمالهم، ليجتهدوا في حفظ أنفسهم من المحرمات.

وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا
وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ
أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ
أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ
أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ
وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ -31

﴿ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ أي: الثياب الظاهرة، التي جرت العادة بلبسها إذا لم يكن في ذلك ما يدعو إلى الفتنة بها، ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ وهذا لكمال الاستتار، ويدل ذلك على أن الزينة التي يحرم إبداؤها، يدخل فيها جميع البدن،
ثم كرر النهي عن إبداء زينتهن، ليستثني منه قوله: ﴿ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ ﴾ أي: أزواجهن ﴿ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ﴾ يشمل الأب بنفسه، والجد وإن علا، ﴿ أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن ﴾ ويدخل فيه الأبناء وأبناء البعولة مهما نزلوا ﴿ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ ﴾ أشقاء، أو لأب، أو لأم. ﴿ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ﴾ والإضافة تقتضي الجنسية، أي: النساء المسلمات، اللاتي من جنسكم، ففيه دليل لمن قال: إن المسلمة لا يجوز أن تنظر إليها الذمية...
﴿ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ ﴾ أي: أو الذين يتبعونكم، ويتعلقون بكم، من الرجال الذين لا إربة لهم في هذه الشهوة، ..
﴿ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ﴾ أي: الأطفال الذين دون التمييز، فإنه يجوز نظرهم للنساء الأجانب، وعلل تعالى ذلك، بأنهم لم يظهروا على عورات النساء، أي: ليس لهم علم بذلك، ولا وجدت فيهم الشهوة بعد ودل هذا، أن المميز تستتر منه المرأة، لأنه يظهر على عورات النساء.
﴿ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ﴾ أي: لا يضربن الأرض بأرجلهن لإفتعال جلب النظر، فتعلم زينتها بسببه، فيكون وسيلة إلى الفتنة.
ولما أمر تعالى بهذه الأوامر الحسنة، ووصى بالوصايا المستحسنة، وكان لا بد من وقوع تقصير من المؤمن بذلك، أمر الله تعالى بالتوبة، فقال تعالى:

وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
__________________
رد مع اقتباس
  #404  
قديم 05-09-2010, 01:59 AM
 
القادر - القدير - المقتدر

القدر والمقتدر والقدير كلها من أسماء الله الحسنى وصفاتهالعلي وتعني في جملتها السيطرة والتمكن والهيمنة كما تعني التقسيم والتنظيموالتخطيط .

ومن الآيات التي وردت فيها كلمة قدر في سورة الحج74
( ماقدروا اللهحق قدره)
كذلك جاء في الحديث : (اذا غم عليكم الهلال فاقدروا له ) ونلحظاختلافا في مدلول الكلمة ، فقد وردت في الآية بمعنى المكانة والرفقة ، إما فيالحديث فجاءت بمعنى التقدير أي التخمين والحساب .

الفرق بين هذه الأسماء:
ان الفرق بين هذه الأسماء ( القادر_ القدير_المقتدر) هو:
أن القادر هوالمتمكن في حين أن القدير صيغة مبالغة منه كما يرى الزجاجي، اما ابن الأثير فيرى انالمقتدر ابلغ واعم في المعنى .

ورود الأسماء في القران :
وردت كلمةالقادر 12 مره 5 منها بصيغة الجمع ، منها ما ورد في سورة يس " أوليس الذي خلق السمواتوالأرض بقادر على ان يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم "8

كذلك ورد لفظالقادر في سورة الجمعة " وأنا على ان نريك ما نعدهم لقادرون" _ المؤمنون :95 _

وقد اسمه القدير 45 مرة في سور متعددة من القرآن الكريم منها على سبيلالمثال قوله سبحانه في سورة البقرة : " أينما تكون يأتي بكم الله جميعا أن الله علىكل شي قدير" البقرة : 148

وإما اسمه المقتدر فقد ورد 4 مرات منها قولهسبحانه : " وكان الله على كل شيء مقتدر " (الكهف :45) وغيرها .

معنىالأسماء في حق الله تعالى
قال الزجاج : إما القادر فيعني انه القادر على كلشيء فلا يفوته شيء, ولا يعجزه شيء ولا يتطرق إليه العجز .

والقادر من الناس إذاما اتصف بتلك الصفة فان قدرته مستعارة من الله تعالى , لذا فهي توجد حين ولا توجدأحيانا أخرى.

ويرى الخطابي ان معنى اسم القادر مشتق من القدرة على شي أي انالله قادر على كل شي, كما يعني انه عز وجل المقدر لكل شي ويستشهد بدليل على كلامه منقوله تعالى "فقدرنا فنعم القادرون" * المرسلات:33*

وقال الحليمي: معنىالقادر عدم عجزه سبحانه عن أي شيء وهو دليل على انه حي عالم .

وقال البهيقي : أن القادر هو من له القدرة الشاملة الكاملة .

أما القدير فيرى ابن جريرانه قدير بمعنى القوة قدير قدرة قادر مقتدر.
ويستدل بقوله سبحانه "ما ننسخ منآية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير"

فهو قدير بالإحاطة بالمكان والزمان والعاجل والأجل .

اما الحليميفيرى أن معنى القدير هو التام القدرة لا يلابس قدرته عجز.

وقال ابن القيملا يعجزه شيء رامه .

وأما المقتدر فيقول ابن جرير في قوله تعالى " عند ملكمقتدر"
(القمر:25) .

القدير الملك المقتدر على كل شي. في حين يقول الزجاج : المقتدر مبالغة القوة وذلك أن الأصل في لغة العرب أن زيادة اللفظ تزيد المعنى قوة.

إما الخطابي فيقول : المقتدر هو تام القدرة الذي لا يحتجب عليه أي شيء.في حينيرى الحليمي أن المقتدر هو المقدر والمظهر بقدرته من خلال فعل ما يقدر عليه .

من آثار الإيمان بهذه الأسماء القدير القادر المقتدر :
1- اتفاقسائر المذاهب الإسلامية على ان الله على كل شيء قدير وبالتالي فانه سبحانه لا يفوتهمطلوب ولا يعجزه شي فقدرة الله متحققة متعدية لكل شيء.
أما قدرة الناس فمحدودةولازمة عند أشياء محددة.

وحقيقة قول أن المراد من هذه الصفات ضرورة الإيمانبها على إطلاقها وتمامها لكونها صفات لازمة لذات الله عز وجل وهو ما يتجسد في أوضحصور الإيمان لدى مذهب أهل السنة والجماعة لا آراء والجهمية والمعتزلة والقدريةوغيرهم من الطوائف .

2- في وجود المخلوقات التي لا تحصى بتعدد أشكالهاوبتنوع أصنافها برهان ساطع ودليل باهر وآية ظاهرة على كمال قدرة الله تعالى.وقد بسطالله سبحانه وتعالى تلك الدلائل في مواضع شتى من كتابه الكريم,فمخلوقاته سبحانه علىتنوعها برهان على قدرته اللا متناهية وإرادته اللا محدودة وينبني على هذا الفهملمخلوقات الله وموجوداته أن الله قادر على ايتان بكل شيء وإحداثه سواء ان كان كائناام لم يكن .

ومن الدلائل على ذلك قوله سبحانه عن نفسه : " ولو شئنا لآتيناكل نفس هداها" ( السجدة :13) كذلك قوله سبحانه : " ولو شاء ربك للآمن من فيالأرض"(يونس :99) وغير ذلك من الآيات التي تبرهن وتؤكد على ان الله سبحانه قادر علىأحداث كل شيء ولو انه لم يحدثه ، فلا يتنافى هذا (عدم الأحداث) من انه غير قادر عزوجل على أحداثه .

مما سبق نرى ان الله اخبر انه سبحانه لو شاء لفعل أشياءولكنه لم يفعلها وهو بالتالي لا ينقص من قدرته جل وعلا شي في حال عدم فعلها.
وبطبيعة الحال فان الله يكون بذلك قادر ومقتدر وقدير على التحكم بكل أفعالمخلوقاته ، إذ انه قادر على فعل كل شيء وتسيير جميع ما في الكون وبالتالي فهو قادرعلى المنفصل كما انه قادر على أفعال عباده

إما ما يراه الاشاعرة والمعتزلةمن ان إرادة الله مقتصرة على منفصل دون قدرته على إتيان بإرادات خلقه من البشر فلامجال للنطق به لدى أهل السنة والجماعة من المسلمين
__________________
رد مع اقتباس
  #405  
قديم 05-09-2010, 09:52 PM
 
سوف نتحدث عن ظاهرة عجيبة معظمنا يغفل عنها: إنها ظاهرة "البدء والإعادة" ....
ظاهرة مهمة جداً من حولنا ولكن لا ننتبه لها، إنها ظاهرة البدء والإعادة. فما هي هذه الظاهرة، وكيف تتجلى قدرة الخالق فيها عز وجل؟
لقد صمم الله تعالى الأرض لتقوم بكل شيء بدقة وأمانة وطواعية، فالماء يتبخر من المحيطات والبحار ويتكاثف في الجو على شكل غيوم ثم يهطل على شكل أمطار تتسرب للأرض وتختزن ثم تتفجر الينابيع والأنهار، وتذهب لتصب في البحار وتتبخر من جديد ... وهكذا وفق دورة منظمة.
كذلك الأمر النباتات التي تنمو وتثمر ثم تصفر وتذبل ... وبعد ذلك تنمو من جديد وهكذا وفق دورة شديدة التنظيم والدقة. وهذا الأمر ينطبق على كل شيء: الكائنات الحية لها دورة منظمة أي ولادة ثم موت ثم تتحلل إلى تراب ثم تولد كائنات جديدة وتكبر ثم تموت وتتحلل إلى تراب... وهكذا.
هذا النظام استمر لملايين السنين دون أي خلل حتى جاء الإنسان في العصر الحديث ليلوث البيئة دون أن يعرف كيف يعيد إليها النقاء، ويرمي النفايات دون أي يقدر على تدويرها وإعادتها لشكلها الأصلي...
عندما نتأمل الطبيعة من حولنا نلاحظ أ، كل شيء فيها يسير بمنتهى الدقة، وكل شيء منظم، الكائنات الحية تعيش بسلام والنباتات تقوم بمهمتها والأرض تعمل بكفاءة عالية.
لقد صمم الله تعالى الطبيعة من حولنا لتقوم بهذه المهمة بكفاءة عالية، فالنباتات تستهلك غاز الكربون وتعيد تصنيعه على شكل أوراق خضراء وثمار، وهكذا تقوم بتنقية الجو باستمرار. ولكن هذه النباتات لم تصمم للإفساد والتبذير الذي جعل الإنسان يضخ ملايين الأطنان من الملوثات في الجو والبحر... لقد أصبح النبات عاجزاً عن تنقية الجو.
لقد لوث الإنسان كرتنا الأرضية باختراعاته وتجاربه، ولكنه لم يعرف كيف يعيد هذه النفايات أو يتخلص منها فكان ذلك سبباً في ازدياد حرارة الأرض والمجاعات وقلة المياه... لقد أفسد الإنسان النظام البيئي المحكم، ولم يتمكن من إعادته لطبيعته الأساسية.
ومع أن العلماء يحاولون جاهدين أن يعيدوا تصنيع النفايات إلا أنهم فشلوا في ذلك، لأن الكميات الضخمة من غاز الكربون والملوثات الأخرى مثل الرصاص والمواد السامة، أحدثت خللاً في جول الأرض مما أدى للاحتباس الحراري... وما هذه الكوارث الطبيعية وارتفاع حرارة الأرض إلا إحدى نتائج هذا التلوث.
لقد وصل الإنسان إلى قمة التكنولوجيا واستثمار الثروات الطبيعية واستخدام الطاقة النووية، ولكنه فشل في الحفاظ على البيئة، لأنه عجز عن تدوير وإعادة تصنيع الملوثات التي أنتجها.
والآن ربما ندرك معنى قوله تعالى: (اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [الروم: 11]. وقوله أيضاً: (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) [البروج: 13]. فهذه الآيات تذكرنا بنعمة عظيمة من نعم الخالق، إنها نعمة الخلق والإعادة، ولم ندرك أهيمتها إلا عندما اختل نظام الأرض فأصبح الإنسان يبدأ الاختراعات الجديدة ولكنه يفشل في إعادتها من جديد.
فأصبح كل اختراع يجر مشكلة للبشرية، مثلاً اختراع وسائل النقل جرّ مشكلة التلوث، واختراع وسائل الاتصالات مثل الجوال جرّ مشاكل صحية للإنسان بتأثير الذبذبات الكهرطيسية، واختراع وسائل جديدة في الزراعة وتربية الحيوانات جرّ مخاطر على صحة الإنسان وأمراض لم نكن نسمع بها من قبل مثل جنون البقر وإنفلونزا الخنازير...
وأقول سبحان الله! لقد خلق الله لنا مليارات النعم من حولنا وجميعها تخدمنا دون أي ضرر أو مشكلة، ولكن الإنسان وبمجرد أنه تدخل في خلق الله وحاول التغيير والتطوير فشل في كل شيء، وأصبح العلماء الآن يفكرون في العودة للطبيعة الأم والحياة الطبيعية كعلاج لمشكلات العصر...
فهل ندرك الآن معنى التحدي الإلهي: (أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [النمل: 64]. وهذا يدعونا للتفكير والتأمل في قدرة الخالق ونعمة "البدء والإعادة" لنزداد إيماناً ويقيناً باليوم الآخر، فالله تعالى الذي خلق كل شيء وهو يعيد الخلق وفق دورات منتظمة، قادر على إعادة خلقك أيها الإنسان من جديد، فتأمل معي قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) [العنكبوت: 19].
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جديد لكل مسلم ومسلمة banota-cool إعلانات تجارية و إشهار مواقع 0 06-11-2009 08:26 AM
فلاش يجب ان يشاهده كل مسلم ومسلمة شفق1 نور الإسلام - 3 08-09-2008 09:07 AM
عظم الله اجركم جميعاَ كل مسلم ومسلمة وانا لله وانا اليه راجعون المشتاق لله نور الإسلام - 13 02-25-2007 03:51 PM
حاسب نفسك (للكل مسلم ومسلمة) بــو راكـــــان نور الإسلام - 3 02-20-2006 11:23 PM


الساعة الآن 03:32 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011