عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > قصص قصيرة

قصص قصيرة قصص قصيرة,قصه واقعيه قصيره,قصص رومانسية قصيرة.

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-10-2010, 08:25 AM
 
مذكرات شاب محكوم عليه بالأعدام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.....
مذكرات شاب محكوم عليه بالأعدام
وجدوها في زنزانته ...

بعد موته ..

كان عدّا تنازليا ... لساعة الصفر .,.,.,.,.,.,.,


...............
اليوم السابع :

بالأمس .. أخرجوني من السجن المركزي .. وأتوا بي الى هنا ..
أين هنا ؟ لاأعلم ..
كل ما أعرفه أنّي في هذة اللحظات .. أبعد ماأكون من العالم .. والناس .. والحياة ..



أظنّه مكان تنفيذ الاعدامات ...
يحوي سبع زنزانات صغيرة ضيقة ....

اقتادوني عبر ممرّ رطب .. صامت .. تفوح منه رائحة العفونة .. ودموع الندم .. والموت ..
الى هذة الزنزانة التي أخالها آخر ( غرفة ) تضمّني في هذا العالم .. الذي أوشك على وداعه ..

لم ينبس أحدهم ببنت شفة .. ليوضّح لي سبب الرحلة أو وجهتها ,,
أدركت الأمر بحدسي ..
اقترب موعد الرحيل ....
ولاأدري متى بالضبط .. لكني أعلم أنّه قريب ..
لأني بدأت أشتم رائحة الموت مذ وطئت قدماي هذا المكان ....
ولأني قرأت عبارة محفورة على جدار الزنزانة الضيقة بخط ركيك .. تقول ( تدخل هنا على قدميك لتخرج محمولا )
لاأعلم من كاتبها ...
أظننّي على وشك لقائه قريبا !!

مشكلتي ..
أنّني غير قادر على التفكير ..
في أي شيء ..
لا في المصير الذي ينتظرني ..
( فالانسان لايملك القدرة على استيعاب فكرة فنائه ..الا في اللحظة نفسها .. مهما حاول تهيئة نفسه !)

ولا أنا قادر على التفكير بها ...
أمي التي ..قتلتها بدل المرة مرتين ..

ولا فيه ...

لاأريد أن افكّر ..
أنا بحاجة للنوم ...للهرب ...... ،
سأنام الآن ......
__________________
ربي لك الحمد العظيم لذاتك حمداً و ليس لواحدٍ إلاكَ ...
يا مُدرك الأبصار و الأبصار لا تدري له و لِكُنههِ إدراكا
إن لم تكن عيني تراكَ
فإنني في كل شيءٍ أستبين عُلاكَ ...

  #2  
قديم 03-10-2010, 08:27 AM
 
اليوم السادس :

حين استيقظت صباح اليوم ..
ولوهلة سريعة ..خاطفة ...
ومع اختراق صوت عصفور مغرّد لمسامعي ..

توهّمت أنّي هناك .. في بيتي ..
في غرفتي الزرقاء ..
بين كتب طفولتي ..
ومقعدي الجلدي الذي اقرأ عليه مقابل النافذة ..
وصورتي مع والدي المتوفي حين كنت في السابعة من العمر .. على ضفاف بحيرة سويسرية ..

لوهلة ...
ظننت أنّ صوت أمي .. الشجي ..
سيخترق مسامعي ..
يناديني ..
يغرّد في مسمعي ..كتغريد طيور الفجر ..
لأبدأ يوما جديدا .. مفعّما بالأمل .. كسنوات شبابي الست والعشرين ..

ولكني فتحت عينيّ على الواقع في لحظات ..

كنت مفترشا أرض الزنزانة الرطبة ..
على فراش يابس .. قاس .. وحزين ..
وكانت الشمس هناك .. تطل من فتحة نافذتي الصغيرة ..
مشرقة ..
واستغربت ..
هل الحياة هناك بالخارج مستمرة ؟
هي مستمرة اذن ؟
الشمس تشرق ؟
والطيور تغرّد وتحلّق ؟
والناس ... تضحك وتتنفس ؟
وأمي ؟
لا ..
أمي لاتضحك ..
وهو ..؟
هو .. لايتنفّس بلا شك .........
وأنا ..؟
أنا السبب ...

فتح باب الزنزانة ...محدثا صوتا عنيفا تردّد صداه مثل صليل آلاف السيوف المتناحرة في ساحة الوغى ..

تجمّد الدم في عروقي ..
لست مستعدا !!!! أردت أن أصرخ ..
أن أدّعي الاغماء كما كنت أفعل حين تأخذني أمي لأخذ ابر التطعيم في المستشفى وأنا في الخامسة ..

ابرة ؟؟
ليست ابرة ... هذة المرة ..
بل سيف .. يخطف بريقه الأبصار ..
كالسيوف التي رقصنا بها ( العرضة ) في عرسه ..
عرس محمد ..
كان وجهه كالبدر ليلتها ..
وكنت أرقبه ... متسائلا عن تلك الفرحة التي تغمره ؟
لم أكن مكترثا أنه تزوج قبلي وهو أخي الذي يصغرني بعدة سنوات ..
أنا سأتزوج متى شئت ..

لم أدرك سر سعادته الا عندما رأيتها ..
زوجته .. حليلته .. شريكة حياته ..
منذ وقعت عليها عيناي ..
كرهته ..
وأحببتها ..

ومن يومها .. وأنا والشيطان .... أصدقاء ..
ومن يومها .. وأنا ومحمد أغراب ...

لم يكن موعد الرحيل على أيّة حال ..
كان الحارس ..
جاء لي بمصحف ..
تركه بين يديّ وخرج ...

تأمّلت المصحف دون أن أفتحه ..
كم مضى منذ آخر مرة قرأته فيها ..؟
ربما منذ تصاحبنا أنا وذاك الذي جاء بي الى هنا ؟
تردّدت في فتحه ..
تذكّرت أني لست على وضوء ..
لم أفتحه ..
عدت لأستلقي .. وأحاول الهرب ..
__________________
ربي لك الحمد العظيم لذاتك حمداً و ليس لواحدٍ إلاكَ ...
يا مُدرك الأبصار و الأبصار لا تدري له و لِكُنههِ إدراكا
إن لم تكن عيني تراكَ
فإنني في كل شيءٍ أستبين عُلاكَ ...

  #3  
قديم 03-10-2010, 08:28 AM
 
اليوم الخامس :
الوقت ليل ..
لاأعلم كم الساعة ..
ولكن السماء ملأى بالنجوم ..
عذاب هو جهل الوقت .. والأيام .. ومرورها ..
وعذاب هو الانتظار ..

ترى هل أرتاح بعد الرحيل ؟
أم هو بداية لعذاب آخر ....
أشدّ وأقسى ؟
هل القاه هناك ؟
هل سيقف أمامي بدماءه .. ووجهه الحبيب ..
ليقتلني كما قتلته ؟
أنا قتلت محمد ؟
ولأجل من ؟
لأجل امرأة ... خبيثة .. عديمة الشرف ..
أغرتني بجمالها الزائف.. وزيّنت لي القضاء على أخي ؟

محمد ؟؟
ذلك الذي كنت أذود للدفاع عنه ..كالأسد الضاري
ان ضربه فتية الحي ؟ أو أوقعه أحدهم أثناء لعب الكرة ؟

محمد الذي كم ... وكم .. سهرت معه الليالي الشتوية الطويلة على سطح منزلنا ..
في أحاديث لذيذة عن الأحلام والطموحات ..
وابني .. وابنته اللذان سنزوّجهما لبعض حتما !!!

محمد ....
الذي وقعت في حبه ... منذ أخذني والدي لرؤيته في غرفة المواليد بالمستشفى ...
وأطلّ عليه راسي الفضولي .. متأملا ذلك المخلوق الوردي الضئيل ..
ومددت اليه اصبعي مداعبا .. فالتقطها واعتصرها في كفّه الصغيرة ..... وكانت تلك أولى لحظات تعارفنا ؟

اختنقت ...
لم أعد قادرا على الاحتمال !
تراءى لي وجه أمي في هذة اللحظة ..
أمي التي فقدت ولديها الوحيدين في نفس اليوم ..
أمي المفجوعةالتي لم أرحم عجزها وكبر سنّها ..
لايفارقني صوتها المخنوق .....
المذهول ..
الغاضب ........( أنت !!! أنت قتلت ولدي ؟ محمد ؟ أخوك ؟ دمك الذي يجري بين أوردتك ؟؟؟ أنت ؟ )

أمي لم تأتي لزيارتي ..
منذ ذلك اليوم ..
ولم يأتي أحد من أهلي ولامعارفي .. لرؤيتي ..
الوحيد الذي جاء .. كان ابن عمي .. وصديق طفولتي ..
لم يقوى على البقاء طويلا ..
قال لي بأسى ..
( أمك رفضت استلام جثّتك ، ولكني سأدبّر كل شيء ) !!

لم أقوى على الكلام ..
لم أغضب ..لم أثر عليها أو أستنكر ..
حسبها محمد ... دفنته ..
لاحاجة لها بدفن ولد آخر ..

قمت مترنّحا من فرط حزني ..... للوضوء ..
__________________
ربي لك الحمد العظيم لذاتك حمداً و ليس لواحدٍ إلاكَ ...
يا مُدرك الأبصار و الأبصار لا تدري له و لِكُنههِ إدراكا
إن لم تكن عيني تراكَ
فإنني في كل شيءٍ أستبين عُلاكَ ...

  #4  
قديم 03-10-2010, 08:30 AM
 
اليوم الرابع :
بسم الله الرحمن الرحيم
( وانّ ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم )

آية .. من سورة .. حبيبة الى قلبي ..
اعتاد أبي رحمه الله أن يؤّمنا فيها حين نصلّي الجماعة خلفه أيام رحلاتنا الى البر ..
لم أكن أيامها أنتبه لمعاني تلك السورة ..
ولا أتمعّن فيها أو في سواها ..
أطأطئ راسي خلف أبي .. وأتظاهر بالخشوع .. وعقلي مشغول بآلاف المشاغل ..
محمد الى جواري ... ألمح بطرف عيني .. دموعا تسيل على لحيته الجميلة .. من فرط تأثّره في الصلاة ..
لم أكن مثله يوما ..

سورة الرعد ..
الآن .. قرأتها .. لأول مرة ..
سمعتها لأول مرة ..
فهمتها لأول مرة ...
كم هي سورة مؤثّرة ..، سرحت بها في ملكوت الله ..
وعظمته ..
ورحمته ... وحكمته ..
لأول مرة منذ أن لوّثت يدي بدم محمد ..
لأول مرة ... أشعر ببعض الراحة بين أضلعي ..

هل حقا سيغفر الله لي ؟؟ لظلمي لأخي ..
لظلمي لأمي ..
وظلمي لنفسي ؟

كيف هنت عليّ يامحمد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

واصلت قرآءة المصحف .... حتى حلول الظلام في الخارج
أما هنا ..
بين الضلوع .. الكسيرة ...
فقد أشرق النور .... وأضاءت النفس بضوء جديد ..

استطعت النوم الليلة .... بنفس أكثر هدوءا ..
ولكني حلمت به ...
وبأمي ..
وأبي ..
جميعهم ..... ينظرون اليّ بعتاب قاتل ...
وفزعت من نومي ..
وبحثت عنهم ..
فلم أجد سوى الظلام المحيط بي ..
وفي لحظة ...
أدركت مصيري ..
قريبا أموت ......، قريبا ... سيخترق السيف عنقي ..
ويطيح به أمام الأعين الغاضبة ..

زوجته التي زيّنت لي حبها ... وأغرتني بنفسها ..
ودفعتني دون أن تدفعني ... الى قتله ..
رفضت التنازل عن حقها في دمي !!!!! ربما خشيت أن أفضحها ؟
عموما لايهم ..
ممتن أنا لها ..
فلم اكن أرغب بعيش ... بعده ..
أأعيش وأتنفس وأضحك ..
وقد قتلت بيديّ شباب أخي وزهرة حياته ؟

هل يؤلم قطع الرأس ؟
هل سأشعر به ؟؟
أم هو كالحادث العنيف الذي تعرّضت له وأحد أصدقائي ذات مرة ؟
يومها تعرّضت لجروح خطيرة ... ولكني لم أشعر باي شيء ..
فقد أغشي علي لحظة الارتطام .. ولم أفق الا في المستشفى ..

هل سيحدث الشيء نفسه ؟
وسأدخل في سبات عميق هادئ.. لحظة مصافحة السيف لجلد عنقي ؟
__________________
ربي لك الحمد العظيم لذاتك حمداً و ليس لواحدٍ إلاكَ ...
يا مُدرك الأبصار و الأبصار لا تدري له و لِكُنههِ إدراكا
إن لم تكن عيني تراكَ
فإنني في كل شيءٍ أستبين عُلاكَ ...

  #5  
قديم 03-10-2010, 08:30 AM
 
اليوم الثالث :
هل أنا نادم ؟؟
سألت نفسي هذا السؤال منذ فتحت عيني هذا الصباح ..

فوجئت بالاجابة ..
لقد ندمت ... في اللحظة نفسها التي أطلقت فيها النار على صدر أخي ..
اللحظة التي ضغطت فيها على الزناد ..
هي اللحظة التي فجعت فيها وسارعت بغباء لكي أوقف الرصاصة التي انطلقت من مسدسي ..
كيف كنت سأوقفها ؟ لاأعلم ..
غباء .. ندم .. صحوة من كابوس ..
ندمت ... وأدركت أنّي لن أجني من ندمي شيئا لأنه لن يعيد محمد ..
ولن يعيد لي حب أمي ..
هل تزال أمي تحبني .. ؟ أقصد هل لاتزال تكرهني ..؟
ربما ..
أقول ربما ..
حين أموت ..
ويتدحرج راسي تحت الأقدام ....
ربما حينها تعود تحبني ؟؟؟
ابتسمت للخاطرة ...
وسكنت نفسي ...
ربما حينها يبتسم محمد ؟؟ وتضحك أمي .. ، ويعود صوت أبي ليتردد في فضاء الصحراء مردّدا ( وان ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم ) صدق الله العظيم .

اليوم ..
جاءني الضابط المناوب في السجن ..
سألني ان كانت لي رغبات أخيرة ؟
وجبة معيّنة أتوق لها ؟
وصية أحب أن أوصي بها أحد ..؟
شيء يحضرونه لي هنا ؟

قلت ودموعي تغالبني ... ( لاتدفنوني قرب محمد ....)
كانت دموع الخجل ......
منه .. من أخي الصغير ....!
__________________
ربي لك الحمد العظيم لذاتك حمداً و ليس لواحدٍ إلاكَ ...
يا مُدرك الأبصار و الأبصار لا تدري له و لِكُنههِ إدراكا
إن لم تكن عيني تراكَ
فإنني في كل شيءٍ أستبين عُلاكَ ...

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مذكرات حزين زنزانه الاحزان أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 4 02-09-2009 10:33 PM
مذكرات طفل ABUMOHANAD الحياة الأسرية 11 09-15-2007 06:54 AM


الساعة الآن 03:42 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011