#61
| ||
| ||
رد: تعالوا نؤمن ساعة لا يمكن لأمة من الأمم أن نتبوأ عرش العزة والمجد إلا بعد ترويض نفسي، وتهذيب خلقي، وها هو التاريخ يعلمنا ويُشْهدنا أن رقي الأمم والشعوب منوط بما يحمل أبناؤها من معاني التضحية والفداء. والبذل في سبيل الصالح العام بجود وسخاء، وهذه المعاني الرفيعة لا ترسخ في النفوس إلا بعد تثقيف وتعليم، وتربية وترويض، على أيدي أساتذة خبراء وعلماء حكماء. وفي تاريخ الأمة العربية نجد مدرسة الإسلام تأتي لتثقف وتربى على قواعده وعلى مبادئ القرآن تحت إشراف سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الذي ربى الأمة العربية على عشق العلم والمعرفة وعلى التفاني في البذل والتضحية، والذي نشَّأ العرب على مكارم الأخلاق وجميل الصفات، من صدق ووفاء وأمانة وإيثار وإخاء، وتقديس الواجب وعدم الفرار من المسؤولية، خاصة في ميدان الجهاد والنضال، فالعربي المؤمن يتشوق إلى الموت في سبيل الشرف والجهاد، كما يتشوق الظمآن إلى ارتياد الماء. وتلك التربية الإسلامية التي جعلت المسلم يفرح بالإنفاق والإيثار أكثر من فرح البخيل الشحيح بجمع المال وبالادخار. إذا استعرضنا التاريخ لنرى نتاج هذه التربية الإسلامية للعرب وللمسلمين فلن نعجب حين نرى الأمة العربية والإسلامية في هذه الدنيا تمسك بزمام قيادة العالم، لتسير بقافلة البشرية إلى جنان الثقافة والعلم، والعدالة والإخاء، والحرية والإخاء. 1. إن أية أمة لا تستطيع أن تتبوأ عرش العزة والمجد إلا إذا صاحب حياتها علم وعقيدة صحيحة سليمة، وقوة وسلطان، يحرسان عقيدة الأمة ورسالتها ويسهران على سلامتها، وصاحب الأمة تضحية وفداء في سبيل الحفاظ على عقيدتها والذود عنها، بل ومن أجل نشرها في العالم بكل وسيلة ممكنة. لقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى العقيدة والسلطان، حيث يقول: (الإسلام والسلطان أخوان توأمان، لا يصلح واحدٌ منهما إلا بصاحبه، فالإسلام أُسٌّ، والسلطان حارس، وما لا أس له يُهدم، وما لا حارس له ضائع) (رواه الديلمي عن ابن عباس). وأما التضحية والفداء فقد تلقتهما الأمة العربية من تعاليم القرآن وهدي الإسلام والقدوة الحسنة بالنبي عليه السلام التي نشأ المسلمون عليها. تلك النشأة وتلك التربية التي جعلت الموت والاستشهاد في سبيل الله والمثل العليا أحب إليهم من الحياة. فمن أحاديثه صلى الله عليه وسلم في ذلك قوله: «وددت لو أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا لما وجدت من رفيع درجة الشهداء عند الله عز وجل» رواه الحاكم عن أبي هريرة. ولما عرضت قريش شتى أنواع المغريات على النبي الكريم من الأموال الكثيرة والزعامة والرياسة، وتزويجه من يشتهي من الغيد الحسان لقاء تجميد رسالته وإيقاف نشر دعوته، وإلا فهو مهدد بخطر الموت والهلاك، أجاب قريشا بتلك الكلمات التاريخية الخالدة -التي صارت بحق دستور التضحية والفداء للأمة العربية والمسلمين- أجاب عمه أبا طالب وهو مع قريش قائلا: «والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك ما بعثني الله به من النور والهدى ما تركته إلا إذا فارق رأسي جسدي». 2. ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم معنى من معاني التضحية والفداء إلا تحمله وبذله، لقد تحمل بنفس هادئة راضية الأذى والاضطهاد والمقاطعة له ولأنصاره، فلا بيع منهم ولا شراء ولا مزاوجة ولا نكاح. لقد رُجم بالأحجار حتى سالت الدماء على عقبيه فتحمل ذلك غير واهن ولا خائر، وصودرت أمواله وداره فلم يحزن ولم ييئس، ودبرت المؤامرات المتنوعة لاغتياله فلم يهن ولم يحزن. لقد قدم سخيا راضيا كل ما يملك من مال وروح وراحة ومهجة، مضحيا باذلا كل ذلك في سبيل الله ولإعلاء كلمته. فعلم أصحابه البذل والتضحية والفداء بأقواله وأعماله وأخلاقه وسيرته. فها هم المسلمون جميعهم في وقعة الحديبية يعاهدون نبيهم على القتال حتى الاستشهاد لم يتخلف عن البيعة إلا شخص واحد مريض القلب ضعيف الإسلام، وها هو صحابي في بعض المعارك يسائل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قائلا: ما الذي يضحك الرب من عبده وما الذي يرضيه؟ فيجيبه النبي الكريم قائلا: «أن تقاتل في سبيل الله حاسرا غير دارع» فما كان من الصحابي الجليل إلا أن نزع درعه وألقاها ظهريا وقذف بنفسه في لهيب المعركة، طلبا لتحقيق أمنيته، التي كان يتشوق إليها ألا وهي الشهادة والاستشهاد. وها هو عمرو بن الجموح، شيخ عجوز أعرج قد بلغ التسعين من العمر، يعارضه أولاده الشباب الشجعان، في التحاقه بصفوف المجاهدين؛ نظرا لسنه وضعفه، فلا ينتهي الأمر إلا بمراجعة رسول الله فيرد ابن الجموح على أولاده قائلا: إني لأطمع أن أدخل الجنة بعرجتي هذه، فيقول النبي الكريم لأولاده: "دعوه لعل الله يرزقه الشهادة" وكان لعمرو ما أراد وتمنَّى. 3. غرس الإسلام التضحية والفداء بالمال والروح في نفوس الكبار والصغار، الرجال والنساء، الشيوخ والأطفال، حتى صارت التضحية سارية في عروق العرب والمسلمين ودمائهم، وحتى صار البذل والفداء في سبيل الله والمثل العليا جزءا لا يتجزأ من نفوسهم وأفئدتهم. لقد فهم العرب والمسلمون هذه المعاني الرفيعة من دروس القرآن وآياته، وعن أنبياء الله ورسله الذي مثلوا أرفع معاني الجهاد والتضحية المسجلة على صفحات القرآن. فها هو إبراهيم خليل الرحمن ومجتباه، يذكر القرآن العظيم ثورته على الجهل والخرافات وعلى الظلم والاستبداد، مضحيا بنفسه وباذلا حياته من أجل نشر رسالة الله وإحياء أمته، فيقدم إلى النيران والجحيم، ليكون طعمة لها ووقودا، تنكيلا به وانتقاما، وبينما نبي الله في هوية المنجنيق إلى النار إذ بملاك الله جبريل يعرض له فاحصا إيمانه ويقينه، فيقول له: يا إبراهيم هل لك من حاجة، فيقول سيدنا إبراهيم: أما إليك فلا، فيقول جبريل: سل ربك، فيجيبه إبراهيم: حسبي من سؤالي علمه بحالي، فإذا بالنداء الإلهي: (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ) [الأنبياء: 69]. ويطلبُ الله إلى إبراهيم ذبحَ ولده والتضحية به ليعلم الناس أن المؤمن الحق هو من قطع عن قلبه كل علاقة له بغير ربه، فما كان من إبراهيم إلا الطاعة والامتثال، وما كان من الله إلا الشكر والثناء وتقدير البذل والفداء. قال تعالى: (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) سورة الصافات: 103-106. 4. وعندما نبتت بذرة الفداء والتضحية في نفوس المسلمين وتمت بفضل تعاليم القرآن وهدي النبي وتضحية إبراهيم الخليل عليه السلام، عند ذلك أوجبت تعاليم الإسلام الأضحية في أيام العيد لتكون معونة للفقراء والمساكين، وشعارا يذكر ويذكي روح التضحية في نفوس المؤمنين، ومن أجل اجتماع المسلمين من كل أقطار الأرض في مكة المكرمة يحجون بيت الله الحرام، ذاكرين ربهم وتائبين إليه من ذنوبهم، ومتذاكرين فيه شؤون العالم وشؤونهم، لتحقيق السِلْم والعدالة، ومن أجل زيارة الحجاج هذا اليوم أيضا لمنى، ذلك المكان المقدس، مكان ذكرى امتثال إبراهيم لأوامر ربه بالتضحية بولده وفلذة كبده، لينسج المؤمنون على منواله، ويتخذوا منه القدوة الصالحة ببذل أرواحهم وما يملكون في سبيل الله والمثل العليا. من أجل هذه المعاني الرفيعة اتخذ هذا اليوم عيدا للعرب خاصة وللمسلمين عامة، أعاده الله عليهم وعلى العالم كافة بكل خير وهناء. كما حض النبي الكريم على الأضحية هذا اليوم توسعة على الأهل والفقراء في قوله: «من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا» (رواه البخاري ومسلم). وقال زيد بن أرقم: يا رسول الله ما لنا في الأضاحي؟ فقال لكم بكل شعرة حسنة، قلت: فالصوف؟ قال: «بكل شعرة من الصوف حسنة» رواه الديلمي عن ابن عباس. ** المفتي العام للجمهورية العربية السورية رئيس مجلس الإفتاء الأعلى
__________________ |
#62
| |||||||||
| |||||||||
رد: تعالوا نؤمن ساعة جزاكى الله خير يااخت سمر الموحد اماتنا الله واياك على التوحيد فهو الفلاح فى الدنيا والاخرة . فالموضوع جميل جدا لانة يتكلم عن اهم شئ فى الحياة بل الشئ الذى خلقنا من اجله كما قال تعالى (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) اى ليوحدون كما جاء فى التفسير . والسورة التى زكرتيها تعدل ثلث القران لما فيها من توحيد الله عز وجل . حقيقة اسعدتنا جدا مشاركتك فنرجو منك الاستمرار
__________________
|
#63
| |||||||||
| |||||||||
رد: تعالوا نؤمن ساعة جزاك الله خير اخ كات 123 على المشاركة ونرجو التواصل وان كنت لم اقرأ المشاركة بعد
__________________
|
#64
| |||||||||
| |||||||||
رد: تعالوا نؤمن ساعة (الإسلام والسلطان أخوان توأمان، لا يصلح واحدٌ منهما إلا بصاحبه، فالإسلام أُسٌّ، والسلطان حارس، وما لا أس له يُهدم، وما لا حارس له ضائع) (رواه الديلمي عن ابن عباس). جزاك الله خير
__________________
|
#65
| |||||||||
| |||||||||
رد: تعالوا نؤمن ساعة يقول تعالى "لاخير فى كثير من نجواهم الا من أمر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه اجراً عظيماً" النساء 114 شرح الآية ودلالاتها: تبين الآية الكريمة أنه لا خير في كثير مما يتناجى به الناس ويتخاطبون به، وإذا لم يكن فيه خير فإما لا فائدة فيه كفضول الكلام المباح، وإما شر ومضرة محضة كالكلام المحرم بجميع أنواعه. ثم استثنى تعالى ما يلي: إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ من مال أو علم أو أي نفع كان، بل لعله يدخل فيه العبادات القاصرة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة الحديث. أَوْ مَعْرُوفٍ وهو الإحسان والطاعة، وكل ما عرف في الشرع والعقل حسنه. أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ والإصلاح لا يكون إلا بين متنازعين متخاصمين، والنزاع والخصام والتغاضب يوجب من الشر والفرقة مالا يمكن حصره؛ فلذلك حث الشارع على الإصلاح بين الناس في الدماء والأموال والأعراض. والساعي في الإصلاح بين الناس أفضل من القانت بالصلاة والصيام والصدقة. والمصلح لا بد أن يصلح الله سعيه وعمله، كما أن الساعي في الإفساد لا يصلح الله عمله، ولا يتم له مقصوده، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (يونس /81) وهذه الأشياء حيثما فُعلت فهي خير، كما دل على ذلك الاستثناء، ولكن كمال الأجر وتمامه بحسب النية والإخلاص؛ ولهذا قال تعالى: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا
__________________
|
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أحرج ساعة في حياة النبي صلى الله عيله وسلم | المشتاق إلى الجنة | نور الإسلام - | 9 | 06-19-2007 09:22 AM |
كيف تصبح مليونيرا خلال نصف ساعة فقط ؟ | زهرة الرمال | نور الإسلام - | 13 | 05-16-2007 03:59 PM |
هاتف خليوي على شكل ساعة ، قريبا في الاسواق ! | gad.fat_tm | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 13 | 11-18-2006 11:10 AM |
اسم لكل ساعة | عثمان أبو الوليد | ختامه مسك | 2 | 07-06-2006 09:36 PM |