07-19-2013, 09:16 PM
|
|
الفصل السادس عشر ترقبت آفروديت حركات ذاك الفتي من بعيد بينما هو يرعي تلك الأغنام وأخذ يذهب هنا هناك
وكانت جالسة علي العشب مرتدية فساتناً مائل إلي النباتي ويعلوه ذاك الوشاح السكري ملتفاً حول خاصرها إلي رقبتها أسندت رأسها بكفها حينما
أقترب وقالت"حسناً..لم تقل لي ما اسمك؟!"
فقال بابتسامة محاولاً أن ينتبه لها
"أنا لاأعرفها..فمنذ أن وعيت علي الدنيا ولم يكن يناديني مالك ماترينه سوي بفتي!"
آفروديت"مالك؟!"
قال"أجل..فأنا أتيت إلي عندما كنت رضيعاً..أشفق علي حالي فأخذني ورباني..ولكن كان لديه مايكفيه لينشغل عني!..فلم يلم يلقي عناء اختيار اسم"
آفروديت بعد أن أبعدت يدها وأعتدلت في جلستها
"أتعني أنك لم تدري من هما والديك؟!"
قال بعدم اهتمام"لا..ولاأريد أن أعرف..فلطالما كرهت ذاك العالم الذي قد رماني دون أن يبالي بوجودي!"
آفروديت"ألهذا السبب لم تقاوم رغبتي في بقائك هنا؟!"
بعد أن أعتدل في وقفته"ربما!"
آفروديت"ولكن لاأظن أن هذا صحيح..فأنت خرجت مرَّة من قبل!"
فتجهم وجهه ونظر نحوها
"أعذريني..فكون فتاة مثلك تأتيني هكذا..حرَّك فضولي لأري"
آفروديت"حقاً؟!"
وكاد أن بجيب لكن فقد انتباهه عندما أتي كلبه وتشبث برقبته..حاول أن يبعده..لكن بعد طول عناء أخيراً ابتعد وركضَّ نحو آفروديت..لكنها لم تحرك ساكناً وسرعان ما توقف ليعطيها مامعه بهدوء في يدها فأخذته فنظرت فيه ملياً لتجده مجرد قطعة حجرية محفوراً عليه بضع حروف بشكلاً ليس بالغريب عنها لكن التقط ذاك الشئ من يدها فجأة فنظرت غلأي الأعلي لتجده يقف أمامه ويضع تلك القعة في حقيبته
وقال بينما يرمق كلبه المشاكس
"أعذريني علي قلة التهذيب التي حدثت تلك"
فأنزلت يدها وقالت"يبدو أنك تعرف اسمك ولاتريد أن تخبر أحداً!"
فتعجب من قولها وقال"أنا؟!..لاأعرفه!"
فوقفت وأبعدت مالحق بثوبها وقالت بعد أن أصبحت مواجهة له وأعتدلت في وقوفها
"وماذا تسمي ذاك الشئ الذي أخذته؟!"
فقال"مـ..مهلاً..هل فهمتِ ماهو مكتوباً عليه؟!"
فقالت بعد أن أبعدت وجهها من الدهشة
"أتهتم بشأنه ولاتدري ماعليه؟!"
فقال بجدية بعد أن أمسكه بين ذراعه من جديد
"كل ماأعرفه أن هذا شيئاً كان معي عندما وجدني..."
فقاطعته"لم يخبرك أو يعلمك كيف تقرأه..ذاك الذي رباك؟!"
فهزَّ رأسه نافياً بعد أن نظر نحوها
فوجدها تنظر نحوه..فقال بتوتر
"ماذا؟!"
فأوجست علي قدمها لتلتقط خشبة ملقاة علي الأرض وقالت له
"لتقرأ ما عليه بنفسك!"
فقال"لكن.."
فنظرت نحوه بوجهاً هادئ
"سأشرف علي أمر قرائتك إلي أن تستطيع قرائته بنفسك"
وراحت تحفر علي الأرض بضع خطوط وأخذ في مراقبتها بتعجب
وماهو إلا وقتاً قصير حتي انتهت وأعطته الخشبة التي ألتقطتها وقالت له بعد أن وقفت
"حسناً..هيا"
وأخذ العصا منها وقال بتعجب وهو يحدَّق بها
"ماذا أفعل؟!"
فقالت بحزم"أكتب ماكتبته وكرر ورائي كل ما ستكتبه"
فنزل علي قدمه دون أن يجلس ونزلت الأأخري بدورها لتأخذ في ترديد العبارات وهو يردد من ورائها وكلما أخطأ يشعر بتلك الوخزة وراء رأسه
وأخذهما الوقت دون أن ينتبها
وكان المكان هادئ بعض الشئ إلي
"يكفي!"
قالها ذاك الفتي صارخاً وهو واقف بجوارها فرفعت حاجباً وأنزلت الآخر ونظرت بطرف عينها نحوه
فقفز من مكانه مبتعداً عنها في سرعة
وقال منتفقض من توتره
"آ..آسف..لم أقصد"
فرمت ما في يدها وقالت ببرود
"لابأس يكفيك اليوم ماأخذته..فلقد تاخر الوقت..في الغد سأري ماأنجزته وإن فهمت ما قلته"
والتفت إلي طريقها وذهبت من المكان
فأخذ حجرة من جواره ونظر إلي ماكتبتها وأخذ يكتبه مراراً وتكراراً..وأخذ صوتها يرنَّ في أذنه..ويفكر فيه لبرهة وينطق ما قالته بعد أن كان يبتسم فرحاً
وظلَّ علي حاله هذا طوال الليل
وأتي الصباح..وأتت آفروديت إلي الجبل كما تفعل منذ أن كان اتفاقه معها في مقابل أن يبقي في الجبل دون أن يغادره
ولكنها ذهلت من مارأته ماإن خطت في المكان..وجدته بالكامل مغطي بكل تلك الخطوط في كل أنحاء من الأرض ووجدت الفتي نائماً
فاقتربت منه وانحنت نحوه لتجده لا يزال يتمتم بكل ماقالته..فطبع علي وجهها تلك الابتسامة الخفيفة اللإرادية..فأغمضت عينها ونظرت ناحية الخراف والتي ملأها الأتربة من كثرة ما بقت في الخارج..فاقتربت منهم بينما كانت مسندة ذراعيها إلي خاصرها
فرفعت ذراعها بهدوء ليحاط ذاك الهواء الخفيف حول تلك الخراف..تشكلت دائرة..دون أن تمسَّ أياً منهم"الخراف"
وجذبت بكم الهواء هذا أمامها وتحركت إلي النهر الذي كان بالجوار ومن ثم أنزلت ذراعها ووقفت فيما بين الخراف والمياه والتفتت في هدوء إلي الخراف لتجدهم يبدأوا في اللهو هنا وهناك..فتنهدت بملل ونظرت لتعيدهم كما كانوا حيث تركتهم وأخذت بالتوالي تنزل كل واحداً وراء الآخر إلي أن انتهت وأخذتهم لتعيدهم بمثل الطريقة التي قادتهم بها إلي النهر لتشعر بالحركة القادمة من الجوار فتحركت تاركة الخرفان وتجد نباحاً عالي قادماً نحوها فابتعدت وتوجهت من خلف الخراف إلي حيث وجدت الراعي..آخذاً طريقه ذهاباً وإياباً
آفروديت بصوتاً بارد
"مابالك؟..ماالذي فقدته؟!"
فقال بصوتاً قلق وهو لايزال يتحرك وآخذاً في البحث
"الخراف!..لقد اختفت..غفلت عنها فاختفت!"
فقالت الآخري بصوتاً ساخر بالكاد سمعه
"غفلت؟!"
فقال"ماذا؟!"
فأغمضت عينيها وأنزلت رأسها ليسمع الآخر بدوره تلك الأصوات..فركض ليجد ماكان يبحث عنه فشعر بالفرحة والتي غطت ملامحه وقال بعد أن نزل علي قدميه
"حمداً لله..وأخيراً!"
فقالت آفروديت بتعجب "أحقاً هذه الحيوانات لاتتبعك؟!..تختفي عنك فتجنَّ هكذا!"
فقال وهو يقف بهدوء ملتفتاً نحوها
"وماذا أفعل؟!..هي من رافقتني ولم أشعر بالملل علي الرغم من بقائي هنا..وفوق هذا فهذا أقل ماأفعله مع من رعاني من قرصة البرد حينما لم أجد أحد"
فهدأت آفروديت ونظرت إلي حيث كانت تلك الخطوط فقالت
"لكن يبدو أنك حقاً طالباً مجدَّ..كل هذا فعلته في ليلة واحدة!"
فقال بصوتاً متفاخر
"أجل"
فقالت ناظرة إليه بسخرية
"كم أنا فرحة بك!"
وسارت ناحية تلك الكتابات لتسير بجواره فقال بنفس ابتسامته
"أجل..أجل..."
وتوقف عن الكلام ناظراً إليها بعينين متفحصتين
"أهذه سخرية م نوعاً ما؟"
فقالت بلا مبالاة دون أن تلتفت له
"ربما"
فأخفض منكبيه وهدأ غروره ليسير ورائها بحنقاً بسيط
وقال"إذاً ماذا ستعلميني اليوم؟"
فنظرت نحوه بعد أن نظرت نظرة سريعة في المكان
وقالت بهدوء"أغلب الحروف ليست صحيحة!"
فقال متفاجئاً من كلامها"ماذا؟!"
فقالت"كما سمعت..لن تأخذ أي شئ جديد إلي أن تتم ما تعلمته"
فقال بعصبية طابعة علي صوته
"لكني ظلت طوال أمس أتعلم!"
فقالت"لقد علمتك بالطريقة الخاطئة..أن أقدم لك كل تلك المعلومات هكذا"
وتنهدت باستسلام
فقال"ماذا؟..هل ستتركيني الآن لأني لم أتم تعلم كل هذا في ليلة!"
فقالت"لا..لأكني سأعلمك الأبجدية الاغريقية..يكفيك تدرباً إلي الآن"
فقال متعجباً"تدرب؟!"
فقالت"كنت أظن أني لو علمتك بضع خطوط لأجل الكتابة سيكون أسهل عليك لكن يبدو العكس..ستتعلم الأبجدية نفسها علي مايبدو"
فقال"إذاً..كل تلك الليلة..لم أكن أكرر فيها سوي خطوط وليست حروف!"
فقالت باستسلام"أجل..والمقاطع لم أتأكد منها لكن يبدو أنها كحال ماأراه"
فبدا الصدمة علي وجهه وظلَّ صامتاً ولكن تحولت صدمته إلي غضباً بالكاد كظمه وقال
"المقاطع ليست لحروف بل تدريب!..لما لم تبدأي معي منذ البداية..."
قاطعته قائلة"لاداعي لعلو صوتك!..هذا أدباً إغريقي القليلون من يتعلمونه"
فقال"وماهوتلك الأبجدية للأدب الذي تزعمينه!"
فقالت بعد أن تنهدت باستسلام
"عدد ماعليك أن تتعلمه هو 24 حرفاً..ألفا هو أول حرف ومنه المقطع الذي رددته بالأمس فا ويكتب الكبير منها والصغير بهذا الشكل"
والتقطت الحجرة التي أخذ يكتب بها وطبعت "Α...α"
فهدأت عصبيته وبدأ يتأمل ماتكتبه
وأخذ يسألها وتخبره بكل شيئاً يسألها عنه
ومرّض الوقت عليهما دون أن يدركا .. فهدأت آفروديت وراقبت الشمس وهي تلقي بأشعتها الأخيرة قبل غيابها
فقال"أهذا كل شئ؟!"
فانتبهت له وقالت "وهل تريد شيئاً آخر؟!"
قال"لا..أربعة وعشرون كما أخبرتني..لكن..لما تساعديني في أن أتعلم؟!"
فنظرت إليه لبرهة وقامت لتتركه في مكانه جالساً علي الأرض
فقال"ماذا؟!"
فلم تتطرق بكلمة لتجيبه أو تعلق علي سؤاله وتحركت لتغادر المكان
فقال"مهلاً..لايزال الوقت مبكراً"
فنظرت بطرف عينها
وقال"لم تغب الشمس بعد"
قال بصوتاً هادئ مترجياً
"أبقي قليلاً..القليل فقط"
فالتفتت وجلست حيث مكان وقوفها فاقترب من مجلسه وأسند ركبتيه بين ذراعيه وأخذ يراقبها بين الحين والآخر
فقالت دون أن تلفت له ولا مرة
"ماذا؟!"
فقال بخجل مبعداً وجهه إلي الجهة الأخري
"لـ..لا شئ!"
"لقد أردتني البقاءُ معك..فماذا تريد؟"
عاود النظر نحوها وقال "سألتك من قبل عن من تكونين..أخبرتني أنكِ كما أراكِ!..تساءلت عن سبب جعلك تقولين لي هذا!"
فقالت وهي تسبح بعينيها في المكان
"من المفترض لكي أعيش أن أكون من العدم..عندما رأيتني وظننت أني حررتك..كان يجب أن ينتهي كل شئ وتنسي أمري وتكمل حياتك..لكن.."
فانخفض مستوي منكبيها وأكملت بعد أن نظرت إليه
"رأيتُ في عينيك مالم أره..وتمنيتُ أن أعرف كيف هي نظرتك..وكيف تراني!"
تعجب من كلامها
وقال"لم أفهم الكثير..لكن..أنا!"
ونظر إلي عينيها فوجد ترقَّبها لما سيقوله
فخجل بعض الشئ وأشاح بنظره مع بقاء وجهه مواجهاً لوجهها
وقال"أنتِ..أنتِ أول فتاة قد أراها في حياتي..ربما..ربما تلك المرة التي ذهبت فيها إلي بلدتك ورأيتُ فيها كل تلك النساء..ولكن..أري فيكِ شيئاً خاص ولا أفهم ماهذا الشئ!"
وتنفس الصعداء وترقب نظرها فوجد الهدوء قد غلب علي ملامحها
وقال"لكني لم أفهم..لما قد تضطرين للعيش في عدم؟!..كنتِ تذهبين مع تلك الفتاة وأظن أن هذه الحياة العادية التي تعيشها أي فتاة..أليس كذالك؟!"
فقالت"الأمر أصعب من أن أشرحه لك..فهو ليس كلام ليلة وضحاها!..وربما تفكيري في أمره هو كان سبب رؤيتك لي في تلك الحالة المزرية!"
قال"ليس الحارسان؟!"
قالت"دعك من هذين الأبلهين!..فأنا لو كنت منتبهة لا لما حدث كل هذا!..لكن لما قد يمنعونك من الرحيل أو يقتلون من يقترب من عندك؟!"
فقال بعد أن أراح إلي الخلف وأسند رأسه علي ساعده الأيمن
"لاأدري..كل ماأعرفه أني قد جُلبتُ إلي هنا عندما كنتُ صغيراً وشاهدني ذاك من رباني واعتني بي إلي أن بلغت العاشرة ومات..وكان دائماً يقول لي..."
وأتخن صوته مغمضاً عينيه
"إياك والمغادرة من هنا يابني..العالم قاسي ولن يرحموك إذا خرجت!"
فقالت"ألم تغادر المكان ولا مرة كما نصحك؟!"
فلم يتطرق بكلمة واكتفي بالنظر نحوها
قالت"لن أصدق..فكيف لفتي مثلك يدرك بتلك الأعشاب والعلاج للسموم دون أن يكون مجبرواً علي معرفتها؟!"
قال"أعترف أني قد حاولت بضع مرات..لكني في آخر مرة كنتُ فعلاً ألفظ أنفاسي..ونجوت في الآخر..بعد أن أشرف ذاك الحارس الصغير علي نقلي"
فقالت ببرود"ذاك الكلب..حارس؟!"
قال"لاداعي أن تسخري منه..فبعد ماحدث..زاد حبي له"
"ومن أين تجلب طعامك؟!"
"المكان هنا غنياً بالخيرات"
قالت"يبدو أنك تتولي أمرك هنا!"
قال"يمكنك قول هذا"
فقامت بهدوء قال بعد أن قام في سرعة
"إلي أين؟!"
"لقد انتهي القليل الذي طلبته ولابد أن أغادر"
قالت"حسناً...."
وأكملت بعد أن علا التعجب وجهها وقالت
"لكن لما قد تريد مجيئي وأنت لديك ما تحتاجه هنا؟!"
فأمسك بفمه مفكراً قليلاً ومن ثم بدا السعادة علي وجهه وقال
"علي الأقل إلي أن أتعلم وأعرف اسمي!"
قالت الأخري"إلي فصل الربيع"
قال"الربيع؟!..هذا قريباً جداً"
قالت باقتناع"وأكثر من كافي لأن تتعلم ماتريده"
قال"ماذا؟!..لكني.."
قالت بابتسامة خافتة
"يكفيكَ تذمراً..وارضي أني سآتي طوال هذا الفصل!"
فأمسك برأسه مستسلماً لقرارها الأسئلة
1-انتقادات أو اقتراحات ؟
2-هل حقاً سيستمر لقائهما علي خير؟
3-ماذا كانت تعني آفروديت بأنها يجب أن تبقي في العدم لتعيش |
|