عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. العيــون الساهره.•°`¯)}§¢¤~ > أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه

أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه.

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-06-2010, 10:19 PM
 
ونطق الصمت


حياتي لمدة ثلاث

أشهر دون كلام!

- “أرجو أن تمتنع عن الكلام لمدة أسبوعين.”

كان الطبيب الذي يعرف حالتي جيدًا ينظر إليَّ من خلف نظارته بأسى، محاولاً التعاطف معي، وهو يقول لي تلك الكلمات، ابتلعت ريقي بصعوبة، محاولاً أن أجمع شتات نفسي المتناثرة، حاولت أن أتكلم،أريد أن احتج، أعترض، أعلن عن عدم رضاي بما يقوله .. لكن حروفي ماتت على شفتيّ، وخرج صوتي مبحوحًا، ولم يستطع طبيبي أن يفهم شيئًا، فابتسم مشفقًا وقال: “لا ترهقية حبالك الصوتية يا محمد، فهي تحتاج إلى وقت طويل لتستعيد عافيتها وقدرتها الصوتية مجددًا ..! علاجك الوحيد في حالتنا … أن تكف عن الكلام.”

مد يده بالوصفة الطبية معلنًا انتهاء الموعد، الذي سبقه عشرات المواعيد والفحوصات، والتحاليل والأشعة، لتحديد ماهية مرضي، التقطتها متأملاً خرابيش قلمه الأزرق، حاولت أن أفك طلاسمها، فلم أفهم سوى أنه يجب أن أتوقف عن الكلام تمامًا .. ولأسبوعين كاملين؟

عندما أغلقت باب العيادة، حاولت أن أسحب يدي معي، لأجر أذيال يأسي، وأعيش الألم وحيدًا، وأدخل ملتزم الصمت، وأعلن صومي عن الكلام رغمًا عني، غير أن يدي أبت أن تترك مقبض الباب، وكأنما تتوسل إليّ، وهي تعرفني أكثر من نفسي، وترجوني لأعود إلى الداخل، وأطلب من الطبيب أن يسمح لي بالكلام، ولو لساعة واحد في اليوم، أو حتى لربع الساعة، نظرت إليها بأسى، والدمع يغزو مقلتاي، اللاتي بدأتا تنوءان بحملهما، وأنا أرغم يدي على ترك المقبض، وبعد تردد تجاوبت معي، وأطلقت المقبض بتردد.

في الممر المؤدي إلى بوابة الخروج جلست على كرسي خشبي، محاولا تهدئة نفسي، والتقطت طرف شماغي، ومسحت به ما علق بعيني من آثار الدمع، وبينما أنا مغمض عيناي، وواضعًا يدي على رأسي، تناهى إلى سمعي صوت يقول:”أأنت بخير يا سيدي؟”

التفت لأجد ممرضة تنظري إليَّ مقطبة حاجبيها، وتعلو تقاسيم وجهها نظرة حزن وشفقة، كدت أن أصرخ في وجهها، وأطلب منها أن تهتم بأمورها فحسب، فلم أكن في حالة نفسية تسمح لي بأن أتلقى الشفقة من آخرين .. أو تعاطف من أحد خصوصًا في هذه اللحظة .. لحظة ضعفي!

تمالكت نفسي، وهززت لها برأسي بأن كل شيء على ما يرام، وأشرت إلى حلقي ثم وضعت يدي على شفتي التي أطبقتهما وأشرت بأني لا أستطيع أن أتكلم، هزت رأسها وقلت محاولةً مواساتي:”أوه .. أنا آسفة حقًا.”

نظرت إليها، ورسمت على شفتي ابتسامة تقطر حزنًا، ولملمت شتات روحي، ووقفت وخطوت نحو بوابة الخروج، وأنا أفكر في كلماتها، ومدى (الأسف) الذي تشعر به حيالي، وهل سيعيد لي الأسف صوتي المسلوب؟

ركبت سيارتي، وجلست خلف مقودها، أنزلت (الشماسة) وفتحت المرآة الملحقة بها، و على ضوء المصباح الخافت، دققت النظر إلى وجهي الشاحب، وآلاف الأسئلة تثور بداخلي، ما الذي جرى لي؟ مازالت عيناي كما هي، أنفي في مكانه، شفتاي على عهدهما، أمعنت النظر إلى عيني، وأنا أحاول النفاذ إلى داخل روحي، لم أستطع أن أتحمل أكثر من ذلك، شعرت بكره عجيب لمن ينظر إليَّ في المرآة، كرهت الضعف الذي يعيشه، لم أطق النظر إليه، أغلقت المرآة، وقدت سيارتي متجهًا نحو المنزل، وعندما دخلته أسرعت أجر أذيال ثوبي نحو غرفتي، لم أعرج على والدتي في غرفتها كما كنت أفعل دائمًا، فلقد أحسست بأني مثير للشفقة، وفضلت أن احتفظ بكل الحزن لوحدي، وأوفر الألم لنفسي فقط، هذا ما كنت أقنع به نفسي على الأقل، لأني كنت اعرف أنها تفضل أن تجلس وحيدة على أن تنال نظرة أسى وشفقة من الآخرين.

في ظلام غرفتي، استلقيت على فراشي، وذاكرتي تجتر كل ما حدث لدى الطبيب، والألم يشتعل بداخلي حتى تركه آثاره واضحة على عيني ووجهي، وبالرغم من التعب النفسي والجسدي الذي كنت أعاني منه، لم يزرني النوم تلك الليلة، وتركني أصارع الهواجس السوداوية، والأفكار المظلمة .. وحيدًا.

.
.
وللحديث بقيّة


  #2  
قديم 07-06-2010, 10:32 PM
 
اكمل بعد الردوود
  #3  
قديم 07-07-2010, 02:18 PM
 
القصة حلوة جدا اكملى
__________________
’’نحٌنْ قُومً لآ تَهزْنآ آلُريآحُ آلعوآآتيٌ’’


  #4  
قديم 07-07-2010, 03:05 PM
 

2 (ونطق الصمت) - الحلقة الثانية
كانت البداية قبل ثلاثة أسابيع تقريبًا، وبالتحديد يوم الاثنين، عندما أحسست بأن صوتي ليس على ما يرام، أعتقد بأن ما أعاني منه هو بداية زكام صيفي، يحدث للكثيرين، غير أنه في اليوم التالي يوم الثلاثاء أحسست بأن صوتي يزداد سوءًا، بالرغم من عدم شعوري بأعراض البرد الأخرى، وبناءًا على نصيحة زميلي في العمل، رفعت سماعة الهاتف واتصلت بمركز النخبة الطبي لأحجز موعدًا، كان الموعد في المساء مع الدكتور ياسر، خرجت من ذاك الموعد بكيس يمتلئ أدويةً ومضادات حيوية لمعالجة آثار الزكام، وبإجازة مرضية، أخرجت هاتفي وضغطت أزرار مديري في العمل، وأجريت اتصالا به، لأخبره بشأن الإجازة، لم أنس ذاك الاتصال أبدًا، فمازالت تفاصيله محفورة في ذاكرتي، فلقد كانت تلك هي البداية، بداية كل شيء!

كنت مازلت واقفًا أمام مركز النخبة في شارع التحلية بالرياض، أحمل في يدي كيس الأدوية، وبيدي الأخرى هاتفي المحمول، أحاول جاهدًا أن أشرح له بأني لن أحضر غدًا، غير أنه لم يكن يسمع أو يفهم ما أقول له … والسبب أن صوتي بدأ يفقد كل مقوماته، وكل قدراته، وبعد عدة محاولات متعبة، طلب مني أن أرسل له برسالة نصيّة قصيرة ما أريد، وهو يعتذر ويخبرني بأنه لم يفهم شيئًا، أغلقت سماعة الهاتف، وابتسامتي تتلاشى من على شفتي، وبخطوات مرهقة تقدمت نحو سيارتي، وبداخلها بدأت اكتب رسالة له أشرح فيها ما حدث، وبعد أن أرسلتها له، سرعان ما جاءني منه الرد، يدعو لي بالشفاء، ويوصني بعصير الليمون، والامتناع عن شرب البارد!

في تلك الليلة لم أذهب إلى منزلنا مباشرة، بل توجهت إلى حيث يجتمع بعض الأصدقاء دائمًا في (وقت القهوة)، والذي بالمناسبة كتبت فيه بعض هذه السطور، نزلت من السيارة أحمل في يد كيس الأدوية، وفي اليد الأخرى كتابًا، لم يكن هناك أحد بالداخل، وفي مكاني المعهود جلست هناك، وبعد أن مررت بجميع الأدوية التي صُرفت لي، فتحت كتابي وبدأت أقرأ، بعد مدة أطل صديقي (بسام) برأسه وألقى بالسلام علي، رفعت رأسي إليه ورسمت ابتسامة على وجهي، ورددت السلام بصوت لا يكاد يسمع، جلس مقابلاً لي وسألني: “كيف حالك؟”، تنحنحت محاولاً أن أظهر صوتي في أفضل حالاته وقالت:”الحمدلله … تمام”.

عندما سمع (بسام) صوتي، علت وجهه نظرة قلق واهتمام، وقال لي” سلامات .. ؟”، مرة أخرى تنحنحت وقلت:”الله يسلمك من كل شر .. ” وأشرت إلى الكيس الذي وضعته بجانبي، فقال لي متفهمًا: ” الله يعينك .. برد وفي عز الصيف! .. انتبه تشرب بارد، وعليك بعصير الليمون والعسل”.

ابتسمت له وأنا أفتح له هاتفي المحمول وأريه الرسالة التي وصلتني من مديري في العمل. بعد مدة توافد العديد من الأصدقاء، والنصائح تنهمر علي ” حبة سوداء .. برتقال بالليمون .. عسل على الريق .. وغيرها الكثير من الوصفات الشعبية التي نسيتها”، كنت في تلك الليلة محط اهتمامهم، وحرصهم، وعنايتهم، وعندما عدت إلى المنزل أصرت والدتي بعطفها الرائع وبحرصها الممزوج بحنانها إلا أن تجهز لي كل ما هو معروف وغير معروف لعلاج مثل هذه الحالات وهي تردد: “ياسفابك على الصخونة يا وليدي”، في تلك الليلة وجدت التدليل والاهتمام والرعاية من كل من حولي، زملائي في العمل، ومن أصدقائي، ومن والديَّ، وعندما أردت النوم أصرت علي والدتي أن أطفئ جهاز التكييف، وبالرغم من عدم إحساسي بأي أعراض البرد، إلا أني لبيت طلبها، وبت تلك الليلة التي تجاوزت درجة الحرارة فيها السبعة وثلاثين درجة دون أي جهاز ملطف للحرارة.
.
.
وللحديث بقيّة
  #5  
قديم 07-07-2010, 03:13 PM
 
تكملة حلوة كتير
__________________
’’نحٌنْ قُومً لآ تَهزْنآ آلُريآحُ آلعوآآتيٌ’’


 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عادل إمام .. صمت دهورًا ونطق فجورًا !! (عبد الله) حوارات و نقاشات جاده 17 01-25-2010 08:00 PM
صمت دهرا ونطق كفرا .. القادم الجديد مواضيع عامة 0 01-06-2010 01:56 AM
الصمت sara sari مواضيع عامة 2 10-30-2009 12:24 AM
ما الذي يحدث عندما ننطق بلفظ الجلاله...... abdelwadoude مواضيع عامة 7 11-02-2008 02:54 PM


الساعة الآن 10:03 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011