#381
| ||
| ||
ضحية: هذا يا صاحب السماحة رجاء شاب كان صوفيًّا تجرَّع زعافها شهدًا، وذاق مرّها رحيقًا، ثم تهللت في روحه المظلم إشراقات الهداية القرآنية، فإذا هو يكاد يقضي عجبًا من العجب. رأى الماضي الذي كان فيه ماضي الكفر يغتال مهجة إيمانه، والشرك يعصف بالحشاشة الولهى من توحيده، فيا حرَّ قلباه!! كان الشاب اليتيم الروح ينتظر أن يمشي على الماء، ويطير في الهواء، ويمتزج بالروح الإلهي الأعظم، ويمرق كالشهاب من بين حُجب السويَّة والغيريَّة، ليرى حقيقة الوحدة الوجودية، كما وعدته الصوفية!! فعلام مشيت؟ على الجمر المدمدم من سقر.. وفي أي الأجواء طرت؟ أتذكر يا سيدي قصة المشرك قصَّها الله: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}. [الحج: 31]. لقد كنت أنا يا شيخ الصوفية الأكبر أحد أبطال هذه المأساة الدامية.. وبم امتزجت أنا يا سيدي؟ بالشيطان ينفث في دمي إثمه وغوايته، ويندلع من عيني لهبًا يحرق معاني القداسة، ويتأجج في أعماقي غليلاً يهفو بنفسي إلى كل حمأة دنسة، لا غاية لها سوى التحرّق في جحيم الغواية.. وهل رأيت أنا حقيقة الوحدة الكبرى؟ آه من هذه الأسطورة الساجية الفتون، المكحولة الآثام!! ما هي؟ وعدتني الصوفية أنني سأصير بها إلـهًا فأحقّق هتفة الشاعر المتوهج الغليل: آه يا يوم التلاقي!! ليتني كنت إلـهًا!! لأبحت الناس للناس خدودًا وشفاهًا وأُصبح وأُمسي وأنا الإنسان الإلهي بحقيقته، أو الإله الإنساني في صورته، والذي يصرف الوجود بأقداره ومشيئته، ويدين الكون لنزغاته ونزواته، ويسخَّر الجنّ والريح والعواصف في سبيل شهواته. ولم لا؟ فالصوفية على يد عفيف التلمساني أباحت الأم والأخت. وابن عربي في كتابه «الفصوص» من الفص المحمدي يقول يا سيدي ــ وإني والله لشديد الخجل ــ إن الله ربّه يتجلّى أعظم ما يتجلّى في صورة المرأة، وأن الله ربّه يكون وقت اتّصال الزوجين في مظاهر ثلاثة: فاعل، ومنفعل، ثم فاعل ومنفعل معًا في مجلى واحد.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#382
| ||
| ||
ماذا كان ينبغي: لقد أخرجني قول الحق عن طوري، فذكرت ما فيه خدش لحياء، حتى العجوز الشوهاء. ولكن ليعذرني القرّاء. فإن شيخ الصوفية يشكونا إلى النيابة، لأننا نبصّرهم بما دسَّه اليهود والمجوس في الإسلام، فحسبوه إيمانًا عذريّ الروح، قدسيّ المشاعر. وكان ينبغي للشيخ أن يقصّ لأتباعه تلك الوثنيات التي سجلها الصوفية في كتبهم، ويقرأ معها كتاب الله. فإن رضي أتباعه بما في كتب سادتهم وتركوا القرآن وراءهم ظهريًّا، كان حقًّا مقدسًا على الشيخ أن يخلف مكانه، فارًّا بإيمانه إلى ربه، منيبًا بالهدى إلى ربه، وإلى هدي الرسول صلى الله عليه وسلم. لماذا أكتب للشيخ: وإني لأحسن الظن بالشيخ، فأقول: لعله لم يقرأ كتب أولئك القوم الذين تربع هو على كرسيهم، ولذا أقدّم للشيخ هذه الصور المفجعة مما رسمه زعماء الصوفية بظنونهم وأوهامهم من صور لربهم ــ تعالى جدّ ربنا ــ ولرسولهم ــ وبرَّأ الله رسولنا ــ ولأوليائهم ــ حاشا أولياء الرحمن الذين أثنى عليهم في كتابه من المؤمنين المتقين ــ مطالبًا الشيخ ــ هدانا الله وإياه ــ أن يصرح بما يراه، فإن أنكر بالعزم الشجاع على القائلين بهذه الزّندقات، كنّا أول من يهلّل له، ويهتف باسمه الكريم، وإن سكت عن ذلك، أو لم ينكر عليهم، فسنظلّ يا سيدي نضرب بمعول الحق معبد الطاغوت وهيكل الصنم حتى يخرّ على سدنته وعبَّاده، ولن يخيفنا في سبيل الله تهديد، ولن يروَّعنا وعيد دمَّرينا ــ إذا استطعت ــ يا عواصف الشر الباغية، وتلهبي ــ لتُحرقينا ــ أيتها الأحقاد العاتية. لن نهابك .. فإن حسبنا من الله رحمته الراعية: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}. [التوبة: 129].
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#383
| ||
| ||
الإله عند الصوفية: يدَّعي الصوفية أنهم هم الذين يعرفون الله حق معرفته، ويصِمون سواهم بعمى البصيرة، وفساد الذّوق، وغباء الفكر، وتبلّد الشعور. فما هي معرفة الصوفية بالله؟ وما فهمهم في الله؟ أدعوك بالله يا صاحب السماحة إلى قراءة «فصوص الحكم»، و «عنقاء مغرب»، و «ترجمان الأشواق»، و«مواقع النجوم »، وكلها لابن عربي، وإلى قراءة: «الإنسان الكامل» للجيلي، وإلى «ديوان ابن الفارض» وشرحه للنابلسي، وبخاصة تائيَّته الكبرى وشرحها للقاشاني، وإلى كتاب «الطبقات الكبرى» للشعراني، وكتاب «الإبريز» للدباغ، و«روض القلوب المستطاب» لحسن رضوان، بل حتى إلى مجموع الأوراد التي يتعبد به الصوفية في عصرك. ولماذا أدعوك إلى تلاوة هذه الكتب؟ إنكم يا صاحب السماحة تسمون ابن عربي «الشيخ الأكبر، والكبريت الأحمر» وتسمّون الجيلي «العارف الربانيّ، والمعدن الصمداني» وتسمّون ابن الفارض «سلطان العاشقين» وتسمون الشعراني «الهيكل الصمداني والقطب الرباني». فأنا أدعوك إذن إلى تلاوة كتب يقدسها الصوفية، ويُجِلُّون ــ ولا أقول يعبدون ــ أربابها، فإن كان ما فيها هو دين الصوفية، فلنقرأ معها آية واحدة من القرآن كآية الكرسي وقارن بين ما تلوت من صوفية، وبين ما وعيت من الهداية القرآنية، وسيروعك، بل ربما استفزَّ نقمتك، واستثار لعنتك: أن تجد الصوفية في هذه الكتب يفهمون في ربهم فهمًا شرًّا من فهم النصارى والمجوس في ربهم. وإني لعلى استعداد كبير لملاقاة سماحتكم ومناقشتكم في هذا، فاختر يا سماحة الشيخ أي مكان شئت، حتى ولو قبَّة البدوي. وسأذكر لك هنا بعض نصوص قاطعة الدلالة على حقيقة معتقد الصوفية في ربهم، وسأختار لك يا سيدي أهون ما في هذه الكتب التي تقدسونها، وتجعلون أضرحة أربابها مطافات تستروحون عندها ــ بزعمكم ــ أرواح الله وأنسام الجنة، وتسألون صياخيدها الجلاميد سكينة الروح، وطمأنينة الشعور، وامتزاجكم بحقيقة الذات الإلهية، كما تزعمون.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#384
| ||
| ||
رأي ابن الفارض: سلطان عاشقيكم يا شيخ الصوفية من المؤمنين بأسطورة «الاتحاد» أي امتزاج العبد بربه، وصيرورة المخلوق خالقًا، والعدم الذاتي وجودًا واجبًا، وإليك ما يقوله: جلت في تجليها الوجود لناظري ففي كل مرئيًّ أراها برؤية أي إن حقيقة معبوده بدت له ماثلة في كل عيان، فهو يراها في كل ما تراه عيناه. فما هذه المظاهر المادية إلا أجزاء منثورة من الحقيقة الإلهية، أو هي إذا تجمعت تكون هي الحقيقة الإلهية بذاتها. ويريد ابن الفارض أن يثبت لنا أنه اتحد بربه فيقول: وأشهدت غيبي إذ بدت، فوجدتني هنالك إيَّاها بجلوة خلوتي أي نظر إلى حقيقة نفسه فوجدها هي بذاتها: الحقيقة الإلهية: ففي الصَّحو بعد المحو، لم أكُ غيرها وذاتي بذاتي إذ تحلّت تجلّتِ والصّحو عند الصوفية: هو رجوع العارف إلى الإحساس بعد غيبته بوارد قوي. وهنا يشهد العارف في حال الصّحو أعيان الموجودات على أنها ليست عين ذات إلهه، وإنما هي مظاهر له. أما المحو عند الصوفية: فهو امَّحاء الكثرة والخلقيَّة، وتجلي الوحدة في حقيقتها، وهنا يرى الصوفي في الخلق عين الحق. يرى المربوب عين الرب، يرى العبد نفسه عين الإله. فثمَّت فارق عند الصوفية بين حال الصّحو وحال المحو، ولكن ابن الفارض كان جريئًا كل الجرأة في إباحته سرَّ الصوفية الخفي، وهو إيمانهم بأن لا خالق ولا خلق، بل الكل شيء واحد. فيقول: ففي الصَّحو بعد المحو، لم أكُ غيرها وذاتي بذاتي إذ تحلّت تجلّتِ أي إنّه ليس كمن سبقوه. بل إنّه ليرى نفسه هي حقيقة الذات الإلهية في حال الصّحو، وفي حال المحو. وإليك تسويته بين الذاتين، إذ يقول: «وذاتي بذاتي، إذ تحلّت» فهو يتكبر عن قوله: «وذاتي بذاته» بل أراد أن يتعالى حتى ليجعل ذات ربه هي ذاته، لا العكس. ويقول مستكبرًا متعاليًا، جاعلاً صفات ربه من صفاته: فوصفي، إذ لم تدع باثنين وصفها وهيئتها، إذ واحد نحن هيئتي فإن دُعِيَتْ كنت المجيب، وإن أكن منادًى أجابت من دعاني ولبتِ وصفُه هو وصف ربه، لأنه بذاته هو الرب، فلا فرق ولا سوى. بل اتحدت الإنية والأينيَّة. فإن دُعي ربه أجاب ابن الفارض، لأنه هو الرب. وإن دُعي ابن الفارض أجاب الرب الذي هو ابن الفارض! سبحانك ربنا. ولكن هل تلمح التكبّر على الرب متجسد البغي في قوله: «أجابت من دعاني ولبت» يريد أن يقول: إن الرب حين يُدعى يُجيب عنه ابن الفارض، إمَّا إن دُعي ابن الفارض أجاب الرب ولبَّى!! ألا يريد ابن الفارض إشعارنا أنه هو الأصل، وأن ربه هو الفرع؟ ثم يقول: فقد رُفعت تاءُ المخاطب بيننا وفي رفعِها عن فرقة الفرق رفعتي يعني أنه لا يخاطبه؛ لأن الخطاب يشعر بالإثنينية، إذ يوجد مخاطَب ومخاطِب. فيقال: أنت كذا وأنت كذا.. ولكنه وقد أصبح، وذاته ذات الرب وذات الرب ذاته، فلا يقول: أنت أنت. وإنما يقول: أنا. أنا: لأن أنت صارت أنا. يعني صار الرب عبدًا، والعبد ربًّا، ثم يقول، ليدلل على أنه هو ربه، إذ قد اتحد به: ولا فلكُ إلا من نور باطني به ملك يهدي الهدى بمشيئتي ولا قطر إلا حلّ من فيض ظاهري به قطرة، عنها السحاب سحَتِ ولولاي لم يوجد وجودٌ ولم يكن شهود ولم تُعهد عهودٌ بذمّة فلا حي إلاّ من حياتي حياته وطوع مرادي كل نفس مريدةِ وكل الجهاتِ الستّ نحوي توجَّهت بما ثم من نسك وحج وعمرةِ لها صلواتي بالمقامِ أقيمهما وأشهد فيها أنها لي صلَّتِ كلانا مصلّ واحد ساجد إلى حقيقته بالجمع في كل سجدةِ ولكن كلمة «كلانا» هذه تشعر بأن هناك اثنين. لهذا يستدرك ابن الفارض سريعًا، ليؤكد مرَّة ومرَّة ومليون مرة: أن الذات الإلهية هي بعينها ذوات الخلق. فالكثرة هي بعينها الواحد، وذاته هو قد اتحدت بربه فأصبحا واحدًا فيقول: وما كان لي صلى سواي ولم تكن صلاتي لغيري في أداء كلّ ركعةِ ولست أدري لِمَ يُغرم الصوفية دائمًا بجعلهم حقيقة إلههم تتجلى في الأنوثة الفاتنة!! إن هذا ليدفعنا إلى البحث فيما يكمن من نزوات ملتهبة وراء هذا الشعور. أيحقّ لي القول: أن الصوفية لما يئسوا من المرأة في الواقع نشدوها في الخيال، ثم صور لهم غليل الحرمان أنها هي تلك الذات الإلهية! واسمع لابن الفارض يقول: ففي النشأةِ الأولى تراءت لآدم بمظهر حوَّا قبل حكم النبوَّة وتظهرُ للعشاقِ في كل مظهر من اللبس في أشكالِ حسنٍ بديعةٍ ففي مرَّة لُـبْـنَى وأخرى بُثَينة وآونة تُدعى بعزَّة عزتِ ولن سواها. لا. ولا كنَّ غيرها وما إن لها في حسنها من شريكةِ يعني أن قيسًا ما أحب لبنى في الحقيقة، إذ كانت لبنى هذه هي ذات إله ابن الفارض متجسدة في صورة امرأة معشوقة!! تعاليت يا ربي سبحانك، وكذلك جميل بثينة، وكُثير عزّة. كل هؤلاء العشاق لو عقلوا لعلموا أن رب ابن الفارض هو بذاته كان بثينة، وكان عزّة، وكان ليلى. أفهمت يا سيدي؟ لماذا يكني الصوفية عن ربهم باسم ليلى وسعاد؟ لأن ابن الفارض وابن عربي وغيرهما يؤكدون لهم إن إلههم تتجلى حقيقته الحقَّة في صورة المرأة!! وأعتذر إلى قرائي الأحبة عن إثارتي غثيان نفوسهم بهذا القيء القذر من الكفر. واقرأ يا صاحب السماحة شرح القاشاني لأبيات هذه القصيدة ــ والقاشاني زعيم لكم ــ مخافة أن تتهمني بتخريج الأبيات تخريجاً يوافق هواي. ثم اقرأ كذلك شرح النابلسي، وهو ربّ من أرباب الصوفية. وحسبنا هذا من سلطان عاشقيكم.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#385
| ||
| ||
رأي ابن عربي: أما ابن عربي فرأيه في ربه أظهر من أن يخفى. إنَّه يراه كل كائن، وكل موجود، ولهذا كان عبَّاد الصنم عنده ناجين، وعبَّاد العجل فالحين، وما أخطأ المسيحيون ــ عند ابن عربي ــ إلا بسبب أنهم قصرَّوا العبادة في مظاهر ثلاثة، وكان واجبًا عليهم عبادتهم إيَّاه في كل مظاهره، فمن عبد الحجر فقد عبد ربهم المتجلي في صورة الحجر. وهكذا، إذ يقول ابن عربي: «فإن العارف من يرى الحقّ في كل شيء، بل يراه عين كل شيء» ([1]). فابن عربي من أصرح الدّعاة إلى وحدة الوجود، بل هو زعيمها الأول بين الصوفية، ولكنا نختار لك من كفرياته هذا النص الذي يدلنا على رأي ابن عربي في ربّه وتجليه في صورة المرأة التي يتَّصل بها زوجها. قال: «ولما أحبّ الرّجل المرأة طلب الوصلة، أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح؛ ولهذا تعمّ الشهوة أجزاءه كلها. ولذلك أمر بالاغتسال منه. فعمَّت الطهارة كما عمَّ الفناء فيها عند حصول الشهوة. فإن الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذّ بغيره. فطهره بالـغسل، ليرجع بالنظر إليه فيمن فني فيه. إذ لا يكون إلا ذلك، فـإذا شاهد الرجل الحقَّ في المرأة كان شهودًا في منفعل، وإذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، وإذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة. فشهوده للحق في المرأة أتمّ وأكمل، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصة، فلهذا أحب، صلى الله عليه وسلم، النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذا لا يُشاهَد الحق مجردًا عن المواد أبدًا» ([2]). هذا نص الفصوص نلخصه في كلمات: إنّ ربّ ابن عربي يتجلى بصورة عظيمة، أو أكمل تجلي في صورة المرأة، إنَّ الزوجة والزوج وقت اتصالهما يكونان الله، إن الله دائمًا لا يظهر إلا في جسد، إن الله يحب أن يفهم الزوج أنه كان يلتذّ بربهّ، وكذا الزوجة! وما أحبّ يا صاحب السماحة أن أدلك على مكان الكفر الدّنس المجرم في هذه الزندقة، فإنها أظهر من أن تخفى على سماحتكم. وإليك ما يقوله عن الله: «ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص، وبصفات الذم» ([3]). ويقول داعيًا إلى عبادة الأصنام حقّ: «والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلّى للحق يعبد فيه، ولذلك سموه كلهم إلهًا، مع اسمه الخاص بحجر، أو شجر، أو حيوان، أو إنسان، أو كوكب، أو مَلَك» ([4]). فهل رأيت يا صاحب السماحة شيخكم الأكبر وكبريتكم الأحمر، ماذا يقول عن اللهرب العالمين ؟ أعتقد أنك الآن آسف إذ شكوتنا إلى النيابة. ولست أطيل عليك في ذكر النصوص. فهذا النص أهون ما في الفصوص من شرك ووثنيَّة فاجرة. إن المسيحية الضالة لما تخيلت أن الله يتجسد اختارت لتجسده جسدًا نظيفًا كريمًا، جسد عيسى، أما شيخكم الأكبر فاختار أجسادًا تحتقرها الحقارة، وتخزى من دناءتها المهانة. اختار الأصنام، وعجل السامري، وغير ذلك، ثم اختار الأجساد الرقيقة التي تكشف عن دخيلة نفسية هذا الرجل، اختار أجساد النساء، وجعل ظهور الله فيها أكمل ظهور!! إنَّ ابن عربي أحب امرأة ذات مرَّة. ومن حبه لها جعلها ربّه نفسه، وزعم لها أن اكتشف فيها الذات الإلهية. حسبنا من ابن عربي هذا. ولي أمل كبير، أن يدلي لنا شيخ الصوفية العالم الكبير برأيه في هذا، بدل أن يشكونا إلى النيابة. ================ ([1]) (ص 22.) من كتاب «الإنسان الكامل» لعبدالكريم الجيلي ط 1293هـ. ([2]) (ص .16) من رسالة «القول الفريد في معرفة التوحيد» لمحمد الدمرداش المحمدي. ([3]) (ص . 14) من رسالة «القول الفريد» المتقدمة. ([4]) (1/338 .) طبع سنة 1314هـ.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
حوار بين زوجين ليلة زفافهما+حوار مضحك بعد عام من الزواج هع | دكتورة في جامعة الحب | نكت و ضحك و خنبقة | 8 | 08-28-2011 09:45 PM |
حوار بين رجل عنيد وامراة اكثر عنادا حوار شيق والغلبة لمين | ♥ | نكت و ضحك و خنبقة | 7 | 04-28-2011 10:18 PM |
حوار انشودة زواج وعزوبية حوار رائع للمنشدين محمد ابو راتب ويحيى حوا | &&&&&&& | خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية | 0 | 12-25-2010 11:47 PM |
حوار انشودة زواج وعزوبية حوار رائع للمنشدين محمد ابو راتب ويحيى حوا | سارة2030 | خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية | 0 | 12-19-2010 02:34 PM |
حوار هى وهو | على على رمضان | حوارات و نقاشات جاده | 2 | 11-06-2010 08:25 PM |