عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. عيون الاقسام المخفية.•°`¯)}§¢¤~ > قناة عيون العرب الإخبارية

قناة عيون العرب الإخبارية أخبار يومية, اخبار حصرية, أخبار سرية, اخبار سياسية, أخبار طريفة, أخبار غريبة, أخبار العرب, اخبار العالم

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-28-2007, 04:24 PM
 
قصة الصراع مع التراث والحضارة في عالم ضل الطريق

لم يعد مستبعدا ان يكون مصير المسجد الاقصى ومسجد القبة مماثلا لمصائر دور العبادة الاخرى التي تعرضت للتدمير. فهاهي قوات الاحتلال الصهيونية مستمرة في ما تسميه "عمليات تنقيب" بالقرب من أساسات الحرم القدسي بحجة الاعداد لبناء جسر يصل الى الحرم. ولكن هناك اعتقاد راسخ بان اعمال الحفار الاسرائيليه تهدد سلامة المسجد الاقصي وهو ما سبق ان قررته لجنه التراث العالمي في اجتماعها الاخير في ليتوانيا في الدورة الـ ‪ 31 من اجتماعات لجنة التراث العالمي. الاحتجاجات ضد هذه الممارسات الاسرائيلية ما تزال محدودة جدا، ولم تصل بعد الى المستوى الذي يدفع الصهاينة لاعادة النظر في مشروعهم التخريبي. وبرغم الصيحات التي تعالت هنا وهناك ضد هذه الاجراءات الصهيونية، من شخصيات منظمات اسلامية وسياسية، وعلى ألسنة بعض الزعماء العرب، فما تزال قوات الاحتلال مستمرة في المشروع الخطير. تجدر الاشارة الى ان المسجد الاقصى تعرض للحرق المتعمد من قبل عناصر اسرائيلية في 1969، واتى ذلك الحريق على اجزاء من المسجد من بينها منبره التاريخي. ثم قيل ان الذي قام بجريمة الحرق "معتوه". وهنا تطرح تساؤلات كثيرة حول تدمير الآثار الدينية والانسانية في مناطق عديدة من العالم، ومدى فاعلية اجراءات منظمة اليونيسكو في حماية التراث الانساني من التدمير المقصود، خصوصا مع عدم توفر تلك المنظمة على وسائل ردع فاعلة، وعدم امتلاكها صلاحيات تمكنها من فرض قراراتها على الاطراف المصممة على ممارسة التدمير والتخريب. وبرغم تسابق الدول لتسجيل ما لديها من آثار تاريخية لدى اليونيسكو حرصا على سلامتها، فان التجربة تثبت ان هذا التسجيل لا يوفر حماية كافية لتلك الآثار في ظل غياب ارادة دولية قادرة على الردع الحقيقي.
قبل عام واحد تعرض مسجد العسكريين بمدينة سامراء العراقية لتفجير مدمر حوَل المبنى التاريخي الى انقاض، وادى الى تفاقم التوتر الطائفي بمعدلات غير معهودة. وبعد عام كامل على تلك الجريمة، ما يزال المسجد ذو العمارة الاسلامية المتميزة، والتاريخ العريق مغلقا، بدون ان تكون هناك خطة واضحة لاعادة اعماره. المسجد تم تدميره في صباح 22 فبراير 2006، بزرع عبوات ناسفة في نقاط عديدة من قبته الذهبية الزاهية، وكانت عملية محكمة ما يزال مرتكبوها غير معروفين بالتحديد وبعيدين عن ايدي العدالة. لم يكن ذلك الحدث عاديا، بل كان خطوة خطيرة تهدف الى اذكاء الفتنة الطائفية في العراق، وقد تحقق جانب كبير من ذلك. فقبل ذلك الحدث كان العنف الفئوي محتدما خصوصا الذي يمارسه الانتحاريون. ولكن لم يكن القتل على الهوية متبادلا، بل كان يمارس من قبل مجموعات محدودة وكان اغلبه موجها ضد شيعة العراق. ولكن بعد ذلك التفجير اصبح العنف الطائفي ممارسة متبادلة، وتحول الى قتل على الهوية، وتجاوز الحدود المألوفة في الصراعات الفئوية والسياسية، وتحول الى عامل توتر خطير في علاقات المسلمين ببعضهم، ليس في العراق فحسب، بل في كافة انحاء العالم الاسلامي. وبعد مرور عام كامل على ذلك التفجير لا يبدو الوضع على صعيد العلاقات المذهبية مطمئنا، فقد تحول الى تراشق مذهبي واتهامات متبادلة. والأنكى من ذلك تحول التشنج الطائفي الى قضية ممنهجة تؤسس على الدين، وتصدر الفتاوى للترويج لها. وقد أصدر رجل الدين السعودي، عبد الله بن جبرين، فتوى مؤخرا يبيح بموجبها تدمير المساجد التي تشيد على قبور الصالحين من المؤمنين. وجاء في الفتوى ان "الواجب هدم تلك الابنية"، مضيفة "إن الشرع لا يقرها، والإسلام يأمر بإزالتها". ان فتاوى من هذا النوع تزيد الوضع تعقيدا، وتساهم في تمزيق الامة واضعافها وانشغالها بقضاياها الخاصة بعيدا عن التحديات الكبيرة من الخارج. فالتسويغ الديني للاعتداء على مقدسات الآخرين ليس من الاسلام في شيء، وهو مناقض لقيم الدين واسس الوئام الاجتماعي واحترام عقائد الآخرين. هذا الموقف فيه مفارقة واضحة مع موقف الخليفة عمر بن الخطاب عندما زار مدينة القدس. ففي 1216 بني فيها مسجد على يدي صلاح الدين الأيوبي وقد أقيم لذكرى صلاة عمر بن الخطاب في هذا الموقع قرب كنيسة القيامة إثر دخوله المدينة وزيارته للكنيسة. ويقول المؤرخون انه خلال زيارة عمر للكنيسة حان موعد الصلاة فخرج من الكنيسة وصلى بعيدا عنها ثم عاد. ولمّا سأله البطريرك صوفرونيوس عن السبب أجابه أنّه لو صلّى في الكنيسة لاستولى عليها المسلمون من بعده ليجعلوها مسجدا يحيي ذكرى صلاته فيها. وكان لذلك الموقف أثره الذي منع حدوث اي اعتداء على الكنيسة لاحقا.
أما الفتاوى التي تبيح تدمير دور عبادة الآخرين فقد اصبحت اداة لتدمير العلاقات بين الناس. فهي تجعل الاعتداء على مقدسات الآخرين امرا واجبا، وهذا خلاف القيم الاسلامية وروح التقارب بين البشر واحترام عقائدهم. وقد استعملت هذه الفتاوى من قبل الحكم السعودي لازالة أكثر من 90 بالمائة من الآثار الاسلامية باقليم الحجاز بدعوى انها مظاهر للشرك وتكريس للبدع. فقد قامت الجرافات بازالة منزل فاطمة، وطمست معالم بيت رسول الله، وتم القضاء على المساجد السبعة، وقد اصدر مركز يافا للدراسات والابحاث بالقاهرة تقريرا بعنوان: ضرب مقدساتنا الإسلامية .. من وراءه؟ وما هي أهدافه؟ جاء فيه اشارات قوية لوجود مخططات خطيرة لاستهداف مقدسات المسلمين بشكل ممنهج واصرار غير مسبوق. وفيما تحدث العديد من الكتاب والمفكرين عن الدور الصهيوني والامريكي والبريطاني في تدمير تلك المقدسات تساءلت الدكتورة فتحية النبراوى أستاذ السيرة النبوية بجامعة القاهرة: "من وراء تلك العمليات التخريبية والتدميرية التى جرت فى مكة المكرمة حيث تم هدم القبور وبيوت الرسول (ص) ومنزل زوجته السيدة خديجة رضى الله عنها وذلك بحجة بناء مراحيض ومغاسل عامة؟ ومن هم هؤلاء المقاولون ورجال الأعمال الذين دمروا التراث الإسلامى المتنوع للمدينة فذلك اعتداء غير مسبوق على المقدسات الإسلامية التى تم استبدالها بناطحات سحاب جديدة تحت الإنشاء ، كما تم هدم قبر السيدة آمنة بن وهب أم الرسول (ص) فى منطقة أبوا بالبلدوزرات وصُب عليه الزيت".
وهنا تجدر الاشارة الى ان الآثار البشرية تراث انساني يملكه الجميع، ولا يخص قوما دون آخرين. فالشرقي من حقه ان يطلع على آثار الغربيين، ومن حق المسيحي ان يطلع على التراث الاسلامي. كما ان المسلم مطالب بتدبر آثار السابقين للاتعاظ والمعرفة، وهو امر دعا القرآن الكريم اليه في آيات كثيرة. من هنا فتدمير تمثال بوذا في مدينة باميان الافغانية في 2001 كان عملا عبثيا واعتداء على الآخرين بدون مبرر. فعلى مدى ألفي عام بقي هذا التمثال قائما، ولم يؤثر على أهل افغانستان من الناحية الدينية، بل اصبح شعبها مسلما برغم وجود ذلك التمثال الذي يوفر للانسانية بعدا تاريخيا يعمق نظرتها لتطور الفكر الديني لدى الشعوب والامم. وبالمنطق نفسه لا يمكن النظر الى تدمير المسجد البابري بمدينة أيوديا الهندية، الا من زاوية التخلف والعصبية. فقد أقدم المتطرفون الهندوس في 1992 على تدمير المسجد التاريخي الذي يعود بناؤه الى القرن السادس عشر خلال الحكم المغولي، بدعوى انه بني على انقاض معبد للاله راما. ادى هدم المسجد الى عنف طائفي بين الهندوس والمسلمين نجم عنه مقتل اكثر من 2000 شخص. اما في البلقان فقد ادى الاحتقان الطائفي في التسعينات الى هدم عدد كبير من أماكن العبادة. يقول السيد أندراس ريادماير، الخبير بالتراث البلقاني في العهد العثماني، انه درس 392 موقعا دينيا وحضاريا في 19 محافظة بالبوسنة، ووجد ان 92 بالمائة من المساجد البالغ عددها 277، اما انه أزيل تماما او تعرض لتدمير شامل. كما تعرضت دور العبادة الاخرى كالاضرحة والمقامات والزوايا الصوفية للتدمير ايضا. ويقول انه لم تبق مئذنة واحدة قائمة في المناطق البوسنية التي وقعت تحت سيطرة الصرب. وقال في تقريره ايضا ان 75 بالمائة من كنائس الكاثوليك الكروات تعرضت للتدمير على ايدي الصربيين.
العالم اذن يواجه جاهلية من نوع جديد، مرتبطة بالعصبية العمياء للمذهب والعرق، وهي ظاهرة بدأت تشق طريقها من الأسفل الى الاعلى. فاذا كانت في السابق محصورة بالطبقات غير المثقفة، فقد تحولت الآن الى فكر يوجه الساسة ورجال الدين والمثقفين. وهنا تكمن الخطورة المدمرة. في العصور الوسطى كانت العصبية الدينية مهيمنة على النخب السياسية والفكرية والدينية، وهي التي دفعت الى الحروب الصليبية وأحدثت شرخا داخل الكنيسة قبل 500 عام. وبعد النهضة والتنوير تلاشت هذه العصبية في ظل الدولة الغربية الحديثة. اما الآن فهي آخذة في الانتشار مجددا، بعد ان اصبحت النخبة تتحرك وفق املاءات النخوة الدينية والحمية المذهبية. فالمحافظون الجدد في الولايات المتحدة الامريكية وضعوا العالم في اجواء الحرب الدينية، وركزوا جهودهم على توجيه سياسة امريكا الخارجية وفق اسس وافتراضات منبعثة من قناعات دينية لديهم. ولذلك يأتي التركيز على "الاسلام" و "الاسلاميين" وربط الارهاب بالاسلام، وتحريك الخلافات المذهبية في المنطقة ابتداء بالعراق ودول الخليج، لاثارة هذا البعد الخطير. ولذلك ليس مستبعدا وجود ايد خفية تحرك عمليات الاثارة الطائفية سواء في العراق ام باكستان ام لبنان ام بعض دول الخليج. ان اصطناع هذه الاجواء ليس منفصلا عن استراتيجية مواجهة المد الاسلامي واحتواء الصحوة التي صاحبته خلال الثلاثين عاما الماضية. كما لا يمكن النظر اليه بانفصال عن المنازلات السياسية والعسكرية التي تعد الولايات المتحدة نفسها لها مع ايران. فاثارة الحساسيات المذهبية، في نظر استراتيجيي واشنطن، تحرم ايران من البعد الاسلامي فيما لو قرروا شن عدوان ضدها بحجة التصدي لمشروعها النووي. وقد جاء تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أعده الدكتور محمد البرادعي الاسبوع الماضي ليزيد احتقان الاجواء في المنطقة، وليكرس حالة الاستقطاب في الموقف ازاء الجمهورية الاسلامية الايرانية.
ثمة تلازم متين بين العبث الثقافي الذي يمثله ازالة المقدسات الاسلامية في الجزيرة العربية، وما يرتبط بذلك من خطط واسعة للتصدي لكل ما يمثل تاريخ الاسلام وحضارة المسلمين من جهة، والرغبة في تكريس حالة تمايز وفق خطوط مذهبية او دينية في المنطقة. ومن الخطأ الكبير لأية جهة ذات مشروع اسلامي سياسي ان تساير هذا التوجه، بدعم التوجهات الطائفية من جهة، وتغض الطرف عما يحدث للآثار الاسلامية في بلدان العالم الاسلامي من تدمير منظم واستئصال غير منطقي بحجج واهية من جهة اخرى. فاذا كانت الانظمة العربية حريصة على الحفاظ على الآثار الفرعونية وكل ما سبق تاريخ الاسلام، فعليها ان تكون اكثر حرصا على حماية ما يرتبط بتاريخ الامة وحضارتها، وكلاهما من عوامل القوة النفسية والروحية ليس للامة فحسب، بل للمجتمع البشري قاطبة. ان في تلك الآثار ملاحم واسعة متصلة بتاريخ الآباء والأجداد عندما عززوا وجودهم على هذا الكوكب من خلال الالتزام بهوية واضحة جمعت شتاتهم، ووفرت لهم صعودا روحيا، وعطاء علميا متطورا، وامتدادا انسانيا تخطى الحدود وتجاوز المسافات. انه تراث يستحق التخليد لانه يبقى مصداقا لتلك الحضارة ولحياة السلف الصالح من المسلمين الذين عمروا الدنيا وقادوا شعوب العالم الى الهداية والخير. اما ثقافة تكفير المخالفين في الاجتهادات الفقهية، او تدمير الآثار المرتبطة بتاريخ الاسلام الناصع، او هدم المساجد والجوامع بدعاوى واهية، بدعوى انها تؤدي الى الشرك، فكل ذلك لا يستقيم مع منطق الانسانية ومستلزمات الموقع القيادي لأمة المسلمين التي تبحث عن دور مناسب في موكب التقدم البشري القائم على العلم وقراءة التاريخ. فمن لا ماضي له لا حاضر له ولا مستقبل. فليحذر العلماء والمثقفون من محاولات فصل الاجيال الجديدة من ابناء الامة عن اسلافها فكرا وثقافة وعطاء. وليتعمق الشعور بضرورة الحفاظ على التراث الاسلامي والانساني ليبقى شاهدا على تطور المسيرة البشرية على اختلاف مشارب المشاركين فيها،
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مهما تعبتي....مهما درفتي الدمع....مهما ضيعتي الطريق.... yx1234 أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 6 05-09-2008 10:42 PM
لماذا عبرت الدجاجه الطريق..؟(ادخل وشوف رأي بوش) *m.d* حوارات و نقاشات جاده 54 05-04-2007 09:30 AM
لماذا عبرت الدجاجة الطريق ؟ أبو تمام أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 4 02-03-2007 01:27 PM
قراءة أولية في نتائج الصراع العربي الصهيوني الدائر الآن عثمان أبو الوليد ختامه مسك 7 08-08-2006 05:26 PM


الساعة الآن 03:06 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011