عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-04-2007, 11:06 PM
 
العلو الإيماني والمكر الشيطاني .... [حسين بن محمود] 14 ربيع الأول 1428ه




إن من أعظم أسباب الهزيمة العسكرية لأي أمة ، هي : الهزيمة النفسية المنبثقة من ذاتها ، وهذه الهزيمة هي ما تريد الدول الصليبية ويهود أن يؤصلوها في قلوب المسلمين ، وقد نجحوا أيما نجاح في القرون الثلاثة الماضية عن طريق المستشرقين والعملاء المأجورين من الكتاب والعلماء المتسولين والحكام المرتدين ..

ولنضرب مثالا حيا لمثل هذه الحرب النفسية والتي هي حرب طويلة مستمرة بطيئة أكيدة المفعول (كما هو المثل البريطاني) ..
جاء في مؤتمر القمة الكوندليسية (والتي تسمى بالقمة العربية مجازاً ، ولا مشاحة في الإصطلاح) ما نصه :

"انطلاقا من اقتناع الدول العربية بأن الحل العسكري للنزاع لم يحقق السلام أو الأمن لأي من الإطراف:
1 - يطلب المجلس من إسرائيل إعادة النظر في سياساتها وان تجنح للسلم معلنة أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي أيضا ..
2 - كما يطالبها القيام بما يلي:
أ - الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتي خط الرابع من حزيران (يونيو) 1967 والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان.
ب التوصل إلي حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يُتفق عليه وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
ج قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة علي الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من حزيران (يوني967) في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية.
3 - عندئذ تقوم الدول العربية بما يلي:
أ اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيا والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة.
ب - إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل.
4 - ضمان رفض كل أشكال التوطين الفلسطيني الذي يتنافي والوضع الخاص في البلدان العربية المضيفة.
5 - يدعو المجلس حكومة إسرائيل والإسرائيليين جميعا إلي قبول هذه المبادرة المبينة أعلاه حماية لفرص السلام وحقنا للدماء بما يمكن الدول العربية وإسرائيل من العيش في سلام جنبا إلي جنب ويوفر للاجيال القادمة مستقبلا آمنا يسوده الرخاء والاستقرار." (انتهى) ..

هذا بعض ما جاء في مؤتمر "قمة كونداليسا" الذي عقد في الرياض في قاعة كلفت المليارات من أموال المسلمين وحضره أقوام لا يساوون - في مجموعهم - خمسة ريالات بمقياس الرجولة فضلا عن الدين ، أكدوا فيه تمسكهم بعهدهم للصليبيين ، وتطبيقهم لكل بنود الإتفاق الذي ذكرناه أعلاه والذي أملته عليهم عمتهم رايس ..

لننظر إلى هذه الصيغة الخبيثة في الإعلان ، ولنرى كيف يعمل القوم لقتل الهمة والعزيمة في قلوب المسلمين ، وسأقوم بذكر نص كلامهم ثم أعلق عليه ..

قالوا "انطلاقا من اقتناع الدول العربية بأن الحل العسكري للنزاع لم يحقق السلام أو الأمن لأي من الإطراف" .. يقصدون بالدول العربية أشخاصهم فقط ، والامة – في نظرهم - ليس لها رأي إلا ما يراه هؤلاء ، ولا يخفى ما يحدث هذا من الشعور بالتهميش وانعدام الفاعلية ، خاصة وقد اعتاد الناس على مثل هذا .. وقد سئل أحد العقلاء عن سر كون العرب أعلى الناس صوتا ، فقال : علا صوتهم لمّا لم يُسمع لهم ..

قالوا " كما يطالبها القيام بما يلي:
أ - الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من حزيران (يونيو) 1967 والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان." .. من المعروف أن الجولان لم تُحتل وإنما سلمها حافظ الأسد لليهود ، وهذه حقيقة يجهلها الكثير من الناس ، وسيأتي ما يقصد القوم بقولهم "الأراضي العربية المحتلة" ..

قالوا "ب - التوصل إلي حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يُتفق عليه وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194. " .. لم يذكروا هنا حلا ، وإنما جاء كلامهم على صيغة النكرة فوافق شن طبقة ، وهذا من المسكّنات ، وهؤلاء اللاجئين لم يأبه بهم أحد من هؤلاء الأوغاد في يوم من الأيام ، والدليل هو عدم تحسين حال معيشة هؤلاء اللاجئين في لبنان وسوريا والأردن وليبيا وغيرها من الدول التي يزعم حكامها أنهم حريصون على حل قضيتهم !!

قالوا "ج - قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من حزيران (يوني967) في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية. " .. هذا هو بيت القصيد ، وهذه هي "الأراضي العربية المحتلة" ، فهي الضفة وغزة والقدس الشرقية !! هذه البلاد التي فتحها أبو عبيدة وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وعمر بن الخطاب والصحابة والتابعين ، يريد هؤلاء المتآمرون أن يسلموها لليهود بحجة قيام دولة فلسطينية يحكمها عباس ودحلان وقريع وإخوانهم الكفرة الملحدين !!
إن الرضى بمثل هذا لهو الذل بعينه : نستجدي إخوان القردة ليقبلوا بقيام دويلة يحكمها الكفار على أرض فتحها الفاروق وصلاح الدين !!
اليهود الشذاذ الأوباش الكفرة إخوان الخنازير نرتجي منهم قبول قيام حكم فلسطيني على بقعة صغيرة من أرض مسرى نبينا ، يحكمها مواليهم !! هل هناك ذل أعظم من هذا ، وهل هناك خزي وعار أشد من هذا !!

أقول : لو وافق اليهود على إرجاع جميع فلسطين على أن يبقوا في حي من أحيائه النائية يحكمونه لوجب على المسلمين قتالهم وجوبا عينيا حتى يطردوهم من كل فلسطين ، وليس لأحد ، كائنا من كان ، أن يعقد مثل هذه الصفقة .. ولو اجتمع رأي أهل فلسطين جميعهم على هذا لوجب على المسلمين في اليابان والصين وأمريكا وأستراليا – فضلاً عن المسلمين القريبين من فلسطين – تخليص الأرض المباركة من أيدي إخوان القدرة ، ولو اقتضى الأمر قتال أهل فلسطين نفسها ، إذ لا يجوز لأحد تسليم شبر من أراضي المسلمين للأعداء ، وأي اتفاقية من هذا النوع باطلة شرعا ولا تلزم المسلمين باتفاق العلماء ، فلا هؤلاء الحكام ولا الفلسطينيون أنفسهم لهم حق التصرف في فلسطين ..

قالوا "3 - عندئذ تقوم الدول العربية بما يلي:
أ اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيا والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة." .. وهذا من الكفر بالقرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة ، فقد أخبرنا القرآن بأنهم أعداء لنا وأنهم لن يتوقفوا عن قتالنا وأنهم لا زالوا يكيدون لنا ، وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأننا نقاتلهم آخر الزمان وننتصر عليهم فكيف ينتهي النزاع اليهودي الإسلامي .. هكذا يريدون قتل العقيدة وطمس الحقيقة التي يؤمن بها من صدّق الله ورسوله ..

إلى أن قالوا "5 - يدعو المجلس حكومة إسرائيل والإسرائيليين جميعا إلي قبول هذه المبادرة المبينة أعلاه حماية لفرص السلام وحقنا للدماء بما يمكن الدول العربية وإسرائيل من العيش في سلام جنبا إلي جنب ويوفر للاجيال القادمة مستقبلا آمنا يسوده الرخاء والاستقرار." .. وكأني باليهود يمشون في شوارع دمشق والرياض والخرطوم وصنعاء آمنين مطمئنين يدوسون رقاب المسلمين كما يفعلون اليوم في عمّان والقاهرة !! وأي عزة تبقى للمسلمين إن تحقق هذا التطبيع وهذا السلام المزعوم !! كيف يبقى لمسلم كرامة وهو يرى يهودي يمشي أمامه !!

هذا جزء من قمة كونداليزا الموسوم بالقمة العربية ، وهي في حقيقتها قمة كونداليزية لم يرى الأمريكان أن من حضرها يستحق حضور رجل أمريكي فأرسلوا لهم آنسة جمعت الحضور تحت إبطها ليسكروا من رائحتها ويخرجوا بقرارات يقام لها الحفلات في تل أبيب .. وما أدرانا ، لعل كونداليسا ذهبت إلى تل أبيب أولا وسألت اليهود ماذا يريدون أن يقول المجتمعون ثم أملت على المجتمعين ما يريده اليهود فنقلوه بحرفه ليرفضه اليهود إمعانا في إذلال هؤلاء الخونة وتحقيقا لمخططهم في الإستخفاف بالأمة وكسر نفوسها ..

هذه القمة وغيرها من القمم والإجتماعات والتصريحات الكثيرة المتتابعة هي سلسلة من عقد عملية إذلال الإمة الإسلامية وزرع اليأس فيها وكسرها وإخضاعها لإملاءات اليهود والنصارى ..

إن نقل مسألة فلسطين من إسلاميتها إلى العروبة ، ومن كليتها إلى أجزاء هي هدف آخر لمثل هذه المؤتمرات ، وهذه لا شك طامة ، وكبيرة من الكبائر .. إن مثل هذه القمة وهذه التصريحات كانت تنطلي على الشعوب الغافلة المستغفلة أيام كمال أتاتورك وجمال عبد الناصر ومدعي العروبة والثورة ومقارعة الإحتلال ممن تسلقوا على كراسي الحكم بمباركة المحتلين ، أما اليوم وقد انتشر الإسلام واستيقظ كثير من الناس من سباتهم ، فلم تعد هذه الأمور تنطلي عليهم بالجملة ، وإنما الخوف من كثرة الجرعات التي يسقاها المسلمون دون أن تكون عندهم مضادات عقدية وعلمية تحميهم من تأثيرات هذه الفيروسات النفسية ..

إن حقيقة هؤلاء الحكام لم تعد خافية ، ودورهم في خيانة الدين مُعلن على الملأ ، ولكن بعض الناس آثر أن يكون أصم أعمى لا يرى الشمس في وضح النهار ولا يسمع الرعد في العاصفة الهوجاء !!

لقد لعب كثير من الحكام أدوارا رئيسة في تمكين النصارى من بلاد المسلمين وتمكين اليهود في فلسطين ، فكان من النجوم في سماء الخيانة : مصفى كمال أتاتورك ، ومن بعده جمال عبد الناصر ، وحافظ الأسد ، وحسين بن طلال ، والقذافي ، وحكام المغرب والجزائر ، وحكام جزيرة العرب : كل في وقته ، وكل في حيزه .. ومن أعظم الخونة في وقتنا هذا : حكومة الرياض (آل سعود) ..

لقد أوجدت الحكومة الأمريكية جهازا اسمه "مجلس الأمن القومي" وله فروع في أفغانستان والجزيرة والعراق وفي غزة (فلسطين) وهذه الفروع يرأسها أناس من تلك البقاع ، فرئيس فرع الجزيرة بندر بن سلطان ، والعراق الربيعي ، وفي غزة دحلان .. وهذا الجهاز يتبع "ديك تشني" مباشرة .. وقد اجتمعت رايس مؤخرا برؤساء هذه الفروع لمناقشة الأمن القومي في عمان ، والمشهور في البيت الأبيض " أن المقصود بالأمن القومي هنا "الأمن القومي الأمريكي" وليس أمن هذه الدول ، ولكني أشك في هذا لوجود فرع في غزة ، فأي خطر تخشاه أمريكا في غزة واليهود يحكمون قبضتهم على فلسطين !! فوجود هذا الفرع في غزة يجعل الأمر أكثر تعقيدا وأبعد من ان يكون هذا الجهاز موضوع للأمن الأمريكي فقط ..

ويهمنا من هذه الفروع : فرع الجزيرة برئاسة "بندر بن سلطان" أو "أخو رايس" كما يحلوا للبعض تسميته [والبدو في الجزيرة يفخرون بالإنتساب للأخت ، فيقولون : "أخو منيرة ، أو أخو شمّا] .. لقد طُرد بندر - هذا - من واشنطن طرداً لكثرة ما أفسد فيها [وقد نشرت الصحف الأمريكية بعض فضائحه] ، وقد اشتكى منه سياسيو أمريكا (ديمقراطيين وجمهوريين) !! وإذا أراد المرء أن يتصور قذارة هذا الرجل ، فما عليه إلا أن يتخيل قذارة السياسة الأمريكية ، ولو قلنا بأن الحكومة الأمريكية "جيفة منتنة" فإن هذه الجيفة اشتكت رائحة أزعجتها من هذا الرجل !!

اشتكى منه السياسيون الأمريكان لكثرة رشاويه ومحسوبياته وإفساده لبعض السياسيين !! طرَده أعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري ليتولى تركي الفيصل سفارة بلاده في أمريكا ، ولكن بندر لم يتركه ، وعكّر عليه صفو هذا "الشرف" حتى كان تركي مهملاً من قبل المسؤولين الأمريكيين الذين لهم علاقات وطيدة ببندر بن سلطان ، فكان ديك تشيني نائب الرئيس يستقبل بندر بن سلطان دون تركي (لأن الأول مدرّب ، وليس عند تشيني وقت لتدريب جرو جديد) حتى أن تركي اضطر لإرسال من يبحث عن طيارة بندر في مطار نيويورك ليعلم بعدها أن بندر هذا تخطاه وقابل تشيني دون علمه ، فكان هذا من أسباب استقالة تركي من هذا المنصب الصوري ..

الذي يهمنا من هذا دور بندر في المنطقة ، فهذا الرجل يعمل لحساب أمريكا فقط ، وهو سفيرها الغير متوج في المنطقة ، ومع كونه من الموالي إلا أنه استطاع أن يصعد على رقاب إخوانه وبني عمومته ليبلغ قمة العمالة للنصارى ، فهو الذي كان عن طريقه تمويل جيوش الهالك "جون قرنق" في السودان ، وعن طريقه يتم تمويل الحكومة الأثيوبية في الصومال ، وهو الذي يمول الأقليات في إيران لزرع القلاقل فيها اليوم ، وهذا ما اضطر أحمدي نجاد لزيارة "الرياض" ليعلم إن كان هذا موقف الحكومة السعودية ككل أم هو موقف بندر الخاص وأجندته الخاصة مع الأمريكان !! وقد استلم بندر الملف الأمريكي لفصل سوريا عن إيران مما اضطر "بشار الأسد" أن يقول كلمته المشهورة التي ذكر فيها "أنصاف رجال" ، وكان يقصد بندر بن سلطان .. وبندر هذا عن طريقه أتت الأوامر الأمريكية لاعتقال مؤيدي الجهاد في جزيرة العرب ، ليس المجاهدين أو من كانت له سابقة جهاد ، بل من في قلبه حب للجهاد والمجاهدين ، فاعتقلوا مؤخرا العشرات من الناس ممن عرف تأييدهم لفريضة الجهاد في سبيل الله ..

هذه هي خلفية شخص واحد في حكومة "آل سعود" التي أعلن فارسها المغوار وبطلها الذي لا يُشق له غبار وعبقريها الفذ وصانع مجدها الأغر : الملك المظفر ، ناصر الدين والملة ، أوحد الأنام ، القائد الملهم خادم الحرمين الشريفين الملك "عبد الله بن عبد العزيز" بأن العراق "دولة محتلة" !! استيقظ هذا الأعرابي بعد خمس سنوات ليعلن للملأ بأن دولة العراق في وضع احتلال ، فظهرت صوَره في الصفحات الأولى من الجرائد ، وقام الخبراء بتحليل كلماته التاريخية التي تظهر صلابته وقوته ومقارعته لأعتى قوى الأرض وقوله الحق لا يخشى في الله لومة لائم !!

وإن عجب الإنسان من هذه الجرأة في الحق ووضوح المنهج فلا يعجب من توزيع الأدوار بين أفراد العائلة : فهذا موكّل بمطاردة المجاهدين وأنصارهم والقضاء عليهم في جزيرة العرب ، وذاك موكل بالمهمات الصعبة للحفاظ على الأمن القومي الأمريكي في المنطقة ، وآخر راعي عملية الإستسلام لليهود ، وهذا صاحب صفقات الأسلحة الوهمية والعمولات الخيالية ، وذاك مسؤول عن التنسيق بين الحكومات لتعقب أهل الجهاد والقضاء عليهم ، وبعضهم مسؤول عن إفساد الدين وقتل الغيرة في قلوب المسلمين ، والقائمة طويلة في العمالات والخيانات التي يحاول كل منهم إثبات ولائه المطلق لأمريكا وأنه أصلح "آل سعود" لخدمة المصالح الأمريكية في المنطقة ، وهذا التنافس أصبح على مستوى حكام العرب جميعا ، بلا استثناء ..

لقد قلنا مرارا – وأثبت الواقع قولنا – بأن أمريكا لا تخشى إلا الشعوب التي فيها بقية باقية من الإنتماء الإسلامي ، والحاكم العربي المثالي في نظر أمريكا هو : من يقتل هذا الإنتماء في النفوس ويسلخ المسلمين من دينهم ، ويلهيهم عن معالي الأمور إلى سفاسفها لتسهل السيطرة النصرانية اليهودية على العالم الإسلامي ..

الصحوة الإسلامية

لقد كانت الأمة الإسلامية مستسلمة للعدو ، ملقية للسلاح ، معترفة له بتفوقه العسكري والسياسي والإقتصادي وحتى الإجتماعي والفكري ، كل هذا كان واقعا قبل حوالي خمسين سنة .. كان الأوروبي يمثل القيم السامية والحضارة العريقة والعلم المستنير ، والعربي يمثل التخلف والرجعية والإنحطاط الخلقي .. كانت هذه هي النظرة السائدة في العالم العربي قبل خمسين سنة فقط ، ومن عايش تلك الفترة يعجب من التحول الكبير الذي حصل للعرب خاصة وللمسلمين عامة ، وفي سنوات قليلة استطاعت الأمة الإسلامية أن تستعيد الكثير من الثقة بالنفس ..

كانت النظرة السائدة في البلاد الإسلامية هي النظرة الدونية مقارنة بالغرب ، ثم انتدب بعض المصلحين من العلماء والكتاب للدفاع عن العقيدة والشريعة الإسلامية ضد الهجمات الإستشراقية (الظلامية) دفاع المستميت ، وكانت نقطة التحول الفكري والتي أحدثت ثورة وانقلاب في الوعي الإسلامي هي كتابات ابي الأعلى المودودي وسيد قطب رحمهما الله .. لم يكتف هذين الرجلين بالدفاع عن القيم الإسلامية ، بل قلبوا للعرف السائد ظهر المجن وأخذوا يهاجمون "المدنية" الغربية وقيمها والمفاهيم السائدة في الغرب من منطق استعلاء لا منطق ندية ، وكانت هذه الثورة بمثابة شعلة الصحوة للعقلية العربية التي تمرغت في الذل والهوان ، فكان لا بد من التخلص من الرجلين ، وخاصة "سيد" رحمه الله لوجوده في مركز الثقل الفكري في العالم الإسلام ..

قُتل "سيد" بأمر الغرب وبأيدي مصرية ، ولكن كلماته أحيت القلوب وحركت المشاعر ، وانتشرت كتبه بعد موته انشار النار في الهشيم وصارت منهجا فكريا حرر العرب من العبودية الشركية للآلهة "الخواجاتية" لتصرف القلوب إلى الله .. تلك هي البداية الفكرية التي صحبتها الكثير من التضحيات من قبل عمالقة الفكر والنظر من العلماء والدعاة ..

هذا هو التحول النظري في الفكر الإسلامي في القرن المنصرم ، ولكن التحول العملي الجذري أتى بعد بضعة عقود من الزمن .. هناك في أفغانستان ، وعلى يد رجل تربى على منطق استعلاء وعلو همة سيّد رحمه الله ، كانت الفرصة مواتية ، وقدر الله حاضر في عصابة مؤمنة حملت السلاح لتدافع عن الإسلام في خراسان .. لم يكن هذا الجهاد إلا وضع طبيعي لأهل تلك المنطقة التي تربى أهلها على الحرية والإستقلالية ، مع ما فيهم من عصبية إسلامية وحب للدين ، فقدر الله أن يكون هذا الرجل العملاق في هذا المكان وفي ذلك الزمان ..

إن الهزيمة النفسية التي جثمت على قلوب المسلمين لثلاثة قرون هُزمت في أفغانستان على يد عالم من علماء المسلمين العاملين الأفذاذ ، فكانت نقطة التحول أن أيقن المسلمون بإمكانية صد العدو الغربي والشرقي ودحره وهزيمته .. هذه هي نقطة التحول العملية الحقيقية في تاريخ أمتنا المعاصر ، فكان فكر تُرجم بعمل حمل عبئه مجاهدي أفغانستان رحمهم الله ونصرهم وأعز رايتهم ..

ليس هناك شك بأن الأمة لم تصل إلى هذا المكان بجهد رجلين فقط ، وإنما هناك قافلة طويلة من الرجال والنساء الذين بذلوا أرواحهم وأموالهم وأوقاتهم في سبيل نهضة الأمة ، ولكن هذين الرجلين يعدان محورين أساسيين لما نعيشه اليوم من تحرر فكري غيّب عنا النظرة الإنهزامية ، وتحرر عملي في شتى المجالات ..

إن الحرب الفكرية العظيمة التي يشنها الغرب وعملائهم في العالم الإسلامي على فكر "سيّد" رحمه الله هو من هذا القبيل ، فسيّد حاول بكلماته وروحه ودمه تحرير عقول الناس ، فكان لزاما على الغرب أن يحاربوا هذا الفكر التحرري الذي عملوا لقرون على تغييبه من عقول المسلمين ، وتكمن المشكلة اليوم في عدم معرفة كثير من الشباب ملابسات تلك الحقبة التاريخية المصيرية من تاريخ الأمة المعاصر ، وعدم إدراكها يؤدي إلى عدم فهم حقيقة الصراع الفكري الآني بيننا وبين العدو ، فالعدو أعلم منا بتاريخنا وملابسات نهضتنا الفكرية ، وهذا أمر مخجل حقا .. لم يكن العدو يخشى كلمات "سيد" المجردة ، وإنما كان يخشى ترجمة هذه الكلمات إلى واقع ملموس ، وهذا ما فعله الشيخ "عبد الله عزام" رحمه الله في أفغانستان بعد ثلاثة عقود من مقتل سيد ، نسأل الله أن يتقبلهما في الشهداء ..

بعقيدة صافية ، ونظرة ثاقبة ، وعمل دؤوب ، وتجرد وإخلاص وتضحية ، قام هذا العملاق بإذكاء روح الجهاد والعزة والشرف والعلو والسؤدد في أجساد كادت أن تموت من اليأس والخوف والهلع ، فكانت كلماته – رحمه الله – وأفعاله ونبرات صوته ودعايته الإعلامية المتميزة للجهاد في أفغانستان ، وربط تلك البلاد بواقع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، كل هذا آتى أكله في حياة الشيخ نفسه وفي سنوات قليلة جدا يعجز القلم عن وصف كيفيته ..

نجح الشيخ عزام رحمه الله في إيقاض الأمة في أقل من عقد من الزمان ، جاب الشيخ خلالها مشارق الأرض ومغاربها يشحذ الهمم ويحرض المسلمين على الجهاد ويحيي فيهم روح التضحية والفداء ، وقدّم الشيخ للعالم الإسلامي صورة واقعية ونماذج حية للعزة والكرامة الإسلامية فكان التأثير عجيبا على المسلمين حتى عد كثير من الدعاة تلك السنوات بالسنوات الذهبية للصحوة الإسلامية ، ولولا فضل الله سبحانه وتعالى أن من على الأمة بهذا الشيخ في تلك الفترة : لكان الجهاد الأفغاني محصورا في أفغانستان بعيدا عن عيون وقلوب المسلمين ، ولكن الله سبحانه وتعالى قدّر بلطفه أن يحول الشيخ عزام ذلك الجهاد الأفغاني إلى جهاد أمة الإسلام كلها ضد الطغيان العالمي ، وإعادة مفهوم الأمانة التي على عاتق هذه الأمة لتحرير الإنسان من عبودية الإنسان ..

كانت هذه هي رسالة الشيخ عزام رحمه الله ، وهي رسالة الإسلام الخالدة ..

أدرك الغرب الصليبي واليهود حجم هذه الصحوة ، وحجم الدور الذي يلعبه الشيخ عزام رحمه الله ، وكان الساسة الروس أنفسهم يذهبون لأوروبا وأمريكا ويدعون الغرب إلى عدم الشماتة بهم وإدراك خطر الواقع الإسلامي الحاضر في ذلك الوقت ، فانتبه الغرب الأوروبي والأمريكي (على وجه الخصوص) وأتى الأمر باغتيال الشيخ عزام واغتيال أتباعه وجنوده والزج بهم في سجون دولهم كي لا تنتقل عدوى الحرية إلى الأمة الإسلامية فتتحول من أمة مأسورة مغلولة مغلوبة ذليلة خانعة خاضعة مستسلمة إلى أمة حرة تسعى لاستقلال عقولها قبل بلادها ..

ولنذهب إلى الوراء قليلا : حينما جثم الإحتلال الأوروبي على البلاد الإسلامية ، وخرج أهل الغيرة من المسلمين لقتال الغزاة ، تفتق العقل الأوروبي عن خطة خبيثة لبقاء نفوذهم على العالم الإسلامي بأدنى الخسائر ، فأتوا بأناس من أبناء المسلمين - ممن تربى أكثرهم في دول الكفار - وكان أكثر هؤلاء من النكرات في المجتمعات الإسلامية أو من أصحاب النفوس المريضة والميتة ، وتحت ضربات المجاهدين والشعوب انسحبت القوات الأوروبية من العالم الإسلامي ليسلموا هؤلاء العملاء مقاليد حكم البلاد الإسلامية بشروط لا زلنا نعيش تطبيقاتها حتى الآن ، من أهمها :

1- تغييب الدين الإسلامي عن واقع المسلمين.
2- القضاء على اللغة العربية ، لعلاقتها الوثيقة بالدين.
3- إشغال الشعوب الإسلامية بقوت يومهم وبالركض خلف لقمة العيش.
4- كبح كل حركة إسلامية أو توجه للدين صحيح من شأنه إيقاض المسلمين.
5- إشغال المسلمين بالشبهات والشهوات ونشر الإنحلال الخلقي في الأمة.
6- دفع الجزية للعدو المحتل عن طريق الإمتيازات أو استنزاف المواد الخام .
7- ربط السياسة الخارجية للدول الإسلامية بدولة الإحتلال.
8- أن تكون الحكومات وجميع مقومات الدولة الإسلامية تحت تصرف دول الإحتلال عند الحاجة.
9- زرع روح الإنهزامية والدونية في قلوب المسلمين

بهذه الشروط سلّم الغرب الدول الإسلامية لهؤلاء الحكام رغم جميع التضحيات التي بذلها المخلصون من أبناء الأمة ، فهذه الحفنة العميلة للإحتلال وافقت على جميع الشروط وعملت في تفان منقطع النظير لخدمة العدو المحتل في مقابل سرقة أموال المسلمين لإنفاقها على شهواتهم وملذاتهم الخاصة وتوريث أبنائهم حكم بلاد الإسلام ..

إن ما نراه اليوم في العراق وأفغانستان وفلسطين والشيشان والصومال هو عين ما جرى في القرن المنصرم : في أكثر – إن لم يكن كل – الدول الإسلامية ، فبريطانيا وفرنسا اختارتا العملاء ليحكموا الدول الإسلامية نيابة عنهما ، وبعض هذه الدول لا زالت تابعة لهاتين الدولتين رغم وراثة أمريكا تركتهما ، وبعض الدول في الخليج العربي لا زالت تدفع جزية النفط لبريطانيا إلى هذه اللحظة ..

كان لكل دولة وضعها الخاص الذي من أجله اختيرت الحكومة ، فبعض الدول كانت قبلية اختير لها بعض زعماء القبائل المحليين الموالين للمحتلين ولاية تامة ، وبعضها كانت ملكية أزيح ملكها واختير رجلا من الشعب لا أصل له ولا فصل بعد ثورة أو انقلاب ، وبعض الدول اختير رئيسها من فرقة دينية منبوذة محتقرة ، وبعض الدول اختير لها المثقفون من أبناء الطبقة الغنية الممسوخة الهوية الذين تربى أبنائهم في المدارس الغربية ، وبعض الدول أعين بعض رجالاتها الطموحين وقادتها المتميزين على إعتلاء سدة الحكم بعد الموافقة على الشروط المذكورة آنفا ، فزوّدوا بالمال والخبراء لمحاربة منافسيهم على السلطة ..

لم يكن هناك استثناء ، فكل الدول العربية تسلم إداراتها أناس أتت بهم القوات الصليبية أو رضيت عنهم بعد أن رضوا هم بطاعتها وموالاتها والعمل من أجل مصالحها وتمرير مخططاتها .. إن حكومة أفغانستان الحالية وحكومة العراق وحكومة الشيشان الحالية وحكومة الصومال الإنتقالية نسخة من هذه الحكومات العربية ، والطريقة التي أتى بها هؤلاء إلى الحكم هي ذات الطريقة التي جثم بها إخوانهم على بلاد المسلمين من قبل ..

لو تحقق ما يخطط له هؤلاء – ونسأل الله أن لا يكون- فإن الأجيال القادمة في العراق – مثلاً - ستقرأ تاريخها على النحو التالي : قامت القوات الغازية باحتلال العراق الحبيبة فانبرى لها قادة العراق المجاهدين من أمثال المالكي والجلبي والصدر والسستاني وغيرهم وتصدوا للعدوان وحرروا العراق من الطغيان ..

هي ذات القصة المحرفة التي يدرسها أبنائنا في جميع الدول العربية : هو ذاته القائد الفذ الملهم الذي حرر البلاد من الإستعمار ووحد البلاد تحت حكم واحد فأمن العباد وتحققت المعجزات الإقتصادية والإجتماعية في عهد القادة العظماء أبناء الفاتحين الموحدين !! هذا التاريخ المكذوب يدرس للناشئة في كل دولة عربية ، وقد كتب بعض الكتاب حقيقة ما عاصروه في تلك الحقبة التاريخية الخطيرة من تاريخ الأمة فعملت الحكومات على حرق هذه الكتب في المطابع ، ومن أشهر من كتب وحُرق كتابه الشيخ المؤرخ "محمود شاكر" رحمه الله ، وكتابه "التاريخ الإسلامي" موجود متداول إلا أن هناك جزئين مفقودين من الكتاب أحرقا في المطبعة (احرقت النسخة الأصلية مع المطبوع والمطبعة) ، والجزئين هما : تاريخ جزيرة العرب ،وتاريخ الشام ، فتستطيع أن تشتري كتاب التاريخ الإسلامي من أية مكتبة وستجد أن الجزئين المذكورين مفقودين ، وأكثر – إن لم يكن – كل كتب التاريخ المعاصر مزورة مكذوبة ، ولو جلس أحدنا مع معمّر عاقل مدرك لواقعه القريب لحكى له ما يشيب له الولدان من تآمر هذه الحكومات على قتل روح الإسلام وتسليم بلاد المسلمين – خاصة فلسطين – لليهود وعباد الصلبان .. وقديما قيل "إن المنتصر هو الذي يكتب التاريخ" ..

لقد ذكر بعضهم في مذكراتهم تلك الحقبة ، وكتب بعض المنصفين كتبا ، ولكن هذه المذكرات والكتب ممنوعة من دخول بلاد الإسلام ومحارَبة من قبل الحكام ، وقد ذكر الشيخ عبد الله عزام نتفا مما عايشه في فلسطين من العمالة والخذلان (أثبت بعض مقولاته في مقالة بعنوان "يا أهل العراق هكذا سقطت فلسطين") ، ولو أنصف بعض الكتاب وبحث في وثائق البريطانيين والفرنسيين عن حقيقة ما جرى في الحقبة الماضية لأتى بما تقشعر منه الأبدان ..

إن أخطر ما في هذه العمالة : عملية غسيل الدماغ الذي يجري للشعوب ، فهذه الشعوب التي تصفق للصوص والجلادين والمغتصبين والعملاء هي الضحية الأولى لهذه الحكومات .. وكم هو محزن ومؤسف حجم الجهل الذي وقع فيه بعض الناس ، ولنضرب مثالا واحدا لنعلم كيف يمكن للإنسان أن يُستغفل من قبل هؤلاء اللصوص :

عندما يخرج الحاكم مرسوما بزيادة رواتب الموظفين أو بصرف علاوات أو عقارات أو غيرها للشعب فإن هذه الأمور يطلق عليها "مكرمات" ، فهي مكرمة الأمير أو الملك أو الرئيس او الشيخ وتكال له المدائح وتكتب له الموشحات ، ولا تدرك هذه الشعوب المسلمة بأن هذا المال مالها رّد إليهم بعض فتاته !! ومثَل هذا كمثل لص دخل بيتا فسرق كل ما فيه واغتصب البيت من مالكه ثم رمى للمالك كرسيا مكسورا من أثاث البيت ليجثو المالك على ركبتيه ويقبل رجل السارق ويشكره على كرمه وعطفه ورعايته !!

روى البيهقي في السنن عن سعيد بن المسيب ، قال: قسَم عمر بن الخطاب – عليه السلام – يوماً مالاً ، فجعلوا يُثنون عليه ، فقال : ما أحْمقكم ، لو كان هذا مالي ما أعطيتكم منه درهما واحدا!

عمر ٌ قسم المال كله بينهم ، ومع ذلك أنكر عليهم ثنائه عليه لعلمه بحقيقة هذا المال ، فكيف نفعل بأناس يُلقى لهم فتات مالهم مما لا يكاد يُذكر فيسبحون بحمد حكامهم ويقدسونهم !! وهؤلاء الحكام ينفقون من أموال المسلمين ما لا يخطر على بال إنسان .. مليارات ومليارات في شهوات وملذات تتبخر في الهواء وبلاد الإسلام تسقط الواحدة تلوا الأخرى في يد النصارى !!

لقد ماتت الغيرة في قلوب كثير من الناس وتبلد الإحساس ، بل انقلبت المفاهيم والفطر فأصبح المعروف منكرا ، والمنكر معروفا ، واللص حاكما ، والمجاهد ظالماً ، والعالم جاهلاً ، والمنافق مفتياً ، وسمع الناس للرويبضة ، وتكلم التافه في أمر المسلمين ، وغُيّب أهل الفضل والدين ، وأطلقت أيدي العابثين ، وتحدرت أمواج الشبهات وانهالت أمطار الشهوات على قلوب المسلمين لتقتل الغيرة في النفوس فيرى الرجالُ الأعراض تستباح وهم لاهون يلعبون ويرقصون ويغنون !!

لا قيام لأمة من الأمم بدون غيرة ، سواء كانت الغيرة على حق أم باطل ، ولا يقاتل الرجال بدون غيرة على دين أو عرض أو كرامة ، وأمة لا غيرة فيها : أمة ميتة لا تستحق الحياة ، وإنما يقتل الغيرة الإنغماس في الشهوات حتى تعيف النفس المعالي وتعتاد الدونية والإنكماش ..

عندما يرى الرجال اغتصاب النساء رأي العين ثم لا يحركون ساكنا !! ويقال لهم بأنه : لا جهاد !! عندما يغتصب العدو الأرض ويأخذ المال ويهتك العرض فيقال للناس : لا جهاد !! وليتهم اكتفوا بقولهم "لا جهاد" بل تعدى الأمر إلى القول : بوجوب العيش في تسامح ورحمة ومودة ومحبة ووئام وانسجام وتطبيع وسلام !!

يزرعون في قلوب الناس الخوف من مجرد الغيرة المجردة من كل فعل ، بل حتى مجرد التفكير في إنكار المنكر بالقلب ليقلبوا مفاهيم الرجولة في القلوب إلى الرضى بالفاحشة والإحتلال والقتل والسلب ، لتصبح هذه الأعمال بديهيات الحياة العصرية ومستلزمات التغيير والسير نحو الأفضل !!

هذا الذل الفكري ، والخنوع القهري ، والإنكسار الداخلي لم يحدث في تاريخ البشرية .. لا يستطيع إنسان وصف هذا الذل الذي يريده أعداء الأمة لها .. لم يحدث في تاريخ البشرية أن يُمنع المُغتَصب من إنكار الإغتصاب وكراهيته ، بل تعدى الأمر إلى إجبار المُغتصب – ليس على قبول الواقع فحسب – بل على الثناء عليه وتبنيه !! ومثَل هذا كمثل رجل يقطع أصابع رجل آخر بسكين ، ثم يأمر القاطع الرجلَ بالتبسم والضحك بدل الصراخ والصياح حتى يعقتد في قرارة نفسه بأن القاطع إنما يقبل أصابعه ولا يقطعها ، وهو يرى رأي العين أصابعه تتساقط الواحدة تلو الأخرى ويحس ألمها !!

إن ما فعله سيد وعزام – رحمهما الله – هو تبصرة المسلمين بحقيقة الأمر ، وأنهم همن الأعلون إن تمسكوا بإيمانهم ، وأن كلمة الله هي العليا ، وأن كلمة الذين كفروا السفلى ، وأنهم منصورون إن نصروا الله ، وأن الأمة لا عز لها بدون تضحية ، وأن ترك الجهاد هو سبب ذلها ، وأن الله لا يرفع عنها الذل إلا بالجهاد في سبيل الله ، وهذه كلها مفاهيم ربانية وتقريرات نبوية إسلامية غابت عن عقول المسلمين لكثرة الشبهات التي غزتهم من قبل النصارى واليهود والمنافقين ، ولذلك تجد أعداء الأمة أشد حرصا على استئصال القادة المفكرين منهم على التخلص من القادة العسكريين ، ومن هذا الباب : كان الجهاد الإعلامي اللساني له وقع أشد على الكفار من وقع النبل والرصاص والقنابل ، لأن الكلمات تحيي القلوب فتحدث حركة في الأعضاء ، أما الأعضاء التي تحمل بين جنباتها قلب ميت فهي عديمة الحركة ..

إن الله ناصر دينه لا محالة ، ونصر الله يكون بأسباب ، والله يستخدم رجالا يختارهم لخصائص فيهم فيتخذهم مطية للأمة تعلو بهم ، وهؤلاء الرجال صنف فريد عجيب من العلماء الربانيين والقادة العسكريين الذين يجددون الدين ويصححون المفاهيم ليرجع الحق حقا والباطل باطلاً ، فهؤلاء يقارعون بمنطقهم وأفعالهم زُخرف قول شياطين الأنس والجن ويكسرون غرورهم ..

لم يكن وجود خطاب وشامل في الشيشان صدفة ، ولا وجود أسامة والملا عمر في أفغانستان صدفة ، ولا وجود الزرقاوي في العراق صدفة ، فهؤلاء اختارهم الله من بين المسلمين – على قدر منه - لأداء رسالة التجديد العقدي والفكري في هذه الأمة (نسأل الله أن يثبت الأحياء على دينه ويرحم الأموات) ، وزرع روح العزة والكرامة والثقة بوعده ، فجميع مكر النصارى واليهود والحكام والمنافقين تحطم على هذه الصخور الصلبة التي لا تخلوا منها الأمة في زمن من الأزمان {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} ..


إن الناظر في حرب الحكومات على المفاهيم الإسلامية : من جهاد لأعداء الدين ، وولاء للمسلمين ، وبراء من الكافرين ، وتحكيم لشرع رب العالمين لا يمكن أن يشك في عمالة هؤلاء للصليبيين ، وعلى المرء – إن لم يكن له دين – أن يحترم عقله ولا يكذب عينه وأذنه .. إن على المجاهدين وأنصارهم عبء ثقيل جدا للتصدي لهذه الحرب الإعلامية التي عظم شأنها وأتت مسلمات الدين ، فهي حرب لكسب القلوب وإنقاذها من براثن الشهوات والشبهات ، وهذا الأمر لا يسده إلا أمثال من ذكرنا من الرجال الأفذاذ الذين أوجد الله فيهم الغيرة والحمية الدينية والإستعلاء الإيماني ، مع قوة في الحق ورجاحة في العقل وحسن منطق وعلم وبيان ، "وما لا يُدرك كله لا يُترك جله" و "خير الأعمال أدومها وإن قل" ..


والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
14 ربيع الأول 1428ه




  #2  
قديم 04-05-2007, 08:19 PM
 
رد: العلو الإيماني والمكر الشيطاني .... [حسين بن محمود] 14 ربيع الأول 1428ه

جزاك الله خيرا اخي وبارك الله في الشيخ حسين بن محمود .
دُمت بود

ينقل لعيون الكتاب والسنة
  #3  
قديم 04-05-2007, 09:03 PM
 
رد: العلو الإيماني والمكر الشيطاني .... [حسين بن محمود] 14 ربيع الأول 1428ه

مشكور اخي والله يعطيك العافيه
__________________
منتديات عيون العرب
( صور حب - صور زهور -تحميل صور - صور كرتون - صور رومانسية متحركة - صور ورود و ازهار - صور ميكي ماوس - كاريكاتيرات روعة روعه - صور نوافير رائعة رائعه - مسجات شوق - صور رومانسية متحركة - صور سيارات جديدة - صور مساجد - برنامج المؤذن - Download Msn Messenger 9.0 - برنامج flv Player for mac - Bmw بي ام دبليو 2008- نغمات Mp3 - العاب للبنات فقط - كلمات رومانسية - صور ازهار - مسجات- تحميل كتب توبيكات ملونة توبيكات توبيكات للماسن توبيكات ملونة اناشيد يوتيوب يو تيوب مركز تحميل صور مقاطع فيديو مركز تحميل الصور تحميل صور صور رومانسية رسائل حب موقع باربي صور عيون منتديات صور بنات تحميل الماسنجر مسجات حب مسجات ثيمات العاب للبنات فقط mobile9 برامج الماسنجر مكياج خلفيات تحميل العاب صور أنمي ترجمة نصوص العاب تلبيس تلبيس باربي العاب ماريو sitemap صور سيارات برامج جوال رسائل الجوال موقع باربي اكواد جافا العاب بنات فساتين صور تلوين اليوتيوب صور نكت 2008 نكت 2009 مقاطع صوتية مقاطع فيديو للتحميل صور حلوه موسوعة الصور دليل مواقع صور قلوب تحميل برامج windows live messenger 9 عيون العاب فلاش برامج برامج جوال وموبايل Drivers برامج صوت وفيديو تحميل العاب جديدة برامج شبكات برامج حماية برامج إدارة النظام برامج تصميم وفوتوشوب نسخ اقراص و DVD برامج كمبيوتر الكمبيوتر كتب عربية تحميل كتب عربية برامج اطفال برامج بورتابل portable برامج عربية ومعربة برنامج هندسة معمارية برنامج ضغط وفك ضغط تعاريف الأجهزة وخدمات أخرى برامج المكتبة برامج منوعة موقع برامج العاب بنات العاب مسجات مرض منتديات صور صدام حسين العاب تلبيس العاب باربي العاب ترتيب غرف العاب طبخ العاب مغامرات العاب اكشن العاب ميك اب العاب مكياج العاب بنات منوعة hguhf hguhf fkhj tr' )
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أسماء جميع حلقات وأفلام و الأوفا للمحقق كونان رهينة الماضي أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 26 08-29-2012 06:37 AM
ربيع توهج العشق عثمان أبو الوليد أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 12 12-05-2006 03:28 AM
المركز الأول و الثاني والثالث في مسابقة ملكة جمال المنتدى. عين السحر أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 15 08-11-2006 05:54 PM


الساعة الآن 10:17 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011