|
مواضيع عامة مواضيع عامة, مقتطفات, معلومات عامه, مواضيع ليس لها قسم معين. |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||
| ||
آراء في أشهر الآراء : سيجموند فرويد (تفسير الأحلام) .. الحلقات 2،3،4 ص 38 : هو الان حصر كل الاحلام في تحقيق الرغبات ، وهذا الحصر غير علمي ولا واقعي ، مع انه يعرف الكثير من المخاوف في الاحلام و تجاوزها او ربما حاول ادراجها بطريقة ملتوية تحت اطار الرغبة . فهو يقدم هذه المقدمات لكي اذا تبنيناها قدّم لنا ما يهدف اليه وهو تأصيل الشر كأصل طبيعي في الإنسان والنفس البشرية ، وحينها لن يسمى شرا ، بل سيسمى طبيعة . و لكن المشكلة هي في المسلّمات وليست في النتائج المترتبة عليها ، فأنا ارفض مسلمات فرويد قبل ان أقبل نتائجه ؛ لأنها غير شاملة وغير دقيقة وانتقائية . لا يمكن ان يعتبر الخوف رغبة ، و الاحلام مليئة بالمخاوف ، بدليل ظهورها الى السطح اذا كانت عنيفة على شكل كوابيس مفزعة يستيقظ النائم على اثرها مرعوبا . ولكن لم يستيقظ نائم على اثر رغبة ، مما يدل على سيطرة المخاوف و ليس الرغبات على الاحلام . و قليل من الناس بل من النادر من تتصف احلامهم بالسعادة وتحقيق الرغبات ، والاحلام من حيث سعادتها وكآبتها لهي افضل دليل ومعيار على صحة المسار من خطئه ، و كل من انحرف عن الطريق السوي ، فعلى قدر انحرافه يعاقبه شعوره في الاحلام ، اذا استثنينا الاحلام الجسدية ، وهي قليلة ولا قيمة كبيرة لها ، كأن يتعرض النائم للحرارة او البرد او اصوات مزعجة او استثارة جنسية . بموجب الكلام السابق ، يكون الحلم عبثي ، لأنه يقدم احلاما لا تقدم نتيجة كما في مثال حلم العطش ، في حين قال سابقا أن كل الاحلام ذات معنى و لها هدف ، فكيف يستمر وجود هذا الحلم الذي لا يقدم نتيجة ؟ وطالما انه لا يقدم اي نتيجة ، اذا ليس له هدف ولا معنى ! اذا هو لم يفسر الاحلام التي من مثل حلم العطش و لماذا تـَرِد .. في حلم المستشفى ، هذا يعني ان الضمير لا ينام ، كان بإمكانه ان ينام دون ان يـُقدم له حلم ، إذا فلماذا قـُدِّم الحلم ؟ هو قدّم لأجل الضمير ، واستعدادا نفسيا لعملية النهوض ؛ لأنه في حالة الحلم ، الآن هو في حالة حركة ونشاط في ذلك الحلم ، وستجده يستيقظ من نفسه بدافع من هذا الحلم . فكونه يقف امام المغسلة و يـُرجل شعره ويذهب الى المستشفى ، هذه كلها من أجل الاستعداد للاستيقاظ لأن الجسم منهك ، أي كأن الحلم يريد ان يضعه في الصورة . بالتالي فالحلم الذي يضع امامك صورة واجب من الواقع ، فهذا يعني انه يريد ان يدخلك في جوه ويمهد لذلك، لا أن يهرب بك عنه كما يتصور فرويد ، فالشعور لا يَخدَع . مثل هذه الاحلام ، أسميها احلام الإيقاظ . و مثلما ذكر قبل ذلك من مثال النائم الذي يتعرض جسمه لحرارة ، ستجده يحلم انه مثلا قرب نار ، ثم تقع قدمه في النار في الحلم ، ثم يستيقظ فزعا لأنه حرّك قدمه وهو نائم كي يبتعد عن النار ، فاصطدمت بحافة السرير مثلا ثم استيقظ ، لأن اي رسالة ترد من الجسم ، تُعيد الذات إلى الجسم وبسرعة بدافع الخوف على الجسد من الخطر . ولذلك ترى اي شخص توقظه من نومه لا بد انه في حالة فزع و لو قليلة . لذلك ايقاظ النائم بطريقة خشنة لا يخلو من خطورة . و مثل أن يقوم النائم إذا حرّك احد رجليه ليجد ان الشمس مثلا او المدفأة كانت عند قدميه ، فيغيّر من مكانه ويعود للنوم مرة اخرى . فهذه الحركة التي كانت في الحلم انتقلت الى الواقع ، فجاءت اشارات من الرِّجل الى المخ ثم الى الذات (الوعي) . فاستيقظ النائم على اثرها مثلما يستيقظ اذا حرّك احد رجله كمؤثر خارجي . و لهذا يجري تحريك النائم ممن يريدونه ان يستيقظ و ينادون عليه بصوت مرتفع كمؤثرات خارجية ، و نجد انه في حالات التعب الشديد لا يتحرك النائم ، ولكن قـُرْب الاستيقاظ تكثر الحركة لعله يصطدم بشيء فيستيقظ من النوم . ان الشعور الانساني هو الجوهرة الثمينة المودعة في كل شخص ، فهو لا يكذب ولا يكذب عليه ، وسلوكه كله محسوب وليس عبثي ، وهو الحريص علينا اكثر من انفسنا . لهذا اكثر الناس لا تكون احلامهم مطمئنة و سعيدة ، وان بدوا في يقظتهم احسن حالا من احلامهم ، فالشعور لا يغش ولا يجاري صاحبه على كل ما يرغب به ، لان له خطاً مفطوراً عليه وأمانة يريد ان يوصلها ، وإن كان لا يـُلزِم صاحبه ، بل يشير عليه و يحذ ّره بكل الوسائل . وهذا دليل على نسبة الخطأ الكبيرة في حياة الناس . فالأحلام معيار الحقيقة والطريق القويم ، ولا يمكن ان يكون الانسان على اتجاه خاطئ في يقظته وتكون احلامه سعيدة في نفس الوقت و راضية عنه . الحلم هو الذي يدخل الشخص في النوم وهو الذي يوقظه منه ، وهذه وظيفة للاحلام و ليست كل وظائفها ، ولم يفطن لها فرويد ، و لم يعلم اننا ننام بحلم ونصحو بحلم ، لكنها احيانا تكون احلاما غامضة ولا نستطيع تذكرها . النوم هو ان تنفصل عن عالم الواقع ، و حتى تنفصل لا بد ان يقدّم لك عالم آخر غير عالم الواقع ، فتترك هذا الجسد ليستريح وتنطلق الى العالم الاخر . و كذلك في عملية الاستيقاظ ، ينقلك الحلم الى الواقع ، فالحلم المذكور يجعل فرويد يستيقظ من فراشه و يرجل شعره . كل ما في الامر ان يصنع الحلم حدثا معينا يسبب حركة مثل ان يرجل شعره ويمشي الى المستشفى ، وهكذا يتحرك النائم حتى يستيقظ . فلا أحد يستيقظ الا بحركة ، منه أو من غيره . وأحلام قبل النوم خيالية اكثر من أحلام الاستيقاظ ، فهي واقعية لأجل الاستيقاظ و العودة للواقع . ولهذا السبب يتقلب النائم وربما ينزع عنه الغطاء ، في حركة حـُلـُمية . وليست كل الاحلام يتذكرها الانسان . و اثناء الحركة الاستيقاظية يلامس جسم النائم شيئا او يصطدم بشيء فيعود الى الواقع رأسا . مثل الطالب الذي يحلم بأن الامتحان فاته ، فاذا استيقظ وجد الوقت لم يحن بعد . هناك احلام ضد الاستيقاظ تجعل الواقع خيالا ، مثل جرس المنبه الذي يحوله الحلم الى سمفونية داخلة في حفلة احلام مثلا . و هذه تحدث اذا صار هناك مثير خارجي للاستيقاظ ، ولكنها ليست خطرا ، فالاحساس بالخطر يسبب رجوعا مباشرا للواقع . هو يحاول ان يجعل الاحلام معرض رغبات ، كان عليه ان يسأل : هل تحقق الاستيقاظ بعد هذه الاحلام ام لا . وبما انهم ذكروها ، فربما تكون هي اخر الاحلام وهي التي استيقظوا بعدها . وهي التي تُذكر بالعادة . هذا يشبه حال الحاقن ، فربما يحلم انه يتبول ، فتجده بعد هذا الحلم مباشرة يستيقظ و يذهب للتبول ، ولكنه لم يتبول وهو نائم ، وإلا لو كان تحقيق الرغبات هو الصحيح لكان تبول في الفراش . وهذا يثبت ان تحليل فرويد خاطئ للاحلام على اعتبار ان الحلم تحقيق رغبات كما يقول فرويد . طالما حقق الرغبات في الانتقام والجنس ، فلماذا لا يحققها في التبول ونحوه ؟ حلمه مع ر : ألم يقل انه لا مكان للندم أو المثالية في الاحلام ؟ وإنما رغبات مكبوتة ؟ الرغبة والرقابة : وضع الرغبة و وضع الندم .. كلاهما في الحلم كما فسره .. فعلى اي اساس جعل الرغبة هي النابعة من الاعماق ، بينما الرقابة قادمة من السطح ومن الخارج ؟ هذا ينبئ عن رغبته هو في تسطيح المشاعر الطيبة ، و نفي جذورها الضاربة في النفس .. حلم السمك المدخن : واضح تفسير الاحلام عند فرويد أنه مرتبط بالرغبة بالشر ، هذا هو التفسير الفرويدي للأحلام .. وكل حلم يقابله يفسره بأنه رغبة للشر ولكنها مكبوتة ، ولاحظ كثرة تفسيره للأحلام بالحقد الدفين ، ولو سال الحالمين هل انتم تحقدون ، لتفاجئوا بهذا السؤال ، فهو يريد ان يجعلهم حاقدين رغما عنهم ، وهذا ما اضطره لاختراع فكرة العقل الباطن الذي لا يعيه صاحبه ، ليجعله مخرجا وخزانا للشرور والغرائز المنفلتة والانانية التي تريد ازالة الجميع عن الوجود ، ليقول للشخص : أنت تحقد أو ترغب جنسيا ، فيرد الآخر : إن هذا لم يدر في خلدي ، فيقول: لا !! هو دار في خلد عقلك الباطن ، الذي لا تعرفه وأنا الذي اعرفه !! نلاحظ ان انصار فرويد يعظمون ويجلون اكتشافه لما يسمونه بالعقل الباطن ، لأنه هو المخرج لتوهيم الناس بان قلوبهم مليئة بالشرور ولكنهم لا يعلمون ، لأن العقل الظاهر يحاربها ويراقبها ويمنعها من الظهور للسطح ، مما يساوي أنني انا وانت والاخرين عبارة عن اشرار ، لكننا لا نعرف مدى ما نحمله من شر .. وهذا ما يفسر لنا اضطراره لفكرة الهو و الانا والانا الاعلى ، كحل لهذا المأزق .. هكذا فكّر فرويد .. وهذه هي وسائله لادخال هذا الوهم الخطير الى المجتمعات .. ومن خلال هذه الفكرة اللعينة (العقل الباطن الشرير) ، من الممكن توهيم الآخر بما لا يدركه ولا يحسه بكل بساطة .. ولاحظ أن هذه الطريقة طريقة سحرية وليست علمية ، لأنه يحيل الشخص الى مجهول ، وهو العقل الباطن الذي لا يحس ولا يدرك على حسب افتراضه .. مع ان هذا المجهول لا وجود حقيقي له ، فكيف يوجد شيء لا يدركه عقل صاحبه وهو فيه ؟ وكيف نتذكر اشياء لا نتذكرها ؟ لهذا كبروا كلمة "اكتشاف العقل الباطن" ، ففرويد اكتشف غير الموجود في الحقيقة ، لكي يوصّل ويؤصل من خلاله وجود الشر في الانسان . و ليعتبر الخير شيء طارئ صنعه المجتمع ليس الا .. لاحظ انه لا يرجع الخير الى العقل الباطن ، فقط يرجع الشرور والاطماع والاحقاد والشهوات و الوحشية .. اذا فرويد لم يرد خيرا بالبشرية ، واراد ان يحولهم الى الشر والفساد والتدمير .. كأنه يقول لهم : هذه هي طبيعتكم فلا تنفروا منها واستجيبوا لها .. لاحظوا ولا ننسى ايضا ، أن فرويد كان يمارس التنويم المغناطيسي و فشل فيه ، فاضطر الى اختراع هذه الخدعة لكي ينوم الجميع دفعة واحدة .. ونجح بتنويمه للغرب دفعة واحدة .. كل محاولاته من اجل ان يسقط الدين والاخلاق .. وهو شخص ملحد و يهودي الاصل وعضو في منظمة بناي بريث القومية المتطرفة ، و الجميع يعرف ان القومية المتطرفة اليهودية تحمل عداء للاديان والشعوب الاخرى (الجوييم) ، و تريد ان تنتقم منهم وتعيد لهم نفس التهم التي الصقوها باليهود عبر التاريخ ، مثل الحقد والطمع والشهوانية والمادية والانانية والجشع الخ .. هذه النقاط هي التي يفسر من خلالها فرويد ليس الاحلام فقط ، بل الانسان كله .. كي يقول : ما فيش حد احسن من حد .. و مع الاسف ليست افكار فرويد فقط التي تنحى هذا المنحى ، هي نفس افكار الماديين و الماسونيين النورانيين ، إلخ السلسلة المادية الالحادية و العدمية . كل انسان لا شك انه تخطر عليه خواطر من الرغبات الفجة والشهوانية ، و غالبا يطردها بسرعة .. على هذه الهمزات الشيطانية اعتمد فرويد (اي كأن الشيطان هو اصلنا) ، و كأنه يقول لكل شخص : ما دام انها تاتيك مثل هذه الخواطر و تحاربها ، اذا العقل الباطن هو الذي اتى بها ، و العقل الواعي صنيعة المجتمع والدين والحضارة هو الذي طردها ، اي ان الطارئ يطرد الاصلي ، ومن هنا صدقه الكثيرون بوجود منطقة العقل الباطن الشريرة الوهمية .. و نسي او تجاهل ان الانسان تاتيه خواطر خيرة و يطردها احيانا .. على اعتبار انها مثالية و صعبة التطبيق .. فلماذا لا يقول انها جاءت من العقل الباطن ايضا ؟ واذا كان العقل الظاهر هو الذي يرد داوفع العقل الباطن (الشريرة طبعا حسب فرويد) ، فمن الذي رد تلك الدوافع الخيرة والمثالية والتي تمر ايضا بنفس الطريقة ؟ وهي بالطبع لم تاتي من العقل الظاهر الذي صنعه المجتمع حتى يقول ان العقل الباطن هو الذي ردها ! لأنها ببساطة غير موجودة في المجتمع بسبب مثاليتها الزائدة .. ثم اذا كان العقل الظاهر هو المسيطر وهو خيّر كما يراه فرويد و مـُقحـَم على العقل الباطن ، اذا لكانت الدنيا جنة ، فمن اين هذه الشرور التي لا تتوقف ليل نهار وفي كل مكان على ظهر الارض ؟ كل ما في الامر ، اذا اردت ان ترد على فرويد : انظر الى الجانب المظلم الذي همّشه و سلِّط أنت الضوء عليه .. وهنا يهرب شيطان فرويد كما تهرب بقية الشياطين اذا رأت النور .. لاحظ نيته الخبيثة في تركيزه على ناحية الرغبة في الاحلام ، و كأنه يقول : ان الرغبة ، وليس الخوف من الله أو الخطأ ، هي محرككم الاصيل ، فتحركوا بموجب الرغبة ، و ما الرغبة الا شهوات كالجنس أو شرور كالانتقام .. فأطلقوها حتى تستجيبوا لذواتكم وتكونوا انتم ، وبالتالي تشفون من امراضكم العصبية ! .. مع ان الناس يعرفون ان اكثر احلامهم تصوير لقلق ومخاوف ، وليست رغبات .. بل هي الاقل في الاحلام .. فالخوف هو سيد الاحلام ، ثم هو يفسر الخوف بانه رقابة من العقل الظاهر على الحلم ايضا .. واذا كان العقل الظاهر يراقب الحلم بهذا الشكل ، فلماذا يسمح بالتجاوزات اللامنطقية في الحلم ؟ هو يحيلنا على وهم ، فكيف يسمى عالما ؟؟ العالم هو من يحيل الى وضوح .. وليس الى الغموض .. ما الفرق بينه وبين الساحر والمشعوذ ؟؟ الساحر يحيل سلوك الانسان وامراضه الى السحر ، واذا قلت له : ما هو السحر واين السحر ؟ قال لك : هو شيء غامض لا يعرف ، والساحر فرويد يحيلك إلى العقل الباطن .. وهو شيء غامض ومبهم ولا يحسه صاحبه ولا يعرفه إلا من خلال فرويد .. اذا فرويد مثل الساحر : يحيلنا على مجهول .. لكنه سمي عالما وبقي الساحر ساحرا وبقي المشعوذ مشعوذا .. هذا مع أنه لا يعتمد على شيء علمي في تفسيراته .. و كل ما يقوله عن ان سبب الاحلام هو الرغبة ، تستطيع ان تقول أن سبب الاحلام هو الخوف .. حتى لو كانت الرغبة ظاهرة في الحلم ، تستطيع ان تقول انه خوف من ذهاب تلك الرغبة .. كل ما في الامر هو أن فرويد فسر لنا نفسه و ما تنطوي عليه ، ولم يفسر الاحلام كما هي ولا الإنسان كما هو .. اذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه .. وصدّق ما يعتاده من توهم .. وهذا هو ظن فرويد : احقاد وشهوة انتقام وشهوات جنسية إلخ .. من العفن العميق في نفوسنا حسب وجهة نظر فرويد ، والذي يتجمّل هو لكشفها لنا .. اي يتجمل عن طريق قبحنا .. هذا اختزال كريه لمكنونات النفس البشرية ، و تعسّف كل صورة للاحلام على انها من النوع السيء .. والإنسان – اي انسان- كما يعلم الجميع ، ليس كله سيء ، فلماذا اذاً تكشفه احلامه على انه ليس فيه الا السوء ؟ هنا يكون الشك في الكاشف وليس في المكشوف .. لا اظن فرويد انه يستطيع ان يفسر حلما واحدا على محمل اخلاقي يحمل الخير و الرقي .. ان هذا الشيء يتعبه .. وحتى في تحقيقاته مع الحالمين ، يتلمس خيوطا للرذيلة يتمسك بها حتى يعيد جدلها بقوة .. ويبني عليها حكمه .. انتهت الحلقة الثانية .. وتليها الحلقة الثالثة بإذن الله ..
__________________ |
#2
| ||
| ||
الحلقة الثالثة : حلم اوتو و كارل : ما فائدة الاحلام اذا صارت الرقابة موجودة ؟ ما فرقها عن الواقع ؟ اذا كانت الرقابة موجودة فلماذا لا تراقب عدم منطقية الحلم مثلما تراقب عدم المنطقية في حالة اليقظة والوعي ؟ وما دامت الرقابة قائمة بهذا الشكل الدقيق حتى في الحلم ، فلماذا تظهر الرغبة الغير مرغوبة ؟ اين الرقابة عنها ؟ و ما دامت تحب المحاضر ، فلماذا لم تحلم به مباشرة ؟ ما شأن الموت و حبها له ؟؟ والحب متعة ، فلماذا تنغص على نفسها بآلام الموت ؟ الا يرى اننا نضحك على تناقضات كثيرة في الاحلام ؟ فاين الرقابة عنها ؟ لماذا لا نقول ان رؤية ذلك المحاضر ذكرتها بحضوره السابق عندما مات اوتو فخافت على الطفل الثاني ؟ الم تقل لفرويد انها تحب الطفلين ؟ بينما حبها للمحاضر هو من توقعات فرويد ، والتوقع ليس مثل الاعتراف ؟ ثم هو يصر على ان حلمها رغبة ، بينما هي تتحداه في اين هي الرغبة في حلمها .. والرغبة لها انعكاس بالبهجة ، ولم تقل له ان حلمها كان بهيجا ، اذاً الرغبة لم تحقق شيئا ، اي انها لم تكن موجودة في الحلم اصلا .. أي تحقق للرغبة يضفي بهجة ، فلماذا مثل هذا الحلم ليس بهيجا ؟ بعد ان قامت من نومها ، لا شك انها تألمت مما رأته في الحلم ، بل وفرحت انها كانت تحلم و لم يكن حقيقيا ، بينما الرغبة تكون على العكس من هذا تماما ، فيتمنى المستيقظ انه لم يستيقظ .. سؤال اخر : لماذا تظهر الرغبة بشكل مباشر و صافي وطويل احيانا في الاحلام ؟ و تذكرها بعد اليقظة واضح ، فاين الرقابة عنها ؟ هناك اناس لم يروا حلما سعيدا في حياتهم ، وهم مليؤون بالرغبات . و زد على هذا ، انهم من النوع المتحرر في الواقع ، اي لا يمارسون كبت و لا قمع على انفسهم في الواقع .. بعبارة اخرى : هم اناس مستغرقين في المتعة واللذة (الرغبة) في اليقظة ، و متالمون وصارخون في الاحلام ! فهل يعقل انهم يمارسون رقابة و هم نومى ، ولا يمارسونها وهم مستيقظون ؟ و ان المجتمع والدين والاخلاق تؤثر بهم اذا ناموا فقط ؟ و كأنها بطانية نسجها المجتمع ؟ فإذا نام تسلّط ذلك المجتمع عليه وحرمه من رغباته التي لم يحرمه منها في اليقظة ؟؟ واضح ان في الامر خطأ اساسي في فهم الانسان .. أحداث اليوم السابق : هذا ليس صحيح ، الحلم له صلة بالذاكرة ، الذاكرة غير زمنية ، عندما تتذكر منظرين من مناظر الذاكرة ، احدهما قديم والاخر حديث ، لا تجد اي فرق سببه الزمن بين المنظرين .. فبقاء الحدث على حسب صفاء ادخاله للذاكرة وعلى الحاجة لتثبيته فيها ، ولا شأن للزمن بعد ذلك .. اذا الحلم ليس شرطا انه مرتبط باحداث اليوم الماضي مثلما افترض فرويد ، واي شخص يتذكر احلامه يعلم هذا ، في النادر ان تكون مرتبطة باحداث اليوم الماضي .. وهذه المحاولة تعسفية متكلفة حين يسال صاحب كل حلم : ماذا فعلت في اليوم السابق .. ليقوم باعتساف الربط ، مع ان الحالم لم ير شيئا من احداث اليوم السابق .. وهي عملية تسطيحية للأحلام وتفريغ لها من رسالتها الشعورية العميقة . يعتقد فرويد انه لا يؤثر علينا سوى الاحداث والاشخاص الاخرين ، على مبدأ الورقة البيضاء التي يتبناها الفكر المادي الالحادي ، وهذا غير صحيح . فأحيانا لحظة تأمل أو تفكير تنبع من داخلنا ، تغيـّر مجرى حياتنا بالكامل بدون احداث ولا اشخاص .. وتجعلنا نؤثر على الآخرين .. بدلا من ان يؤثروا علينا كما يفترض الماديون .. اذا عجز فرويد ان يجد علاقة بين الحلم واحداث اليوم السابق ، لجأ الى الميتافيزيقا ، وفسر عجزه بقناع يضعه العقل الواعي ، حتّى يخطّأ فرويد في تفسيره .. ! لماذا العقل الواعي مرة يضع قناعا ومرة لا يضعه ؟ لماذا لا نقول ان فرويد عجز ان يجد علاقة بين الحلم واحداث اليوم السابق في حلم ما .. ؟ أم أن هذا لا ينبغي ، ونضع العقل الواعي و رقابته شماعة لأخطاء فرويد في التفسير ؟ هو لم يحدد علميا متى يتدخل العقل الواعي و متى لا يتدخل ، ولماذا .. اذاً كل ما في الامر انه قدم شماعة و مخرج للاسئلة المحرجة .. ثم كيف يتدخل العقل الواعي والشخص نائم ؟ اذا هو واعي ومستيقظ و ليس نائماً ! النائم نائم والواعي واعي .. في الحقيقة ، يبدأ "إخراج" الأحلام معتمدا على الاشياء التي جرى التركيز عليها شعوريا في الاونة الاخيرة و ليس في اليوم السابق فقط ، أو معلومات و ذكريات متكررة ومتركزة عبر السنين (اعتيادية في العقل الوسيط) ، سواء رآها الشخص و ركز عليها ، او سمع احدا يتكلم عنها ، او شاهد فيلما ، او فكر هو و ركز في ذهنه على اشياء ، فالشعور ينظر في هذه المجموعة الجاهزة من قديم و حديث و يستعملها في الحلم كمداخل جاهزة لتفريغ المشاعر من خلالها ، و الحديثة اكثر لقربها من التركيز ، و ليس يحلم لاجلها (الا اذا وضح الشعور ذلك ، مثل من يرى طعاما في الحلم ، ويشعر بالجوع في الحلم ايضا ، اما من يرى طعاما ولا يشعر بالجوع فالطعام هنا وسيلة لفكرة اخرى و ليس غاية) ؛ والسبب ان النائم او القريب من النوم في حالة كلل ذهني ولا يستطيع ان يركز ، فيأخذ الشعور من المـُركـّزات الجاهزة والقريبة التناول كمداخل ليصنع منها احلاما ، لدرجة انك تستطيع ان تركز على اشياء وتدخلها في احلامك احيانا . لكنها ليست هي المقصودة في الحلم كما يتبادر الى اذهان اكثر المفسرين ومنهم فرويد . وهذا يسقط فكرة الرمزية في الاحلام ، فما هذه الصور الا وسائل ، و الدليل انها مأخوذة من اهتمامات اليوم السابق . الحلم يبدأ منطقيا ثم يأخذ منحى بعد الاستغراق في النوم ويبتعد عن المنطقية تبعا لتنامي الكلل الذهني الواقعي ، اي يتحرر من العقل الواقعي ، فينطلق كما يشاء ، لهذا السبب يحلم الاطفال من واقع ما يثيرهم في اليوم السابق . ولهذا السبب لا نجد احداث اليوم السابق كما هي ، فهي مجرد وسائل جاهزة لا تحتاج الى تفكير . ولهذا يغيرها الحلم ولا يبقيها على حالها ، ولهذا الاحياء تحتاج الى النوم ، لان الواقع يحتاج الى تركيز والتركيز مرهق ، وهذه هي فائدة النوم الحقيقية . وليس لراحة الجسم فقط كما يقول الاطباء . بدليل : اجعل شخصا ينام 7 ساعات ، وشخص اخر يستلقي مثل النائم 7 ساعات ، ستجد الاول زادت راحته والاخر زاد تعبه ، مع ان عضلات كليهما مرتاحة . لان المستلقي يزداد تفكيره و بالتالي يزداد ارهاقه . والتفكير الضاغط والتركيز هو اقوى اسباب الارق ، ان لم يكن هو الارق نفسه . هذا في حالة التركيز الغير اختياري ، وغالبا ما يكون في اوضاع تغلب عليها الضغوط النفسية والمشاكل العاطفية . اما التركيز المختار كمذاكرة التلاميذ في الليل او قيادة السيارة ، فهي تؤدي الى الشعور بالرغبة بالنوم ، وربما لو انشغل الشخص بشيء آخر يذهب ذلك الشعور القوي لحاجة النوم . لكن اذا كان مع السائق الارق من يحادثه يزداد تركيزه . اذا الاحلام راحة لانها تحرر من سيطرة عالم المادة ، اذا التركيز ليس الا الارتباط بعالم المادة وقوانينها وما يتعلق بذلك من اخطار . مشاكل الواقع تنتقل الى الاحلام لكي تـُعالج ويوضح الخاطئ منها والصواب . اذا : على عكس فرويد تماما : الحلم يبدأ من احدث الذكريات وليس من اقدمها . لينطلق من احدث الذكريات المهمة عند الشعور الى ما يشاء ، لان الشعور مهتم بالحاضر والمستقبل ، وليس بالماضي ومشاكله ، فضلا عن الماضي السحيق المنسي في الطفولة المبكرة كما تصور فرويد . و يجب ان نلاحظ ان الحلم يعتمد على ما جرى الاهتمام به و التركيز عليه ، وليس شرطا ان يكون حاضرا ، و يعتمد عليها كوسائل وليس غايات بحد ذاتها ، فمثلا رايت قطارا مسرعا قد يدخل في حلمك ولكن ليس لكي تتعرف على عالم القطارات ، بل ليوظفه لغاية شعورية ، كأن تكون راكبا في قطار امامه البحر و يسير بسرعة جنونية لينبهك ان مسيرة حياتك ليست سليمة ، اي ليعبر الشعور عن قلقه ، وقد تكون ركزت على منظر طفل رايته في ذلك اليوم ، فيجعل منه الحلم واقفا في طريق ذلك القطار . او يجعلك انت ذلك الطفل . كما نلاحظ ان الذكريات لا قيمة حقيقية لها وليست هي المقصودة في الاحلام ، و لم يصنع الحلم لاجلها ، لانها موجودة في الذاكرة ، ولكنها وسائل لتمرير ما يريده الشعور ، لهذا يعبث بها ويقلبها كما يشاء . ولو كانت مهمة بذاتها لقدمها كما هي ، واذا لم يعتمد الشعور على ذكرياته من صور واشكال واصوات و و الخ ، فعلى ماذا يعتمد ؟ والكبت القديم لا قيمة له ، لان الشعور معني بالكبت الحاضر ، فليس الشعور مجنونا لكي يهتم بمشاكل ولى زمانها ، بينما لديه مشاكل حاضرة ومستقبلية . فشخص كان جائعا قبل يومين ، والان هو يعاني من التخمة .. هل يهمه شعوره بالجوع قبل يومين ؟ ام انه مشغول بشعوره الان و ما يعاني منه ؟ بل اذهب الى اكثر من هذا ، ان الشعور لا يـُحسّ إلا في وقته ، ولا يتكرر الشعور مرة اخرى ولا يمكن استرجاعه كما هو ، اما ما نعرفه عن الامنا و افراحنا القديمة ، فليس الشعور يتكرر فيها ، وإنما سيناريو و تفكير صنعهما العقل عن تلك الذكريات . لاننا لا نقدم احاسيسنا و واقعنا كما كانت بالضبط . وهذا واضح عند كثير من الناس مثلا عندما يصف طفولته بانها سعيدة ، سوف يقدم لك وضعا مثاليا يستبعد فيه كل الاشياء المؤذية ، وهذا قطعا لم يكن هو الواقع ولم يكن هو شعوره في ذلك الوقت . سيقول لك : كنا ونحن صغار لا نهتم بشيء ، لكنه عندما كان صغيرا لم يكن يعلم بهذه الميزة ، اذا هو يصف افكاره عن تلك الفترة و ليس شعوره . لان الشعور لا يتكرر ، فضلا عن ان ينحبس ويظل كذلك لسنين طويلة . مع ان مشكلته حـُلت . ولو جارينا فرويد لصار شعور الانسان يتمسك بما لا قيمة له .. نحن لا نذوق الشعور مرتين و بنفس الدرجة ، حتى شعور الالم لا يتكرر هو نفسه بنفس الدرجة . كذلك شعور البهجة لا يتكرر نفس الشعور عند تكرر نفس المؤثر ، فلكل مؤثر شعور مستقل ، اذا كل شعور ياتي مرة ولا يعود مرة اخرى . وهذا يسقط فكرة الكبت لشعوري ، ويسقط فكرة مادية الانسان ، وإلا لكان يتكرر نفس الشعور بطريقة الية حسب تكرر المؤثرات . كل مرة يسمع فيها الانسان اغنية مفضلة ، يسمعها بشعور مختلف ، واذا توقف تجدُّد الشعور نحوها ، توقف اقباله على تلك الاغنية ، وتحول الى الملل . اذا فرويد يتكلم لنا عن رغبة مكبوتة ، اي شعور يستمر مكبوتا يكرر نفسه طول السنين ، مخالفا بهذا ابسط فهم للشعور الانساني الذي لا يتكرر ولا بين اللحظة واللحظة الاخرى . فكيف يبقى حبيسا لعشرات السنين وهو هو ؟ وهكذا نعرف ان الماديين هم الابعد دائما عن فهم النفس البشرية ، لاحظ اننا كثيرا ما نتمنى استحضار شعور سابق بهيج تجاه شيء ، ولكننا لا نفلح . رغم اننا نـُعـِد نفس المؤثرات الخراجية ، مما يعني ان الشعور لا يتكرر ولا يختزن ولا يثبـَّت لا في عقل ظاهر ولا باطن ، مع عدم اقرارنا بوجود العقل الباطن الغير مدرك اصلا ، بل يعبر عن لحظته ويذهب لياتي شعور اخر بعده ، مشكلا نهر الشعور المتدفق والذي يمشي الى الامام إلى ان تتوقف الحياة ، وليس الى الخلف . اذا : كل الصور والاشكال لا قيمة لها بذاتها في الحلم ، ولا تـُفهم الا من خلال معرفة الشعور المصاحب لها . لان الصور قد تستعمل في اكثر من حلم . اذا كل رموز فرويد وغيره من المفسرين لا قيمة لها . فالشعور ليس محتاجا للترميز ، لانه يتواصل مع صاحبه . والعقل اصلا موجود في الاحلام وليس كما يتصور فرويد ان العقل الواعي غائب في الحلم . ولو لم يكن موجودا ، فكيف سيتم اخراج الحلم ونحن نرى في الاحلام اننا نفكر بنفس العقل الذي نفكر به ونحن في حالة الوعي ؟ بل احيانا نفكر بطريقة اذكى و افضل ، فأحيانا تنتج افكار عبقرية وحلول لمشاكل لم يستطع العقل في حالة اليقظة ان يحلها .. كثير من المبتكرين اشاروا الى انهم حلوا كثيرا من المشاكل في احلامهم ، اذا العقل الواعي موجود في الحلم وليس غائبا ولا في موقع الرقيب كما يتصور فرويد ، لانه موجود و يفكر في الحلم ، بل و يشارك الشعور في بناءه ، فكيف يكون العقل رقيبا على نفسه ؟ لا يمكن ان يتم حلم بدون عقل واعي (قانون) .. المفقود في الحلم هو المنطق الواقعي ، اما الاحساس و العقل فموجودان في الحلم ، وهذا الفقد له فائدة ، حتى لا تختلط الاحلام مع ذكريات العقل الواقعي . فمثلا شخص بل اكثر الاشخاص يحلمون في اماكنهم القديمة ، لسبب انها حاضرة في اذهانهم واحلامهم اكثر لان شعورهم اعتاد عليها اكثر ، فادخالها في الحلم اسهل من ادخال المسكن الجديد ، و وجود الاشياء القديمة في الاحلام بكثرة هو ما وهـّم فرويد ان الاحلام تعتمد على الذاكرة القديمة . لكن الحقيقة و بكل بساطة هي لأن الوصول اليها اسهل بسبب الاعتياد . لان الحلم حالة عدم تركيز ، ولاحظ ان الانسان وهو مستيقظ في حالة الشرود ، يرجع للاشياء التي اعتاد عليها قديما ، فمثلا شخص غيّر مكان اقامته في المدينة ، لا بد انه سهى عدة مرات و اتجه الى البيت السابق ، لانه في حالة عدم تركيز ، هذا تماما ما يجري في الاحلام .. اذا كان في اليوم السابق اشياء لفتت الانتباه ، سوف تدخل في اخراج الحلم ، و اذا لم توجد ، فسوف يعتمد الحلم على القديم من الاشياء التي جرى عليها التركيز وتكون حاضرة في الذهن . و هذا معاكس تماما لما ذهب اليه فرويد ، فهو يجعل الاحلام تعتمد على ذكريات منسية ، وهذا ما لا يستطيعه العقل الحالم ، فالتذكر عملية شاقة وتحتاج الى تركيز كبير ، و عرفنا ان الحلم لا يستعمل الا اشياء واضحة مركـّزة في الذاكرة ، فكيف به ان يعتمد على ذكريات منسية ايضا ؟ لاحظ ان الانسان يحتاج الى حالة من النشاط والتيقظ الكبيرين لكي يتذكر تفصيلات حدث قديم ، كذلك التلميذ في الامتحان ، يحتاج الى تركيز كبير حتى يتذكر ما درسه قبل مدة . اذا ً هناك تناسب طردي بين الذكريات القديمة والتركيز العقلي ، فكلما زاد التركيز كلما زادت القدرة على تذكر التفاصيل القديمة ، وهذا يتناسب مع حالة اليقظة والنشاط وليس مع حالة النوم التي يكسل فيها كل شيء ما عدا الشعور . الشخص المستيقظ لتوه من النوم ، تكون ذاكرته ضعيفة قبل ان يشرب قهوته ، لان الذاكرة تحتاج الى مجهود و طاقة ونشاط ، ولهذا كبار السن تضعف ذاكرتهم اليومية لان اجسامهم ضعيفة ، لكن الشعور شيء آخر لا يعتمد على الطاقة ولا التركيز ، لهذا يتذكر كبار السن امورا و احداثا قديمة بكل صفاء و وضوح ، ولكنهم لا يستطيعون حفظ رقم التلفون او عنوان مسكنهم الجديد الا بصعوبة . وهكذا نعرف لماذا اشياء تظهر في احلامنا واشياء لا تظهر ، واحيانا تظهر اشياء غير مهمة لنا ، والسبب هو اننا قد ركزنا عليها في اليوم السابق ، سواء رايناها او قرأناها او سمعنا بها او نحن تذكرناها و ركزنا عليها . بعبارة اخرى : الاحلام تعتمد على الذاكرة المنشَّطـَة ، و ما يرد في الاحلام ليس هو المقصود ولا رمزاً الى مقصود . لأن لكل حلم سياق شعوري ، وهو المقصود تماما ، مثلما نشاهد الفيلم ، نرى فيه احداثا وصورا وقصة وممثلين ، لننتهي في الاخير الى هدف الفيلم ، كأن يكون رفض الاستعمار و التسلط ، او انتصار الخير على الشر والمحبة على العداوة او غير ذلك من الاهداف ، وكلها اهداف راقية ، وهذه هي ثمرة الفيلم ، اذا الحلم له ثمرة ايضا ، وأحرى بكل شخص اذا ان ينظر الى احلامه من خلال هدفها وثمرتها ، ويهتم بهذا الجانب وإلا لاصبح مثل مـُشاهد الفيلم الذي لا يذكر منه الا الوان السيارات او الملابس التي كان يرتديها الممثلون . ونحن نؤمن بالرؤيا ، ولكن فهمها وتمييزها عن الاحلام العادية يحتاج لان تكون بطريقة مختلفة عن طريقة الاحلام العادية . فالتكرر مثلا علامة بارزة على الرؤية ، لان الاحلام لا تتكرر بسبب ان الشعور لا يتكرر ، فلو تكرر حلم بنفسه شكلا ومضمونا لاصبح حلما غير عاديا . وربما ايضا من علاماتها : سمو هدفها ووضوح الرؤية وعدم اختلاطها وتصديق الواقع لها ، والله اعلم . حتى الاحلام المفزعة والمخيفة ليست الا منبهات لتعديل المسار الى الطريق السليم . وهكذا يجب ان يكون تفسير الاحلام حتى لا يفرّغ من رسالتها مجاملة ً لاصحاب الاهواء . فضلا عن ان تحرف عن رسالتها الى عالم الرذيلة كما فعل فرويد مع الاسف ، حيث جعلها تحمل رسائلا خبيثة كالانتقام والحقد والشهوة الجنسية المستعرة والانانية وحب التملك ، مع ان صاحبها لا يشعر بذلك .. هذا عكس كامل لرسائل الاحلام ، لدرجة انه يفسر من يقوم فزعا من نومه لانه رأى والده ميتا او مقتولا ، بأن هذا الشخص الحالم في داخله كان يتمنى هذه الميتة لوالده . ليس بعد هذا "القلب" من تزوير . آن الاوان لكي تـُدرس الاحلام على طبيعتها و من خلال اهدافها التي تشير اليها مشاعرها المصاحبة .. حتى نستفيد من هذه الدروس اليومية ، والتي تقدّم لنا رغما عن اختيارنا . انها نعمة مهدرة واحيانا كثيرة مزورة .. لكل الاحلام اهداف ، ولا يوجد شيء عبثي في الطبيعة . و كل اهدافها تنصب في جانب الخير والحقيقة . لكن ليس كل انسان يقبل الحقيقة ، خصوصا اذا كانت ضد هواه واختياره . لان دافعها هو الشعور ، والشعور لا يعرف الا البحث عن الطريق الامثل في كل شيء . انتهت الحلقة الثالثة .. وتليها الحلقة الرابعة بإذن الله ..
__________________ |
#3
| ||
| ||
الحلقة الرابعة : هذا تصريح واضح أن منهجه في التفسير هو الخبث ، اي تفسير البراءة بالخبث .. وبالتالي فالخبث معتمد في كل نظرياته .. الحقيقة ان تفسيره هو للحلم غير بريء .. فرويد فسر نفسه ولم يفسر الحلم ، فهذا ربط سخيف وبعيد ، وكأن الجنس هو محور الكون ! كأنه ينسى او يتناسى أن الجنس له اجواؤه اصلا .. فامرأة منشغلة بسوق و شراء حاجيات للمنزل وصرف و اسعار و اخطار طريق إلخ .. كيف ستفكر بهذه الاشياء من خلال اشكال الخضر نفسها ، و كانها لا تعرف الخضر !!؟؟ حتى المريض بالادمان الجنسي لا تستثيره اشكال الخضر او المطارق او البنايات ، وتحرك فيه دوافع جنسية .. الجنس مرتبط بالجنس الآخر من البشر وليس مرتبط بالخضر والاشكال الهندسية .. حتى الناس المدمنين على النكات الجنسية ، لا يشعرون بدافع جنسي ، بل بدافع الفكاهة التي لا تغضب احدا ، وهي قادرة على اضحاك اي شخص حسب اعتقادهم .. اذا كان الحلم مرتبط باحداث اليوم السابق ، هذا يعني ان فرويد يقول ان الحلم مرتبط بالواقع ، بينما الواقع يقول : لا يمكن لأحد أن يدخل سوق الخضار و الجزارين ، ويخرج وهو مستثار جنسيا ! اذا تفسيره خيالي وليس واقعي ، ما دام ان الحلم يفسّر بالواقع كما هو منهجه .. ثم إن محل القصاب اخر مكان يثير الغريزة الجنسية ، انه مكان يذكر بالمشرحة والموت والدماء والروائح الكريهة والحشرات الطائرة و ليس بالجنس ، وهي اكثر الاشياء تنفيرا من الجنس .. وهذا ما يفسر ضعف الدافع الجنسي عند رؤية اثار اصابة او اعاقة كالاعضاء المبتورة او الجروح النازفة او الاورام عند الطرف الاخر .. فالمرض والموت في تضاد مع الجنس .. وحتى لو كان للفظة اكثر من معنى ، فالمعنى الاخر للفظة لا يتبادر الى الذهن ابدا ما دمت منشغلا بأحد معنييها .. لا أحد يجمع معنيين في وقت واحد .. فالعقل لا يستطيع التركيز الا على شيء واحد .. فعندما يقول الطبيب للطلبة وهو يشرح لهم العين و تركيبها ، لا يمكن ان يتبادر الى ذهنه او ذهن الطلاب المعنى الآخر لكلمة عين بمعنى نبع الماء او البئر .. ولا ان يسبب هذا اشكالية في الفهم .. فالكلمة يحكمها السياق دائما .. اذا كانت كل هذه الرغبات الجامحة والتي تنزّز مع كل جهة ومع كل اداة و كل شيء نتناوله في حياتنا وأحلامنا .. اذا اذا اُطلق الامر لعنانه و فتح صمام الخزان على مصراعيه ، فماذا سيكون الوضع ؟ هل سيقضي الناس ليلهم ونهارهم بالجنس ؟ هذه الفكرة لا تتحمل تطبيقها كما يريد .. فتطبيقها يفضح تهافتها .. و لماذا يتقزز ممارسو الجنس كلما اسرفوا في الجنس ، و يفقدون اثارتهم ؟ بموجب كلام فرويد ، الجنس مثل بئر البترول الذي يريد ان ينفجر باي وسيلة ، او البركان ، لانه جعل الانسان لا يفكر الا بالجنس ولا يحلم الا بالجنس .. على راي المثل (حلم الإطط كله فيران) .. و بقية حياة الانسان واهتماماته لا قيمة لها و لا وجود ! الانسان من وجهة نظر فرويد انبوب او اسطوانة مليئة بالمواد الجنسية ليس الا ، و تخرج مكنوناتها من ادنى شق او فتحة ! السؤال الفلسفي : أليس الجنس لبقاء النوع ، وهي واحدة من حاجات الانسان وغرائزه ، و ليست كلها ؟ اليست عملية التلقيح تتم من خلال حيوان منوي واحد إلى بويضة واحدة من بين ملايين الحيوانات المنوية التي تخرج في وقت واحد و تكون كافية وقادرة لو اعطيت الفرصة ان تملأ الارض بملايين الأطفال دفعة واحدة ؟ الانثى كل ما تملكه في كل حياتها هو 400 بويضة ، و حيوان منوي واحد يكفي لتلقيحها واستمرار الحياة .. اذا عملية ابقاء النوع لا تستغرق الا وقتا بسيطا من حياة الانسان ، فلماذا يوظّف اللاشعور كل طاقاته و وقته للجنس . مع ان سكان الارض يقارب السبع مليارات ! ولا مشكلة ابدا في بقاء النوع ولم تواجه البشرية هذه المشكلة في يوم من الايام !! بل المشكلة هل العكس : كثرة الزحام ، مما اضطر إلى موانع الحمل و تحديد النسل .. وغريزة الجنس لا تتحكم بالغرائز الاخرى الا اذا اندفعت هي ، بل هناك غرائز اخرى اقوى منها وتتحكم بها ، فالمريض مثلا او الخائف لا يستطيع ممارسة الجنس ؛ لأن حاجة البقاء اهم من حاجة تكثير النوع ، بل ان الغرائز العليا غير الحيوانية في الإنسان قادرة على ابعاد غريزة الجنس ، مثلما يمتنع الانسان بدافع الامانة ان يمارس الجنس مع امراة اؤتمن عليها وتعهد بحفظها . اذا غرائزه المثالية منعته من ممارسة هذه الغريزة ، بل حتى ان كرامة الانسان قادرة على منعه من ان يمارس الجنس ، وهذا شيء حاصل و كثير . نتخيل ان رجل على وشك ممارسة الجنس مع امراة ، لكنها قالت له كلاما اشعره بالاهانة ، ستجد انه ينسحب و يموت الدافع الجنسي في تلك اللحظة لديه .. وهذا الشيء معروف ، لهذا تعطى النساء دروسا لتجعل الرجل يتقبلها جنسيا ، كالنظافة و الرائحة ، مما يدل على ان غريزة الجنس ليست هي اقوى الغرائز ، لأنها تحتاج إلى محفزات .. وكأن هناك شعرة بين الاثارة الجنسية وبين التقزز .. أما غريزة الغذاء مثلا ، فعند الضرورة قد يأكل الانسان حتى الجيف . اذا غريزة الجنس تحتاج الى مسوغات كثيرة حتى تتم ، فكيف تكون هي المتحكمة في سلوك الانسان ؟ و رأينا كيف ان الغرائز الاخرى تتحكم بها ، قوة غريزة الجنس تكون اذا تحركت ، حينها يصعب ايقاف اندفاعها . ولكن تحركها محدود ويحتاج الى اثارة و شروط كثيرة وعدم تدخل الغرائز الاقوى في الموضوع .. لكنها اذا اندفعت فمن الصعب ايقافها باي دافع اخر .. حتى لو كانت الدوافع التي تحاول ايقافها اقوى .. هذا مع ان الجنس غريزة اصيلة من غرائز الانسان ، و هدفها معروف ، ولا يسمى الشيء غريزة حتى يكون هدفه معروف وفي مصلحة الجنس البشري . وحب التملك ليس غريزة كما يزعمون . لأنه ليس في مصلحة الجنس البشري .. وغريزة الموت (أو الفناء) التي يدعيها فرويد عندما اشتعلت الحرب العالمية الثانية و رأى الدول تتسابق على الحرب ، هو افتراض سخيف جدا ، فالغرائز لا تتناقض ، فكيف توجد غريزة البقاء وغريزة الفناء و تعملان جنبا الى جنب في الانسان ؟ هذا تناقض ، والحياة لا تقوم على التناقض ، لان التناقض نفسه فناء ، مثلما تتصادم قوتان متساويتان ، سوف تذهب كلا القوتين ، وتكون محصلة القوى المتصادمة صفر . هؤلاء قاموا للحرب ليسوا لاجل ان يقتلوا انفسهم ، بل ليقتلوا غيرهم ويأخذوا اموالهم ليواصلوا الحياة بشكل افضل ماديا .. فرويد رأى كثرة الحروب في تلك الفترة في اوروبا ودخول دول كثيرة و بسرعة فيها ، فتخيل ان غريزة الفناء اشتغلت لدى سكان اوروبا ! ونسي ان غريزة الطمع والاستعمار هي السبب ، وان الحروب يشعلها الراسماليون و المنتفعون منها ، وليست بارادة الشعوب . بل ان وقودها هم الشعوب المسكينة . وها هي توقفت الحرب العالمية الثانية بارادة الشعوب وضغطها ، وبسرعة ، فهل انتهى دور غريزة الفناء ؟ اذا على كلام فرويد : العقل الباطن مجنون ويصرف طاقاته في مالا فائدة منه للحياة ، لأننا عرفنا ان هدف الجنس هو بقاء النوع ليس الا .. فاذا تلقحت بويضة الانثى ، فهي تحتاج الى اكثر من سنة للاستعداد لعملية تلقيح اخرى .. بدليل ان اللذة الجنسية تخبو مباشرة بعد القذف .. اي تمت الرسالة .. فماذا يفعل شعورها واحلامها وعقلها الباطن في هذه الفترة ؟ هل يبحث عن بقاء النوع وهي حامل بالنوع ؟ هذا جنون !! عملية بقاء النوع من اسهل العمليات و انجحها ، العالم يعاني من كثرة المواليد و ليس من قلتها . لا في القديم ولا في الحديث .. لننظر الى الحيوان : هل يقضي وقته في الجنس ؟ ام ان لديه عقلا واعيا يمنعه و افسده الدين وجعله يمنع الثور من القفز اليومي والدائم على الاناث ؟ !! فرويد وضح نفسه عندما قال انه سيفسر بخبث .. هذه هي الحقيقة .. والخبث دائما يكسره المنطق .. فالخبث قرين الغباء وليس قرين الذكاء كما يتصور الكثيرون .. اليست حاجة البقاء هي اقوى حاجات الانسان وليست حاجة حفظ النوع ؟ بدليل استئصال المبيض او الخصيتين في حالة السرطان حتى تبقى الحياة ؟ اذا اين تفسيره للأحلام النابعة من هذه الحاجة ؟ لماذا يلتف على تفسير المخاوف والكوابيس و يفسرها بدوافع جنسية ؟ هذا تعسف يثير الشفقة على طريقة التفكير .. لو كان الجنس بهذا الحجم الهائل الذي يتخيله ، فلماذا نجد الكثيرين لا يتزوجون ؟ مع ان الزواج مسموح ويدفع اليه العقل الواعي بحكم ضغوط المجتمع المتكررة على الفرد حول عدم زواجه .. اذا اين هي الطاقة الهائلة مع ان اكثرهم قادرين جنسيا و من الجنسين ؟ ولا نجده يمارس الجنس بطريقة خاطئة مثلا ، و اذا سُئل عن الموضوع قال بانه لا يهتم بهذا الشيء كأولوية ، و لديه من الاعمال والهوايات ما يجذبه اكثر .. او يبحث عن الشريك المناسب لافكاره واخلاقه و نظرته للحياة ، اي غرائز عليا تحكمت في الغريزة الدنيا .. ليس صحيحا ان نفسر الاشياء في الحلم بتفسيرات محددة تنطبق على كل شخص ، و المشكلة انه هو نفى هذا الشيء في اول حديثه .. ثم يعود ليقول ان الشمعة بطبيعة الحال ترمز للعضو الجنسي .. فان كانت مستقيمة فهو قادر على الانتصاب ، وإن كانت رخوة فهو مصاب بالعجز .. وهذا تناقض وقع فيه فرويد .. هناك من يرى الشمعة في الظلام ، ترمز له بالامل الذي انفتح لشعوره بعد حالة ياس و كآبة .. فسياق الحلم هو الذي يشرح الحلم ، و ليس اجزاء منتقاة من الحلم .. فالحلم رسالة شعورية ، وعند فرويد الحلم رسالة جنسية أو حقدية .. والشعور اوسع من الجنس ، فبينهما علاقة خصوص وعموم .. اذا فرويد خصص العام بدون دليل ، حتى يدعو للاباحية ، و تبعه بذلك الغاوون .. لكن الغواية لا تصمد للمنطق .. ثم لو كان الجنس بهذه القيمة الاساسية ، والعقل الواعي يمارس السيطرة والتسلط ، فلماذا تتم العلمية الجنسية في دقائق احيانا ؟ لماذا لا تطول ما دام ان العقل الواعي سمح هذه المرة ؟ فهذه فرصة العقل الباطن ، فلماذا يقطعها بمشاعر التقزز ؟ لماذا يقطعها و يذهب الى النوم لكي يحلم بالجنس على شكل باذنجان او كوسة و قد قام عن الجنس الحقيقي ؟ لماذا يتكلف ويتعسف في تفسير الحلم باشياء لم تخطر على بال الحالم ، لا في الوعي ولا مرت بمشاعره اثناء الحلم ؟ لا شك ان هذه الطريقة طريقة سقيمة جدا في تفسير الاحلام .. لأن المشاعر موجودة في الاحلام وهو لم يشر الى هذه الناحية .. والمشاعر كافية لتفسير الحلم بدون هذا اللف والدوران .. لو كان الدافع جنسيا لشعر بالجنس .. وهناك احلام جنسية تأتي مباشرة و صريحة ، اذا فرويد فاشل في تفسير الاحلام .. لا يوجد حلم بدون مشاعر .. بل ان المشاعر احيانا تظهر بدون حلم يرى او يسمع ، وهذا ما نسميه بالكوابيس ، او بعض صور الكوابيس ، حيث يستيقظ الانسان فجأة مفزوعا ، مع أنه لم ير ولم يسمع شيئا في حلمه .. إنها مشاعر خوف لم تنتظر حتى تأخذ من الذاكرة و تركب حلما .. السؤال الاخر : لماذا يستعيد صورا قديمة ؟ الحلم عبارة عن شحنة شعورية ، تعبـّر عن حالة الشعور الراهنة ، وليس عن مشاعر سابقة قبل سنين ، لأنه يحلم الان وليس يحلم في ذلك الوقت ، ففي ذلك الوقت حلـُم بما يناسب مشاعره في ذلك الوقت وبما فيه الكفاية .. و سؤال آخر : لماذا الاحلام بشكل يومي تقريبا ؟ ما هذا الا لأنها تعبر عن المشاعر الراهنة في هذا اليوم ، سواء كانت من غرائز دنيا ام عليا ، فالمشاعر ليست ثابتة على وتيرة واحدة ، و كل شعور لا يعود بنفس الصيغة والدرجة مرة اخرى .. والحلم الواحد لا يحمل شعورا واحدا فقط . المشكلة هي ان من يفسرون الاحلام ، يهتمون بالصور والمشاهدات الخارجية ، اي انشغلوا بغير المهم و تركوا المهم ، ومن بينهم فرويد .. فهو لم يختلف عن المفسرين القدماء ، لأنه يقف على المشاهدات والصور في الحلم و يفسرها بطريقة مقننة وثابتة ، ولا يسأل عن المشاعر كيف كانت في الحلم .. ولا هو ولا غيره يهتمون بالمشاعر المصاحبة للحلم والهدف من وراء الحلم ، مع انها هي بيت القصيد ، ومن رايي ان هذه هي الطريقة التي نستفيد منها في فهم الحلم و فهم الرسالة التي يقدمها الحلم ، وهي هدف الحلم اصلا . وبالتالي نستفيد من احلامنا لتخبرنا عن مصادر قلقنا وعن مدى صحة مسيرتنا في الحياة من خطأها ، ولهذا يكون الحلم نعمة كبيرة على الانسان ، وخير مقياس للكشف عن حياته الداخلية ، لانه يسد الثغرة ، فالانسان وهو مستيقظ اكثر اهتمامه بالعالم الخارجي ، اذا متى سيهتم بعالمه الداخلي ؟ اذا نام . بعبارة اخرى وبعكس ما تصور فرويد : اذا غابت رقابة العقل والحواس ، يلتفت الانسان الى نفسه ، ليخرج الشعور مكنوناته وحاجاته ونجاحاته وفشله وغاياته .. نحن نلاحظ الاحلام لا تعبث بالمشاعر وان كانت تعبث بالمادة ، و هذا دليل على ان المشاعر اهم عند الانسان من المادة ، فشخص تجله وتحبه لا يمكن ان تراه بشكل مزري في الحلم ، وشخص كان مهماً و كنت تخافه و تحذره ، استطعت ان تفهم ضعفه وتحس بقوتك عليه ، فلن تراه في الحلم بشكل مخيف و ذو مهابة كما كان .. المشاعر لا تغش ولاتتناقض ولا تعبث .. اما الاشياء الخارجية والمادية فالشعور يمنتجها كما يشاء لكي تخدم رسالته ، فلا يعترف بفوارق المكان و الزمان ، فمن الممكن ان تجلس في الحلم على مقاعد الدراسة مع انك تخرجت منذ زمن ، و من الممكن ان ياتي بقريب لك توفي منذ زمن ويجعله معك في الفصل ، ومن الممكن ان يجعل من بيتك القديم مدرسة ، وفي نفس الوقت توجد غرفة نومك ، لكن الكلام على الرسالة التي يحملها الحلم ، لا تنشغل وانت تفسر الحلم بالاشياء المادية من صور واشكال واشخاص واماكن ، بل اهتم بالمشاعر التي انتظمت الحلم ، وهكذا تستطيع ان تفهم الحلم .. الشعور ليس ماديا حتى يتخذ رموزا معينة ويستمر عليها ، بدليل ان اشياء معينة تاتي في اكثر من حلم بمشاعر مختلفة ، فمنظر البيت القديم مثلا ، قد ياتي في حلم بهيج ، و قد ياتي بحلم حزين ، و البيت هو البيت .. او يكون شخصا من الاشخاص ، قد تراه في حلم مفزع ، و قد تراه في حلم هادئ ، و قد تراه في حلم سعيد ، اذا المحور هو الشعور وليست الاشياء الخارجية .. كلما تحترم الحلم أكثر كلما يصفو أكثر وكلما يبدأ بإخبارك بماذا تحتاج وحتى يرتب لك حاجاتك , وربما تصل الحالة الى التواصل مع شعورك عبر الاحلام ، بحيث يحل لك مشكلة عجزت ان تحلها في اليقظة ، بحيث تتحول الاحلام الى مصدر للعبقرية . فعلى حسب احترام الشعور الداخلي تبرز العبقرية في الاحلام ، وايضا يبتعد الحلم عن اللامعقولية وتأتي الأحلام واضحة و صافية . أما المشاعر المتضاربة والصور الغريبة التي تراها في الحلم ، فكأن الشعور يريد أن يثير من خلالها اهتمامك ويستفزك , وإذا احترمته يبدأ يتحول إلى أوامر واضحة, ولاحقا مع احترامك للحلم ستستطيع أن تطلب أن يأتيك شيء في الحلم وسيأتيك .. ليست كل شمعة ترمز الى الجنس كما يتخيل فرويد ، فقد تاتي في سياقات متعددة . اليس الشعور هو الذي ينظم الحلم ويختار ما يشاء ليدخله في الحلم ؟ هذا الكلام يسقط كل معاجم تفسير الاحلام الجامدة والتي تفسر كل شيء مادي بتفسير معين مستمر وعند كل الاشخاص ، مثل من يفسرون الصندوق بالثروة مثلا ، ومثلما يفسر فرويد الشمعة بالعضو الجنسي ، ومثل ما يفسرون البئر بالزوجة ، ومثل ما يفسرون الافعى بالعدو .. هذه تفسيرات ليست لازمة او دائمة ، بدليل انه قد يرى الانسان في منامه انه مع شخصية عظيمة ، لكن اذا نظرت الى السياق ، تجده يلعب معه ويتركه الى شخص آخر ! انتهت الحلقة الرابعة .. وتتبعها الحلقة الخامسة بإذن الله ..
__________________ |
#4
| ||
| ||
الحلقة الخامسة .. عدم الاكتراث بالحلم ليس خاصا بمثل هذه الحالة ، ولو كان خاصا بها لكان الكلام صحيحا ، فالحالم يرى شخصا متوفى من سنين ، ولا يتفاجا برؤيته ، وقد يرى ان حيوانات تطير من غير اجنحة ولا يكترث لذلك وكأن الامر عادي . اذا هذا الربط غير دقيق بين عدم الاكتراث الذي يبديه الناس تجاه الحالم المتعري ، و بين حاجته للتحرر من سيطرة المجتمع والاعراف كما اراد فرويد .. لان كل الاحلام اصلا غير منطقية ، و ليس فيها اكتراث الا حسب ما يريد الشعور ان يجعل فيها اكتراثا ، لدرجة ان الحالم قد يرى نفسه شخصا اخر او يتكلم مع حيوان ولا يكترث لذلك .. فأحيانا ينهض النائم مفزوعا من منظر عادي في اليقظة ، ولا يدر لماذا كان مفزوعا ، لان الشعور يقوم بعملية اخراج لهذا الفيلم فيوزع المشاعر والموسيقى التصويرية والمؤثرات في الحلم كما يشاء و يريد هو دون اعتبار لعلاقة الاشياء في عالم الواقع ، لهذا لا قيمة ابدا لتفسير مشاهد الحلم بما هو معهود عند الناس ، وهذا من ضمن منهج فرويد واكثر مفسري الاحلام غيره . تماما عكس الرمزية ، فلا قيمة لارتباط الاشياء بعالم الواقع عند الحالم ، والا لماذا لا ينبهر من اشياء عجيبة و بينما يتأثر من اشياء عادية في عالم الواقع ؟ شعور الانسان يريد عنوة ان تكون الاحلام غير منطقية ، لماذا ؟ لئلا تختلط مع الواقع في الذاكرة ، و هذه الحيلة الشعورية هي التي تجعل الاحلام تـُنسى بداية من اول ما يفتح النائم عينيه ويستيقظ ، ولو كان الحالم يكترث اثناء حلمه لعدم المنطقية ، لاصبح الحلم واقعيا ولم يعد حلما ، وهذا ما لا يريده الشعور ، لأن الشعور ثائر على الواقع ويريد تغييره للافضل ، ولو كان الحلم منطقيا ، لاختلط في الذاكرة مع الواقع ، و صار الانسان يتذكر اشياء لم تحدث في الواقع .. لهذا يتبخر الحلم بسرعة بعد اليقظة ، الا اذا حاولنا تثبيته في الواقع ، اي : ندخله في الذاكرة على انه حلم ، ومن هنا تقبل الذاكرة ان تـُدخله ، بمعنى آخر : كل حلم ينسى إذا لم نرد نحن ان يبقى ، من خلال تكرار ذكره ، ومع ذلك تتهرب الكثير من جزئياته ، وهكذا نفهم سر هروب الاحلام بطريقة اكثر منطقية من تفسير فرويد الذي يقول ان العقل الواعي يحارب العقل الباطن ويريد ان يطمس معالمه ويمزق افلامه ، ولهذا ننسى الاحلام .. اذا السبب الحقيقي والمنطقي لنسيان الاحلام ، هو ان الشعور لا يريدها ان تختلط مع الواقع ، والا لاصبح الانسان مجنونا ، و لما قبلت شهادته في شيء .. لا بد ان يجعل الشعور في الحلم امورا غير واقعية ومضحكة احيانا ، لكي يميز الانسان بين ما هو حقيقة و واقع وما كان حلما ليليا .. حتى يعتمد الانسان على ذاكرته اذا هو استيقظ ، والا لتذكر اشياء يحسبها من الواقع بينما كانت احلاما .. فعندما يجعلك في الحلم تطير او تجلس مع شخص مات منذ زمن ، او تنتقل من مكان الى آخر بنفس اللحظة ، و تذكر هذا الحلم ، ستعرف ان هذه الذكريات لا يمكن ان تكون واقعية وانها من باب الاحلام ، لان الواقع ليس فيه مثل هذه الامور ، لهذا السبب ، انا اشك في كل الاحلام التي ذكرها فرويد ، لان ليس فيها و لا شيء غير واقعي الا ما قل .. اذا هو يرتب احلاما لكي تخدم فكرته .. او يفبركها .. ولا يمكن لاحد ان يشككه في ما قال ، لانه سيقول له : هل انا الحالم ام انت ؟ تخيل لو كانت احلام الناس مثل احلام فرويد : كيف سيفرقون بين ذاكرتهم الحقيقية و بين ما رأوه في الاحلام ، مع ان الرؤيا نفسها ؟ فنحن نرى ونحن نيام مغمضين العيون ، مثلما نرى ونحن مستيقظون مفتحي العيون !! كل الناس احلامهم مليئة بالمخالفات المنطقية الا فرويد ! لماذا ؟؟ هو يخترع احلامه او يفبركها .. بل ان كل حلم لاي شخص تجد فيه نقطة او اكثر تثير الاستغراب او الضحك لمخالفتها للواقع ، و يقول : كيف كنت اقبلها وأنا نائم ؟؟ اذا اراد لك الشعور ان تنام ، يعطيك احلاما منطقية حتى لا تنتبه ، فمثلا شخص يريد شعوره ان ينام ، و لكنه يخاف ان يتاخر عن العمل مثلاً ، فيجعله يحلم بطريقة اعتيادية ليس فيها مخالفة للمنطق ، كأن يفرش اسنانه و يرتدي ملابسه ويركب سيارته و يذهب الى العمل .. و تجد ان الحلم اول ما يغيره هو المكان ، حتى تنتبه للمفارقة اذا استيقظت ، نادرا ما يحلم الانسان وهو بنفس المكان والغرفة التي يحلم بها حتى لا يختلط مع الواقع ، لا يمكن ان ياتي الحلم بنفس الوضع الواقعي الذي تعيش فيه في حياتك الاعتيادية ، بل يغير في المكان وفي الزمان و في العلاقات ، لكنه لا يغير في الشعور ابدا .. كما ان الشعور ينهي الحلم في حالة رعب أو خوف للحالم ، بحيث تنتهي باليقظة ، ولا يستمر هذا الخوف او الرعب طويلا ، لان الرسالة الشعورية وصلت . احيانا نشعر اننا حلمنا ولا نذكر شيئا ، كما اننا احيانا نستيقظ ونجد اننا في حالة مزاجية مختلفة ، عندما نربط هذا بهذا نعرف فائدة الاحلام ، وهي تغيير وضعية المزاج . فاحلامنا تؤثر في مزاجنا ، تماما مثل الاحداث التي تحصل لنا في اليقظة ، بحيث تؤثر في مزاجنا . هذا التفسير الجنسي الممل والمتكرر عند فرويد ، والذي يصبغه على كل شيء ، على المطعم وعلى سوق الخضار والسقوط وربما القتال و ربما الموت .. فشخص يتعرى و يشعر بالخزي : اين شعور الجنس هنا ؟ لماذا لا يشعر باللذة الجنسية بدلا من الخزي ؟ ثم هل التعري يعني الجنس ؟ اذا تعرى الانسان يعني مارس الجنس ؟ يتعرى للسباحة والاستحمام والعلاج ولتبريد الجسم .. إلخ .. وعدم اكتراث الناس هنا هو الجزء الغير منطقي ، لكي يعلم الحالم ان ما رآه هو حلم و ليس من الواقع ، لان الواقع بعكس هذا تماما .. فاللامنطقية من اساسات الحلم ، كي لا يـُشْكـِل مع منطق الواقع .. ولماذا يعطيه الرموز الجنسية ولا يعطيه اللذة الجنسية ؟ بل يعطيه شعورا اخر مناقضا لشعور اللذة ، كشعور الخزي او الخوف مثلاً !! مع ان العقل الباطن يقدّم الاحلام على مزاجه ! فهل العقل الواعي هو الذي حرم من اللذة ، أم انه الشعور نفسه ؟ واذا كان العقل الباطن قدم صورة العري ، فمن الذي ازال اللذة الجنسية عن تلك الصورة و احل محلها الشعور بالخزي ؟ و ما فائدتها اذا ؟ سيقول انه العقل الظاهر ! اذا لماذا لم يمسح الصورة من الاساس ما دام يستطيع ان يمسح شعورها ؟ ام ان صلاحية العقل الواعي انتهت عند هذا الحد ؟ الاولى ان يطمس الصورة من اساسها بدلا من ان يطمس التعليق .. هذه صور يفسرها فرويد على انها جنسية ، مع انها خالية من الشعور الجنسي ! اذا فرويد يريد ان يفسرها رغما عنها .. من يحلم بالاكل يصاحبه شعور بالجوع اثناء حلمه .. فلماذا من يحلم بالجنس – و كل الاحلام عند فرويد جنس – خالية من الشعور الجنسي ؟ بينما تأتي احلام مفعمة بالشعور الجنسي في بعض الاحيان ! فاين الرقابة عنها رغم وضوحها وصفائها ؟ مشكلة فرويد ومفسري الاحلام الاخرين ، انهم يراعون الصور ولا يراعون الشعور الذي ينتظم هذه الصور ، وهو الهدف منها اصلا .. لا فرويد ولا غيره يسالون عن تتابع المشاعر في الحلم ، لكنهم يسالون و بدقة عن التفاصيل المادية في الحلم ، و التي يذهبون بتاويلها إلى انها رموز يفسرها المفسر نفسه ، و كأن الاحلام لغة لها ابجدية لا يعرفها الا المفسر ! بما يشبه اللغة الهيروغليفية ، حيث العصفور يرمز للحرف الفلاني ، والماء يرمز لحرف آخر ، وهكذا .. و كأن فرويد مثل شامبليون امام الرسومات الفرعونية .. هذه الطريقة في تأويل الأحلام يجب ان تنتهي ، و بالتالي خير مفسر للحلم هو الشخص الحالم نفسه ، عندما يتذكر مشاعره و علاقتها بالمواقف والاشياء لكي يفهم حاجات داخله التي يريدها و الامور التي يكرهها او يخاف منها .. بمعنى : افهم نفسك من احلامك .. و كلما احترم الانسان تلك المعلومات التي يقدمها حلمه عنه ، كلما زادت وضوحا في الاحلام القادمة .. بمعنى : لا تتذكر الاحداث والصور فقط ، بل ركز على مشاعرك عندما كنت تحلم ، ولن تفيدك الصور والاحداث كثيرا ، لأنها اصلا غير منطقية .. و تأتي من خلال التجميع والتركيب ، وربما تاتي بتركيب اخر في حلم اخر . اذا في فهم الانسان ليس هناك من طريق الا الشعور و الشعور فقط .. فهو بوابة المعرفة في عالم الانسان .. مع العلم انه لا وجود حقيقي لمنطقة العقل الباطن التي تخيلها فرويد ، ولا وجود للعقل الظاهر ايضا كما تخيل .. فالإنسان هو هو .. ولا وجود لمنطقة الانا الاعلى ولا للهو ، فكل هذه الاشياء من اختراعات فرويد .. واكثر الصور التي يستخدمها الحلم هي صور قريبة ، وليست بعيدة ممعنة في القدم كما يقول فرويد ، ، لأن الشعور يهمه المستقبل ، وليس منشغلا بالماضي ، وإلا لكان شعورا مجنونا .. كل رسائل الشعور لاجل مستقبل حياتك ولاجل ان تتغير نحو الافضل والاكمل من كل شيء من حاجات الشعور .. واذا اراد الشعور شيئا من الحالم ، فتجده يضخ مشاعر قوية على هذا الامر نظرا لاهميته .. ولأن الحالم سوف ينتبه للصور ولا ينتبه للمشاعر ، ولهذا يضخ بقوة .. وهذا التفسير للخزي من العري في الطفولة غير صحيح ، فالطفل يفرح بالعري لان ملابسه ضيقة عليه ، الا ترى انه يفرح اذا خلع نعليه ؟ ام انه يستمتع بعري جزئي الآن و امه تلاحقه بالحذاء وهو لا يحبه ؟ اما انتباههم لأعضاؤهم التي كانت مخبأة ، فهو من باب التعرف على الجسم والفضول .. فتخيل ان ركبته مغطاة طول الوقت ، فأكيد انه سوف يتحسسها و يطيل النظر اليها اذا كشفت .. الاطفال لا يشعرون باللذة الجنسية اصلا الا عندما يقتربون من البلوغ ، و فرويد يريد ان يحملهم تبعة الجنس حتى قبل ان تنضج اعضاؤهم الجنسية .. ولو كان هذا صحيحا لوجد الانجذاب بين الجنسين عند الاطفال ، مع ان الواقع ان التنافر اكثر بين الجنسين عند الاطفال .. اما شعور الحب بين الجنسين فهو اقدم عند الاطفال من شعور الجنس ، فهو يحب من الجنس الآخر حتى قبل ان يشعر بشعور الانجذاب الجنسي المرتبط بالافرازات الهرمونية الجنسية .. مما يعني ان الحب اقوى من الجنس . وتستمر هذه المعادلة لدرجة ان اختلال الحب يقضي على الرغبة الجنسية و يؤدي الى الطلاق او الافتراق .. وهو الآن يبني حكما بعلم النفس بموجب رواية التوراة ، ويعممها على علم النفس ، وكأن الناس يهودا مثله عندما كان يهوديا قبل ان يلحد .. فالقصة في القرآن على العكس تماما ، آدم وحواء اخرجوا من الجنة بعد ان نزع الشيطان لباسهما ، فطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة .. أي بعد العري تم الخروج من الجنة ، وليس بعد اللباس الذي يكرهه فرويد فيما يبدو كثيرا .. لو كان هذا الكلام صحيحا لكانت احلامنا تعرضنا بلا لباس .. فمن اندر النادر ان تجد شخصا حلم مرة بانه بغير لباس ، و ممكن اجراء احصائية على هذا .. بينما فرويد يصوره على انه واقع متكرر .. يبدو ان هذا النوع من الاحلام خاص بفرويد وحده ! بل ان الانسان كثيرا ما يرى نفسه يرتدي ملابس مختلفة ، اما ان يكون عريانا من كل لباس ، فهذا اندر من الكبريت الازرق .. لأن الحالم عادة لا يتأمل نفسه ولا جسمه ، فهي رؤيا ، أي يرى اشياء حوله .. والشهوة الجنسية ليست منصبة على جسم الشخص بل على جسم آخر ، ولا احد يشتهي نفسه جنسيا . إذا التعري للآخرين وليس لانفسنا .. اذا من الممكن ان نفسر حلمه على طريقته بأنه يتعرى ولا يكترث له الآخرون ، أنه دليل على ان الناس ليس محركهم الاول هو الجنس ، والا لالتفتوا إلى هذا الجسم العاري .. او انه من النوع الذي لا يجذبهم جنسيا .. كيف يقول : احلامنا ؟ مع اني اجزم ان كل القراء لم يروا انفسهم عراة الا ما ندر ، وربما مرة واحدة .. فكيف يتكلم عنها كحقيقة واقعة ؟ ثم انه يسميها احلام استعراضية ، مع انها موصوفة بمشاعر الخزي!! وهل من يشعر بالخزي بامكانه ان يستعرض ؟ اضافة الى ان التعري نفسه عند الاطفال و في الاحلام ليس شرطا ان يكون بدافع جنسي ، والاقرب انه بدافع الخلسة والاحساس بكسر الحواجز و التمرد .. لأن الاطفال يفعلونها في اشياء اخرى غير التعري ، مثل ممارسة التدخين خفية ، فهل نقول مثل فرويد انه يدخن وهو يشعر بلذة التدخين مثل الكبار ؟ طبعا لا ، بل انه يسعل ويستغرب كيف يحب الكبار هذا الدخان .. كل شيء يـُمنع الانسان منه خصوصا الطفل وهو لم يقتنع في داخله تكون لديه رغبة بتجريبه ، بما في ذلك التعري ، ولكن دون ان يكون امام الناس .. مما يعني انه امتنع عنه لاجل الناس بالدرجة الاولى ، وهذا الكسر للحاجز لا يعني انه سوف يستمر ، و لكن لكي يثبت لنفسه انه قادر على فعل ما يشاء .. بما في ذلك هذا الحلم للشخص الذي يريد ان يتعرى امام الغرباء ، و الغرباء هم الاشد رقابة دائما ، بدليل اننا نهتم بهندامنا اكثر عندما نقابل ضيوفا غرباء .. هذا النوع من الممكن ان نسميه : التأكد من السيطرة على الذات او القرار ، و منه جاء المثل : كل ممنوع مرغوب ، و هذه من القضايا الوجودية التي تتعلق بالانسان .. لأنه يخشى ان يكون امّعة ، والشعور لا يثق الا بنفسه (قانون) .. لاحظ عندما يكبر المنطق عند الشخص و يثق به ، حينها يكون غير محتاجا للتجريب الا نادراً .. بعبارة اخرى : التجريب عند الصغار اكثر منه عند الكبار في الامور الممنوعة .. فالشعور يثق بالمنطق السليم ، ولكن الصغير يكون منطقه ضعيفا ، ولهذا يحتاج للتجريب بنفسه .. لو كان ذلك الحالم يشعر بلذة جنسية ، لكان تاويله اقرب .. لكنه يشعر بالخزي ! اذا هذا التفسير الذي قدمته هو الاقرب .. كل انسان يستطيع يوميا ان يختلي بنفسه ، و مع ذلك لا يجد رغبة في ان يتعرى ، مع انه لا توجد رقابة .. الحقيقة ان الطفل يريد ان يتعلم بنفسه ، و يريد ان يمتنع عن الاشياء التي حذره الكبار منها عن قناعة .. لاحظ ان التحذيرات للطفل عن الاشياء الساخنة لا تفيد كثيرا مثلما يفيد ان يلمس الابريق الساخن ، حينها سيكون قد تعلم ، و التعلم افضل من التعليم .. لو كان هذا الامر خاص بالتعري ، لكان كلام فرويد سليما ، و لكننا نجده في امور كثيرة يـُنهى عنها الصغار ، اذا فرويد كبر المسألة و وجّهها الى غير وجهتها .. فضلا عن ان التعري الكامل ليس شرطا في الممارسة الجنسية ، وهناك شعوب لا تعرف التعري الكامل حتى اثناء الممارسة الجنسية ، والقياس على الاوروبيين فقط قياس غير علمي ، فهم الذي اشتهروا بالتعري .. نتيجة لتاثير فرويد وغيره ، ولوا ان الطقس لا يخدمهم ، لربما تعروا طيلة ايام السنة .. وهذا نتيجة لتاثير فرويد ومن تبعه .. لكن البرد قارص هناك .. كما ان التعري يجعل الاثارة الجنسية اقل بحكم الاعتياد و تكرار المنظر ، و بالتالي يفقد التعري اثارته التي ارادها فرويد ، وليس ذلك في صالح الغريزة على الامد الطويل .. و هو يؤدي إلى انتشار الشذوذ الجنسي بسبب الملل وفقدان الاثارة .. و اي فقدان للاثارة في اي حاجة من حاجات الانسان دليل على الاسراف فيها على حساب حاجات اخرى ، فالحاجات الاخرى التي لم تشبع هي المسؤولة عن التنفير من الحاجات المشبعة (قانون) .. و بالتالي فنظرية فرويد كلها خاطئة من ان الكبت الجنسي هو الذي سبب الامراض النفسية .. فعند الشعور بفقدان الاثارة او ضعفها ، هذا دليل على انك اسرفت في هذا الشأن (قانون) .. ولا شك ان الاثارة الجنسية عند الشعوب الغربية المعتادة على مناظر العري والمشاهد الجنسية اقل منها عند الشعوب الاخرى .. لأن الاسراف في الاهتمام بموضوع الجنس هو طريق يؤدي في اغلب الاحوال الى العنـّة وفقدان الشهوة الجنسية او تدنيها .. فالشهوة دائما مرتبطة بالاثارة و بالحاجات الداخلية ، فإذا كان هناك اثارة ولا يقابلها حاجة داخلية ، فإن الإثارة تاخذ في البرود و قلة التأثير .. لأن الجنس ياتي من الداخل وليس من الخارج ، مثله مثل بقية الرغبات ، فالجوع هو الذي يحسّن الطعام وليس الطعام حسنا بحد ذاته ، و قديما قالوا : الجوع افضل المقبلات .. وبالتالي : الجوع الجنسي هو اقوى المثيرات .. اذا احلام العري لا تستحق ان تسمى احلاما نموذجية ، بسبب ندرتها .. وربما تكثر عند احد اعتاد العري او ما يشبه العري في حياته ، على ان يكون رأى نفسه بوضعه المعتاد الذي يمارسه على الشاطئ ان كان من رواد تلك الشواطئ .. فرويد عرى اوروبا ، و قد جاء دوره كي يعرّيه العقل .. انتهت الحلقة الخامسة .. وتليها الحلقة السادسة بإذن الله ..
__________________ |
#5
| ||
| ||
اذا سلمنا بالمقدمة الخاطئة بأن الاحلام كلها رغبات ، فهل يوجد طفل في الدنيا تسره حياة الوحدة ؟ فلا اطفال يلعب معهم ولا حتى يستعرض مواهبه امامهم ولا يتعلم منهم ؟ .. خصوصا وان اكثر الالعاب تحتاج الى اكثر من شخص ، فهل الوالدين سيلعبان مع الطفل كل الوقت ؟ اذا هذه الطفلة خاسرة ، بنفس التحليل الاناني النفعي الفرويدي المجرد من المشاعر ، اي بحسبة عقل مادي هي خاسرة ووضعها بئيس : طفلة بدون اطفال تلعب معهم . ثم يقول انه تحرى وتقصى : هل تحرى عن شعورها حول : هل كان هذا الحلم كان بهيجا ام حزينا ؟ هذه من بديهيات التحري .. نستطيع ان نقول و بكل بساطة ، انه بعدما مات طفل من اقاربها ، خافت ان يموت البقية . فيكون الخوف هو دافع الحلم وليس الرغبة كما هو واقع في أكثر احلام البشر ، و تأثرت بهذه الحادثة وظهرت لها في الاحلام . ولو كانت ترغب فعلا في ان يموتوا ، لجاءها هذا الحلم قبل ان تقع الحادثة التي تحرى عنها فرويد – وهي موت طفل من اقاربها قريبا - و ليس بعدها . دافع الخوف اكبر واكثر من بقية الدوافع الاخرى في الاحلام . بل حتى في الحياة العادية ، فلماذا نفرق بين الاحلام والواقع الى هذا الحد ؟ فالمخاوف تتحكم بنا اكثر من تحكم الرغبات ، حتى في الواقع واليقظة . فالشخص الذي يحلم هو نفسه الشخص المستيقظ ، والدوافع هي نفسها . اخبر شخصا عن شارع خطر فيه لصوص ، وعن شارع آخر فيه منتزهات واماكن للهو .. بايهما سيهتم اكثر ويحرص على عدم نسيانه ؟ اكيد انه الشارع الخطر . اذا دوافع الخوف اقوى عند الانسان من دوافع الرغبة ، والانسان هو الانسان ، مستيقظا او نائما . حياة الانسان في الدنيا محوطة بالخوف ، بل حتى الرغبات يدخل فيها خوف فقدها و ينكـّدها . و بما ان الحالم يخاف وهو في الحلم ، اذا نفس شعوره وهو مستيقظ هو نفسه وهو يحلم . و ما دام الخوف يدخل حتى في الاحلام ، اذا كيف نقول ان الاحلام كلها رغبات ؟ اين العقل الباطن ليحتال على المخاوف و يزيلها من الحلم و يمنعها ؟ لو كانت احلامنا كلها رغبات ، لكانت كل احلامنا متعة ، لكن الواقع هو العكس ، فلا يكاد يخلو حلم من لحظة خوف او قلق . بل ان الكثير من الاحلام عبارة عن خوف مجسد (فزع او كوابيس) . حتى الرغبات التي نراها في الحلم سرعان ما يتسرب اليها الخوف . والخوف هو الذي ينهي الحلم في اكثر الاحيان . مصدر ازعاج : شعور الاطفال وقتي و في حينه ، فلا يعرفون كيف يكوّنوا احقادا ، والا لماذا وصفوا بالبراءة ؟ فرويد يريد ان يجعلهم حاقدين و يستحضرون ازعاج الطفل حتى في لحظات موت ذلك الطفل . و هذا التفسير غير منطقي . و ناسيا انه لا يوجد طفل ليس ياتي منه الا الازعاج فقط . هذا غير واقعي . و كثير من الاباء والامهات يتفهمون مشاعر الطفل بعد ان ياتي طفل جديد ، فيحاولون تعويضه و تطمينه وتفهيمه ، فتزداد سعادته بضمان الحنان و زيادة فرد يدخل البهجة على حياته . و كثير من الاطفال الاذكياء يتفهمون ان الاطفال الصغار بحاجة الى عناية اكثر منهم ، لانهم ضعفاء ، و ليس لانهم مفضلين عليهم . بل هم يبدأون بالحنان نحو الطفل الصغير و يستملحونه و تعجبهم حركاته و صغر جسمه . وهذا سـُخرة من الله ، فكل صغير له قبول واستملاح عند النفوس ، صغارا او كبارا . في العادة ، كل شيء سوف يبتعد نهائيا لا نتذكر اساءاته بل نتذكر حسناته ، لهذا السبب نرى كل الناس يتالمون لموت اي احد . مع ان بينهم مشاحنات و عداوات . لهذا يقال : اذكروا محاسن موتاكم . فبمجرد ان تعرف ان شخصا قد مات او قتل ، تجد ان كراهيتك له تنسحب في تلك اللحظة ، او ابتداء من تلك اللحظة ، و تبحث له عن بعض الحسنات والميزات حتى لو لم تقلها ، بل قلت عكسها .. هذا الشيء ينطبق على الاشياء المادية التي تذهب عنا الى غير رجعة ، كل شيء يذهب الى غير رجعة يحدث شعورا بالالم . و هذا الشيء معروف عند الاطفال ايضا ، حتى عندما يموت حيوان في المنزل او يـُذهب به ليـُباع يتألم الاطفال ، حتى لو كان ذلك الحيوان مزعجا لهم ، فما بالك ان يموت احد افراد العائلة و يفرح الاطفال ؟ هذه محاولة ابلسة و شيطنة للشعور الانساني النبيل و لبراءة الاطفال واظهارهم بمظهر الشياطين ، ليس فقط الانانيين بل يحملون شعور القتل و الافناء للآخرين ، و هذا ظلم واضح لبراءة الطفولة ، اراد منه فرويد ان يبرر لظلم الكبار و امبريالية الغرب و راسماليته من خلاله . واضح انه ينتصر للجانب الشرير في الحياة و ليس للجانب الخيّر ، و من يفعل هكذا لا يقال عنه انه يضمر الخير للبشرية . ولا يستحق ان يوصف بالانسانية ابدا .. فهي منه براء .. و يسمى من مثل فرويد من المفكرين بالمفكرين الغير انسانيين .. و ما دام هناك اناس يوصفون بالانسانية ، اذا يجب ان يكون هناك من يوصف بعدم الانسانية ، يجب ان يعرف كلا النوعين احتراما للمعرفة والتاريخ .. فرويد حصل على اعلى النقاط التي تؤهله ليصنف كمفكر غير انساني .. ومن يستنكر هذا عليه ان يخبرنا بمن هم اذا المفكرون غير الانسانيين ، او يطالب بشطب كلمة"انساني" من الاساس ما دام لا يوجد لها ضد . فلا يوجد شيء الا وله ضد .. ولا صفة الا ولها عكس .. نعم فرويد و ماركس ونيتشه وسام هاريس وداوكينز (لتفضيله الحيوانية على الانسانية) مفكرون غير انسانيون ، واعلنوا هـُزْأهم بالانسانية ومقوماتها .. وليس من حقهم ان يوصفوا بما سخروا منه و حاربوه .. ومن وافق شيئا أخذ حكمه ..ومن قلدهم واحترم افكارهم فهو مثلهم .. لم يـُبقِ البشرية الا التنحية الجزئية لبعض الشرور ، و إلا لفنيت منذ القدم . إذاً وجود الخير ولو نسبيا هو سر بقاء البشرية . و كلما زادت نية الخير و ابتعدت نية الشر ، كلما زادت حياة الناس سعادة . والماديون ينكرون وجود ما ابقى وجودهم (الخير) ، فلماذا يستغرب منهم ان ينكروا وجود من اوجد الخير الذي ابقاهم ؟ الرقيب : قبل قليل يشير الى ان الطفل لا يكترث بغياب والديه او غياب اي احد ، و ان غياب امه مثل غياب الخادمة تماما . و الآن يشير إلى أنه يحمل حقدا و امنية بغيابهم !! فالولد يتمنى غياب والده ليحظى بحنان امه ، حسنا : و حنان والده الذي سيفقده : هل اصبح بلا قيمة ؟ الم يفرط باخيه الصغير و يتمنى موته لاجل حنان ذلك الوالد و تلك الوالدة ؟ الان نجده بدأ يفرط في ذلك الحنان و يوزعه على المقابر ! ماذا بقي من التناقض المثير للاشمئزاز عقليا قبل ان يكون اخلاقيا ؟ العجيب ان تلك الام التي لا يكترث لغيابها ، اصبح شعوره يقاتل لكي لا يبقى الا هي في العائلة (فكرة راسمالية لا تبقي الا على واحد) !! بعد ان يذهب اخوته و ابوه الى غير رجعة ! الم يقل قبل قليل ان مثلها مثل المربية ؟ فكيف صارت تستحق كل تلك التضحيات بالابرياء لاجلها ؟ اليس هذا تناقضا عقليا ؟ فرويد لم يبتعد عن الوصايا العشر فقط ، بل ابتعد عن العقل والمنطق وناقض نفسه بنفسه دون ان يدري .. فرويد و امثاله من الماديين يريدون القارئ المتلقي الذي يقرأ قراءة اللحظة ولا يخرج بفكره عن الصفحة التي امام عينيه الان ، لكنهم لا يريدونه ان يتجاوز هذا الخط بحيث يربط كلامهم السابق بكلامهم اللاحق . انهم يريدون القارئ للاستيعاب ولا يريدون القارئ للتفكير والنقد . فرويد يحمـّل كلام الاطفال اكثر مما يحتمل ، فهل طفلة في الرابعة تعرف معنى الزواج ؟ فرويد يريد الادانة فقط . اطفال في سن مبكرة ، يرون امهاتهم و اباءهم نظرة مثالية ، فكيف يفكرون بهم جنسيا ؟ و لو سرنا مع منطق فرويد لأحب الولد أخته التي اصغر منه بدافع جنسي و ليست امه . الم يتفرج فرويد على الاطفال وهم يلعبون ؟ الم يجد البنات يقلدن امهاتهن و الاولاد يقلدون اباءهم ؟ هذا اسمه اقتداء ، و ليس انتظارا للحظة زوالهم عن الحياة ليقعدوا في مقاعدهم في نفس الأسرّة (هذه فكرة راسمالية من سوق المال)! هذا اليهودي يرسمل العلاقات الاجتماعية ولا يفرق بين دكان المرابي وحنان الأسرة .. ! الاب و الام بالنسبة للاطفال الصغار هم المستقبل ، هم النموذج الذي سوف نكون مثله ، فهل احد يقلد احد ويعجب به وهو يكرهه ويتمنى زواله ليحل محله ؟ هذا منطق مشروخ !! ثم زوال من ؟ هذه لا يفعلها ولا حتى الموظفون في عملهم ، لا يتمنى موظف ان يٌفصل المدير ليحل محله ، فما بالك باطفال لا امل لهم بالحياة الا من خلال هذين الوالدين ؟ بل لا يثقون بأي احد بمقدار ما يثقون بوالديهم ولا يشعرون بالامن الا بصحبتهم ، ومع هذا يتمنون زوالهم ! اللعب شيء والواقع شيء آخر . لعب الاطفال تدريب وليس بدافع الحقد وإعداد المؤامرة ، البنت لا تريد ان تقوم باعمال المنزل بدلا من والدتها لأنها تعرف أنه عمل شاق ، بل تريد ان تمرح و تلعب كما تشاء ، الاطفال لا يحبون الالتزام ، و دور امها مليء بالالتزامات . لكن يسرّ الطفل ان يظهر بمظهر الكبير ، لو كان الاطفال يعرفون الدافع الجنسي مثل الكبار لفعلوه ، ما الذي يمنعهم ؟ ولماذا يتمنونه فقط ؟ و ايضا لفكروا بمن في عمرهم ، بدلا من ان يفكروا بممارسة الجنس مع اباءهم وامهاتهم الذين يفوقونهم بالوزن والعمر أضعافاً . هذه شطحات خارجة عن افق المعقول . ولا تدل على ان فرويد يفهم حتى الدافع الجنسي و مُهيـّئاته . ترى ما الذي يفهمه فرويد غير سوق المال ؟ فرويد لا نستطيع ان نقول انه يعرف اي شيء عن الانسان ، بما في ذلك الجنس . كلنا مررنا بالطفولة وخطرت على بالنا افكار كثيرة و نعرف مشاعرنا عندما كنا صغارا .. كل شيء فيها الا الاشياء التي يقترحها فرويد . ايكتب عن الانسان والبشر الذين نعرفهم ، أم يتكلم عن سكان كوكب اخر ؟ منذ الثالثة من عمري وانا اتذكر كل مشاعري وافكاري ، بل اتذكر الاماكن التي ارتبطت بها تلك الافكار . لم تزرني عقدة اوديب يوما من الايام ، و لا اظن قارئا قد زارته ، ولم افكر واتمنى زوال اخوتي الصغار من الحياة ولم أتمنى يوم من الأيام زوال أبي / بل كنت أخاف من ذلك أشد الخوف لأنني أحبه وأتعلم منه منذ أن رأته عيني وإن كنت أغضب منه أحيانا لأسباب أعرفها بوضوح ، مع انني اذكر مشاعري منذ السنة الثالثة من عمري. فمتى تكون هذه المشاعر التي يتكلم عنها فرويد ؟ في اي شهر هي من عمر الانسان ؟ و متى يعرف الطفل ان اباه يمارس الجنس مع امه حتى يتمنى أن يكون هو بدلا من أبيه كما يزعم هذا الطرح الشاذ ؟ هل يتمنى شيء لا يعرفه ؟ كل الأطفال دون سن المدرسة لا يعرفون إلا أن المستشفى أخرج طفلا من بطن أمه ، و بعضهم لا يعرف ولا حتى هذه ، حيث يتصور أن المستشفى مثل السوق وذهبت أمه و اشترت طفلا جديدا ! ولا يدري كيف تكوّن هذا الطفل . و اسئلتهم تدل على أنهم لا يعرفون العملية الجنسية برمتها ، فكيف يحسدون أمهم واباهم على ممارسة الجنس و يتمنون زوالهم ليحتلوا أماكنهم في ممارسة الجنس الذي لا يعرفونه ؟ عقل فرويد يستطيع أن يستوعب تمني شيء غير معروف ، و لا يعرف الطفل عن ممارسة الجنس و أنه سبب الإنجاب الا في سن متاخرة ، في المراهقة ربما أو قبل ذلك بقليل . و كل الاباء يعرفون مدى تعلق الابناء الذكور بهم ، و مراقبة حركاتهم منذ السنوات الاولى . و يعرف غريزيا ان هذا هو قدوته ، و كذلك البنات يركزن على امهاتهن اكثر من التركيز على اباءهن ، على العكس تماما مما يذكر فرويد . فالطفل الولد يفرح ان يحمله ابوه اكثر من امه و العكس . كما ان الحنان مختلف بين الاب والام ، فبعض الاسر تكون الام اكثر حنانا على الاطفال ، و بعض الاسر يكون العكس ، مع ان الاكثر هو حنان الاب من وجهة نظري بشكل عام . اما تضايق بعض الاطفال الذكور من اباءهم او البنات من امهاتهن احيانا ، و الذي فسره فرويد بكل عبقرية بالرغبة الجنسية و الاستحواذ ، فهذا كلام سخيف و غير منطقي ؛ لان الولد يركز على والده و يرى فيه مستقبل حياته ، و يكون حساسا من ناحيته كلما اهمله او منعه او صرخ في وجهه . و نحن نتأثر بقسوة ممن نحبهم اكثر من قسوة من لا نحبهم بشكل عام ، قال الشاعر : و ظلم ذوي القربى اشد مضاضة .. على النفس من وقع الحسام المهند .. لهذا فالبنت يبقى في نفسها شيء من معاملة والدتها لها ، تزول احيانا و ترجع وقد تنمحي نهائيا حسب المعرفة و تقدير ظروف الوالدة . وكذلك الابن مع ابيه . ليس لانهم يكرهونهم بل العكس تماما ، لانهم يحبونهم . و التأكد من اخلاص الوالدين عند الاطفال كفيل مع الزمن بازالة كل ما يعلق في النفس منهما و يعكر صفو المحبة . و كلما تقدم الانسان بالسن كلما التمس العذر لوالديه . حتى يكاد يطهّرهما من اي تقصير بعد ان يفقدهما . و دائما الابناء يعلقون اخطاء اباءهم على ظروف الحياة والاخرين . الام بسبب الضغوط الكثيرة قد تنهر ابنتها وتكشف اخطائها ، لأنه و بتلقائية : تربية الاولاد تميل نحو الاب ، وتربية البنات تميل نحو الام . و لا توجد بنات يربيهن ابوهن بالكامل مع وجود امّهن ، و لا العكس . لا بد من تأثير النوع ، حتى الاب الذي يربي بناته ، يربيهن من خلال نماذج انثوية ، وكذلك الام عندما تربي اولادها الذكور ؛ فهي تربيهم من خلال اخوانها (اخوالهم) مثلا ، لان للذكر طبيعة حياة تختلف عن طبيعة حياة الانثى بكل مناحي الحياة . والاطفال الصغار يريدون ان يتعرفوا على الحياة بشكل اسرع ، واقصر وآمن طريق هو من خلال الوالدين ، واذا كان الطفل ذكرا فالطريق الاقصر هو من خلال والده ، و للبنت فهو من خلال امها . اذا كل فكرة فرويد خاطئة . فالبنت تميل لامها اكثر ، و لكنها تغضب منها اذا لم تقدّر هذا الميل ، كذلك الولد يميل لابيه اكثر ، و لكنه يغضب من ابيه اذا لم يقدّر هذا الميل . الطفل يتعقد اكثر بسبب الاب ، والطفلة تتعقد اكثر بسبب الام ، والعيادات النفسية تشهد بذلك . فرويد جيـّر هذا على انه نفور من البنت عن امها لانها تحتل فراش الزوجية عن ابيها ! فهل هناك اغرب و ابشع من هذا التفسير ؟ مع ان السبب واضح ، فالبنت تعرف انها ستعيش كل حياتها انثى ، لذلك تهمها امها الانثى ، لانها تضمن اخلاص هذه المراة لها ، و تضمن معرفتها اكثر منها . و من خلال تقليدها تستطيع ان تخرج الى الحياة الواسعة كأنثى ، و كذلك الولد مع ابيه . و ما اكثر ان تشاهد الاولاد الذكور يلاحقون اباءهم و يفرحون بخروجهم معهم ، و كذلك البنات يلاحقن امهاتهن ، فاين هو النفور الذي يزعمه فرويد ؟ الولد ينتقد اباه اكثر ، والبنت تنتقد امها اكثر ، و نلاحظ عند الاخوان والاخوات بعد موت الوالدين ، كثرة ذكر البنات لامهن ، وكثرة ذكر الاولاد لابيهم ، و هذا يظهر في احلامهم ايضا ، و كلا الجانبين ينظران نظرة قدسية الى الوالد ان كانوا ذكورا ، او الام ان كن اناثا . هذه القدسية هي التي كانت منذ الطفولة . صورة نادرة جدا – و لها اسبابها - ان وجدتَ طفلا ذكرا يتعلق بامه ولا يتعلق بوالده . إلا أن تكون امه قد شوهت له صورة والده ، وهذا يحدث كثيرا في حالات الطلاق ، لكن مكان والده يبقى فارغا في نفسه . تركيز فرويد على كلمة الحنان غير علمي ولا واقعي ، فالطفل ليس كالبيضة التي تحتاج للدفء والحنان فقط ، الطفل يريد من يوسع مداركه ، و يُؤخذ بيده الى الحياة بدون خطر . الطفل يفتخر بقوة والده ولا يحقد عليه كما يتصور فرويد ، والطفل يفتخر بثقافة والده و يتصور انه يعرف كل شيء و يعرف من خلال اي الوالدين يكون امتداده . لا توجد فكرة الحقد اصلا بين الوالدين و الابناء ، فالوالدين لا يحقدون على ابناءهم ولا العكس ، مهما كان الوضع . و بالتالي لا احد يتمنى الشر للاخر ، وكما قيل في المثل : عداوة الاحباب تدخن ولا تحترق . لهذا يميل كل طفل الى من هو على جنسه . الولد يعرف انه لن يكون اما يوما من الايام و لا ربة منزل ولن يلبس مثل ملابس امه ولن يتكلم بنفس طريقتها ، فلماذا اذا يهتم بها و يهمل والده الذي سيكون مثله يوما ما ؟ الطفل لا يفكر انه سيكون في يوم ما مكان والده في الاسرة ، ولا البنت تفكر هكذا . الطفل يعرف انه سيكبر و تكون له اسرة جديدة غير اسرة والده ، و يكثر الطفل من كلمة : اذا كبرتُ ، وهو يعرف ان الجميع يكبر وليس فقط هو . فاذا كبر الطفل و صار في عمر والده ، يعرف ان الجميع سوف يكبرون مثله و لن يكون ابا عليهم ، لانه فرد من هذه الاسرة ، فهل يكون ابا على نفسه ايضا ؟ الطفل ليس احمقا الى هذه الدرجة حتى يتخيل زوال ابوه و يكون هو الاب لهذه الاسرة ، وزوج هذه المراة التي هي امه . النوم مع الام : هذا ليس صحيحا و لا مطردا ، بل اكثر الاولاد يحب ان ينام مع والده ، لان والده يشعره بالحماية اكثر ، و لانه يرى فيه افضل صديق . فرويد يحمـّل سلوك الاطفال معاني خبيثة لا يعرفها الاطفال . الحقيقة ان كل الاطفال و من كل الاعمار الطفولية يحبون ان يناموا مع والديهم ، لأن هذا يعطيهم احساسا بالامن و الوئام اكثر من ان يكون كل طفل في غرفة منفردة ، اذا لم يكن هذا ممكنا احبوا ان يناموا مع بعضهم . او مع اختهم الكبيرة او اخاهم الكبير ، كاقرب صورة للوالدين .. حتى البنت في غياب والدها يعجبها ان تنام مع والدتها ، و يعرف فرويد هذه الصورة ، و لكنه حذفها من الفيلم لانها لا تعجبه . وهل ذلك الطفل الذي ذكر ، ألن يفرح اذا نام بين والديه كليهما ؟ الحقيقة انه سوف تزود فرحته اكثر بحضور والديه اكثر من غياب احدهما ويشعر بالامان اكثر ، هو يقيس على نماذج مفردة و منتقاة دون استعراض حياة الطفولة باكملها . الم يلاحظ فرويد ان الطفل يحب ان يلبس ملابسا مثل ملابس والده ؟ و يفرح عندما يجلس على مقود السيارة ؟ و كذلك عندما ينام في فراش والده ؟ كل هذه من ضمن تدريبات الاستعداد للمستقبل ، و مستقبل الطفل مهم عنده . فالاب عند الطفل يعني صورته و هو كبير ، و من ضمنها ان ينام على فراش والده ، فالنوم على فراش والده تماما مثل الجلوس على مكتب والده ، او الجلوس في مجلسه و شرب قهوته وربما غليونه او سيجارته .. هذه سلوكات بريئة . الطفل مشغول بمستقبله و تحقيق ذاته و ليس مشغولا بالجنس . ولو كان مشغولا بالجنس لتبين في اوضاع اخرى . بل ان الطفل الذكر و في كل المجتمعات يحب ان يصادق اطفالا ذكورا ، و كذلك تفعل البنات . مما يعني غياب الانجذاب الجنسي قبل بوادر البلوغ . و يتضايق الطفل الذكر اذا عومل او شبـّه بالبنت ، و كذلك تتضايق البنت اذا شبّهت بالاولاد . اذا كل افتراضات فرويد من مخيلته و ليست من الواقع . فاين هو البحث العلمي الواقعي الذي يدعيه ؟ عدم وجود الانجذاب الجنسي بين الاولاد والبنات و هم يقضون اوقاتا طويلة مع بعضهم ، الا يكفي دليلا لاسقاط فكرة فرويد من جذعها ؟ انهم مجموعة ذكور واناث يلعبون ويستطيعون ان يختفون عن الانظار ، فلماذا لا تظهر تلك النوازع الجنسية الجامحة فيهم واقعيا ؟ وعوضا عن ذلك تظهر في الاحلام والامنيات المكبوتة ؟ بمعنى : لا يقوم الطفل باي انجذاب جنسي لابنة الجيران وهو يلعب معها . بل يعاملها كما يعامل الولد ، بينما يحسد اباه على ممارسة الجنس مع امه !! اليس هذا جنونا ليس بعده جنون ؟ كل طفل يريد ان يكون كبيرا ، و هذا همه الاول ، حتى امنيات الاطفال فيما بينهم كلها مسبوقة عندهم بكلمة : عندما اكبر سوف اشتري سيارة من نوع كذا ، وسوف اصبح في المهنة الفلانية ، و غالبا يتمنى ان يكون مثل والده او قريبا منه ، وهكذا كلما كبر يعدل في هذه الامنيات بحيث تبتعد عن واقع والده بعض الشيء .. مما يعني ان الوالد هو مركز اهتمامه في البداية ، ثم يبدأ بزيادة هذه الاهتمامات من غير والده كلما كبر متاثرا بالاخرين .. اذا الوالد هو مركز اهتمام الطفل الاول و ليست الوالدة , والبنت عكس ذلك تماما .. قد يميل الطفل الى امه بسبب قسوة والده او اهماله ، وليس بسبب الجنس ، وقد تميل البنت الى والدها غالبا لانه لا يدقق عليها و يراقبها كما تفعل والدتها .. الطفل يعرف - بسبب وجود الكبار - انه ليس في الوضع النموذجي ، و انه في فترة انتقالية ضعيفة و قاصرة ، لدرجة انه يكره ان يقال له : انت طفل . و يحب من يقول له : انت رجل أو امرأة . حتى اسم التدليع كلما كبر الطفل يبدا برفضه ، لانه يرمز لطفولته . وهذا ليس محتما ، بل المحتم بان يرغب ان ينام مع امه و ابيه ايضا ، لانه اذا غابت امه رغب بان ينام مع والده ، و هي صورة واقعية حذفها المخرج . لماذا لا نقول بانه يرغب باستمرار غياب والدته حتى ينعم بوالده الذي يميل اليه فطريا ؟ و كل هذا غير وارد . فالطفل انسان و ليس وحشا صغيرا كما يتصور فرويد . ---------------------------------------- انتهت الحلقة السادسة .. وتليها الحلقة السابعة بإذن الله ..
__________________ |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
آراء في أشهر الآراء : سيجموند فرويد (تفسير الأحلام) -1- .. | الورّاق | مواضيع عامة | 1 | 03-31-2012 01:30 PM |
كتاب تفسير الأحلام ابن سيرين rar | hmada zidan | نور الإسلام - | 2 | 12-06-2010 12:17 AM |
تجربتي مع خدمة تفسير الأحلام | lulu87 | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 3 | 07-04-2010 11:25 AM |