عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 01-25-2012, 12:02 PM
 

سحر الأخلاق العالية

والرجل الذي حكم عليه عمر بن الخطاب بالقتل لأنه قتل نفساً واعترف والاعتراف سيد الأدلة ولما حان تنفيذ الحكم تذكر الرجل وقال لأمير المؤمنين : إن لى صبية صغار في البادية وقد تركت لهم وديعة لا يعلم بها أحد غيري فاتركني حتى أذهب إليهم وأعلمهم بالوديعة ثم أرجع إليك فقال : من يضمنك؟ فتفرس الرجل في وجوه القوم ونظر لسيدنا أبو ذر وقال : هذا يضمنني فقال عمر : هل تضمنه ؟ قال : نعم ، قال : على أنه إذا لم يعد تقتل مكانه قال : على أنه إذا لم يعد أقتل مكانه قال : كم يكفيك يا رجل؟ قال : ثلاثة أيام وذهب الرجل وفي اليوم الثالث انتظروا مشفقين على مصير أبي ذر وإذا بهم بعد العصر يرون أسودة يعني شبحاً أسوداً يجري فقالوا : انتظروا حتى نرى هذه الأسودة لعله هو وإذا بالرجل يأتي وهو يلهث مع أنه سيحكم عليه بالقتل فتعجب الحاضرون وقال له عمر : ما الذي دعاك للحضور بعد أن أفلّت من القتل؟قال: حتى لا يضيع الوفاء بين الناس

فطالما وعدت يجب أن توفي فإذا قلت لأحد : سأحضر إليك اليوم في الساعة الخامسة فيجب أن تلتزم بذلك وإذا لم تذهب وجب عليك الاعتذار قبلها بساعتين أو بثلاثة لكي لا ينتظرك أحد وإذا صادف في هذا اليوم أنه قد حدثت لك ظروف معينة ولم تستطع الاعتذار عليك أن تعتذر بعدها وتخبره : أنا لم أحضر بسبب كذا ولا تتركه معلق هذا هو حكم الإسلام الذي حكم به نبي الإسلام وتشريع الإسلام وقرآن الإسلام ورب الإسلام

فقال عمر, لأبي ذر : أكنت تعرفه ؟ قال : لا قال : فلم ضمنته وأنت لا تعرفه ؟ قال : حتى لا تضيع المروءة بين الناس أي ليظل خلق المروءة موجودا فقال أهل القتيل : عفونا عنه حتى لا يضيع العفو بين الناس

وكم فى هذة القصة المشهورة من الدروس والآيات والعبر إنه سحر الأخلاق العالية ولكنا حتى نسأل : أين من يشكر من أسدى إليه نعمة ؟ والشكر سهل ويسير قال النبى{منْ صنعَ إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه}[1]

لكن الإنسان في هذا الزمان يصنع المعروف ولا يُشكر بل على العكس من ذلك يتنكر لمن صنع معه المعروف على الأقل عليه أن يقول لمن صنع له معروفاً :"بارك الله فيك "أو" جزاك الله عني خير الجزاء " وأشجِّعه على هذا العمل لكي يعمله مع غيري{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} وكما رأينا فى القصة السابقة كيف سرى خلق المروءة من أبى ذر فحول القاتل إلى صدوق وفىِّ يقدم بنفسه مسرعاً لتقطع عنقه فسرى الخُلقان ( المروءة و الوفاء) فى نفوس أهل القتيل فبرَّد حرَّها و حوله إلى سلام وسماحة أثمرت عفوا فى التوِّ والحال إنه سحر الأخلاق العالية تسري من نفس إلى أخرى فتؤثر فيها وتشجِّعها وتستحثَّها فالواجب أن نشجِّع أهل الإحسان لكي يحسِّنوا ويجوِّدوا ويتقنوا حتى تعمَّ أخلاقهم وتسود ..

في السوبر ماركت عندنا جبن رومي وجبنة بيضاء وغيرها إلى خمسين صنف وجميع أنواع البضاعة لكن أين المروءة؟هل هي في الصدور؟نحن نريدها في المنظور أين الصدق؟أين الشهامة ؟أين المروءة بين أولادنا والذين يرون السيدات الحوامل أو التي تحمل طفلاً على يديها ولا يقوم ويجلسها أو رجل شيخ كبير متى تأتيه المروءة؟فإذا كان شاباً ويفتقد المروءة متى إذا تأتيه المروءة ؟ فهذه هي بضاعة الإسلام التي يصنعها رجال الإسلام وهي ما يصدرونها لجميع الأنام والتي بها دخل الناس في دين الله أفواجاً وليس بالصواريخ ولا سفن الفضاء ولابالمحاصيل الزراعية ولابالمخترعات الصناعية ولا بالأشياء العصرية ولكن بالبضاعة القرآنية الصدق اليقين الأمانة المروءة الشهامة الكرم وغيرها من الأخلاق العالية وهي ما مدح الله بها الأنصار وقال{يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}

وهذه هي أوصافهم التي مدحهم بها الله كلها ناتجة عن الحب يحبون من هاجر إليهم وهو رسول الله هذا الحب هو الذي أوجد{وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}هذا ما مدح به الله أنصار دين الله وأنصار حبيب الله ومصطفاه وأنصار كتاب الله جلَّ في علاه

هل نستطيع أن نصنِّع هذه البضاعة؟ فهذه البضاعة هي التي ستنشر الدين في الخافقين فالغربيون لا يحتاجون منا المصاحف لأن هم إما الذين يطبعون لنا المصاحف بمطابعهم أو يصدرون لنا آلات الطباعة وكذلك لا يحتاجون كتبا لتفسير القرآن ولكنهم يحتاجون لمثل هذه البضاعة التي تكلمنا عنها فهم يريدون أناسا عندهم صدق وأمانة ومروءة وشهامة{رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}

فهذه البضاعة هي التي ستجذبهم لدين الله أفواجاً فهم لا يريدون طلقاء اللسان أو شرائط الكاسيت أو من يلبسون بدل هيلد أو جلابيباً من الكشمير لكن يريدون منا أن نلبس العفو ونلبس الصفح ونلبس الكرم ونلبس الجود ونلبس هذه الأخلاق الإلهية فإذا لبسناها ونشرناها أتى الفتح و دخل الناس فى دين الله أفواجا{إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}

أن الحبيب المصطفى قد رسم بنفسه وبفعله وبقوله لنا ولمن قبلنا ولمن بعدنا من المسلمين أُسس وكيفية دعوة الكافرين والمشركين إلى هذا الدين :

1- أمرنا ألا نعلن عليهم الحرب من البداية .

2- بل أمرنا أن نبدأ أولا بدعوتهم إلى هذا الدين نشرح لهم تعاليم الإسلام ونبيِّن لهم جمال القرآن ونوضح لهم صفات النبي العدنان وذلك بقولنا وفعلنا وأخلاقنا بأن نكون جميعا أسوة طيبة وقدوة حسنة من هذا النبي الكريم .

3- فإذا استجابوا لدعوتنا ، فبها ونعمت ، وإن لم يستجيبوا دعوناهم إلى الجزية .

4- فإن أبوا ورفضوا وكابروا ، وأصروا على الحرب فهنا نعلن عليهم الحرب .

5- وحتى فى الحرب فحقوق الإنسان محفوظة و التوجيهات النبوية قد سبقت حميع التشريعات الحديثة فى مراعاة حقوق الأفراد والأقليات والمجتمعات

وتفصيل هذا يحتاج إلى محاضرات ولكنى أذكر واقعة واحدة قصيرة وجامعة ففي إحدى المعارك رأى النبى إمرأة من الأعداء بين الصفوف صريعة مجندلة فغضب وقال: لا تقتلوا امرأة ولا شيخاً كبيراً ولا صبياً ولا تمثلوا ولا تغدروا ولا تحرقوا زرعاً ولا نخلاً ولا تحاربوا قوماً جلسوا في الصوامع يعبدون الله هذه هي تعاليم نبيكم الكريم الرؤف الرحيم حتى تحت دخان المدافع الحقوق محفوظة .

6- فإن تبدلت الأحوال وجنحوا للسلم فقد قال لنا الله{وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا}

ولما علم الكافرون بنود هذا الدستور وتأكدوا أن الرسول أرسى أسسه وأن المسلمين لم يتهاونوا فى تنفيذها طالبوهم بحقوقهم فقد روى أنه في عصر الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز أرسل قائده قتيبة بن مسلم الباهلي ليفتح جنوب روسيا الآن " سمر قند "فدخلها فاتحاً ولكن قبل أن يدعوا أهلها إلى دين الله وبعد أن دخل هو وجيشه المدينة إذا وأهل البلدة يقدمون مظلمة إلى قاضي المسلمين الذي معه وتحت إمرته والذي عيَّنه الخليفة ليكون في حملته فحكم القاضي على القائد أن يخرج من المدينة هو وجنده ثم ينفذ سنة رسول الله فيدعوهم أولا إلى الإيمان فإن أبوا فالجزية فإن أبوا فالحرب فلما امتثل القائد لأمر القاضي وأمر جنده أن يخرجوا من المدينة احتراماً للقضاء في الإسلام فما كان من أهل البلدة إلا أن أعلنوا دخولهم في الإسلام أجمعين ، لأنهم انبهروا بالعدالة التي جعلها الله في هذا الدين

أما الجزية فى الإسلام فهى مبلغ مقدور عليه يدفعه غير المسلمين الذين يعشون فى ديار الإسلام لبيت مال المسلمين مقابل أن يقاتل جند الإسلام عنهم ويدفعوا عنهم صولة عدوهم فهم يجلسون فى بيوتهم مرتاحين والذي يدافع عنهم أمام كل عدو لهم جند الموحدين جيش الإسلام

واسمع للعجب فقد ورد أن أبو عبيدة بن الجراح لما دخل مدينة حمص في بلاد الشام وكان أهلها قد ارتضوا على دفع الجزية وعندما علم أبو عبيدة أن الروم جاءوا بجيش قوامه ستمائة ألف ويحتاج ذلك أن يجمع صفوف المسلمين في بلاد الشام أجمعين في مكان واحد وهو اليرموك ولا يستطيع أن يترك حامية تدافع عن البلدة فاستدعى زعمائها قال لهم : هذه جزيتكم وسلَّمها لهم وقال : لقد أخذناها منكم لندافع عنكم والآن لا أستطيع أن أدافع عنكم فخذوا جزيتكم وادفعوا عن أنفسكم فقالوا : لا نريد غيركم قال: إن الروم على دينكم قالوا: لا نريدهم فقد وجدنا معكم العدل والسماحة والمساواة التى لم نعهدها عندهم فلما أصرَّ على رأيه أخذوا في الدعاء للمسلمين قائلين : نصركم الله وردكم إلينا هزمهم الله ودحرهم وأخذوا يبتهلون إلى الله أن ينتصر المسلمين ويرجعوا إليهم لما وجدوا من عدلهم وسماحتهم وتمسكهم بأخلاق الله وكتاب الله وسنة حبيب الله ومصطفاه



[1]عن عبد الله بن عمرو ، صحيح أبى داوود .وأوله " من استعاذ بالله فأعيذوه ومن سأل بالله فأعطوه ومن دعاكم فأجيبوه "

يتبــــــع إن شـــــــاء الله

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 02-05-2012, 12:42 AM
 

وسائل التعامل مع غير المسلمين
الأسوة الحسنة

إن نبيينا الكريم الذي وصفه ربه بأنه بالمؤمنين رؤوف رحيم لم يترك أمراً من أمور المسلمين حدث أو سيحدث إلا وبين لهم فيه ما ينبغي فعله وما يجب تركه وماهى السنة العظيمة التي ينبغى عليهم الإقتداء بها في هديه لأنه كما قال الله عز وجل لنا في شأنه في كل أحواله {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الأخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}

وقد كان حوله ومعه أعداء من كافة الاتجاهات فكان المشركون والكافرون وكان اليهود والنصارى وكان المجوس منهم الضعفاء ومنهم الأقوياء وقد وضع لنا السنَّة الحميدة في معاملة كل هؤلاء لأنه أرسله ربه رحمة للخلق أجمعين فلم يكن بقوله منفراً ولا بفعله يرجوا ممن حوله إلا أن يلتفوا حوله ويحسنوا إتباعه ويتأسوا بهديه لأنه رحمة مهداه ونعمة مسداة لجميع خلق الله وقد وصف الله عز وجل هذا الرجل العظيم الكريم في قرآنه الكريم وفى كتبه السابقة على ألسنة رسله السابقين ففي القرآن قال في شأنه{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }

وفى الكتب السماوية السابقة فهو موصوف بذلك فقد ورد في صحيح البخاري عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنه قال{ مكتوب في التوراة : النبي الذي يأتى من بعدي اسمه أحمد ليس بفظٍّ ولا غليظ القلب ولا صخَّاب في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح }

لايزيده جهل الجاهل إلا حلما ولذلك ورد أنه عرض عليه رجل من أثرياء اليهود أن يقرضه كماً من التمر إلى حين في حاجة شديدة تبصرها هذا اليهودي أحاطت بالنبي ومن معه من المؤمنين فأخذ منه النبي هذا التمر وجاء هذا الرجل قبل انقضاء المدة وقبل انتهاء المهلة والنبي بين أصحابه وفي عزة ممن حوله من جنده وأمسك بتلابيبه وهزّه هزّاً عنيفاً وقال : إنكم يا بني عبد المطلب قوم مطل أي مماطلون لا تدفعون الحقوق فأخذت النخوة عمر بن الخطاب وكان سريع الإثارة فأمسك بسيفه وقال : يا نبي الله دعني أقطع عنق هذا الكافر فما كان من الحبيب الشفيق الرفيق إلا أن قال : مه يا عمر يعني إنتظر يا عمر كلانا كان أولى بغير هذا منك تأمره بحسن المطالبة وتأمرني بحسن الأداء يا عمر خذه وأعطه حقه وزده صاعين من عندنا جزاء ما روعته

أمره أن يزيده صاعين أي قفتين كبيرتين لأنه أخافه وهمَّ بقتله وبلغ الخوف منه مبلغه فأخذه عمر ودخل إلى بيت المال ليعطيه ماله من تمر فقال: يا عمر تدرى لم صنعت هذا؟قال : لا . قال : لأني اختبرت أوصاف النبي التي ذكرت عندنا في التوراة ولم يبقى إلا خلق واحد منها أردت أن أتحقق منه قال : ما هو؟قال : عندنا في التوراه أنه لا يزيده جهل الجاهل عليه إلا حلماً كلما زاد عليه الجهلاء في جهلهم زاد في حلمه لأنه على أخلاق ربه عز وجل وقد تحققت اليوم يا عمر من هذا الخلق وأشهدك بأنه نبي الله وشهد الرجل للحبيب بالرسالة ولله بالوحدانية وأسلم لأنه تحقق من أخلاق نبي الإسلام عليه أفضل الصلاة وأتم السلام

أما معاملته للمشركين والكافرين فقد ورد أنه كان في إحدى غزواته وعندما حانت الظهيرة أنزلت السماء الأمطار فبللت ثيابه فأمر الجيش أن يتفرقوا ليستريحوا من عناء السفر واختار شجرة لينام تحتها وخلع ثيابه ونشرها على فروعها ولم يكن له حرَّاس لأن الله قال له وهو عليم بشأنه{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}فالله سيكفيه بفضله وقوته كل المستهزئين الأولين والآخرين وقال في شأن حرَّاسه{وَالله يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}فلما نزلت هذه الآية أمر الحرَّاس أن يتفرقوا عنه اكتفاءا بحراسة الله الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء ونام النبي تحت الشجرة متوسداً يده اليمنى أي جعلها وسادة له وعلق سيفه وثيابه على أغصان الشجرة فنظر رجل من الكافرين إلى النبي من أعلى قمة من الجبال المحيطة بالموقع فوجده وحيدا فريدا فقال هذه فرصه أنزل إلى محمد وأقضي عليه وأخلص العرب جميعاً من شره ونزل إليه وأمسك السيف وكان العرب مع جاهليتهم عندهم نخوة وشجاعة كان عيباً على أي رجل منهم أن يأخذ خصمه على غرة لا بد أن يقاتله وجهاً لوجه فأيقظ النبي وقال له : يا محمد وهو يهز السيف في يده من يمنعك مني ؟فقال: اللــــه ونطقها بالمد الطويل وإذا بأعضاء الرجل تيبس ويده تسكن والسيف يسقط من يده فأمسكه النبي وقال له : ومن يمنعك مني الآن ؟قال :حلمك وعفوك وكرمك قال :عفوت عنك فذهب الرجل إلى قومه وقال:يا قوم لقد جئتكم من عند أحلم الناس وأصفح الناس وأعفى الناس يا قوم آمنوا به فإني لم أجد على أخلاقه ولا على وصفه ، صلوات ربي وتسليماته عليه.


كان كما قال الله في شأنه{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}هذا كان خلق النبي مع سائر الكافرين وأنتم تعلمون أنه عندما دخل مكة فاتحاً كتب أبد الآبدين في ألواح الأقدار وفي تاريخ الدهور والأمم هذه الرسالة الخالدة التي أرسلها للخلق أجمعين عندما تمكن من شانئيه ومحاربيه ومقاتليه وقال لهم :ما تظنون أنى فاعل بكم ؟ قالوا : خيراً أخ كريم وابن أخ كريم قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء لا أقول لكم إلا كما قال أخي يوسف لأخوته{لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}

ووسط الشدة الشديدة التي كانوا يحاربونه من أجلها أصابهم ضنك شديد وشحَّت عليهم السماء بالماء وحدث لهم اختناق من قلة الأقوات فأرسلوا إليه وقالوا : يا محمد ننشدك الرحم فأرسل إليهم وهم محاربوه نفراً من أصحابه معهم خمسمائة دينار من ذهب ومعهم قافلة من الأقوات ليغيثهم بها يرجوا أن يتألفهم لدين الله ويرجوا أن يستميلهم بها إلى كتاب الله ويرجوا أن يأخذهم بها إلى هدي الله لأن هذا كان دأبه مع الخلق أجمعين فهو يدعوا الجميع إلى كتاب الله وإلى دين الله وإلى هدي الله فيتخلق بالأخلاق الكريمة التي خلقه بها الله جل في علاه

أما لو أعلن الحرب عليهم أجمعين فإنهم لن يسمعوا منه كلاما قليلاً ولا كثيرا والنفوس دأبت على العصبية وستمنعها العصبية من قبول الحق مع أنه حق ومن تصديق الصدق مع أنه صدق لأن هذا دأب النفوس عند العصبية والإسلام جاء لإجتزاز العصبية الجاهلية ودعوة الخلق أجمعين إلى هذه الديانة الإسلامية ولا تكون إلا بإظهار جمال الإسلام وكمال تعاليم القرآن وأخلاق النبي العدنان وهذه البداية الحقيقية لعلم الإعلام

فنحن المسلمون مكلفون الآن برسالة نبلغها للخلق أجمعين أن نعرفهم بهذا النبي وأخلاقه وكتابه ودينه فإن كذبوا بعد العلم فلنا موقف آخر أما إذا قصرَّنا فحاربونا عن جهالة فلا نردها بمثلها بل ننتهز الفرصة لنعلّمهم سماحة الإسلام وحكمته وهديه ورحمتة لجميع الأنام و هذا يدعونا لبيان بعض الرسائل والوسائل الإعلامية فى العهود الأول

1- دستور إعلامى إلهى : ممنوع السباب


وهو قول الله تعالى في القرآن لجميع المسلمين والمؤمنين في كل زمان ومكان{وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّواْ اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ}لا تسبوا الذين لا يعلمون عن دينكم شيئاً فتضطرونهم إلى سبابكم وإلى هجومكم وإلى مخاصمتكم وهم لا يعلمون عن دينكم قليلا ولا كثيرا لكن أعلموهم ما تستطيعون تعليمه لهم في وسائل الإعلام من الأخلاق والتعاملات أو من أي أمر بلا سباب و لا تهجم .

2-منشور إعلامى نبوى: فى ديننا فسحة

وقد نفذَّ الرسول هذا عمليَّا و إعلاميَّا و منها كمثال ما قاله لأصحابه عندما جاوروا اليهود فى المدينة وأمر بأن يكون له وللمسلمين عيدان وقالوا : أنلهو ونلعب يا رسول الله ؟وعندم سمح للأحباش أن يلعبوا فى المسجد بحرابهم وسمح لعائشة مستترة أن تشهدهم فقال تعليما للمسلمين و إعلاما(بدايات علم الإعلام)لغيرهم(ليعلم اليهود أن فى ديننا فسحة إنى أرسلت بحنيفية سمحة) وفى رواية( حتى تعلم اليهود و النصارى) رسالة إعلامية تتخطى الحدود لتصل لى النصارى يعني فيه وقت للمزاح وفيه وقت للهو البرئ فلا بد أن نعلِّمهم أولاً تعاليم دين الإسلام ثم نناصب من ناصبنا العداء والله يتولى بنصره عباده المؤمنين لأنه قال في قرآنه{ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}

3-وفى الحرب : الرحمة أولا

وفى الحرب بينما كان النبى منشغلا بغزوة حنين وفجأة تخلَّى عنه أصحابه لبغتة الآعداء ومفاجأتهم وعندها وعلى الفور ركب بغلته(وليس فرسا لأن الفرس سريع العدو ولكن بغلة يتحداهم أنا ها هو أنا ليرونه)وسار وسط القوم وهو يقول : "أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب " وبالفعل إذا برجل يسمى فضالة بن الملَّوح يراه و يتعقبه حتى أتى و مشى خلف النبي ويريد أن يطعن النبي من وراء ظهره حتى يريح الناس منه على حسب ظنه والنبي في قلب المعمعة فإذا به يلتفت ويقول له : أفضالة؟ قال :نعم قال : ماذا تريد أن تصنع ؟ قال :لا شيء يا رسول الله ؟فوضع رسول الله يده على قلب الرجل وقال : اللهم طهِّر قلبه وهو يعلم ما يريد أن يفعله به قال فضالة : فما رفع يده وإلا وقد كان أحبَّ الخلق إليَّ وقد كان قبل ذلك أبغض الخلق إليَّ


[1]أخرجه الألبانى فى سلسلة الصحيح عن عائشة رضى الله عنها .

يتبـــــــــع إن شــــــــــــاء الله



رد مع اقتباس
  #13  
قديم 02-06-2012, 10:56 AM
 


تأليف القلوب

لقد فطر الله عزوجل حبيبنا ونبيينا على الكمالات العليا من الأخلاق الإلهية وخلع أوصافه على حبيبه فصارت جبلِّة وطبيعة له فهي هبة له من الله ليس بجهاد ولا مجاهدة وليس بتكلف فجعله بذلك مثلاً ونموذجاً قويماً يحتذى به لجميع البشرية فهو النموذج الأكمل والمثال الأعظم في كل أخلاقه و تعاملاته وأحواله سواء مع أهل بيته أو مع جيرانه أو مع إخوانه من المؤمنين أو حتى مع أعدائه من الخلق أجمعين

وهكذا ورد خلقه في التوراة والإنجيل - كما أسلفنا الذكر - وهكذا كان هديه طوال حياته الدنيوية هذا لأن الله عزوجل جعله قطباً جاذباً للعالم أجمع بأوصافه وبأخلاقه التي كمَّله بها الله فلا يراه إنسان مهما كانت قساوة قلبه أوغلظة طبعه إلا رقَّ لهذه الأخلاق وحنَّ إلى هذه الصفات وتمنَّى أن يتجمَّل بهذه الجمالات لأنها جمالات الله جلَّ في علاه سر قوله{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}أو كما قال أهل القراءة الأخرى{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقِ عَظِيمٍ }خلق مضاف وعظيم مضاف إليه والعظيم هو الله أي أنك على خلق الله جل في علاه و من سر هذا فقد جعل الله مع هديه في صوته وفي حركاته وسكناته الشفاء من كل داء هذا النبي الذي وجد في أمة كانت أسوء الناس أخلاقاً وأشرس الناس تعاملاً وكانوا كما وصفوا كالأوابد المتوحشة لم تكن هناك أمة في مثل جفوتهم وقسوتهم وغلظتهم فبالخلق العظيم أو بخلقِ العظيم ما زال يرقِّق قلوبهم ويليِّن أفئدتهم ويجمِّل أخلاقهم ويحسِّن طباعهم ويألِّفهم ويتآلفهم حتى صاروا كما قال الله عزوجل في قرآنه واصفاً لهم {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً}إلى آخر الآيات الكريمات

كيف تحوَّلوا؟وكيف تغيروا؟وكيف تبدَّلت أخلاقهم وصفاتهم؟كيف حدث لهم هذا؟كيف ألَّف الحبيب بين صحبه؟بل وكيف ألَّف العرب قاطبة إلى دين الله وإلى كتاب الله؟لم يكن هذا أبدا بالخطب الرنَّانة ولا بالكلمات الطنَّانة وإنما حدث كل هذا التغيير و التحول بما رأوه عليه من جمال وكمال حلاّه وجملَّه به الواحد المتعال

فقد فطر الله حبيبه ومصطفاه على هذه الأخلاق وتلك الكمالات حتى قال حكيمهم أكثم بن صيف بأوصافه الطيبة وبأخلاقه الحميدة التي كان عليها النبى" لو لم يكن ما جاء به محمد ديناً لكان في أخلاق الناس حسناً "وأنتم تذكرون جميعا عندما خطب جعفر بن أبي طالب في النجاشي ومن معه وأراد أن يبيَّن جمال الإسلام ونبي الإسلام فلم يذكر العبادات ولا أحكام التشريعات وإنما ذكر جمال الصفات :كنا أمة نعبد الحجارة ونأكل الميتة وكذا وكذا من أوصاف الجاهلية فجاءنا نبيٌّ نعرفه ونعرف نسبه ونعرف أوصافه فصيَّرنا إلى كذا وكذا ولكى يحبِّبنا فيما فيه تآلف القلوب ولم الشمل و جمعه على علاّم الغيوب نبَّه مراراً وتكراراً من الذي يريد أن يكون معه ويريد أن يحظى بفضـل الله معه ويريد أن يكون يوم الدين معه وأن يحشر في الجنة معه؟بيّن وقال{ أحبكم إلى الله أقربكم مني مجلساً يوم القيامة}هل أكثركم عبادة أو أطولكم قياما ًأكثركم صياماً أعظمكم ذكراً؟لم يقل هذا ولا ذاك لأن هذه الأعمال المهم فيها هو القبول والقبول لا يحكم به في الدنيا إلا جهول فإن القبول متروك لله جل وعلا لكنه قال{إنَّ أحبَّكم إلى الله أحاسِنكم أخْلاقاً الموطَئونَ أكنافاً الذين يَألَفون ويُؤلَفون} {إنَّ من أحبِّكم إلىَّ و أقربُكم مني مجلساً يومَ القيامة احاسنكم أخلاقا}

وبشرح آخر وبفهم نستقيه من معانى كلام الله فكل هذا الإنقلاب الهائل الذي حدث لأمة العرب يرجع لهذا النبي الكريم وهذا الرسول العظيم وهذا هو الذي ذكَّر الله عز وجل المؤمنين أجمعين به وبهديه إلى يوم الدين فقال لنا أجمعين{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}ونعمة الله في هذه الآية هو رسول الله لأن النعمة الموصوفة في الآية يقول الله فيها لأهل العناية هذه النعمة{إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}

فكانت هذه الآية إشارة إلى الطريقة السديدة والمنهج الرشيد في دعوة الخلق إلى الله وهو الطريق الذي مدحه وأثنى عليه الله في كتاب الله ألا وهو تأليف القلوب على الحبيب المحبوب وهو لا يتم إلا بأوصاف الحبيب المحبوب التي تجمل بها من حضرة علام الغيوب ولذلك يقول الله عزوجل في آية أخرى مبيناً هذه الحقيقة أن الذي ألَّف هو جمال الله وكمال أوصاف الله التي خلعها على حبيب الله ومصطفاه {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}يتحمَّل الأذى من الجميع وبشرح ثالث و بنور ساطع من آية أخرى من كتاب الله لترى كيف ألَّف القلوب وجذبها بشدة إلى أنوار الواحد المحبوب{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} هذا ما أمره به ربه وهذا ما تخلَّق به حقا و صدقا فى كل أحواله و فعاله وأنفاسه و أوقاته

وانظر إلى العربى الذى دخل علي النبى بكل الغلظة والجفاء فقد كان الرجل مشهورا بغلظ الطبع و جفاء النفس وقسوة العريكة فلما دخل على النبى تبسم له ولاطفه وألان له الكلام – مع أنه كان قال لهم عندما استأذنوا له( بئس أخو العشيرة هو فقالت السيدة عائشة بعد خروجه : يا رسول الله قلت ما قلت ثم ألنت له قال ياعائشة إنَّ شرَّ الناس عند الله من اتقاه الناس مخافة فحشه) وفى رواية أخرى لنفس السياق(ياعائشة إن الله لا يحبُّ الفاحش المتفحش)فعائشة رضى الله عنها رأت منه عجباً فأفهمها أنه ليس فاحشاً ولا متفحشا ولا قاسياً ولا فظاً ولا غليظاً فهو لا يستطيع أن يقول القول الجافي ولا أن يعامل الخلق بمعاملاتهم ولا أن يسيء إليهم وإن أساءوا لأن الله فطره على ذلك فبعفوه وبإعراضه عن أهل الجهالة وسوء الخلق بل وبتحمله للأذى من الجميع ألَّف قلوبهم وألان جافى طبائعهم وبدَّل أوصافهم

ولكى نزيد الأمر إيضاحا نقول أنه ما رد على أحد إساءته لماذا؟لأنه لو رد على كل إنسان إساءته فإنهم لن يقبلوا أبداً على دعوته وهو يريد أن يدعوهم إلى كتاب الله وإلى شرع الله وإلى دين الله فبين لهم بدعوته وبحاله وبخلقه أن هذا هو دين الله والذي يتحمل نبيه الإساءة في سبيل نشر كلام الله وفي سبيل بيان دين الله لجميع خلق الله

خذوا مثالا آخر ولكنه مع قوم أخطر وأنكى مع المنافقين فإنه بعد غزوة حنين وبعد أن نصر الله رسوله في هذه المعركة جاء بالكافرين الذين انطووا تحت لوائه صاغرين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر وهو يعرفهم لأن الله قال له{تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ}ويعلم مطالبهم ومآربهم فجاء بواحد منهم وهو أمية بن خلف وقال له : تكفيك هذه الأغنام؟وكانت تملأ ما بين جبلين قال: زادك الله شرفاً يا رسول الله . قال : لك هذه الأغنام التي بين الجبلين ومثلها معها فذهب الرجل لقومه وهو يقول : لقد ذهبت إلى محمد وما على وجه الأرض رجل أبغض إلىَّ منه فما زال يعطيني ويتألفني حتى ما صار على وجه الأرض رجل أحب إلَّي منه لقد أعطى عطاءاً لا يجود به الملوك؟فلا يجود به إلا نبي

لأن الله جعل الدنيا في أيديهم ولم يجعلها في قلوبهم وهذه النماذج لو استرسلنا فيها لاحتجنا إلى وقت طويل كيف كان النبي يعامل أعداءه ليؤلفهم إلى دين الله ويهديهم إلى شرع الله ويسمعهم كتاب الله؟إن هذا هو الذي قال فيه مولاه فى محكم التنزيل{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}مع الإساءة قال له : اعفوا عنهم واستغفر لهم بل وشاورهم في الأمر تأليفا لهم

أما إخوانه المسلمين والمؤمنين فكان يقول لهم دوماً كلما جلسوا معه وأرادوا أن يخوضوا في أعراض إخوانهم أو أن يذكروا مثالب بعضهم(لايبلغنى أحد من أصحابى عن أحدٍ شيئا فإنى أحبُّ أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر)فلم يكن يسمح في مجالسه لأحد أن يسيء إلى أحد فلا يسمع في مجلسه غيبة ولا نميمة ولا كلمات هجر ولا سب ولا فحش وإنما كانت مجالسه كما وصفوها وقرروها مجالس علم ونور ورحمة وحلم وكرم أخلاق فهو صلى الله عليه و سلم فى مجالسه بل و فى حياته كلها من أولها إلى آخرها ما عاب بشراً قط ولا سب إنساناً قط ولا ضرب بيده أحداً قط إلا إن كان في ميدان الجهاد يضرب في سبيل الله.



[1] رواه ابن أبى الدنيا عن أبى هريرة
[2] أخرجه الألبانى فى سلسلة ألحاديث الصحيحة
[3]عن عروة بن الزبير عن عائشة رواه الترمذى

يتبــــــــــــــع إن شـــــــــــــــــاء الله





رد مع اقتباس
  #14  
قديم 02-10-2012, 11:18 PM
 


سلوك النهج القرآنى فى الرد على من أساء إلى رسول الله ولاتستوى الحسنة و لا السيئة :


قدم الله لنا المنهج الكريم في التعامل مع أهل الإساءة لنا أجمعين فقال تعالى{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ}إذاً ماذا نفعل؟{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}ما النتيجة؟{فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}هذا هو منهج القرآن الذي أنزله الرحمن على النبي العدنان وعمل به المسلمون في كل وقت وآن

وهذا المنهج واضح في أكثر من موضع في القرآن وأول من طبق هذا المنهج هو رسول الله صلى الله عليه و سلم فأنتم تعلمون جميعا أن أهل مكة قد وصفوه بأقبح الصفات وأشنعها وعلى الرغم من ذلك وتطبيقا لهذا المنهج القرآنى السامى أمره الله عز وجل ألا يرد عن نفسه وقال له في قرآنه{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}

فإذا قالوا شاعر يرد الله عز وجل في قرآنه الكريم ويقول{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ}وإذا قالوا مجنون فيرد من يقول للشيء كن فيكون ويقول{وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ}فتولى الله بذاته الرد على إساءة الكافرين والمشركين والجاحدين على حبيبه ومصطفاه وقال له منبهاً ومعلماً{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين}لأن هذا هو الذى يؤدى إلى النتيجة التى ذكرها الله{فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}

ثم يتناول القرآن الكريم هذا المنهج فى موضع آخر فيبين الله عزوجل لمن يرد على السيئة بالسيئة فيقول{وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}وهنا إشارة لطيفة : فلنقرأ " وجزاء سيئة " ثمَّ وقْفٌ فى القراءة ، ..." سيئة "، ثُمَّ وقفٌ ثانى " مثلها " وهذا يعنى : أن جزاء السيئة ( أى الرد عليها )سيئة أيضا أو بتعبير آخر إنك إن قوبلت بسيئة فى حقك فانتصرت لنفسك ورددت عليها فقد ارتكبت إذا سيئة مثلها فمن يرد على السيئة بالسيئة يصبح مثله ماذا أفعل إذاً؟فمن عفا وأصلح فأجره على الله هذا هو المنهج القرآنى فى الرد على الإساءة

وتعالوا نأخذ بعضا من الأمثلة التى طبق النبى فيها هذا المنهج على نفسه وفى بيته وبين أصحابه حتى لم يدع مجالا لمتشكك أو مرتاب فى جمال و كمال و سماحة هذا الدين ومهما اشتدت الإساءات و توالت عل أى أحد فإنه لا يوجد من تعرض لإساءات أشد مما تعرض لها رسول الله من أهل مكة

حتى أنه يوضح ذلك فيقول فرعوني أشد علىَّ من فرعون أخي موسى عليه وفرعونه كان أبو جهل ومع ذلك عندما دخل مكة فاتحاً جمع أهل مكة وجاءوا خائفين - فقد فتحت مكة عنوة - وقال لهم كما تعلموا أجمعين : ماذا تظنون أني فاعل بكم ؟فقالوا بأطراف ألسنتهم وليس من قلوبهم : خيراً أخ كريم وابن أخ كريم . قال: إذهبوا فأنتم الطلقاء لا أقول لكم إلا كما قال أخي يوسف لإخوته{لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}

ومثال آخر لترى كيف أن عدم مقابلة الإساءة بمثلها يلين الطبع الجافى بل و يحول العدو إلى صديق و افى عندما تيقن ابن فرعون الأمة عكرمة بن أبي جهل أن النبي داخل مكة لا محالة هرب ولم يكن يدري إلى أين يتجه فاتجه إلى اليمن فلما رأت امرأته صنيع رسول الله عند فتح مكة أرسلت إليه رسالة على عجل : يا عكرمة أقبل على رسول الله فإنه يعفو ويصفح ويصل الرحم ويحمل الكلَّ فوصلت الرسالة إلى عكرمة وهو على أهبة أن يركب سفينة إلى بلاد الحبشة فرجع وعفا عنه رسول الله وكانت نتيجة العفو أن نذر أن يجاهد في سبيل الله وظل يجاهد حتى استشهد في معركة اليرموك في فتح بلاد الشام ولو أن سيدنا رسول الله عامله بمثل صنيعه لمات كافراً ولكنه وهو الرحمة المهداة أراد أن يجمع الخلق على الله ويحببهم إلى ذات الله لا أن ينفرَّهم من طريق الله

وقد ورد في شأنه وفي خلقه أنه كان لا يغضب لنفسه قط إذا سبّوه أو إذا أهانوه فقد كان لا يغضب إلا إذا انتهكت محارم الله

وخذوا مثالا على ذلك اشتهر فى كتب السنة وفيه أنوار جلية و أسرار سنيَّة فقد جاءه رجل من الأعراب و هو جالس في وسط أصحابه فى عزِّته و منعته وقام بجبذه جبذا شديدا من حاشية ثوبه حتى حمَّر رقبته وهو يقول له في جفاء و غلظة شديدة : يا محمد أعطني فإن المال ليس مالك و لا مال أبيك وعندها غضب أصحابه بشدة و كادوا يهمون بالرجل ليبطشوا به لتطاوله إلا أن النبى اوقفهم بل و أمرهم ألا يتحركوا من أماكنهم حتى يأذن لهم ليحمى الإعرابى من غضبتهم لعلمه بشدة حبهم له وقال له : صدقت إن المال ليس مالى ولا مال أبى ودخل منزله وأحضر له عطاءا و أجزل له ثم سأله : أرضيت ياإعرابى؟هل أحسنت ؟ فقال : لا أحسنت و لا أجملت لكن إعطنى وكررها ثانية فمازال عليه الصلاة و السلام يعطيه و يسأله إن كان قد رضى و يقول لا والنبي يزيده حتى رضي الرجل ومدح رسول الله و زاد فى مدحه فقال له النبى : فإن كنت قلت ذلك فاخرج إلى أصحابي فقل عندهم مثل ما قلت لأنك أغضبتهم بفعلتك فخرج وفعل فرضي أصحابه وطابت نفوسهم

فصارت الواقعة مثلا واقعيا يحتذى به و درسا عمليا و افيا علَّمه لأصحابه فى كيفية التصرف مع من أساء إليه وفى هذه الواقعة على روياتها المتعدده وصيغها وطرقها المختلفة إشارات سامية وتوجيهات عالية إلى الآداب السلوكية فى مواجهة الإساءة أو الرد على فاعلها :

أولها : هذا فعله عليه الصلاة و السلام مع مسلم المفروض بديهة أنه يعرف المبادىء الأولية عن قدره الشريف ومدى حب المسلمين له ؟ وعلى الرغم من ذلك فانظر كيف عالج الموقف؟وكيف التمس له العذر فى غلظته و سوء تصرفه؟فما بالنا لو صدرت الإساءة ممن لايعرف قدره لا مقامه؟بل فما بالك لو جاءت الإساءة ممن عمى عقله عن الحقيقة بالدعايات المغرضة والأقاويل الباطلة التى تنزل عليه ليل نهار؟هل كان يواجهه بمثل إساءته بعد أن فقهت هذه الواقعة ؟

تانية
: بل أنظر كيف حمى الرجل من غضبة أصحابه ؟ وأمرهم ألا يبرحوا مكانهم إلا بأذنه و الإساءت تتوالى على شخصه الشريف وأصحابه تغلى نفوسهم و يودون لو يطيحوا برقبته لشدة إساءته

وثالثة
: أنظر كيف حلم عليه وثابر على ذلك ؟ ولم يزده إغراق الإعرابي فى الإساءة إلا مزيدا من الحلم و الصبر و التماس العذر ّ

ورابعة
: وفى رواية أن النبى قال له لا أعطيك ياإعرابى حتى تقيدنى من جبذتك التى جبذتنى( رواية النسائى عن أبى هريرة)ولكن الإعرابى لم يسمع وكرر طلبه بصلافة و النبى يقول : لا حتى أقتد منك ما فعلته بى ويكررها والإعرابى لايسمع أو يسمع و يقول لا أقيدكها والنبى يكرر ليبرهن لأصحابه أن الرجل قد أصمَّه غضبه فلما استبان للجميع أن الرجل قد أعمته رغبته حتى عن السمع أو الفهم نزلت رحمته و أخذ يعطيه ويعطيه ليعلمنا بذلك أنه : إن عمى خصمك أو أصم أذنيه فأنت أيها المسلم أحوج ماتكون ساعتها للبصيرة ولضبط النفس حتى يمكنك أن تساعده فى رفع الغشاوة عن عينيه أو إعادة الإستماع لصوت العقل ولكن إن عمى المسيىء إليك الجاهل بقدرك وجرَّك بقبح فعله فعميت مثله

؟فما هو الفرق بيننا ؟
وكيف تكون النتيجة ستزداد العداوات و تتقطع الأواصر و يفتح باب الشقاق و الفرقة ودخول أطراف أخرى بقصودها – انظر كيف منع أصحابه من التدخل – وعندها تصبح العودة إلى الصواب أصعب وأشد على النفس و أنكى بل قد تستحيل والتاريخ ملىْ بعشرات الأمثلة علي هذا و التى غيَّر مجراه فيها صبر فرد على أذية أو عكس ذلك .

وخامسة : بعد انتهاء الواقعة و عودة الإعرابى إلى جادة الصواب صفح عنه النبى ولم يذكر موضوع القصاص ثانية لأنه لا يهمه سوى تحوَّل الرجل من الغلظة و الشدة إلى اللين و الاستجابة وهذه بداية التغيير وقبلها لافائدة .

السادسة
: فى النهاية لم يدعه النبى يمشى حتى طلب منه أن يسمع أصحابه ما قاله له فى بيته عن رضائه وسرور نفسه ليشهدهم بأنفسهم نتيجة الصبر على الأذى وتحمل الإساءة وكيف صيَّرت الأعرابى إلى النقيض فيكون تعليما لهم وليذهب غضبة نفوسهم عليه فيصفو المجتمع من الشحناء وتزول العداوات والبغضاء

ولذلك فإن حضرة النبي الأعظم وأنتم تعلمون فلا يوجد إيذاء تعرَّض له رسول الله أكثر من إيذاء المنافقين الذين كانوا معه وتظاهروا بالإسلام هل إيذاء المنافقين له أكبر أم إيذاء الكافرين؟بالطبع كان إيذاء المنافقين لأن الكافرين كانوا يعلنون عليه الحرب أو يقولون عليه ساحر أو مجنون ومثل هذا الكلام الذي ليس له أساس لكن هؤلاء المنافقين هم من أذوه الإيذاء الشديد

حتى أنهم هم من شنَّعوا على أعزِّ زوجاته من الذي روَّج هذه الإشاعة ؟ هل هم الكافرون ؟ أم المشركون ؟ أم اليهود ؟أبداً إنهم المنافقون الذين يصلٌّون ويصومون ويمشون مع حضرة النبي ويجلسون معه وآذوه مرة أخرى وهم راجعون " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزُّ منها الأذلَّ " هل يوجد من أهل مكة من يستطيع أن يقولها ؟ هل يوجد أحد من بني النضير أو بني قريظة يستطيع أن يتفوه بذلك ؟ لا ولكن قالها من يصلون ويصومون ويمشون مع حضرة النبي فتحمُّل حضرة النبي للمنافقين - عندما نراه - يعطينا المثل الأعلى لسيدنا رسول الله في أخلاقه التي جملَّه بها مولاه

وقد قال أصحابه بعد هذه الفتن : يا رسول الله دعنا نقتلهم . فقال : ماذا يقول الناس علىَّ ؟ أيقولون أن محمداً يقتل أصحابه فيقولون : إنهم ليسوا أصحابك يا رسول الله .قال : إن الناس تراهم معي يصلون ويصومون.. قائد كتيبة المنافقين والذي قال : "لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل" كان ابنه من المسلمين الصالحين رأى بعض المسلمين يتحرشون به ويريدون أن يقتلوه فذهب لرسول الله ، وقال : يا رسول الله مرني أن أقتله (أى أباه)قال :لماذا ؟قال: إن نفسي لن تسكن وقد رأيت قاتل أبي لو قتله أحد منهم ؟فلا أريد أن أقتل مسلماً بكافر , فقال له رسول الله : لا وعندما قال أبوه : " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزُّ منها الأذلَّ " وقف ابنه على باب المدينة وقال لأبيه :لن تدخل وإلا ضربتك بالسيف أو يعفو عنك رسول الله؟لكي تعرف من العزيز ومن الأذلُّ فالحبُّ لرسول الله جعل الابن يقف في وجه أبيه

ومع ذلك كان سيدنا رسول الله عندما يموت الواحد فيهم يذهب ليصلِّي عليه فيقول سيدنا عمر : إلى أين أنت ذاهب يا رسول الله ؟إنه فعل كذا وكذا؟فيقول : دعني يا عمر فيؤيد الله كلام عمر ويقول{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ}فيقول سيدنا عمر لرسول الله لقد قال الله كذا "الآية" فيقول رسول الله: سأزيد عن السبعين انظر إلى رحمة رسول الله ويتوفى قائد كتيبة المنافقين فيصلي عليه ولكي يطيب خاطر ابنه يخلع قميصه ويقول كفنوه فيه

فإذا رحمت فأنت أم أو أب ... هذان في الدنيا هم الرحماء


وهو أكثر من الأم والأب{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}هذا هو النبي الكريم الذي كان يؤلف كل قوم بما يلائمهم لأنه أُرسل للناس لتأليف القلوب وجمع النفوس على حضرة المليك القدوس وهكذا علّم أصحابه أن يكونوا على شاكلتة فلا يغضبون لأنفسهم وإنما يغضبون لله لأننا جند الله{وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}وجند الله لا يملكون لأنفسهم قليلاً ولا كثيراً ولا يأتمرون إلا بأمر الله ويتلقون تعليماتهم من الحبيب الأعظم ، الذي عينه الله وقال لنا في شأنه{مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ}

يتبـــــع إن شـــــــــاء الله

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 02-12-2012, 01:22 PM
 
تم نقل الموضوع من كتاب( واجب المسلمين المعاصرين نحو رسول الله
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ايها المسلمين اين انتم من عرض......رسول الله ورده التفاؤل نور الإسلام - 3 09-24-2010 01:29 AM
تعريف بمحمد رسول الله رسول الامه الإسلاميه SCORPIONKING نور الإسلام - 8 06-15-2010 10:05 AM
قالوا عن رسول الله (صلي الله عليه و سلم) !!! دعوة لمعرفة رسول الانسانية مها12 نور الإسلام - 8 04-05-2010 09:20 PM


الساعة الآن 09:05 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011