عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيــون الأقسام العلمية > شخصيات عربية و شخصيات عالمية

شخصيات عربية و شخصيات عالمية شخصيات عربية, شخصيات عالمية, سير الأعلام.

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #41  
قديم 03-04-2011, 03:56 PM
 
Thumbs up



عمرو بن العاص بن وائل السهميّ القُرَشِيّ



(وُلِدَ سنة45ق.هـ تقريباً - 577م)


(ت سنة43هـ - 665م)


هو عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سُعَيد بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي السهمي


يكنى أبا عبد الله و أبا محمد


أهله :


قال الزبير بن بكار : هو أخو عمرو بن أثاثة العدوي لأمه


و هو خال عقبة بن نافع بن عبد قيس الفهري


و له من الأبناء عبد الله و محمد و بهما يُكنّى


وأمه سلمى"و لقبها النابغة" بنت حرملة العنزية ، و هي سبية من بني جلان بن عتيك بن أسلم بن يذكر بن عنزة بن اسد بن ربيعة بن نزار . قال ابن عبد البر : ((وذكروا أنه جُـعـِـلَ لرجل ألف درهم على أن يسأل عمرو بن العاص عن أمه وهو على المنبر ، فسأله ، فقال : أمى سلمى بنت حرملة تلقب النابغة من بنى عنزة ثم احد بنى جلان ، أصابتها رماح العرب فبيعت بعكاظ فاشتراها الفاكه بن المغيرة ثم اشتراها منه عبد الله بن جدعان ثم صارت إلى العاص بن وائل فولدت له فأنجبت فإن كان جعل لك شىء فخذه))


وكان أبوه العاص بن وائل من الكُفّار المستهزئين بالنبي صلى الله عليه وسلم وفيه نزلت الآية المشهورة من سورة الكوثر : ((ان شانئك هو الابتر))


نبذة عنه :


و هو أكبر من عمر بن الخطّاب في السن ، و دليل ذلك حضوره مولد عمر بن الخطاب . قال الذهبي : ((وكان أسن من عمر بن الخطاب، فكان يقول : إني لاذكر الليلة التي ولد فيها عمر رضي الله عنه)) و كان اكبر منه بنحو خمس أو سبع سنين


قال الزركلي : ((فاتح مصر، وأحد عظماء العرب ودهاتهم وأولي الرأي والحزم والمكيدة فيهم))و قال : ((أخباره كثيرة)) و قال : ((و كُتِبَ في سيرته "ط - تاريخ عمرو بن العاص" لحسن إبراهيم حسن المصري))


و قال ابن الأثير : ((وكان من شجعان العرب وأبطالهم ودهاتهم)) . و ذكر الذهبي نقلا عن ابن عبد البر : ((وكان عمرو بن العاص من فرسان قريش وأبطالهم فى الجاهلية مذكورا بذلك فيهم)) ، و قال ابن عبد البر : ((وكان عمرو بن العاص أحد الدهاة فى أمور الدنيا المقدمين فى الرأى والمكر والدهاء . وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه إذا استضعف رجلا فى رأيه وعقله ، قال : أشهد أن خالقك وخالق عمرو واحد! "يريد خالق الأضداد")) و كذا جاء بالبيان و التبيين و بالأعلام . و قال الذهبي بلفظه : ((قال محمد بن سلام الجمحي: كان عمر إذا رأى من يتلجلج في كلامه، قال: هذا خالقه خالق عمرو بن العاص))


قال الذهبي : ((وكان من رجال قريش رأيا، ودهاء، وحزما، وكفاءة، وبصرا بالحروب، ومن أشراف ملوك العرب، ومن أعيان المهاجرين، والله يغفر له ويعفو عنه، ولولا حبه للدنيا ودخوله في أمور، لصلح للخلافة، فإن له سابقة ليست لمعاوية وقد تأمر على مثل أبي بكر وعمر، لبصره بالامور ودهائه)) . و قال : ((وقد سقت من أخبارة في تاريخ الاسلام "2 / 235 - 241" جملة، وطول الحافظ ابن عساكر ترجمته "من 245 / 1 - 270 / 2 في تاريخه"))


و قال الذهبي عنه ايضا : ((داهية قريش ورجل العالم، ومن يضرب به المثل في الفطنة، والدهاء، والحزم)) . و قال : ((وكان شاعرا حسن الشعر، حفظ عنه الكثير في مشاهد شتى)) و كذا قال ابن عبد البر


قال ابن الأثير : ((ولعمرو شعر حسن فمنه ما يخاطب به عمارة بن الوليد عند النجاشي وكان بينهما شر قد ذكرناه في الكامل في التاريخ : إذا المرء لم يترك طعاما يحبه ولم ينه قلبا غاويا حيث يمما قضى وطرا منه وغادر سبة إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما)) . و هي قصيدة له يذكر بها عمارة بن الوليد المخزومي عندما اتهمه النجاشي بالزنى . أوردها ايضا صاحب " الاغاني ": 9 / 57، 58 و في الاستيعاب ايضاً


و هو عدادة في أهل مكة ، ثم سكن المدينة فمصر . قال ابن حبان بمشاهير علماء الأمصار : ((كان يسكن مكة مدة فلما ولى مصر استوطنها إلى أن مات بها)) . و قال البخاري في التاريخ الكبير : ((أصله مكي نزل المدينة ولاه النبي صلى الله عليه وسلم على جيش ذات السلاسل ثم سكن مصر ومات بها)). و قال الذهبي : ((سكن مصر و بها مات)) . و قال ابن عبد البر : ((ولاه "أي معاوية" مصر فلم يزل عليها إلى أن مات بها أميرا عليها)) . و يُختَلَف في سنّه يوم وفاته و في سنة وفاته


سنة8هــ : دخوله أرض الحبشة ثم إسلامه بها ثم هجرته منها إلى النبي صل الله عليه و سلم مسلماً مُبايعاً :


وكان عمرو بن العاص في الجاهلية من الاشداء على الاسلام . فلما استأذن جعفر بن أبي طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوجه إلى الحبشة و أذن له . قال عمرو : لما رأيت مكانه قلت والله لأستقلن لهذا ولأصحابه


فأرسلته قريش إلى الحبشة ليرُد عليهم من هاجر من المسلمين . فذكر قصتهم مع النجاشي ، قال : فلقيت جعفرا خاليا فأسلمت ، وبلغ ذلك أصحابي فغنموني وسلبوني كل شيء فذهبت إلى جعفر فذهب معي إلى النجاشي فردوا علي كل شيء أخذوه


قال الذهبي : ((قال النضر بن شميل : أخبرنا ابن عون، عن عمير بن إسحاق: استأذن جعفر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : "ائذن لي أن آتي أرضا أعبد الله فيها لا أخاف أحدا" فأذن له، فأتى النجاشي . قال عمير: فحدثني عمرو بن العاص ، قال: لما رأيت مكانه، حسدته، فقلت للنجاشي: إن بأرضك رجلا ابن عمه بأرضنا، وإنه يزعم أنه ليس للناس إلا إله واحد، وإنك والله إن لم تقتله وأصحابه، لا أقطع هذه النطفة"البحر" إليك أبدا قال: ادعه قلت: إنه لا يجئ معي، فأرسل إليه معي رسولا، فجاء، فلما انتهينا إلى الباب، ناديت: ائذن لعمرو بن العاص، ونادى هو: ائذن لحزب الله، فسمع صوته، فأذن له ولاصحابه، ثم أذن لي، فدخلت، فإذا هو جالس، فلما رأيته جئت حتى قعدت بين يديه، فجعلته خلفي، قال: وأقعدت بين كل رجلين من أصحابه رجلا من أصحابي، فقال النجاشي: نخروا"أي : تكلموا ولعله إن كان عربيا مأخوذ من النخير: الصوت، ويروى بالجيم نجروا: أي سوقوا الكلام" ، فقلت : إن ابن عم هذا بأرضنا يزعم أن ليس إلا إله واحد قال: فتشهد، فإني أول ما سمعت التشهد ليومئذ وقال: صدق، هو ابن عمي وأنا على دينه قال: فصاح صياحا، وقال: أوه، حتى قلت: ما لابن الحبشية ؟ فقال: ناموس مثل ناموس موسى ما يقول في عيسى ؟ قال: يقول: هو روح الله وكلمته، فتناول شيئا من الارض، فقال: ما أخطأ من أمره مثل هذه وقال: لولا ملكي لاتبعتكم وقال لعمرو: ما كنت أبالي أن لا تأتيني أنت ولا أحد من أصحابك أبدا وقال لجعفر: اذهب فأنت آمن بأرضي، من ضربك، قتلته قال: فلقيت جعفرا خاليا، فدنوت منه، فقلت: نعم إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وعبده فقال: هداك الله فأتيت أصحابي، فكأنما شهدوه معي، فأخذوني، فألقوا علي قطيفة، وجعلوا يغموني"أي : يغطوني، ويحبسون نفسي من الخروج" ، وجعلت أخرج رأسي من هنا ومن هنا، حتى أفلت وما علي قشرة"أي اللباس" ، فلقيت حبشية، فأخذت قناعها"أي ما تغطي به المرأة رأسها" ، فجعلته على عورتي، فقالت كذا وكذا، وأتيت جعفرا، فقال: مالك ؟ قلت: ذهب بكل شئ لي، فانطلق معي إلى باب الملك، فقال: ائذن لحزب الله فقال آذنه: إنه مع أهله قال: استأذن لي، فأذن له فقال: إن عمرا قد بايعني على ديني، فقال: كلا قال: بلى ، فقال لانسان: اذهب فإن كان فعل فلا يقولن لك شيئا إلا كتبته قال فجاء، فجعل يكتب ما أقول حتى ما تركنا (شيئا) حتى القدح، ولو (أشاء) أن آخذ من أموالهم إلى مالي لفعلت)) . ملاحظة : الكلمات التي تحتها خط ليست من كلام الذهبي و لكنها توضيحات من عندي . و عمير بن إسحاق لم يرو عنه غير عبد الله بن عون فيما قاله أبو حاتم والنسائي، وقال ابن معين: لا يساوي شيئا، ووثقه مرة وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات وأورده العقيلي في الضعفاء لانه لم يرو عنه غير واحد وقال ابن عدي: لا أعلم روى عنه غير ابن عون، وله من الحديث شئ يسير، ويكتب حديثه وباقي رجال الاسناد ثقات . وأورده ابن حجر في " المطالب العالية ": 4 / 195 - 198، ونسبه لابي يعلى، وقال: هذا إسناد حسن، إلا أنه مخالف للمشهور أن إسلام عمرو على يد النجاشي نفسه . وأخرجه البزار في مسنده " كما في " كشف الاستار " (1740)، وقال: لا نعلمه يروى عن جعفر عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الاسناد وذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد ": 6 / 27 - 29، وقال: رواه الطبراني والبزار، وعمير بن إسحاق وثقه ابن حبان وغيره، وفيه كلام لا يضره، وبقية رجاله رجال الصحيح . و أحب ان انبه ان عند ابي يعلى بعد كلمة "من ضربك قتلته" زيادة غير موجودة بالرواية التي اوردناها و هي : "ومن سبك غرمته، وقال لآذنه: متى أتاك هذا يستأذن علي فائذن له، إلا أن أكون عند أهلي، فإن كنت عند أهلي، فأخبره، فإن أبي، فائذن له" .


و قال ابن عبد الحكم : ((حديث محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن راشد مولى حبيب بن أوس الثقفي أن حبيبا حدثه أن عمرو بن العاص حدثه قال : لما انصرفنا من الخندق جمعت نفرا من قريش بيني وبينهم خاصة فقلت لهم : "تعلموا والله إني أرى أمر محمد يعلو ما خالفه من الأمور علوا منكرا فهل لكم في رأي قد رأيته؟" ، قالوا : وما هو؟ ، قال : "نلحق بالنجاشي فنكون عنده حتى ينقضي ما بيننا وبين محمد فإن ظفرت قريش رجعنا إليهم وإن ظفر محمد أقمنا عنده فلأن أكون تحت يدي النجاشي أحب إلي من أن أكون تحت يدي محمد" ، قالوا : أصبت ، قال : قلت : اجمعوا له أدما فإنه أحب ما يهدى إليه من بلادنا ، قال : ففعلنا ثم خرجنا فبينا نحن قد دنونا منه إذ نظرت إلى عمرو بن أمية قد بعثه رسول الله إلى النجاشي قال فقلت هذا والله عمرو بن أمية قد بعثه محمد ولو قد قدمت بهداياي إلى النجاشي ثم سألته إياه فأعطانيه فقتلته فرأت قريش اني قد أجزأت حين يقتل رسول محمد قال فلما دخل عليه عمرو بن أمية وفرغ من حاجته دخلت عليه فحييته بما كنا نحييه فقال النجاشي مرحبا ما أهديت إلي يا صديقي قال قلت أيها الملك قد أهديت لك هدايا قال ثم قدمت إليه هداياي فقبلها وبهجت بما قال لي قال فقلت له أيها الملك إني قد رأيت ببابك رسول محمد وهو لنا عدو أعطنيه أضرب عنقه فإنه رسول رجل هو لنا عدو قال فمد يده ثم غضب وضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره قال فوددت لو أني انشقت لي الأرض فدخلت فيها فرقا منه ثم قال تسألني رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى أعطيكه لتقتله قال قلت أيها الملك فإن ذاك لكذلك أنه ليأتيه الناموس الأكبر الذي يأتي موسى قال نعم والذي نفس النجاشي بيده ويحك يا عمرو فأطعني واتبعه والذي نفسي بيده ليظهرن هو ومن اتبعه على من سواهم وعلى من خالفهم كما ظهر موسى على فرعون وجنوده قال قلت أفتبايعني له على الإسلام قال نعم قال فبسط يده فبايعني له فخرجت على أصحابي وقد حال رأيي عما كان عليه معهم قال فانطلقت تهوي بي راحلتي حتى لقيت خالد بن الوليد قال قلت أين يأبا سليمان قال أريد والله أن أذهب فأسلم فقد والله استقام الشأن واستبان الميسم قال فقلت وأنا والله قال فانطلقنا حتى جئنا رسول الله فدخلنا عليه المسجد فتقدم خالد فبايعه ثم تقدمت فبايعت فقلت يا رسول الله أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي ولم أذكر ما تأخر قال فقال رسول الله بايع يا عمرو فإن الإسلام يجب ما كان قبله وان الهجرة تجب ما كان قبلها)) . قال ابن عبد الحكم : ((حدثناه أسد بن موسى حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق وحدثنا عبدالملك بن هشام عن زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق))


قال ابن عبد البر : ((قيل إن عمرو بن العاص أسلم سنة ثمان قبل الفتح وقيل بل أسلم بين الحديبية وخيبر ولا يصح والصحيح ما ذكره الواقدى وغيره أن إسلامه كان سنة ثمان وقدم هو وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة لمدينة مسلمين فلما دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونظر إليهم قال قد رمتكم مكة بأفلاذ كبدها . وكان قدومهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرين بين الحديبية وخيبر . وذكر الواقدى قال وفى سنة ثمان قدم عمرو بن العاص مسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أسلم عند النجاشى وقدم معه عثمان بن طلحة وخالد بن الوليد قدموا المدينة فى صفر سنة ثمان من الهجرة وقيل إنه لم يأت من أرض الحبشة إلا معتقدا للإسلام وذلك أن النجاشى كان قال يا عمرو كيف يعزب عنك أمر ابن عمك فوالله إنه لرسول الله حقا قال أنت تقول ذلك؟ ، قال : إى والله فأطعنى ، فخرج من عنده مهاجرا إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأسلم قبل عام خيبر والصحيح أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سنة ثمان قبل الفتح بستة أشهر هو وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة وكان هم بالإقبال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حين انصرافه من الحبشة ثم لم يعزم له إلى الوقت الذى ذكرنا والله اعلم))


وذكر الزبير بن بكار ان : رجلا قال لعمرو : ((ما أبطأ بك عن الإسلام وأنت أنت في عقلك))؟ قال : ((إنا كنا مع قوم لهم علينا تقدم وكانوا ممن يواري حلومهم الخبال فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم فأنكروا عليه فلذنا بهم فلما ذهبوا وصار الأمر إلينا نظرنا وتدبرنا فإذا حق بيّن فوقع في قلبي الإسلام فعرفت قريش ذلك مني من إبطائي عما كنت أسرع فيه من عونهم عليه فبعثوا إلى فتى منهم فناظرني في ذلك فقلت أنشدك الله ربك ورب من قبلك ومن بعدك أنحن أهدى أم فارس والروم؟ قال : نحن أهدى . قلت : فنحن أوسع عيشا أم هم؟ قال : هم . قلت : فما ينفعنا فضلنا عليهم إن لم يكن لنا فضل إلا في الدنيا وهم أعظم منا فيها أمرا في كل شيء! وقد وقع في نفسي أن الذي يقوله محمد من أن البعث بعد الموت ليجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته حق ولا خير في التمادي في الباطل))


ولما أسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم يقربه ويدنيه لمعرفته وشجاعته


سنة8هــ : ذات السلاسل :


ثم بعد إسلامه بنفس السنة أمّره النبي صل الله عليه و سلم على بعض الجيش، وجهزه للغزو الى ذات السلاسل و أمده بأبي بكر و عُمَر . قال الذهبي : ((صح عن أبي عثمان النهدي، عن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمله على جيش دات السلاسل، وفيهم أبو بكر وعمر)) . أخرجه البخاري: 7 / 18، 19، في الفضائل، و 8 / 59، 60 في المغازي، ومسلم (2384)، وهو في " ابن عساكر " 13 / 255 / آ


وغزوة ذات السلاسل كانت في جمادى الآخرة سنة8هـ ، وهي وراء وادي القرى، وبينها وبين المدينة عشرة أيام، وقد نزلوا على ماء لجذام، يقال له: "السلسل" فيما قال ابن إسحاق، ولذلك سميت ذات السلاسل


قال الذهبي : ((قال الثوري: عن إبراهيم بن مهاجر، عن إبراهيم النخعي قال: عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء لعمرو على أبي بكر وعمر وسراة أصحابه . قال الثوري : أراه قال: في غزوة ذات السلاسل))


خبر غزوة ذات السلاسل بالتفصيل :


قال ابن عبد الحكم : ((حديث موسى بن علي عن أبيه عن عمرو بن العاص أنه قال بعث إلي رسول الله فقال : "خذ عليك ثيابك وسلاحك" ، فأخذت علي ثيابي وسلاحي ثم أقبلت إلى رسول الله فوجدته يتوضأ فصوب في النظر ثم طأطأه ثم قال لي : "يا عمرو إني أريد أن أبعثك على جيش يغنمك الله ويسلمك وأرغب لك رغبة من المال صالحة" ، فقلت : والله يا رسول الله ما أسلمت للمال ولكن أسلمت رغبة في الإسلام وأن أكون معك ، فقال : يا عمرو نعم المال الصالح للرجل الصالح . حدثناه عبدالله بن صالح)) كما اخرجه احمد 4 / 197 و 202 بسند حسن و عنده : ((نعما بالمال الصالح المرء الصالح)) . و اخرجه الذهبي ايضا والبخاري بالادب المفرد(299) من طرق عن موسى بن علي، عن أبيه، عن عمرو بن العاص، وهذا سند صحيح، وصححه ابن حبان (1089) والحاكم 2 / 2، ووافقه الذهبيو ذكره ابن عساكر " 13 / 253 / ب"


قال ابن عبد البر : ((وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية نحو الشام وقال له يا عمرو إنى أريد أن أبعثك فى جيش يسلمك الله ويغنمك وأرغب لك من المال رغبة صالحة فبعثه إلى أخوال أبيه العاص بن وائل من بلى يدعوهم إلى الإسلام ويستنفرهم إلى الجهاد فشخص عمرو إلى ذلك الوجه فكان قدومه إلى المدينة فى صفر سنة ثمان ووجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى جمادى الآخرة سنة ثمان فيما ذكره الواقدى وغيره إلى السلاسل من بلاد قضاعة فى ثلاثمائة وكانت أم والد عمرو من بلى فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض بلى وعذرة يستألفهم بذلك ويدعوهم إلى الإسلام فسار حتى إذا كان على ماء بأرض جذام يقال له السلاسل وبذلك سميت تلك الغزوة ذات السلاسل فخاف فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك الغزوة يستمده فأمده بجيش من مائتى فارس من المهاجرين والأنصار أهل الشرف فيهم أبو بكر وعمر رضى الله عنهما وأمر عليهم أبا عبيدة فلما قدموا على عمرو قال أنا أميركم وإنما أنتم مددى وقال أبو عبيدة بل أنت أمير من معك وأنا أمير من معى فأبى عمرو فقال له ابو عبيدة يا عمرو إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى إذا قدمت على عمرو فتطاوعا ولا تختلفا فإن خالفتنى أطعتك قال عمرو فإنى أخالفك فسلم له أبو عبيدة وصلى خلفه فى الجيش كله وكانوا خمسمائة))


قال ابن الأثير باسد الغابة : ((ثم بعثه رسول الله أميرا على سرية إلى ذات السلاسل إلى أخوال أبيه العاص بن وائل يدعوهم إلى الإسلام ويستنفرهم إلى الجهاد فسار في ذلك الجيش وهم ثلاثمائة فلما دخل بلادهم استمد رسول الله فأمده . أنبأنا أبو جعفر بن أحمد بن علي بإسناده إلى يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين التميمي عن غزوة ذات السلاسل من أرض بلي وعذرة قال بعث رسول الله عمرو بن العاص يستنفر الأعراب إلى الشام وذلك أن أم العاص بن وائل امرأة من بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة فبعثه رسول الله يستألفهم بذلك حتى إذا كان على ماء بأرض جذام يقال له السلاسل وبذلك سميت تلك الغزاة ذات السلاسل فلما كان عليه خاف فبعث إلى رسول الله يستمده فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في المهاجرين الأولين فيهم أبو بكر وعمر وقال لأبي عبيدة لا تختلفا فخرج أبو عبيدة حتى إذا قدم عليه قال له عمرو إنما جئت مددا لي فقال أبو عبيدة لا ولكني أنا على ما أنا عليه وأنت على ما أنت عليه وكان أبو عبيدة رجلا سهلا لينا هينا عليه أمر الدنيا فقال له عمرو بل أنت مدد لي فقال أبو عبيدة يا عمرو إن رسول الله قال لي لا تختلفا وإنك إن عصبتين أطعتك فقال له عمرو فإني أمير عليك قال فدونك فصلى عمرو بالناس))


و في هذه الغزوة كان خبر الليلة الشديدة البرودة التي تيمم بها عمرو بن العاص للصلاة و لم يتوضأ . قال ابن عبد الحكم : ((حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبدالرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص قال بعثني رسول الله في سرية وأمرني عليها وفيهم عمر بن الخطاب فأصابتني جنابة في ليلة بادرة شديدة البرد فتيممت وصليت بهم فلما قدمنا على رسول شكاني عمر إلى رسول الله حتى كان من كلامه أن قال صلى بنا وهو جنب فبعث إليّ رسول الله فسألني فقلت يا رسول الله أجنبت في ليلة بادرة لم يمر علي مثلها قط فخيرت نفسي بين أن أغتسل فأموت أو أصلي بهم وأنا جنب فتيممت وصليت بهم فقال رسول الله لو كنت مكانك فعلت مثل الذي فعلت هكذا . حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم عن ابن لهيعة . وحدثناه محمد بن عبدالجبار المخزومي حدثنا زيد بن الحباب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبدالرحمن بن جبير عن أبي فراس يزيد بن رباح مولى عمرو عن عمرو)) . و في رواية الذهبي قال : ((روى يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس، عن عبدالرحمن بن جبير، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص : أن عَمرَاً كان على سرية، فأصابهم برد شديد لم يروا مثله، فخرج لصلاة الصبح، فقال: احتلمت (البارحة)، ولكني والله ما رأيت بردا مثل هذا، فغسل مغابنه، وتوضأ للصلاة، ثم صلى بهم فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه: " كيف وجدتم عمرا وصحابته " ؟ فأثنوا عليه خيرا، وقالوا: يا رسول الله، صلى بنا وهو جنب، فأرسل إلى عمرو، فسأله، فأخبره بذلك وبالذي لقي من البرد، وقال: إن الله قال: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) (النساء: 28) ولو اغتسلت مت فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم)) . و إسناده صحيح، والمغابن : هي الارفاغ أو بواطن الافخاذ عند الحوالب جمع مغبن من غبن الثوب: إذا ثناه وعطفه، وأخرجه أبو داود (335) في الطهارة: باب إذا خاف الجنب البرد تيمم، والبيهقي: 1 / 226 من طريق ابن وهب، عن ابن لهيعة، وعمرو بن الحارث بهذا الاسناد، وصححه ابن حبان (202) ، وهو في " ابن عساكر " 13 / 255 / ب ، وأخرجه أبو داود ، والبيهقي: 1 / 225 من طريق وهب بن جرير، عن أبيه، عن يحيى بن أيوب، عن يزيد ابن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبدالرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص، قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب " ؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله يقول (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقل شيئا وعلقه البخاري في " صحيحه " 1 / 385، وقواه الحافظ، وصححه الحاكم: 1 / 177، ووافقه الذهبي، وحسنه المنذري وانظر " زاد المعاد " 3 / 388


و من حكمة سيدنا عمرو بهذه الغزوة ما ذكره ابن عساكر"13 / 254 / ب" و الذهبي من رواية إسماعيل بن أبي خالد عن قيس ، قال : انه لما كان عمرو بغزوة ذات السلاسل، و أصابهم برد، قال عمرو لأصحابه و الجنود : لا يوقدن أحداً منكم نارا ، فلما رجعوا إلى النبي صل الله عليه و سلم شكوه ، فقال عمرو مبرراً فعله : يا نبي الله ! كان فيهم قلة، فخشيت أن يرى العدو قلتهم، ونهيتهم أن يتبعوا العدو مخافة أن يكون لهم كمين ، فأعجب ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الذهبي : ((روى وكيع عن منذر بن ثعلبة، عن ابن بريدة : قال عمر لابي بكر: لم يدع عمرو بن العاص (الناس) أن يوقدوا نارا، ألا ترى إلى ما صنع بالناس، يمنعهم منافعهم ؟ فقال أبو بكر: دعه، فإنما ولاه رسول الله علينا لعلمه بالحرب . وكذا رواه يونس بن بكير عن منذر))


ولايته على عُمان في عهد النبي صل الله عليه و سلم ، إلى سنة11هـ :


قال ابن عبد البر : ((وولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص على عمان فلم يزل عليها حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم)) أي إلى سنة11هـ . و قال الذهبي : ((أتاه كتاب أبي بكر بوفاة رسول الله))


و قال الذهبي خبرا حصل لعمرو في خلال ذلك : ((روى الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن سعيد بن نشيط : أن قرة بن هبيرة قدم على رسول الله صلى الله عيله وسلم، فأسلم...الحديث ، وفيه: فبعث عمرا على البحرين، فتوفي وهو ، ثم قال عمرو: فأقبلت حتى مررت على مسيلمة، فأعطاني الامان، ثم قال: إن محمدا أرسل في جسيم الامور، وأرسلت في المحقرات قلت : اعرض علي ما تقول فقال: يا ضفدع نقي فإنك نعم ما تنقين، لا زادا تنقرين، ولا ماء تكدرين، ثم قال: يا وبر يا وبر، ويدان وصدر، وبيان خلقه حفر ثم أتي بأناس يختصمون في نخلات قطعها بعضهم لبعض فتسجى قطيفة، ثم كشف رأسه، ثم قال: والليل الادهم، والذئب الاسحم، ما جاء ابن أبي مسلم من مجرم ثم تسجى الثانية، فقال: والليل الدامس، والذئب الهامس، ما حرمته رطبا إلا كحرمته يابس، قوموا فلا أرى عليكم فيما صنعتم بأسا (2) قال عمرو: أما والله إنك كاذب، وإنك لتعلم إنك لمن الكاذبين، فتوعدني)) . هو على إرساله فيه سعيد بن أبي هلال، حكي عن أحمد أنه اختلط، وشيخه سعيد بن نشيط مجهول كما في " الجرح والتعديل " 4 / 69 والخبر في " أسد الغابة " 4 / 402، و " تاريخ ابن عساكر " 13 / 257 / آ، وأورده ابن حجر في " الاصابة " في ترجمة قرة بن هبيرة، ونسبه إلى ابن أبي داود والبغوي وابن شاهين . ورواه من طريق آخر، وفيه من لم يسم . و اما ما قاله مسيلمة الكذاب ، فهو كما يقول الامام الباقلاني في " التمهيد ": 182 - دال على جهل مورده، وضعف عقله ورأيه، وما يوجب السخرية منه، والهزء به، وليس هو مع ذلك خارجا عن وزن ركيك السجع وسخيفه


مشاركته بفتوح الشام و تأميره عليها :


ثم كان من أمراء الأجناد و الجيوش في الجهاد بالشام في أواخر خلافة أبي بكر و ايضاً في خلافة عمر ، و منها اليرموك ، فإن بين سنة13هـ - 15هـ كانت معركة اليرموك التي دارت بين المسلمين و الروم ، فكان عمرو من المشاركين بها و كان أحد الامراء الأربعة على الجيش . قال الذهبي : ((وشهد عمرو يوم اليرموك، وأبلى يومئذ بلاء حسنا)) . و كان النصر و الفتح بهذه المعركة على يد خالد بن الوليد المخزومي رضي الله عنه . قال ياقوت الحموي بالمعجم 840 : ((وكانت من أعظم فتوح المسلمين وباب ما جاء بعدها من الفتوح لأن الروم كانوا قد بالغوا في الاحتشاد فلما كسروا ضعفوا ودخلتهم هيبة))


وقال : ((قال القعقاع بن عمرو يذكر مسيرة خالد من العراق إلى الشام بعد أبيات :


بدأنا بجمع الصفرين فلم ندع***لغسان أنفأ فوق تلك المناخر


صبيحة صاح الحارثان ومـن بـه***سوى نفر نجتذهم بالبواتر


وجئنا إلى بصرى وبصرى مقيمة***فألقت إلينا بالحشـا والمعاذر


فضضنا بها أبوابها ثم قابلت***بنا العيس في اليرموك جمع العشائر))


و قال : ((و اليرموك واد بناحية الشام في طرف الغور يصب في نهر الأردن ثم يمضي إلى البحيرة المنتنة))


و عمرو بن العاص هو الذي افتتح سائر قنسرين عنوة ، و بعثه ابو عبيدة فصالح أهل حلب و منبج و أنطاكية


وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه قد ولاه بعد موت يزيد بن أبى سفيان فلسطين والأردن ، وولى معاوية دمشق وبعلبك والبلقاء ، وولى سعيد بن عامر بن خذيم حمص ، ثم جمع الشام كلها لمعاوية


من سنة20هـ إلى 25هـ : و فيها كان القائد في فتح مصر و ولايته عليها و الأحداث التي جرت بها بتلك السنين :


ثم بعد فتح الشام و تولية عمرو عليها ، كتب عُمَر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص فسار إلى مصر فاقتحم حصنها "بابليون" فأفتتحها سنة20هـ فكان أول امير على مصر في الإسلام ، و سكن بالفسطاط حيث قصر إمارته ، و صار يُرسِل و يقود السرايا و الجيوش لفتح باقي اقطار مصر و ليبيا ، ففتح الإسكندرية سنة21هـ ثم انتقضوا في سنة25هـ فحاربهم و هزمهم و فتح الاسكندرية مرة اخرى ، و فتح طرابلس سنة23هـ و قيل24هـ ، و لم يزل على مصر واليا بداية من سنة20هـ حتى مات عُمَر بن الخطّاب سنة23هـ ، فكانت ولاية عمرو على مصر في خلافة عمر 3سنين . و اما في خلافة عثمان أقرّه عليها قليلا قُرابة الـ4سنين و عزله عنها سنة27هـ "أي انه ولى إمرة مصر7سنين منذ فتحها إلى عزله" ثم لم يزل عمرو بغير إمرة 11سنة إلى أن قُتِل عثمان سنة35هـ و دخل عهد معاوية ، فبعدها بثلاث سنين "في سنة38هـ" سار عمرو في جيش جهزه معاوية إلى مصر فوليها لمعاويةفظل واليا عليها إلى ان مات سنة43هـ على الأرجح ، فكانت ولاية عمرو على مصر في خلافة معاوية5سنين . فيكون بذلك قد ولي مصر مرتين ، مرة في عهد عمر و عثمان7سنين و مرة بعهد معاوية5سنين و يكون مجموع سنين إمرته على مصر قبل عزله و بعد رجوعه12سنة . و سيأتي كل ذلك بالتفصيل بمكانه بإذن الله


احد اخباره بفتح الاسكندرية :


قال الذهبي : ((روى خالد بن عبد الله عن محمد بن عمرو، عن أبيه عن جده ، قال : قال عمرو بن العاص : خرج جيش من المسلمين أنا أميرهم حتى نزلنا الاسكندرية، فقال عظيم منهم: أخرجوا إلي رجلا أكلمه ويكلمني فقلت: لا يخرج إليه غيري، فخرجت معي ترجماني، ومعه ترجمان، حتى وضع لنا منبران فقال: ما أنتم ؟ قلت: نحن العرب، ومن أهل الشوك والقرظ، ونحن أهل بيت الله، كنا أضيق الناس أرضا وشره عيشا، نأكل الميتة والدم، ويغير بعضنا على بعض، كنا بشر عيش عاش به الناس، حتى خرج فينا رجل ليس بأعظمنا يومئذ شرفا ولا أكثرنا مالا، قال: أنا رسول الله إليكم، يأمرنا بما لا تعرف، وينهانا عما كنا عليه، فشنفناله، وكذبناه، ورددنا عليه، حتى خرج إليه قوم من غيرنا، فقالوا: نحن نصدقك، ونقاتل من قاتلك، فخرج إليهم، وخرجنا إليه، وقاتلناه، فظهر علينا، وقاتل من يليه من العرب، فظهر عليهم، فلو تعلم ما ورائي من العرب ما أنتم فيه من العيش لم يبق أحد إلا جاءكم، فضحك، ثم قال: إن رسولكم قد صدق وقد جاءتنا رسل بمثل ذلك، وكنا عليه حتى ظهرت فينا ملوك، فعملوا فينا بأهوائهم، وتركوا أمر الانبياء، فإن أنتم أخذتم بأمر نبيكم، لم يقاتلكم أحد إلا غلبتموه، وإذا فعلتم مثل الذي فعلنا، فتركتم أمر نبيكم، لم تكونوا أكثر عددا منا ولا أشد منا قوة)) . ابن عساكر ": 3 / 258 / ب، 259 / آ


خطته :


قال ابن عبد الحكم : ((اختط عمرو بن العاص داره التي هي له اليوم عند باب المسجد بينهما الطريق وداره الأخرى اللاصقة إلى جنبها)) و هذا المسجد هو نفسه جامع عمرو بن العاص حاليا بالفسطاط بمصر القديمة بالقاهرة ، و بنفس الجامع ضريح يُزار يعتقد العامة انه قبر لعمرو بن العاص رضي الله عنه ، و هذا خطأ في شدة الجهل ، لأن هذا الضريح قيل انه يرجع الى ابنه عبد الله و ليس ابيه عمرو ، و هذا ايضاً لا يصح ، لأن موقع او مكان هذا الضريح أصلا على الصحيح كان موضع بيت عمرو بن العاص رضي الله عنه أو خطته التي ذكرها ابن عبد الحكم . و قد كان في السابق ايام عمرو بن العاص الجامع بحجم صغير فكان البيت الى جانبه في الخارج ، لكن مع تقدم الزمن اتسعت بقعة الجامع و تطورت فدخل في حوزته او من ضمنه موضع بيت عمرو بن العاص رضي الله عنه الذي شاع بالخطأ انه مكان قبر ابنه عبد الله


سنة27هــ : عزله عن إمرة مصر :


ثم عزل عثمان عمرو عن مصر بهذه السنة واستعمل بداله عبد الله بن أبي سرح "وكان أخا عثمان من الرضاعة"


و سبب ذلك ما ذكره ابن عبد البر : ((حدثنا خلف بن قاسم حدثنا الحسن بن رشيق حدثنا الدولابى حدثنا أبو بكر الوجيهى عن أبيه عن صالح بن الوجيه قال وفى سنة خمس وعشرين انتقضت الإسكندرية فافتتحها عمرو بن العاص فقتل المقاتلة وسبى الذرية فأمر عثمان برد السبى الذين سبوا من القرى إلى مواضعهم للعهد الذى كان لهم ولم يصح عنده نقضهم ، وعزل عمرو بن العاص وولى عبد الله بن سعد بن أبى سرح العامرى وكان ذلك بدء الشر بين عمرو وعثمان))


قال ابن عبد البر : ((قال أبو عمر : فاعتزل عمرو فى ناحية فلسطين وكان يأتى المدينة أحيانا ويطعن فى خلال ذلك على عثمان فلما قتل عثمان سار إلى معاوية باستجلاب معاوية له))


إلتحاقه بمعاوية و مؤازته له و شهوده صفّين سنة37هـ :


ثم لم يزل عمرو بغير إمرة إلى أن قُتِل عثمان سنة35هـ ، ثم كانت الفتنة بين علي ومعاوية فحدثت موقعة الجمل سنة36هـ ، فلحق بعدها عمرو بمعاوية و عاضده و اشترط عليه ان يوليه مصر فوعده بذلك ، و شهد معه صفّين و كان معه يدبر أمره في الحرب إلى أن جرى أمر الحكمين و كان احد الحكمين و قصتها مشهورة ، ثم دخلت سنة38هـ و فيها ولاه معاوية عل مصر


قال ابن تغري بردي : ((وسبب انتماء عمرو إلى معاوية أن عمرًا كان لما عزله عثمان بن عفان عن مصر بعبد الله بن سعد بن أبي سرح ..توجه عمرو وأقام بمكة منكفًا عن الناس حتى كانت وقعة الجمل)) اي انه اعتزل الناس بمكة من سنة27هـ إلى سنة36هـ


قال الذهبي : ((قال معتمر : حدثنا عوف، عن شيخ من بكر بن وائل: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخرج شقة خميصة سوداء ، فعقدها في رمح، ثم هز الراية، فقال: " من يأخذها بحقها " ؟ فهابها المسلمون (من أجل الشرط)، فقام رجل، فقال: يا رسول الله، وما حقها ؟ قال: " لا تقاتل بها مسلما، ولا تفر بها عن كافر . قال: فأخذها، فنصبها علينا يوم صفين، فما رأيت راية كانت أكسر أو أقصم لظهور الرجال منها، وهو عمرو بن العاص . سمعه منه أمية بن بسطام)) . و قال ابن الاثير عن الخميصة السوداء : هي ثوب خز أو صوف معلم، وقيل: لا تمسى خميصة إلا أن تكون سوداء معلمة، وكانت من لباس الناس قديما، وجمعها الخمائص


و قال الذهبي و ابن تغري بردي : ((قال جويرية بن أسماء : حدثني عبد الوهاب بن يحيى بن عبد الله بن الزبير، حدثنا أشياخنا: أن الفتنة وقعت وما رجل من قريش له نباهة أعمى فيها من عمرو بن العاص وما زال مقيمًا و معتصما بمكة ليس في شيء مما فيه الناس حتى كانت وقعة الجمل ، فلما كانت، بعث إلى ولديه عبد الله ومحمد، فقال: قد رأيت رأيا، ولستما باللذين ترداني عنه، ولكن أشيرا علي، إني رأيت العرب صاروا غارين يضطربان، فأنا طارح نفسي بين جزاري مكة ولست أرضى بهذه المنزلة، فإلى أي الفريقين أعمد ؟ قال عبد الله: إن كنت لابد قاعلا فإلى علي، قال: ثكلتك أمك، إني إن أتيته، قال لي: إنما أنت رجل من المسلمين، وإن أتيت معاوية، خلطني بنفسه، وشركني في أمره، فأتى معاوية)) . ابن عساكر " 13 / 260 / آ . و غارين : تثنية غار: وهو الجمع الكثير من الناس، وقيل: الجيش الكثير، يقال: التقى الغاران، أي: الجيشان، ومنه قول الاحنف بن قيس في انصراف ابن الزبير عن وقعة الجمل: وما أصنع به إن كان جمع بين غارين من الناس، ثم تركهم، وذهب


و كان السبب الرئيسي و الوحيد لعمرو في التحاقه بمعاوية هو استرداده لولايته على مصر و اخذه في قلبه مما فعله عثمان


قال الذهبي و ابن تغري بردي : ((و قيل : دعا عمرو ابنيه ، فأشار عليه عبد الله ان يلزم بيته ، و اما محمد فقال له : انت شريف من اشراف العرب و ناب من انيابها لا ارى ان تتخلف ، فقال لعبد الله: إنك أشرت علي بالقعود، وهو خير لي في آخرتي وأما أنت يا محمد، فأشرت علي بما هو أنبه لذكري، ارتحلا ..فارتحلوا إلى الشام ، فأتى معاوية، فوجده يقص ويذكر أهل الشام في دم الشهيد فقال له: يا معاوية، قد أحرقت كبدي بقصصك، أترى إن خالفنا عليا لفضل منا عليه، لا والله ! إن هي إلا الدنيا نتكالب عليها، أما والله لتقطعن لي من دنياك أو لانابذنك، فأعطاه مصر وقد كان أهلها بعثوا بطاعتهم إلى علي)) و في رواية ابن تغري بردي : ((فقال لما تى الشام : يا أهل الشام إنكم على خير وإلى خير تطلبون بدم عثمان خليفة قتل مظلومًا فمن عاش منكم فإلى خير ومن مات فإلى خير فما زال مع معاوية حتى وقع من أمره)) . الخبر في " ابن عساكر " 13 / 260 / ب مطولا . و قال الذهبي : ((قال الطبراني حدثنا يحيى بن عثمان حدثنا سعيد بن عفير حدثنا سعيد ابن عبدالرحمن عن أبيه عن يعلى بن شداد بن أوس عن أبيه : أنه دخل على معاوية، وعمرو بن العاص معه، فجلس شداد بينهما، وقال: هل تدريان ما يجلسني بينكما ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا رأيتموهما جميعا ففرقوا بينهما، فوالله ما اجتمعا إلا على غدرة)) . أورده " ابن عساكر " 13 / 261 / آ، وقال: سعيد بن عبدالرحمن وأبوه مجهولان، وسعيد بن كثير بن عفير وإن كان قد روى عنه البخاري، فقد ضعفه غيره


و قال : ((وقيل: كتب علي إلى عمرو، فأقرأه معاوية وقال: قد ترى (ما كتب إلي علي)، فإما أن ترضيني، وإما أن ألحق به ، قال : ما تريد ؟ ، قال: مصر، فجعلها له)) . ابن عساكر " 13 / 261 ب، والزيادة منه . و قال : ((قال الواقدي : حدثني مفضل بن فضالة، عن يزيد بن أبي حبيب ، وحدثني عبد الله بن جعفر، عن عبد الواحد بن أبي عون قالا: لما صار الامر في يد معاوية، استكثر مصر طعمة لعمرو ما عاش، ورأى عمرو أن الامر كله قد صلح به وبتدبيره، وظن أن معاوية سيزيده الشام، فلم يفعل، فتنكر له عمرو فاختلفا وتغالظا، فأصلح بينهما معاوية بن حديج، وكتب بينهما كتاب بأن: لعمرو ولاية مصر سبع سنين، وأشهد عليهما شهودا، وسار عمرو إلى مصر سنة تسع وثلاثين، فمكث نحو ثلاث سنين، ومات)) . طبقات ابن سعد " 4 / 258 وهو عند ابن عساكر: 13 / 262 / ب


ثم دخلت سنة38هـ : و فيها دخل مصر مرة أخرى و استرد ولايته ، و الكلام عن كيفية استرداده مصر :


ثم سار عمرو في جيش جهزه معاوية إلى مصر فدخلها في ربيع الأول سنة38هـ ، و وليها لمعاوية في صفر و قيل ذي القعدة


قال الزركلي : ((كان عمرو مع معاوية، فولاه معاوية على مصر سنة38هـ وأطلق له خراجها ست سنين فجمع أموالا طائلة))


قال ابن تغري بردي : ((وجمع إليه معاوية الصلاة والخراج في ولايته هذه))


قال ابن تغري بردي : ((ووليها بعد محمد بن أبي بكر الصديق ومهد أمورها ثم خرج منها وافدًا على معاوية بالشام واستخلف على مصر ولده عبد الله بن عمرو وقيل خارجة بن حذافة وحضر أمر الحكمين ثم رجع إلى مصر على ولايته ودام بها إلى أن كانت قصة الخوارج الذين خرجوا لقتل علي ومعاوية وعمرو هذا ..وأقام عمرو بعد ذلك مدة سنين حتى مات بها))


قال الذهبي : ((روى المدائني عن جويرية بن أسماء، أن عمرو بن العاص قال لابن عباس: يا بني هاشم، لقد تقلدتم يقتل عثمان فرم الاماء العوارك، أطعتم فساق العراق في عيبه، وأجزرتموه مُرّاق أهل مصر، وآويتم قتلته فقال ابن عباس: إنما تكلم لمعاوية، إنما تكلم عن رأيك، وإن أحق الناس أن لا يتكلم في أمر عثمان لانتما، أما أنت يا معاوية، فزينت له ما كان يصنع، حتى إذا حصر طلب نصرك، فأبطأت (عنه، وأحببت قتله)، وتربصت به، وأما أنت يا عمرو، فأضرمت عليه المدينة، وهربت إلى فلسطين تسأل عن أنبائه، فلما أتاك قتله، أضافتك عداوة علي أن لحقت بمعاوية، فبعث دينك بمصر فقال معاوية: حسبك، عرضني لك عمرو، وعرض نفسه)) . ابن عساكر : 13 / 263 / ب، والزيادة منه . والقرم : "شدة الشهوة" ، والعوارك : "الحيض" ، وأجزرتموه : "جعلتموه جزر سيوفهم فذبحوه" ، ومراق أهل مصر : "فساقهم"


ثم دخلت سنة 43هـ : و كانت بها مرضه و وفاته ..و سنتكلم هنا عن سنة وفاته و عمره ثم الكلام عن مرضه و وفاته ، و قبره ثم التفصيل عن المُقَطَّم ، ثم الكلام عن الإختلاف في موضع قبره بالمقطم :


ظل عمرو بن العاص واليا على مصر من سنة38هـ إلى أن مرض و توفي بها سنة 43هـ على أرجح الأقوال و أشهرها كما سيأتي


كما ذكر وفاته بمصر السخاوي و ابن الأثير و الموفق بن عثمان و ابن عبد البر و ابن حبان بالثقات و ابن حجر بتقريب التهذيب و السيوطي بدر السحابة و حسن المحاضرة و الزركلي بالأعلام


و ذكر الذهبي ان عمرو تولى إمرة مصر لمعاوية سنتين و نيفاً . و لا يصح هذا ، لثبوت ولايته بعهد معاوية سنة38هـ إلى ان توفي سنة43هـ اي ان ولايته بعهد معاوية كانت كما سبق و قلنا 5سنين و ليس سنتين


سنة وفاته :


قال محمد بن عبد الله بن نمير وغيره: مات سنة42هـ


و قيل مات سنة47هـ و قيل سنة48هـ


و يُروى عن الهيثم : أنه توفي سنة51هـ ، وهذا خطأ
وعن طلحة القناد، قال : توفي سنة58هـ ، وهذا لا شئ



قال البخاري : ((قال الحسن عن ضمرة : مات سنة61هـ أو 62هـ في ولاية يزيد))


و أرجح و أشهر ما قيل في سنة وفاته : انها كانت سنة43هـ و هو الصحيح الذي جزم به بن يونس وغيره من المتقنين ، و هو قول الليث، والهيثم بن عدي، والواقدي و يحيى بن البكير ، وغيرهم


قال ابن الأثير : ((مات سنة 43هـ وقيل سنة 47هـ وقيل سنة 48هـ وقيل سنة 51هـ والأول أصح))


عمره :
ذكر ابن البرقي عن يحيى بن بكير عن الليث : توفي وهو ابن 90سنة ، و ذكر الذهبي عن يحيى بن بكير انه قال : مات و له نح00سنة . وقال العجلي: مات و له 99سنة
وأما الواقدي، فروى عن عبد الله بن أبي يحيى، عن عمرو بن شعيب، أن عمرا مات وهو ابن 70سنة
و من المتفق عليه ان سيدنا عمرو بن العاص وُلِدَ قبل عمر بن الخطاب بنحو خمس أو سبع سنين ، و توفي بعد عُمَر بعشرين سنة ..فَعُمَر وُلِدَ سنة40ق.هـ و مات سنة23هـ ، أي أن عمرو بن العاص وُلِدَ سنة47ق.هـ أو سنة45ق.هـ و مات على الصحيح سنة43هـ .. فيكون عمره نحواً من90سنة أو أقل . قال الذهبي : ((فينتج هذا أن مجموع عمره بضع وثمانون سنة، ما بلغ التسعين رضي الله عنه))



الكلام عن مرضه و عن آخر ما قاله لما حضرته الوفاة :


قال ابن عبد البر : ((حدثنا خلف بن القاسم حدثنا الحسن بن رشيق حدثنا الطحاوى حدثنا المزنى قال سمعت الشافعى يقول دخل ابن عباس على عمرو بن العاص فى مرضه فسلم عليه وقال كيف أصبحت يا أبا عبد الله قال : "أصلحت من دنياى قليلا وأفسدت من ديني كثيرا فلو كان الذي أصلحت هو الذي أفسدت والذي أفسدت هو الذى أصلحت لفزت ولو كان ينفعنى أن أطلب طلبت ولو كان ينجينى أن أهرب هربت فصرت كالمنجنيق بين السماء والأرض لا أرقى بيدين ولا أهبط برجلين فعظنى بعظة أنتفع بها يا بن أخى" ، فقال له ابن عباس : هيهات يا أبا عبد الله صار ابن اخيك أخاك ولا نشاء أن أبكى إلا بكيت كيف يؤمن برحيل من هو مقيم فقال عمرو على حينها من حين ابن بضع وثمانين سنة تقنطنى من رحمة ربى اللهم إن ابن عباس يقنطنى من رحمتك فخذ منى حتى ترضى ، قال ابن عباس : هيهات يا أبا عبد الله أخذت جديدا وتعطى خلقا فقال عمرو مالى ولك يا بن عباس ما أرسل كلمة إلا أرسلت نقيضها))


و قال الذهبي : ((قال ابن سعد أخبرنا ابن الكلبي عن عوانة بن الحكم، قال: قال عمرو ابن العاص: عجبا لمن نزل به الموت وعقله معه، كيف لا يصفه ؟ فلما نزل به الموت، ذكره ابنه بقوله، وقال: صفه قال: يا بني ! الموت أجل من أن يوصف، ولكني سأصف لك، أجدني كأن جبال رضوى على عنقي، وكأن في جوفي الشوك ، وأجدني كأن نفسي يخرج من إبرة)) . ابن سعد " 4 / 260


و قال الذهبي : ((قال أشعث عن الحسن : لما احتضر عمرو بن العاص، نظر إلى صناديق، فقال: من يأخذها بما فيها ؟ يا ليته كان بعرا، ثم أمر الحرس، فأحاطوا بقصره فقال بنوه: ما هذا فقال: ما ترون هذا يغني عني شيئا)) . و قال : ((قال ثابت البناني : كان عمرو على مصر، فثقل، فقال لصاحب شرطته: أدخل وجوه أصحابك، فلما دخلوا، نظر إليهم وقال: ها قد بلغت هذه الحال، ردوها عني، فقالوا: مثلك أيها الامير يقول هذا ؟ هذا أمر الله الذي لا مرد له قال: قد عرفت، ولكن أحببت أن تتعظوا، لا إله إلا الله، فلم يزل يقولها حتى مات . قال روح حدثنا عوف بن ابي جميلة الاعرابي العبدي البصري ، عن الحسن قال: بلغني أن عمرو بن العاص دعا حرسه عند الموت، فقال: امنعوني من الموت قالوا: ما كنا نحسبك تكلم بهذا قال: قد قلتها، وإني لاعلم ذلك، ولان أكون لم أتخذ منكم رجلا قط يمنعني من الموت أحب ألي من كذا وكذا، فياويح ابن أبي طالب إذ يقول: حدس امرءا أجله ثم قال: اللهم لا برئ فأعتذر، ولاعزيز فأنتصر، وإن لا تدركني منك رحمة، أكن من الهالكين))


و في روايات أخرى "و هي الأشهر" عن ابن شماسة المهري انه هو و عبد الله بن عمرو بن العاص كانوا ممن حضروا وفاة عمرو بن العاص ..فقال ابن شماسة راوياً : لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة جزع جزعاً شديداً فدمعت عيناه و بكى طويلاً و وجهه إلى الجدار ، فقال له ابنه عبد الله : ما يُبكيك يا ابتاه ، أجزعك من الموت يحملك على هذا؟ ، فأقبل عمرو بوجهه و قال : لا والله و لكن جزعاً لما بعد الموت ، فذكر ابنه له مخففاً و ملطفاً مواطنه مع رسول الله والفتوح التي قادها بالشام و قربه و دنوه من النبي صل الله عليه و سلم و استعماله له و قال له : "أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا " ..فقال له عمرو : أي بني ! قد كان ذلك، وسأخبرك، إي والله ما أدري أحبا كان أم تألفا ...و قيل أن عمرو هو من قال ذلك : ((لقد كنت على خير .."و جعل يذكر صُحبته لرسول الله و فتوحاته بمصر و الشام")) ثم قال عمرو : و تركت أفضل من ذلك شهادة أن لا إله إلا الله ..و لقد كنت على ثلاثة أطباق فلو مت على بعضها علمت ما يقول الناس


اول شئ : كنت كافراً و لما بعث الله محمداً كنت أشد الناس كُرهاً لرسالته و تمنيت لو أني قتلته و كنت أشدَّهُم عداوة لرسول الله صل الله عليه و سلم ..حتى بلغت كراهيتي لدين الله اني ركبت البحر الى صاحب الحبشة اطلب دم اصحاب رسول الله صل الله عليه و سلم ، فلو مت على ذلك الطبق قال الناس : مات عمرو مشركا عدوا لله ولرسوله و وجبت له النار


ثاني شئ : لما قذف الله الإسلام في قلبي فأتيت رسول الله صل الله عليه و سلم لأبايعه ، فقلت يا رسول الله أعطنى يمينك لأبايعك فبسط إليّ يده ليبايعني ، فقبضت يدي فقال ما لك يا عمرو ، قلت أن أشترط عليك قال تشترط ماذا أن يُغفَر لك ، فقلت : أبايعك شرط أن يغفر الله لي ما تقدم من ذنبي وأنا أظن حينئذ أني لا آتي ذنبا في الإسلام فقال رسول الله يا عمرو إن الإسلام يجب ما قبله وإن الهجرة تجب ما بينها وبين الإسلام و في رواية : ((إن الإسلام يهدم ما كان قبله وإن الهجرة تهدم ماكان قبلها)) فبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فما كان أحد أحب إلى منه ولا أعظم في عيني منه و والله إني كنت أشد الناس حياء من رسول الله فما ملأت عيني منه ولا راجعته بما اريد حياءا منه و إعظاما له حتى مات رسول الله فلو مت على هذا الطبق قال الناس أسلم عمرو وهاجر مع رسول الله نرجو لعمرو عندالله خيرا كثيرا و في رواية : ((لقال الناس : هنيئا لعمرو أسلم وكان على خير ومات فترجى له الجنة))


و آخر شئ : قد كانت إمارات و فتن ، فتلبست بالسلطان و وليت أشياء فلا أدري ما حالي فيها أعلى هي أم لي ، وأنا مشفق من هذا الطبق


قال عمرو "بالروايات المشهورة" : فإذا انا مت و أخرجتموني فأسرعوا بي و لا تبكين علي باكية ولا تتبعني نائحة ولا نار وشدوا عليّ إزاري فإني مخاصم وسنوا علي التراب سنّاً فإن جبني الأيمن ليس بأحق بالتراب من جنبي الأيسر ولا تجعلن في قبري خشبة ولا حجرا وإذا دفنتموني فاقعدوا عندي قدر ما ينحر جزور و يُقسم لحمها أُسَرّ و أستأنس بكم وأنظر ماذا أوامر رسل ربي و ماذا اراجعه بهم . و ظل عمرو يقول و يردد بلسانه : اللهم إنك أمرتني فلم أأتمر وزجرتني فلم أنزجر ووضع يده على موضع الغل وقال اللهم لا قوي فانتصر ولا برىء فاعتذر ولا مستكبر بل مستغفر لا إله إلا أنت ..فلم يزل يرددها حتى مات . و اما عند الذهبي فقال : ((روى يونس عن ابن شهاب، عن حميد بن عبدالرحمن، عن عبد الله بن عمرو، أن أباه قال حين احتضر: اللهم إنك أمرت بأمور، ونهيت عن أمور، تركنا كثيرا مما أمرت، ورتعنا في كثير مما نهيت اللهم لا إله إلا أنت ثم أخذ بإبهامه، فلم يزل يهلل حتى فاض، رضي الله عنه)) . ابن عساكر " 13 / 268 / ب . و قال : ((روى إسرائيل عن عبد الله بن المختار، عن معاوية بن قرة، حدثني أبو حرب بن أبي الاسود، عن عبد الله بن عمرو، أن أباه أوصاه: إذا مت، فاغسلني غسلة بالماء، ثم جففني في ثوب، ثم اغسلني الثانية بماء قراح، ثم جففني، ثم اغسلني (الثالثة) بماء فيه كافور، ثم جففني وألبسني الثياب، وزر علي، فإني مخاصم ثم إذا أنت حملتني على السرير، فامش بي مشيا بين المشيتين، وكن خلف الجنازة، فإن مقدمها للملائكة، وخلفها لبني آدم، فإذا أنت وضعتني في القبر، فسن علي التراب سنا ثم قال: اللهم إنك أمرتنا فأضعنا، ونهيتنا فركبنا، فلا برئ فأعتذر، ولا عزيز فأنتصر، ولكن لا إله إلا أنت، وما زال يقولها حتى مات)) . إسناده قوي، وهو في " طبقات ابن سعد " 4 / 260، و " ابن عساكر " 13 / 269 / آ . و "سنوا علي التراب سنا" : السن بالسين المهملة: و معناها :صب ، ويروى شن بالشين المعجمة وهما بمعنى


سند الرواية :


هذه القصة او الخبر "الذي جاء عن ابن شماسة المهري" و التي تتحدث عن مرضه و وفاته هي بالأصل قصة او خبر واحد لكن الفاظها و نقصانها و زياداتها تختلف من رواية الى رواية ، و لذلك جمعتها و ركبتها من عدة روايات و أسانيد مختلفة ، و ايضاً بتعديلات على بعض الالفاظ الاصلية لتسهيل فهم المعنى


فقد أخرجها ابن الأثير بأسد الغابة


و رواها ابن عبد الحكم : عن أبو صالح عبدالله بن صالح وأسد بن موسى عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة . و عن عمرو بن سواد عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة عن عبدالله بن عمرو عن عمرو بن العاص و هي التي فيها زيادة جملة : ((تركت أفضل من ذلك شهادة أن لا إله إلا الله)) . و عن أسد بن موسى عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن قيس بن سمي أن عمراً ..إلخ و هي التي فيها : ((إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ماكان قبلها)) و فيها : ((فوالله إن كنت لأشد الناس حياء من رسول الله فما ملأت عيني منه ولا راجعته بما أريد حتى مات رسول الله حياء منه))


و ذكرها ابن عبد البر فقال بسنده : ((أخبرنا عبد الله بن محمد بن اسد قال حدثنا محمد بن مسرور العسال بالقيروان قال حدثنا أحمد بن معتب قال حدثنا الحسين بن الحسن المروزى قال حدثنا ابن المبارك قال حدثنا ابن لهيعة قال حدثنا يزيد بن أبى حبيب أن عبد الرحمن بن شماسة قال لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة ..إلخ))


و ذكرها الذهبي ، فقال : ((قال أحمد حدثنا عفان، حدثنا الاسود بن شيبان، حدثنا أبو نوفل بن أبي عقرب قال : جزع عمرو بن العاص عند الموت ..إلخ)) . و إسناده صحيح، وهو في " المسند " 4 / 199، 200، وابن عساكر: 13 / 269 / آ


كما ذكر الذهبي : ((روى ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سويد بن قيس ، عن قيس ابن سمي ، أن عمرو بن العاص قال: يا رسول الله ! أبا يعك على أن يغفر ..إلخ)) . أخرجه أحمد في " المسند ": 4 / 204، وحديث مسلم في ص (60) ت (1) يشهد له . و قيس بن سمي - وفي الاصل ومسند أحمد " شفي " وهو تحريف - ترجمه الحسيني فقال: قيس بن سمي بن الازهر التجيبي، شهد فتح مصر، وروى عن عمرو بن العاص، وعنه سويد بن قيس: ليس بالمشهور وتعقبه الحافظ ابن حجر في " تعجيل المنفعة "، فقال: قد عرفه أبو سعيد ابن يونس، ونسبه، فساق نسبه إلى سعد بن تجيب، ثم قال: وهو جد حيوة بن الرواع بن عبد الملك بن قيس صاحب الدار المعروفة بمصر قال: وكان ولده بإفريقية، ومن شهد فتح مصر يكون إما صحابيا وإما مخضرما، فلا يقال فيه بعد هذا التعريف: ليس بمشهور


و ذكره ابن حبان بالثقات فقال : ((حدثنا أبو يعلى ثنا يعقوب بن إبراهيم قال أبو عاصم عن حيوة بن شريح قال حدثني يزيد بن أبى حبيب عن بن شماسة قال حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت يبكى ..إلخ))


*


وكان موت عمرو بمصر ليلة عيد الفطر فصلى عليه ابنه عبد الله ودفنه بالمقطم ثم رجع فصلى بالناس العيد "و كان ابوه قد استخلفه على الصلاة" وولى بعده ابنه عبد الله على مصر ثم عزله معاوية واستعمل بعده أخاه عتبة بن أبي سفيان فمات عتبة بعد سنة أو نحوها فولى مسلمة بن مخلد الأنصاري


قال الذهبي : ((ولقد خلف من الذهب قناطير مقنطرة)) ، و قال : ((وخلف أموالا كثيرة، وعبيدا، وعقارا، يقال: خلف من الذهب سبعين رقبة جمل مملوءة ذهبا)) . و قال : ((روى أبو هلال عن قتادة، قال : لما احتضر عمرو بن العاص، قال: كيلوا مالي، فكالوه، فوجدوه اثنين وخمسين مدا فقال: من يأخذه بما فيه ؟ يا ليته كان بعرا قال: والمد ست عشرة أوقية، الاوقية مكوكان))


دفنه و قبره :


و دفن عمرو بن العاص بسفح المقطم بالقرافة مقبرة أهل مصر بمنطقة المقطّم


قال موفق الدين : ((و قد روي انه لما ذكر المقوقس جبل المقطم و قال ليدفن تحته ما هو خير من الشجر ... ليقبرن قوم يبعثهم الله يوم القيامة لا حساب عليهم ، فقال عمرو "اللهم اجعلني منهم" . قال حرملة : فرأيت انا قبر عمرو بن العاص و قُبر فيه ابو بصرة الغفاري و عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنهم اجمعين))


التفصيل عن خبر المقطم :


قال السيوطي بحسن المحاضرة عند ذكره للمقطم "بتعديل" :


أخرج ابن عساكر في تاريخه، عن سفيان بن وهب الخولاني، قال : بينما نحن نسير مع عمرو بن العاص في سفح المقطم، ومعنا المقوقس، فقال له : يا مقوقس، ما بال جبلكم هذا أقرع، ليس عليه نبات ولا شجر، على نحو من جبال الشام! قال : ما أدري؛ ولكن الله أغنى أهله بهذا النيل عن ذلك؛ ولكنا نجد تحته ما هو خير من ذلك، قال : وما هو؟ قال : ليدفنن تحته قوم يبعثهم الله يم القيامة لا حساب عليهم، فقال عمرو : اللهم اجعلني منهم


قال ابن عبد الحكم : فقُبِرَ فيها من عُرِفَ من أصحاب رسول الله صل الله عليه و سلم كما حدثنا عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عمن حدثه خمسة نفر : عمرو بن العاص السهمي وعبد الله بن حذافة السهمي وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي وأبو بصرة الغفاري وعقبة بن عامر الجهني . وقال غير عثمان بن صالح : ومسلمة بن مخلد الأنصاري
و عند الكندي أنه قال : وسأل عمرو بن العاص المقوقس : ما بال جبلكم هذا أقرع، ليس عليه نبات كجبال الشام؟ فقال المقوقس : وجدنا في الكتب، أنه كان أكثر الجبال شجراً، ونباتاً وفاكهة، وكان ينزله المقطم بن مصر بن يبصر بن حام بن نوح، فلما كانت الليلة التي كلم الله فيها موسى، أوحى الله تعالى إلى الجبال : إني مكلم نبياً من أنبيائي على جبل منكم، فسمت الحبال وتشامخت إلا جبل بيت المقدس، فإنه هبط وتصاغر، قال : فأوحى الله إليه؛ لم فعلت ذلك؟ فقال : إجلالاً لك يا رب، قال : فأمر الله الجبال أن يعطوه؛ كل جبل منها مما عليه من النبت، وجاد له المقطم بكل ما عليه من النبت، حتى بقى كما ترى، فأوحى الله إليه : إني معوضك على فعلك بشجر الجنة أو غراسها، فكتب بذلك عمرو بن العاص إلى عمر رضي الله عنهما، فكتب إليه : إني لا أعلم شجر الجنة أو غراسها لغير المسلمين، فاجعله لهم مقبرة ، ففعل ذلك عمرو، فغضب المقوقس، وقال لعمرو : ما على هذا صالحتني! فقطع عمرو قطيعاً من نحو الحبش يدفن فيه النصارى



قال ابن عبد الحكم : حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، قال : سأل المقوقس عمرو بن العاص أن يبيعه سفح المقطم بسبعين ألف دينار، فعجب عمرو عن ذلك وقال : أكتب في ذلك إلى أمير المؤمنين، فكتب في ذلك إلى عمر، فكتب إليه عمر : سله لم أعطاك به ما أعطاك وهي لا تزدرع ولا يستنبط بها ماء، ولا ينتفع بها ، فسأله فقال : إنا لنجد صفتها في الكتب؛ إن فيها غراس الجنة ، فكتب بذلك إلى عمر، فكتب إليه عمر : إنا لا نعلم غراس الجنة إلا للمؤمنين، فأقبِر فيها من مات قبلك من المسلمين، ولا تبعه بشيء


قال ابن عبد الحكم : حدثنا هانئ بن المتوكل، عن ابن لهيعة، أن المقوقس قال لعمرو : إنا لنجد في كتابنا أن ما بين هذا الجبل وحيث نزلتم ينبت فيه شجر الجنة، فكتب بقوله إلى عمر ابن الخطاب، فقال : صدق، فاجعلها مقبرةً للمسلمين


و قال ابن الجميزي وغيره عن القرافة : إنه وقف مِن عُمَر على موتى المسلمين
وقال ابن الحاج في المدخل : القرافة جعلها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لدفن موتى المسلمين فيها، واستقر الأمر على ذلك
وقال الكندي : ذكر أسد بن موسى، قال : شهدت جنازة مع ابن لهيعة، فجلسنا حوله، فرفع رأسه، فنظر إلى الجبل، فقال : إن عيسى عليه الصلاة والسلام مر بسفح هذا الجبل، وأمه إلى جانبه، فقال : يا أماه، هذه مقبرة أمة محمد صلى الله عليه وسلم
قال الكندي : وروى ابن لهيعة عن عياش بن عباس، أن كعب الأحبار سأل رجلاً يريد السفر إلى مصر، فقال له : أهد لي تربة من سفح مقطعها؛ فأتاه منه بجراب ، فلما حضرت كعباً الوفاة أمر به ففرش في لحده تحت جنبه



قال ابن لهيعة : والمقطم ما بين القصير إلى مقطع الحجارة، وما بعد ذلك فمن اليحموم
قال ابن عبد الحكم : حدثنا سعيد بن عفير وعبد الله بن عياد، قالا : حدثنا المفضل بن فضالة، عن أبيه قال : دخلنا على كعب الأحبار، فقال لنا : ممن أنتم؟ قلنا : من أهل مصر، قال : ما تقولون في القصير؟ قلنا : قصير موسى قال : ليس بقصير موسى، ولكنه قصير عزيز مصر، كان إذا جرى النيل يترفع فيه، وعلى ذلك إنه لمقدس من الجبل إلى البحر
قال ابن عبد الحكم : حدثنا هانئ ابن المتوكل، عن ابن لهيعة ورشدين بن سعد، عن الحسن بن ثوبان، عن حسين بن شفي الأصبحي، عن أبيه شفي بن عبيد، أنه لما صدم مصر - وأهل مصر أتخذوا مصلى بحذاء ساقيه أبي عون التي عند العسكر - فقال : ما لهم وضعوا مصلاهم في الجبل الملعون، وتركوا الجبل المقدس!



قال ابن عبد الحكم : حدثنا أبو الأسود نصر بن عبد الجبار، أنبأنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل، أن رجلاً سأل كعباً عن جبل مصر، فقال : إنه لمقدس ما بين القصير إلى اليحموم


قلت : ننبه على انه هناك الكثير من الصحابة ممن دفنوا بالمقطم و ليس الخمسة السابق ذكرهم فقط ، و إنما هؤلاء الخمسة اشهر مَن دفن بالقرافة و الباقي اندثرت معالم قبورهم ، فإن الذي يقرأ اسماء الخمسة المدفونين بالمقطم يظن انه عدد محصور لا غيرهم بالقرافة! ..فكما مرّ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل القرافة لدفن موتى المسلمين ، و بذلك يكون الكثير من الصحابة و التابعين الاقدمون الذين دخلوا مصر و شهدوا فتحها و عاشوا و ماتوا بها قد دفنوا بهذه المقبرة . و أسباب اندثار القبور كثيرة منها دخول الفرنج مصر بالقرن الخامس الهجري و فسادهم بالأرض مما ادى لخراب و حرق كل البِنَى و القبور و المشاهد ، و ايضا من الأسباب هدم السلطان صلاح الدين و غيره المشاهد و تسويتها لحرمة بناء الأضرحة مما ادى الى نسيان معالم القبور و أسماء اصحابها إلا القليل منهم


الإختلاف في تعيين قبره :


و يُختَلَف في تحديد او تعيين مكان قبر عمرو بن العاص بالقرافة


و قال السخاوي : ((توفي بمصر و دفن بالقرافة . و اُختُلِف في قبره ، قال بعضهم انه دفن في تربة عقبة بن عامر الجهني و قيل هما في قبر واحد و قال بعضهم إنه على طريق الحاج و طريق الحاج كانت من الفج ، و قيل انه القبر الكبير غربي قبر الإمام الشافعي و هو يعرَف بمقابر قريش و هو الآن مجاور لقبر محمد بن نافع الهاشمي المقدم ذكره . و قيل انه شرقي مشهد السيدة آمنة بنت موسى الكاظم و قيل انه القبر المعروف بقبر القاضي قيس السهمي و هذا المكان مبارك)) . و باقي ترجمته بصفحة 197 من تحفة الاحباب فراجعها و لم نذكر هنا الا الكلام عن قبره لتقدُّم الكلام عن ترجمته


و قال محمد فتحي أبو بكر بهامش مرشد الزوار : ((و عن وفاته قال ابن الجوزي : انه دفن بالمقطم في ناحية الفج ، و كان طريق الناس الى الحجاز . و في وفيات الاعيان ج7 15 اقتصر على أنه دفن بسفح المقطم و لم يحدد المكان الذي دفن فيه من هذا السفح . و في كتاب كنز الجوهر في تايخ الازهر 5 ذُكر أنه مدفون بحوش أبي علي بقرب الامام الليث . و في كتاب عمرو بن العاص لعبده صابر 24 أن عمرو بن العاص دفن بجوار المقطم قريبا من قبر الإمام الشافعي في مكان لا يزال مجهولا الى الآن))


و قال عباس محمود العقاد في كتابه عمرو بن العاص - طبعة نهضة مصر - ص 179 : ((و كانت وفاته ليلة عيد الفطر سنة ثلاث و اربعين للهجرة فدفن بجوار المقطم عند ضريح الامام الشافعي القائم حتى الآن))


و قال ابن عبد البر : ((دفن بالمقطم من ناحية الفتح))


و قال الموفق بن عثمان : ((دفن بالمقطم من ناحية الفج و كان طريق الناس يومئذ الى الحجاز فأحب ان يدعو له كل من يمر عليه)) و كذا قال ابن عبد الحكم عن ابن عفير و السيوطي بحسن المحاضرة و بدر السحابة . و نقل عن محمد بن جعفر القضاعي : ((ضريح عمرو بن العاص رضي الله عنه : ذكر قوم انه غربي الخندق ، و شرق المشهد))


قال ابن تغري بردي بالنجوم الزاهرة : ((و قال الشيخ الموفق بن عثمان في تاريخه المرشد ناقلا عن حرملة من أصحاب الشافعي : إن البقعة التي دفن فيها عقبة - بن عامر - بها ايضا قبر عمرو بن العاص و قبر ابي بصرة الصحابيين تحويهم القبة التي هدمها صلاح الدين يوسف بن ايوب ثم بناها البناء المعهود الآن)) . و قيل ان المقصود من دفن هؤلاء الثلاث صحابة بجانب بعضهم اي قرب مواقع بعضهم و ليس بجانب بعضهم ، ففي قرافة المقطم ثلاث اضرحة بأماكن مختلفة متقاربة المواقع : ضريح عمرو بن العاص و ضريح عقبة بن عامر و ضريح ابي ذر الغفاري و كلهم بجوار الامام الشافعي . و هذا الضريح الشهير بابي ذر هو نفسه ابي بصرة لكن حرّف العوامّ اسمه . و لا يصح ذلك


و الأشهر أن عمرو بن العاص دفن قرب الامام الشافعي و هو ايضا قرب الامام الليث حيث ضريح عمرو الآن


و الله أعلم بمكان قبره الصحيح ، رضي الله تعالى عنه و عن الصحابة اجمعين


و يوجد بجامع عمرو ضريح منسوب لابنه عبد الله و يُعرَف بين عوام الناس بقبر عمرو بن العاص ، و لا يصح ...و قد سبق الحديث عنه لما تكلمنا عن خطته بمصر


صفته :


و قال ابن الأثير : ((كان عمرو قصيرا)) و قال : ((وكان يخضب بالسواد))


قال الذهبي : ((وقال أبو بكر بن البرقي : كان عمرو قصيرا يخضب بالسواد))


و قال ابن عبد الحكم في فتوح مصر : ((وكانت صفة عمرو بن العاص كما حدثنا سعيد بن عفير عن الليث بن سعد قصيرا عظيم الهامة ناتيء الجبهة واسع الفم عظيم اللحية عريض ما بين المنكبين عظيم الكفين والقدمين))


و قال ايضاً عند ذكره لخطبة عمرو بن العاص : ((حدثنا سعيد بن ميسرة عن إسحاق بن الفرات عن ابن لهيعة عن الأسود بن ملك الحميري عن بحير بن ذاخر المعافري قال رحت أنا ووالدي إلى صلاة الجمعة تهجيرا وذلك آخر الشتاء أظنه بعد حميم النصارى بأيام يسيرة فأطلنا الركوع إذ أقبل رجال بأيديهم السياط يزجرون الناس فذعرت فقلت يا أبت من هؤلاء قال يا بني هؤلاء الشرط فأقام المؤذنون للصلاة فقام عمرو بن العاص على المنبر ، فرأيت رجلا ربعة قصير القامة وافر الهامة أدعج أبلج عليه ثياب موشية كأن به العقيان تأتلق عليه حلة وعمامة وجبة فحمد الله وأثنى عليه ..إلخ))


ما قيل فيه :


و روى إبراهيم بن مهاجر عن الشعبي عن قبيصة بن جابر : ((قد صحبت عمرو بن العاص فما رأيت رجلا أبين قرآنا ولا أكرم خلقا ولا أشبه سريرة بعلانية منه)) . و عند الذهبي برواية مجالد عن الشعبي عن قبيصة : ((..فما رأيت رجلاً أبين أو أنصع رأيا، ولا أكرم جليسا منه، ولا أشبه سريرة بعلانية منه))


و أخرج بن أبي خيثمة و الذهبي من رواية ضمرة عن الليث بن سعد ، قال : نظر عُمَر إلى عمرو يمشي ، فقال : ((ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلا أميرا)) . ابن عساكر: 13 / 257 / ب


و قال الذهبي : ((روى مجالد، عن الشعبي قال: دهاة العرب أربعة: معاوية، وعمرو، والمغيرة، وزياد . فأما معاوية فللاناة والحلم، وأما عمرو فللمعضلات، والمغيرة للمبادهة، وأما زياد فللصغير والكبير)) و قال : ((روى مجالد : عن الشعبي، عن قبيصة بن جابر: صحبت عمر فما رأيت أقرأ لكتاب الله منه، ولا أفقه ولا أحسن مداراة منه وصحبت طلحة فما رأيت أعطى لجزيل من غير مسألة منه وصحبت معاوية فما رأيت أحلم منه وصحبت عمرو بن العاص فما رأيت رجلا أبين - أو قال - أنصع طرفا منه، ولا أكرم جلسيا منه وصحبت المغيرة فلو أن مدينة لها ثمانية أبواب لا يخرج من باب منها إلا بمكر لخرج من أبوابها كلها))


و قال : ((قال جرير بن حازم، حدثنا الحسن: قال رجل لعمرو بن العاص: أرأيت رجلا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحبه أليس رجلا صالحا ؟ قال: بلى ، قال: قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحبك، وقد استعملك ، قال: بلى ، فوالله ما أدري أحبا كان لي منه أو استعانة بي، ولكن سأحدثك برجلين مات وهو يحبهما، ابن مسعود وعمار، فقال: ذاك قتيلكم بصفين قال: قد والله فعلنا)) . و هو في " المسند " 4 / 203 من طريق الاسود بن عامر، عن جرير بن حازم، ورجاله ثقات


فضائله على لسان رسول الله صل الله عليه و سلم :


حديث : يرحم الله عَمراً


قال الذهبي : ((قال أحمد حدثنا يحيى بن إسحاق أخبرنا الليث عن يزيد عن سويد بن قيس عن زهير بن قيس البلوي عن علقمة بن رمثة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمرو بن العاص إلى البحرين، فخرج رسول الله في سرية، وخرجنا معه، فنعس، وقال: " يرحم الله عمرا " فتذاكرنا كل من اسمه عمرو قال: فنعس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال " رحم الله عمرا ثم نعس الثالثة ، فاستيقظ، فقال: " رحم الله عمرا " قلنا: يا رسول الله، من عمرو هذا ؟ قال: " عمرو بن العاص " قلنا: وما شأنه ؟ قال: " كنت إذا ندبت الناس إلى الصدقة، جاء فأجزل منها، فأقول: يا عمرو ! أنى لك هذا ؟ فقال: من عند الله، قال: وصدق عمرو، إن له عند الله خيرا كثيرا)) . رجاله ثقات إلا زهير بن قيس البلوي، فقد ترجمه البخاري: 3 / 428 وابن أبي حاتم: 3 / 568، فلم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، وأخرجه الفسوي في " تاريخه ": 2 / 512 وابن عبد الحكم في " فتوح مصر ": 307 من طريق الليث به وأورده الحافظ في " الاصابة " في ترجمة علقمة بن رمثة: 7 / 47، ونسبه للبخاري في " تاريخه ": 7 / 40، وابن يونس وأحمد والبغوي وابن مندة من طرق عن يزيد بن أبي حبيب بهذا الاسناد وهو في " أسد الغابة ": 4 / 84، و " تاريخ دمشق " لابن عساكر: 13 / 253 / ب


حديث : اللهم صل على عمرو بن العاص


قال الذهبي : ((قال الليث حدثنا يزيد، عن ابن يخامر السكسكي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم صلى على عمرو بن العاص، فإنه يحبك ويحب رسولك . منقطع)) . و ابن مخامر : هو مالك بن يخامر السكسكي الحمصي صاحب معاذ بن جبل . و أورد الحديث ابن عساكر: 13 / 252 / ب، وخص بالصلاة أبا بكر وعمر وعثمان وأبا عبيدة ثم عمرو بن العاص، وقال في نهايته: هذا الحديث على إرساله فيه انقطاع بين يزيد ومالك بن يخامر


حديث : إن عمرو بن العاص من صالحي قريش . و حديث : نعم أهل البيت


قال ابن الأثير : ((قال : وحدثنا أبو عيسى حدثنا إسحاق ابن منصور حدثنا أبو أسامة عن نافع بن عمر الجمحي عن ابن أبي مليكة قال : قال طلحة بن عبيد الله : سمعت رسول الله يقول : "إن عمرو بن العاص من صالحي قريش"))


و قال السيوطي بحسن المحاضرة و در السحابة : ((و قد روى الترمذي عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه : سمعت رسول الله صل الله عليه و سلم يقول : إن عمرو بن العاص من صالحي قريش))


وأخرج أحمد من حديث طلحة بن عبيد الله مرفوعا : ((عمرو بن العاص من صالحي قريش)) . ورجال سنده ثقات إلا أن فيه انقطاعا بين أبي مليكة وطلحة . وأخرجه البغوي وأبو يعلى من هذا الوجه وزاد : ((نـِـعــم أهل البيت عبد الله وأبو عبد الله وأم عبد الله)) . وأخرجه بن سعد بسند رجاله ثقات إلى بن أبي مليكة مرسلا لم يذكر طلحة وزاد : "يعني عبد الله بن عمرو بن العاص"


و قال الذهبي : ((روى عبد الجبار بن الورد، عن ابن أبي مليكة، قال طلحة: ألا أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشئ ؟ إني سمعته يقول: عمرو بن العاص من صالحي قريش، نعم أهل البيت أبو عبد الله، وأم عبد الله، وعبد الله)) . و أخرجه أحمد 1 / 161 من طريق وكيع، حدثنا نافع بن عمر وعبد الجبار بن الورد بهذا الاسناد، ورجاله ثقات، لكنه منقطع، لان ابن أبي مليكة - وهو عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله - لم يدرك طلحة، فإن طلحة قتل يوم الجمل سنة 36، وابن أبي مليكة مات سنة 117هـ ، فبين وفاتيهما 81 سنة، وأخرجه الترمذي (3845) مختصرا بلفظ: " إن عمرو بن العاص من صالح قريش " وقال: هذا حديث إنما نعرفه من حديث نافع بن عمر الجمحي، ونافع ثقة، وليس إسناده بمتصل، ابن أبي مليكة لم يدرك طلحة، وهو في " تاريخ ابن عساكر " 13 / 253 / آ، وسيذكره المصنف في ترجمة ابنه عبد الله


حديث : إن عمرو بن العاص لرشيد الأمر


قال الذهبي : ((قال سليمان بن أيوت الطلحي حدثنا أبي عن إسحاق بن يحيى عن عمه موسى بن طلحة عن أبيه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن عمرو ابن العاص لرشيد الامر)) . إسناده ضعيف لضعف إسحاق بن يحيى، وجهالة راويه عنه، وهو في " تاريخ ابن عساكر ": 13 / 252 / آ


حديث : أسلم الناس و آمن عمرو


و قال الذهبي : ((قال أحمد: حدثنا المقرئ، حدثنا ابن لهيعة، حدثني مشرح، سمعت عقبة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص)) . إسناده حسن، والمقرئ هو عبد الله بن يزيد المخزومي المدني، وروايته عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه، وهو في " المسند " 4 / 155، وأخرجه الترمذي (3844) من طريق قتيبة عن ابن لهيعة به


و قال ابن الأثير بسنده : ((أنبأنا إبراهيم وإسماعيل وغيرهم بإسنادهم إلى أبي عيسى الترمذي قال حدثنا قتيبة حدثنا ابن لهيعة حدثنا مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله : "أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص"))


حديث : ابنا العاص مؤمنان


أخرج أحمد 2 / 304 و 327 و 353، وابن سعد 4 / 191، والحاكم 3 / 240 و 452، وابن عساكر 13 / 252 / آ بسند حسن من طرق عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ابنا العاص مؤمنان، عمرو وهشام" . وله شاهد عند ابن سعد 4 / 192، عن عمرو بن حكام، عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمه عمارة بن حزم ..وهذا سند حسن في الشواهد، لان عمرو بن حكام يكتب حديثه على ضعفه للاستشهاد


و قال البخاري : ((قال آدم عن حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ابنا العاص مؤمنان هشام وعمرو))


و قال الذهبي : ((قال عمرو بن حكام: حدثنا شعبة، عن عمرو بن دينار، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ابنا العاص مؤمنان")) . و عمرو بن حكام ضعيف، وباقي رجاله ثقات، وهو في " طبقات ابن سعد " 4 / 192، و " تاريخ ابن عساكر " 13 / 252 / آ، وله شاهد حسن تقدم في الصفحة (56) ت (1) يتقوى به


حديث : ألا فعلتم كما فعل هذان الرجلان المؤمنان


قال أحمد 4/203 : حدثنا ابن مهدي، عن موسى بن علي، عن أبيه عن عمرو بن العاص قال : ((فزع أهل المدينة فزعا فتفرقوا فنظرت إلى سالم مولى أبي حذيفة في المسجد عليه سيف مختفيا ففعلت مثله ..فخطب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أيها الناس ألا يكون فزعكم إلى الله ورسوله؟ ألا فعلتم كما فعل هذان الرجلان المؤمنان؟)) . أخرجه ابن عساكر بتاريخه 13/252 و احمد و النسائي بسند حسن


ما جاء في حكمته و أقواله على لسانه :


و منها ما رواه ابن عبد الحكم : ((حديث موسى بن علي عن أبيه قال سمعت عمرو بن العاص يقول ما أبعد هديكم من هدي نبيكم عليه السلام أما هو فكان أزهد الناس في الدنيا وأنتم أرغب الناس فيها . حدثناه عبدالله بن صالح عن موسى بن علي . حدثنا عبدالله بن صالح حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن علي بن رباح أخبره أنه سمع عمرو بن العاص على المنبر يقول والله ما رأيت قوما أرغب فيما كان رسول الله يزهد فيه منكم أصبحتم ترغبون في الدنيا وكان رسول الله يزهد فيها وما مر برسول الله ثلث من الدهر إلا والذي عليه أكثر من الذي له فقال رجل من أصحاب رسول الله قد رأينا رسول الله يتسلف . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن علي بن رباح أنه سمع عمرو بن العاص))


و منها ما اخرجه الذهبي ، فقال : ((قال ابن عيينة : قال عمرو بن العاص : ليس العاقل من يعرف الخير من الشر، ولكن هو الذي يعرف خير الشرين)) . ابن عساكر " 13 / 266 / آ


و منها ما اخرجه الذهبي ايضا ، فقال : ((روى موسى بن علي، عن أبيه، سمع عَمراً يقول : لا أمل ثوبي ما وسعني، ولا أمل زوجتي ما أحسنت عشرتي، ولا أمل دابتي ما حملتني، إن الملال من سيئ الاخلاق))


و من حكمته لما كانوا بغزوة ذات السلاسل و امر بعدم اضاءة النار مع شدة البرد لكي لا يراهم العدو . و عندما صلى بالناس بتيممه و لم يتوضأ ..و قد سبق ذكر ذلك بالتفصيل في الكلام عن غزوة ذات السلاسل


و منها لما مرض و حضرته الوفاة ، فقال لحرسه : أدخل عليّ وجوه الناس و أشرافهم ، فلما دخلوا، نظر إليهم وقال: ها قد بلغت هذه الحال، ردوها عني، فقالوا: أمثلك أيها الامير يقول هذا ؟ هذا أمر الله الذي لا مرد له ..قد عرفت، ولكن أحببت أن تتعظوا، لا إله إلا الله، فلم يزل يقولها حتى مات . و قد سبق ذكرها في الكلام عن مرضه و وفاته


و مما نُسِبَ إليه ما اخرجه الذهبي : ((وروى أبو أمية بن يعلى، عن علي بن زيد بن جدعان، قال رجل لعمرو بن العاص : صف لي الامصار، قال: أهل الشام، أطوع الناس لمخلوق، وأعصاه للخالق، وأهل مصر، أكيسهم صغارا وأحمقهم كبارا، وأهل الحجاز، أسرع الناس إلى الفتنة، وأعجزهم عنها، وأهل العراق أطلب الناس للعلم، وأبعدهم منه)) . و أبو أمية بن يعلى ضعيف، وكذا شيخه علي بن زيد، فالخبر لا يصح، وأورده الفسوي في " تاريخه " 2 / 411، من طريق نعيم بن حماد ورشدين بن سعد - وكلاهما ضعيف - عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله


روايته :


روى عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث ، كما روى عن أم المؤمنين عائشة بن أبي بكر الصديق


روى عنه من أهل مصر : عبد الله ابنه - و محمد ابنه - وأبو قيس مولاه - وعبد الرحمن بن شماسة المهري - وعلي بن رباح


و روى عنه ايضا :


من أهل المدينة : قبيصة بن ذؤيب


و من أهل الكوفة : قيس بن أبي حازم


و من أهل البصرة : أبو عثمان النهدي


و يزيد ، أبو مرة مولى عقيل بن أبي طالب


وعروة بن الزبير


و سعيد بن المسيب . وقد اختلف فيه فقالوا سمع منه وقالوا بل إنما سمع من ابنه عبد الله بن عمرو


وعبد الله بن شرحبيل بن حسنة


وأبو سلمة بن عبد الرحمن - وجعفر بن المطلب بن أبي وداعة - وعبد الله بن منين - والحسن البصري مرسلا - وعمارة بن خزيمة بن ثابت - ومحمد بن كعب القرظي - وأبو عبد الله الاشعري ...وآخرون


قال موفق الدين : ((و لأهل مصر عن عمرو بن العاص عشرون حديثا)) و قال ابن عبد الحكم : ((ولهم عنه أكثر من عشرين حديثا)) و قال السيوطي : ((قال ابن الربيع : لاهل مصر عنه نحو عشرة احاديث)) . قلت : لعل كل ما نُسِبَ اليه من احاديث مِن مشهورها و غريبها تبلغ اكثر من عشرين حديث ، و اما العشرة احاديث فهي المشهورة لحالها فقط


قال الزركلي : ((وله في كتب الحديث39حديثاً)) و قال الذهبي : ((له أحاديث ليست كثيرة، تبلغ بالمكرر نحو الاربعين، اتفق البخاري ومسلم على ثلاثة أحاديث منها، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بحديثين)) . انظر البخاري 7 / 19، و 10 / 351، و 13 / 268، ومسلم: (121) و (215) و (1096) و (1716) و (2384)


و قال موفق الدين بن عثمان : ((و روى له النسائي و الترمذي و ابن ماجة و ابو داود))


و مما أجتهدت في جمعه مما رواه :


حديث : إذا حكم الحاكم . قال ابن الأثير : ((أنبأنا أبو الفضل بن أحمد الخطيب أنبأنا أبو محمد السراج أنبأنا أبو القاسم عبيد الله بن عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين أنبأنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي البزاز حدثنا محمد بن عثمان هو ابن أبي شيبة حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيري حدثنا عبد العزيز بن محمد حدثنا يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم التميمي عن بسر بن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو ابن العاص قال قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم إذا حكم الحاكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد . قال فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم فقال هكذا حدثني أبو سلمة ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي بمثله))


حديث : تعال فكل ، قال إني صائم . قال البخاري : ((قال عثمان المؤذن عن بن جريج قال أخبرني سعيد بن كثير أن جعفر بن المطلب أخبره أن عمرو بن العاص قال لعبد الله بن عمرو في أيام مني تعال فكل قال إني صائم ثم قال له قال لا إلا أن تكون سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم قال فإني سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم))


حديث : أكلة السحر . قال الذهبي : ((قال موسى بن علي حدثنا أبي، حدثني أبو قيس مولى عمرو بن العاص، أن عمرا كان يسرد الصوم، وقلما كان يصيب من العشاء أول الليل وسمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن فصلا بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر)) . إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1096)، والترمذي (708)، وأبو داود (2343)، والنسائي 4 / 146، وأحمد: 4 / 197 من طرق، عن موسى بن علي بهذا الاسناد . و قال ابن عبد الحكم : ((حدثناه عبدالله بن صالح حدثنا موسى بن علي عن أبيه وحدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم قال حدثنا الليث بن سعد عن موسى بن علي)) بلفظة : فضل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر


و قال ابن عبد الحكم بفتوح مصر : ((هذه تسمية من روى عنه أهل مصر من أصحاب رسول الله ممن دخلها فعرف أهل مصر بالرواية عنهم ومن شركهم في الرواية عنهم من أهل البلدان وما تفردوا به دون غيرهم ومن عرف دخوله مصر منهم برواية غيرهم عنه وتركت قوما يذكر بعض الناس أن لهم صحبة وأنهم قد دخلوا مصر لم أر أحدا من أهل العلم من مشايخهم يثبت ذلك لهم وتركت كثيرا من حديث بعض من ذكرت منهم كراهية للإكثار واقتصرت على بعضه))
قال : ((ولهم -اي اهل مصر- عنه أكثر من عشرين حديثا نذكر منها غريب الأحاديث دون المشهور منها))



1 - ((منها أن عمرو بن العاص قال أقرأني رسول الله في القرآن خمس عشرة سجدة منها في المفصل ثلاث وفي سورة الحج سجدتان حدثناه سعيد بن أبي مريم عن نافع بن يزيد عن الحارث بن سعيد العتقي عن عبدالله بن منين من بني عبد كلال عن عمرو بن العاص))


2 - ((ومنها أن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله يقول ما من قوم يظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالفناء وما من قوم يظهر فيهم الزنا إلا أخذوا بالسنة وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلا أخذوا بالرعب . حدثناه عبدالملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن عبدالله بن سليمان أن محمد بن راشد المرادي حدثه أن عمرو بن العاص طلع يوما المنبر فلم يسلم فقال رجل إن أبا عبد الله لمغضب فقال أما والله إنكم لتعلمون أني من أقل أصحاب رسول الله رواية عنه وأنه لم يمنعني من الحديث عنه إلا أني كنت رجلا غزاء وإني سمعت رسول الله يقول ما من قوم يظهر ثم ذكر الحديث))


3 - و منها انه لما كان بذات السلاسل و كانت الليلة باردة فلم يستطع عمرو التوضؤ فتيمم و صلى بالناس ، و فيها : ((يا رسول الله أجنبت في ليلة بادرة لم يمر علي مثلها قط فخيرت نفسي بين أن أغتسل فأموت أو أصلي بهم وأنا جنب فتيممت وصليت بهم ، فقال رسول الله : لو كنت مكانك فعلت مثل الذي فعلت هكذا)) و قد سبق بيانه ببدايات الترجمة


4 - و منها حديث اكلة السحر ..و قد سبق ذكرها . و إنما اشرت اليه هنا مرة اخرى للإشارة الى ذكر ابن عبد الحكم له من ضمن الاحاديث التي ذكرها


5 - و منها عندما امر النبي صل الله عليه و سلم عمرو بن العاص بأن يتجهز بالعدة و السلاح ليكون على جيش ذات السلاسل ليغنمه الله و يسلمه و يرغب له رغبة صالح من المال ، و فيها : ((يا عمرو نعم المال الصالح للرجل الصالح)) و قد سبق بيانه ببدايات الترجمة


6 - و منها لما رُوِيَ عن عمرو بن العاص أنه قال : ((كان رسول الله صل الله عليه و سلم ازهد الناس في الدنيا ..إلخ)) و قد سبق بيانه في الكلام عن حكمه و اقواله


7 - ((ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد أن مولى لعمرو بن العاص حدثه أن عمرو بن العاص قال إن رسول الله قال : لعمل شعيرة اليوم خير من مثقال قيراط بعداليوم . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار))


8 - و منها رواية ابن شماسة المهري عن حضوره وفاة عمرو بن العاص ..و قد سبق بيانه في الكلام عن وفاته


9 - و منها رواية إسلامه عند النجاشي و قدومه على رسول الله صل الله عليه و سلم مهاجرا مبايعا له على الإسلام . و قد رواه ابن عبد الحكم عن ابن اسحاق مطولاً ، و فيه ان النبي صل الله عليه و سلم قال لما قدم عليه عمرو بن العاص : ((بايع يا عمرو فإن الإسلام يجب ما كان قبله وان الهجرة تجب ما كان قبلها)) و قد سبق بيانه ببدايات الترجمة


الإصابة ، برقم (5886)


أسد الغابة _ ج4 _ 59-260-261-261-263


الإستيعاب _ ج3 _ 184-1185-1186-1187-1188-1189-1190-1191


الاعلام للزركلي ، ج5 9


معجم البلدان للحموي


السيوطي بحسن المحاضرة ، و ايضا بدر السحابة 6 برقم (205)


فتوح مصر ، ذكر خطبة عمرو بن العاص و خطته بمصر


النجوم الزاهرة في ملوك مصر و القاهرة لأبن تغري بردي


تحفة الاحباب للسخاوي ، 97


مرشد الزوار لموفق الدين ابن عثمان ، من 31إلى 39


مشاهير علماء الامصار لأبن حبان _ برقم (376)


الثقات لأبن حبان برقم (868)


تقريب التهذيب لأبن حجر _ ج1 _ 38


تاريخ البخاري الكبير ، باب العين ، برقم(2475)




مسند أحمد 4 / 202


طبقات ابن سعد 4 / 254 و 7 / 493


نسب قريش: 409 وما بعدها


طبقات خليفة: ت (147)، (970)، (2820)


المحبر: 77، 121، 177


المعارف: 285


المستدرك 3 / 452 - 455


المعرفة والتاريخ 1 / 323


تاريخ الطبري 4 / 558


مروج الذهب 3 / 212


الولاة والقضاة: انظر الفهرس


جمهرة أنساب العرب: 163 وانظر الفهرس


الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 362


تاريخ ابن عساكر 13 / 245 / آ


جامع الاصول 9 / 103


الكامل 3 / 274


الحلة السيراء 1 / 13


تهذيب الاسماء واللغات: القسم الاول من الجزء الثاني: 30


تهذيب الكمال ص: 1038


تاريخ الاسلام 2 / 235


تذهيب التهذيب 3 / 101 / آ


مرآة الجنان 1 / 119


العقد الثمين 6 / 398


غاية النهاية: ت (2455)


تهذيب التهذيب 8 / 56


النجوم الزاهرة 1 / 113


خلاصة تذهيب الكمال: 246


شذرات الذهب 1 / 53


البداية والنهاية 4 / 236 - 238 و 8 / 24 - 27


المغازي 2 / 741


الاستيعاب، بهامش الاصابة 2: 501 والاصابة: ت 5884 وتاريخ الاسلام، للذهبي 2: 235 - 240 والمغرب في حلي المغرب، الجزء الاول من القسم الخاص بمصر 13 - 54 وجمهرة الأنساب 154 والولاة والقضاة: انظر فهرسته.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سلسلة قصص الصحابة hinata90 خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية 6 11-09-2012 06:02 AM
جُحَا من التابعين .. فاحفظوا عرضه no_2010 مواضيع عامة 2 09-27-2010 01:17 AM
جُحَا من التابعين .. فاحفظوا عرضه!!!!! fares alsunna نور الإسلام - 10 03-04-2009 02:28 AM
تراجم علماء اهل السنة والجماعة مصعب المصرى نور الإسلام - 5 09-11-2008 07:28 AM
سلسلة [ فقه تاريخ الصحابة ] fares alsunna تحميل كتب مجانية, مراجع للتحميل 4 12-24-2007 12:29 PM


الساعة الآن 07:26 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011