عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-27-2010, 03:15 PM
 
Post صفات العباد الذين يحبهم الله 2 ـ لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي .


بسم الله الرحمن الرحيم




الأستاذ جميل :
السلام عليكم ورحمة الله أيها الأخوة والأحبة ، أسعد الله أوقاتكم بكل خير ، وأهلاً بكم في لقاء جديد في برنامجنا عقل وقلب .
ضيفنا فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ، ما زال الحديث مستمراً عن طائفة من الناس ، اختارهم الله لمحبته فكانوا أحبابه ، من الذين يحبهم الله ؟ لعلنا أن نجد لأنفسنا باباً ندخل فيه إلى محبة الله ، ومعكم فضيلة الدكتور .



الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
أستاذ جميل ، الإنسان كائن متميز ، ركب الملك من عقل بلا شهوة ، وركب الحيوان من شهوة بلا عقل ، وركب الإنسان من كليهما ، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة ، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان ، هذا كلام الإمام علي رضي الله عنه .
يتضح من هذا الكلام أن الإنسان أودع الله فيه الشهوات ، وخلقه لجنة عرضها السماوات والأرض ، فيه جزء علوي ، وفيه جزء دنيوي ، فحينما يتقي الإنسان أن يقع في سخط الله ، أو أن يقع في غضب الله ، أو أن يقع في معصية الله ، أو أن يقع تحت استحقاق غضب الله ، يكون متقياً ، والتقوى من الوقاية ، والمؤمن يتقي غضب الله بطاعته ، يتقي نار جهنم باتباع أمره ، يتقي سخطه بإرضائه ، لكن المشكلة أي شهوة أودعها الله بالإنسان بإمكان الإنسان أن يتحرك من خلال هذه الشهوة بمستوى يساوي 180 درجة ، لكن الله سبحانه وتعالى سمح لهذا الإنسان بحيز محدود ، وليكن مئة درجة .
فالمؤمن يوقع حركته في الحياة بدافع من شهواته ، في هذا الحيز الذي سمح الله به ، لذلك هو يتقي الله .



كأن المؤمن مركبة ، شهوته هي المحرك ، وعقله هو المقود ، والمنهج الإلهي هو الطريق ، كيف يتقي غضب الله ؟ كيف يتقي سخط الله ؟ كيف يتقي عقاب الله ؟ كيف يتقي نار جهنم ؟ حينما يحاول من خلال المقود ، ومن خلال الحركة الجانحة التي يحدثها المحرك أن يبقي المحرك على الطريق ، على منهج الله ، هذا هو المتقي ، أكل وشرب ، لكن أكل من مالٍ حلال ، اشترى طعاماً بمال حلال ، لا شيء عليه ، اشتهى المرأة فتزوج ، زوجة صالحة ، تسره إن نظر إليها ، تحفظه إذا غاب عنها ، تطيعه إن أمرها ، ولود ودود ، يعني أي شيء أراده فللجهة الخالقة منهج يمكن أن تلبي هذه الرغبة بطريق مشروع من هنا قال تعالى :
( سورة القصص الآية : 50 ) .
من هو المتقي ؟ الذي اتقى أن يعصي الله ، المتقي هو الطائع ، قال تعالى :
( سورة الأحزاب ) .
أنا حينما أتيقن قطعاً أن الجهة الصانعة هي الجهة الخبيرة ، والجهة الصانعة بالنسبة إلي هي الله عز وجل ، هو الله ، هو الخبير ، وقال تعالى :
( سورة فاطر ) .


إذاً الله وحده يعلم ما الذي يسعدني ، وما الذي يشقيني ، ما الذي يسلمني ، وما الذي وما الذي يغويني ، أنا حينما أتبع منهجه ، لكن في ملمح دقيق جداً هذا الملمح الانتفاع بالشيء ليس أحد فروع العلم به .
يعني يأتي إنسان أميّ لا يقرأ ولا يكتب ، يشتري مكيفاً ، يفتح مفتاح التشغيل يأتيه الهواء البارد ، ينتفع بكل ما في هذا المكيف ، من مزايا ، وهو يجهل كلياً آلية عمله ويأتي دكتور بالتكييف ، ويشتري مكيفاً ، ويفتح مفتاح التشغيل فيأتيه الهواء البارد ، كالأول تماماً .
فعظمة هذا الدين أن أوامر الله بمجرد أن تطبقها تقطف كل ثمارها ، إن علمت حكمتها أو لم تعلم ، لأن هذا الدين لكل الناس ، هذا الدين كالهواء يجب أن نستنشقه ببساطة ، فالذي يعلم الحقائق والحكم هذا يصبح داعية ، فالذي لا يعلم لمجرد أن يطبق يقطف كل الثمار ، أي ثمار الدين تقطفها لمجرد التطبيق ، إلى ماذا ينقلنا هذا ؟ ينقلنا إلى حقيقة أخطر أن أوامر الدين العلاقة بينها وبين نتائجها علاقة علمية ، يعني علاقة سبب بنتيجة .
لو جاء إنسان ملحد ، وطبق منهج الله قطف كل ثماره ، بل إنني أرى أن الإيجابيات في العالم الغربي كلها إسلامية ، لا لأنهم يعبدون الله ، بل يعبدون الدولار من دون الله ، الدين منهج موضوعي شيء رائع جداً ، أي جهة طبقته تقطف ثماره ، إلا أن الذي طبقه بسبب ذكائه ، واكتشاف حقيقة ناصعة في المنهج هذا استفاد من هذا المنهج في الدنيا فقط ، أما المؤمن استفاد منه في الدنيا والآخرة ، في الدنيا قطف ثماره يانعة ، وفي الآخرة كافأه الله على طاعته بجنة عرضها السماوات والأرض .



لذلك المتقي إنسان أولاً ذكي جداً ، وقد قيل : الذكاء هو التكيف ، لمجرد أن تتكيف مع الذي خلقك ، وصورك ، ومنحك السمع والبصر ، وأعدك لجنة عرضها السماوات والأرض ، فأنت من المتقين ، لذلك أول سورة فيها أول أية :
( سورة البقرة ) .
من هم ؟
( سورة البقرة ) .
يعني هناك جانب عقدي ، فكري ، اعتقادي ، وجانب روحي اتصال بالله ، وجانب سلوكي العطاء ، وسيدنا المسيح عليه وعلى سيدنا محمد أفضل الصلاة والسلام قال :
( سورة مريم الآية : 31 ) .
حركة نحو الخالق ، طاعة ، وعبادة ، وإقبال ، وسعادة ، وحركة نحو المخلوق انضباط ، وإحسان ، هذا هو المتقي ، اتقى أن يعصي الله .
الأستاذ جميل :
دكتور ، يظن بعض الناس أن التقي أو الولي :
( سورة يونس ) .
هؤلاء الناس يعتقدون أنهم ليسوا بشر ، أنهم مخلوقات من الفضاء ، ولا يمكن لأحد أن يداريهم منزلة ، فالتقوى ، طريق التقوى كما ذكرتم .



الدكتور راتب :
واقعي ، لولا أن النبي عليه الصلاة والسلام بشر ، تجري عليه كل خصائص البشر لما كان سيد البشر ، لأنه انتصر على بشريته ، وأقام منهج ربه ، ومنهج رسول الله نحن جميعاً مكلفون به ، وهذا المنهج ضمن طاقتنا ، وإمكاناتنا ، لأن الله ما كان له أن يكلفنا مالا نطيق ، أبداً ، إذا أردت أن تطاع فأمر بالمستطاع .
فلذلك نحن إذا قلنا ولي هناك تعريف قرآني جامع مانع ، ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ ، من هم ؟
( سورة يونس ) .
فهذا الذي لا يعلم وهو عبء على الناس ليس ولي الله .



رأى النبي شاباً يتعبد الله في أثناء وقت العمل ، قال له : من يطعمك ؟ قال له : أخي ، قال : أخوك أعبد منك .
(( اليدُ العليا خير من اليدِ السُّفْلى )) .
[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ومالك عن عبد الله بن عمر ] .
أمسك النبي عليه الصلاة والسلام بيد ابن مسعود وكانت خشنة من العمل ، أمسك يده ، ورفعها وقال : هذه اليد يحبها الله ورسوله .
فلذلك حرفتك التي ترتزق منها إذا كانت في الأصل مشروعة ، وسلكت بها الطرق المشروعة ، وابتغيت منها كفاية نفسك ، وأهلك ، وخدمة الناس ، ولم تشغلك عن واجب ديني ، ولا عن فريضة ، ولا عن عمل صالح ، ولا عن طلب علم ، انقلبت إلى عبادة لذلك قالوا : عادات المؤمن عبادات ، وعبادات المنافق سيئات .
فالمتقي هو الذي اتقى أن يعصي الله ، لكن في شهوات ، هذه الشهوات تدفعه إلى اقتراف المعاصي والمبيقات ، لكنه ضبط نفسه إذاً هو يحتاج إلى صبر ، وهذا مما سوف يُشرح إن شاء الله .
الأستاذ جميل :
للحديث مساس بنا وبواقعنا ، المستفيد من محبة الله هو الإنسان ، فما هي بقية الصفات التي يحبها الله في عبده ؟.



الدكتور راتب :
ذكرت قبل قليل : أن الإنسان عنده شهوات تشده إلى الأرض ، وعنده طموحات تشده إلى الله عز وجل ، فحينما تزل قدمه فتح الله له باب التوبة ، لكن الآن لابدّ من توضيح حقيقة ، لماذا الصبر ؟
الإنسان له طبع ، ومعه تكليف ، الطبع مرتبط بالجسم ، الجسم يميل إلى النوم المديد ، يأتي التكليف فيأمره أن يصلي صلاة الفجر ، إذاً الطبع متناقض مع التكليف ، الطبع يدعوه إلى النوم ، والتكليف يأمره أن يستيقظ ، الطبع يأمره أن يأخذ المال .
( سورة آل عمران الآية : 14 ) .
فطبعه أخذ المال ، والتكليف إنفاق المال ، طبعه أن يملأ عينه من محاسن المرأة والتكليف أمره أن يغض البصر .
( سورة النور الآية : 30 ) .
طبع الإنسان يحب أن يخوض في فضائح الناس ، والتكليف أمره أن يسكت ، هذا التناقض بين الطبع والتكليف هو ثمن الجنة .
( سورة النازعات ) .


لذلك هو بحاجة إلى الصبر ، بحاجة أن يقمع شهوته ليرضي ربه ، لكن :
((ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه )) .
[ الجامع الصغير عن ابن عمر ]
فالمؤمن انتصر على نفسه ، وقادها ، ولم يسمح لها أن تقوده ، تحكم بها ، ولم يسمح لها أن تتحكم به ، إذاً هو صابر ، لكن الله عز وجل يقول :
( سورة الزمر ) .
إنسان يعطيك ألف بشيك ، أو يعطيك مليون ، أو مئة مليون ، لكن في إنسان يوقع لك شيكاً ، يقول لك : أنت ضع أي رقم تريده ، هذه بغير حساب أصبحت .
أنا أرى أن الذي آثر رضا الله على شهوته ، وضبط نفسه ، وحمل نفسه على طاعة الله ، هذا يوفى بغير حساب ، والصابر إنسان عظيم ، لأن له هدف كبير ، وأوقع حركته بالحياة وفق منهج الله ، ولم يسمح لشهوته أن تحجبه عن الله .
الأستاذ جميل :
دكتور بعدها الواحد يتمنى البلاء طالما أنه شيك بغير حساب .



الدكتور راتب :
ممنوع أن نسأل الله البلاء ، الدليل قول النبي الكريم في الطائف حينما بالع أهل الطائف في تكذيبه ، وفي الاستهزاء به ، بل وأغروا صبيانهم بضربه ، وسال الدم الشريف من رجليه ، قال :
(( إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي ، ولك العتبى حتى ترضى لكن عافيتك أوسع لي )) .
[ الطبراني عن عبد الله بن جعفر ، وفي سنده ضعف ]
سأل الله العافية ، إذاً الصبر جزء من إيمان المؤمن بل إن الإيمان نصفان نصف صبر ، ونصف شكر ، فالإنسان إذا شيئاً أراده لم يحقق فهو صابر ، إذاً هو مأجور ، والإنسان إذا طمح إلى شيء فناله ، فهو شاكر ، فإما أن تكون شاكراً ، وإما أن تكون صابراً ، والإيمان نصف صبر ونصف شكر ، الدين كله انضباط ، يوجد شهوة ضبطها وفق منهج الله ، العلاقة بالمرأة الزواج فقط ، العلاقة بالمال الكسب المشروع ، العلاقة بالعلو في الأرض ليست إيذاء الناس ، خدمتهم ، وتعليمهم ، والأخذ بيدهم ، ورحمتهم .



لذلك الصابر يصل إلى أهدافه كلها عن طريق ضبط نفسه ، الدين كله ضبط ، الإنسان الذي ما فيه دين متفلت ، والإنسان المؤمن منضبط بمنهج الله عز وجل ، لذلك الإنسان بلا منهج إلهي حياته فيها شقاء الدليل قال تعالى :
( سورة الرحمن ) .
يوجد تساؤل بالآية : يا رب أيعقل أن يعلم الإنسان قبل أن يولد ؟ ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ ﴾ أجاب علماء التفسير : أن هذا الترتيب في الآية ليس ترتيباً زمنياً بل هو ترتيب رتبي ، بمعنى أن وجود الإنسان لا معنى له إطلاقاً من دون منهج يسير عليه فالمنهج مقدم .
عندك جهاز ثمنه أربعون مليوناً ، ولم ترسل لك الشركة تعليمات التشغيل ، إن استخدمته من دون تعليمات أعطبته ، وإن خفت عليه جمدت ثمنه ، أليست هذه التعليمات أهم من الجهاز ؟ .
هكذا الإنسان ، الإنسان له منهج يسير عليه .
( سورة الأحزاب ) .
الأستاذ جميل :
إذاً نحن ممتحنين فضيلة الدكتور في هذه الحياة ، ولكن الامتحان إما أن يكون امتحان شكر ، أو أن يكون امتحان صبر .



الدكتور راتب :
البطولة أن الحظوظ في الدنيا موزعة توزيع ابتلاء لا توزيع جزاء ، الغني يمتحن بغناه ، فقد يسقط بالامتحان ، والفقير يمتحن بفقره فقد سينجح ، فإذا نجح الفقير بامتحان الفقر ، ولم ينجح الغني بامتحان الغنى ، سعد الفقير بجنة عرضها السماوات والأرض ، قد تمنح المرأة جمالاً أخاذاً ، تستخدمه بإغواء الناس ، تسقط ، وقد تأتي امرأة أقل منها بكثير لكنها تتقي الله ، تنجح ، إذاً تستحق جنة عرضها السماوات والأرض ، الأمر واضح جداً .



بقي المقسط .
( سورة المائدة ) .
العدل ، الله عز وجل عدل ، وعدل ساعة يعدل أن تعبد الله ثمانين عاماً ، لذلك إن الله ينصر الأمة العادلة الكافرة على الأمة المسلمة الظالمة ، العدل قيمة كبيرة جداً ، الله عدل ، فما لم يكن العدل بيننا ، فالطريق إلى النصر ليس قريباً ، لذلك قال النبي الكريم :
(( إنما تُنصرون بضعفائكم )) .
[أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن أبي الدرداء ] .
هذا الضعيف ينبغي أن تطعمه إن كان جائعاً ، ضعيف يمكن أن تهمله ، يمكن أن تسحقه ، يمكن أن تلبسه تهمة هو منها بريء ، ينبغي أن تطعمه إن كان جائعاً ، وأن تكسوه إن كان عارياً ، وأن تؤويه إن كان مشرداًَ ، وأن تعلمه إن كان جاهلاً ، وأن تعالجه إن كان مريضاً ، وأن تنصفه إن كان مظلوماً ، إذا فعلت هذا مع الضعيف ، وبإمكانك أن تهمله ، هنا الجواب : كافأك الله بمكافأة من جنس عملك ، فنصرك على من هو أقوى منك .
لذلك لا سبيل إلى أن ننتصر على عدو يبدو أنه أقوى منا ، إلا أن نلغي الظلم في حياتنا .
(( إنما تُنصرون بضعفائكم )) .
هناك رواية ثانية :
(( فإنما تُرزقُونَ وتُنصرون بضعفائكم )) .
[أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن أبي الدرداء ] .
هذه دعوة إلى إنصاف الظلوم ، إلى إطعام الفقير ، إلى إيواء المشرد ، إلى معالجة المريض ، وأية أمة تقيم العدل بين أفرادها تستحق أن تؤيد ، وأن تنتصر ولو أنها كافرة ، وأية أمة مسلمة لا تقيم العدل بين أفرادها لا تستحق نصر الله ولو كانت مؤمنة .
فلذلك هذا قول قاله بعض العلماء : إن الله ينصر الأمة الكافرة العادلة على الأمة المسلمة الظالمة .
الأستاذ جميل :
فضيلة الدكتور ، من الغذاء القلبي إلى الغذاء العقلي ، نحن عقل وقلب .



الدكتور راتب :
الحقيقة أنه يوجد أشياء قريبة للإنسان هو يسعى إلى إرضاء الله ، لكن الأدلة على عظمة الله بين يديه ، هناك آية كريمة تقول :
( سورة الذاريات ) .
خلق الإنسان و دور الغشاء العاقل :
سأضع بين أيدي الأخوة الكرام حقيقة يعرف مظهرها كل إنسان ، حينما يولد الجنين ينزل معه قرص لحمي ، هذا القرص يسميه الناس بالخلاص ، لكن يسميه علماء الطب بالمشيمة ، هذه المشيمة عبارة عن قرص لحمي تجتمع فيها دورة دم الأم مع دورة دم الجنين .
بالمناسبة : لو أن إنساناً أعطيناه دماً من زمرة غير زمرته لمات في ثانية واحدة بسبب انحلال دمه ، فلابدّ من أن يكون الدم الذي يأخذه الإنسان متوافقاً 100% مع دمه ، الشيء الذي لا يصدق أن هذا القرص اللحمي الذي اسمه المشيمة تجتمع فيه دورة دم الأم مع دورة دم الجنين ، وكل دم من زمرة ولا يختلطان ، إذاً ولا ينحل دم أحدهم ، لماذا لا يختلطان ؟
قال : بين الدورتين غشاء رقيق اسمه الغشاء العاقل ، سماه الأطباء الغشاء العاقل لأنه يقوم بأعمال يعجز عنها الأطباء العقلاء ، بماذا يقوم ؟ هذا الغشاء العاقل يأخذ الأوكسجين من دم الأم يضعه في دم الجنين ، فقام بدور جهاز التنفس في رحم المرأة ، ثم يأخذ السكر من دم الأم ويضعه في دم الجنين ، صار في سكر وأوكسجين ، ثم يأخذ الأنسولين من دم الأم يضعه في دم الجنين ، صار هناك سكر ، أوكسجين ، أنسولين ، قام بدور جهاز الهضم ، وجهاز التنفس ، والبنكرياس ، احترق السكر بالأوكسجين بوساطة الأنسولين ، شكّل طاقة ، والجنين حرارته 37 ، ناتج الاحتراق ثاني أوكسيد الكربون ، يأتي الغشاء العاقل يأخذ ثاني أوكسيد الكربون من دم الجنين يضعه في دم أمه ، فنفس الأم جزء منه نفس جنينها .
الآن يأخذ هذا الغشاء عوامل المناعة من دم الأم ويضعها في دم الجنين ، فالجنين محصن من كل الأمراض التي أصيبت بها أمه قبل أن يولد ، يقوم بمهمة أخرى هي أصعب مهمة ، هذا الغشاء كأنه يعلم كم يحتاج الجنين من جميع المواد الغذائية ، السكريات ، البروتينات ، الشحوم الثلاثية ، الفيتامينات ، المعادن ، أشباه المعادن ، بالآلاف ، يعرف كم يحتاج الجنين من هذه المواد ، وينفذ هذه الحاجة ، يلتقطها من دم الأم ، ويضعها في دم الجنين .
الحقيقة شيء مذهل ! فهذه المواد أصبحت جاهزة للإستقلاب في دم الجنين ، بعد الاستقلاب ينتج حمض البول ، يأتي الغشاء العاقل يأخذ حمض البول من دم الجنين ، ينقله إلى دم الأم ، فجزء من دم الأم هو دم جنينها .
الآن هذا الجنين يحتاج إلى بوتاس ، والأم فقيرة لا تأكل أطعمة فيها بوتاس عندئذٍ الغشاء العاقل يسهم في أن الأم الحامل تشتهي أكلة فيها بوتاس ، أرأيت إلى دقة الخلق ؟ هذا الغشاء يلقى بالمهلات بعد الولادة ، يقوم بدور لا يستطيعه أطباء الأرض مجتمعين ، هذه من آيات الدالة على عظمته ، يهب هذه المشيمة وفيها الغشاء العاقل .



لذلك الأدلة التي تقوم على العلم ، إن في خلق السماوات والأرض ، أو في خلق الإنسان ، أدلة قاطعة تأخذ بالألباب ، فالإنسان لو تفكر في خلق جسمه ، في دماغه ، في عينيه ، في أنفه ، في أذنيه ، في فمه ، في لسانه ، في رئتيه ، في قلبه ، في جهاز الهضم ، لأخذه العجب العجاب ، وحجمك عند الله بحجم معرفتك به ، وكلما ازداد الإنسان تفكراً في خلق السماوات والأرض ازداد تعظيماً ، وازداد خشوعاً ، وطاعة ، وحقق الهدف الذي خلقه الله له .
الأستاذ جميل :
جزاكم الله خيراً فضيلة الدكتور ، وأحسن إليكم ، مشاهدينا الأعزاء نودعكم على أمل اللقاء ، نستودعكم الله .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
__________________
اللهم إنى أشكو إليك ضعف قوتى وقله حيلتى وهوانى على الناس
يا أرحم الراحمين
أنت رب المستضعفين وأنت ربى
إلى من تكلنى إلى بعيد يتجهمنى أم إلى عدو ملكته أمرى
إن لم يكن بك على غضب فلا ابالى ولكن عافيتك هى أوسع لى
أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات
وصلح عليه أمر الدنيا والأ خرة
من أن يحل على غضبك أو ينزل بى سخطك
ولك العتبى حتى ترضى
ولا حول ولا قوة إلا بك
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مفاجأةكبيرة:د.محمد راتب النابلسي والشيخ محمدحسين يعقوب والشيخ نبيل العوضي فردوسالجنان خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية 0 03-10-2010 01:00 AM
خطبة مسجلة رائعة للشيخ محمد راتب النابلسي أبو صقرين خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية 1 12-08-2009 02:23 PM
شرح القواعد المُثلى في صفات الله وأسمائه الحُسنى :: لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلا بنت الرمادي خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية 9 09-12-2008 09:18 PM
سيرة الدكتور محمد راتب النابلسي الذاتية عبير القدس شخصيات عربية و شخصيات عالمية 7 08-17-2008 06:53 PM
حصريآ*( الحج إلى بيت الله الحرام ) لفضيلة الشيخ الدكتور/ محمد إسماعيل المقدم (مرئى). شباب الدعوة السلفية خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية 3 12-12-2007 06:06 PM


الساعة الآن 05:19 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011