عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

Like Tree3Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 05-05-2012, 10:29 AM
 



جهاد المقربين
لماذا نرى فى عصرنا قوماً كل همهم تقصير الثياب وإطالة اللحية واستخدام السواك والإطالة فى الصلاة فى الركوع والسجود والتلاوة ويَدَّعَون أنهم على الحق ويعاملون الخلق بفظاظة وغلظة حتى يردوهم إلى هذا المنهج ويعتقدون أن هذا المنهج هو الحق والصواب وأن غيره يخالف الحق ولمثل هؤلاء نقول تعالوا معنا إلى سنة رسول الله وأصحابه الكرام عندما قالوا له:يا رسول الله فلانة تقوم الليل وتصوم النهار ولكنها تؤذى جيرانها بلسانها – مجرد أنها طويلة اللسان (كما نقول) وحسب فهى لا تسرق ولا تقتل ولا تُشرك ولا تُكفِّر ولا حتى تكتب شكاوى كيديه كالموجود فى هذه الأيام بكثرة فما حكم الذي لا ينطق عن الهوى فى ذلك؟{قِيلَ لِلنَّبي:إِنَّ فُلاَنَةً تَقُوم اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ وَتَفْعَلُ الْخَيْرَاتِ وَتَتَصَّدَّقُ وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لاَ خَيْرَ فِيهَا هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَفُلاَنَةٌ تُصَلي المَكْتُوبَةَ وَتَصَّدَّقُ بِالأَثْوَارِ مِنَ الأُقْطِ، وَلاَ تُؤْذِي أَحَداً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ:هِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ }[1] أرأيتم المقابلة النبوية والمفاضلة المحمدية بين كثيرة العبادة بالليل والنهار وهى تؤذى جيرانها والأخرى التى تصلى المكتوبة وتتصدق بأقل القليل ولكنها حفظت نفسها عن إيذاء الخلق أرايتم الفارق الشاهق ماذا تختارون بالله عليكم وجاء لرجل آخر وهو يجلس مع أصحابه وقال {يدخل عليكم الآن رجل من أهل الجنة} فدخل سيدنا عبدالله بن سلام وبعض الروايات لم تحدد الاسم وبعضها قال سعداً ولكننا اجتهدنا حتى عرفنا الإسم فوجدناه سيدنا عبدالله بن سلام جلس الرجل فترة ثم قام فقال النبى {قام عنكم الآن رجل من أهل الجنة} وتكرر ذلك فى ثلاثة أيام متتالية فما كان من سيدنا عبدالله بن عمرو بن العاص وفى رواية أخرى أنه سيدنا عبدالله بن عمر والإثنان كانا يقومان الليل كله ويصومان الدهر ويقرآن القرآن كل عدة أيام مرة إلا أنه ذهب ليرى كيف وصل هذا الرجل إلى تلك المنزلة؟فذهب على أن هناك خلافاً بينه وبين أبيه وعليه غادر بيته ويريد من سيدنا عبدالله بن سلام أن يستضيفه فاستضافه الرجل وفى أول ليلة نام الرجل ولم يستقيظ إلا قبل الفجر بقليل فتوضأ وأحسن الوضوء وقال: هيا بنا كي نصلي مع رسول الله فتعجب الرجل لأنه نفسه يقوم الليل كله وهذه الأولى أما الثانية ففى الصباح جاء عبدالله بن سلام للرجل بالطعام فسأله ألست بصائم؟ قال: لا - فقال فى نفسه: من الجائز أن يكون الرجل كان متعباً فى البارحة أو مريضاً فلن يستطيع الصيام ولكن الأمر تكرر فى الليلة الثانية بل وفى الثالثة ولم يكن يزيد سيدنا عبدالله بن سلام عن الفرائض فقال له الرجل{ يَا عَبْدَ اللهِ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ وَالِدِي غَضَبٌ وَلاَ هَجْرَةٌ وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ لَكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فِي ثَلاَثِ مَجَالِسَ: يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَطَلَعْتَ أَنْتَ تِلْكَ الثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَأَرَدْتُ آوِي إِلَيْكَ، فَأَنْظُرَ عَمَلَكَ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَبِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ؟ - ماذا تزيد عني؟ فأنا أقوم الليل كله وأصوم الدهر كله وأقرأ القرآن كل أيام مرة - قَالَ: مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ، فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لاَ أَجِدُ فِي نَفْسِي غِلاًّ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ أَحْسُدُهُ عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْن عَمْرو: هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لاَ نُطِيقُ}[2] وبعد أن سمع ذلك ذهب سيدنا عمرو بن العاص إلى سيدنا رسول الله وفى قلبه وعقله مافيه من هذا الدرس العظيم وإذا بسيدنا رسول الله يعظ سيدنا أنس ويقول فى حديث طويل فيه جماع ماكان من سرِّ تلك الحادثة أو الواقعة من فضل وبركة وثواب ترك الغلِّ والغشِّ وإشاعة السلام والمحبة والوئام بين الأنام {وَيَا بُنَيَّ إِذَا خَرَجْتَ من بَيْتِكَ فَلاَ يَقَعَنَّ عَيْنَكَ عَلَى أَحَدٍ منْ أَهْلِ القِبْلَةِ إِلاَّ سَلَّمْتَ عَلَيْهِ فَإنَّكَ تَرْجِعُ مَغْفُوراً لَكَ، وَيَا بَنيَّ إِذَا دَخَلْتَ مَنْزِلَكَ فَسَلمْ يَكُنْ بَرَكَةٌ عَلَى نَفْسِكَ وَعَلَى أَهْلِكَ، إِنِ ٱسْتَطَعْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ وَلَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لأَحَدٍ فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكَ فِي الْحِسَابِ، وَيَا بَنيَّ إنِ اتَّبَعْتَ وَصِيَّتِي فَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ يَا بُنَيَّ إِنَّ ذٰلِكَ مِنْ سُنَّتِي وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي فِي الْجَنَّةِ }[3] هل وعينا الدرس هل رأينا ما يبلغ بالعبد إلى أعلى الرتب عند الله وعند حبيبه ومصطفاه وهل عرفنا يقيناً أين تقع نوافل العبادات إلى جانب نوافل القربات والمقامات فمن إذاً يريد أن يكون مع رسول الله؟من يريد عليه أن يدخل من هذا الباب وهو الباب الأكرم والأعظم الذي يستلزم جهاد شديد وعتيد، هذا الباب يقول فيه الإمام علي{ ليست الكرامة أن تطير فى الهواء فإن الطيور تفعل ذلك، ولا أن تمشي على الماء فإن الأسماك تفعل ذلك وليست الكرامة أن تقطع ما بين المشرق والمغرب فى لحظة لأن الشيطان يفعل ذلك ولكن الكرامة أن تُغير خلقاً سيئاً فيك بخلق حسن} وهذا هو جهاد الأبطال وجهاد الرجال وجهاد الكمل جهاد العارفين جهاد المقربين جهاد الصالحين جهادهم أن ينظر الواحد منهم فى مرآة نفسه ويزن نفسه بأخلاق أصحاب رسول الله ويرى أين يكون منهم؟أو يزن نفسه فى مرحلة أرقى بعد أن ينتهى من الأولى بكتاب الله ويرى الأخلاق التى مدح بها الله الأصفياء والأتقياء والأنقياء من عباد الله وأين يكون منها؟ فيجد على سبيل المثال: "عباد الرحمن" والترتيب فى القرآن لسرٍّ يعلمه الرحمن ويكون بحسب الأولوية قال تعالى {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً} أول صفة من صفاتهم هى التواضع لكل الخلق ولذلك فإن أول شيء يعالجوه منه أن ادخل المصحة النبوية وعالج مرض الكبر لأنه لو بقى ذرة واحدة من مرض الكبر فلا وصول لأصل الأصول وأيضاً ليست هناك له جنة بماذا؟ لأنه الحبيب قال {نظرت إلى باب الجنة فوجدت مكتوباً لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ }[4] ليس ذرة وحسب ولكن بعض ذرة أى أقل من الذرة:
ألا من يكن فى قلبه بعض ذرة ------ من الكبر والأحقاد ما هو ذائق
فهولا يتذوَّق أى شيء لأنه مريض إذا أعطوه العسل يجده مرَّاً فهل المرارة فى العسل أم عنده؟ عنده ولكن لأنه مريضٌ بمرض الكبر يرى أنه الوحيد الكامل وبقية الناس لا تعرف شيئاً والمفروض أن يكونوا مثله ويتبعوه ويسمعوا توجيهاته ونصائحه وهذا يا إخوانى هو أكبر مرض يتعرض له الإنسان فيحرمه من عطاء الرحمن {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً} والمرتبة الثانية {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً} أي أمسك قوة الغضب لديه وهذبها ورِبَّاها وأصبح حليماً {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ} درَّب نفسه وأدخلها فصل{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} كلما سمعت شيئاً يغضبها تكظم الغيظ وقد قال حضرة النبي{مَنْ كَظَمَ غَيْظاً وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إِنْفَاذِهِ مَلأَهُ اللَّهُ أَمْناً وإِيماناً وَمَنْ تَرَكَ لُبْسَ ثَوْبِ جَمَالٍ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَوَاضُعاً كَسَاهُ اللَّهُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ وَمَنْ زَوَّجَ لِلَّهِ تَوَّجَهُ اللَّهُ تَاجَ الْمُلْكِ }[5] والكلام لنا جميعاً فى نفع الخلق كظم الغيظ والتواضع والتراحم والتكافل حتى بتزويج الضعفاء والفقراء فإذا ذكرنا كظم الغيظ فالرجل منَّا الذي يمسك زوجته ويضربها كيف يكون رجلاً ورسولنا يقول {خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ مَا أَكْرَمَ النَّسَاءَ إِلاَّ كَرِيمٌ وَلاَ أَهَانَهُنَّ إِلاَّ لَئِيمٌ}[6] فهل تُنَصِّبْ نفسك خالد بن الوليد على المسكينة زوجتك التى لا تملك إلا لسان ماذا تفعل معها إذاً؟{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} وإذا اجتزت هذا الفصل عليك أن تدخل من باب {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} لأن الذي كظم غيظه فقد كظمه فى نفسه وفقط لكن الأعلى من ذلك أن تعفو عمن أساء إليك وتسامحه وإذا نجحت النفس فى هذا الباب نرقيها للمرحلة الأعلى {وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} هذا لكى تعلموا أن كلام ربنا بميزان لأنها رتبة بعد رتبة بعد رتبة من هؤلاء؟ الذين قال فيهم حضرة النبي { وَأَحْسِنْ إِلى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ تَكُنْ مُسْلِمَاً } [7]

[1] للبيهقى فى شعب الإيمان والطبرانى عن أبى هريرة [2] أخرجه أحمد والنَّسَائِي في"عمل اليوم والليلة"، المسند الجامع [3] لأبى يعلى فى مسنده وأَبو الْحسن الْقَطَّان في المطوالاتِ والطبرانى فى الصغير عن سعيد بن المسيب عن أَنَسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ. [4] صحيح مسلم عن عبدالله [5] رواه الطبراني وابن عساكر عن سهل بن معاذ [6] ابن عساكر عن على. [7] ابن النجار عن على.
يتبـــــع إن شــــــــاء الله

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 05-06-2012, 10:23 PM
 
زينة المقرَّبين
وإذا أردت أن ترتقى إلى أكثر من ذلك عليك أن ترى أخلاق الحبيب المحبوب التى رَبَّاه عليها حضرة علام الغيوب لأن هذا هو المطلوب وهي من سرِّ ونور قوله تعالى {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}إذ لما نزلت سأل الحبيب جبريل قال: ما معنى ذلك يا جبريل؟ قال: حتى أسأل العليم فذهب ثم عاد وقال: يقول لك ربك {صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ}[1] إذاً أيهما أشدُّ على النفس هل صلاة ألف ركعة فى الليل أم كظم الغيظ عن إنسان يسبُّك مع أنك تستطيع أن تنتقم منه؟الأشد بالطبع كظم الغيظ وهو المقام الأعلى والأغلى لأنها انفعالات نفسية وتوترات عصبية تستلزم من الإنسان أن يكون قوي النيَّة صادق العزيمة مع ربِّ البرية لكى يتخلص من هذه الخصلة التى نهى عنها الله والتى نوَّه بقبحها سيدنا رسول الله ولذلك كان النبي يمشي على ذلك مع الأكابر من أصحابه فقد ذكر أنَّ
{أبا بكر كان عند النبي ورجل من المنافقين يسبه وأبو بكر لم يجبه ورسول الله ساكت يبتسم فأجابه أبو بكر فقام النبي وذهب فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله ما دام يسبني كنت جالساً فلما أجبته قمت فقال: إن الملك كان يجيبه عنك فلما أجبته ذهب الملك وجاء الشيطان وأنا لا أجلس في مجلس يكون فيه الشيطان فنزل قول الله[فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۚ][2]وقد قال صلى الله عليه وسلم فى ذلك {الْمُسْتَبَّانِ شَيْطَانَان}[3] والمؤمن لا يرضى أبداً أن تُمسخ صورته الربانية ويصبح فى صورة شيطان إذ يجب أن يكون فى صورة ملك – فى صورة روحانية عالية – فى صورة قرآنية – فى صورة فيها وراثة للحضرة المحمدية وإذا أراد ذلك عليه أن يحفظ نفسه من هذه الصفات الجاهلية وهذا يا إخوانى جهاد الأفراد الذين هم أكبر مراتب الأولياء والصالحين إذ يجاهدون فى التخلق بأخلاق القرآن والتخلص من هذه الأوصاف التى نهى عنها النبي العدنان أما باب العبادات فإن رسول الله كان يجلس مع أصحابه يتذاكرون إخوانهم وأحبابهم واسمعوا لسيدنا أنس بن مالك إذ قال{كان في عهد رسول الله رجل يعجبنا تعبده واجتهاده فذكرنا لرسول الله اسمه فلم يعرفه فوصفناه بصفته فلم يعرفه فبينا نحن نذكره إذ طلع الرجل فقلنا: هو هذا يا رسول الله إنكم لتخبروني عن رجل إن على وجهه لسفعة من الشيطان قال: فأقبل حتى وقف على المجلس- وفى رواية: فلم يسلِّم - فقال له رسول الله: أنشدك الله هل قلت حين وقفت على المجلس: ما في القوم أحد أفضل مني أو خير مني؟ فقال: اللهم نعم ثم دخل يصلي أو:ولَّى ثم دخل المسجد يصلى – فى رواية}[4] وهذا يا إخوانى هو مرض الكبر والغرور وإذا أصيب الإنسان بمرض الغرور فأعماله كلها عند الله بور وبالكاد جلس الرجل فترة بسيطة ثم ترك مجلس حضرة النبي والنبى جالسٌ مع أصحابه يفقِّههم ويعلِّمهم ترك هذا المجلس ليتنفَّل ويصلى مع أنه لو كنت بالصلاة ونادانى النبى أثنائها لوجب علىَّ أن أترك الصلاة وأذهب إليه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} وقد نادى سيدنا رسول الله يوماً على سيدنا أبى سعيد بن المعلى وهو يصلى فى المسجد فقد ورد عنه {كنتُ أُصلِّي فمرَّ بي رسولُ الله فدَعاني فلم آتِه حتى صلَّيتُ ثم أتَيتُه فقال: ما منَعَكَ أن تأتيني؟ ألم يَقلِ اللَّه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}[5] فإذا دعاك رسول الله وأنت فى الصلاة عليك أن تُسلم وتذهب إليه وذلك لأن الرجل كان يصلى نفلاً وإجابة رسول الله فرض والفرض مقدم على النفل بل وكذلك الأب والأم – وهذا لا يعلمه أكثرنا - فإذا نادى علىَّ أبى أو أمي وأنا فى صلاة النفل فى المنزل عليَّ فوراً أن أسلم وأجيبهما أوأرفع صوتى لأعلمهما أنى فى الصلاة فإذا صمتا ولم يكررا النداء فبها ونعمت أما إذا كررا النداء وجب علىَّ أن أسلم وأجيب لأن صلاة النفل سنة وإجابة الوالدين فرض والفرض مقدم على السنة أما مجلس رسول الله فهو أمر عالٍ فقد قال فيه حضرة الله {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} أي لا يخرج أحد إلا بإذن من رسول الله وذلك لأن مجلس رسول الله أرقى من أى عبادة فقد يتعلَّم فيه شيئاً أفضل من كلِّ العبادات التى يعبدها لله أو يتعلَّم فيه ما تصلح به العبادة لله ثم قال سبحانه له {فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ} وأمَّا من أذنت لهم فهؤلاء {وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ}لماذا؟ لأنه سيفوتهم خيٌر كثيٌر بتركهم مجلس رسول الله ونعود لقصة الرجل هذا الذى ترك مجلس رسول الله وذهب إلى المسجد ليصلِّى كما يبدو من القصة ثم ولَّى فدخل المسجد فقال رسول الله : من يقتل الرجل؟ فقال أبو بكر: أنا يا رسول الله فدخل المسجد فوجده يصلِّي فقال أبو بكر: وجدته يصلي وقد نهيتنا عن ضرب المصلين فقال من يقتل الرجل؟ فقال عمر : أنا يا رسول الله فدخل المسجد فوجده ساجدا فقال: أقتل رجلا يصلي وقد نهانا عن ضرب المصلين فجاء فقال له النبي: مه يا عمر قال وجدته ساجدا وقد نهيتنا عن ضرب المصلين – وفى رواية : قال عمر أبوبكر أفضل منى- ، ثم قال : من يقتل الرجل؟ فقال علي كرم الله وجهه: أنا فقال: أنت تقتله إن وجدته فذهب علي فجاء فقال له النبي : مه يا علي قال:وجدته قد خرج فقال: أما إنك لو قتلته لكان أولهم وآخرهم وما اختلف من أمتي اثنان} وفى رواية {لوقتل هذا ما اختلف اثنان في أمتي إلى يوم القيامة}[6] وكان هذا الرجل[7] بداية الخوارج الذين انتشروا وملأوا الدنيا إلى يومنا هذا ولو كان الأصل قُتل واجْتُثَّ وقتها لما جاء الفرع إذاً فالباب الأعظم فى العبادات والذي كان عليه الصالحون والصالحات والسادات أن ينظر الإنسان فى نفسه ويغيِّر أوصافه التى لا تليق بما جاء فى كتاب الله ولا تناسب ما كان عليه حبيب الله ومصطفاه وهذا هو الجهاد الأعظم جهاد الصالحين وجهاد العارفين :
هذب النفس إن رمت الوصول --------- غير هذا عندنا علم الفضول
تهذيب النفس وجهاد النفس ليس فى العبادات ولكن فى تغيير العادات وتغيير الأخلاق غير المناسبة لكتاب بارئ الأرض والسموات وبعد ذلك كما قال حضرة النبي كما روى سيدنا عَبْدِ الله بنِ بُسْرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ {يا رَسُولَ الله إنَّ شَرَائِعَ الإسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ فأخبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ قالَ: لا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْباً مِنْ ذِكْرِ الله}[8] اختصر النبى الأمر وقال إن أهم شيء أن تكون مشغولاً بذكر الله وأنت تسير فى الطريق وأنت نائم وفى كل الأحوال لتدخل فى قول الله {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ}
[1] مسند الإمام أحمد عن عقبة بن عامر [2] تفسير السمرقندى [3] مسند الإمام أحمد عن عياض بن حماد [4] عن أنس فى تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر النروزي وورد بمصنف الصنعاني عن يزيد الرقاشي وفيه قصة طويلة [5] أبي سعيدِ بن المعلى رضي الله عنه صحيح البخاري ومسلم وسنن النسائى [6] مصنف الصنعاني عن يزيد الرقاشى [7] أنه يدعى ذو الخويصرة أو ذو الثدية، وفى الإصابة فى تمييز الصحابة: الذي قتله علي ذو الثدية ولقصته طرق كثيرة جدا استوعبها محمد بن قدامة في كتاب الخوارج وأصح ما ورد فيها ما أخرجه مسلم في صحيحه وأبو داود من طريق محمد بن سيرين أن عليا ذكر أهل النهروان فقال: فيهم رجل مودن اليد أو مجدع اليد، لولا أن تنظروا لنبأتكم ما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد، فسأل: أنت سمعته قال إي ورب الكعبة، وقال أبو الربيع الزهراني: أن عليا لما فرغ من أهل النهروان قال التسموا المجدع فطلبوه ثم جاءوا فقالوا لم نجده، قال ارجعوا ثلاثا كل ذلك لا يجدونه، فقال علي والله ما كذبت ولا كذبت، قال فوجدوه تحت القتلى في طين فكأني أنظر إليه حبشي عليه مربطة إحدى ثدييه مثل ثدي المرأة عليها شعيرات مثل الذي على ذنب اليربوع، أخرجه أبو داود. [8] سنن الترمذي عن عبد الله بن بسر قال أبو عيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حسن غَرِيبٌ مِنَ هَذَا الْوَجْهِ، وأخرجه الإمام أحمد فى مسنده وأخرجه كثير غيره.
يتبـــــع إن شــــــــاء الله
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 05-07-2012, 11:14 AM
 
سرُّ المحبَّة
ظهر فى عصرنا هذا جماعات يعترضون على أهل المحبة ويقولون أن الدين بالعبادة والإكثار من الصلاة والإكثار من الصيام والإكثار من تلاوة القرآن أما المحبة فلا طائل منها ذاك ما يدعون لذلك يجب علينا نحن وهم أن نرجع إلى النبي العدنان وأصحابه المباركين قدوتنا إلى يوم الدين فسيدنا أنس بن مالك يقول {يَا رَسُولَ اللّهِ مَتَىٰ السَّاعَةُ؟قَالَ رَسُولُ اللّهِ: مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ: فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صَلاَةٍ وَلاَ صِيَامٍ وَلاَ صَدَقَةٍ وَلَـكِنِّي أُحِبُّ اللّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ: فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ}[1] أى ستبلغ المنزلة العالية يوم القيامة وستكون مع [مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ] هذا على المستوى الخاص أما على المستوى العام فعندما نظر سيدنا رسول الله لخادمه ثوبان وجد أن لونه أصفر وجسمه ناحل وضعيف وكأنه مريض فسأله {يا ثَوْبَان ما غيّر لونك؟ فقال: يا رسول الله ما بي ضرّ ولا وجع، غير أني أذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وَحشة شديدة حتى ألقاك ثم ذكرت الآخرة وأخاف ألاّ أراك هناك لأني عرفت أنك تُرفع مع النبييّن وأني إن دخلت الجنة كنتُ في منزلة هي أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل فذلك حِينٌ لا أراك أبداً}[2]وانظر إلى ما يُفكِّر فيه الرجل فهو لا يفكر فيما هو فيه لأنه فى الدنيا مع رسول الله ولكنه يفكِّر فى حاله عندما ينتقل إلى الآخرة ويكون رسول الله مع النبيين والمرسلين ويكون هو مع العوام وفى الحالة الأولى مع سيدنا أنس أجابه رسول الله أما ثوبان فقد أجابه الله وقال لجبريل إنزل وبشِّر هذا الرجل ومن على شاكلته وهنِّئهم وقل لهم {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً} فما الذي يوصل الإنسان لدرجة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين من الأعمال والعبادات؟ لا يستطيع أحد منا أن يصلى كصلاة الأنبياء أو يصوم كصيام المرسلين هل يستطيع أحد منا أن يجاهد مثل جهاد الشهداء الذين جاهدوا فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم؟ هل يستطيع أحد منا أن يصبح صِدِّيقاً لأى نبي ويكون هو المؤيد له والمعين له والمؤازر له والمساعد له كسيدنا أبى بكر؟ وهو الوحيد الذي نال هذا المقام ؟ لا أحد إذاً أين الطاعة والعبادة التى توُصِّلنا لكى نكون مع هؤلاء يوم العرض والجزاء فى الجنة العالية يوم لقاء الله؟ لا يوجد طاعة أو عبادة توصل إلى ذلك لأنه عندما ننظر إلى الصلاة التى نصليها نجد أن ثلاثة أرباعها فى السهو والنسيان وتشتت الذهن والقلب والغفلة عن الرحمن ولولا أن الله سبحانه وتعالى قد وعدنا أنه سيقبلها على عِلاتها فإنه لو حاسبنا على الحضور فيها فلن يجد وكذلك فى الصيام وفى كل الطاعات والعبادات وذلك لكثرة المشاكل التى نعانى منها – فما الذي يوصل إلى تلك المراتب العالية؟ تفضل المتفضل عز وجل وبِيَّن النبي أن الذي يوصل أي إنسان إلى مقامات النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فيكون معهم فى الآخرة وفى الجنان هو الحبُّ ولذلك عندما مدح الله الأنصار الذين لا يضاهيهم أحد فى العبادة أو فى البذل والعطاء فمن منا يأتى بواحد أجنبي ليقتسم معه منزله وأرضه وماله؟ لا أحد بل إن الناس فى العصر الحالى عندما يتوارث الإخوة الأشقاء تأتى لجان لا حصر لها ولا حدَّ لها لكى تقرب وجهات النظر وقد لايستطيعون ذلك فيصل الأمر إلى المحاكم لكن هؤلاء جاءهم المهاجرين من بلدان شتى ومن قبائل شتى وكان كل واحد منهم –أى الأنصار- يقول: يا رسول الله أريد ضيفاً ولكثرة المضيفين كان رسول الله يعمل قرعة بينهم ومن تخرج عليه القرعة يفوز بالرجل المهاجر وماذا يفعل معه؟ يأخذه ويقول: هذا بيتى أنت النصف وأنا النصف الآخر وأنت الذي تختار وكذلك فى المال وكذلك فى الأرض وكل ذلك يتم بمحبة ورضاء تام لأن الله شرح صدورهم للإسلام بل والأكثر من ذلك أنهم تركوا كلَّ ما عندهم والتفوا حول رسول الله يصلُّون معه ويجلسون معه ويجاهدون معه مشغولين به عن مصالحهم الدنيوية حتى أنهم عندما توطَّد الأمر وكثرت الفتوحات واستقرت دولة الإسلام قالوا: نلتفت إلى مصالحنا وزراعاتنا وتجاراتنا فيقول لهم الله {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} أى إياكم أن تتركوه من أجل هذه المصالح وفى {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ} ومع ذلك عندما مدحهم الله وأثنى عليهم فى كتابه هل قال: "يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة"؟ أبداً وإنما قال [وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ] – ما لهم يا رب؟ [يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ] – أول صفة مدحهم بها هي حب من هاجر إليهم وهو رسول الله، وكذلك يحبون بعضهم البعض [وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا] ليس فى صدر واحد منهم حقد على أخيه ولا حسد لجاره ولا أثرة ولا أنانية ولا غيرها من الصفات التى حذَّر منها ربُّ البريَّة ونهى عنها خير النبيين وإمام الأولين والآخرين وماذا أيضاً يارب؟ [وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ] متخلقين بالإيثار إذ يفضلون إخوانهم فى الإيمان على زوجاتهم وعلى أولادهم وذلك لأنهم جعلوا التفضيل للإيمان على كل شيء فى هذه الأكوان إذاً مدحهم الله أولاً بالمحبة – فهل تنفع طاعة أو عبادة بغير محبة؟ فالطاعات التى نعملها لله ومن يعمل هذه الطاعات لكى ينال رضاء الله فإن شرط قبولها المحبة لأنه لو صلى واحد رغماً عنه لا تنفع صلاته وإذا صام واحد أيضاً فى شهر رمضان وهو متضرر كما نرى الآن الذين يقولون: لماذا طال رمضان ولماذا لا ينتهى؟ فإن مثل هؤلاء ليس لهم فى درجات الصيام العلية لأنهم يصومون متبرمين وكارهين إذاً شرط الطاعة والعبادة أن يعملها الإنسان بمحبة لله ولذلك قال الله لنا أجمعين [لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ] إذ لا يجوز إكراه أحد على أي طاعة أو عبادة بل يجب أن أحببهم فى الطاعة فإذا أردت من ابنى أن يصلى لا أمسك له العصا لأرهبه أولاً أبدأ فى ترغيبه فى الصلاة وفى طاعة الله وأذكره بفضل الله عليه وأبين له محبة النبي وفضلها عليه فى الدنيا والآخرة وذلك لكى يصلى برضا وبمحبة وعندما أفعل معه ذلك فإنه يصلى سواء كنت موجوداً أمامه أم غير موجود – أما لو صلى خوفاً منى فلن يصلي إلا أمامي فقط ولو كنت غائباً يترك الصلاة بل من الجائز أن تضحك عليه نفسه وعندما يرانى يذهب ويمثل أنه يصلي رغم أنه غير متوضىء وذلك خوفاً مني إذاً لا يجوز آداء العبادة بالخوف والإكراه إذ لا بد من الإقناع والبرهان والبيان والإيضاح لكي يصلي الإنسان على محبة إن كان أبنائى أو زوجتى أو الذين أرغب فى دعوتهم إلى طاعة الله أو من تحت ولايتى وهذا هو المنهج السديد الذي بينه الله ووضحه رسول الله وكذلك الأمر فى أى حكم من أحكام الشريعة المطهرة فإذا أردت مثلاً من زوجتى أن ترتدى الحجاب لابد وأن أقنعها بالحجاب وأبين لها منزلتها ودرجتها عند الله إن فعلت ذلك لكى تفعل ذلك بمحبة أما إذا فعلت ذلك لكى ترضيني فإنها تتركه أثناء سفرى وخروجى من المنزل وعندما تشعر وتعلم بموعد رجوعى ترتديه فهل يجوز ذلك؟ لا وذلك لأن الله يريد من أى رجل من المسلمين والمؤمنين ألايعمل عبادة اوطاعة إلابمحبة ورغبة وعن إقتناع وبرهان وذلك لكى يستحق الأجر والثواب عند حضرة الرحمن حتى فى الأعمال العادية التى لا ينتبه بعضنا إليها مثلاً: أنا رجلٌ أحبُّ الضيوف وأريد أن أعمل بقول رسول الله {إِنَّ في الْجَنَّةِ غُرَفاً تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا، وبُطُونُها مِنْ ظُهُورِهَا. فَقَامَ أَعْرَابِيٌ فقال: لِمَنْ هِيَ يا رسولَ الله؟ فَقَالَ: لِمَنْ أَطَابَ الكَلاَمَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَأَدَامَ الصِّيَامَ وَصَلَّى بالَّليْلِ وَالنَّاسُ نِيامٌ }[3] لكى آخذ هذه الدرجة وأدخل هذه الغرف التى قال الله فيها فى القرآن{غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} إنها منزلة عظيمة فى الجنَّة لذا يجب ان أُحَسِّن كلامى مع الخلق وأولهم أهلى {خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِه}[4] فلا أحسن الكلام مع الأنام وعندما أذهب إلى أهلي أغيِّر اللهجة وأتكلم فيما يؤرق ويزعج وبذلك أكون غير سوي وإذا أردت أن أُطعم الطعام وأدعوا الضيفان فمن الذي يصنع الطعام هل أنا أم زوجتى؟ بالطبع زوجتى لذا يجب أن أوضح لها هذه الصورة النورانية وأحببها فى هذه المنزلة الجنانية لكى تصنع الطعام وهى راضية محبة وتأخذ هذا الأجر والثواب ولو لم أوضح لها هذه الصورة وصنعت الطعام وهى متبرمة لكى ترضينى وحسب لا لترضى الله وتخرج بعد ذلك وتشكونى للخلق قائلة: إنه يأتيني بالضيوف كثيراً وقد تعبت فعندها قد ضيَّعتَ عملها وحرمتها من الأجر والثواب وذلك لأننى لم أُدْخِلها معى فى المنهج ولم أجعلها تعمل هذا العمل بمحبة وهذا هو منهج رسول الله
[1] صحيح مسلم عن أنس بن مالك. [2] تفسير القرطبى [3] سنن الترمذي وابن حبان عن علي. [4] ابن عساكر عن على
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 05-07-2012, 11:19 AM
 
سرُّ ولاية الله
كل الأعمال يجب أن تسبقها المحبة لكى ينال العمل القبول من عند من يقول للشيء كن فيكون بل إن أعلى درجات القرب عند الله وهى ولاية الله والذين يقول فيهم الله {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} كيف وصل هؤلاء إلى منزلة الكرامة والولاية؟ كيف حفتهم هذه العناية؟ نسأل الخبير الذي أرسله لنا العلى الكبير وقد بين صلى الله عليه وسلم أوصافهم فى الدنيا وأحوالهم ومنزلتهم ودرجتهم فى الدار الآخرة فى الحديث{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا وَاعْقِلُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ لِلَّهِ عِبَاداً لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلاَ شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَنَازِلِهِمْ وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللَّهِ فَجَثَى رَجُلٌ مِنَ الأَعْرَابِ مِنْ قاصِيَةِ النَّاسِ وَأَلْوَى بِيَدِهِ إلَى النَّبيِّ فَقَالَ: يَارَسُولَ اللَّهِ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلاشُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَجَالِسِهِمْ، وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللَّهِ، أَنْعِتْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا: يَعْنِي صِفْهُمْ لَنَا، فَسُرَّ وَجْهُ النَّبيِّ بِسُؤَالِ الأعْرَابِيِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: هُمْ نَاسٌ مِنْ أَفْنَاءِ النَّاسِ وَنَوَازِعِ الْقَبائِلِ – أى من بلاد شتى ومتفرقة - لَمْ تُصَلْ بَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ مُتَقَارِبَةٌ تَحَابُّوا فِي اللَّهِ وَتَصَافَوْا يَضَعُ اللَّهُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فَيَجْلِسُون عَلَيْهَا فَيَجْعَلُ وُجُوهَهُمْ نُوراً وَثِيَابَهُمْ نُوراً يَفْزَعُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يَفْزَعُونَ وَهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ، وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ثم تلى قول الله {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[1] بالله عليكم عندما يقول حضرة النبي من يريد أن يكون ولياً من أولياء الله عليه أن يصاحب جماعة من بلدان شتى فى الله ويزورهم لله ووضح أن ذلك هو سر ولاية الله هل نقلع عن هذا العمل ونهتم فقط بالصلاة والصيام والزكاة وذلك لأن ديننا كله أساسه وصلبه يرتكز على الحب فى الله - ويبين الله من يحبهم فماذا نفعل كي يحبنا الله؟يقول حضرة النبي خذوا هذه الرسالة من الله والتى يقول فيها { وَجَبَتْ مَحَبَّتِي - لمن يا رب؟ - لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ. والمُتَجَالِسينَ فِيَّ. والمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ. والمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ}[2] أي وجب حبُّ الله للذين يحبون بعضهم فى الله ويتزاورون فى الله ويجالسون بعضهم فى الله ويبذلون لبعضهم إن كان طعاماً أو غيره على حسب الوسع والإستطاعة فى الله ولله وكلمة فى الله أى لا ينتظر رداً فإذا كانت المحبة دنيوية مثلاً يقول الأخ لأخيه: لقد أتيتك يا فلان لكنى لن أزورك ثانية حتى تزورني وهذه المحبة ليست لله ولا فى الله وذلك لأن الذي يزور فى الله ينتظر الأجر من الله ولا يريد رد الزيارة وإلا كان العمل لغير الله وإذا زرت أخى فى الله فإن حضرة النبي يقول{إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا زَارَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ شَيَّعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ كَمَا وَصَلَهُ فِيكَ فَصِلْهُ }[3] ينشدون هذا النشيد ويسمعهم اهل الملكوت الأعلى وإذا ذهبت إلى أخيك وأنت مشتاق لكى تزوره وتراه وتطمئن عليه فيخرج لك الله شيك بأجر ما مقدار هذا الأجر؟ نقول كما ورد عن الحبيب المصيب {نَظَرُ الرَّجُلِ إِلَى أَخِيهِ عَلَى شَوْقٍ – وفى رواية حُبَّاً لَهُ وَشَوْقَاً إليْه - خَيْرٌ مِنَ اعْتِكَافِ سَنَةٍ فِي مَسْجِدِي هذَا}[4]هذا أجر النظر فى وجه أخٍ واحد أما إذا رأيت ثلاثين أخاً فإن كل نظرة لواحد منهم بشيك منفصل ومع أن الناس تتحمل مشقة السفر فى رمضان للإعتكاف فى مسجد سيدنا رسول الله عشرة أيام إلا أن مجرد النظرة فى وجه أخ فى الله أفضل من سنة اعتكاف فى مسجد رسول الله أما المصافحة فلها أجرها فعندما أصافح أخاً لى فى الله قال {إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا لَقِيَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ اخَذَ بِيَدِهِ تَحَاتَّتْ عَنْهُمَا ذُنُوبَهُمَا كَمَا يَتَحَاتُّ الوَرَقُ عَنِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ فِيْ يَوْمِ رِيْحٍ عَاصِفٍ وَإِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا وَلَوْ كَانَتْ ذُنُوْبَهُمَا مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ }[5]فأين الطاعات والعبادات التى توصل إلى هذه المنازل والدرجات هذا بخلاف الأمر الهام الذي بدأنا به هذا الحديث فإن كنت أطمع فى منزلة عالية فى الجنة ونفسي تضحك عليَّ ولا أستطيع أن أعمل الأعمال التى توصلنى لتلك المنزلة فماذا أفعل؟ قال: عليك أن تبحث عن واحد من أهل هذه المنزلة وتحبه وتصاحبه فى الله لماذا؟ قال النبى فى حديثه {من أحبَّ قوما على أعمالهم حُشر يوم القيامة في زمرتهم فحُوسبَ بحسابهم وإن لم يعملْ أعمالهم}[6] وقد سأله أحدهم [يَارَسُولَ اللهِ كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ – لم يعمل بعملهم؟فَقَالَ رَسُولُ اللهِ:الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أًحَبَّ }[7] وهذا ما جعل آباءنا الذين كانوا عقلاء وأذكياء وكذلك سلفنا الصالح يسارعون إلى الصالحين فقد كانوا يقولون لا نستطيع أن نعمل مثلهم لكن عندما نحبهم يرفعنا الله لدرجتهم وحشرنا معهم وذلك لأن الله يوم القيامة سيأتى بالكافرين واحداً تلو الواحد [وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ] أما نحن فكل جماعة كانوا يحبون بعضهم البعض يدخلون مجتمعين {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً}أى جماعة مع بعضهم أما عند الجنة {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً} أي جماعات ولذلك تروى لنا الأخبار التى تصدقها الدلائل والآثار مشهداً سيحدث فى الآخرة إذ كل جماعات المتقين والمحبين يتممون ويطمئنون على بعضهم أمام باب الجنة فيقول واحد منهم:يا رب أين أخى فلان؟يقول: إنه لم يعمل بمثل عملك فيقول: يا رب إنى كنت أعمل لى وله فيقول الله تعالى: خذ بيد أخيك وادخلا معاً الجنة إذاً سيكون المؤمنون مع بعضهم البعض عند لقاء الله وعند دخول جنة الله جل فى علاه – والدرجة التى ارتفع بها الأخ قد اكتسبها بالحب فى الله والأخوة فى الله ولذلك يقول حضرة النبي{أتدرون أي عرى الإيمان أوثق؟ قالوا : الصلاة، قال: إن الصلاة لحسنة وما هي به قالوا: الزكاة، قال: إن الزكاة لحسنة وما هي به قالوا: الحج قال: إن الحج لحسن وما هو به قالوا: الجهاد قال: إن الجهاد لحسن وما هو به فلما رآهم يذكرون شرائع الإسلام ولا يصيبون قال لهم: أَوْثَقُ عُرَى الإِيْمَانِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالبُغْضُ فِي اللَّهِ}[8]لأنه لو وجدت المحبة فما المشاكل التى تظل موجودة بين المسلمين؟ فالمساجد مملوءة والحمد لله بالمصلين وجميع المسلمين يصومون شهر رمضان لكن هل تمنعهم الصلاة عن قطيعة الأرحام وعن التنازع والخصام وعن الغيبة وعن النميمة؟كلا كذلك هل يمنعهم صيام رمضان عن ارتكاب الذنوب والآثام؟كلا إذاً ما الذي يمنع الذنوب والآثام؟ إذا وجدت بين المؤمنين والمؤمنات محبة الملك العلام فتجد نتيجة ذلك هذا يتغاضى عن أخيه هذا يستر أخاه إذا وجده على ذنب أو معصية فينصحه سراً ولا يشنِّع عليه هذا يحاول أن يجمع أخاه على الله إذا وجده بعيداً عن الله والكل يسعى لجمع بعضهم على حضرة الله فتصبح الأمور بين المؤمنين كلها مودَّةٌ ومحبَّةٌ وكلها صلةٌ وكلها تقرَّبٌ إلى حضرة الله جلَّ فى علاه فعندما تنتشر المحبة تنتهى الأمراض الإجتماعية الموجودة الآن ولذلك عندما كانت المحبة موجودة وكانت الناس تذهب إلى الصالحين ويحبون بعضهم فى الله كانت الروابط قوية ومتينة ونجد أناساً مؤثرين يستطيعون حل المشاكل ويرتدع الناس بسببهم ولا يُقْدمون على النزاع والصراع أما الآن لا يكبُر لأحد فزادت المشاكل حتى لجان الصلح إذا وُجدت تجد مشقة بالغة وعنت فى التقريب بين المتخاصمين ولم يكن يُلَيّن الناس فى الماضى إلا المحبة التى كانت موجودة فى القلوب
[1] عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأشْعَرِيِّ رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد حسن والحاكم وقال: صحيح الإسناد[2] رواه الإمام احمد ومالك عن أبى إدريس الخولانى[3] للطبرانى فى الأوسط عن أَبي رزين الْعقيلي رضيَ اللَّهُ عنهُ جامع المسانيد والمراسيل [4] الْحكيم عن ابن عمروٍ جامع المسانيد والمراسيل والثانية فى كنز العمال وكشف الخفاء عن ابن عمر [5] رواه الطبرانى عن سلمان[6] الخطيب عن جابر[7] عن عَبْداللهِ بْنُ مَسْعُودٍ المسند الجامع[8] عن البراء بن عازب تعظيم قدر الصلاة محمد بن نصر النروزي أما الحديث بسؤال رسول الله وإجابته فقد ورد بالكثير مثل مصنف ابن أبى شيبة عن البراء بن عازب
يتبـــــع إن شــــــــاء الله
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 05-07-2012, 05:26 PM
 
مشكور على الموضوع
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تنبيه الأحبة المقربين بأن الصلاة عماد الدين *مشيره* نور الإسلام - 3 03-27-2011 05:30 PM
عندما تتلقى الصفعة من أقرب المقربين..ماذا تفعل ؟ سؤال لكم جميعا **دلوعة الرومانسية** أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 15 06-25-2010 08:35 PM
صور عدة صوت - متجدد МŘ. ali afandi قسم السيارات 7 09-02-2009 01:49 AM
اطلعوا على الأسرار التي كنت أخفيها حتى عن أقرب الأقربين لي سيف الإسلام نور الإسلام - 15 08-24-2009 03:32 AM
أتحدى البعض..لا..لا بل أتحدى الكل... زهرة الرمال أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 29 05-15-2007 01:28 PM


الساعة الآن 05:06 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011