![]() |
|
أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه. |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
| ||
| ||
-كاميو . عليك أن تأكل شيئاً ما. تكلم كاميو ببطء : -إن طبخكِ سيء حقاً .. ألا تجيدين فعل أي شيء! يبدو بأنه مازال ساخناً فقد عاد لقول التخاريف مجدداً، تحسست درجة حرارته ولكنها كانت طبيعية. ربما هو يحلم إذاً ..؟ قلت بصوت منخفض وكأنما اتحدث مع نفسي : -من هي تلك التي تطبخ بشكلٍ سيء ..؟ كان كاميو يغط في النوم ولم يبدُ بأنه سيستجيب لندائي، ولذلك توجهت إلى سريري وخلدت للنوم. في الصباح، اتستيقظت ونظرت إلى سرير كاميو. لم يكن هنـاك .. ولذلك خرجت اتفقد الجميع وقلت : -صباح الخير. أجاب كايلر وميليوس: -صباح الخير . وقفت رايلا ودخلت إلى غرفتها .. أما أنا فقد وجهت سؤالي إلى ميليوس: -لكن .. أين كاميو؟ -لقد خرج منذ الصباح الباكر لتفقد أمر المركبـة. إنه مهتم حقاً بالعودة بأقصى سرعـة. جلست أمامهما وتساءلت : -هل هو بخير ..؟ تكلم ميليوس وهو يتبادل نظرة مع كايلر: -لا أعلـم. يبدو كالعـادة. مرت لحظـة صمت عندها قطعها ميليوس بقوله : -سيد جيرودا، هل يمكنني ان أسألك معروفاً ..؟ -ماذا؟ كان التردد واضحاً على وجهه ولكنه قال بعد فترة: -إن سيدي كاميو يستمع إليك، ولذا .. إذا اخبرته بأن يتركني هنا ولا يعيدني كأسير متدرب في بانشيبرا. نظر كايلر إليه باستغراب وقلت مذهولاً : -يستمع إليّ ..؟ ابتسم ميليوس وحرك رأسه بالإيجاب. شعرت برغبة في الضحـك وأنا أتذكر ذلك الصعلوك العنيد وقلت : -إن هذا البغيض لا يستمع إلى أي شخص!! تكلم ميليوس بإصرار: -لكن .. لكن انت عندما أخبرته بأن يتناول طعامه فعل ذلك على الفور. وأيضاً تستطيع إيقاظه والكلام معه في الأمور الأخرى. بينما انا لا استطيع. .. في النهاية لقد اختار النوم في غرفتك. ضحكت وقلت : -هل تناول حقاً طعامه؟ هذا غريب! هتف ميليوس متوسلاً : -أرجوك سيّد جيرودا! فقط أطلب منه ذلك، سوف أكون سعيداً حقاً إن تركني أبقى هنا. أومأت موافقاً : -حسناً سأخبره. ابتسم بسعادة وقال: -شكراً جزيلاً، انت شخصٌ رائع! لقد عاد ميليوس إلى طبيعته بسرعة معي وكأنما لا يعرف شيئاً عن تالتن ماكنزي، لذلك فقد كان كايلر يرمقة بنظرات الغضب تارة والاستغراب تارة. خرجت رايلا من غرفتها وهي ترتدي ملابس انثوية وقالت : -سأخرج، ميليوس أريدك أن تأتي معي وإلا سأضل الطريق! قال ميليوس وهو يشير نحوي : -لم لا تصطحبين السيد جيرودا، تبدوان متشابهين وكأنكما اخوة. اشاحت رايلا بوجهها بعيداً وقالت بقرف : -إنه لا يشبه أخي أبداً! خرجت واغلقت خلفها الباب بعنف، وعندها قال ميليوس : -إن شقيقها يشبهك كثيراً، لقد توفي في انفصال المكوك الرئيسي أثناء رحلة البحث عنك .. لقد كان كل شيء بالنسبة إليها. شعرت بالحزن وتذكرت جاميان، أنا أعرف تماماً كيف هي مرارة فقدان الأخ. تكلم ميليوس مجدداً: -لقد كانت سعيدة عندما التقتك، اخبرتنا ذلك أنا وكايلر. كانت تقول بأنها تشعر بأن شقيقها عاد إلى الحياة، ولذلك فقد كانت صدمتها كبيرة بمعرفة انك تالتن ماكنزي. الآن فهمت. اسرعت خارجاً لألحق بها، سوف أخبرها بأي شيء .. يجب أن لا أكون السبب في زيادة آلامها، وخاصّة لأنني أذكرها بشقيقها الوحيد، سوف يكون مؤلماً إذا كان الأمر عائداً علي! كانت تسير في الشارع بخطى بطيئة واستطعت اللحاق بها بسهولـة. مشيت بمحاذتها ولم تشعر بي لفترة ولكنها رفعت رأسها لتنظر إلي ثم توقفت عن السير وحدقت بي في ذهول. حاولت أن أقول شيئاً، يجب أن أكون ودوداً ولكنني لم استطع قول أي شيء! فقط .. اكتفيت بالنظر إليها. ولم تمض ثوانٍ أخرى حتى اندفعت تركض بعيداً ولكني لحقت بها وقلت : -رايلا، يجب أن تعرفي بأنني لست الشخص الشرير الذي تعتقدينه! لم ترد أن تتوقف كانت تسرع وهي تقطب جبينها كأنها لا تريد سماع أي شيء مني! أمسكت بكتفها بقوة واستطعت إيقافها! كان الناس في الشارع يحدقون إلينا باستغراب. بالإضافة إلى هيئتنا وشكلنا الواضح بأنه من كوكبٍ آخر .. فإننا نتشاجر في الشارع أيضاً. قلت بإصرار: -انظري إلي! رفعت عينيها ونظرت نحوي بعدوانية، ولكنني تابعت كلامي : -أنا أيضاً فقدت شقيقي.. فقدت شقيقي الوحيد وأمي في ذلك الوقت .. تلاشت تلك النظرة العدوانية بالتدريج فتابعت : -لقد كنت فقط أحاول الدفاع عنهما عندما سرقت القلادة... لم أقصد أي شيء آخر سوى انقاذ أمي من قبضة امرجيز .. كانت يداي ترتجفان، حاولت أن أكون قوياً .. تماسكت كثيراً ولكن تلك الرجفة ظهرت في نبرة صوتي وأنا أقول: -من أجل الوعد الذي قطعه جاميان للفتاة التي يحبها. كان علي فعل ذلك .. أخرجت بطاقة إيموكيا من جيبي ووضعتها أمام عينيها ,, قلت لها بصعوبة: -اقرأي هذا جيداً، أنا وجاميان .. احتشدت الدموع في عيني، لم استطع ان اتماسك أكثر ولكنني أردت فقط إكمال جملتي: -أنا وجاميان، من نفس الأم والأب، لقد أحببته أكثر من نفسي .. ولكن مع ذلك، أنا لم استطع حمايته. فرت دمعة من عيني لم استطع إمساكها أكثر .. لم أرفع عيني في وجه رايلا .. وتابعت : -اتمنى من كل قلبي أن يكون بخير في مكانٍ ما. هبت نسمة هواء باردة وسمعتها تقول بنبرة متساءلة : -جيرودا ديوفري ..؟ التقطت مني البطاقة بيدين مترجفتين، ورفعت وجهي لأنظر إليها ولكنني فوجئت .. بأنها تبكي. لم استطع النظر إليها فتماسكي بدأ يضعف شيئاً فشيئاً..!
__________________ الى اللقاء ![]() |
#12
| ||
| ||
تكلمت قائلاً : -أرجوكِ بأن لا تخبري أحداً بهذا، لن يكون جيداً إذا عرف كاميو بهذا الأمر. تكلمت رايلا قائلة بصوتها الباكي : -تلك المرأة، كانت صادقة حقاً ..! أجهشت رايلا بالبكاء مجدداً فتساءلت : -ما بك رايلا..؟ عن ماذا تتحدثين؟ -تلك المرأة .. التي كانت تقول بأنها والدة تالتن وجاميان .. صعقت لما تقوله، لقد شاهدت أمي! رفعت رأسها وقالت وهي تعطيني البطاقة وتمسح دموعها: -إنها محتجزة في السجن الخاص قام الملك بتعيين جندي أسود آخر ..!، وأظهر أن موت والدتك كان كذبة حتى يظهر الجندي الأسود. لكن هذا لم يحدث .. ، صرخت وأنا لا أصدق: -هل تقصدين بأن أمي على قيد الحياة! أومأت بالإيجاب وقالت: -لقد كانت تقول لنا بأن جاميان وتالتن إخوة، وكانت تسأل طوال الوقت عنكم وما إن كنتما بخير .. لكن لم نصدقها بالطبع، واعتقدنا بأنها تفعل ذلك لكي نظن بأنها والدة جاميان ونتركها في حال سبيلها، الجميع كان يعرف بان والدة جاميان ميتـة. ارتجف جسدي وأنا أتخيل ماذا يحدث لأمي في تلك اللحـظة، إنها على قيد الحياة حقاً ..؟ تذكرت وجه روسو في ذلك اليوم عندما أخبرني بموتها، وجعلني أفقد عقلي ... كيف يعقل هذا ! شعرت بالدوار ولم استطع تذكر أي شيء، لقد أصبح عقلي مشوشاً فجـاة. سمعت صوت رايلا يتردد وكأنه قادم من مكانٍ بعيـد : -سيد جيرودا، هل انت بخيـر ..؟ حاولت البقاء صامداً وتكلمت وأنا ما أزال أحدق في الفراغ : -هل قام امرجيز بتعذيب أمـي من أجل أن أظهر ..! أصبح الدم في عروقي يفور مثل البراكين .. -اهدأ سيد جيرودا، إنها بخير .. ألا يجب أن تكون سعيداً؟؟ لم أكن أشعر بالسعادة على الإطلاق. لقد كان علي أن أصل بسرعـة، وهذا جعل هذا عقلي مشوشاً وتحطمت كل خططي إلى أشلاء! اصبحت أردد بخفوت: -أمي .. أمي .. لم أعد أسمع أي صوتٍ حولـي. جلست في مكاني وأنا احاول التقاط انفاسي المتلاحقـة، نزلت دموعي على الرغم مني .. -جيرودا ... جيرودا! كانت رايلا تهزني بعنف ... رفعت رأسي ونظرت إليها أخيراً، كان وجهها مفزوعاً ودموعها تسيل على خديها فتكلمت قائلاً: -رايلا .. -ماذا ..؟ -لقد اعطيتني أجمل هديـة بإخبارك إياي هذا الخبر عن أمي. قالت وهي تمسح دموعها : -أنا آسفـة . ساعدتني على الوقوف، كان المارة يحدقون بنا باستغراب وبعضهم توقف ليلقي نظرة .. وقفت واخذت نفساً عميقاً وأنا أحاول أن أعود إلى سابق وضعـي، شعرت ببعض الهـدوء وشعرت بالنور يملأ قلبي .. ، لأني عرفت بأنها ماتزال هناك.. على قيد الحياة في مكانٍ مـا . عدت بصمت وكانت رايلا تسير خلفي، وقبل أن نصل استدرت وقلت: -ألم تكوني تريدين التسوق لبعض الوقت ؟ نظرت إلي لثوانٍ ثم حركت عيناها بارتباك وقالت: -لكن .. أنا لم أعد أرغب بذلك الآن. نظرت إلى يديها المقبوضتان من التوتر .. ولكنني ابتسمت : -أنا بخير. يمكننا الذهاب إلى اي مكـان كانت تنظر لي بحزن، وعندها استدرت بعيداً عن الفندق وأنا أقول : -هيّا دعينا نكتشف المكان هنا .. ولكن قبل أن اتقدم خطوة أخرى شاهدت كاميو يقترب من الفندق . كان يضع يديه في جيبيه ويسير بخطوة واسعـة، يبدو بخير .. لكنني لا اتفائل بوجوده. وقبل أن يتخطاني كان قد شاهدني بالفعل .. -تالتن ..؟ حدق إلي للحظة ثم انتقلت نظراته إلى رايلا وعندها قال شيئاً بتلك اللغة الخاصّة. اجابت رايلا بصوتٍ خفيض ثم ركضت لتعود إلى الفندق ولكني أمسكت بذراعها وقلت : -إلى أين ..؟ نظرت رايلا نحو كاميو بخوف وقالت : -ولكن .. -لا تتحركي من هنا . شعرت بأن كاميو يريد قتلي في تلك اللحظـة فاستدرت وقلت : -سنكتشف المكـان .. لا يمكنك منعها من الذهاب بصحبتي . ابتسم كاميو ابتسامة ساخرة ثم تكلم : -ليس هناك وقت للاستكشاف .. في الغد ستصبح المركبـة جاهزة!
__________________ الى اللقاء ![]() |
#13
| ||
| ||
(7) ماذا ..؟ بهذه السرعة؟ شعرت وكأنني أرى بصيصاً من الضوء، وتساءلت : - ألم تقل أسبوعاً على الأقل ..؟ - إن الأمور تسير على ما يرام، لقد كان تغيير النظام سهلاً لأن تلك المركبة من تصنيع بلامنيت في الأساس . هتفت وأنا أحمد الله في قلبي : - هذا رائع. إذاً بعد ثلاثة أيام سأصبح في بانشيبرا .. هذا لا يصدق . كان كاميو ينظر لي بعدوانية وبدا غاضباً ولكنه لم ينطق بكلمة وبدلاً من ذلك توجه إلى الفندق بتلك الخطوات الواسعـة .. اقتربت رايلا وقالت : - سيّد جيرودا. .، هل ستذهب حقاً إلى بانشيبرا؟ مشينا متجاورين وقلت : - صحيح . - لكن، إن ذهبت هكذا .. سوف تفقد كل شيء. كنت أفكر .. لقد كان كلامها صحيحاً، فليست لدّي خطة بديلة الآن، في السابق لم أكن اهتم لموتي ... لكن الآن .. إن والدتي بحاجة إلي، لا يمكنني التفريط في حياتي بسهـولة. كاميو! إنه يعترض طريقي ..! قاطعني صوت رايلا : - هناك شيء غريب في هذا الكوكب.. - ماهـو؟ ابتسمت رايلا وقالت : - رأيته عندما اكتشفت المكان في المرّة السابقة . نظرت متساءلاً فأشارت نحو إحدى المباني المرتفعة وقالت: - هناك .. يوجد مكان، يمكنه تغيير الكثير من الأشياء في شكلك. إنه كالتنكر .. - تنكر ..؟ اسرعت رايلا بالخطى ولحقت بها وهي تتابع كلامها : - أجل، إنه ليس مثل التنكر الموجود عندنا في كوكبنا، إنه تنكر مثالي .. إذا قمت بتغيير لون شعرك ولون عينيك .. لن يجعلك هذا تالتن ماكنزي. كان كلامها مقنعـاً، وتبعتها وأنا أفكر إن كان حقاً يوجد شيء مثير كهذا. عندما وصلنا إلى المبنى، وقفنا فوق رصيف يرتفع إلى الأعلى، كان يسير بشكلٍ حلزوني ويقف كل بضعة ثوانٍ ليهبط بعض الناس من فوقه إلى المكان المراد الوصول إليه. وبعد ذلك هبطت رايلا وهي تمسك بسترتي ولحقت بها . وصلنا إلى مكانٍ غريب مليء بالأشخاص الذين يقومون بوضع ألوانٍ غريبة على شعر الناس الآخرين. تكلمت رايلا : - إنه مصفف الشعـر.. - وكيف سنشرح لهم الأمر ..؟ ابتسمت رايلا وقالت بمرح : - لا بأس أنا استطيع التفاهم مع فتاة هنا، يمكنها سؤالي بالصور وسأختار لك شيئاً مناسبـاً . كنت خائفاً وقلت بتردد : - هل سيكون هذا جيدا ..؟ دفعتني إلى الداخل وقالت تحثني على قبول الأمر : - هيا سيد جيرودا إنه الحل الأمثل. جلست على احد المقاعد المرتفعـة وأنا أتأمل كل شيء بتوتر .. كان أصحاب ذلك المكان يبتسمون بود وشاهدت رايلا تشير نحوي وإحدى الفتيات تعطيها كتيباً .. اقترب أحد الشباب العاملين وبدأ بخلط مادة غريبة ثم بدأ بوضعها فوق شعري. كنت متوتراً لدرجة لا تصدق وحاولت أن أبقى هادئاً ولكن بلا فائدة!! حركت عيني أبحث عن رايلا ولكنني لم أجدها، وظل الشاب يضع ذلك الشيء البارد فوق رأسي، وبعد أن انتهى أشار لي بأن آتي معه .. دخلت إلى غرفـة ذات جدران بيضاء مغطاة من المنتصف بالمرايا . وهناك كرسي كبير في الوسط . عندها ظهرت رايلا وقالت : - سيد جيرودا، انت ستجلس هنـاك ولن تتحرك حتى يقومون بإنهاء عملهم. قلت بسـرعة : - هذا لا يعجبني!! ابتسمت وقالت محاولة طمأنتي : - سوف يحدثون لك تغييراً كاملاً. - لا أريد! شعرت رايلا بتوتري وقالت مقطبة الجبين: - ألا تريد حقاً انقاذ والدتك! هل يمكنك فعل ذلك وانت تالتن؟ يجب أن تتغير بالكـامل! كانت على حق. إنها الخطـّة الوحيدة، فأنا الآن لا أملك خياراً. توجهت نحو الكرسي وجلست. كان مخيفاً قليلاً ولكن الجميع كانوا ودودين بشكلٍ ملحوظ على الرغم من أننا لا نستطيع تبادل الحديث. اقتربت رايلا وتأملت وجهي بتمعن .. نظرت لها بتساؤل فابتسمت وقالت بعينين دامعتين : - إنه كما لو أنني سأودع أخي للمرة الثانيـة. هل سأتغير لهذه الدرجـة ..؟ اقتربت فتاة غريبـة وقامت بوضع يدها فوق رقبتي، نظرت لها مذعوراً .. ولكنها أشارت لي بأن أخلع القلادة . تلك القلادة التي حصلت عليها كتذكار من لوريس في إيموكيا. مدت رايلا ديها وقالت: - يبدو بأن عليك خلع تلك القلادة .. لا تقلق سأنتبه لهـا. خلعت القلادة التي كانت تختفي تحت ثيابي، واعطيتها لرايلا .. يشعرني ذلك وكأنني سأدخل إلى عمليّة جراحيـة!! تركتني رايلا وانصرفت مع الآخرين، وبقيت لوحدي في الغرفـة، شممت رائحـة غريبـة .. لقد ظهرت فجأة، وكأنما رائحـة دواء ما. وفجأة بدأت أشعر بالنعاس، ولم استطع السيطرة على جفوني التي أصبحت ثقيلة واغمضت عيني باستسلام. *** - هل تشعـر بالدوار.. ؟ كان هذا صوت رايلا. حاولت فتح عيني ولكنني لم استطع، ليس هناك شيء يؤلمني، ولكنني أشعر بالدوار .. والغثيان. - سيد جيرودا هل تسمعني ..؟ أجبت بصعوبـة : - آ .. آجل. - لا بأس يمكنك الاسترخاء ... لا تحاول فعل اي شيء. لم استطع الاسترخـاء،، لماذا أشعر بالضعف الشديد ..؟ مرّ بعض الوقت وأنا اسمع بعضهم يتحدثون بتلك اللغـة الغريبة. ثم شعرت بأن هناك يداً دافئة تمسك بيدي اليمنى . - سيد جيرودا، حاول أن تفتح عينيك الآن . فتحت عيني ببطء وتسلل النور إلى داخلهما، ثم تحرك الكرسي ليتحول إلى وضع الجلوس . رأيت بعض الأجسام المشوشة والتي مالبثت أن توضّحت تدريجياً.. في النهاية استطعت رؤية كل شيء. وتكلمت رايلا قائلة بابتسامـة: - سيّد جيرودا، هل انت بخيـر؟ - أجل. كنت في نفس المكان ولكن بدلاً من ذلك يبدو بأنني غفوت لفترة .. كانت رايلا ما تزال تمسك بيدي اليمنى وقالت : - الآن سنعود للفندق . تساءلت وبكن صوتي لم يخرج جيداً : - هـ .. هل ..؟ جذبتني من يدي اليمنى لكي تحثني على الوقوف وهي تقول : - هيّا، أنت لا تبدو الآن مثل جيرودا السابق . عندما وقفت وضعت يديها فوق عيني حتى لا أشاهد نفسي في المرايا المحيطة بالمكان .. شعرت بأن شعري يلمس رقبتي .. كيف أصبح شعري طويلاً بتلك السرعـة ..؟ تحسست أطرافه وجذبته وأنا اتأكد ما إن كان شعراً مستعاراً لكنه آلمني وبدأت رايلا في الضحك علي! سرت معها ببطء وأنا أحاول تذكر ما حدث. هل أنا هنا منذ شهرين!! بعد أن خرجنا إلى الخارج .. رأيت رايلا تعطي الفتاة التي تعمل في هذا المكان محفظـة صغيرة، وابتسمت الفتـاة ثم سلمت رايلاً حقيبةً جلدية أكبر من كف اليد بقليل . تساءلت : - ألن يحصلـوا على اي ثمن مقابل هذا ..؟ غمزت رايلا بإحدى عينيها وجذبتني من ذراعي في الشارع وهي تقول : - لقد تدبرت الأمـر . فقد كان معي شيء أعجبهم كثيراً. - ما هـو .. حركت يدها أمام وجهي وهتفت بمرح : - لا بأس! لن أخبرك بأي حال . مهما سألت عن الأمر لم يكن بلا فائدة .. فقد كانت عنيدة جداً ولم توافق على إخباري! الليل يغطي المدينـة والأضواء تنير وتتحرك في كل مكان .. كان المنظر مبهجاً وظلت رايلا تنظر لي متجاهلة ذلك المنظر الآخاذ في المدينة وتضحك بشكلٍ غريب! هل أصبحت مفزعاً ..؟ توقفت في منتصف الشارع وقلت متذمراً : - ماذا! أنا أريد أن أرى ماذا فعلوه هؤلاء المجانين بي! - ستراه حالما تصل في إلى الفندق، أريد أن أرى ردة فعل القائد كاميو والآخرين عندما يشاهدونك.. حيرني هذا كثيراً ولم أتحرك من مكاني فسبقتني رايلا وهي تلوّح بالحقيبة الجلدية الصغيرة وتصيح : - هيّا سيد جيرودا! أسرع .. أسرعت باللحـاق بهـا ووصلنا إلى الفندق، اعتقد ان الوقت كان متأخراً ، ويبدو بأن تغيير شكلي استغرق وقتاً طويلاً، وبينما نحن في ذلك المصعد اللولبي اخرجت رايلا قلادتي من حقيبتها واعطتها لي مع بطاقة غريبـة . تأملت البطـاقة، كانت لشاب جميل الشكل لديه شعرٌ أحمر .. على البطاقة ختم بانشيبرا ومكتوب عند الاسم : - تاري اينوي . نظرت نحوها متساءلاً : - لمن تلك البطاقة ..؟ - إنها لك . لم أفهم شيئاً، وهبطنا من المصعد في الطابق الخاص بنا ، فنظرت لي وقالت : - كانت لأخي الراحل، سوف نضع صورتك الجديدة مكان صورته، إن كايلر خبير بتلك الأمور سوف يتقن فعل ذلك . فهمت الآن ماذا تقصد. إنها تريد تغيير هويتي بالكـامل، حتى اسمي. يالهـا من فتاة ذكيّة! في الحقيقـة .. لقد أثارت إعجابي . تبادلنا نظرة طويلـة وابتسمت قائلاً : - ياله من اسمٍ مميز، الآن سأصبح أخيكِ الحقيقي، بما أنني سأحمل اسم العائلة نفسها . أجابت باسمة وهي تحول نظرها بعيداً : - صحيح، سوف أعطيك إياها، لإنك سوف تعيد والدتـك وستعيش بسلام، لكن .. إن لم تفعل ذلك فسأكون نادمـة لأنني جعلتك أخي . كنت ممتناً لها وأومأت موافقاً . أخيراً وقفنا أمام باب الجناح الخاص بنا، وفتحت رايلا الباب ثم دخلنا. كان كاميو يجلس تلك الجلسة المتكبرة واضعاً إحدى رجليه فوق الأخرى ، وأمامه على الأريكة الكبيرة يجلس ميليوس وكايلر ويأكلان شيئاً ما يبدو حلو المذاق . نظر ميليوس وكايلر بطبيعة الحـال نحونا، وعندها تحول نظراتهم العادية إلى الدهشـة . وعلى الفـور تساءل ميليوس ببراءة وهو يشير نحوي : - رايلا، من هذا ..؟ بدا كايلر مستغرباً . وتحرّك فضول كاميو أخيراً وحدق نحوي بتلك النظرة الغريبة، التي تحولت فجأة إلى ذهول عارم ..!
__________________ الى اللقاء ![]() |
#14
| ||
| ||
(8) وقف كاميو وهو ينظر إلى! كان مشدوهاً حتى أنه لم يقوى على الكلام!! وثبتت نظراته نحوي فقط . عندها ابتسمت رايلا وهمست : - ألم أقل لك بأنك تغيرت بالكامل! تكلمت قائلاً وانا اتوجه إلى الغرفة حتى أشاهد نفسي في المرآة : - ما الأمر .. هل تغيرت إلى هذ الـحـ ... قبل أن أتم جملتي كنت أقف أمام المرآة واحتبس الصوت في حلقـي! فجأة شعرت بأنني أشاهد شخصاً يشبه جاميان ..! شعرٌ أسود منسدل على جبهتي، وعينان زرقاوان بلون السماء!! شعرت بأنني مختلف عن السابق .. وكأنني ، لست أنا ! إن تلك الهيئة تشبه هيئة أخي جاميان كثيراً، لكن .. هل نحن متشابهان إلى هذا الحـد؟ اقتربت وأنا أنظر إلى عيني.. ماذا .. لا أشعر بأنني أرتدي تلك العدسات اللاصقة التي تغيّر لون العين! حركت جفوني وأنا أحاول اكتشاف الأمر لكن هذا كان بلا فائدة . كانت تبدو طبيعية .. هل رحل ذلك الشعر الأحمر المموج القصير وتلك العينان الداكتان إلى الأبد ؟ خرجت ونظرت إلى رايلا وعقلي مليء بالتساؤلات. لم يكن عقلي هو المليء بالتساؤلات فقط، الجميع وقفوا فاغرين أفواههم .. وعندها نطق كاميو بارتباك لم أعهده عليه من قبل : - أنت .. ! لـ .. لماذا أصبحت تشبه جاميان ديوفري؟! كنت سعيداً لإنني لست فقط الشخص الوحيد الذي شعر بذلك، وعندها قالت رايلا بفخر : - إن هذا الكوكب الرائع مليء بالمفاجآت ، أما أنا فقد اخترت الشكل المناسب للسيد جيرودا لأنني شعرت بأنه يشبه جاميان ديوفري . صرخ كاميو بعصبية : - كيف يمكنكِ فعل ذلك! سوف أعاقبكِ أيتها الغبية! نظرت له رايلا بخوف واختبأت خلف ظهري وقالت بصوتٍ مرتجف: - لن يمكنك عقابي بعد الآن . اندفع كاميو وهو يحاول الوصول إلى رايلا، ولكنني أمسكت بذراعه بقوة، حاول لكمي ولكنني أمسكت بيده الأخرى وصحت : - هل تحاول ضرب فتاة أيها الأحمق! كان كاميو يغلي، تلك العصبية التي شعرت بها تتدفق إلى ذراعية وكأنه سيلقي بي بعيداً، بذلت مجهوداً كبيراً لاتمكن من إيقافه فقط .. حدق لي بغضبٍ شديد وبدا وأنه فقد السيطرة على أعصابه بالكامل وهو يصرخ بدون أن يلتقط أنفاسه: - لا يمكن! لقد فشلت مهمتي بالكـامل بسبب فتاة خرقاء! كيف أصبحت هكذا؟ .. لقد تغيرت .. وهذا لا يعجبني أبداً .. لا يـ .. توقف فجأة عن الكلام . واتسعت عيناه .. ثم خارت قواه فجأة وسقط على ركبتيه وعندها شعرت بالذعـر وصحت وأنا أجلس على ركبتاي بجواره : - كاميو .. ماذا .. هل انت بخير ..؟ أصبح يلهث بشكلٍ غريب وكأنما يتنفس بصعوبة شديدة! أمسك صدره وأغمض عينيه! لقد كان يتألم . حاول الوقوف ولكنه لم يستطع .. وعندما حاولت اسناده ضرب بيدي بعيداً . مازال يمسك صدره وكأنما يتوسل له بأن يتوقف عن إصدار الألم، لقد أبى المساعدة من أي منـا وبقي بتلك الوضعية جالساً على ركبتيه، يستند على الجدار بإحدى يديه ويمسك صدره باليد الأخرى . مرت بضعة دقائق ثم بدأ يتنفس بهدوء، فتح عينيه ثم وقف وجلس بشكلٍ طبيعي على الأريكة واضعاً إحدى رجليه فوق الاخرى وكأن شيئاً لم يكن ..! توجهت رايلا إلى غرفتـها، ودخل ميليوس إلى المطبخ أما كايلر فقد ظل جالساً مكانه وبدا أن الكل يتحاشى الحديث معه فقلت : - هيه! أيها الأحمق هل أنت بخير ..؟ أجاب ببرود : - يـاله من سؤالٍ غبي! اقترب ميليوس وهمس في أذني : - إنه دائماً ما يجيب هكذا " أليست لديك عينان لترى بأنني بأحسن حال ..؟ " . ثم ضحك وأخرج مشروباً من الثلاجـة . يالـه من كائنٍ معقد مليء بالألغـاز . لا أعرف حقاً ما إن كان هادئاً أم عصبياً. . من أين أتى وما هو اسمه الكامل ..؟ أين كان يعمل وما هي تلك الموهبة التي يمتلكهـا؟ وكيف يستطيع فهم أي لغة بتلك السهولة؟ وما سرّ ذلك الوشم الغريب الذي يحاول اخفاءه ..؟ وسر تلك الإصابة الخطيرة التي أصيب بها أثناء الحرب ..؟ آلاف الأسئلة التي تجعله غامضاً ومثيراً للفضول وتجعلني أجنّ لأنني أفكر حوله بشكلٍ دائم ولم تدم معرفتي به سوى لثلاث أيامٍ فحسب!! أي شخصٍ هـو ..؟ وماذا سأكتشف عنه في المستقبل!! جلست على الأريكة الصغيرة وجلس ميليوس بجوار كايلر وعندها قلت : - كاميو.. لم يتحرك كاميو وظل يفكر مع نفسه بصمت، فقلت مباشرة : - إن ميليوس لن يعود معنا إلى بانشيبرا. فهو لا يريد البقاء كأسير متدرب ولذلك فسوف يبقى هنا. نظر كاميو إليّ وقال بنبرةٍ ساخرة: - ولماذا تخبرني بذلك ..؟ بادلته النظرة وأجبت ببساطة: - بما إنك القائد، عليك أن توافق على طلبـه. في ذلك الوقت خرجت رايلا من غرفتها وجلست على الأريكة الصغيرة الأخرى في مواجهتي وتكلم كاميو : - هذا لا يعنيني .. فكل ما يهمني الآن هو تسليمك. عندهـا تكلم كايلر بشكلٍ مفاجيء : - إذا كنت لا تمانع سيدي القائد، فأنا سأبقى هنـا أيضاً. نظر كاميو تلك المرة إلى كايلر وهو يحاول اخفاء دهشتـه. ولكن مالبث أن وجه نظره نحو رايلا وتساءل بنفس النبرة الساخرة: - وانتِ ..؟ ألا تريدين البقاء أيضاً ..؟ - بلى . أريد ذلك. هكذا أجابت رايلا بهدوء وهي تنظر إلى يديها. شرع كاميو في ضحـة عالية ثم اسند رأسه على ظهر الأريكة براحـة وتمتم : - لا يهم. لقد فقدت سبعة وعشرين شخصاً . هتف ميليوس بامتنان : - شكراً لك سيدي لن أنسى ذلك المعروف ابداً! نظرت نحو كايلر وتساءلت مستغرباً : - لكن سيد كايلر، أليس لديـك أي زوجـة أو أبناء في بانشيبرا ..؟ بدا الحزن واضحاً عليه وقال : - لقد ماتت زوجتي عندما كنت شاباً . لذلك فأنا لن أعود إلى هناك لكي أصبح جندياً متدرباً مرة أخرى .. فقد كبرت وأتمنى أن أرتاح قريباً. كان ميليوس يبدو حزيناً بشكلٍ ما .. وعندها قلت : - أنا آسف لأنني ذكرتك بهذا . - لا بأس . فكر ميليوس وقال : - ربما أنا سأبحث عن فتاة أحلامي هنا... لكن .. يا للأسف لن أجد فتاة أقصر مني أبداً . قال ذلك لأن سكان بلامنيت طوال القامـة، بينما كان ميليوس قصيراً .. جعلتنا تلك الكلمة نضحك تلقائياً، حتى كايلر ذلك الرجل الجاد، رأيته يضحك للمرة الأولى منذ عرفته . لكن كاميو زفر بملل وكأنه يقول بأننا مجرد أشخاصٍ تافهين . فهمت بأنه ما زال متضايقاً للغايـة وعندها تساءلت : - وانت كاميو، ألا تنوي البحث عن فتاة أحلامـك؟ بدا كاميو كأنه لم يكن مصغياً إلي .. وعندها قالت رايلا ضاحكـة : - لكن سيدي كاميـو، أنت لم تخبرنا عن عمرك أبداً، فقط عندما كنت أقود المركبة في بداية المهمّة أخبرتني بأنك أصغر مني سناً . رفعت حاجباي باندهاش وقلت : - حقاً، وكم عمركِ يا رايلا، دعينا نخمن ..! كان كاميو يجلس هادئاً وقالت رايلا : - أنا في الثالثة والعشرين . ماذا؟! لقد كانت في نفس عمري أيضاً ، ولذلك ضحكت قائلاً : - انتِ في مثل عمري رايلا .. ربما كاميـو في نفس عمر جاميان ، الذي، .. يصغرني بعامين . ألقى كاميو بنظرة خاطفةٍ إلي، لقد لاحظت بأنه ينظر نحوي كثيراً، وعندهـا قال ميليوس : - آه! سيد جيرودا! تبدو أكبر من ثلاثة وعشرون! اومأت بالايجاب وقلت : - دائماً أبدو أكبر من عمري الحقيقي . عندما نظرت نحو كاميو، ازاح عينيه بعيداً، لقد كان يحدق لي مجدداً منذ لحظات. وتكلم كاميـو : - إذاً، في الصبـاح سأرحل مع تالتن إلى بانشيبرا .. ثم وضع يده على رأسه بتعب وقال بعد أن تأوه : - لا اصدق بأنه انتهى بي المطاف بهذا الشكل! وقف كاميو وتوجه إلى الغرفـة ثم اغلق الباب خلفه ببطء وهدوء شديد وكأنما يفكر في شيء ما . حلت فترة صمت قصيرة وعندها قالت رايلا بخفوت : - هذا جيد! الآن يجب علينا صنع بطاقة السيد جيرودا . اعتدل كايلر في جلسته وتساءل : - ماذا تقصدين ..؟ بدأت رايلا في الكلام بتلك اللغة الخاصّة، بدا كايلر متضايقاً وعارضها بضع مرات ولكنها كانت مصرة على رأيها . وعندها توجه ميليوس إلى الحقيبة واخرج آلة صغيرة وغريبة الشكل ، ثم طلب مني كايلر : - من فضلك سيد جيرودا، اعطني بطاقة تاري. أخرجت البطاقة وسلمتها إلى كايلر .. كان كايلر دقيقاُ وقام بصنع ورقة شفافـة بحجم صورة تاري، ثم وضعها فوقها وبدأ في صنع أشياء غريبـة .. حتى أن البطاقة تفككت إلى قسمين وكنت اتابع ما يفعله باندهاش بالغ! إنه حقاً بارع في هذا . - سيد جيرودا، اقترب من فضلك . كان ميليوس يدعوني للوقوف أمام الحائط مباشرة، ثم قام بالتقاط صورة صغيرة لي .. ثم توجه إلى كايلر الذي قام بإدخال البطاقة إلى داخل هذا الجهاز الصغير . في ذلك الوقت اقتربت رايلا وسلمتني الحقيبة الجلدية الصغيرة وهي تقول : - هناك حقنتان بالداخل. لقد فهمت بشكلٍ ما أنها تزيل آثار الحقنتان اللتان تم حقنك بهما، وهذا يعني بأنك إذا أردت العودة إلى جيرودا، تستخدم هذه. فتحت الحيبة بحذر ونظرت بالداخل. كان هناك حقنتان كما تقول ومنشورة كتبت بلغة غير مفهومـة. نظرت لها بامتنان وقلت: - شكراً لكِ رايلا، لن أنسى لكِ تلك المساعدة ما حييت . ابتسمت ثم انصرفت عائدة إلى كايلر وميليوس الذان أوشكا على الانتهاء. في تلك الليلة وضعت جسدي على السرير وأنا أمسك بطاقتي الجديدة، لقد كانت متقنة جداً، صورتي الجديدة التي تشبه جاميان .. اسمي الجديد .. تاري إينوي. أدخلتها مع الحقيبة الجلدية إلى حقيبتي بحرص، ورحل تفكيري إلى بانشيبرا، حيث والدتي تجلس في سجنٍ مظلم وهي تعتقد بانها فقدت ولديها الذان كانا كل مالديها في الحيـاة .. ربما هي تبكي الآن، اغرورقت عيناي بالدموع وأنا أفكر بأن هذا حقاً ما يحدث لها .. سأصل إليها بأسرع وقت، وسأنتقم لها أيضاً، وبعدها سأذهب للعثور على جاميان. هذا ما سأفعله يجب أن أعيد البسمـة إلى شفتيها من جديد. فكرت كثيراً حتى غفوت. في الصباح الباكر استيقظت، لقد كنت مستعداً الآن. يمكنني التوجه إلى المركبة والرحيل بدونـه، فلن يسألني أي شخص عن الأمر وانا أحم كافة التراخيص الخاصة بالمركبة .. نظرت إلى وجهه، كانت عيناه المغمضتان تتحركان وكأنما يحلم . في النهاية أنا لا استطيع تركه وحيداً ، فهو يتوق للعودة إلى بانشيبرا، أيضاً، لا يمكنه إيذائي فقد تغير اسمي بالكامل وشكلي أيضاً . تركته نائماً وخرجت، كان الجميع قد استيقظوا وتجهزوا أيضاً . تساءلت باستغراب : - ماذا ..؟ إلى أين ستذهبون ..؟ ابتسم ميليوس وقال : - سنرحل الآن. لقد وضعنا لكما الرسالة على طاولة الإفطار. ضحكت رايلا وقالت : - نخشى أن يغير القائد رأيه بأمر إطلاق سراحنا، ولذلك سنهرب بسرعة . قلت بتلكؤ : - لـ .. لكن ألا تحتاجون إلى النقود؟ فما زال معي بعضاً منـ .. قاطعني كايلر : - شكراً سيد جيرودا ، لدينا ما يكفي. الجميع قام بتحييتي، وجهت إليهم الشكر .. ثم انصرفوا. لقد أصبحت وحيداً مع رأس الأفعى . اليوم في بلامنيت يساوي ستٌ وثلاثون ساعـة، ولكن الليل أقصر بكثير من النهار، ولهذا يصبح اليوم طويلاً جداً.. لا أعرف السبب الفلكي لهذا ولكن ربما هذا الكوكب يدور حول نفسه ببطء . جلست وحيداً على الأريـكة، وأنا أفكر بأن لحظـة وصولي إلى حلمي قد اقتربت كثيراً . كان هذا الإحساس يمدني بالطاقة والإقدام فأنا لا أشعر بالخوف من اي شيء . وقفت ونظرت إلى وجهي بالمرآة الموجودة في الردهة، ابتسمت وأنا أحاول البحث عن جيرودا في هذا المظهر الجديد، لكنني مازلت أحافظ على نفس ابتسامتي وعيناي الواسعتان .. بأي حال، لم يكن مهماً، الأفضل بأنني أتقمص الشخصية الجديدة.. وتساءلت كيف ستكون تلك الشخصية يا ترى ؟؟ عدت إلى الصالة الصغيرة وعندها رأيت باب الغرفة مفتوحاً، هل استيقظ الصعلوك؟ بحثت في كل مكان ولم أعثر عليه، في النهاية كان ينظر من النافذة والستائر تغطيه . قلت : - صباح الخير! لم يلتفت إلى وتساءل : - هل رحلـوا ؟ أجبت : - أجل، تركوا رسالة لك مع الإفطار . عندها التفت وتساءل بفضول: - اين هي ..؟ كان هذا رائعاً لأنني أرى كاميو مهتماً للمرة الأولى بشيء ما. وأشرت إلى طاولة الإفطار فتوجه مسرعاً وفتح الرسالة وبدأ بقرآءتها. كان وجهه خالياً من التعابير! وسرعان ما ألقى بها بعيداً في سلة المهملات. تفاجأت من هذا : - مهلاً! كاميو .. هل ستلقي بها في القمامة؟ أليست رسالة وداع؟ تركني ودخل إلى الحمام وكأنه لم يسمعني أبداً. إنه بشكل ما، يبدو غاضباً وحزيناً، ضحكت وأنا أفكر "هذا المتشرد حقاً لديه بعض المشاعر!" التقطت الرسالة من داخل السلة وقمت بوضعها في حقيبتي. لا أعرف لماذا فعلت ذلك .. ولكنني سوف أعطيها له فيما بعد ولن يجرؤ على رميها. تجهزنا بصمت وتناولنا الإفطار بدون أي كلمات أو نظرات، كان يتحاشاني وكنت اتفاداه، ومن ثم خرجنا معاً وسلمنا البطاقة الخاصة بالجناح وتوجهنا إلى المطار مودعين المكان خلفنا ببعض النظرات. تكلم كاميو مع المسؤولين في المطار، كان يبدو متضايقاً ولذلك لم نتبادل كلمة واحدة .. وركبنا أخيراً وعندها تجهزت وجلست في مقعد القيادة، وجلس كاميو في المقعد بجواري، ثم قمت بتشغيل رحلة العودة.. تذكرت كلام رايلا عندما طلبت مني أن أدير هذا المفتاح أمام الشريحـة التي تحمل الخريطة الخاصة بكوكبنا. أدرت المفتاح بسرعة ونظرت إلى الشاشة أمامي، كان كاميو يحدق إلى المسار أيضاً وفي تلك اللحظـة ظهر عطلٌ ما ... ! وعاد المفتاح إلى مكانه، قمت بتشغيله مرة أخرى وما إن تبدأ المركبة في رسم الطريق المستمد من الخريطة حتى يبدأ ذلك العطل ويعود المفتاح إلى وضع الإغلاق! كدت أصاب بالجنون وعندها قال كاميو بنبرة قلقة : - تلك الشريحـة، بشكلٍ ما .. لقد أصابها عطبٌ ما وفقدت البيانات!
__________________ الى اللقاء ![]() |
#15
| ||
| ||
(9) لا! لا يمكن ان يحدث هذا، تساءلت بسرعة : - ألا يمكنك فعل شيء ما ..؟ تكلم ببرود : - إن رايلا هي المختصّة في تلك الأمور! فكرت وأنا أشعر بالإحباط الشديد " لكن لقد رحلت رايلا إلى الأبد! لن نعرف مكانها ابداً" عندها تكلم كاميو مجدداً: - وقد رحلت رايلا ولن نعرف أين هي أبداً! هل يقرأ ذلك الصعلوك أفكاري!! أشعر الآن بأنني محطمٌ إلى قطع! .. ماذا سأفعل .. تذكرت فجأة .. ذلك العنوان الذي أعطاني إياه رايـو، كيف نسيته؟أين وضعته!؟ بدأت بالبحث في أدراج المركبة مثل المجنون، حتى إنني أثرت تعجب كاميو الذي تساءل: - ماذا .. هل تعطل عقلك مع الشريحة؟ قلت بسرعة : - إنها أمي! يجب أن اسرع! ثم انتبهت لتلك الكلمات التي قلتها بدون وعي مني! تجاهلت الأمر وحاولت أن لا أنظر إلى وجه كاميو وعاودت البحث حتى وجدت الورقـة .. تنهدت بارتياح والتفت نحو كاميو الذي كان يحدق نحوي بنظرة مخيفة! لقد عاد إلى تلك النظرات مجدداً!! حاولت أن اخفي ارتباكي وقلت بخفوت: - هل يمكنك أن تقرأ هذه ..؟ أشاح بوجهه بعيداً، فاقتربت وأنا أمد إليه الورقـة بإصرار ومالبث ان انتزعها من يدي وتطلع إليها بلا مبالاة ثم قال : - أهو عنوان ما..؟ - أجل .. شخصٌ ما يدعى ريكي . إنه خبير خرائط ويحمل كل الخرائط الخاصة بكوكبنا. وقف كاميو وكأنه استمد بعض الأمل ثم أخذ الشريحة ووضعها في جيبه وهو يقول: - إذاً سأذهب! خرج بسرعة وعندما تبعته رمقني بنظرة حادة وقال: - ابق هنا. أنا لن أتأخر ... - ولكن .. لماذا؟ قال بصوتٍ مرتفع وكأنما يوبخني : - يجب أن تبقى هنا لأننا على وشك الانطلاق! عدت إلى المركبة وجلست على المقعد بتوتر وأنا لا احتمل الانتـظار. لماذا يبدو كاميو واثقاً بأنه سيحضر الخريطة بتلك السهولـة؟! أنا لا أظن أنه بتلك السهولة .. مرّ الوقت ثقيلاً وتذكرت عندما كنت قادماً بمفردي كيف كنت أنظر إلى عداد الوقت كل ثانية . بدأ صبري ينفذ .. مرت ثلاث ساعات ولم يعد كاميو بعد ..! يجب أن ابقى هنا بأي حـال، خرجت ووقفت على بوابة المركبة وأنا أنظر إلى السماء المغطاة بالسحب البيضاء الجميلة . حاولت تناسي الوقت ولكن هذا لم يجدِ نفعاً، وعدت إلى الداخل مجدداً. تساءلت فجأة .. لماذا أخذ كاميو الشريحة المعطوبة معه؟؟ لقد اخذ العنوان والشريحـة، هل من الممكن بأنه هرب ولن يعود مرة أخرى؟ بدأت الأفكار السيئة تتسلل إلى عقلي وشعرت بالخوف إن كان ما أفكر فيه صحيحاً! ماذا إن كان يعرف بأنه لن يستطيع تسليمي وفكر بأن يقوم بمعاقبتي! تلك النظرة المخيفة التي كان يحدق بها نحوي! شعرت بأن عقلي لا يقوى على تحمل التفكير في هذا الأمر، لقد كنتُ ساذجاً .. كان علي اللحاق به! نظرت إلى عداد الوقت الذي يشير إلى مضي أربع ساعات . أمسكت رأسي ضاغطاً عليها وأنا أحاول إزالة ذلك الصداع الشديد!! - لقد عدت! نظرت خلفي وعندما شاهدت كاميو يقترب اختفى الصداع بشكلٍ مفاجيء وزفرت بارتياح وأنا أتمتم: - حمداً لله! - ماذا؟ هل تأخرت ..؟ أجبت وأنا أنظر إليه : - ليس الأمر كذلك، لكن .. ماذا فعلت ..؟ ابتسم كاميو بخبث وبدأ في ضحكة مكتومة وهو يقول : - حصلت عليها .. حتى مع شرطه الصعب! هتفت بسعادة: - هذا رائع .. ثم فكرت وأنا اتساءل : - ولكن .. ماذا كان الشرط ..؟ بدأ بوضع الشريحة وتشغيل المسار وقال : - أن أقوم بالاعتناء بطفلة يتيمـة إلى الأبد . - و .. ولماذا طلب من شخصٍ غريب الأطوار مثلك هذا الطلب؟ تساءلت بصدق! وعندها أجاب كاميو بلا مبالاة: - لا أعلم . - ماذا فعلت إذاً ..؟ كنت اتساءل وأنا أنظر إلى المسار الذي بدأت المركبة في تتبعه وبدأ كاميو بكتابة الإحداثيات وهو يقول: - كانت فتاة صغيرة، لكن اضطررت لأخذها معي! تفاجأت وقلت : - ثم؟ - تركتها في المطار، قلت لها بأنني سأعود ولكنني لن أفعل هذا للأبد . صرخت مفزوعاً : - ماذا!! تحولت مشاعري لعدوانية قاتلة وقلت: - وماذا إن تعرضت الطفلة للأذى! - بربك! من سيؤذيها!!؟ كانت بوابات المركبة على وشك الأغلاق ولكنني انتزعت كاميو من فوق المقعد وسحبته إلى الخارج وأنا أهتف بغيظ : - أين هي، علينا أن نوصلها لمكانٍ آمن على الأقل . كان كاميو يحاول اللحاق بي وهو يصيح : - أيها الأبله اترك ذراعي إنه يؤلمني! لقد نسيت امر ذراعه المجروح مرة أخرى! تركته بسرعة وقلت : - أنا آسف!لم أقصد أن .. قبل أن أكمل جملتي كان يعود أدراجه وهو يقول: - سأرحل لوحدي إذاً! عدت للإمساك به بكل قوتي وقلت : - مستحيل، ستخبرني عن مكان الطفلة الصغيرة! - أيها المجنون! ماذا ستفعل بها!! فكرت للحظة وقلت : - ساوصلها لأي مكانٍ آمن! - ليس لدينا الوقت! - بل لدينا!!! كان يحاول العودة وكنت اسحبه نحوي باستماتة ونصرخ كلانا موبخان لبعضنا، وعندها انتبهنا بأننا في وسط المطار، وحولنا حلقة كبيرة من الناس الذين يحدقون باستغراب نحونا. شعرت بالحرج وتركت كاميو، الذي قام بدوره بالسير عائداً إلى المركبـة!! قبل أن يبتعد كثيراً قال وهو يضحك بخبث : - ترتدي الفتاة فستاناً أحمر اللون، إذا لم تلحق بي خلال خمس دقائق سأقلع! ياله من عنيد عديم الإحساس!! لم أفكر فيه كثيراً وبدأت أبحث بعيني عن فتاة وحيدة ترتدي فستاناً أحمر اللون! ركضت هنا وهناك وأنا أبحث في كل مكان! مرت ثلاث دقائق ولم أعثر على اي أثرٍ لها! ثم .. فجأة سمعت بكاء طفلة صغيرة. التفت خلفي فوجدتها تجلس على الأرض باكية وهي تمسح عينيها بقبضتي يديها. اقتربت منها بسرعة ومسحت على شعرها بلطف حتى تتوقف عن البكاء! الآن ... ما الحل ..؟ رفعت الطفلة رأسها ونظرت إلى، كانت طفلة جميلـة جداً لديها شعرٌ بني مموج وعينان عسليتان. شعرت بالحزن لرؤية دموعها وهي تبكي وآلمني مجرد التفكير بأنها فتاة يتيمة تم التخلص منها بتلك الطريقة من شخصين على التوالي! حملتها بسرعة وعانقتها فتوقفت عن البكاء وتشبثت برقبتي.. ياللطفلة المسكينة! تبقت دقيقة واحدة ..! سوف يقلع هذا الأحمق ولم يعد لدي خيارٌ آخر . عدت إلى المركبة وأنا أحملها ولم يسألني أي شخصٍ عنها، كانت تتشبث بملابسي بصمت وكأنها توافقني فيما قررته أخيراً ، فأنا لن أترك طفلة بائسة مثلها خلفي . دخلت إلى المركبة وأغلقت البوابة وعندها قال كاميو بدون أن يلتفت إلي : - رائع! عدت في الوقت المناسب! حملت الفتاة الصغيرة فوق أحد الكراسي وقمت بربط حزام مقعدها، ثم فتحت الثلاجة وأنا أبحث عن شيء مناسبٍ لتأكله وفي النهاية أعطيتها بعض الكعك والحلوى فابتسمت بسعادة وتوردت وجنتيها الصغيرتان . شعرت بسعادة لا مثيل لها وأنا أرى تلك الابتسامة الصغيرة . وتحركت المركبة لتصدر صوتاً مخيفاً ولكن فتاتي الشجاعة بقيت هادئة وهي تأكل وتبتسم لي .. - آآآه! فرد كاميو ذراعيه في الهواء ثم تنهد وقال : - ها نحن ذا نعود أدراجنا! التفت نحوي ما لبثت أن سمعته يصرخ : - تباً لك! هل أحضرت الفتاة معك!! نظرت له ببرود وقلت : - حاولت تصحيح خطأك الفادح، أيضاً، إنها ابنتك من الآن فصاعداً!! عاد للصياح بذلك الصوت المزعج : - لا أريد أن تصبح لدي ابنة هل سمعت! انت من احضرها هنا لذلك سوف تتحمل مسؤوليتها بالكامل! كانت هناك بطاقة معلقة على صدرها. عليها صورتها ومملوءة بالبيانات بلغة بلامنيت . تساءلت وأنا اتفحصها : - توقف عن الصراخ مثل المذعور، واقرأ لي اسمها، أريد أن اعرف ما هو المكتوب هنا. لم اسمع إجابة منه، وعندما نظرت نحوه كان يضع رجلاً فوق الأخرى وينام بتلك الطريقة المتكبرة! نظرتُ شذراً وتمتمت : - هل نمتَ حقاً بتلك السرعة!! يالك من محظوظ! في النهاية استسلمت، اعطيت فتاتي الصغيرة بعضاً من المياه، كانت لطيفة جداً وفي عينيها لمعة مميزة، تلك اللمعة التي يتميز بها سكان بلامنيت ذوي العيون الواسعـة والقامة الطويلـة، لكن تلك الطفلة كانت تبدو لي قصيرة جداً. كانت المركبة تسير بشكلٍ جيّد متتبعة هذا المسـار الذي سيوصلنا إلى بانشيبرا بعد يومين أو ثلاثة . تساءلت .. كيف سيكون الوضع عندما نصل ..؟ شعرت برأس الفتاة يميل على ذراعي، نظرت إليها وهي تغط في النوم وتمسك بقطعة الكعك في يدها ولذلك ابتسمت تلقائياً وقمت بتعديل وضعية نومها .. فستان أحمر قصير وجوارب بيضاء، وحذاء لامع اسود يبدو لي مقاسه أصغر ما يكون في هذا العالم، وبذلك الشعر الطويل المموج الذي ربط جزء منه إلى الخلف بوردة حمراء .. تبدو مثل أميرة صغيرة من عالم الخيال. استيقظ كاميو فجأة وتطلع إلى المسار .. إنه قلقٌ مثلي، ولكنه بدا أكثر قلقاً مني عندما حدق نحوي ورمق الفتاة الصغيرة بنظرة احتقار ، وعندها قلت وأنا ألوّح ببطاقة الفتاة : - اقرأ هذه لي وسأكون المسؤول عنها بالكامل . عاد ينظر نحوي بتلك النظرات الداكنة الغريبة!! تساءلت في نفسي لماذا يوجد شخصٌ متناقض ومخيف كهذا الكاميو يعيش في هذا العالم! وجه انظاره بعيداً وكأنما لم يسمع ما قلته! إنه حقاً يود إثارة غضبي، توجهت نحوه ومددت يدي بالبطاقة في عناد وأنا أكرر: - هيا اقرأها لي كاميو! لم ينظر نحوي! ذلك الصعلوك!! .. سوف اقتله يوماً مـا . زفرت وأنا أفرّغ شحنات الغضب التي تراكمت بداخلي وقررت أن أتحاشاه لبقية الرحلـة. استندت رأسي على الكرسي وأنا أشعر بالدوار، ثم ذهبت في نومٍ متقطع . لا أعلم كم مر من الوقت، ولكنني سمعت صوت الفتاة الصغيرة تقول شيئاً ما، إنني حقاً لا أفهم لغة سكان بلامنيت وفتحت عيني لأرى وعندها شاهدت الصغيرة تخاطب كاميو بتردد .. ولكنه قام بتجاهلها بالكامل. انتفضت من فوق الكرسي وتساءلت بحنق : - ماذا تطلب منك ..؟ رمقني كاميو بنظرة استخفاف ولم ينطق! وعندها توجهت إلى الفتاة الصغيرة وقلت : - ماذا ..؟ حاولت أن أشير لها بيدي فأشارت نحو الثلاجـة، ربما تريد بعض الكعك أو الماء! أمسكت بيدها وتوجهنا إلى الثلاجة وعندها احضنت زجاجة المياه ثم ابتسمت . أما أنا فقد حدقت نحو كاميو بحنق وانا أتمنى قتله في تلك اللحظة!! لا أصدق بأن فتاة صغيرة تطلب منه الماء بينما يجلس متجاهلاً الأمر!! كانت الفتاة الصغيرة هادئة واستطعت ان أفهم طلباتها البسيطة بشكلٍ جزئي، وأصبحت أنا وكاميو صامتان طوال الوقت ولم نتبادل الأحاديث الجانبية .. وبتلك الطريقة، مر اليومان الطويلان .. بسلام. ومن بعيد لاح كوكب بنتاكوز الأخضر بذلك البحر الأزرق الوحيد على سطحه ... لم أصدق عيناي وأنا أرى ذلك المشهـد أخيراً! كان يبدو ذلك الحلم بعيد المنال، ولكن ها هو يتحقق الآن!! لم تفارق شفتاي الابتسامـة، انني اقترب حقاً من والدتي .. واقترب من رقبة امرجيز الذي لن أكف عن التفكير في الانتقام منه !! وعندها تكلم كاميو للمرة الأولى مقاطعاً أفكاري : - هيه، تالتن، لا يمكننا الهبوط في أي مطار. يجب أن نختار بقعة في الصحراء . كان على حق. يجب أن نهبط بدون مشاكل أو لفتٍ للانظار .. ولكنني فكرت في شيء ما ثم قلت : - لكن ألن تلتقطنا عدسات بانشيبرا بأي حال ..؟ تكلم كاميو بخبث وقال : - ولكننا لن نهبط في بانشيبرا، سنذهب إلى تيمالاسيا أولاً. كانت فكرة رائعـة، لكن ماذا إن كانت هناك حربٌ أخرى بين المملكتين!! سوف يجعل هذا انتقالنا من تيمالاسيا إلى بانشيبرا ضرباً من الخيال! كنت قلقاً ولكنني أومأت بالموافقـة، وبدأت المركبة بالتوجه إلى الصحراء الشاسعة في تيمالاسيا،، تلك الصحراء ملئية بالجبال أيضاً لذلك كان علي أن أحذر وأنا ااتحكم بالمقود اثناء الهبوط . بقي كاميو صامتاً يحدق للشاشة أمامي ... وعندها قلت : - ربما يكون الهبوط صعباً، لذا .. امسك بابنتي جيداً حتى لا تتأذى! قال مندهشاً : - ابنتك!! ابتسمت ورمقته بنظرة، ولكنه عاد إلى إخفاء دهشته وتوجه نحو الفتاة، احضرها إلى مقعده وجلس ووضعها فوق رجليه ثم لف ذراعيه حولها، كان منظرهما رائعاً .. وأيضاً، هذا جيدٌ كفاية لحمايتها .. ولكن لا أخفيكم ، أنني توقعت بأن كاميو سيرفض، لكنه لم يفعل وهذا ما أثار دهشتي بحق! بدأت المركبة بالهبوط واصبحت تسير بسرعة مجنونة فوق الأرض! حاولت التحكم بها بقدر المستطاع واحتك جانبها الأيسر في أحد الجبال مما قلل من سرعتها قليلاً، كانت تصدر صوتاً مزعجاً وهي تصطدم بالصخور الصغيرة المتناثرة فوق الرمـال ... وبعد اهتزازات قوية، توقفت المركبة أخيراً وهي محاطة بالجبال والرمـال . لقد أصبحنا أخيراً . في تيمالاسيا .. حملنا معداتنا الضرورية والطعام، واغلقنا المركبة جيداً ، ثم سار ثلاثتنا مبتعدين عنها بخطى سريعة . ولم التفت إلى الخلف ..
__________________ الى اللقاء ![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
![]() | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
رواية بنات فله والشباب عله جنــآآن لآ تفوتكم | دكتورة الحب | روايات و قصص بالعاميه | 15 | 05-28-2015 12:12 AM |
رواية الجندي الأبيض الجزء الثاني (مطاردة الأحلام) | kαtniS | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 3 | 04-28-2013 10:40 AM |
رواية نور الكون رواية جديدة من روايات سعوديه رواية نور الكون | الحب الساكن | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 13 | 07-03-2011 03:30 PM |
رواية .. الصداقة ام الحب ؟؟؟ .. لا تفوتكم ..!! | ᴙǫȥαᶅч | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 7 | 03-11-2011 07:10 PM |
رواية حللللللللللللوة لا تفوتكم | العزة لله | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 3 | 03-10-2007 04:24 AM |