05-15-2010, 12:00 PM
|
|
((الوقوف على الأطلال ليس الجلوس عليها))
كم هو جميل ومعبر ذلك المثل القديم والجميل الذي يقول (إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب) لكني لا أتفق مع صاحبه الحكيم إلا في شطره الثاني فقط فالسكوت من ذهب دائما خاصة بعد ارتفاع ثمنه، أما كون الكلام من فضة فهذا ما أخالفه فيه الرأي فقد وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها الكلام من (فالصو) إن لم يكن من (تراب) فالأثير الممتد إلى مالا نهاية والمتخم بالفضائيات السقيمة التي تتغذى على الثرثرة والصواريخ الكلامية والتصريحات النارية والمفبركة في كثير من الأحيان، حركت شهوة الكلام و(المهايط) عند الكثيرين ممن يعانون من انحسار الأضواء عنهم حتى بعد محاولة استرجاعها بشتى الوسائل دون جدوى. فبدأنا نرى الكثير من النماذج المضحكة تتناوب على هذه الفضائيات وتلك المواقع التي تمنح الوقت بالمجان، فكثرة الكلام وعدد الخزعبلات والأكاذيب والتصريحات الصادمة هي التي تحدد مقدار الشهرة التي سيصل لها أحد ضيوف هذه القنوات أو مرتاديها، فصار البعض يتكلم في كل شيء وأي شيء ونيابة عن الجميع وبألسنتهم، فأصبحنا لا نرى فرقا في هذه المساحات المفتوحة بين رجل الدين والعالم ومفسر الأحلام والمعالج بالأعشاب، فجميعهم يلعب على وتر الإثارة والصدمة عن طريق التصريحات غير المتوقعة فالعالم يصرح من باب النبل والصدق مع النفس بأنه كان يسرق دفاتر زملائه قبل أن يصبح (فلتة) زمانه ثقافة وعلما ورجل الدين خرج من رزانته ووقاره ليقسم أنه لم يكن يصلي قبل أن يفتح الله بصيرته فيداوم على صلاة الليل ويدعو الناس إليها، والمعالج بالأعشاب يعترف أنه كان يبيع الناس رماد السجائر على أنه خلطة سحرية فيها شفاء من كل داء، قبل أن يصبح عالما بالخلطات الطبيعية والطب البديل. وانساق وراء هذه الموضة الكثير من الساسة والعسكريين ممن بدأوا في تغيير خارطة الماضي بحثا عن الشهرة حيث يعتبر كل منهم نفسه شاهدا وحيدا على ذلك العصر الذي لم يبق غيره وضاعت الحقيقة في زحمة الأكاذيب، ولم نعد نعرف أيا من الأشخاص الذين يحيطون بنا ونثق بهم سيخرج يوما ما على هذه الفضائيات نفسها ليخبرنا أنه كان يخدعنا ويغشنا، وقد قدمنا مرارا لقمة سائغة لأعدائنا قبل أن يتوب الله عليه ويصبح لساننا الناطق والمدافع عنا في كل محفل. فلا تعجبوا إن خرجت عليكم يوما بتصريح ناري أقول فيه إنني كنت أسرق مقالاتي قبل أن أتعلم الثرثرة حتى أدهشكم وألفت أنظاركم، وليت هؤلاء المتكلمين يبحثون عن وسيلة أخرى للشهرة غير الكلام فقد أصبح الفضاء ملوثا بما يكف
******************************************
__________________ الأمل و التفاؤل أساس الحياة |