#291
| ||
| ||
تابع قول الصوفيه للقران ظاهر وباطن وقال [ ابن عربي ] (صفحة: 118) عند قوله تعالى: ﴿قرة عينٍ لي ولك﴾: "وكان قرة لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق, فقبضه طاهراً مطهراً, ليس فيه شيء من الخبث, لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئاً من الآثام, والإسلام يجّبُ ما قبله, وجعله آيةً على عنايته سبحانه وتعالى بمن شاء, حتى لا ييأس أحدٌ من رحمتهٌ, فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون!!". وقال ابن عربي في مقدمة كتابه الذي ننقل عنه [ فصوص الحكم](صفحة: 38): " أما بعد , فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مبشرة أريتها في العشر الآخر من محرم سنة سبعٍ وعشرين وستمائة بمحروسة دمشق, وبيده كتابٌ, فقال لي: هذا كتاب فصوص الحكم خذه, واخرج به إلى الناس ينتفعون به, فقلت: السمع والطاعة لله ولرسوله وأولي الأمر منا, كما أُمرنا, فحققت الأمنية, وأخلصت النية, وجرد القصد والهمة إلى إبراز هذا الكتاب كما حدَّه لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا نقصان". اهـ.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#292
| ||
| ||
الرد على تقسيم الصوفية للدين إلى ظاهر وباطن مستل من كتاب " أبو حامد الغزالي والتصوف " للشيخ عبد الرحمن دمشقية قام بتفريغه على برنامج الوورد ونشره عبر شبكة الانترنت أبو معاذ السلفي ( السني الحضرمي ) قال الشيخ عبد الرحمن دمشقية حفظه الله في كتابه " أبو حامدالغزالي والتصوف" (56-262) في الرد على استغلال الصوفية السيئ لقصة موسى والخضر عليهما السلام في تقسيمهم الدين إلى ظاهر وباطن!: ( ولو أن الأمة كلها أرادت الاقتداء بقصة موسى مع الخضر - على الوجه الذي يفهمه منها الصوفية - لبطل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولأصبحت هذه القصة ذريعة الزنادقة لتحليل الشرائع، كما تذرعت الباطنية بقاعدة الباطن والظاهر في تحليل المحرمات وإسقاط التكاليف وإبطال الفرائض. ولأصبح بإمكان الزنادقة أن يصرخوا في وجه المنكرين ويسكتوهم بمجرد تذكيرهم بقصة موسى والخضر بحجة أن عليهم التزام الصمت وعدم التسرع في الإنكار كما فعل ذلك موسى (عليه الصلاة والسلام)، وهذا قد حصل بالفعل إذ حجج ضلال الصوفية قائمة على هذه القصة وكم ألبسوا بذلك على جهال المسلمين، وأوقعوهم في متاهات الضلال. أما القصة فهي حق وما ورد فيها حق، وأما استغلال الصوفية لها، فإنه استغلال لحقٍ أُريد به باطل. وذلك لوجوه تسعة: الوجه الأول: أن موسى عليه الصلاة والسلام كان يعلم منزلة الخضر عليه السلام في العلم وأنه أكثر علماً منه، وهذا كافٍ لأخذ ما عند الخضر بلا إنكار ولا اعتراض، ومع ذلك فقد أنكر موسى عليه السلام عليه بينما لم يخبر الله العباد عن حقيقة صدق المشايخ أو كذبهم وما يسمون بالأولياء عند الصوفية ولا أنزل فيهم ذكراً يجعل الناس واثقين من أن ما يرونه منهم من الأعمال المنكرة يكون له تأويلات مشابهة لأعمال الخضر عليه الصلاة والسلام. وحين سئل موسى عليه السلام: أي الناس أعلم؟ قال: أنا، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فقال: بلى، لي عبد بمجمعالبحرين هو أعلم منك.قال: أيْ رب ومن لي به؟ قال: تأخذ حوتاً فتجعله في مكتل،وحيثما فقدت الحوت فهو ثمَ[1] . أي يكون في المكان الذي أضعت عنده الحوت. إذن فموسى عليه السلام على علم بمنزلته في العلم، وبمكانه الذي يلقاه عنده، بل هو مأمور بملاقاته كما يستفاد ذلك من الحديث . قال الطبري: (وكان موسى قد حدث نفسه أنه ليس أحد أعلم منه أو تكلم به، فمن ثم أُمر أن يأتي الخضر)[2] . الوجه الثاني: أن ما فعله الخضر عليه السلام كان مأموراً به، ولم يفعله من عنده لقوله تعالى: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} ]الكهف: 82[، وقد ذهب المفسرون إلى أن الأمر ههنا هو الوحي - وفي مقدمتهم الرازي - بحجة استحالة قتل غلام ونحوه من غير حصول وحي قاطع يأمر بذلك، فهل مشايخ الصوفية مأمورون من الله بفعل المنكرات المخالفة لأوامره ونواهيه ودينه الذي أتمه وارتضاه لعباده؟ وهل يحصل لهم الوحي في ذلك كما حصل للخضر عليه السلام؟ إن قالوا بحصول الوحي فإنهم حينئذ دجاجلة لا فرق بينهم وبين مسيلمة. وإن نفوا أن يكونوا قد فعلوا هذه المنكرات بمقتضى وحي ما، فحينئذٍ يقال لهم: ما تفعلونه مخالف لما أوحاه الله على نبيه صلى الله عليه وسلم، فلا وجه يصح في استدلالكم بقصة الخضر وبأفعاله التي كانت وحياً ولم يفعلها عن أمره؟!!! الوجه الثالث: (أنهم باستدلالهم بقصة موسى والخضر عليهما السلام ينتقصون من مكانة وقدر موسى عليه الصلاة والسلام، فإنهم ينزلونه منزلة العوام الذين يرون ظواهر الأعمال ولا يتفطنون إلى معرفة حقائقها. وهم - أي مشايخ الصوفية - يدعون أنهم يعرفون ذلك، ويقدمون بذلك درجة العارف(الصوفي) على رتبة النبي[3]، جاعلين موسى في مصاف العوام الذين لم ينالوا درجة الصوفي العارف. الوجه الرابع: أنه لا يجوز الخروج على شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى شريعة أخرى، وهذه القصة حدثت في بني إسرائيل لم نؤمر بالتعبد بفعلها، قال تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ]البقرة: 134[. فقد أمر الله تعالى مريم وزكريا أن يمسكا عن الكلام ثلاثة أيام بقوله: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً} ]مريم: 26[، وقوله لزكرياعليه السلام: {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} ]مريم: 10[. فهل يجوز أن يتخذ أحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من هذا الصيام عبادة له فيصوم عن الكلام مستدلاً بورود ذلك في القرآن؟ ومعلوم أن الخضر وموسى بل وسائر الأنبياء عليهم أفضل الصلوات وأتم التسليم، لو كانوا أحياء لما وسعهم إلا أن يتبعوا شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لأن النبي كان يُرسل إلى قومه خاصة؛ ونبيناً صلى الله عليه وسلم أُرسل إلى الناس عامة - إنسهم وجنهم - وحين ينزل المسيح آخر الزمان، فإنه يحكم بين الناس بشريعة القرآن لا يحكم بإنجيل ولا توراة. والمسيح عليه الصلاة والسلام هو من الرسل الخمسة أولي العزم، وهو خاتم أنبياء بني إسرائيل، ومع هذا فإنه يتبع ما أُنزل إلى نبينا صلى الله عليه وسلم، ويحكم بين الناس فيه. الوجه الخامس: أن موسى والخضر عليهما السلام لم يخرجا عن الشريعة والنصوص في شيء، وإنما كان موقف موسى مع الخضر كموقف المجتهد المتمسك بعموم الدليل مع صاحب النص الخاص المتمسك بالدليل الخاص، وكلاهما على الدليل يعتمد، ومن الشريعة يستقي لأن هذا مأمور وذلك مأمور. فمثلاً قصة الغلام: معلومأن قتل النفس بغير نفس هو منكر ومحرم. وهذا يعلمه موسى والخضر عليهما السلام ويؤمنان به، وهذا التحريم عام في كل نفس، إلا ما نص الشرع على خصوصيته واستحقاقه للقتل فبقي موسى على هذا العموم حسب علمه. لكن الخضر عنده في هذا الغلام المعين دليل خاص فقتله إذ كان مأموراً من الله بفعله حيث قال: {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً} ]الكهف: 80[ بدليل أن الخضر عليه السلام لم يقتل أحداً من المساكين - أصحاب السفينة - ولا أهل القرية الذين أبوا أن يضيفوهما، ألا ترى أنه لو كان القتل عند الخضر حلالاً ومخالفاً لشريعة موسى لكان أهل القرية أحرى بالقتل من الغلام، إذ قد منعوه اليسير من الطعام، بينما لم يكن قد أظهر الغلام شيئاً من الكفر! لكن الأمر غير ذلك. فقد قتل الخضر من جاءه أمر الله بقتله، إذ الأمر وحي من الله ووقوف مع النص، فتحريم الله القتل عند موسى عليه السلام هو تشريع من الله بذلك، وإباحة الله للخضر عليه السلام بقتل الغلام تشريع من الله بذلك. فهذا كله في واد، وما تزعمه الصوفية في واد آخر، وما هدف القوم إلا هدم الإسلام، وإلا فلماذا انتحال المعاذير وتأويل النصوص الصريحة الدالة على اجتناب المحرمات، بل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يستند إليه من ينكر عليهم فسادهم؟!!! [1]"فتح الباري"(6/431-432) . [2]"تفسير الطبري"(15/179) [3] قال بذلك محي الدين ابن عربي انظر "فصوص الحكم" (1/62 و 134) طبعة دار الكتاب العربي. ... يتبع إن شاء الله
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#293
| ||
| ||
الوجه السادس: أن الخضر عليه السلام لم ينكر على موسى عليه السلام إنكاره عليه مطلقاً، بل أنكر عليه تسرعه في الإنكار قبل أن يسأله عن مأخذه الشرعي، مع أنه حذره أنه لن يستطيع معه الصبر على ما لم يحط به خبراً، ولولا علم موسى عليهالسلام بنبوة الخضر عليه السلام لما صبر عليه ولما ارتضى أن يُقتل طفل صغير أمامه وغرق سفينة ومع ذلك فقد أنكر وغالب الصوفية لا ينكرون على من ليسوا أنبياء. وثانياً : أنه أشترط عليه ألا يسأله عن شيء حتى يحدث له منه ذكراً، ولكن كان من شأن موسى عليه السلام، وطبعه أن يسارع في الحق كما قص الله تعالى علينا من خبر إقدامه على قتل القبطي، وأخذه بلحية أخيه هارون ورأسه، وإلقائه الألواح، وقد تسرع ههنا في قوله: {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي} ]الكهف: 76[. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: " رحمة الله علينا وعلى موسى لو لبث مع صاحبه لأبصر العجب "[1]. فأين هذا من أوامر الصوفية الصريحة بعدم الاعتراض على الشيخ مهما ارتكب من المحرمات الظاهرة، فإن مجرد الاعتراض على الشيخ موجب عندهم للمقت والطرد من رحمة الله وسلب المال، والسقوط في امتحان الشيخ كما يلفقون. واسمع ما يقولونه في وجوب طاعة المريد للشيخ طاعة عمياء: قالوا: (فصل) في آداب المريد مع شيخه وهي كثيرة جداً... (منها) أن يكون مستسلماً منقاداً راضياً بتصرفات الشيخ يخدمه بالمال والبدن. (ومنها) أن لا يعترض عليه فيما فعله ولو كان ظاهره حراماً، ولا يقول لشيخه: لِمَ فَعلت كذا، لأن من قال لشيخه: لِمَ ؟ لم يفلح أبداً...وفي هذا المعنى قال بعضهم[2]: وكن عنده كالميت عند مغسل يقلبه ما شاء وهو مطاوع ولا تعترض فيما جهلت من أمره عليه فإن الاعتراض تنازع وسلم له فيما تراه ولو يكن على غير مشروع فثم مخادع فتبين بذلك حقيقة مرادهم من قصة موسى والخضر عليهما السلام، وهو إتيان المنكرات والمحرمات وإطلاق العنان لشهواتهم من غير إنكار يقض مضاجعهم ويؤرق جفونهم، مع أن موسى عليه السلام لم يترك الإنكار على الخضر - عليه السلام - ولا مرة واحدة. الوجه السابع: أن إنكار موسى عليه السلام يستدل منه على أن الفطر السليمة- الخالصة من شوائب العبودية والتقديس لغير الحق الذي أنزله الله-لابد وأن تنكر المنكر، وكل الناس مأمورون بذلك عملاً بقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ]آل عمران: 110[، ولم يُستثن من هذه الآية شيخ ولا ولي بل ولا صحابي أو تابعي، وقد كان الصحابة ينكرون على من خالف منهم في شيء ما فإذا كان ذلك يقع بين الصحابة - وهم أفضل أولياء الله على الإطلاق - فما بالك بأولياء الصوفية إن كانوا أولياء لله حقاً ؟!!! ثم إن الله أمرنا أن ننكر المنكر في حين أنه لم يؤتنا علم الغيب الذي يمكن معه معرفة حقيقة مراد الشيخ الصوفي بالمنكر الذي يزعم أنه يبدوا منكراً في ظاهره. ثم إن الله لم يكلفنا أن ننظر إلى بواطن ونيات وقلوب أصحاب العمل المخالف في الظاهر، ولم يجعل فينا خاصية ذلك لأنه لا يعلم ما في القلوب إلا ربها، وحتى هذا الأصل يخالفنا فيه الصوفية، ولذلك فقد انزل علينا كتاباً وسنة يعتبران دائماً الأصل الذي نتحاكم إليه ومن مقتضى هذا الأصل نحكم على الأعمال إن كانت صالحة أو طالحة، وقد لعن بنو إسرائيل بسبب تركهم هذا الأصل العظيم، والذي يحفظ الدين من فساد المفسدين وضلال المضلين وبدع المبتدعين الذين يأخذون ما تشابه من قصة موسى والخضر عليهما السلام ويتركون المحكم من الآيات والأحاديث الدالة على حِل الطيبات وتحريم الخبائث. وعلامة ضلالهم أنهم لا يحثون الناس على العمل بهذا الأصل ولا يذكرونهم بقوله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، وإنما يحذرونهم من الإنكار مستدلين بقصة موسى والخضر عليهما السلام التي لا تشهد إلا ضدهم، وبالحديث القدسي: " من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب " لكن الحديث لم يعنهم بذلك لأن أولياء الله ليسوا مخرفة ولا مبتدعة، فلا يرقصون عند السماع ولا يجعلون دعاءهم مكاءً وتصدية، ولا ينشرون الوثنية وتقديس الأموات والدجل بين العوام. الوجه الثامن: أن فهم المتصوفة للقصة فهم شاذ،وتأسيهم بها شاذ أيضاً فالصحابة[3] والتابعون وتابعو التابعين لم يفهموا منها هذا الفهم، ولم يبنوا عليها منهجاً يرتب على أساسها العلاقة بين المريد والشيخ، ولايعقل أن يكون المتصوفة قد انفتح عليهم من فهم هذه الآية ما أخفي على أولئك الأفاضل- ولا أفاضل الأئمة- ما حدث بين موسى والخضر عليهما السلام - حتى جاء الصوفية وتذرعوا بتلك القصة تلبيساً منهم على عوام الخلق مستحدثين بدعاً من العلوم "العلم اللدني" مستدلين بقول الله عن الخضر عليه السلام:{وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً} ]الكهف: 65[ وعلى فرض أنه يوجد في شرائع من قلنا بما يسمى"العلم اللدني" فإن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ختمت كل الشرائع والعلوم بما فيها "اللدني وغير اللدني". وما هذا العلم اللدني الذي يتباهى به الصوفية إلا شريعة أخرى مناهضة لما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم لأن ما يأتون به من مخالفات إذا أنكره أحد قالوا هذا من العلم اللدني وأنت محق في إنكارك لأنك لم تترق إلى منزلة هذا العلم، وعلمهم هذا لدني- كما أسلفت- لكنه ليس من لدن الله وإنما من لدن شياطينهم، كما قال تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} ]الأنعام: 121[. الوجه التاسع: إذا كان الخضر عليه السلام قال لموسى عليه السلام: يا موسى، إني على علم من علم الله علمنيه الله لا تعلمه - وإذا كان هذا خروجاً من الخضر عن شريعة موسى في هذا الباب- فإن ذلك لا يجوز قوله في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم التي قال الله فيها: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ]لمائدة: 3[، فما خرج الخضر عن شريعة موسى في هذا الباب إلا لشرع آخر من الله أمره به، أما شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فإنها باقية إلى قيام الساعة، ولايستدل أو يستغنى عنها بشيء آخر البتة، ولا يجوز أن يقول قائل: أنا على علم من الله لم يؤتاه محمد صلى الله عليه وسلم ولذا فإن الكل ملزمون باتباعها ظاهراً وباطناً ولا حجة لمن خالفها، ولو أحيا الله الأنبياء جميعاً ما وسعهم إلا أن يتبعوها، إذ ما نزل عليه صلى الله عليه وسلم هو المصدر الوحيد الذي يجب أن يكون مشكاةً للمسلمين كلهم لا يستثنى منهم أحد في الخروج عنه، وقد قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ]آل عمران: 85[. فذلك تأكيد من الله على عدم حصول وحي منه على أحد غير النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في الوقت نفسه يفيد تحريم أخذ شيء من الأمور التعبدية عن غير هذا الطريق). انتهى كلام الشيخ عبدالرحمن دمشقية جزاه الله خيراً . [1]"تفسير الطبري"(15/186) "فتح الباري" (8/424) [2] "تنويرالقلوب في معاملة علام الغيوب"(48) للشيخ محمد أمين الكردي النقشبندي. [3] جاء في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: " إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرا، أمناه، وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه، ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة " هذه الإضافة من ناسخ الموضوع أبو معاذ السلفي. لتحميل الموضوع منسقاً على برنامج الوورد إليكم الرابط المباشر التالي: http://www.soufia-h.org/up/uploads/13218508631.rar
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#294
| ||
| ||
هل أجاز شيخُ الإسلام الاحتفالَ بالمَوْلِد؟ الكاتب: مُحمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ المَقْدِي الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمدٍ رحمةِ الله للعالمين، وعلى آله وصحبه وتابعيه بإحسانٍ، إلى يوم الدِّين. فقد أَمَرَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ عباده المؤمنين بأن يردُّوا كُلَّ تنازع في أُصُولِ الدِّينِ، وَفُرُوعِهِ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وذلك في قوله سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [سورة النساء: 59]. والكتابُ والسُّنة هما مصدرا الشريعة الإسلامية وفيهما ينحصر (النص الشرعي)[1]. ومعلومٌ أن فهم الكتاب والسنة وما تفرَّع عنهما من أحكامٍ ليس متيسِّرًا لكل أحدٍ رغم حاجة المسلمين جميعًا إلى تصحيح معتقداتهم وعباداتهم ومعاملاتهم؛ ولذلك فقد امتنَّ الله عزَّ وجلَّ على هذه الأمة بعلماء وفقهاء من الصحابة والتابعين وممن جاء بعدهم، بذلوا أعمارهم في فهم الكتاب والسنة وبيانهما. ومع تطاول الأمد وتفشي العصبيات المذهبية والتحزُّب الممقوت، بدأ الناس يبتعدون شيئًا فشيئًا عن نصوص الوحيَيْن من الكتاب والسنة، ويتعلَّقون بآراء العلماء والفقهاء وتحريراتهم في المسائل المختلفة، وهذا مخالف للأصل الذي ينبغي أن يتمسَّك به أهلُ الحق وهو التعلق بالنص الشرعي من الكتاب وصحيح السنة الذي هو حجة في ذاته بينما قول العالم تعوزه الحجةُ والدليل. وليس في ذلك انتقاصٌ من شأن العالم، بل نقطع بأَنَّهُ "لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ - الْمَقْبُولِينَ عِنْدَ الْأُمَّةِ قَبُولًا عَامًّا- يَتَعَمَّدُ مُخَالَفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ سُنَّتِهِ؛ دَقِيقٍ وَلَا جَلِيلٍ"[2]، فضلاً عن أن يَقْصِد إلى مخالفة كتاب الله عز وجل، وحاشاهم -رضي الله عنهم وغفر لهم-. ولا شكَّ أنَّ "علماء الدِّين كلَّهم مجمعون على قَصْدِ إظهار الحقِّ الذي بعَث اللهُ به رسولَه صلى الله عليه وسلم، ولِأنْ يكون الدِّين كلُّه لله وأن تكون كلمتُه هي العليا، وكلُّهم معترفون بأن الإحاطةَ بالعِلم كلِّه من غير شذوذ شيءٍ منه ليس هو مرتبةَ أحدٍ منهم ولا ادَّعاه أحدٌ من المتقدِّمين ولا مِن المتأخِّرين؛ فلهذا كان أئمةُ السَّلَفِ الْمُجمَع على علمهم وفضلهم يَقبَلون الحقَّ مِمَّن أورده عليهم وإن كان صغيراً ويوصُون أصحابهم وأتباعهم بقَبُول الحقِّ إذا ظهر في غير قولهم"[3]. ولا يَخفَى أن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم أوسعُ هذه الأمة عِلمًا وأشدُّهم اتباعًا لأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله يقول ابن مسعود – رضي الله عنه -:"كَانُوا أَبَرَّ هَذِهِ الأُمَّةِ قُلُوبًا وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا وَأَقْوَمَهَا هَدْيًا وَأَحْسَنَهَا حَالا، قَوْمٌ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاعْرِفُوا لَهُمْ فَضْلَهُمْ وَاتَّبِعُوهُمْ فِي آثَارِهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ"[4]. ومع هذه المكانة الرفيعة والعلم الراسخ والاتِّباع الحَسَن إلا أنه قد يقع من أحدهم خطأ في العلم أو العمل فمتى استبان له ذلك الخطأ رجَع؛ يقول ابْن تَيْمِيَّةَ عن عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رضي الله عنه: "... يَرْجِعُ عَنْ أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ فِي خِلَافِ مَا قَالَ، وَيَسْأَلُ الصَّحَابَةَ عَنْ بَعْضِ السُّنَّةِ حَتَّى يَسْتَفِيدَهَا مِنْهُمْ "[5]. ومن ذلك رجوعُ أُبي بن كعب عن القول بعدم الغسل عند التقاء الخِتانيْن، ورجوعُ عُمَرَ عن القول بعدم جواز التيمُّمِ للجُنُب، ورجوعُ ابنِ عمر عن القول بوجوب الزكاة للوُلاة، ورجوعُ أبي هريرةَ عن القولِ بألا صيامَ لِمَنْ أصبح جُنُبا، ورجوعُ ابن عبَّاسٍ عن قوله بإباحة ربا الفضل، ورجوعُ عُثمان عن قوله بأن الْمُعتدَّة بالوفاة تعتدُّ حيث شاءتْ، ورجوعُ أبي موسى عن قوله في رَضاع الكبير[6]. فهذه المسائلُ ومِثلُها كثيرٌ تُظهِرُ رَحَابةَ المعترَكِ الفكريِّ وأنَّ الصحابة كانوا يتناصحُون في المسائل الشرعية بُغيةَ اجتماعِ القلوب على الحق، "وَقَدْ كَانَ الْعُلَمَاءُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إذَا تَنَازَعُوا فِي الْأَمْرِ اتَّبَعُوا أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [سورة النساء: 59] وَكَانُوا يَتَنَاظَرُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ مُنَاظَرَةَ مُشَاوَرَةٍ وَمُنَاصَحَةٍ وَرُبَّمَا اخْتَلَفَ قَوْلُهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ مَعَ بَقَاءِ الْأُلْفَةِ وَالْعِصْمَةِ وَأُخُوَّةِ الدِّينِ"[7]. ومع إقبالِ شهر ربيعٍ الأول من كلِّ عامٍ، تطفو على السطح قضية الاحتفال بذكرى المولد النبوي، وهي من جملة ما أحدثه الناس من البدع المنكرة المردودة؛ فهي بدعة مُحدَثة في الدين اكتمل أركان الابتداع فيها من إحداث قربة لم يشرعها الله ولا رسوله، وتخصيص يوم لإقامتها، وبها نوعُ مُشابَهةٍ للمشركين ولتفصيل هذه الجمل أقول: أما الإِحْداثُ: فاعتبارُ زمنٍ من الأزمان شعيرةً دينيةً ينتدب الناس فيه للتقرب إلى الله إيجابا أو استحبابا بدون بيِّنةٍ شرعية، فهو إحداثٌ محرَّمٌ؛ يقول الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21]. ومعلوم أن "الرسولَ صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا غيرُهم من الصحابة ـ رضوان الله على الجميع ـ ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة، وهم أعلم الناس بالسنة، وأكمل حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعةً لشرعه ممن بعدهم. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ)[8]، أي: مردود عليه، وقال في حديث آخر: (عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ)([9])"[10]). وأولُ مَن أحدث الاحتفالَ بالمولد النبوي هم بنو عبيد القداح (العُبيديون)، الذين يُسمُّون أنفسهم بالفاطميين[11]. وذلك في المائة الرابعة من الهجرة؛ حيث كان دخول العُبيديين مصر سنة 362هـ. قال المقريزي: "وكان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعيادٌ ومواسم، وهي: موسم رأس السنة، وموسم أوّل العام، ويوم عاشوراء، ومولد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم"[12]. فيظَهَر بهذا أنها حدثت في عصر الدولة العُبيدية، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»[13]. والمولد النبوي بدعة عند مَن يقول بجوازه، بَلْهَ مَن يمنعه: قال ابنُ الحاج: "وَمِنْ جُمْلَةِ مَا أَحْدَثُوهُ مِنْ الْبِدَعِ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَكْبَرِ الْعِبَادَاتِ وَإِظْهَارِ الشَّعَائِرِ مَا يَفْعَلُونَهُ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ مَوْلِدٍ وَقَدْ احْتَوَى عَلَى بِدَعٍ وَمُحَرَّمَاتٍ جُمْلَةٍ"[14]. وقال أبو شامة - رحمه الله -: (ومِن.. ما ابتُدع في زماننا من هذا القبيل: ما كان يُفعل بمدينة إربل -جبرها الله تعالى- كلَّ عام في اليوم الموافق ليوم مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصدقات والمعروف، وإظهار الزينة والسرور... الخ)[15]. وذكر ابنُ النحاس مِن جملة ما ابتُدع في المواسم والأعياد: "عمل المولد في شهر ربيع الأول"[16]. أمَّا التَّخصيصُ: فقد خصَّصوا له اليومَ الثانيَ عشرَ من ربيعٍ، والشريعةُ قد نَهَتْ عن تخصيص يوم بتقرُّبٍ إلا ما خصَّته الشريعةُ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ»[17]. فـ "المفسدة تنشأ من تخصيص ما لا خصيصة له، كما أشعر به لفظُ الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن نفس الفعل المنهي عنه، أو المأمور به، قد يشتمل على حكمة الأمر أو النهي، كما في قوله: «خَالِفُوا المُشْرِكِينَ»[18]. فلفظ النهي عن الاختصاص لوقت بصوم أو صلاة يقتضي أن الفساد ناشئ من جهة الاختصاص" [19]. أما التشبُّهُ:فقد قال صلى الله عليه وسلم: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ»، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى قَالَ: «فَمَنْ»[20]. فالاحتفالُ بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، فيه تشبُّه بالاحتفال بميلاد المسيح عيسى بنِ مريمَ عليه السلام، "ويقيمه المبتدعة على اعتبار أن محمدًا صلى الله عليه وسلم أجدرُ وأولى بالتكريم من عيسى -عليه السلام-، وفيه تُنشَدُ القصائدُ في مَدْحِ النبي صلى الله عليه وسلم وإطرائه، مع ورود نهيه بقوله: «لاَ تُطْرُونِي، كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ»[21]، فجَمَعوا بين سيئتين: التشبه بالكفار والتشبه في الإطراء [22]. فعُلم بهذا أن المولد النبوي من جملة البدع المردودة، ولأن البدعة ليست على حدٍّ سواءٍ مِن حيث الردِّ؛ فقد قسم العلماءُ البدعةَ إلى حقيقيَّةٍ وإضافيَّةٍ: فالحقيقية هي"الَّتِي لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ لا مِنْ كِتَابٍ، وَلا سُنَّةٍ، وَلا إِجماع، وَلا قِيَاسٍ، وَلا اسْتِدْلالٍ مُعْتَبَرٍ عِنْدَ أَهل الْعِلْمِ، لا فِي الْجُمْلَةِ، وَلا فِي التَّفْصِيلِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ بِدْعَةً؛ لأَنها شيءٌ مُخْتَرَعٌ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ"[23]. أما الإضافية فهي "الَّتِي لَهَا شَائِبَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: لَهَا مِنَ الْأَدِلَّةِ مُتعلَّق، فَلَا تَكُونُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ بِدْعَةً. وَالْأُخْرَى: لَيْسَ لَهَا مُتعلَّق إِلَّا مِثْلَ مَا للبدعة الحقيقية... أَيْ أَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى إِحْدَى الْجِهَتَيْنِ سُنَّة لِأَنَّهَا مُسْتَنِدَةٌ إِلَى دَلِيلٍ، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجِهَةِ الأُخرى بِدْعَةٌ لِأَنَّهَا مُسْتَنِدَةٌ إِلَى شُبْهَةٍ لَا إِلَى دَلِيلٍ، أَوْ غَيْرِ مُسْتَنِدَةٍ إِلَى شَيْءٍ". وهذا التقسيم[24] ينتج من النظر إلى البدعة، وعلاقتها بالدليل الشرعي من جهة، ثم علاقتها بالعمل من حيث الالتصاق والانفراد من جهة أخرى. فالحقيقية لا تستند إلى دليل معتبر، ولا إلى شبه دليل، لا في الجملة ولا في التفصيل. وأما الإضافية فلها نوعُ تعلُّقٍ بالدليل الشرعي. والحقيقية قد تنفرد عن العمل المشروع وقد تتصل به. وأما الإضافية فملتصقة بالعمل المشروع، ومتداخلة معه في غالب أحوالها. والبدعة الإضافية إذا التصقت بالعمل المشروع حتى أصبحت وصفاً له غير منفك عنه, فهذه تنتقل إلى بدعة حقيقية؛ذلك أن البدعة التي صارت وصفاً للمشروع بسبب التصاقها به, تكون قد أدت إلى انقلاب العمل المشروع إلى عمل غير مشروع, ويبين ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»[25]. فمشروعٌ محبةُ النبي-صلى الله عليه وسلم- وذكر سيرته وصفاته وأحواله، ولكنها لما اختلطت بالأعمال المبتدعة كاتخاذ يوم مولده عيداً، وتخصيصه بنوع من الذكر المبتدع، والدعاء المحدث، وغير ذلك من البدع.. وصارت هذه البدع أوصافاً ملازمة للعمل المشروع، وطاغية عليه، أصبحت هذه البدعة حقيقية. فالعبادات تكون خارجة عن أمر الشارع من ثلاثة أوجه؛ لكل وجهٍ منها حكمٌ يخُصُّه: الوجه الأول: أن تنفرد العبادة عن العمل المشروع فهي بدعة حقيقية مردودة. الوجه الثاني: أن تلتصق البدعة بالعمل المشروع وتصير وصفا له غير منفك عنه كبدعة المولد وهذه تكون في أصلها بدعة إضافية، ولكنها انقلبت إلى بدعة حقيقية؛ لأنها صارت علما على البدعة. الوجه الثالث: أن تلتصق العبادة بالعمل المشروع ولا تصير وصفا ملازما له كالجهر بالنية في الصلاة، وهذه بدعة إضافية يقبل من العبادة المشروع ويرد المبتدع. فإذا تبين ذلك؛ فلا يحِلُّ تحت وطأةِ ضغطِ الواقع وكثرة التلبيس والتشغيب على هذا الحكم البيِّن افتراضُ مقدِّمات وشرائط تُوهِن من بيانه، أو اقتراض ألفاظٍ مشتبهة تُوهن من ضرورة الجزم في رَدِّ المبتدعات، أو اتخاذ أسلوب الملاينة المجوِّز للبدعة بحُجَجٍ ليست شرعية، لاسيما وأن هذه البدعة استُطير شَرَرُها وصارت عَلَمًا على الفعل المبتدع؛ فتُعطل لأجلها الأعمال، ويُجاهَر بها، ويُفعل فيها مالا يُفعل في الأعياد الشرعية؛ فوجب "رَفْعُ الِالْتِبَاسِ النَّاشِئِ بَيْنَ السُّنَنِ وَالْبِدَعِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَثُرَتِ الْبِدَعُ، وَعَمَّ ضَرَرُهَا، وَاسْتَطَارَ شَرَرُهَا، وَدَامَ الْإِكْبَابُ عَلَى الْعَمَلِ بِهَا، وَالسُّكُوتُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنِ الْإِنْكَارِ لَهَا، وَخَلَفَتْ بَعْدَهُمْ خُلُوفٌ جَهِلُوا أَوْ غَفَلُوا عَنِ الْقِيَامِ بِفَرْضِ الْقِيَامِ فِيهَا، صَارَتْ كَأَنَّهَا سُنَنٌ مُقَرَّرَاتٌ، وَشَرَائِعُ مِنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ مُحَرَّرَاتٌ، فَاخْتَلَطَ الْمَشْرُوعُ بِغَيْرِهِ، فَعَادَ الرَّاجِعُ إِلَى مَحْضِ السُّنَّةِ كَالْخَارِجِ عَنْهَا[26]. وبعد هذه المعاني الهامة في بيان هذه البدعة ننظر في كلام ابْن تَيْمِيَّةَ -رحمه الله- في مسألتين: 1- سَوْقُ كلام ابْن تَيْمِيَّةَ – رحمه الله – الدال على بِدْعيَّةِ المولد. 2- قراءة نصوص مشتبهة لابْن تَيْمِيَّةَ – رحمه الله –. يقول - رحمه الله -: عن اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدًا مع اختلاف الناس في مولده: "فإن هذا لم يفعله السَّلَفُ، مع قيام المقتضي له وعدم المانع منه لو كان خيرًا. ولو كان هذا خيرًا محضا، أو راجحًا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له منا، وهم على الخير أحرص. وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره، وإحياء سنته باطنًا وظاهرًا، ونشر ما بعث به، والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان. فإن هذه طريقة السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان"[27]. ويقول: "وَأَمَّا اتِّخَاذُ مَوْسِمٍ غَيْرِ الْمَوَاسِمِ الشَّرْعِيَّةِ كَبَعْضِ لَيَالِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ الَّتِي يُقَالُ إنَّهَا لَيْلَةُ الْمَوْلِدِ، أَوْ بَعْضُ لَيَالِي رَجَبٍ، أَوْ ثَامِنَ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ، أَوْ أَوَّلُ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ، أَوْ ثَامِنُ شَوَّالٍ الَّذِي يُسَمِّيه الْجُهَّالُ " عِيدُ الْأَبْرَارِ "، فَإِنَّهَا مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَسْتَحِبَّهَا السَّلَفُ وَلَمْ يَفْعَلُوهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ"[28]. ويتضح هنا بجلاء موقفُ ابْن تَيْمِيَّةَ – رحمه الله- من الاحتفال بذكرى المولد، فهو لم يفعله السلف؛ إذ هو من المواسم البدعية. وبرغم هذا البيان، إلا أن بعض ذوي الأهواء تلقَّف بعضَ النصوص المشتبهة الواردة عن شيخ الإسلام وأراد أن يروِّجَ لبدعة المولد بزعمه أن شيخ الإسلام أجاز الاحتفال به، وهي دعوى ليست دقيقة ولا صائبة كما سيأتي إن شاء الله. ... يتع إن شاء الله
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#295
| ||
| ||
النصوص التي يستدل بها هؤلاء من كلام شيخ الإسلام:
فهذه ثلاثةُ مواطن من كلام شيخ الإسلام يتعلَّق بها أهلُ الأهواء لترويج بدعتهم والتلبيس على الناس بأن ابْن تَيْمِيَّةَ يقول بجواز الاحتفال بالمولد وبأن فاعلَه مأجورٌ؛ لما له من حُسْنِ القصد والاجتهاد. ولمناقشة هذه النصوص المشتبهة،نقول ابتداءً: إن كلام شيخ الإسلام بشأن إثابة الواقع في الاحتفال بذكرى المولد النبوي لا يدل على مشروعية هذا الاحتفال؛ إذ قد صرَّح بأنه "قد يفعل الرجل العمل الذي يعتقده صالحًا، ولا يكون عالمًا أنه منهي عنه، فيثاب على حسن قصده، ويُعفى عنه لعدم علمه. وهذا باب واسع. وعامة العبادات المبتدعة المنهي عنها، قد يفعلها بعض الناس، ويحل له بها نوع من الفائدة، وذلك لا يدل على أنها مشروعة بل لو لم تكن مفسدتها أغلب من مصلحتها لما نهي عنها. ثم الفاعل قد يكون متأولا، أو مخطئا مجتهدا أو مقلدا، فيغفر له خطؤه ويثاب على ما فعله من الخير المشروع المقرون بغير المشروع، كالمجتهد المخطئ"[33]. كما صرَّح[34] في كلامه على مراتب الأعمال بأن العمل الذي يرجع صلاحه لمجرد حسن القصد ليس طريقةَ السلف الصالح، وإنما ابتُلى به كثيرٌ من المتأخِّرين، وأما السلف الصالح فاعتناؤهم بالعمل الصالح المشروع الذي لا كراهة فيه بوجه من الوجوه، وهو العمل الذي تشهد له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "وهذا هو الذي يجب تعلمه وتعليمه، والأمر به على حسب مقتضى الشريعة من إيجاب واستحباب"[35]، أضف إلى هذا أن نفس كلام شيخ الإسلام: "فتعظيم المولد واتخاذه موسماً قد يفعله بعض الناس ويكون له أجر عظيم لحسن قصده..."، إنما ذكره بصدد الكلام على عدم محاولة إنكار المنكر الذي يترتب عليه ما هو أنكر منه، يعني أن حسن نية هذا الشخص ـ ولو كان عملُه غيرَ مشروع ـ خيرٌ من إعراضه عن الدين بالكلية وقال شيخ الإسلام أيضًا: "من كان له نيةٌ صالحة أثيب على نيته، وإن كان الفعل الذي فعله ليس بمشروع، إذا لم يتعمد مخالفة الشرع"[36]. فكلامُ شيخ الإسلام هنا لا يدل بحالٍ على تجويز بدعة الاحتفال بالمولد النبوي. والمُستدِلُّ بكلام شيخ الإسلام يُجاب عليه من وجهيْن: الأول: أنَّ كلام شيخ الإسلام ابْن تَيْمِيَّةَ إنما هو في حقِّ مَن فعله جاهلاً، قال الشيخ عبد العزيز بن باز: "والشيخ تقي الدِّين أحمد بن تيمية رحمه الله ممن يُنكِرُ ذلك (الاحتفال بذكرى المولد النبوي) ويرى أنه بدعة. ولكنه في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) ذكر في حق مَن فعله جاهلاً، ولا ينبغي لأحدٍ أن يغترَّ بمن فعله من الناس أو حبَّذ فعله أو دعا إليه...؛ لأن الحجة ليست في أقوال الرجال وإنما الحجة فيما قال الله سبحانه أو قاله رسولُه صلى الله عليه وسلم أو أجمع عليه سلف الأمة"[37]. الثاني: أن كلام الشيخ -رحمه الله تعالى- في هذه الجمل الثلاث مُفسَّرٌ بكلامه الذي مرَّ بنا قريبًا وبغيره مما قرَّره في كتبه المختلفة من أن "سائر الأعياد والمواسم المبتدعة من المنكرات المكروهات سواء بلغت الكراهة التحريم أو لم تبلغه"[38]. وبقوله أيضًا: إن "ما أحدث من المواسم والأعياد فهو منكر وإن لم يكن فيه مشابهة لأهل الكتاب" [39]. وبقوله أيضًا: إن "من ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله أو أوجبه بقوله أو فعله من غير أن يشرعه الله فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله، ومن اتبعه في ذلك فقد اتخذه شريكًا لله شرع له من الدين ما لم يأذن به الله"([40]، وبقوله: "إن من أطاع أحدًا في دين لم يأذن به الله من تحليل أو تحريم أو استحباب أو إيجاب فقد لحقه من الذم نصيب" [41]. ومَن تأمل هذه الجمل من كلام شيخ الإسلام أبي العباس، رحمه الله تعالى، وجد أنَّ فيها تفسيرًا لما جاءَ في كلامه من رجاء المثوبة والأجر العظيم للذين يتخذون المولد عيدًا ويعظِّمونه. وكيف تُرجى المثوبة والأجر العظيم للذين لم يحقِّقوا شهادة أن محمدًا رسول الله وكان عملُهم مخالفًا لهَدْي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه الصحابة والتابعون وتابعوهم بإحسان، هذا بعيد جدًا والله أعلم [42]. وأنبِّه هنا إلى أن دِينَ الاسلام يقوم على أصليْن عظيميْن: الأول: أن يكونَ العملُ خالِصًا لله تعالى. الثاني: موافقة الشرع بمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]. يقول ابنُ قيِّم الجوزيَّة -رحمه الله -: "هذا هو العمل المقبول، الذي لا يَقبلُ اللهُ من الأعمال سواه، وهو أن يكون موافقًا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مُرادًا به وجهُ الله" [43]. ويقول ابنُ كثير – رحمه الله – في تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} [هود: 7]: "وقوله: {لِيَبْلُوكُمْ} أي: ليختبركم {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} ولم يقل: أكثر عملاً بل {أَحْسَنُ عَمَلا}، ولا يكون العمل حسنًا حتى يكون خالصا لله عز وجل، على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمتى فقد العمل واحدا من هذيْن الشرطين بطل وحبط" [44]. وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»[45]. وقال شيخ الاسلام ابْن تَيْمِيَّةَ – رحمه الله -:"وَدِينُ الْإِسْلَامِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ: أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنْ نَعْبُدَهُ بِمَا شَرَعَهُ مِنْ الدِّينِ" [46]. وهذان الشرطان هما عِماد الاعتصام بالكتاب وعليهما مدار الاستمساك بالعُروة الوُثقى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [لقمان: 22]. يقول شيخ الإسلام ابْنُ تَيْمِيَّةَ: "معارضة أقوال الأنبياء بآراء الرجال، وتقديم ذلك عليها، هو مِن فعل المكذِّبين للرُّسل، بل هو جِماعُ كلِّ كُفرٍ؛ فإن الله أرسل رسله، وأنزل كتبه، وبيَّن أن المتبعين لما أنزل هم أهل الهُدى والفلاح، والمعرِضين عن ذلك هم أهل الشقاء والضلال" [47]. والحمدُ لله ربِّ العالمين. [1] انظر: شرح القواعد الفقهية، أحمد بن الشيخ محمد الزرقا، ص 147، دار القلم – دمشق، طـ الثانية (1409هـ - 1989م). [2] رفع الملام عن الأئمة الأعلام لشيخ الإسلام ابْن تَيْمِيَّةَ (ص: 8)، طـ الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد- الرياض (1403 هـ - 1983 م). [3] الفرق بين النصيحة والتعيير لابن رجب الحنبلي (ص: 8)، الناشر: دار عمار، عمان، طـ الثانية (1409 هـ - 1988م). [4] أخرجه ابنُ عبد البر في "جامع بيان العلم" (2 / 946، 947)، طـ دار ابن الجوزي- السعودية (الأولى، 1414 هـ - 1994 م)، وذكره القرطبي في تفسيره (1/60)، ورَوَى نحوه أبو نعيم في "الحلية" (1/305) من قول ابنِ عمر رضي الله عنهما، ويُعزى أيضًا إلى الحسن البصري كما هو في "الشريعة" للآجُرِّيِّ (4/ 1685) و(5/ 2494)، طـ دار الوطن – الرياض (الثانية، 1420 هـ - 1999 م). [5] مجموع الفتاوى (35/ 123). [6] انظر حكاية هذه الأقوال ودراستها في كتاب: "المسائل التي حُكي فيها رجوع الصحابة " تأليف د. خالد البابطين. [7] مجموع الفتاوى (24/ 172). [8] متفق عليه: أخرجه البخاري (2697)، ومسلم (1718)، وفي رواية لمسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيهِ أمرُنا فَهُوَ رَدٌّ». قال النووي في شرح صحيح مسلم 12/16 (1718): "وَهَذَا الْحَدِيثُ قَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ مِنْ جَوَامِعِ كَلِمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي رَدِّ كُلِّ الْبِدَعِ وَالْمُخْتَرَعَاتِ". [9] أخرجه أحمد (17144) و(17145) طـ الرسالة، وأبو داود (4607)، وابن ماجه (43)، والترمذي (2676). وصححه شعيب الأرنؤوط في تخريج المسند والألباني في السلسلة الصحيحة (2735). [10] انظر: رسالة "حكم الاحتفال بالمولد النبوي" للشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-. [11] وصفهم شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (35/ 127) بأنهم "مِنْ أَفْسَقِ النَّاسِ، وَمِنْ أَكْفَرِ النَّاسِ...وَمِنْ الْمَعْلُومِ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ أَنَّ مَنْ شَهِدَ لَهُمْ بِالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى أَوْ بِصِحَّةِ النَّسَبِ فَقَدْ شَهِدَ لَهُمْ بِمَا لَا يَعْلَمُ". وقال أيضًا (35/ 131): "بَلْ مَا ظَهَرَ عَنْهُمْ مِنْ الزَّنْدَقَةِ وَالنِّفَاقِ وَمُعَادَاةِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِ نَسَبِهِمْ الْفَاطِمِيِّ؛ فَإِنَّ مَنْ يَكُونُ مِنْ أَقَارِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَائِمَيْنِ بِالْخِلَافَةِ فِي أُمَّتِهِ لَا تَكُونُ مُعَادَاتُهُ لِدِينِهِ كَمُعَادَاةِ هَؤُلَاءِ". [12] المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (2/ 436)، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1418 هـ. [13] متفق عليه: أخرجه البخاري (2697)، ومسلم (1718)، وفي رواية لمسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيهِ أمرُنا فَهُوَ رَدٌّ». قال النووي في شرح صحيح مسلم 12/16 (1718): "وَهَذَا الْحَدِيثُ قَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ مِنْ جَوَامِعِ كَلِمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي رَدِّ كُلِّ الْبِدَعِ وَالْمُخْتَرَعَاتِ". [14] المدخل (2/ 2)، دار التراث. [15] الباعث على إنكار البدع والحوادث (ص: 23)، طـ دار الهدى- القاهرة (الأولى، 1398 – 1978). [16] تنبيه الغافلين (ص: 331). [17] أخرجه مسلم (1144)، والنسائي في "الكبرى" (2751) و (2755)، وابن خزيمة (1176)، وابن حبان (3612) و (3613). [18] رواه البخاري (5892)، ومسلم (259). [19] اقتضاء الصراط المستقيم، تحقيق العقل (2/ 112) بتصرُّف يسير. [20] صحيح البخاري (3456). [21] صحيح البخاري (3445). [22] انظر: "الرد القوي على الرفاعي والمجهول وابن علوي" للشيخ حمود التويجري (ص: 87)، بتصرُّف يسير. [23] الاعتصام للشاطبي (1/ 367)، دار ابن عفان- السعودية، الطبعة: الأولى (1412هـ - 1992م)، بتحقيق: سليم بن عيد الهلالي. [24] حقيقة البدعة وأحكامها لسعيد بن ناصر الغامدي (2/ 7-11) بتصرف، مكتبة الرشد- الرياض. [25] صحيح مسلم (1718). [26] الاعتصام للشاطبي، تحقيق الهلالي (1/ 41). [27] اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (2/123، 124)، بتحقيق: ناصر عبد الكريم العقل، دار عالم الكتب- بيروت، الطبعة: السابعة، 1419هـ - 1999م. [28] مجموع الفتاوى (25/ 298). [29] أي: يوم غدير خم. [30] اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (2/ 123). [31] اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (2/ 124). [32] السابق (2/ 126). [33] السابق (2/ 290). [34] يراجع كلام الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله، في ملحق رسالة "حكم المولد والرد على من أجازه". [35] اقتضاء الصراط المستقيم (2/128). [36] السابق (2/ 251). [37] مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز (9/ 211)، أشرف على جمعه وطبعه: محمد بن سعد الشويعر. [38] اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 82). [39] السابق نفسه (2/82). [40] السابق (2/ 84). [41] السابق (2/ 84). [42] ينظر: الرد القـوي على الرفاعي والمجهول وابن علوي للشيخ حمود بن عبدالله التويجري (ص: 225 26)، مطبوع ضمن مجموعة رسائل في حكم الاحتفال بالمولد النبوي، دار العاصمة-السعودية. [43] مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 82)، طـ دار الكتب العلمية – بيروت. [44] تفسير ابن كثير، دار طيبة (4/ 308). [45] متفق عليه: أخرجه البخاري (2697)، ومسلم (1718).. [46] مجموع الفتاوى (1/ 189). [47] درء تعارض العقل والنقل (5/ 204)، الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، طـ الثانية (1411 هـ - 1991 م)، بتحقيق: د. محمد رشاد سالم.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
حوار بين زوجين ليلة زفافهما+حوار مضحك بعد عام من الزواج هع | دكتورة في جامعة الحب | نكت و ضحك و خنبقة | 8 | 08-28-2011 09:45 PM |
حوار بين رجل عنيد وامراة اكثر عنادا حوار شيق والغلبة لمين | ♥ | نكت و ضحك و خنبقة | 7 | 04-28-2011 10:18 PM |
حوار انشودة زواج وعزوبية حوار رائع للمنشدين محمد ابو راتب ويحيى حوا | &&&&&&& | خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية | 0 | 12-25-2010 11:47 PM |
حوار انشودة زواج وعزوبية حوار رائع للمنشدين محمد ابو راتب ويحيى حوا | سارة2030 | خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية | 0 | 12-19-2010 02:34 PM |
حوار هى وهو | على على رمضان | حوارات و نقاشات جاده | 2 | 11-06-2010 08:25 PM |