03-31-2012, 11:36 PM
|
|
البجلات إخواننا في فلسطين يتضورون
إخواننا في فلسطين يتضورون جوعاً ومترفوا العرب من حولهم ينعمون بالرقاد الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، سبحانك اللهم لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، خير نبيٍ أرسله، أرسله الله إلى العالم كله بشيراً ونذيراً، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد؛ صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى. أما بعد: فيا أيها المسلمون: تقول آخر الأنباء عن واقع إخواننا الفلسطينيين في أرضهم المحتلة: إن المجاعة تجتاح تلك المناطق بشكل رهيب وخطير، وإن جُلّ الناس هناك إنما يتقوتون بالضروري الذي لابدّ منه من الطعام، وتقول الأنباء: إن أمراضاً كثيرة تجتاح الأطفال هناك، وإن نسبة (45%) خمسة وأربعين بالمئة من الأطفال يجتاحهم أمراض متنوعة من جرّاء سوء التغذية وفي مقدمتها فقر الدم، هذا آخر ما تقوله الأنباء عن واقع إخوانكم المجاورين لكم، ونحن والناس الذين من حولنا في مختلف الأصقاع العربية - ولا أقول الإسلامية البعيدة - يتقلبون في نعيم مقيم، وفي رَغَدٍ من العيش، ويتفننون في أنواع وألوان من الترف بمناسبة وبغير مناسبة. ولقد كنّا في عهد من العهود نسمع من يقول: إن حل المشكلة الفلسطينية إنما مفتاحها المشاعر القومية، فالقومية العربية هي التي تتكفل بحل هذه المشكلة التي تقادم عهدها. وكنا نسمع آخرين يقولون، بل إن مردّ هذه المشكلة ومفتاح حلها بيد اليسار الاشتراكي، ونظرنا إلى الذين يرفعون لواء القومية فما وجدناهم حركوا ساكناً، والتفتنا إلى الذين كانوا ولا يزالون يحركون لواء اليسار الاشتراكي واليساري ونحو ذلك، فما رأيناهم حلّوا مشكلة ولا قاوموا معضلة. وننظر إلى الحل المفقود وإلى المفتاح الذي لم نعثر عليه بعد، لنتبين عن طريق ما يسميه العلماء بالحصر والإسقاط لنعلم أن هذه المشكلة لا يحلها إلا دين الله عز وجل، إلا الإسلام، ولكن الإسلام لا بد فيه من مسلمين، ولا بد أن يتحقق الإسلام بغرس عقائده في العقول وبغرس مشاعره في النفوس وفي القلوب، وبمقدار ما يتكاثر المسلمون الصادقون مع الله في إسلامهم بمقدار ما تدنو هذه المشكلة إلى الحل، وبمقدار ما يتناقص المسلمون؛ ويتحول الإسلام في حياتهم إلى علاقات تقليدية وإلى أماني وإلى كلمات فارغة عن مضامينها؛ تبتعد هذه المشكلة ثم لا تزال تبتعد عن الحل. هذه المجاعة تجتاح إخواننا، والأطفال هناك يتضورون جوعاً، ثم يقعون في براثن الأمراض، ثم إن الأمراض تزجهم في المهلكة، فما أنتم فاعلون يا عباد الله؟ بل ما هو شعور القادة المسلمين الذين يزعمون أن لهم انتساباً إلى دين الله عز وجل، والذين يعلنون في المناسبات التقليدية عن علاقاتهم بالإسلام وعلاقتهم بالقرآن وعلاقتهم بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ لكأن هؤلاء الناس نسوا البدهيات التي كنّا نحفظها في فجر حياتنا الإسلامية، عندما نفتح أعيننا على البدهيات التي أنبأنا به كتاب الله عز وجل وأوصانا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. لكأننا لم نعد نعي قول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّما الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 49/10] أين هو مكان هذه الكلمة الربانية بين جوانحنا وفي مشاعرنا؟ ولكأننا نسينا ما كنا نحفظه ونحن صغار من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما اتفق عليه الشيخان من رواية النعمان بن بشير: ((المؤمنون في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)). ما أظن أن مسلماً ربّي في ظلال الإسلام ونشأ في مهد الإسلام ولم يحفّظ هذا الحديث، ولم يلقّن هذا المعنى الإنساني الذي أوصانا به ديننا الحنيف. لكأننا جميعاً نسينا قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما يرويه الشيخان أيضاً من حديث عبد الله بن عمر: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، لا يسلمه، لا يخذله))، زاد الإمام مسلم في صحيحه: ((بحسب امرئ من الشر أن يحْقِرَ أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه)). إذا كنا قد نفضنا عقولنا ومشاعرنا من هذه الوصايا البدهية التي يذكِّرنا بها كتاب الله ويوصينا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأي صلة بقيت بيننا وبين الإسلام؟ قولوها أيها الإخوة للمسلمين المترفين اليوم في بلادنا العربية والإسلامية، وواجهوا بها بادئ ذي بَدْءٍ حكامكم، إذا كانت هذه الوصايا البدهية التي يعقلها الصغار من المسلمين إذا كانت غابت عن أفكارنا ثم غابت عن مشاعرنا ومكمن العواطف في نفوسنا ألا تجيبونني؟ أي بقية بقيت من حقائق الإسلام بيننا وبين الله سبحانه وتعالى؟ أنا أعجب أيها الإخوة من أن نصبح ونمسي على هذه الأنباء التي تتسرب إلى البيوت كلها، ومن ثم لا بد أن تتسرب إلى المشاعر والعواطف الإنسانية كلها، ونحن مسلمون، مؤمنون بالله سبحانه وتعالى، ثم ننظر فنجد أن المال يراق عن يمين وشمال بكل المناسبات، بل لأدنى المناسبات، حفلات تقام على ألوان من البذخ بمناسبة وبغير مناسبة، ولا أريد أن أتحدث عن المرافق الساهرة التي تراق فيها فضول الأموال، دون فائدة بشكل من الأشكال
__________________ |