|
أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه. |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#96
| ||
| ||
أنا رح أكمل القصة |
#97
| ||
| ||
*الجزء الخامس والعشرين* (هل ستصاب بمكروه؟) انطلقت وعد بسيارتها الى العنوان الذي خطه رئيس التحرير على تلك الورقة.. وهي تحاول تمالك التوتر الذي يرجف اطرافها احيانا.. هذه اول مهمة صحفية لها .. وستكون وحدها فيها.. دون مساعدة احد.. وعليها ان تنجح فيها لان بناءا على نجاحها سيتحدد اذا ما كانت اهلاً لان تكون صحفية ام لا.. هذا يعني انها يجب ان تتصرف بكل مهارة ..وعليها ان تبذل كل ما في وسعها.. لتثبت جدارتها امام رئيس التحرير اولا.. وامام طارق ثانيا.. ونفسها ثالثا.. وما ان وصلت الى المكان المقصود.. حتى شعرت باضطرابها وتوترها يتضاعف نظرا لكل تلك التجمعات من الناس حول ذلك المبنى المحترق.. بالاضافة الى سيارات الاسعاف والشرطة والمطافئ المنتشرة بالمكان.. واخذت تحاول تذكر ما فعله طارق بالمرة السابقة حتى سمحوا له بالتصوير وبالدخول الى المنطقة.. واخيرا ادركت ان الصحافة وحدها هي التي لها الصلاحية لمثل هذه الامور.. فبطاقتها المهنية ستقدم لها هذه الصلاحية التي تنشدها.. واسرعت تخرج من السيارة لتتوجه نحو المبنى .. ولكن احد الشرطة استوقفها وهو يقول بصرامة: ممنوع يا آنسة.. قدمت له وعد بطاقتها المهنية فقال وهو يقرأها باهتمام:هل انت وحدك هنا ام هناك آخرون غيرك من الصحافة؟.. اجابته وعد قائلة: كلا ليس هناك آخرون.. انا وحدي هنا.. قال الشرطي وهو يعيدلها بطاقتها: حسنا اذا انتبهي جيدا.. فلا اظن ان المكان آمن تماما.. اسرعت تقول وهي تخرج جهاز التسجيل من حقيبتها: هل تسمح لي اذا بتوجيه بعض الاسألة لك؟.. تطلع لها من غير اهتمام ومن ثم قال: تفضلي.. ولكن بسرعة من فضلك.. فلدي اعمال اخرى.. اسرعت تقول: حسنا.. اخبرني بوقت هذا الحريق واسبابه؟.. واستمر حوارها مع هذا الشرطي لعدة دقائق اخرى وهو يجيبها عن اسألتها بلامبالاة.. واخيرا قالت: شكرا لتعاونك وعلى تقديم الاجابة على اسألتي.. لم يهتم باجابتها واكتفى بان هز رأسه بخفوت.. فاتجهت لتسأل رجال المطافئ والاسعاف ومن شاهدوا الحريق من الناس.. وبعد ان انتهت من كل هؤلاء.. اخرجت الكاميرا الرقمية من حقيبتها .. لتقوم بتصوير المبنى الذي التهمته النيران من عدد من الزوايا.. وشعرت بالخوف وهي تقترب من مستوى ذلك المبنى.. وترى المصابين من هذا الحريق ..ولكنها تمالكت نفسها لتكمل التصوير.. وربما كان خطأها الوحيد بانها قد قامت بالتصوير بعد ان انتهت من توجيه الاسألة..مما قد يسبب ان تختفي معظم اللقطات المهمة التي ستحدث في بداية الحدث.. ولكنها لم تنتبه لخطأها هذا.. بل ابتسمت بسعادة بعد ان انتهائها هذا العمل وعلى النحو الذي اشعرها بأنها قد قامت بعمل كبير جدا.. واخرجت هاتفها المحمول من جيبها..لتتصل بطارق وتخبره انها انتهت ولتطمئنه عليها.. لم تعلم لم ستتصل ..ولكنها شعرت بأنه كان قلقا عليها لهذا ستطمئنه عليها فحسب ولن تزيد في الحديث معه.. وضغطت رقمه ومن ثم زرالاتصال.. ولكنها لم تلبث ان انهته في سرعة.. لا داعي للاتصال به.. انها ستذهب الآن له على اية حال.. وسيطمئن عليها.. وربما ما تريده هو ان تستمد منه هذا الاطمئنان ولتتخلص من خوفها الذي اخذت تشعر به وهي في هذا المكان لوحدها وترى كل هذه المشاهد.. وتوجهت بهدوء الى حيث سيارتها وفتحت بابها الجانبي لتضع عليه اوراقها وحاجياتها.. وكادت ان تدور حول مقدمة السيارة لتحتل مقعد القيادة..ولكن ... (ها قد التقينا من جديد يا ايتها الجميلة) استدارت وعد بحدة الى مصدر الصوت..وشهقت بالرغم منها وهي تتطلع الى ذلك الشاب الوقح الذي تعرض لها ذات يوم بجوار المصنع..وظلت عيناها جامدتان وهي تراه يتقدم منها فقال هو بسخرية وهو يقترب: مصادفة جميلة اليس كذلك؟.. تمالكت نفسها وقالت بتحدي وسخرية: لا اظنها ستكون كذلك بالنسبة لك.. قال وهو يهز كتفيه باستهزاء: لا تزالين طويلة اللسان.. قالت باستهزاء اكبر: وانت لا تزال صغيرا وتافها.. تطلع اليها بغضب ولكنه قال ببرود: اين صديقك ذاك؟.. لا اراه معك.. قالت وهي تلوح بكفها: من رأيته في تلك المرة ليس صديقي بل مجرد زميل لي بالعمل.. قال وهو يضحك بسخرية: حقا؟ .. ولهذا كاد ان يجلب لنفسه المشاكل لاني قد تعرضت لك بالطريق.. قالت ببرود: وها انتذا قلتها.. انك تعرضت لي.. لهذا ابتعد والا ناديت لك رجال الشرطة.. قال وهو يمط شفتيه: لن يسمعك احدهم.. جميعهم منشغلون بما هو اهم.. ظلت صامتة لفترة وهي تحاول ان تفكر بما قاله.. ان كان ما قاله خداعا ام لا.. وتطلعت الى رجال الشرطة المنتشرون بالمكان والذي كان شغلهم الشاغل هو المساعدة في انقاذ من بقي محتجزا بذلك المبنى.. و ما لبثت ان استدارت عن ذلك لشاب وتوجهت الى حيث مقعد القيادة وفتحت باب السيارة.. حين فوجئت بقبضة تغلقه وصاحبها يقول بسخرية: لحظة.. لم ننهي حديثنا بعد.. تطلعت اليه بغضب ومن ثم قالت: كيف تجرؤ؟؟.. ابتعد عن طريقي والا... قاطعها باستهزاء: والا قمتِ بنداء صديقك التافه ذاك .. اليس كذلك؟.. قالت بخشونة: ما التافه الا انت.. قال وهو يميل باتجاهها: استمعي الي يا فتاتي .. ربما كان هذا الكلام كبيرا على سنك.. ولكن لن يمضي ما حدث في المرة الاخيرة على خير..واخبري صديقك الاحمق بانه لا يرعبني مطلقا بسخافاته.. قالت بعصبية: وما الذي حدث لك يا هذا ؟.. انت من اعترضت طريقي..( ومن يطرق الباب عليه ان يسمع الجواب).. قالتها ومن ثم عادت لتفتح الباب من جديد وفي هذه المرة امسك بمعصمها وقال وهو يرفع حاجبيه بسخرية: ما بالك يا فتاة؟.. الم تسمعي ما قلته؟.. حديثنا لم ينته بعد.. جذبت معصمها من كفه وقالت بغضب : اياك وان تحاول ان تمسك بمعصمي مرة اخرى .. اتفهم.. قال وهو يضحك بقوة: يا الهي.. لقد ارعبتني بشدة بتهديدك هذا.. هتفت وعدقائلة بانفعال: قلت ابتعد عن طريقي الا تفهم .. ابتعد.. - واذا لم افعل؟.. - لا تظن اني غير قادرة على الدفاع عن نفسي.. مال نحوها وامسك بذراعها بجرأة وقال باستهزاء: احقا؟.. وماذا ستفعلين يا ايتها ال.... بتر عبارته بالرغم منه.. فقد هوت كف وعد على وجنته بصفعة اودعت فيها كل غضبها وهي تصرخ فيه هاتفة: ايها الوقح.. لا تعلم وعد كيف فعلت ذلك.. لقد وجدت نفسها تصفعه لا اراديا.. للدفاع عن نفسها.. امام وقاحته وجرأته.. ولتثبت له انها قارة على تحديه والدفاع عن نفسها.. وشعرت بالقلق والخوف وهي ترى نيران الغضب قد اشتعلت بعيني ذلك الشاب نتيجة لما فعلته.. وقال بقسوة: ستندمين.. اقسم على ذلك.. ستدفعين ثمن هذه الصفعة غاليا.. توتر جسد وعد بالرغم منها وشعرت بانفاسها تضطرب.. واخذت تلهث بقوة وهي نحاول تمالك نفسها.. واستجماع قوتها للتصدي لمثل هذا الشاب الوقح.. ضربات قلبها اخذت تسرع وهي ترى نظرات ذلك الشاب لها والمليئة بالقسوة والغضب.. ولكن... جسدها ما لبث ان ارتجف في قوة.. وعيناها لم تلبثا ان استدارتا الى الشخص الذي تقدم منهما وقال بصوت يمتلئ بالصرامة والغضب: ليس قبل ان تدفع انت ثمن كل كلمة خرجت من بين شفتيها غضبا.. همست وعد باسمه لا اراديا وقالت بسعادة وجسدها يرتجف من الانفعال: طارق.. التفت لها طارق وتطلع لها بحنان.. قبل ان يعيد انظاره الى ذلك الشاب وقال وقد اختفت نظرة الحنان من عينيه لتحل محلها نظرة مليئة بالغضب: والآن جاء وقت تصفية الحساب.. ********** تريدون ان تعلموا كيف وصل طارق الى وعد؟.. وما الذي جاء به الى حيث المبنى؟.. وكيف علم بمكانه؟.. اليس كذلك؟.. لا بأس .. دعونا نعود بالزمن الى الوراء قليلا ..وبالمكان الى حيث الصحيفة تحديدا..عندما كان طارق يجلس على مكتبه متوترا وهو يقول: ليتني ما تركتها تذهب لوحدها.. قال احمد بغرابة: لا داعي لكل هذا .. انها ليست طفلة.. وقد خاضت تجربة مشابهة لهذه تقريبا معك.. قال طارق بحدة: لكن هذه الرة ستكون وحدها.. ثم اني... بتر عبارتها واكملها بزفرة حادة انطلقت من صدره تحمل توتره وقلقه.. فسأله احمد باهتمام: ثم انك ماذا؟.. قال طارق بقلق: لا اعلم ولكني اشعر بانقباض في صدري منذ ذهبت.. وبالضيق يسيطر على ذهني.. قال احمد بهدوء: تفاءل بالخير وستجده باذن الله.. قال طارق وقد تضاعف قلقه: ولكنها لا تزال مبتدأة واخشى ان .... صمت ولم يكمل..وفي اللحظة ذاتها انطلق رنين هاتفه المحمول فاسرع يختطفه..وتطلع الى الرقم الذي يضيء على شاشته قبل ان يجيبه قائلا بتوتر: الو .. اهلا وعد.. لم يتلقى ردا فصاح هاتفا: وعد..هل تسمعيني ؟..وعد.. انقطع الخط بغتة منهيا الحديث ولكنه اخذ يهتف وكأن الاتصال لا يزال قائما: وعد.. اجيبي.. التفت له احمد وقال بدهشة: ماذا بك؟.. قال طارق بتوتر وهو يبعد الهاتف عن اذنه: انها وعد... هي من اتصلت.. قال احمد وهو يزفر بحدة: اعلم ذلك.. وبعد.. قال طارق وهو يدس اصابعه في خصلات شعره بعصبية: لم تنطق بحرف واحد.. وانهت الاتصال.. قال احمد بغرابة وحيرة: انهته؟؟..ولم؟؟ قال طارق بعصبية اكبر: وما ادراني انا؟.. قال احمد بهدوء: اهدأ لا داعي لكل هذا الانفعال واجلس لنفكر معا.. قال طارق وهو يخرج من القسم: لا بل سأذهب لها.. ان شعوري بالضيق لم يفارقني اليوم للحظة.. قال احمد وهو ينهض من خلف مكتبه: الى اين ؟.. انت لا تعرف بمكانها حتى.. قال طارق وهو يبتعد اكثر: سأتصرف.. وتوجه لمكتب رئيس التحرير.. فأوقفته السكرتيرة قائلة: ماذا هناك يا استاذ طارق؟.. قال وهو يحاول السيطرة على اعصابه: اريد مقابلة رئيس التحرير واخبريه ان الامر هام.. - انتظر لحظة.. قالتها ودلفت لى داخل المكتب للحظات ومن ثم عادت لتخرج منه وهي تقول: تفضل بالدخول انه ينتظرك.. اسرع طارق بالدخول الى المكتب وسأله رئيس التحرير بهدوء قائلا: ماذا هناك؟.. قال طارق في سرعة: اريد العنوان الذي ارسلت الآنسة وعد اليه.. قال رئيس التحرير وهو يعقد حاجبيه: ولم؟.. صمت طارق وهو لا يعلم بم يجيب في حين استطرد رئيس التحرير قائلا: هل تفكر بمساعدتها بالتقرير؟.. اسرع طارق يقول: كلا .. ولكنها اتصلت بي لتطلب مني الحضور اليها.. - ولماذا لم تمنحك العنوان ما دامت اتصلت بك؟..ثم لم اتصلت؟.. يا لرئيس التحرير هذا.. لا يفوته شيء ابدا.. وقال طارق بحزم مصطنع: لقد توقفت سيارتها بالطريق وطلبت مني ان أذهب لها لمساعدتها.. ولم تخبرني العنوان لان هاتفها قد انقطع فجأة ولا اعلم السبب.. قال رئيس التحرير بشك:ولم لا تأخذ سيارة اجرة اذا؟.. ياله من داهية.. مترصد لكل شيء..وقال طارق وهو يلوح بكفه: لقد.. لقد نست محفظتها بالمكتب ولم تأخذها معها.. قال رئيس التحرير بشك اكبر: نستها؟؟.. اومأ طارق برأسه وقال باندفاع (الا يقولون ان خير وسيلة للدفاع هي الهجوم): اجل والآن هلا اعطيتني العنوان قبل ان تسبقنا أي صحيفة أخرى بنشر الخبر.. تردد رئيس التحرير قليلا ولكنه ما لبث ان خط العنوان على احد الاوراق وهو يقول: سأمنحك اياه.. ولكن حذار من ان تساعدها بتقريرها.. قال طارق بصدق: لن افعل.. قال رئيس التحرير: سأخذها منك كلمة شرف.. اومأ طارق برأسه ومن ثم غادر المكتب في سرعة ليغادر المبنى كله بعدها وينطلق بسيارته..دون ان يبالي يهتاف الناس المحتج او بأبواق السيارات التي انطلقت لتحذره من هذه التجاوزات والسرعة التي ينطلق بها.. لكن كل هذا لم يهمه..كل ما كان يهمه هو ان يصل الى وعد بأسرع ما يمكنه.. وتراءى له المبنى من بعيد.. فبحث بعينه بلهفة بين جماعات الناس عن وعد.. واخيرا لمحها .. لم تكن وحدها بل كانت مع ذلك الشاب الذي صادفه ذات مرة بجوار احد المصانع..وقد بدا على وجهها امارات الغضب والعصبية وهي تتحدث اليه.. وهنا خرج طارق من سيارته في سرعة ليتجه الى وعد وشاهدها في تلك اللحظة تصرخ بقوة: ايها الوقح.. وتكمل صرختها بصفعة على وجه ذلك الشاب.. تطلع طارق الى الموقف بدهشة لكنه مالبث ان عقد حاجبيه وهو يقترب منهم.... ********* دقيقة صمت مرت بعد عبارة طارق الاخيرة.. واخيرا قال ذلك الشاب وهو يلتفت الى طارق بتحدي: اجل انه وقت تصفية الحساب والاجساد ايضا.. قال طارق بصرامة: دع الفتاة وشأنها اولا.. والا اقسم على ان تندم.. تطلع الشاب الى وعد بكره ومن ثم دفعها بقسوة بعيدا عنه وهو يقول: لا حاجة لي بمتوحشة مثلها.. تراجعت وعد عدة خطوات الى الوراء اثر دفعته وصاحت به: ايها الوغد.. ما المتوحش الا انت.. اشار طارق لها بالصمت ومن ثم قال: ابتعدي انت عن المكان.. لا اريد ان تحدث اية مشاكل لك.. قالت وعد باستنكار: بل ان المشاكل قد حدثت بالفعل.. قال طارق وهو يعقد حاجبيه بصرامة: فقط ابتعدي انت عن المكان..وانا سأتصرف.. قال الشاب بسخرية: وماذا ستفعل؟.. قال طارق وهو يتطلع الى نقطة ما خلف الشاب: انظر خلفك لتدرك اني استطيع ان ازج بك بالسجن في لحظة.. قال الشاب بسخرية اكبر: لن يهتم أي من رجال الشرطة بامرك.. قالها ومن ثم اندفع نحو طارق وهو يكور قبضته.. وشهقت وعد بخوف وهي تتراجع بضع خطوات الى الخلف..وابتعد طارق عن قبضة الشاب التي كانت تشق الهواء املا في الوصول الى وجهه.. واسرع طارق يمسك بقبضة ذلك الشاب وهو يقول بصرامة: لا تزال صغيرا على تعلم مثل هذه الالعاب يا فتى.. قال الشاب بغضب: دعني يا هذا.. لوى طارق ذراعه خلف ظهره ومن ثم دفعه بقوة وقال: ابتعد واياك ان ارى وجهك مرة اخرى.. او اقسم على ان يصيبك مالا يرضيك.. اصطدم الشاب بسيارة وعد بقوة اثر دفعة طارق .. مما جعل براكين الغضب تتأجج بداخله .. وهو يفكر بالثأر لنفسه ولكرامته وهزيمته امام طارق هذا..واسرع باخراج شيئا من جيبه والتفت لطارق وقال بسخرية: دعنا نرى الآن .. كيف ستدافع عن نفسك.. اتسعت عينا وعد وقالت بصوت مرتجف: خنجر!!.. شد الشاب قبضته على الخنجر ومن ثم صرخ وهو يندفع نحو طارق : سيكون موتك على يدي.. عقد طارق حاجبيه واسرع يبتعد بضع خطوات الى الخلف ليتفادى نصل الخنجر.. وشعر طارق بالخنجر يشق الهواء الى صدره .. وسمع صرخة وعد وهي تهتف به بخوف وتحذير: طارق..انتبه!!... لم يجد طارق امامه حلا سوى ان يحمي صدره بذراعه.. وأخفت وعد وجهها بكفيها وغير قادرة على متابعة ما يحصل.. وسمعت بغتة صوت تأوه يصدر من شفتي طارق .. ففتحت عيناها .. وما ان فعلت حتى صرخت بخوف: طارق... والتفتت الى الشاب لتقول بصوت منفعل ومرتجف وهي تتقدم منه: ايها الوغد الحقير.. ستندم على ما فعلته.. سأرد لك الصاع صاعين على ما فعلته.. ايها الجبان الوغد.. كانت ذراع طارق تنزف بشدة اثر نصل الخنجر الذي مزق كم قميص طارق ليمزق جلد ذراعه.. مخلفا جرحا عميقا.. لا تتوقف الدماء فيه عن النزيف.. قال طارق في تلك اللحظة وهو يشير لها بكفه السليمة: لا تقتربي اخشى ان يؤذيك هذا الحقير.. أي انسان هو هذا.. هو بحالة لا يعلم بها سوى الله مما اصابه.. وكل هذا لاني اقحمته في مشكلتي مع هذاالحقير.. ومع هذا يفكر بي وان لا يصيبني أي مكروه.. على الرغم من اني انا سبب اصابته تلك.. وهمت وعد بقول شيء ما لولا ان ارتفع صوت صارم بالمكان وصاحبه يقول: ما الذي يحدث هنا؟.. تطلعت وعد الى رجل الشرطة الذي كان يقف خلفهم و طالعه ذلك الشاب بدهشة ممزوجة بالتوتر وهو يحاول اخفاء الخنجر الذي يمسك به بكفه.. اما طارق فقد تطلع بصمت الى ما يحدث ..وبغتة صاحت وعدفي رجل الشرطة هاتفة وهي تحاول ان تخفي الارتجاف من رنة صوتها : بل ماذا تفعلون انتم هنا؟..كل هذا الذي حدث امامكم ولا تحاولون التدخل حتى.. عقد رجل الشرطة حاجبيه وقال: وما الذي حدث؟.. احتدت وعد وقالت بغضب وغصة تملأ حلقها: الا ترى ما يحدث امامك؟.. ان ذراع زميلي مصابة.. وكل هذا بسبب هذا الوغد الذي هاجمه بهذا الخنجر.. قالتها وهي تشير الى الشاب بانفعال.. فالتفت الشرطي الى هذا الاخير وقال: اعطني الخنجر.. قال الشاب وهو يهز كتفيه متصنعا اللامبالاة: لقد كنت ادافع عن نفسي به.. اتسعت عينا وعد للحظة من كذبته المتقنه هذه وكادت ان تعترض لولا ان قال الشرطي بصرامة اكبر: قلت اعطني الخنجر .. وسنتفاهم بمركز لشرطة.. مط الشاب شفتيه بقهر وهو يسلمه الخنجر فقال الشرطي بحزم: بطاقاتكم الشخصية لو سمحتم... سلمته وعد بطاقتها وسلمه ذلك الشاب ايضا.. واسرعت الاولى تلتفت لتتطلع الى طارق الذي كان يمسك بذراعه بقوة محاولا ايقاف النزيف.. وترك ذراعه للحظة ليخرج البطاقة من جيب سترته بذراعه السليمة والتقطها بانامله الملطخة بالدماء ..وكاد ان يتوجه الى حيث الشرطي ليسلمه البطاقة لولا ان رأى كف وعد تلتقطها من كفه وهي تقول بحنان امتزج بخوفها عليه: سآخذها انا اليه.. اهتم انت بذراعك.. تطلع لها طارق ومن ثم قال وهو يحدث نفسه بسخرية : ( هذا ما كان ينقصني يا وعد.. ان اصبح موضع شفقة لديك!!) في حين انتهى الشرطي من تسجيل بياناتهم فقال بحزم: اتبعوني الى مركز الشرطة بسياراتكم.. قالت وعد باستنكار: ولكن ذراع زميلي تنزف وهو بحاجة الى اسعاف عاجل.. - يمكنه الحصول على هذا الاسعاف بعد ان يدلي باقواله.. قالت وعد بعصبية: ولكن هذا قد يزيد حالته سوءا و... قاطعها طارق قائلا: لا داعي لكل هذا.. سأذهب الى المركز حيث يريد.. ومن ثم اذهب الى المشفى.. قالت وعد باعتراض وهي تتطلع اليه بقلق: ولكن يا طارق ان ذراعك لا تتوقف عن النزيف.. قال وهو يدير لها ظهره ليتوجه الى سيارته: لا بأس.. لقد خف الألم قليلا الآن.. اسرعت خلفه وقالت: انتظر لن تستطيع قيادة السيارة بذراع مصابة.. سأقودها بدلا منك.. قال في هدوء: ذراعي الاخرى على ما يرام واستطيع ان اقود السيارة بها.. اسرعت تقول: ولكني اخشى ان لا تستطيع الاكمال بذراع واحدة.. دعني اقود السيارة عوضا عنك.. لن يحدث شيء.. شعر طارق بالالم من شفقتها له..اتشفق عليه ام ماذا؟..هل اصبحت هي من تساعده بدلا من ان يساعدها هو؟..هل انقلبت الادوار هكذا فجأة.. والتفت عنها وهو يتجه نحو سيارته فلحقته وامسكت بذراعه السليمة لتوقفه هاتفة برجاء: على الاقل اصطحبني معك... حتى استطيع القيادة عوضا عنك ان تطلب الامر .. صمت طارق للحظة قبل ان يقول: لا بأس.. اصعدي.. ارتسمت ابتسامة شاحبة وقلقة على شفتيها وهي تصعد في المقعد المجاور له ..كانت ذراعه اليمنى هي المصابة مما كان يتيح لها رؤية ذلك النزيف الذي اخذ يتدفق من ذراعه.. اما اليسرى فقد كان يستخدمها لقيادة السيارة..وشعرت بالقلق والخوف تجاهه.. ووجدت نفسها تقول بتوتر: ذراعك تنزف بشدة.. لم يجبها.. فقالت وهي تزدرد لعابها للتغلب على خوفها وارتجافة جسدها : هل لديك منديل؟.. قال وهو يومئ برأسه: اجل.. لم تريدينه؟.. - اعطني اياه فقط.. اخرج المنديل من جيبه ومنحها اياه بذراعه المصابة ببطء.. وكاد ان يعيد ذراعه الى موضعها السابق..لولا ان اسرعت وعد تمسك بكفه .. وشعر بالدهشة من حركتها هذه.. والتفت لها للحظة ونظرات الغرابة مرتسمة في عينه.. فقالت هي وهي تحاول ان تخفي الخوف البادي على وجهها: سأحاول ايقاف نزيف ذراعك.. قال متسائلا: وهل تعرفين شيئا عن الاسعاف الاولي في هذه الحالة؟.. - اشياء بسيطة.. ولكن اظن انها ستساعدني في ايقاف نزيف ذراعك ولو لفترة مؤقتة.. قالتها ومن ثم شرعت في رفع كم القميص عن ذراعه.. ورأت الجرح الغائر بذراعه.. احست بالاشمئزاز لوهلة من منظر الجرح والدماء ولكنها قررت المواصلة بالنهاية.. وقالت متسائلة مرة اخرى: هل لديك زجاجة مياه معدنية؟.. قال وهو يواصل قيادة السيارة: ستجدينها في الدرج الذي امامك.. التفتت عنه لتفتح الدرج وتخرج زجاجة المياه المعدنية وواصل طارق قائلا ربما ليبدد جو التوتر الذي سيطر عليهما: استخدمها احيانا لتبريد محرك السيارة.. قالت وهي تلتقط انفاسها وتحاول فتح غطاء الزجاجة : جيد انك تحتفظ بواحدة في سيارتك.. لو كنا بسيارتي لما وجدت الممياه لتنظيف الجرح.. قال متسائلا بحيرة: الا تحتفظين بزجاجة مياه بسيارتك؟.. قالت وهي تهز رأسها نفيا وتغمس المنديل بالمياه : لا .. ولكني سأفعل لتجنب مثل هذه المواقف.. قال بابتسامة: أي مواقف تعنين؟.. اصابة ذراعي ام توقف السيارة بالطريق؟.. اجبرتها ابتسامته على ان تبتسم على الرغم من الاضطراب الذي يسيطر على جسدها باكمله وقالت: الاثنين على ما اظن.. اتسعت ابتسامته واختلس النظر اليها ليجدها تنظف الجرح بواسطة الماء .. احس بلمسات كفها الرقيقة.. وشعر باهتمامها وحنانها بالوقت ذاته.. ترى لماذا تهتم لأمره؟.. هل هو اهتمام.. اعجاب.. ميل.. ام ماذا؟..هل تبادلني مشاعري ام انني سأظل احلم طويلا ان احيا بسعادة مع الفتاة التي اختارها قلبي؟.. اخبريني يا وعد لم تهتمين لامري؟ ..لم؟؟.. كانت وعد في تلك اللحظات قد انتهت من احكام ربط المنديل حول ذراعه حتى يتوقف النزيف.. ورفعت رأسها اليه لتفول بابتسامة شاحبة بعض الشيء: ها انذا قد انتهيت.. ما رأيك؟.. تطلع الى ذراعه للحظة قبل ان يتطلع لها ويقول بحنان: اشكرك على الاهتمام لامري.. قالت وهي تتنهد: لا داعي فأنا كنت سبب اصابتك تلك.. قال بهدوء: هل تتوقعين ان اقف مكتوف اليدين وانا اراك بمشكلة ما؟.. قالت وهي تهز رأسها نفيا: لا..لا اظن.. والتفتت لتطلع من خلال النافذة بشرود.. وشعر هو بضربات قلبه تزداد.. وهو يراها مهتمة لامره الى هذه الدرجة.. وقال بهمس وهو يمسك بكفها بحنان: وعد... شعرت بالرجفة تسري في اطرافها من لمسة يده.. وشعرت بحرارة جسدها ترتفع وبانفاسها تضطرب كلما شعرت بالحنان والاهتمام لها في رنة صوته.. وقالت بتوتر وارتباك: ماذا؟.. كان من الممكن ان يعترف لها بحبه في تلك اللحظة... ان يصرخ فيها هاتفا (احبك يا ايتها العنيدة.. احبك بكل ذرة في كياني.. لم اعد استطيع التحمل.. اريدك ان تعلمي.. ان تفهمي حبي هذا.. وتبادليه بآخر.. احبك يا من كنت لي حلما يوما.. احبك).. لولا... كثيرا ما تكون هذه الكلمة فاصلا بين ما نريد وما لا نريد.. كثيرا ما توقف وقوع الحدث.. وقد فعلت..فقد كاد طارق ان يصرّح بحبه لوعد.. لولا ان اشار له الشرطي بالتوقف عند احد المباني..مما جعل الاحباط يتسلل اليه ويفقد الامل على ان تعرف بحبه هذا يوما.. فلحظة ان قرر الاعتراف بحبه.. لم يجد الفرصة.. وعندما وجدها تلاشت في الهواء مع اوامر ذلك الشرطي.. وعادت وعد لتكرر السؤال بتوتر: ماذا هناك يا طارق؟.. قال وهو يترك كفها بهدوء : لقد وصلنا.. تطلعت اليه وعد بدهشة ومن ثم لم تلبث ان التفتت الى المبنى الذي توقف عنده طارق.. فزفرت بحدة وقالت: اجل.. لقد وصلنا.. هبطت برفقته من السيارة وهما يتوجهان الى داخل المركز.. وعينا طارق تتابعان وعد اينما تذهب.. وذهنه لا يكف عن التفكير بها ولو للحظة... ******** |
#98
| ||
| ||
*الجزء السادس والعشرين* (هل ستعلم؟) قال ضابط الشرطة بحزم وهو يتحدث الى طارق: اخبرني يا سيد .. ما الذي حدث؟.. ولماذا حاول هذا الشاب اذيتك؟.. قال طارق بهدوء: انا صحفي من جريدة الشرق قد جئت مع زميلتي لتصوير حدث احتراق المبنى.. ولكن هذا الشاب الوقح تعرض لزميلتي من قبل وتعرض لها اليوم ايضا.. وقد حاول مهاجمتي بالضرب ولكنه لم يستطع .. لهذا لم يجد امامه سوى ان يهاجمني بسلاحه وانا اعزل وهو يظن اني لن استطيع الدفاع عن نفسي في هذه الحالة.. سأله الضابط قائلا: ولم حاول ان مهاجمتك بالضرب منذ البداية؟.. اسرع ذلك الشاب يقول: لانه قد قام بمهاجمتي بالضرب اولا.. اتسعت عينا وعد وقالت بحدة: يالك من كاذب.. التفت الضابط الى الشاب وقال: اصمت انت.. اذا سألتك أجب .. اتفهم.. والتفت الى طارق ليكرر سؤاله قائلا: اخبرني لم حاول مهاجمتك بالضرب في البداية؟.. قال طارق وهو يزفر بحدة: لاني حاولت الدفاع عن زميلتي.. عقد الضابط حاجبيه وقال: ولم تدافع عنها؟.. مالذي حاول هذا الشاب فعله؟.. اسرعت وعد تقول: هل تسمح لي بالاجابة انا يا سيدي؟.. التفت لها الضابط وقال: تحدثي.. قالت وعد وهي تزدرد لعابها: لقد تعرض هذا الشاب لي قبل فترة ولكني اوقفته عند حده.. وقد كان زميلي في المرة السابقة معي ايضا.. وقد تصدى له ايضا.. ولما كنت هذه المرة وحدي وقد كان زميلي بعيدا عني.. قرر ان يثأر لنفسه.. وان ينتقم مني .. فتعرض لي وتجرأ على تهديدي والامسك بذراعي.. مما دفعني لصفعه على وقاحته هذه ..ورأى زميلي هذا وقرر الدفاع عني.. ولكن هذا الوقح قرر مهاجمته وضربه ..وعندما رأى ان زميلي خصما قويا له.. قرر استعمال الخنجر ومهاجمة زميلي به.. مما ادى الى اصابة ذراعه كما ترى يا سيدي .. صمت الضابط مفكرا ومن ثم قال وهو يلتفت الى الشاب: والآن اخبرني انت.. لم حاولت التعرض للفتاة في الحالتين؟.. ولم حاولت مهاجمة هذا الصحفي بالضرب واصبت ذراعه بجرح عميق بخنجرك؟.. قال الشاب مصطنعا اللامبالاة: كل ما قيل كان كذبا وافتراءا علي.. لقد حاول هذا الصحفي اذيتي فدافعت عن نفسي بواسطة سلاحي.. قال الضابط بصرامة: تدافع عن نفسك بواسطة سلاحك وهو اعزل!.. قال الشاب وهو يهز كتفيه: ما باليد حيلة فقد كانت بنيته الجسدية تتيح له التفوق علي .. قال الضابط بنفاذ صبر: ولم حاول اذيتك من الاساس كما تقول؟.. قال الشاب بمكر: لاني تحدثت الى زميلته قليلا ويبدوا انه يغار عليها الى درجة الجنون مما دفعه الى ضربي بغتة.. قال طارق بقسوة: تبا لك.. من اين تجلب كل اكاذيبك تلك؟.. والتفت الى الشرطي ليقول: سيدي تستطيع التحقق من الامر من زميلتي او من أي شخص رأى ما حصل بالطريق.. هذا الشاب قد حاول التعرض لزميلتي من قبل وصمت عنه.. لكن في هذه المرة تعدى على حدوده وامسك بذراعها امامي .. لهذا اوقفته عند حده بكلماتي.. ولكنه ثار وحاول التهجم علي بالضرب ولما تصديت له استخدم سلاحه.. وذراعي خير دليل لصدق ما اقول.. قال الضابط وهو يلتفت للشاب: هه.. ما رأيك؟.. قال الشاب وهو يلوح بيده: انه يكذب.. قالت وعد بغضب: بل انت من يختلق الاكاذيب طوال الوقت.. قال طارق متحدثا الى الضابط بنفاذ صبر: والآن ماذا يا سيدي؟.. قال الضابط وهو يزفر بحدة: لست اعلم من منكم الذي يقول الحقيقة.. ولكن في الوقت الراهن .. ستوقعان كلاكما تعهدا على عدم التعرض للآخر.. واذا عثرنا على الدليل الذي يدين أي منكما .. فسنرسل في طلبكما لنكمل الاجراءات القانونية.. ظهرت نظرة ماكرة في عيني ذلك الشاب .. وتمتمت وعد قائلة بحنق: يا له من ماكر خبيث.. ربت طارق على كتفها بهدوء ومن ثم قال: اذهبي لتجلسي وترتاحي قليلا ريثما ننهي هذه الاجراءات.. التفتت له وقالت بابتسامة شاحبة: سأظل معك.. قال طارق بابتسامة حانية : لن اتأخر.. اعدك بهذا.. وتحدث طارق الى الضابط قليلا ليسمح لوعد بانتظاره في الخارج... فسمح له الضابط بذلك بعد ان وقعت على اقوالها.. وتنهدت بحرارة وهي تلقي على طارق نظرة اخيرة قبل ان تغادر مكتب الضابط لتجلس على احد المقاعد بالخارج.. شعرت بالتعب.. بالضعف.. بأنها فتاة قبل كل شيء.. وتحتاج لمن يقف الى جوارها.. الى رجل تستمد منه الامان والقوة.. الى رجل تعتمد عليه .. يدافع عنها ولا يسمح لشخص بأن يلمس شعرة من رأسها.. شعرت بأنها اخطأت عندما اصرت منذ البداية على الذهاب وحدها .. وكان يجب عليها ان تقبل بعرض طارق.. ولكن ما حدث اليوم كان مجرد مصادفة.. فقد كاد يومها ان ينتهي بسلام لولا ما حدث.. لقد اقحمت طارق في مشاكل لا علاقة له بها.. ادخلته الى مركز الشرطة وربما يدخله لاول مرة بسببها..ماذا تفعل الآن؟.. هل هذا هو جزاء الاحسان.. لقد ساعدها مرارا ووقف الى جانبها.. شجعها.. ونصحها.. دافع عنها.. فهل جزاءه في النهاية اصابة في ذراعه.. واقرار يوقع عليه بعدم التعرض لذاك الشاب الحقير؟.. ولكن.. هناك اشياء لم تفكر فيها.. طارق.. كيف وصل اليها؟.. وكيف عرف العنوان؟.. هل تبعها؟.. لا لو كان كذلك لرأته منذ البداية.. ربما حصل على العنوان من رئيس التحرير بشكل ما وانطلق الى حيث هي.. لكن .. لماذا؟.. لماذا جاء؟.. هل كان يشعر بأنها في خطر؟ .. لا غير معقول.. اذا لماذا؟.. ( وعد.. هيا سنغادر) رفعت رأسها اليه لترى علامات التعب واضحة على ملامحه.. فقالت معتذرة: آسفة لكل ما عرضتك له من مشاكل بسببي.. وضع سبابته على شفته وقال: لا اريد سماع هذا الكلام.. انت زميلة عزيزة.. والدفاع عنك واجب علي.. تطلعت الى ذراعه وقالت بقلق وقالت: كيف حال ذراعك الآن؟.. قال بابتسامة: بخير.. بفضل اسعافاتك.. بادلته الابتسامة.. فقال هو: هيا لنغادر الآن.. قالها وهو ينتظرها ان تتحرك.. فسارت الى جواره وهما يغادران مركز الشرطة.. وما ان استقر بهما المقام في السيارة .. حتى قال طارق وهو يدير المحرك: سوف ننطلق الى الصحيفة.. لتسلمي تقريرك الى رئيس التحرير.. قالت باستنكار: ماذا تقول؟.. سنذهب الى المشفى اولا لنسعف ذراعك.. - دعك من ذراعي.. ستكون بخير.. - لا.. ثم ان تقريري قد وضعته بسيارتي عند ذلك المبنى..فالنذهب اولا الى المشفى لتعالج ذراعك ومن ثم يمكننا الذهاب الى الصحيفة.. قال طارق بتفكير: ولكننا قد تأخرنا كثيرا واخشى ان لا يقبل بتقريرك بعد ذلك.. هزت رأسها وقالت: لا يهم.. ما يهمني هي ذراعك الآن.. صمت طارق للحظات ومن ثم قال: ما رأيك ان انزلك بجوار سيارتك واكمل انا طريقي الى المشفى؟.. قالت وعد في سرعة: لا.. انت بالكاد تقود بذراع واحدة ..وتحتاج لمن يقود عوضا عنك ان احتجت لذلك..ثم ان الطريق الى المبنى يبعد مسافة طويلة نوعا ما عن هنا.. قال طارق بابتسامة: حسنا فهمت يا ايتها الزميلة العنيدة.. عقدت وعد ذراعيها امام صدرها ومن ثم قالت: جيد يا ايها الجليد المتحرك.. اتسعت ابتسماته وقال: لم اعد جليدا بعد اليوم.. لقد بات يتلاشى شيئا فشيئا.. التفتت له وقالت مبتسمة: ولم؟.. قال وهو يختلس النظرات اليها: الم اخبرك بأن صحفية عنيدة قد دخلت حياتي فجأة لتقلبها رأسا على عقب؟.. الجم الارتباك لسانها لبضع لحظات .. ومن ثم قالت مغيرة دفة الحديث: لم تخبرني.. كيف وصلت الى حيث كنت انا؟.. ادرك محاولتها في تغيير الموضوع.. وقال مجيبا: الم تتصلي بي؟.. قالت بدهشة : انا فعلت؟..لا ابدا لم.... بترت عبارتها.. وعقدت حاجبيها وهي تتذكر.. ومن ثم قالت بغتة: اجل.. لقد اتصلت لاخبرك ان كل شيء سار على ما يرام.. ولكني انهيت المحادثة في سرعة قبل ان تجيب على الهاتف.. قال طارق بهدوء:وانا شعرت بالقلق من هذه المكالمة وراودني شعور بأنك تحتاجين الي مما دفعني الى طلب العنوان من رئيس التحرير لآتي اليك.. - ومنحك العنوان بهذه البساطة؟.. قال طارق بابتسامة: مطلقا احتاج الامر الى حَبّك الموضوع واعداد قصة متقنة وبالكاد انطلت عليه.. قالت وعد بابتسامة: اعرفه.. داهية.. لا ينطلي عليه شيء ابدا.. ضحك طارق وقال: معك حق في هذا. . وتوقف طارق الى جوار المشفى في تلك اللحظة ليقول: هاقد وصلنا الى المشفى.. خذي سيارتي وعودي بها و.... قاطعته في سرعة: لن اتحرك من مكاني قبل ان اطمأن عليك.. قال طارق وهو يهز رأسه: عنيدة.. قالت وهي تلتفت له: مغرور.. شعر بالدهشة والتفت لها قائلا: انا ؟.. اومأت برأسها بمرح وقالت: اجل انت.. رفع حاجبيه وقال بسخرية: يبدوا وانك ستجبريني على توصيلك الى الصحيفة الآن..لتعلمي من هو المغرور فعلا.. اسرعت تقول بتوتر: لا ..لا اريد العودة.. انت لست مغرورا ابدا.. قال مبتسما: جيد.. جيد..هكذا هي الفتاة المطيعة.. تطلعت اليه بحنق.. ولكن ابتسامته لا تلبث ان تجبرها على الابتسام ..فقالت مكابرة: لا تصدق كل ما يقال لك.. ضحك طارق مرة اخرى.. وهبط برفقتها .. ووعد تحمل بقلبها القلق الكبير على ذراع طارق المصابة... ********** دعونا نترك طارق ووعد ونتوجه الى تلك الشركة الصغيرة التي غادر الموظفين فيها مكاتبهم اعلانا عن انتهاء موعد العمل.. وهم يشعرون بالراحة لانتهاء وقت العمل الشاق.. وبداية وقت الراحة الذي سيقضونه مع اسرهم.. او مع اصدقائهم.. وابتسمت تلك الموظفة بسعادة وهي تصافح احدى الموظفات وتقول: اراك بخير غدا..الى اللقاء.. غمزت الموظفة لها قائلة: سلمي لنا على المدير يا ليلى..لا تنسي.. قالت بارتباك مشوب بالخجل: لا تخشي شيئا لن انسى.. لوحت لها زميلتها بكفها قبل ان تغادر مبنى الشركة.. والتقطت ليلى نفسا عميقا قبل ان تغادر مبنى الشركة بدورها وهي تسير بخطوات هادئة بعض الشيء وشاردة .. والتقطت مفتاح سيارتها لتفتحها و... (الى اين؟..) انتفضت اثر الصوت الذي سمعته فجأة والتفت بحدة الى مصدر الصوت ومن ثم قالت وهي تزفر بقوة: ارعبتني يا عماد.. لا تفاجئني هكذا وانا شاردة الذهن..والا سأصاب بسكتة قلبية.. قال مبتسما: لا اظن.. قالت وهي تعقد ذراعيها امام صدرها: ولم لا تظن؟.. قال مبتسما وهو يشير لها: لان بقلبك يسكن شاب يدعى عماد.. لن يسمح لأي شيء بأن يصيبك.. قالت مازحة: سأرفع من ايجار المساكن بقلبي لعله يغادره.. مال نحوها وقال بهمس: لن يتحرك من مكانه شبرا واحدا.. ولو وصلت الايجارات الى الملايين.. قالت مبتسمة وهي تتطلع الى عينيه العميقتين: اعرفه.. يبذر امواله على كل شيء.. قال وهو يغمز بعينه: كل شيءيصبح رخيصا لاجل الحصول على مكان بقلبك.. ارتبكت ليلى وتوردت وجنتاها خجلا.. فاطرقت برأسها وهي تحاول السيطرة على خجلها هذا.. فقال عماد متسائلا بغتة: هل قمت بشراء فستان لحفل الخطبة؟.. هزت رأسها نفيا ومن ثم قالت: لا ليس بعد.. قال مبتسما: جيد.. قالت بحيرة: ولم جيد؟.. جذبها من معصمها لتسير معه.. فقالت هي بغرابة: عماد ما الامر؟.. توقف امام سيارته ومن ثم قال: تفضلي الى الداخل.. فسنذهب الى مكان ما.. - واين هذا المكان؟.. قال مبتسما: لا أسألة حتى نصل.. قالت بابتسامة ساخرة: وماذا تفيد الاسألة بعد ان نصل؟.. ضحك وقال: لست اعلم.. المهم انها مفاجأة.. دلفت الى المقعد المجاور له.. واحتل هو مقعد القيادة.. لينطلق بالسيارة..وقالت والفضول وصل منها مبلغه: اخبرني الي اين نحن ذاهبان؟.. قال بابتسامة ماكرة: اذا وصلنا سأخبرك.. قالت وهي تعقد ساعديها امام صدرها: شكرا لك ففي تلك الفترة لدي عينان لأتعرف المكان بنفسي.. قال مبتسما: اذا انتظري لتعرفي المكان بنفسك.. قالت بعد وهلة من الصمت: سنذهب الى احد المطاعم .. اليس كذلك؟.. قال وهو يبتسم: لا ليس كذلك.. قالت بتفكير: اذا الى احد المجمعات او الحدائق.. او الاسواق.. قال وهو يختلس النظر لها: ولا هذا ايضا.. قالت بفضول: عماد اخبرني.. مللت الانتظار.. والفضول يكاد يقتلني.. - رويدك لم يبقى شيء ونصل.. التفتت عنه وقالت: سأنتظر ولكن لخمس دقائق فحسب.. غمز بعينه وقال: تكفيني حتى ولو اضطررت للقفز على السيارات.. ابتسمت بهدوء.. فقال هو بعد فترة من الصمت: ها قد وصلنا.. ولكن المشكلة هي كيف بامكاني العثور على موقف لسيارتي.. والتفت لها ليقول بلهجة ذات مغزى: ام تفضلين ان اسرع بالوقوف بأحد المواقف قبل ان تسبقني اليها احدى السيارات.. ارتفع حاجباها بدهشة ..وهي لم تستوعب ما قاله بعد.. والتفتت لتتطلع الى حيث هم.. وما ان شاهدت المكان .. حتى ارتسمت الابتسامة على ثغرها وقالت مداعبة: افضل ان تسبقك الى الموقف احدى السيارت بكل تأكيد.. قال بمرح: اجل كالمرة السابقة الذي ظللت لربع ساعة ابحث عن موقف للسيارات بعد ان تنازلت عن موقف السيارة لك.. قالت بعناد: لم يكن يخصك .. بل يخصني انا.. قال مبتسما بسخرية: بلى اعلم ذلك.. ولهذا فقد جئت بعد ان عثرت انا على الموقف وكدت ان ادخل سيارتي به.. قالت مبتسمة: هل سنتشاجر الآن؟..اخبرني لم جئت بي الى هنا؟.. غمز بعينه وقال: المتجر الذي التقينا به لاول مرة.. ما رأيك به وبالفساتين التي يقوم ببيعها؟.. قالت وهي غير مدركة القصد من سؤاله: فساتينه رائعة جدا ولكن اغلبها غالي الثمن و.... بترت عبارتها والتفتت له بحدة لتقول: هل تعني اني سأشتري فستان الخطبة من هذا المتجر ؟... ومعك؟.. - اجل هذا ما اقصده.. قالت بارتباك: ولكن .. ولكني ارغب بالشراء لوحدي.. لاني ... قاطعها قائلا: وما رأيك ان قلت اني اود ان اختار الفستان معك؟.. توردت وجنتاها واطرقت برأسها فقال مبتسما: هيا اريد ان ارى ذوقك وما ستقومين باختياره.. ازدردت لعابها وقالت متهربة من الموضوع: لنأجل هذا الى يوم آخر.. فأنا اشعر بالتعب.. قال عماد بخبث: لم تحزري.. ادركت ان محاولاتها فاشلة لا محالة ففتحت باب السيارة لتغادرها وغادر عماد بدوره.. وقال وهما يتوجهان الى حيث المتجر: لا تفكري بالسعر اتسمعين.. ما يهمني هو ان تختاري ما ترينه الاجمل والافضل بالنسبة لك.. قالت وهي تمط شفتيها: ها قد بدأنا سنتشاجر من اولها.. ابتسم ابتسامة واسعة وقال: ولم الشجار؟.. قالت وهي تهز كتفيها: لاني من المستحيل ان اشتري فستانا حتى لو اعجبني اذا كان ثمنه مرتفع.. قال في سرعة: لا تفكري بالنقود.. لدي مبلغ مممتاز قد قمت بتجميعه سابقا.. قالت بنظرة تأنيب: لا تبعثر نقودك هنا وهناك.. فقد تحتاجها ذات يوم .. قال بحب: وهل لدي اغلى منك لأمنحها كنوز العالم كله؟.. توردت وجنتاها وقالت مسيطرة على خجلها: ولو ..هذا لا يمنحني الحق في تبذير اموالك التي جمعتها لسنين طوال.. دلفا الى المتجر في تلك اللحظة وقال بهمس بعض الشيء: كلماتك هذه وحدها تثبت لي انك لا تفكرين الا في مصلحتي.. فلا داعي لأن ترفضي طلبي..وتقبلي بشراء فستان لك الآن.. قالت بابتسامة: لقد وصلنا على اية حال ولا مجال للتراجع.. ابتسم بدوره وقال وهو يغمز بعينه له: هيا ارني ذوقك.. قالت وهي تعقد ذراعيها امام صدرها: اتظن الامر بهذه السهولة؟.. عليك الانتظار لاربع ساعات على الاقل حتى اجد الفستان الذي يناسبني.. والى ساعة أخرى لأرى قياسه.. هذا ان اعجبني شيء.. وان لم نخرج من هنا خاليا اليدين.. اتسعت ابتسامته وقال بمكر: لا تحاولي.. لن اتراجع.. وسأبقى معك ولو استدعى الامر ان نظل الى منتصف الليل.. هزت كتفيها وقالت بلامبالاة مصطنعة: هذا شأنك.. واردفت وهي تلتفت له: ولكن لا تتبعني في كل حركة .. فلن استطيع الاختيار بشكل جيد هكذا.. غمز بعينه وقال بابتسامة: لن افعل.. قالت وهي تطلع له بحنق: هذا يعني انك ستفعل العكس تماما .. اليس كذلك؟.. لوح بكفه وقال مصطنعا: ابدا.. ابدا.. سأقف هنا ولن اتحرك.. تطلعت له بنظرة سريعة ومن ثم قالت: سنرى.. وتوجهت لتختار احد الفساتين من المجموعات العديدة المعلقة المختلفة الالوان والاشكال.. شعرت بالحيرة وهي تطلع الى كل ما حولها.. كل تصميم يبدوا فريدا بنوعه.. اخذت تقارن بين الالوان والتصماميم المختلفة.. في حين ابتسم عماد بمكر وهو يهم بأن يتبعها...ولكن رأى باب المتجر يفتح في تلك اللحظة.. فالتفت بحركة عفوية لينظر الى القادم.. ثم التفت عنه ليكمل طريقه.. ولكن صوت القادم جعله يتجمد بمكانه دون ان يخطو خطوة واحدة.. سمع ذلك الرجل الذي يبدوا في الأربعينيات من عمره يقول وهو يقترب منه: كيف حالك يا عماد.. وكيف حال والدك؟.. قال عماد بتوتر على الرغم منه: بخير.. كيف حالك انت يا عماه؟.. اشار الرجل الى فتاة تقف بالقرب من المكان وقال : هذه ابنتي .. وهي من اصرت على القدوم الى هنا لشراء فستان من هنا.. اقتربت الفتاة من المكان وقالت: ابي.. لقد وجدت ف... بترت عبارتها عندما لاحظت وجود عماد .. واقتربت من المكان بهدوء.. وفي اللحظة ذاتها انتبهت ليلى ان عماد يقف في مكان ما من المتجر وهو يتحدث مع رجل وفتاة.. عقدت حاجبيها واتجهت نحوه.. وشعر عماد بخطواتها التي تقترب.. فالتفت لها وابتسم بقلق.. ووقفت هي الى جواره وهي تتطلع الى الرجل والفتاة.. فقال عماد وهو يزدرد لعابه ويتطلع الى ليلى: اعرفك يا عماه.. ليلى خطيبتي.. قال الرجل مبتسما: هل قمت بالخطبة دون ان تدعونا؟.. اسرع عماد يقول: لا ابدا.. حفل الخطبة الاسبوع القادم.. وستكون اول المدعوين يا عم..ولكننا قد عقدنا قراننا بالامس فحسب.. قال الرجل بابتسامة واسعة: مبارك يا عماد .. الف مبارك.. ابتسم عماد وقال: اشكرك يا عماه.. التفت الرجل للفتاة الواقفة الى جواره: هذا هو عماد الذي حدثتك عنه طويلا..ابن اعز اصدقائي.. قالت الفتاة بهدوء متسائلة: ابن صاحب شركة الزجاج؟.. قال وهو يومئ برأسه: بلى هو.. وهو يعمل بكل اخلاص وكأنه احد الموظفين وليس ابن صاحب الشركة وان الشركة هي ملك له و.... توقف الزمن لدى ليلى ولم تعد تسمع المزيد مما قيل او سيقال ..عقارب الساعة تجمدت بعد الذي سمعته.. وصدمتها بالحقيقة الجمت لسانها وجمدت نظراتها وهي غير قادرة على فعل شيء سوى التطلع اليه بصدمة وجمود وذهول.. وهي غير مصدقة تقريبا لما سمعت.. ومن جانب آخر كان عماد يتطلع لها باضطراب وهو في انتظار ردة فعلها مما سمعته..والقلق والتوتر قد بلغ منه مبلغه... ********** |
#99
| ||
| ||
* الجزء السابع والعشرون* (لماذا خدعتني؟) توقف الوقت في تلك اللحظة.. لم يعد للزمان او المكان أي اهمية..توقفت الصورة وتوقف المشهد بين عماد وليلى.. وكلاهما يتطلع الى الآخر ولكن بشعور مختلف..فالاول كان يشعر بالقلق والتوتر من ردة فعلها.. وينتظرها ان تنطق بكلمة ليعرف ماالذي تفكر فيه.. وصبره يكاد ينفذ من الانتظار.. ومن جهة اخرى.. كانت ليلى غير قادرة على التفوه بكلمة .. وهي تحاول استيعاب ما قيل..تحاول استيعاب ان عماد كان يكذب عليها طوال الوقت.. يخدعها.. وفي ماذا؟ .. في اهم شيء.. الا وهو هويته.. لماذا لم يخبرها الصدق؟ .. لماذا لم يقل بكل وضوح انه ابن صاحب الشركة؟.. هل ظن انها لا تستحق عائلة غنية مثله ام ماذ؟ا.. كيف لم تدرك هذا قبل الآن.؟. لقد فات الآوان وانعقد قرانهما.. ولكن لا.. لم يفت بعد.. ولن تصمت على فعلته هذه.. وعقدت حاجبيها بغتة وتطلعت الى عماد بنظرات جامدة خالية من اية مشاعر..وشعر عماد بقلقه يتضاعف من نظرتها هذه فقال بهمس: ليلى.. القت عليه نظرة لم تكن تحمل سوى معنى واحد..(لقد خيبت ظني بك).. ومضت في طريقها مغادرة المتجر دون ان تلقي عليه كلمة واحدة.. تطلع عماد اليها بذهول ونظرتها تقطعه من الداخل الف قطعة.. بالتأكيد قد فهمت الموضوع بشكل خاطئ..وقال للرجل باعتذار: عن اذنك.. قال له الرجل وهو يهز رأسه: اذنك معك.. اسرع عماد يغادر المتجر بدوره وهو يأمل ان يلحق بليلى وان لا تكون قدغادرت.. وشعر براحة نسبية وهو يراها واقفة تنتظر احدى سيارات الاجرة .. واشارت لاحداها بالتوقف في تلك اللحظة.. فأتجه نحوها واسرع يناديها: ليلى .. لم تلتفت له حتى وصدمتها تفوق الوصف بعد ان علمت انه يخدعها طوال الوقت ومنذ البداية.. بداية علاقتهما التي كانت يجب ان تقوم على اساس الصراحة و الصدق والثقة المتبادلة ..كان اساسها الزيف والكذب والخداع.. شعرت بغصة في حلقها وهي ترى سيارة الاجرة قد توقفت.. وسارت نحوها ولكنها شعرت بكف تمسك ذراعها.. والتفتت ببرود الى عماد وهي تتطلع اليه بصمت.. وقال عماد بجدية: ليلى اود ان اتحدث اليك.. قالت بحنق: اترك ذراعي..اريد ان اغادر.. قال عماد بحزم: لن تغادري قبل ان تفهمي الموضوع على شكله الصحيح.. ولماذا اخفيت عنك الحقيقة.. التفتت له ليلى وقالت بانفعال والدموع تترقرق في عينيها : افهم ماذا؟.. اجبني.. انك كنت تخدعني طوال الوقت.. انك كنت تمثل علي دور الموظف.. ان الاساس الذي كان يجب ان نبنيه في بداية حياتنا لم يكن سوى زيفا وكذبا وان... شعرت بغصة في حلقها فبترت عبارتها ومن ثم قالت وهي تطرق برأسها بمرارة: وانك قد اخفيت عني الحقيقة لاني لست في مستوى عائلتك..او ربما لانك خشيت ان اطمع بنقودك.. فاقبل الزواج بك لهذا السبب.. قال عماد في سرعة: ليلى انت تفهمين الامر بشكل خاطئ.. انت اكثر شخص يعلم اني لم ولن افكر باختلاف الطبقات في حياتي.. وحتى ولو كنت تعانين من شدة الفقر فلن اهتم وسأرتبط بك.. قالت بعصبية: حديث مجرد حديث.. لا اجد منك سوى الحديث.. اخفيت عني حقيقة كونك صاحب الشركة.. واستمريت في خداعي على الرغم من اني خطيبتك وفي حكم زوجتك الآن..لقد بنيت حياتنا علىكذبة .. وكل هذا لانك تخشى ان اكون طامعة باموالك.. قال عماد وهو يعقد حاجبيه: انا يا ليلى؟.. انا لم افعل لك شيئا سوى الحديث يوما؟.. الم اعدك بالزواج ؟..وقد وفيت بوعدي .. ولو كنت اخشى ان تكوني طامعة باموالي كما تقولين .. لما فكرت بالارتباط بك يوما ..ولكني كنت اعلم أي فتاة هي انت.. وربما منذ اول مرة رأيتك فيها.. قالت بانفعال ودموعها تجاهد لان تسيل على وجنتيها: اذا لم اخفيت عني الحقيقة؟ .. لم كذبت؟.. هل تريدني ان اصدقك بعد ان كذبت في اهم شيء وهو هويتك؟.. قال وهو يحاول ان يمتص غضبها: الطريق ليس مكانا للحوار..سنكمل حديثنا بالسيارة.. تعالي معي.. قالت وهي تشيح بوجهها: اذهب انت وحدك.. وسأغادر انا بسيارة اجرة.. قال وهو يحاول تمالك اعصابه: بل ستأتين معي.. - لا اريد.. قال عماد بغضب: لست امزح معك.. هل تريدين الركوب في سيارة اجرة لوحدك.. وانا موجود؟.. قالت بعناد: سأذهب سيرا على الاقدام لو تطلب الامر.. قال عماد بحدة: ليلى.. تعالي معي ولا تدعي صبري ينفذ.. التفتت له وقالت ودموعها قد انتصرت في النهاية لتسيل على وجنتيها: لقد خدعتني يا عماد ..هل تريد مني بعد ذلك ان اثق بك واستمر معك في علاقتنا؟.. شعر بالشفقة نحوها وهو يراها تبكي على هذا النحو.. لم يعلم ان كذبته هذه التي استخدمها يوما ليقرب العلاقة بينهما.. ستكون سببا في ابتعادهما عن بعضهما في النهاية!.. وقال بحنان: ليلى علاقتي بك اكبر من كل شيء.. انت لم تدعي لي الفرصة حتى لأشرح موقفي.. وسبب اخفائي للحقيقة.. - لا اريد ان اعلم.. قال بيأس: كما تشائين.. ولكن انا من سيوصلك الى المنزل.. لن تغادري في سيارة اجرة ابدا.. تطلع اليها وهو ينتظرها ان تتحرك.. سارت ولكن خطواتها كانت بطيئة.. ماحدث معها لم يكن بالشيء الهين.. من احبته ومنحته قلبها كان يخدعها لا اكثر ..حبها له جعلها تثق به ثقة عمياء.. وتصدق كل حرف نطق به.. وهي الغبية كيف لم تنتبه الى التشابه بين اسم والده واسم صاحب الشركة.. كيف ؟.. كيف؟.. دلفت الى السيارة وجلست على المقعد .. ودموعها تسيل بصمت على وجنتيها..واختلس عماد النظرات اليها وهو يقود السيارة وهو غير قادر على رؤيتها تتألم وهو صامت.. مهما يكن ومهما يحدث.. ليلى هي الفتاة التي يحب والتي يعشق.. انها خطيبته .. كيف يتركها تتألم لوحدها وهو لا يفعل شيئا سوى النظر اليها.. وقال بحنان: ليلى لا اريد ان ارى دموعك.. صدقيني لم اقصد ما فهمتيه باخفائي للحقيقة.. قالت بحدة: ما السبب اذا؟.. كنت تشعر بالعار مني واني لن اناسب مستوى عائلتك الغنية..و.. قاطعها قائلا: يكفي.. لا تفسري الامور كما تشائين.. الامر كله اني لم ارد ان... اغلقت اذنيها بكفيها وقالت: لا اريد سماع المزيد.. لا اريد.. لقد قتلتني مرة ولا اريد ان اموت مرة اخرى.. قال برجاء: اسمعيني فقط حتى انتهي من كلامي.. صرخت بانهيار: يكفي.. يكفي..لا اريد سماع شيء.. لا اريد.. كاذب.. كاذب.. كلماتها كانت كالسكاكين التي تنغرز بصدره وقلبه الواحدة تلو الاخرى.. لا تعلم ان كلماتها تجرحه الى اقصى حد.. كيف لا.. وهي تتهمه بشيء اراد منه ان يتقرب منها.. هل هذا هو جزاءه؟.. لم يفكر ان يكذب عليها يوما.. ولكنها تظن اليوم ان كل شيء قاله لها بات كذبا وربما حتى حبه لها.. لم يكن عماد مخطأ في حدسه.. فليلى في تلك اللحظة كانت بدأت تشعر بالشك من كل كلماته..(احبك يا ليلى)..(اعدك بانك ستكونين سعيدة معي)..(لم احب فتاة في حياتي سواك).. كل هذا كذب ..خداع.. لقد كذب مرة ومن السهل ان يكذب آلاف المرات غيرها.. انها لا تكره شيء في هذا العالم اكثر من الكذب والخداع.. واذا كان هذا هو بداية لحياتها مع عماد فهي لا تريد هذه الحياة..لا تريدها... اختلست نظرة صامته له.. لا تستطيع ان تنكر انها تحبه.. وان حبه بات نبض قلبها .. لا تستطيع ان تنكر انه الشاب الوحيد الذي رأت فيه كل صفات فارس احلامها.. و...ولكنه بالنهاية لم يكن سوى كاذب..مخادع.. استغل حبها لمصلحته ولم يهتم بمشاعرها التي تعلقت به.. وصلا في تلك اللحظة الى منزلها.. فتوقف عماد عنده وقال وهو يزفر بحدة: انت تظلميني يا ليلى.. قالت دون ان تلتفت له: وانت خدعتني يا عماد.. خدعتني في كل شيء.. قال في سرعة : اقسم يا ليلى.. اقسم بالله بأني لم اقل لك شيئا كاذبا طوال فترة علاقتي بك وان كل ما قلته لك هو الحقيقة.. ما عدا ما اخفتيه عنك بكوني ابن صاحب الشركة.. قالت ليلى وهي تفتح باب السيارة وتزدرد لعابها لاخفاء تلك الغصة التي ملأت حلقها: جيد انك اعترفت بان ما قلته يومها كان كذبا.. قال عماد بوجه شاحب: ليلى انت لا تفهمين.. قالت وهي تهم بمغادرة من السيارة: ولا اريد ان افهم.. امسك بكفها قبل ان تغادر.. وشعرت ليلى بالدهشة والارتباك من مسكة يده التي ترجف جسدها بالرغم منها ولكنها لم تلتفت له وظلت صامتة.. وقال عماد في تلك اللحظة بحب وحنان: انظري الي.. لم تشأ ذلك وقالت بشحوب: دعني اذهب ارجوك.. انا متعبة.. قال مكررا: انظري الي فقط.. وسأدعك تذهبين.. التفتت له وقالت وهي تزدرد لعابها: هاقد فعلت..والآن ماذا؟.. ضغط على كفها بحنان وهمس: احبك يا ليلى واقسم على هذا .. ومستعد لأن اكتبها بدمي... لو شككت لحظة واحدة في حبي لك.. رفعت عينيها اليه وهمت بأن تقول شيء ما.. ولكن عيناه اصمتتها تماما.. تلك العينين العميقتين التي تجذبها اليه .. في بحر حنانهما وصلابتهما.. وبعثرت نظراتها بعيدا لتخفي مشاعرها عن عماد واسرعت تجذب كفها وهي تقول: دعني اذهب الآن.. ترك كفها .. فاسرعت تغادر السيارة ودموعها تسيل على وجنتيها دون توقف..في حين تنهد هو بحرار وقال وهو يكور قبضة يده متحدثا الى نفسه : (والآن ماذا يا عماد؟.. ما الحل؟.. يبدوا ان ليلى قد فقدت ثقتها بك.. ما الذي ستفعله؟ .. ستترك حبكما يتلاشى كذرات الغبار بهذه السهولة.. ام ستفعل المستحيل لتعيد علاقتكما كما كانت..وتعيد ثقة ليلى بك..) واردف بصوت متهدج: ( لو استمعت الي فقط يا ليلى..لما غادرت وانت تتألمين .. ولما كان هذا حالي الآن.. لعلمت اني لم اخفي الحقيقة عنك.. الا لأتقرب منك وتعرفي بحبي.. دون ان يكون هناك ما يمنع ان تبادليني مشاعري..اخبريني يا ليلى أكل ذنبي اني قد ولدت لأكون ابن صاحب الشركة ..وولدتِ انتِ لتكوني موظفة لدي.. اهذا هو كل ذنبي.. ليتني لم اكن الا موظفا مثلك.. فربما لن تفكري بي على هذا النحو لحظتها) وغادر بسيارته المكان وانفاسه المتوترة تزداد .. وهو يفكر بأي حل ليعيد المياه الى مجاريها بينه وبين ليلى.. ومن بعيد.. تطلعت تلك الفتاة من نافذة غرفتها.. الى سيارة عماد التي غادرت المكان من امام منزلها.. وعادت الدموع لتسيل على وجنتيها وهي تمسك بستارة التافذة وتقول بصوت مختنق: وانا ايضاً احبك يا عماد ..لا تذهب وتتركني .. لا تتخلى عني ارجوك.. انا بحاجة اليك.. ولم تلبث ان سقطت على الارض لتبكي بانهيار وهي تقول: لماذا يا عماد؟.. لماذا خدعتني؟.. لماذا؟؟.. واختلطت دموعها بشهقاتها المكتومة.. التي لم يسمعها أحد.. سوى تلك الزهور الحمراء التي كانت تتحرك باستكانة مع ذلك النسيم الهادئ الذي تغلغل الى الغرفة.. وكأنها تشاركها حزنها وآلامها هذه.. *********** قال طارق بهدوء شديد وهو يجلس على مقعد الانتظار: لن تفيديني في شيء.. سأدخل الى داخل الغرفة ليتم خياطة الجرح ومن ثم اخرج.. ماذا ستفعلين انت؟.. وعلى ماذا تريدين الاطمئنان؟.. قالت وعد باصرار: لن اتركك.. انا من كان سببا في اصابتك هذه .. وعلي على الاقل ان اطمأن عليك.. قال طارق وهو يزفر بحدة: تطمأني على ماذا؟.. خياطة الجرح؟.. استمعي الي.. الصحيفة ستغلق ابوابها بعد نصف ساعة لا اكثر.. خذي سيارتي واذهبي بها لتجلبي تقريرك من سيارتك ومن ثم تنطلقين الى الصحيفة لتسلمي تقريرك.. وحتى يحين ذلك الوقت.. اكون انا قد عولجت.. وبانتظارك حتى تعودي الي واصطحبك بسيارتي الى حيث سيارتك.. ظهر التردد على وجهها فقال وهو يشد على يدها بتشجيع بيده السليمة: هيا يا وعد.. انها فرصتك الوحيدة لتكوني صحفية.. اليست هذه هي كلماتك؟.. قالت بتردد: ولكني قلقة عليك.. قال وهو يتنهد: لن تفيديني في شيء بانتظارك معي.. وثانيا سأكون بانتظارك هنا.. حتى تنتهي من تسليم تقريرك.. ومن ثم ينتهي وقت العمل بالصحيفة.. فتعودي الى هنا.. اتفقنا؟.. ازدردت لعابها ومن ثم قالت: هل ستكون بخير لوحدك؟.. ابتسم وقال: لست بطفل يا وعد.. يمكنك الذهاب ..وسأكون على ما يرام.. قالت وعد بكلمات متقطعة: اهتم بنفسك.. ونهضت من مكانها فقال هو مبتسما: بل اهتمي انت بنفسك.. اومأت برأسها وهمت بالتحرك من مكانها لولا ان ناداها قائلا: وعد.. التفتت اليه في لهفة وقالت: اجل.. ما الأمر؟.. ابتسم وقال وهو يرفع مفاتيح سيارته امام ناظريها: لقد نسيت أخذ مفاتيح السيارة.. ابتسمت ابتسامة باهتة ومن ثم قالت: يبدوا ان ذهني مشتت هذا اليوم.. قالتها ومن ثم التقطت من كفه المفاتيح قبل ان تتجه بخطوات بطيئة لتسير بممر المشفى وهي تختلس النظر اليه بين الفترة والاخرى.. وتفكر في العودة اليه.. لا تريد ان تتركه .. ولكن هذه هي فرصتها الوحيدة كما قال طارق لتكون صحفية.. وتنهدت بقوة وهي تغادر المشفى الى حيث مواقف السيارات.. وهناك انطلقت بسيارته الى ذلك المبنى على الفور لتأخذ تقريرها ومن ثم تنطلق بعدها الى الصحيفة.. ولكن ذهنها وتفكيرها ظلا مع طارق.. طارق الذي دافع عنها بكل شجاعة وشهامة.. طارق الذي لم يكترث بأي شيء قد يصيبه من اجلها.. طارق الذي تشعر باهتمامه نحوها احيانا وتتمنى ان يكون ما هو اكثر من ذلك.. طارق الذي وثق بها وفتح لها قلبه ليخبرها بالحكاية التي جعلته بارد المشاعر وصلب الاحاسيس.. سؤال واحد اخذ يشغل تفكيرها.. لماذا يهتم لأمرها وترى في عينيه الحنان احيانا.. هل يبادلها المشاعر؟..لا.. بكل تأكيد لا..مايا هي حب حياته ويبدوا بأنها قد احتلت قلبه بالكامل حتى انه لم يعد يرى سواها في هذا العالم.. على الرغم من انها قد غادرته..انا لست الا زميلة عزيزة استطاعت اخراجه من محنته واعادته الى جزء من طبيعته السابقة.. الم يقل ذلك بنفسه؟.. وانتبهت في تلك اللحظة الى وصولها بجوار سيارتها.. وهبطت من سيارته لتتجه الى سيارتها وتفتح الباب الامامي لتأخذ من داخل السيارة كل الاوراق اللازمة لتقريرها وكاميرتها الخاصة.. قبل ان تعود الى سيارته وتنطلق بها الى الصحيفة ..وحاولت بقدر الامكان ان تصل قبل فترة تسمح لها بتسليم تقريرها ..على الاقل قبل ربع ساعة من اغلاق الصحيفة لابوابها.. وضغطت على دواسة الوقود لتزيد من سرعة السيارة.. وما ان وصلت الى المواقف حتى اسرعت بايقاف السيارة.. والخروج منها.. لتدلف الى المبنى وتصعد بالمصعد الى الطابق الثالث..والتقطت نفسا عميقا وهي ترى نفسها اخيرا امام باب مكتب رئيس التحرير.. وطرقت الباب بطرقات متتابعة.. وما ان سمعت صوته يدعوها للدخول.. حتى دلفت الى الداخل وهمت بقول شيء ما .. لولا ان اسرع رئيس التحرير يقول ساخرا: لا يزال الوقت مبكرا يا آنسة..لماذا جئت؟.. لم يبقى على انتهاء وقت العمل سوى عشر دقائق.. قالت وعد وهي تطلع الى ساعة يدها: بل اثنا عشر دقيقة يا استاذ نادر.. صاح فيها قائلا: لا تستخِفي بدمك أتفهمين.. نحن هنا بالصحيفة علينا ان نسابق الزمن.. وانت ماذا فعلت ؟.. ارسلتك بمهمة قبل اربع ساعات لمجرد اعداد تقرير وصور.. لتختفي ولا اراك الا قبل عشر دقائق من انتهاء وقت العمل.. قالت وعد وهي تزفر بحدة: لم يكن ذلك بيدي يا استاذ نادر .. لقد تأخرنا بسبب عدد من المشاكل التي واجهتنا.. ولو علمت بما اصابنا لما قمت بلومي على تأخري.. قال رئيس التحرير بحدة: لا يهمني ما قد يحدث.. ما يهمني هو ان تقومي بعملك في وقته المحدد.. لقد اتفقت معك ان تسلميني التقرير هذا اليوم والا ... قاطعته قائلة وهي تضع الاوراق على الطاولة: لا داعي للتهديد.. ها هو التقرير امامك وبالنسبة للصور فستكون جاهزة بعد قليل فحسب.. تطلع الى التقرير الذي امامه بغرابة وكأنه كان يظن بأنها لن تستطيع ان تعده وتنتهي منه اليوم وخصوصا بعد ان تأخرت كل هذا الوقت ومن ثم قال: حسنا لا بأس و بما انك سلمت التقرير اليوم فسأتقاضى عن الأمر..وقرار تعيينك في الوظيفة بشكل مستمر سيصدر بعد مراجعة التقرير بنفسي ومعرفة ان كنت اهلا لتكوني في هذا المكان او لا.. قالت وهي تمط شفتيها: والآن يا استاذ نادر.. هل استطيع الانصراف؟.. اومأ برأسه بهدوء .. والتفتت عنه.. فأسرع يهتف بها قائلا: لحظة واحدة.. التفتت له فقال وهو يعقد حاجبيه: ما الذي دعا الى تأخركما انت والاستاذ طارق؟.. هل قام بمساعدتك في اعداد التقرير؟.. لقد وعدني بأن لا يفعل وانا اعرف من يكون هذا الاخير جيدا.. وبما انه قد وعد فهو لا يخلف ابدا.. ربما انت من الح عليه و... قاطعته في سرعة واستنكار: لا داعي للقلق.. لم يساعدني بحرف واحد.. ثم انه لم يكن لديه الوقت الكافي لمساعدتي.. قال متسائلا: لم ؟..ما الذي حدث؟.. قالت ببرود: بما انك تثق به اسأله بنفسك.. فأخشى ان تعتبر ما سأقوله كذبا.. عقد حاجبيه بقوة وقال بصرامة: عودي الى مكتبك في الحال.. هزت كتفيها وقالت: ومن قال اني لن افعل.. وخرجت من مكتبه لتهبط بالمصعد الى الطابق الثاني ومن ثم تتوجه الى القسم الذي تعمل به..وهناك قابلها أحمد وقال بدهشة: آنسة وعد.. متى عدت؟.. قالت وهي تزفر بحدة: الآن فحسب.. تسائل قائلا: وما الذي حدث لك؟.. لقد اتصلت على طارق فجأة واتجه بعدها فورا مغادرا الصحيفة.. قالت وهي تتنهد: انها حكاية طويلة.. سأخبرك بها.. ولكن هل تصنع لي معروفا ؟.. قال مبتسما: بكل تأكيد.. سلمته كاميرتها ومن ثم قالت: اريدك ان تقوم بطباعة الصور الموجودة في ذاكرة هذه (الكاميرا).. قال مبتسما: هذا فقط.. لقد ظننت ان الامر فيه توسل للمدير او شيء من هذا القبيل.. ابتسمت بهدوء.. في حين قام هو بتشغيل آلة التصوير..ومن ثم وصلها بجهاز الحاسوب..وقال وهو مندمج بعمله: والآن.. اخبريني ما الذي حدث لك انت ؟..واين طارق؟.. اخذت تشرح له الامر بهدوء.. ةتباطئت سرعة عمله على جهاز الحاسوب وهو يستمع اليها وعيناه تتوسعان تدريجيا.. وقالت منهية الحديث: ولقد جئت الى هنا لاسلم التقرير ومن ثم انطلق الى المشفى مرة اخرى حيث سيكون طارق.. قال احمد بغير تصديق: كل هذا قد حدث دون حتى ان يخبرني احدكما.. ورجال الشرطة كيف لم ينتبهوا لكل ما حدث؟.. قالت وهي تتنهد: لقد كانوا جميعا مشغولون بالمبنى والاصابات .. وسيارتي كانت تبعد قليلا عنهم.. قال احمد وهو يعقد حاجبيه: وذلك الوغد.. كيف استطاع ان يختلق كل تلك الاكاذيب ليبرأ نفسه؟.. - انسان وقح مثله كان علينا ان نتوقع كل شيء منه.. غمز بعينه وقال: بصراحة..لقد كان يستحق ما فعلتهِ به.. فهمت انه يعني تلك الصفعة التي وجهتها لذلك الشاب الوقح عندما تجرأ وامسك ذراعها..ابتسمت لوهلة ومن ثم لم تلبث ان قالت في سرعة: حسنا يا استاذ احمد.. معذرة إن كنت سأأخرك عن اعمالك لتقوم بطباعة صور التقرير..ولكني مضطرة لأذهب الى الاستاذ طارق بالمشفى... حتى... قاطعها قائلا: يبدوا انه لم يعد هناك حاجة لذهابك.. قالت بغرابة: ماذا تعني؟.. ابتسم وقال: انظري من جاء الينا بنفسه.. رفعت رأسها الى حيث ينظر واصطدمت عيناها بعيني طارق للحظات.. وهي في ذهول من وجوده معهم .. وقال هو بابتسامة: مرحبا بالجميع.. قال احمد مبتسما: اهلا بك.. وحمدلله على السلامة.. نقلت وعد بصرها لا اراديا الى ذراعه لتطلع الى ذلك الرباط الذي التف حول ذراعه.. وتمالكت نفسها لتتحدث وتسيطر على ذهولها.. في حين قال طارق مبتسما: ماذا يا وعد؟.. الا يوجد حمدلله على السلامة على الاقل؟.. قالت وهي لا تزال غير مستوعبة لما تراه: كيف جئت الى هنا؟.. قال وهو يهز كتفيه: بواسطة سيارة اجرة.. قالت وهي تعقد حاجبيها: ولماذا لم تنتظرني حتى اعود؟..الم تعدني بذلك؟.. قال مبتسما: بلى ولكني لم اشأ ان اتعبك.. قالت بحنق: انت مصاب وتفكر ان كان مجرد توصيلك سيتعبني ام لا.. لم يجبها فقالت بحنق اكبر: عنيد.. قال طارق بهدوء وهو يتقدم منها: ولكني لست اشد عنادا منك.. ارأيت ماذا فعل بك عنادك.. لولا وصولي الى المكان في الوقت المناسب.. يعلم الله ما قد كان سيحدث لك.. كانت تعلم انها مخطأة ولكنها قالت بتحدي: لقد سار كل شيء على ما يرام.. وما حدث كان مصادفة ليس الا.. قال وهي يتطلع لها بضيق: ستظلين على عنادك هذا دائما.. والتفت عنها ليتوجه الى مكتبه .. فاسرعت تقول وهي تطرق برأسها: آسفة على كل ما حصل لك اليوم بسببي.. قال طارق وهو يلتفت لها وقد تحول ضيقه الى ابتسامة: وماذا كنت اقول انا منذ الصباح؟.. لا داعي للاعتذار.. انت لا تعلمين بانك زميلة عزيزة علينا جميعا هنا.. ابتسمت بهدوء وهي تطلع اليه..في حين كان احمد قد راقب كل ما حدث امامه.. وانصت الى كل ما قيل.. وهو يظن.. لا بل متأكد.. ان قصة حب جديدة اخذت تنسج خيوطها بين هاذين الاثنين... ********* |
#100
| ||
| ||
يلا هي 3 أجزاء عشان عيونكم الحلوة و لا تحرموني من ردودكم الحلوة
|
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أستاذ كان له أثر في حياتي ... ( حياتي أنا ) | راااجي رحمة ربه | قصص قصيرة | 6 | 04-29-2013 04:51 PM |
هل انت رومانسى؟؟ هل تفهم فى الصور الرومانسية ؟؟ لو انت فعلا رومانسى .. فاضغط و خش . | البرنسيسة نوسة | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 11 | 02-08-2009 07:59 PM |
هل انت رومانسى؟؟ هل تفهم فى الصور الرومانسية ؟؟ لو انت فعلا رومانسى .. فاضغط و خش . | البرنسيسة نوسة | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 5 | 01-09-2009 12:00 AM |