عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيــون الأقسام العلمية > تحميل كتب مجانية, مراجع للتحميل

تحميل كتب مجانية, مراجع للتحميل كتب مجانية, كتب عربية للتحميل, كتب ألكترونية, كتب اجنبية, كتب تعليمية, مراجع عربية,كتب للتحميل, كتب للقراءة.

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-18-2010, 06:51 PM
 
Thumbs up بعض قصص الأنبياء ................. ولا أروع




نبذة:

من أنبياء بني إسرائيل، أماته الله مئة عام ثمبعثه، جدد الدين لبني إسرائيل وعلمهم التوراة بعد أننسوها.





سيرته:

مرت الأيام على بني إسرائيل فيفلسطين، وانحرفوا كثير عن منهج الله عز وجل. فأراد الله أن يجدد دينهم، بعد أنفقدوا التوراة ونسوا كثيرا من آياتها، فبعث الله تعالى إليهم عزيرا.

أمرالله سبحانه وتعالى عزيرا أن يذهب إلى قرية. فذهب إليها فوجدها خرابا، ليس فيهابشر. فوقف متعجبا، كيف يرسله الله إلى قرية خاوية ليس فيها بشر. وقف مستغربا، ينتظرأن يحييها الله وهو واقف! لأنه مبعوث إليها. فأماته الله مئة عام. قبض الله روحهوهو نائم، ثم بعثه. فاستيقظ عزير من نومه.

فأرسل الله له ملكا في صورة بشر: (قَالَ كَمْ لَبِثْتَ).

فأجاب عزير: (قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَيَوْمٍ). نمت يوما أو عدة أيام على أكثر تقدير.

فرد الملك: (قَالَ بَللَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ). ويعقب الملك مشيرا إلى إعجاز الله عز وجل (فَانظُرْ إِلَىطَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ) أمره بأن ينظرلطعامه الذي ظل بجانبه مئة سنة، فرآه سليما كما تركه، لم ينتن ولم يتغير طعمه اوريحه. ثم أشار له إلى حماره، فرآه قد مات وتحول إلى جلد وعظم. ثم بين له الملك السرفي ذلك (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ). ويختتم كلامه بأمر عجيب (وَانظُرْ إِلَىالعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا) نظر عزير للحمار فرأى عظامهتتحرك فتتجمع فتتشكل بشكل الحمار، ثم بدأ اللحم يكسوها، ثم الجلد ثم الشعر، فاكتملالحمار أمام عينيه.

يخبرنا المولى بما قاله عزير في هذا الموقف: (فَلَمَّاتَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍقَدِيرٌ).

سبحان الله أي إعجاز هذا.. ثم خرج إلى القرية، فرآها قد عمرتوامتلأت بالناس. فسألهم: هل تعرفون عزيرا؟ قالوا: نعم نعرفه، وقد مات منذ مئة سنة. فقال لهم: أنا عزير. فأنكرواعليهذلك. ثم جاءوا بعجوز معمّرة، وسألوها عن أوصافه، فوصفته لهم، فتأكدوا أنهعزير.

فأخذ يعلمهم التوراة ويجددها لهم، فبدأ الناس يقبلونعليهوعلى هذا الدين من جديد،وأحبوه حبا شديدا وقدّسوه للإعجاز الذي ظهر فيه، حتى وصل تقديسهم له أن قالوا عنهأنه ابن الله (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ).

واستمر انحرافاليهود بتقديس عزير واعتباره ابنا لله تعالى –ولا زالوا يعتقدون بهذا إلى اليوم- وهذا من شركهم لعنهم الله.



نبذة:

لما مات آدمعليهالسلامقام بأعباء الأمر بعده ولدهشيثعليهالسلاموكاننبياً.




سيرته:

لما مات آدمعليهالسلامقام بأعباء الأمر بعده ولدهشيثعليهالسلاموكان نبياً. ومعنى شيث: هبةالله، وسمياه بذلك لأنهما رزقاه بعد أن قُتِلَ هابيل. فلما حانت وفاته أوصى إلىأبنه أنوش فقام بالأمر بعده، ثم بعده ولده قينن ثم من بعده ابنه مهلاييل - وهو الذييزعم الأعاجم من الفرس أنه ملك الأقاليم السبعة، وأنه أول من قطع الأشجار، وبنىالمدائن والحصون الكبار، وأنه هو الذي بنى مدينة بابل ومدينة السوس الأقصى وأنه قهرإبليس وجنوده وشردهم عن الأرض إلى أطرافها وشعاب جبالها وأنه قتل خلقاً من مردةالجن والغيلان، وكان له تاج عظيم، وكان يخطب الناس ودامت دولته أربعينسنة.

فلما مات قام بالأمر بعده ولده يرد فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ولدهخنوخ



نبذة:

أرسله الله ليهدي قومه ويدعوهم إلى عبادة الله،وكانوا قوما ظالمين يأتون الفواحش ويعتدون على الغرباء وكانوا يأتون الرجال شهوة مندون النساء فلما دعاهم لوط لترك المنكرات أرادوا أن يخرجوه هو وقومه فلم يؤمن بهغير بعض من آل بيته، أما امرأته فلم تؤمن ولما يئس لوط دعا الله أن ينجيهم ويهلكالمفسدين فجاءت له الملائكة وأخرجوا لوط ومن آمن به وأهلكوا الآخرين بحجارةمسومة.





سيرته:

حال قوم لوط:

دعى لوطقومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن كسب السيئات والفواحش. واصطدمتدعوته بقلوب قاسية وأهواء مريضة ورفض متكبر. وحكموا على لوط وأهله بالطرد منالقرية. فقد كان القوم الذين بعث إليهم لوط يرتكبون عددا كبيرا من الجرائم البشعة. كانوا يقطعون الطريق، ويخونون الرفيق، ويتواصون بالإثم، ولا يتناهون عن منكر، وقدزادوا في سجل جرائمهم جريمة لم يسبقهم بها أحد من العالمين. كانوا يأتون الرجالشهوة من دون النساء.

لقد اختلت المقاييس عند قوم لوط.. فصار الرجال أهدافامرغوبة بدلا من النساء، وصار النقاء والطهر جريمة تستوجب الطرد.. كانوا مرضى يرفضونالشفاء ويقاومونه.. ولقد كانت تصرفات قوم لوط تحزن قلب لوط.. كانوا يرتكبون جريمتهمعلانية في ناديهم.. وكانوا إذا دخل المدينة غريب أو مسافر أو ضيف لم ينقذه منأيديهم أحد.. وكانوا يقولون للوط: استضف أنت النساء ودع لنا الرجال.. واستطارتشهرتهم الوبيلة، وجاهدهم لوط جهادا عظيما، وأقام عليهم حجته، ومرت الأيام والشهوروالسنوات، وهو ماض في دعوته بغير أن يؤمن له أحد.. لم يؤمن به غير أهل بيته.. حتىأهل بيته لم يؤمنوا به جميعا. كانت زوجته كافرة.

وزاد الأمر بأن قام الكفرةبالاستهزاء برسالة لوطعليهالسلام، فكانوا يقولون: (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَالصَّادِقِينَ). فيئس لوط منهم، ودعا الله أن ينصره ويهلك المفسدين.

ذهابالملائكة لقوم لوط:

خرج الملائكة من عند إبراهيم قاصدين قرية لوط.. بلغواأسوار سدوم.. وابنة لوط واقفة تملأ وعاءها من مياه النهر.. رفعت وجهها فشاهدتهم.. فسألها أحد الملائكة: يا جارية.. هل من منزل؟

قالت [وهي تذكر قومها]: مكانكملا تدخلوا حتى أخبر أبي وآتيكم.. أسرعت نحو أبيها فأخبرته. فهرع لوط يجري نحوالغرباء. فلم يكد يراهم حتى (سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـذَايَوْمٌ عَصِيبٌ) سألهم: من أين جاءوا؟ .. وما هي وجهتهم؟.. فصمتوا عن إجابته. وسألوه أن يضيفهم.. استحى منهم وسار أمامهم قليلا ثم توقف والتفت إليهم يقول: لاأعلم على وجه الأرض أخبث من أهل هذا البلد.

قال كلمته ليصرفهم عن المبيت فيالقرية، غير أنهم غضوا النظر عن قوله ولم يعلقوا عليه، وعاد يسير معهم ويلوي عنقالحديث ويقسره قسرا ويمضي به إلى أهل القرية - حدثهم أنهم خبثاء.. أنهم يخزونضيوفهم.. حدثهم أنهم يفسدون في الأرض. وكان الصراع يجري داخله محاولا التوفيق بينأمرين.. صرف ضيوفه عن المبيت في القرية دون إحراجهم، وبغير إخلال بكرم الضيافة.. عبثا حاول إفهامهم والتلميح لهم أن يستمروا في رحلتهم، دون نزول بهذهالقرية.

سقط الليل على المدينة.. صحب لوط ضيوفه إلى بيته.. لم يرهم من أهلالمدينة أحد.. لم تكد زوجته تشهد الضيوف حتى تسللت خارجة بغير أن تشعره. أسرعت إلىقومها وأخبرتهم الخبر.. وانتشر الخبر مثل النار في الهشيم. وجاء قوم لوط لهمسرعين.. تساءل لوط بينه وبين نفسه: من الذي أخبرهم؟.. وقف القوم على باب البيت.. خرج إليهم لوط متعلقا بأمل أخير، وبدأ بوعظهم:

(
هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّأَطْهَرُ لَكُمْ).. قال لهم: أمامكم النساء -زوجاتكم- هن أطهر.. فهن يلبين الفطرةالسوية.. كما أن الخالق -جلّ في علاه- قد هيّئهن لهذا الأمر.

(
فَاتَّقُواْاللّهَ).. يلمس نفوسهم من جانب التقوى بعد أن لمسها من جانب الفطرة.. اتقوا اللهوتذكروا أن الله يسمع ويرى.. ويغضب ويعاقب وأجدر بالعقلاء اتقاءغضبه.

(
وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي).. هي محاولة يائسة لِلَمْس نخوتهموتقاليدهم. و ينبغي عليهم إكرام الضيف لا فضحه.

(
أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌرَّشِيدٌ).. أليس فيكم رجل عاقل؟.. إن ما تريدونه -لو تحقق- هو عينالجنون.

إلا أن كلمات لوطعليهالسلاملم تلمس الفطرة المنحرفةالمريضة، ولا القلب الجامد الميت، ولا العقل المريض الأحمق.. ظلت الفورة الشاذة علىاندفاعها.

أحس لوط بضعفه وهو غريب بين القوم.. نازح إليهم من بعيد بغيرعشيرة تحميه، ولا أولاد ذكور يدافعون عنه.. دخل لوط غاضبا وأغلق باب بيته.. كانالغرباء الذين استضافهم يجلسون هادئين صامتين.. فدهش لوط من هدوئهم.. وازدادت ضرباتالقوم على الباب.. وصرخ لوط في لحظة يأس خانق: (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْقُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) تمنى أن تكون له قوة تصدهم عن ضيفه.. وتمنى لو كان له ركن شديد يحتمي فيه ويأوي إليه.. غاب عن لوط في شدته وكربته أنهيأوي إلى ركن شديد.. ركن الله الذي لا يتخلى عن أنبيائه وأوليائه.. قال رسول اللهصلى اللهعليهوسلم، وهو يقرأهذه الآية: "رحمة الله على لوط.. كان يأوي إلى ركن شديد".

هلاك قوملوط:

عندما بلغ الضيق ذروته.. وقال النبي كلمته.. تحرك ضيوفه ونهضوا فجأة.. أفهموه أنه يأوي إلى ركن شديد.. فقالوا له لا تجزع يا لوط ولا تخف.. نحن ملائكة.. ولن يصل إليك هؤلاء القوم.. ثم نهض جبريل،عليهالسلام، وأشار بيده إشارةسريعة، ففقد القوم أبصارهم.

التفتت الملائكة إلى لوط وأصدروا إليه أمرهم أنيصحب أهله أثناء الليل ويخرج.. سيسمعون أصواتا مروعة تزلزل الجبال.. لا يلتفت منهمأحد.. كي لا يصيبه ما يصيب القوم.. أي عذاب هذا؟.. هو عذاب من نوع غريب، يكفيلوقوعه بالمرء مجرد النظر إليه.. أفهموه أن امرأته كانت من الغابرين.. امرأته كافرةمثلهم وستلتفت خلفها فيصيبها ما أصابهم.

سأل لوط الملائكة: أينزل اللهالعذاب بهم الآن.. أنبئوه أن موعدهم مع العذاب هو الصبح.. (أَلَيْسَ الصُّبْحُبِقَرِيبٍ)؟

خرج لوط مع بناته وزوجته.. ساروا في الليل وغذوا السير.. واقتربالصبح.. كان لوط قد ابتعد مع أهله.. ثم جاء أمر الله تعالى.. قال العلماء: اقتلعجبريل،عليهالسلام، بطرف جناحهمدنهم السبع من قرارها البعيد.. رفعها جميعا إلى عنان السماء حتى سمعت الملائكةأصوات ديكتهم ونباح كلابهم، قلب المدن السبع وهوى بها في الأرض.. أثناء السقوط كانتالسماء تمطرهم بحجارة من الجحيم.. حجارة صلبة قوية يتبع بعضها بعضا، ومعلمةبأسمائهم، ومقدرة عليهم.. استمر الجحيم يمطرهم.. وانتهى قوم لوط تماما.. لم يعدهناك أحد.. نكست المدن على رؤوسها، وغارت في الأرض، حتى انفجر الماء من الأرض.. هلكقوم لوط ومحيت مدنهم.

كان لوط يسمع أصوات مروعة.. وكان يحاذر أن يلتفتخلفه.. نظرت زوجته نحو مصدر الصوت فانتهت.. تهرأ جسدها وتفتت مثل عمود ساقط منالملح.

قال العلماء: إن مكان المدن السبع.. بحيرة غريبة.. ماؤها أجاج.. وكثافة الماء أعظم من كثافة مياه البحر الملحة.. وفي هذه البحيرة صخور معدنيةذائبة.. توحي بأن هذه الحجارة التي ضرب بها قوم لوط كانت شهبا مشعلة. يقال إنالبحيرة الحالية التي نعرفها باسم "البحر الميت" في فلسطين.. هي مدن قوم لوطالسابقة.

انطوت صفحة قوم لوط.. انمحت مدنهم وأسمائهم من الأرض.. سقطوا منذاكرة الحياة والأحياء.. وطويت صفحة من صفحات الفساد.. وتوجه لوط إلى إبراهيم.. زارإبراهيم وقصعليهنبأ قومه.. وأدهشه أن إبراهيم كان يعلم.. ومضى لوط في دعوته إلى الله.. مثلما مضى الحليمالأواه المنيب إبراهيم في دعوته إلى الله.. مضى الاثنان ينشران الإسلام فيالأرض إدريسعليهالسلامعلى المشهور



نبذة:

ابن نبي الله زكريا، ولد استجابة لدعاء زكريالله أن يرزقه الذرية الصالحة فجعل آية مولده أن لا يكلم الناس ثلاث ليال سويا، وقدكانيحيىنبيا وحصورا ومنالصالحين ، كما كان بارا تقيا ورعا منذصباه.





سيرته:

ذكر خبر ولادةيحيىعليهالسلامفي قصة نبي الله زكريا. وقدشهد الحق عز وجل له أنه لم يجعل له من قبل شبيها ولا مثيلا، وهوالنبيالذي قال الحق عنه: (وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا)..

ومثلما أوتي الخضر علما من لدن الله، أوتييحيي حنانا من لدن الله، والعلم مفهوم، والحنان هو العلم الشمولي الذي يشيع فينسيجه حب عميق للكائنات ورحمة بها، كأن الحنان درجة من درجات الحب الذي ينبع منالعلم.

ولقد كان يحيي في الأنبياء نموذجا لا مثيل له في النسك والزهد والحبالإلهي.. هوالنبيالناسك. كانيضيء حبا لكل الكائنات، وأحبه الناس وأحبته الطيور والوحوش والصحاري والجبال، ثمأهدرت دمه كلمة حق قالها في بلاط ملك ظالم، بشأن أمر يتصل براقصة بغي.

فضليحيىعليهالسلام:

يذكر العلماءفضل يحيي ويوردون لذلك أمثلة كثيرة. كان يحيي معاصرا لعيسى وقريبه من جهة الأم (ابنخالة أمه)..

وتروي السنة أن يحيي وعيسى التقيا يوما.

فقال عيسىليحيي: استغفر لي يا يحيي.. أنت خير مني.

قال يحيي: استغفر لي يا عيسى. أنتخير مني.

قال عيسى: بل أنت خير مني.. سلمت على نفسي وسلم اللهعليك.

تشير القصة إلى فضل يحيي حين سلم اللهعليهيوم ولد ويوم يموت ويوم يبعثحيا.

ويقال إن رسول الله صلى اللهعليهوسلم خرج على أصحابه يومافوجدهم يتذاكرون فضل الأنبياء.

قال قائل: موسى كليم الله.

وقال قائل: عيسى روح الله وكلمته.

وقال قائل: إبراهيم خليل الله.

ومضى الصحابةيتحدثون عن الأنبياء، فتدخل الرسولعليهالصلاة والسلام حين رآهم لايذكرون يحيي. أين الشهيد ابن الشهيد؟ يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب. أين يحييبن زكريا؟

نشأته:

ولد يحييعليهالسلام.. كان ميلاده معجزة.. فقد جاء لأبيه زكريا بعد عمر طال حتى يئس الشيخ من الذرية.. وجاء بعد دعوة نقيةتحرك بها قلبالنبيزكريا.

ولد يحييعليهالسلامفجاءت طفولته غريبةعن دنيا الأطفال.. كان معظم الأطفال يمارسون اللهو، أما هو فكان جادا طوال الوقت.. كان بعض الأطفال يتسلى بتعذيب الحيوانات، وكان يحيي يطعم الحيوانات والطيور منطعامه رحمة بها، وحنانا عليها، ويبقى هو بغير طعام.. أو يأكل من أوراق الشجر أوثمارها.

وكلما كبر يحيي في السن زاد النور في وجهه وامتلأ قلبه بالحكمة وحبالله والمعرفة والسلام. وكان يحيي يحب القراءة، وكان يقرأ في العلم من طفولته.. فلما صار صبيا نادته رحمة ربه: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍوَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا).

صدر الأمر ليحيي وهو صبي أن يأخذ الكتاببقوة، بمعنى أن يدرس الكتاب بإحكام، كتاب الشريعة.. رزقه الله الإقبال على معرفةالشريعة والقضاء بين الناس وهو صبي.. كان أعلم الناس وأشدهم حكمة في زمانه درسالشريعة دراسة كاملة، ولهذا السبب آتاه الله الحكم وهو صبي.. كان يحكم بين الناس،ويبين لهم أسرار الدين، ويعرفهم طريق الصواب ويحذرهم من طريق الخطأ.

وكبريحيي فزاد علمه، وزادت رحمته، وزاد حنانه بوالديه، والناس، والمخلوقات، والطيور،والأشجار.. حتى عم حنانه الدنيا وملأها بالرحمة.. كان يدعو الناس إلى التوبة منالذنوب، وكان يدعو الله لهم.. ولم يكن هناك إنسان يكره يحيي أو يتمنى له الضرر. كانمحبوبا لحنانه وزكاته وتقواه وعلمه وفضله.. ثم زاد يحيي على ذلكبالتنسك.

وكان يحيي إذا وقف بين الناس ليدعوهم إلى الله أبكاهم من الحبوالخشوع.. وأثر في قلوبهم بصدق الكلمات وكونها قريبة العهد من الله وعلى عهدالله..

وجاء صباح خرج فيه يحيي على الناس.. امتلأ المسجد بالناس، ووقف يحييبن زكريا وبدأ يتحدث.. قال: إن الله عز وجل أمرني بكلمات أعمل بها، وآمركم أنتعملوا بها.. أن تعبدوا الله وحده بلا شريك.. فمن أشرك بالله وعبد غيره فهو مثل عبداشتراه سيده فراح يعمل ويؤدي ثمن عمله لسيد غير سيده.. أيكم يحب أن يكون عبدهكذلك..؟ وآمركم بالصلاة لأن الله ينظر إلى عبده وهو يصلي، ما لم يلتفت عن صلاته.. فإذا صليتم فاخشعوا.. وآمركم بالصيام.. فان مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك جميلالرائحة، كلما سار هذا الرجل فاحت منه رائحة المسك المعطر. وآمركم بذكر الله عز وجلكثيرا، فان مثل ذلك كمثل رجل طلبه أعداؤه فأسرع لحصن حصين فأغلقه عليه.. وأعظمالحصون ذكر الله.. ولا نجاة بغير هذا الحصن.

مواجهة الملك:

كان أحدملوك ذلك الزمان طاغية ضيق العقل غبي القلب يستبد برأيه، وكان الفساد منتشرا فيبلاطه.. وكان يسمع أنباء متفرقة عن يحيي فيدهش لأن الناس يحبون أحدا بهذا القدر،وهو ملك ورغم ذلك لا يحبه أحد.

وكان الملك يريد الزواج من ابنة أخيه، حيثأعجبه جمالها، وهي أيضا طمعت بالملك، وشجعتها أمها على ذلك. وكانوا يعلمون أن هذاحرام في دينهم. فأرد الملك أن يأخذ الإذن منيحيىعليهالسلام. فذهبوا يستفتونيحيىويغرونه بالأموال ليستثنيالملك.

لم يكن لدى الفتاة أي حرج من الزواج بالحرام، فلقد كانت بغيّ فاجرة. لكنيحيىعليهالسلامأعلن أمام الناس تحريم زواجالبنت من عمّها. حتى يعلم الناس –إن فعلها الملك- أن هذا انحراف. فغضب الملك وأسقطفي يده، فامتنع عن الزواج.

لكن الفتاة كانت لا تزال طامعة في الملك. وفيإحدى الليالي الفاجرة أخذت البنت تغني وترقص فأرادها الملك لنفسهن فأبت وقالت: إلاأن تتزوجني. قال: كيف أتزوجك وقد نهانا يحيى. قالت: ائتني برأسيحيىمهرا لي. وأغرته إغراء شديدافأمر في حينه بإحضار رأسيحيىله.

فذهب الجنود ودخلوا علىيحيىوهو يصلي في المحراب. وقتلوه،وقدموا رأسه على صحن للملك، فقدّم الصحن إلى هذه البغيّ وتزوجها بالحرام



نبذة:

من الأنبياء الصالحين، وكان يصلي كل يوم مائةصلاة، قيل إنه تكفل لبني قومه أن يقضي بينهم بالعدل ويكفيهم أمرهم ففعل فسمي بذيالكفل.





سيرته:

قال أهل التاريخ ذوالكفلهو ابن أيوبعليهالسلاموأسمه في الأصل (بشر) وقدبعثه الله بعد أيوب وسماه ذاالكفللأنه تكفل ببعض الطاعات فوقي بها، وكان مقامه في الشام وأهل دمشق يتناقلون أنله قبرا في جبل هناك يشرف على دمشق يسمى قاسيون. إلا أن بعض العلماء يرون أنه ليسبنبي وإنما هو رجل من الصالحين من بني إسرائيل. وقد رجح ابن كثير نبوته لأن اللهتعالى قرنه مع الأنبياء فقال عز وجل:

وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَاالْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَاإِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ (85) (الأنبياء)

قال ابن كثير : فالظاهر منذكره في القرآن العظيم بالثناءعليهمقرونا مع هؤلاء السادة الأنبياء أنه نبيعليهمن ربه الصلاة والسلام وهذاهو المشهور.

والقرآن الكريم لم يزد على ذكر اسمه في عداد الأنبياء أما دعوتهورسالته والقوم الذين أرسل إليهم فلم يتعرض لشيء من ذلك لا بالإجمال ولا بالتفصيللذلك نمسك عن الخوض في موضوع دعوته حيث أن كثيرا من المؤرخين لم يوردوا عنه إلاالشيء اليسير. ومما ينبغي التنبه له أن (ذا الكفل) الذي ذكره القرآن هو غير (الكفل) الذي ذكر في الحديث الشريف ونص الحديث كما رواه الأمام أحمد عن ابن عمر رضي اللهعنهما قال: (كانالكفلمن بنيإسرائيل لا يتورع عن ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين دينار على أن يطأها فلماقعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت فقال لها ما يبكيك ؟ أكرهتك ؟ قالت : لاولكن هذا عمل لم أعمله قط وإنما حملتنيعليهالحاجة ..قال : فتفعلين هذاولم تفعليه قط ؟ ثم نزل فقال أذهبي بالدنانير لك ، ثم قال : والله لا يعصي اللهالكفلأبدا فمات من ليلته فأصبحمكتوبا على بابه : قد غفر الله للكفل). رواه الترمذي وقال: حديث حسن وروي موقوفاعلى ابن عمر وفي إسناده نظر. فإن كان محفوظا فليس هو ذاالكفلوإنما لفظ الحديثالكفلمن غير إضافة فهو إذا رجلآخر غير المذكور في القرآن.

ويذكر بعض المؤرخين أن ذاالكفلتكفل لبني قومه أن يكفيهمأمرهم ويقضي بينهم بالعدل فسمي ذاالكفلوذكروا بعض القصص في ذلكولكنها قصص تحتاج إلى تثبت وإلى تمحيص وتدقيق.

الرجل الصالح:

أما منيقول أن ذوالكفللم يكن نبياوإنما كان رجلا صالحا من بني إسرائيل فيروي أنه كان في عهد نبي الله اليسععليهالسلام. وقد روي أنه لما كبراليسع قال لو أني استخلفت رجلاً على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر كيف يعمل؟فجمع الناس فقال: من يتقبل لي بثلاث استخلفه: يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يغضب. فقام رجل تزدريه العين، فقال: أنا، فقال: أنت تصوم النهار، وتقوم الليل، ولا تغضب؟قال: نعم. لكن اليسع -عليه السلام- ردّ الناس ذلك اليوم دون أن يستخلف أحدا. وفياليوم التالي خرج اليسع -عليه السلام- على قومه وقال مثل ما قال اليوم الأول، فسكتالناس وقام ذلك الرجل فقال أنا. فاستخلف اليسع ذلك الرجل.

فجعل إبليس يقولللشياطين: عليكم بفلان، فأعياهم ذلك. فقال دعوني وإياه فأتاه في صورة شيخ كبيرفقير، وأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة، وكان لا ينام الليل والنهار، إلا تلك النّومةفدقّ الباب. فقال ذو الكفل: من هذا؟ قال: شيخ كبير مظلوم. فقام ذوالكفلففتح الباب. فبدأ الشيخيحدّثه عن خصومة بينه وبين قومه، وما فعلوه به، وكيف ظلموه، وأخذ يطوّل في الحديثحتى حضر موعد مجلس ذوالكفلبينالناس، وذهبت القائلة. فقال ذو الكفل: إذا رحت للمجلس فإنني آخذ لكبحقّك.

فخرج الشيخ وخرج ذوالكفللمجلسه دون أن ينام. لكنالشيخ لم يحضر للمجلس. وانفض المجلس دون أن يحضر الشيخ. وعقد المجلس في اليومالتالي، لكن الشيخ لم يحضر أيضا. ولما رجع ذوالكفللمنزله عند القائلة ليضطجعأتاه الشيخ فدق الباب، فقال: من هذا؟ فقال الشيخ الكبير المظلوم. ففتح له فقال: ألمأقل لك إذا قعدت فاتني؟ فقال الشيخ: إنهم اخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد قالوا لي نحننعطيك حقك، وإذا قمت جحدوني. فقال ذو الكفل: انطلق الآن فإذا رحت مجلسيفأتني.

ففاتته القائلة، فراح مجلسه وانتظر الشيخ فلا يراه وشقعليهالنعاس، فقال لبعض أهله: لاتدعنَّ أحداً يقرب هذا الباب حتى أنام، فإني قد شق عليّ النوم. فقدم الشيخ، فمنعوهمن الدخول، فقال: قد أتيته أمس، فذكرت لذيالكفلأمري، فقالوا: لا والله لقدأمرنا أن لا ندع أحداً يقربه. فقام الشيخ وتسوّر الحائط ودخل البيت ودق الباب منالداخل، فاستيقظ ذو الكفل، وقال لأهله: ألم آمركم ألا يدخل علي أحد؟ فقالوا: لم ندعأحدا يقترب، فانظر من أين دخل. فقام ذوالكفلإلى الباب فإذا هو مغلق كماأغلقه؟ وإذا الرجل معه في البيت، فعرفه فقال: أَعَدُوَّ اللهِ؟ قال: نعم أعييتني فيكل شيء ففعلت كل ما ترى لأغضبك.

فسماه الله ذاالكفل



نبذة:

كان صديقا نبيا ومن الصابرين، أول نبي بعث فيالأرض بعد آدم، وهو أبو جد نوح، أنزلتعليهثلاثون صحيفة، ودعا إلىوحدانية الله وآمن به ألف إنسان، وهو أول من خط بالقلم وأول من خاط الثياب ولبسها،وأول من نظر في علم النجوموسيرها.





سيرته:

إدريسعليهالسلامهو أحد الرسل الكرام الذينأخبر الله تعالى عنهم في كتابة العزيز، وذكره في بضعة مواطن من سور القرآن، وهو ممنيجب الإيمان بهم تفصيلاً أي يجب اعتقاد نبوته ورسالته على سبيل القطع والجزم لأنالقرآن قد ذكره باسمه وحدث عن شخصه فوصفه بالنبوةوالصديقية.

نسبه:

هو إدريس بن يارد بن مهلائيل وينتهي نسبه إلى شيثبن آدمعليهالسلامواسمه عند العبرانيين (خنوخ) وفي الترجمة العربية (أخنوخ) وهو من أجداد نوحعليهالسلام. وهو أول بني آدم أعطيالنبوة بعد (آدم) و (شيث) عليهما السلام، وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم، وقدأدرك من حياة آدمعليهالسلام308 سنوات لأن آدم عمرطويلاً زهاء 1000 ألف سنة.

حياته:

وقد أختلف العلماء في مولدهونشأته، فقال بعضهم إن إدريس ولد ببابل، وقال آخرون إنه ولد بمصر والصحيح الأول،وقد أخذ في أول عمره بعلم شيث بن آدم، ولما كبر آتاه الله النبوة فنهي المفسدين منبني آدم عن مخالفتهم شريعة (آدم) و (شيث) فأطاعه نفر قليل، وخالفه جمع خفير، فنوىالرحلة عنهم وأمر من أطاعه منهم بذلك فثقل عليهم الرحيل عن أوطانهم فقالوا له، وأيننجد إذا رحلنا مثل (بابل) فقال إذا هاجرنا رزقنا الله غيره، فخرج وخرجوا حتى وصلواإلى أرض مصر فرأوا النيل فوقف على النيل وسبح الله، وأقام إدريس ومن معه بمصر يدعوالناس إلى الله وإلى مكارم الأخلاق. وكانت له مواعظ وآداب فقد دعا إلى دين الله،وإلى عبادة الخالق جل وعلا، وتخليص النفوس من العذاب في الآخرة، بالعمل الصالح فيالدنيا وحض على الزهد في هذه الدنيا الفانية الزائلة، وأمرهم بالصلاة والصياموالزكاة وغلظ عليهم في الطهارة من الجنابة، وحرم المسكر من كل شي من المشروبات وشددفيه أعظم تشديد وقيل إنه كان في زمانه 72 لساناً يتكلم الناس بها وقد علمه اللهتعالى منطقهم جميعاً ليعلم كل فرقة منهم بلسانهم. وهو أول من علم السياسة المدنية،ورسم لقومه قواعد تمدين المدن، فبنت كل فرقة من الأمم مدناً في أرضها وأنشئت فيزمانه 188 مدينة وقد اشتهر بالحكمة فمن حكمة قوله (خير الدنيا حسرة، وشرها ندم) وقوله (السعيد من نظر إلى نفسه وشفاعته عند ربه أعماله الصالحة) وقوله (الصبر معالإيمان يورث الظفر).

وفاته:

وقد أُخْتُلِفَ في موته.. فعن ابن وهب،عن جرير بن حازم، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف قال: سأل ابن عباسكعباً وأنا حاضر فقال له: ما قول الله تعالى لإدريس {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناًعَلِيّاً}؟ فقال كعب: أما إدريس فإن الله أوحى إليه: أني أرفع لك كل يوم مثل جميععمل بني آدم - لعله من أهل زمانه - فأحب أن يزداد عملاً، فأتاه خليل له منالملائكة، فقال "له": إن الله أوحى إلي كذا وكذا فكلم ملك الموت حتى ازداد عملاً،فحمله بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملكالموت منحدراً، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس؟ قال هوذا على ظهري، فقال ملك الموت: يا للعجب! بعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماءالرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض؟! فقبض روحههناك. فذلك قول الله عز وجل {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}. ورواه ابن أبي حاتمعند تفسيرها. وعنده فقال لذلك الملك سل لي ملك الموت كم بقي من عمري؟ فسأله وهومعه: كم بقي من عمره؟ فقال: لا أدري حتى أنظر، فنظر فقال إنك لتسألني عن رجل ما بقيمن عمره إلا طرفة عين، فنظر الملك إلى تحت جناحه إلى إدريس فإذا هو قد قبض وهو لايشعر. وهذا من الإسرائيليات، وفي بعضه نكارة.

وقول ابن أبي نجيح عن مجاهد فيقوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} قال: إدريس رفع ولم يمت كما رفع عيسى. إنأراد أنه لم يمت إلى الآن ففي هذا نظر، وإن أراد أنه رفع حياً إلى السماء ثم قبضهناك. فلا ينافي ما تقدم عن كعب الأحبار. والله أعلم.

وقال العوفي عن ابنعباس في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} : رفع إلى السماء السادسة فماتبها، وهكذا قال الضحاك. والحديث المتفقعليهمن أنه في السماء الرابعةأصح، وهو قول مجاهد وغير واحد. وقال الحسن البصري: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناًعَلِيّاً} قال: إلى الجنة، وقال قائلون رفع في حياة أبيه يرد بن مهلاييل واللهأعلم. وقد زعم بعضهم أن إدريس لم يكن قبل نوح بل في زمان بني إسرائيل.

قالالبخاري: ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس أن إلياس هو إدريس، واستأنسوا في ذلك بماجاء في حديث الزهري عن أنس في الإسراء: أنه لما مرّ بهعليهالسلامقال له مرحباً بالأخ الصالحوالنبي الصالح، ولم يقل كما قال آدم و إبراهيم: مرحباً بالنبي الصالح والابنالصالح، قالوا: فلو كان في عمود نسبه لقال له كما قالا له.

وهذا لا يدلولابد، قد لا يكون الراوي حفظه جيداً، أو لعله قاله على سبيل الهضم والتواضع، ولمينتصب له في مقام الأبوة كما انتصب لآدم أبي البشر، وإبراهيم الذي هو خليل الرحمن،وأكبر أولي العزم بعد محمد صلوات الله عليهم أجمعين.

كفللأنه تكفل بأمر ف



نبذة:

أرسل إلى قوم عاد الذين كانوا بالأحقاف، وكانواأقوياء الجسم والبنيان وآتاهم الله الكثير من رزقه ولكنهم لم يشكروا الله على ماآتاهم وعبدوا الأصنام فأرسل لهم الله هودا نبيا مبشرا، كان حكيما ولكنهم كذبوهوآذوه فجاء عقاب الله وأهلكهم بريح صرصر عاتية استمرت سبع ليال وثمانيةأيام.




سيرته:

عبادة الناسللأصنام:

بعد أن ابتلعت الأرض مياه الطوفان الذي أغرق من كفر بنوحعليهالسلام، قام من آمن معه ونجىبعمارة الأرض. فكان كل من على الأرض في ذلك الوقت من المؤمنين. لم يكن بينهم كافرواحد. ومرت سنوات وسنوات. مات الآباء والأبناء وجاء أبناء الأبناء. نسى الناس وصيةنوح، وعادت عبادة الأصنام. انحرف الناس عن عبادة الله وحده، وتم الأمر بنفس الخدعةالقديمة.

قال أحفاد قوم نوح: لا نريد أن ننسى آبائنا الذين نجاهم الله منالطوفان. وصنعوا للناجين تماثيل ليذكروهم بها، وتطور هذا التعظيم جيلا بعد جيل،فإذا الأمر ينقلب إلى العبادة، وإذا بالتماثيل تتحول بمكر من الشيطان إلى آلهة معالله. وعادت الأرض تشكو من الظلام مرة ثانية. وأرسل الله سيدنا هودا إلىقومه.

إرسال هودعليهالسلام:

كان "هود" من قبيلة اسمها "عاد" وكانت هذه القبيلة تسكن مكانايسمى الأحقاف.. وهو صحراء تمتلئ بالرمال، وتطل على البحر. أما مساكنهم فكانت خياماكبيرة لها أعمدة شديدة الضخامة والارتفاع، وكان قوم عاد أعظم أهل زمانهم في قوةالأجسام، والطول والشدة.. كانوا عمالقة وأقوياء، فكانوا يتفاخرون بقوتهم. فلم يكنفي زمانهم أحد في قوتهم. ورغم ضخامة أجسامهم، كانت لهم عقول مظلمة. كانوا يعبدونالأصنام، ويدافعون عنها، ويحاربون من أجلها، ويتهمون نبيهم ويسخرون منه. وكانالمفروض، ما داموا قد اعترفوا أنهم أشد الناس قوة، أن يروا أن الله الذي خلقهم هوأشد منهم قوة.

قال لهم هود نفس الكلمة التي يقولها كل رسول. لا تتغير ولاتنقص ولا تتردد ولا تخاف ولا تتراجع. كلمة واحدة هي الشجاعة كلها، وهي الحق وحده (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَتَتَّقُونَ).

وسأله قومه: هل تريد أن تكون سيدا علينا بدعوتك؟ وأي أجرتريده؟

إن هذه الظنون السئية تتكرر على ألسنة الكافرين عندما يدعوهم نبيهمللإيمان بالله وحده. فعقولهم الصغيرة لا تتجاوز الحياة الدنيوية. ولا يفكروا إلابالمجد والسلطة والرياسة.

أفهمهم هود أن أجره على الله، إنه لا يريد منهمشيئا غير أن يغسلوا عقولهم في نور الحقيقة. حدثهم عن نعمة الله عليهم، كيف جعلهمخلفاء لقوم نوح، كيف أعطاهم بسطة في الجسم، وشدة في البأس، كيف أسكنهم الأرض التيتمنح الخير والزرع. كيف أرسل عليهم المطر الذي يحيى به الأرض. وتلفت قوم هود حولهمفوجدوا أنهم أقوى من على الأرض، وأصابتهم الكبرياء وزادوا في العناد.

قالوالهود: كيف تتهم آلهتنا التي وجدنا آباءنا يعبدونها؟
قال هود: كان آباؤكممخطئين.
قال قوم هود: هل تقول يا هود إننا بعد أن نموت ونصبح ترابا يتطاير فيالهواء، سنعود إلى الحياة؟
قال هود: ستعودون يوم القيامة، ويسأل الله كل واحدفيكم عما فعل.

انفجرت الضحكات بعد هذه الجملة الأخيرة. ما أغرب ادعاء هود. هكذا تهامس الكافرون من قومه. إن الإنسان يموت، فإذا مات تحلل جسده، فإذا تحلل جسدهتحول إلى تراب، ثم يهب الهواء ويتطاير التراب. كيف يعود هذا كله إلى أصله؟! ثم مامعنى وجود يوم للقيامة؟ لماذا يقوم الأموات من موتهم؟

استقبل هود كل هذهالأسئلة بصبر كريم.. ثم بدأ يحدث قومه عن يوم القيامة.. أفهمهم أن إيمان الناسبالآخرة ضرورة تتصل بعدل الله، مثلما هي ضرورة تتصل بحياة الناس. قال لهم ما يقولهكل نبي عن يوم القيامة. إن حكمة الخالق المدبر لا تكتمل بمجرد بدء الخلق، ثم انتهاءحياة المخلوقين في هذه الأرض. إنهذه الحياة اختبار، يتم الحساب بعدها. فليستتصرفات الناس في الدنيا واحدة، هناك من يظلم، وهناك من يقتل، وهناك من يعتدي.. وكثيرا ما نرى الظالمين يذهبون بغير عقاب، كثيرا ما نرى المعتدين يتمتعون في الحياةبالاحترام والسلطة. أين تذهب شكاة المظلومين؟ وأين يذهب ألم المضطهدين؟ هل يدفنمعهم في التراب بعد الموت؟

إن العدالة تقتضي وجود يوم للقيامة. إن الخير لاينتصر دائما في الحياة. أحيانا ينظم الشر جيوشه ويقتل حملة الخير. هل تذهب هذهالجريمة بغير عقاب؟

إن ظلما عظيما يتأكد لو افترضنا أن يوم القيامة لن يجئ. ولقد حرم الله تعالى الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده. ومن تمام العدل وجوديوم للقيامة والحساب والجزاء. ذلك أن يوم القيامة هو اليوم الذي تعاد فيه جميعالقضايا مرة أخرى أمام الخالق، ويعاد نظرها مرة أخرى. ويحكم فيها رب العالمينسبحانه. هذه هي الضرورة الأولى ليوم القيامة، وهي تتصل بعدالة اللهذاته.

وثمة ضرورة أخرى ليوم القيامة، وهي تتصل بسلوك الإنسان نفسه. إنالاعتقاد بيوم الدين، والإيمان ببعث الأجساد، والوقوف للحساب، ثم تلقي الثوابوالعقاب، ودخول الجنة أو النار، هذا شيء من شأنه أن يعلق أنظار البشر وقلوبهم بعالمأخر بعد عالم الأرض، فلا تستبد بهم ضرورات الحياة، ولا يستعبدهم الطمع، ولا تتملكهمالأنانية، ولا يقلقهم أنهم لم يحققوا جزاء سعيهم في عمرهم القصير المحدود، وبذلكيسمو الإنسان على الطين الذي خلق منه إلى الروح الذي نفخه ربه فيه. ولعل مفترقالطريق بين الخضوع لتصورات الأرض وقيمها وموازينها، والتعلق بقيم الله العليا،والانطلاق اللائق بالإنسان، يكمن في الإيمان بيوم القيامة.

حدثهم هود بهذاكله فاستمعوا إليه وكذبوه. قالوا له هيهات هيهات.. واستغربوا أن يبعث الله من فيالقبور، استغربوا أن يعيد الله خلق الإنسان بعد تحوله إلى التراب، رغم أنه خلقه منقبل من التراب. وطبقا للمقاييس البشرية، كان ينبغي أن يحس المكذبون للبعث أن إعادةخلق الإنسان من التراب والعظام أسهل من خلقه الأول. لقد بدأ الله الخلق فأي صعوبةفي إعادته؟! إن الصعوبة -طبقا للمقياس البشري- تكمن في الخلق. وليس المقياس البشريغير مقياسٍ بشري ينطبق على الناس، أما الله، فليست هناك أمور صعبة أو سهلة بالنسبةإليه سبحانه، تجري الأمور بالنسبة إليه سبحانه بمجرد الأمر.

موقف الملأ مندعوة هود:

يروي المولى عزل وجل موقف الملأ (وهم الرؤساء) من دعوة هودعليهالسلام. سنرى هؤلاء الملأ فيكل قصص الأنبياء. سنرى رؤساء القوم وأغنيائهم ومترفيهم يقفون ضد الأنبياء. يصفهمالله تعالى بقوله: (وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) من مواقع الثراءوالغنى والترف، يولد الحرص على استمرار المصالح الخاصة. ومن مواقع الثراء والغنىوالترف والرياسة، يولد الكبرياء. ويلتفت الرؤساء في القوم إلى أنفسهم ويتساءلون: أليس هذا النبي بشرا مثلنا، يأكل مما نأكل، ويشرب مما نشرب؟ بل لعله بفقره يأكل أقلمما نأكل، ويشرب في أكواب صدئة، ونحن نشرب في أكواب الذهب والفضة.. كيف يدعي أنهعلى الحق ونحن على الباطل؟ هذا بشر .. كيف نطيع بشرا مثلنا؟ ثم.. لماذا اختار اللهبشرا من بيننا ليوحى إليه؟

قال رؤساء قوم هود: أليس غريبا أن يختار الله منبيننا بشرا ويوحي إليه؟!
تسائل هو: ما هو الغريب في ذلك؟ إن الله الرحيم بكم قدأرسلني إليكم لأحذركم. إن سفينة نوح، وقصة نوح ليست ببعيدة عنكم، لا تنسوا ما حدث،لقد هلك الذين كفروا بالله، وسيهلك الذين يكفرون بالله دائما، مهما يكونواأقوياء.
قال رؤساء قوم هود: من الذي سيهلكنا يا هود؟
قال هود: الله .
قالالكافرون من قوم هود: ستنجينا آلهتنا.

وأفهمهم هود أن هذه الآلهة التييعبدونها لتقربهم من الله، هي نفسها التي تبعدهم عن الله. أفهمهم أن الله هو وحدهالذي ينجي الناس، وأن أي قوة أخرى في الأرض لا تستطيع أن تضر أوتنفع.

واستمر الصراع بين هود وقومه. وكلما استمر الصراع ومرت الأيام، زادقوم هود استكبارا وعنادا وطغيانا وتكذيبا لنبيهم. وبدءوا يتهمون "هودا" عليهالسلامبأنه سفيهمجنون.

قالوا له يوما: لقد فهمنا الآن سر جنونك. إنك تسب آلهتنا وقد غضبتآلهتنا عليك، وبسبب غضبها صرت مجنونا.

انظروا للسذاجة التي وصل إليهاتفكيرهم. إنهم يظنون أن هذه الحجارة لها قوى على من صنعها. لها تأثير على الإنسانمع أنا لا تسمع ولا ترى ولا تنطق. لم يتوقف هود عند هذيانهم، ولم يغضبه أن يظنوا بهالجنون والهذيان، ولكنه توقف عند قولهم: (وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنقَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ).

بعد هذا التحدي لم يبق لهود إلاالتحدي. لم يبق له إلا التوجه إلى الله وحده. لم يبق أمامه إلا إنذار أخير ينطويعلى وعيد للمكذبين وتهديدا لهم.. وتحدث هود:

إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَبَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّيبَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَتُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِندَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍمُّسْتَقِيمٍ (56) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِإِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًاإِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) (هود)

إن الإنسان ليشعربالدهشة لهذه الجرأة في الحق. رجل واحد يواجه قوما غلاظا شدادا وحمقى. يتصورون أنأصنام الحجارة تستطيع الإيذاء. إنسان بمفرده يقف ضد جبارين فيسفه عقيدتهم، ويتبرأمنهم ومن آلهتهم، ويتحداهم أن يكيدوا له بغير إبطاء أو إهمال، فهو على استعدادلتلقي كيدهم، وهو على استعداد لحربهم فقد توكل على الله. والله هو القوي بحق، وهوالآخذ بناصية كل دابة في الأرض. سواء الدواب من الناس أو دواب الوحوش أو الحيوان. لا شيء يعجز الله.

بهذا الإيمان بالله، والثقة بوعده، والاطمئنان إلى نصره.. يخاطب هود الذين كفروا من قومه. وهو يفعل ذلك رغم وحدته وضعفه، لأنه يقف مع الأمنالحقيقي ويبلغ عن الله. وهو في حديثه يفهم قومه أنه أدى الأمانة، وبلغ الرسالة. فإنكفروا فسوف يستخلف الله قوما غيرهم، سوف يستبدل بهم قوما آخرين. وهذا معناه أنعليهم أن ينتظروا العذاب.

هلاك عاد:

وهكذا أعلن هود لهم براءته منهمومن آلهتهم. وتوكل على الله الذي خلقه، وأدرك أن العذاب واقع بمن كفر من قومه. هذاقانون من قوانين الحياة. يعذب الله الذين كفروا، مهما كانوا أقوياء أو أغنياء أوجبابرة أو عمالقة.

انتظر هود وانتظر قومه وعد الله. وبدأ الجفاف في الأرض. لم تعد السماء تمطر. وهرع قوم هود إليه. ما هذا الجفاف يا هود؟ قال هود: إن اللهغاضب عليكم، ولو آمنتم فسوف يرضى الله عنكم ويرسل المطر فيزيدكم قوة إلى قوتكم. وسخر قوم هود منه وزادوا في العناد والسخرية والكفر. وزاد الجفاف، واصفرت الأشجارالخضراء ومات الزرع. وجاء يوم فإذا سحاب عظيم يملأ السماء. وفرح قوم هود وخرجوا منبيوتهم يقولون: (هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا).

تغير الجو فجأة. من الجفافالشديد والحر إلى البرد الشديد القارس. بدأت الرياح تهب. ارتعش كل شيء، ارتعشتالأشجار والنباتات والرجال والنساء والخيام. واستمرت الريح. ليلة بعد ليلة، ويومابعد يوم. كل ساعة كانت برودتها تزداد. وبدأ قوم هود يفرون، أسرعوا إلى الخيامواختبئوا داخلها، اشتد هبوب الرياح واقتلعت الخيام، واختبئوا تحت الأغطية، فاشتدهبوب الرياح وتطايرت الأغطية. كانت الرياح تمزق الملابس وتمزق الجلد وتنفذ من فتحاتالجسم وتدمره. لا تكاد الريح تمس شيئا إلا قتلته ودمرته، وجعلتهكالرميم.

استمرت الرياح مسلطة عليهم سبع ليال وثمانية أيام لم تر الدنيامثلها قط. ثم توقفت الريح بإذن ربها. لم يعد باقيا ممن كفر من قوم هود إلا ما يبقىمن النخل الميت. مجرد غلاف خارجي لا تكاد تضع يدكعليهحتى يتطاير ذرات فيالهواء.

نجا هود ومن آمن معه.. وهلك الجبابرة.. وهذه نهاية عادلة لمن يتحدىالله ويستكبر ع



نبذة:

أرسله الله إلى قوم نينوى فدعاهم إلى عبادةالله وحده ولكنهم أبوا واستكبروا فتركهم وتوعدهم بالعذاب بعد ثلاث ليال فخشوا علىأنفسهم فآمنوا فرفع الله عنهم العذاب، أمايونسفخرج في سفينة وكانوا على وشكالغرق فاقترعوا لكي يحددوا من سيلقى من الرجال فوقع ثلاثا علىيونسفرمى نفسه في البحر فالتقمهالحوت وأوحى الله إليه أن لا يأكله فدعايونسربه أن يخرجه من الظلماتفاستجاب الله له وبعثه إلى مائة ألف أويزيدون





سيرته:

كانيونسبن متى نبيا كريما أرسله اللهإلى قومه فراح يعظهم، وينصحهم، ويرشدهم إلى الخير، ويذكرهم بيوم القيامة، ويخوفهممن النار، ويحببهم إلى الجنة، ويأمرهم بالمعروف، ويدعوهم إلى عبادة الله وحده. وظلذو النون -يونسعليهالسلام- ينصح قومه فلم يؤمن منهم أحد.

وجاء يومعليهفأحس باليأس من قومه.. وامتلأقلبه بالغضب عليهم لأنهم لا يؤمنون، وخرج غاضبا وقرر هجرهم ووعدهم بحلول العذاب بهمبعد ثلاثة أيام. ولا يذكر القرآن أين كان قوم يونس. ولكن المفهوم أنهم كانوا فيبقعة قريبة من البحر. وقال أهل التفسير: بعث اللهيونسعليهالسلامإلى أهل (نينوى) من أرضالموصل. فقاده الغضب إلى شاطىء البحر حيث ركب سفينة مشحونة. ولم يكن الأمر الإلهيقد صدر له بأن يترك قومه أو ييأس منهم. فلما خرج من قريته، وتأكد أهل القرية مننزول العذاب بهم قذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة وندموا على ما كان منهم إلىنبيهم وصرخوا وتضرعوا إلى الله عز وجل، وبكى الرجال والنساء والبنون والبناتوالأمهات. وكانوا مائة ألف يزيدون ولا ينقصون. وقد آمنوا أجمعين. فكشف الله العظيمبحوله وقوته ورأفته ورحمته عنهم العذاب الذي استحقوه بتكذيبهم.

أمرالسفينة:

أما السفينة التي ركبها يونس، فقد هاج بها البحر، وارتفع من حولهاالموج. وكان هذا علامة عند القوم بأن من بين الركاب راكباً مغضوباًعليهلأنه ارتكب خطيئة. وأنه لا بدأن يلقى في الماء لتنجو السفينة من الغرق. فاقترعوا على من يلقونه من السفينة . فخرج سهميونس-وكان معروفاًعندهم بالصلاح- فأعادوا القرعة، فخرج سهمه ثانية، فأعادواها ثالثة، ولكن سهمه خرجبشكل أكيد فألقوه في البحر -أو ألقى هو نفسه. فالتقمه الحوت لأنه تخلى عن المهمةالتي أرسله الله بها, وترك قومه مغاضباً قبل أن يأذن الله له. وأحى الله للحوت أنلا يخدش ليونس لحما ولا يكسر له عظما. واختلف المفسرون في مدة بقاءيونسفي بطن الحوت، فمنهم من قالأن الحوت التقمه عند الضحى، وأخرجه عند العشاء. ومنهم من قال انه لبث في بطنه ثلاثةأيام، ومنهم من قال سبعة.

يونس في بطن الحوت:

عندما أحس بالضيق فيبطن الحوت، في الظلمات -ظلمة الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل- سبح الله واستغفرهوذكر أنه كان من الظالمين. وقال: (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّيكُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). فسمع الله دعاءه واستجاب له. فلفظه الحوت. (فلولا أنهكان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون). وقد خرج من بطن الحوت سقيماً عارياًعلى الشاطىء. وأنبت اللهعليهشجرة القرع. قال بعض العلماء في إنبات القرععليهحِكَم جمة. منها أن ورقه فيغاية النعومة وكثير وظليل ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره نياًومطبوخاً، وبقشره وببزره أيضاً. وكان هذا من تدبير الله ولطفه. وفيه نفع كثيروتقوية للدماغ وغير ذلك. فلما استكمل عافيته رده الله إلى قومه الذين تركهممغاضباً.

فضليونسعليهالسلام:

لقد وردتأحاديث كثيرة عن فضليونسعليهالسلام، منها قول النبي‏ ‏صلىاللهعليهوسلم: "‏لا ينبغيلعبد أن يقول أنا خير من ‏‏يونسبن متى" وقولهعليهالصلاةوالسلام: "من قال أنا خير من ‏‏يونسبن متى ‏ ‏فقدكذب".

ذنبيونسعليهالسلام:

نريد الآن أنننظر فيما يسميه العلماء ذنب يونس. هل ارتكبيونسذنبا بالمعنى الحقيقي للذنب؟وهل يذنب الأنبياء. الجواب أن الأنبياء معصومون.. غير أن هذه العصمة لا تعني أنهملا يرتكبون أشياء هي عند الله أمور تستوجب العتاب. المسألة نسبية إذن.

يقولالعارفون بالله: إن حسنات الأبرار سيئات المقربين.. وهذا صحيح. فلننظر إلى فراريونسمن قريته الجاحدة المعاندة. لو صدر هذا التصرف من أي إنسان صالح غير يونس.. لكان ذلك منه حسنة يثاب عليها. فهوقد فر بدينه من قوم مجرمين.

ولكنيونسنبي أرسله الله إليهم.. والمفروض أن يبلغ عن الله ولا يعبأ بنهاية التبليغ أو ينتظر نتائج الدعوة.. ليسعليهإلا البلاغ.

خروجه منالقرية إذن.. في ميزان الأنبياء.. أمر يستوجب تعليم الله تعالى لهوعقابه.

إن الله يلقنيونسدرسا في الدعوة إليه، ليدعو النبي إلى الله فقط. هذه حدود مهمته وليسعليهأن يتجاوزها ببصره أو قلبه ثميحزن لأن قومه لا يؤمنون.

ولقد خرجيونسبغير إذن فانظر ماذا وقعلقومه. لقد آمنوا به بعد خروجه.. ولو أنه مكث فيهم لأدرك ذلك وعرفه واطمأن قلبهوذهب غضبه.. غير أنه كان متسرعا.. وليس تسرعه هذا سوى فيض في رغبته أن يؤمن الناس،وإنما اندفع إلى الخروج كراهية لهم لعدم إيمانهم.. فعاقبه الله وعلمه أن على النبيأن يدعو لله فحسب. والله يهدي من يشاء.ن عبادتهوفىبه قصة أصحاب الأخدود
القصة:
إنها قصة فتاً آمن، فصبر وثبت، فآمنتمعه قريته.
لقد كان غلاما نبيها، ولم يكن قد آمن بعد. وكان يعيش فيقرية ملكها كافر يدّعي الألوهية. وكان للملك ساحر يستعين به. وعندما تقدّم العمربالساحر، طلب من الملك أن يبعث له غلاما يعلّمه السحر ليحلّ محله بعد موته. فاختيرهذا الغلام وأُرسل للساحر.
فكان الغلام يذهب للساحرليتعلم منه، وفي طريقه كان يمرّ على راهب. فجلس معه مرة وأعجبه كلامه. فصار يجلس معالراهب في كل مرة يتوجه فيها إلى الساحر. وكان الساحر يضربه إن لم يحضر. فشكى ذلكللراهب. فقال له الراهب: إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل حبسنيالساحر.
وكان في طريقه في أحد الأيام، فإذا بحيوان عظيم يسدّ طريقالناس. فقال الغلام في نفسه، اليوم أعلم أيهم أفضل، الساحر أم الراهب. ثم أخذ حجراوقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضيالناس. ثم رمى الحيوان فقلته، ومضى الناس في طريقهم. فتوجه الغلام للراهب وأخبرهبما حدث. فقال له الراهب: يا بنى، أنت اليوم أفضل مني، وإنك ستبتلى، فإذا ابتليتفلا تدلّ عليّ.
وكان الغلام بتوفيق من الله يبرئ الأكمه والأبرص ويعالجالناس من جميع الأمراض. فسمع به أحد جلساء الملك، وكان قد فَقَدَ بصره. فجمع هداياكثرة وتوجه بها للغلام وقال له: أعطيك جميع هذه الهداية إن شفيتني. فأجاب الغلام: أنا لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك. فآمنجليس الملك، فشفاه الله تعالى.
فذهب جليس الملجس، وقعدبجوار الملك كما كان يقعد قبل أن يفقد بصره. فقال له الملك: من ردّ عليك بصرك؟فأجاب الجليس بثقة المؤمن: ربّي. فغضب الملك وقال: ولك ربّ غيري؟ فأجاب المؤمن دونتردد: ربّي وربّك الله. فثار الملك، وأمر بتعذيبه. فلم يزالوا يعذّبونه حتى دلّ علىالغلام.
أمر الملك بإحضار الغلام، ثم قال له مخاطبا: يا بني، لقدبلغت من السحر مبلغا عظيما، حتى أصبحت تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل. فقالالغلام: إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى. فأمر الملك بتعذيبه. فعذّبوه حتىدلّ على الراهب.
فأُحضر الراهب وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى الراهب ذلك. وجيئ بمشار، ووضع على مفرق رأسه، ثم نُشِرَ فوقع نصفين. ثم أحضر جليس الملك، وقيلله: ارجع عن دينك. فأبى. فَفُعِلَ به كما فُعِلَ بالراهب. ثم جيئ بالغلام وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى الغلام. فأمر الملك بأخذ الغلام لقمة جبل، وتخييره هناك، فإماأن يترك دينه أو أن يطرحوه من قمة الجبل.
فأخذ الجنود الغلام،وصعدوا به الجبل، فدعى الفتى ربه: اللهم اكفنيهم بما شئت. فاهتزّ الجبل وسقطالجنود. ورجع الغلام يمشي إلى الملك. فقال الملك: أين من كان معك؟ فأجاب: كفانيهمالله تعالى. فأمر الملك جنوده بحمل الغلام في سفينة، والذهاب به لوسط البحر، ثمتخييره هناك بالرجوع عن دينه أو إلقاءه.
فذهبوا به، فدعى الغلامالله: اللهم اكفنيهم بما شئت. فانقلبت بهم السفينة وغرق من كان عليها إلا الغلام. ثم رجع إلى الملك. فسأله الملك باستغراب: أين من كانمعك؟ فأجاب الغلام المتوكل علىالله: كفانيهم الله تعالى. ثم قال للملك: إنك لن تستطيع قتلي حتى تفعل ما آمرك به. فقال الملك: ما هو؟ فقال الفتى المؤمن: أن تجمع الناس في مكان واحد، وتصلبي علىجذع، ثم تأخذ سهما من كنانتي، وتضع السهم في القوس، وتقول "بسم الله ربّ الغلام" ثمارمني، فإن فعلت ذلك قتلتني.
استبشر الملك بهذا الأمر. فأمر على الفور بجمع الناس، وصلب الفتى أمامهم. ثم أخذ سهما من كنانته، ووضع السهمفي القوس، وقال: باسم الله ربّ الغلام، ثم رماه فأصابهفقتله.
فصرخ الناس: آمنا بربّ الغلام. فهرع أصحاب الملك إليه وقالوا: أرأيت ماكنت تخشاه! لقد وقع، لقد آمن الناس.
فأمر الملك بحفر شقّ فيالأرض، وإشعال النار فيها. ثم أمر جنوده، بتخيير الناس، فإما الرجوع عن الإيمان، أوإلقائهم في النار. ففعل الجنود ذلك، حتى جاء دور امرأة ومعها صبي لها، فخافت أنتُرمى في النار.



نبذة:

أرسله الله إلى قوم ثمود وكانوا قوما جاحدين آتاهم الله رزقا كثيرا ولكنهم عصوا ربهم وعبدوا الأصنام وتفاخروا بينهم بقوتهم فبعث الله إليهم صالحا مبشرا ومنذرا ولكنهم كذبوه وعصوه وطالبوه بأن يأتي بآية ليصدقوه فأتاهم بالناقة وأمرهم أن لا يؤذوها ولكنهم أصروا على كبرهم فعقروا الناقة وعاقبهم الله بالصاعقة فصعقوا جزاء لفعلتهم ونجى الله صالحا والمؤمنين.





سيرته:

إرسال
صالحعليهالسلاملثمود:

جاء قوم ثمود بعد قوم عاد، وتكررت قصة العذاب بشكل مختلف مع ثمود. كانت ثمود قبيلة تعبد الأصنام هي الأخرى، فأرسل الله سيدنا "صالحا" إليهم.. وقال
صالحلقومه: (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) نفس الكلمة التي يقولها كل نبي.. لا تتبدل ولا تتغير، كما أن الحق لا يتبدل ولا يتغير.

فوجئ الكبار من قوم
صالحبما يقوله.. إنه يتهم آلهتهم بأنها بلا قيمة، وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده. وأحدثت دعوته هزة كبيرة في المجتمع.. وكان صالحمعروفا بالحكمة والنقاء والخير. كان قومه يحترمونه قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم.. وقال قوم صالحله:

قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62) (هود)

تأمل وجهة نظر الكافرين من قوم صالح. إنهم يدلفون إليه من باب شخصي بحت. لقد كان لنا رجاء فيك. كنت مرجوا فينا لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك، ثم خاب رجاؤنا فيك.. أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟! يا للكارثة.. كل شيء يا
صالحإلا هذا. ما كنا نتوقع منك أن تعيب آلهتنا التي وجدنا آبائنا عاكفين عليها.. وهكذا يعجب القوم مما يدعوهم إليه. ويستنكرون ما هو واجب وحق، ويدهشون أن يدعوهم أخوهم صالحإلى عبادة الله وحده. لماذا؟ ما كان ذلك كله إلا لأن آبائهم كانوا يعبدون هذه الآلهة.

معجزة
صالحعليهالسلام:

ورغم نصاعة دعوة
صالحعليهالصلاة والسلام، فقد بدا واضحا أن قومه لن يصدقونه. كانوا يشكون في دعوته، واعتقدوا أنه مسحور، وطالبوه بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم. وشاءت إرادة الله أن تستجيب لطلبهم. وكان قوم ثمود ينحتون من الجبال بيوتا عظيمة. كانوا يستخدمون الصخر في البناء، وكانوا أقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم من كل شيء. جاءوا بعد قوم عاد فسكنوا الأرض التي استعمروها.

قال
صالحلقومه حين طالبوه بمعجزة ليصدقوه:

وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64) (هود)

والآية هي المعجزة، ويقال إن الناقة كانت معجزة لأن صخرة بالجبل انشقت يوما وخرجت منها الناقة.. ولدت من غير الطريق المعروف للولادة. ويقال إنها كانت معجزة لأنها كانت تشرب المياه الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب بقية الحيوانات من المياه في هذا اليوم، وقيل إنها كانت معجزة لأنها كانت تدر لبنا يكفي لشرب الناس جميعا في هذا اليوم الذي تشرب فيه الماء فلا يبقى شيء للناس. كانت هذه الناقة معجزة، وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله: (نَاقَةُ اللّهِ) أضافها لنفسه سبحانه بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة من الله. وأصدر الله أمره إلى
صالحأن يأمر قومه بعدم المساس بالناقة أو إيذائها أو قتلها، أمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله، وألا يمسوها بسوء، وحذرهم أنهم إذا مدوا أيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب قريب.

في البداية تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبل.. كانت ناقة مباركة. كان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال. كان واضحا إنها ليست مجرد ناقة عادية، وإنما هي آية من الله. وعاشت الناقة بين قوم صالح، آمن منهم من آمن وبقي أغلبهم على العناد والكفر. وذلك لأن الكفار عندما يطلبون من نبيهم آية، ليس لأنهم يريدون التأكد من صدقه والإيمان به، وإنما لتحديه وإظهار عجزه أمام البشر. لكن الله كان يخذلهم بتأييد أنبياءه بمعجزات من عنده.

كان
صالحعليهالصلاة والسلام يحدث قومه برفق وحب، وهو يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينبههم إلى أن الله قد أخرج لهم معجزة هي الناقة، دليلا على صدقه وبينة على دعوته. وهو يرجو منهم أن يتركوا الناقة تأكل في أرض الله، وكل الأرض أرض الله. وهو يحذرهم أن يمسوها بسوء خشية وقوع عذاب الله عليهم. كما ذكرهم بإنعام الله عليهم: بأنه جعلهم خلفاء من بعد قوم عاد.. وأنعم عليهم بالقصور والجبال المنحوتة والنعيم والرزق والقوة. لكن قومه تجاوزوا كلماته وتركوه، واتجهوا إلى الذين آمنوا بصالح.

يسألونهم سؤال استخفاف وزراية: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ ؟!
قالت الفئة الضعيفة التي آمنت بصالح: إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ
فأخذت الذين كفروا العزة بالإثم.. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ . هكذا باحتقار واستعلاء وغضب.

تآمر الملأ على الناقة:

وتحولت الكراهية عن سيدنا
صالحإلى الناقة المباركة. تركزت عليها الكراهية، وبدأت المؤامرة تنسج خيوطها ضد الناقة. كره الكافرون هذه الآية العظيمة، ودبروا في أنفسهم أمرا.

وفي إحدى الليالي، انعقدت جلسة لكبار القوم، وقد أصبح من المألوف أن نرى أن في قصص الأنبياء هذه التدابير للقضاء على النبي أو معجزاته أو دعوته تأتي من رؤساء القوم، فهم من يخافون على مصالحهم إن تحول الناس للتوحيد، ومن خشيتهم إلى خشية الله وحده. أخذ رؤساء القوم يتشاورون فيما يجب القيام به لإنهاء دعوة صالح. فأشار عليهم واحد منهم بقتل الناقة ومن ثم قتل
صالحنفسه.

وهذا هو سلاح الظلمة والكفرة في كل زمان ومكان، يعمدون إلى القوة والسلاح بدل الحوار والنقاش بالحجج والبراهين. لأنهم يعلمون أن الحق يعلوا ولا يعلى عليه، ومهما امتد بهم الزمان سيظهر الحق ويبطل كل حججهم. وهم لا يريدون أن يصلوا لهذه المرحلة، وقرروا القضاء على الحق قبل أن تقوى شوكته.

لكن أحدهم قال: حذرنا
صالحمن المساس بالناقة، وهددنا بالعذاب القريب. فقال أحدهم سريعا قبل أن يؤثر كلام من سبقه على عقول القوم: أعرف من يجرأ على قتل الناقة. ووقع الاختيار على تسعة من جبابرة القوم. وكانوا رجالا يعيثون الفساد في الأرض، الويل لمن يعترضهم.

هؤلاء هم أداة الجريمة. اتفق على موعد الجريمة ومكان التنفيذ. وفي الليلة المحددة. وبينما كانت الناقة المباركة تنام في سلام. انتهى المجرمون التسعة من إعداد أسلحتهم وسيوفهم وسهامهم، لارتكاب الجريمة. هجم الرجال على الناقة فنهضت الناقة مفزوعة. امتدت الأيدي الآثمة القاتلة إليها. وسالت دمائها.

هلاك ثمود:

علم النبي
صالحبما حدث فخرج غاضبا على قومه. قال لهم: ألم أحذركم من أن تمسوا الناقة؟
قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله.. ألم تقل أنك من المرسلين؟
قال
صالحلقومه: تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ

بعدها غادر
صالحقومه. تركهم ومضى. انتهى الأمر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام.

ومرت ثلاثة أيام على الكافرين من قوم
صالحوهم يهزءون من العذاب وينتظرون، وفي فجر اليوم الرابع: انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة. انقضت الصيحة على الجبال فهلك فيها كل شيء حي. هي صرخة واحدة.. لم يكد أولها يبدأ وآخرها يجيء حتى كان كفار قوم صالحقد صعقوا جميعا صعقة واحدة.

هلكوا جميعا قبل أن يدركوا ما حدث. أما الذين آمنوا بسيدنا صالح، فكانوا قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا
فألهم الله الصبي أن يقول لها: يا أمّاه اصبري فإنك علىالحق.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عن خاتم الأنبياء مهندالحارثي نور الإسلام - 0 02-17-2010 11:11 PM
قصص الأنبياء لاميتا1 نور الإسلام - 9 09-23-2008 03:38 PM
دعاء الأنبياء moha_ablove نور الإسلام - 5 05-26-2007 01:38 PM


الساعة الآن 08:30 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011