|
نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||
| ||
رؤية في سورة لقمان رؤية في سورة لقمان نبذة عن لقمان الحكيم : لقمان الحكيم كان عبدا حكيما ،ذُكر في القرآن وأطلق إسمه على سورة لقمان ، وقد عاصر داود وعرف بالحكيم ، ولد وعاش في بلاد النوبة. وصايا لقمان هي إحدى القصص القرآني التي تتكلم عن حكمة لقمان, وصايا لقمان تتمثل في الحكمة التي وهبها الله للقمان الحكيم. وصايا لقمان تعتبر لدى المسلمين من أروع الحكم والمواعظ ,إذ كانت حكمه تأتي في مواضعها. و يقال حسب كتب التفسير إن لقمان كان أهون مملوك على سيده، ولكن اللّه تعالى منّ عليه بالحكمة فغدا أفضلهم لديه. و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "(إن لقمان كان عبداً كثير التفكر، حسن الظن، كثير الصمت، أحب الله فأحبه الله تعالى، فمن عليه بالحكمة). نودي بالخلافة قبل داوود ، فقيل له يا لقمان، هل لك أن يجعلك الله خليفة تحكم بين الناس بالحق؟ قال لقمان: إن أجبرني ربي عزَّ وجل قبلت، فإني أعلم أنه إن فعل ذلك أعانني وعلمني وعصمني، وإن خيرني ربي قبلت العافية ولا أسأل البلاء، فقالت الملائكة: يا لقمان لِمَ؟ قال: لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها، يغشاه الظلم من كل مكان، فيخذل أو يعان، فإن أصاب فبالحري أن ينجو، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكون في الدنيا ذليلاً خير من أن يكون شريفاً ضائعاً، ومن يختار الدنيا على الآخرة فاتته الدنيا ولا يصير إلى ملك الآخرة. فعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة فغط بالحكمة غطا، فانتبه فتكلم بها" المشهور عن الجمهور أنه كان حكيما وليا ولم يكن نبيا وقد ذكره الله تعالى في القرآن فأثنى عليه وحكى من كلامه فيما وعظ به ولده الذي هو أحب الخلق إليه وهو أشفق الناس عليه فكان من أول ما وعظ به أن قال يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم فنهاه عنه وحذره منه. حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال لما نزلت آية: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ...) شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أينا لم يلبس إيمانه بظلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه ليس بذاك ألم تسمع إلى قول لقمان يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم. متفق عليه. وأول ما ظهر من حكمته : أنه كان مع مولاه، فدخل مولاه الخلاء فأطال الجلوس، فناداه لقمان، إن طول الجلوس على الحاجة تنجع منه الكبد، ويورث الباسور، ويصعد الحرارة إلى الرأس، فاقعد هوينا وقم. فخرج مولاه وكتب حكمته على باب الخلاء. وقيل : كان مولاه يقامر، وكان على بابه نهر جار، فلعب يوما بالنرد على أن من قمر صاحبه شرب الماء الذي في النهر كله أو افتدى منه ! فقمر سيد لقمان، فقال له القامر : اشرب ما في النهر وإلا فافتد منه ؟ قال فسلني الفداء ؟ قال : عينيك افقأهما أو جميع ما تملك ؟ قال : أمهلني يومي هذا ؟ قال لك ذلك. قال : فأمسى كئيبا حزينا، إذ جاءه لقمان وقد حمل حزمة حطب على ظهره فسلم على سيده ثم وضع ما معه ورجع إلى سيده، وكان سيده إذا رآه عبث به فيسمع منه الكلمة الحكيمة فيعجب منه، فلما جلس إليه قال لسيده : ما لي أراك كئيبا حزينا ؟ فأعرض عنه فقال له الثانية مثل ذلك، فأعرض عنه ثم قال له الثالثة مثل ذلك فأعرض عنه، فقال له : أخبرني فلعل لك عندي فرجا ؟ فقص عليه القصة، فقال له لقمان : لا تغتم فإن لك عندي فرجا، قال : وما هو ؟ قال : إذا أتاك الرجل فقال لك : اشرب ما في النهر، فقل له : اشرب ما بين ضفتي النهر أو المد ؟ فإنه سيقول لك اشرب ما بين الضفتين، فإذا قال لك ذلك فقل له : احبس عني المد حتى اشرب ما بين الضفتين، فإنه لا يستطيع أن يحبس عنك المد، وتكون قد خرجت مما ضمنت له. فعرف سيده أنه قد صدق فطابت نفسه، فأعتقه. عودة للرؤية في سورة لقمان : 1- مخاطبة القرآن الكريم للفطرة البشرية : - خاطب الله الفطرة البشرية بمنطقها في قرآنه العظيم فهو خالقها ويعلم ما يصلح لها وما يصلحها ويعلم كيف يخاطبها فهو يعرف مداخلها ومساربها. - فالقرآن الكريم جاء يعرض على هذه الفطرة الحقيقة المكنونة فيها من قبل والتي تعرفها من قبل أن تُخاطب بها بهذا القرآن , لأنها قائمة عليها أصلا في تكوينها الأول , تلك هي حقيقة الاعتراف بوجود الخالق وتوحيده , والتوجه إليه وحده بالإنابة والعبادة مع موكب الوجود كله المتجه إلى خالقه بالحمد والتسبيح . - ولأن الفطرة تغشي عليها غواش من دخان هذه الأرض, وتغمرها غمرات من فورة اللحم والدم . وتنحرف بها عن الطريق دفعات من الهوى والشهوة . - هنا يجيء هذا القرآن ليخاطب الفطرة بمنطقها الذي تعرفه , ويعرض عليها الحقيقة التي غفلت عنها بالأسلوب الذي تألفه . - ويقيم على أساس هذه الحقيقة منهاج الحياة كله , مستقيما مع العقيدة , مستقيما مع الفطرة , مستقيما على الطريق إلى الخالق الواحد المدبر الخبير. 2- هذه السورة المكية نموذج من نماذج الطريقة القرآنية في مخاطبة القلب البشري , فهي تعالج قضية العقيدة في نفوس المشركين الذين انحرفوا عن تلك الحقيقة . إنها القضية التي تعالجها السور المكية في أساليب شتى , ومن زوايا منوعة , تتناول القلب البشري من جميع أقطاره ; وتلمس جوانبه بشتى المؤثرات التي تخاطب الفطرة وتوقظها . . هذه القضية الواحدة - قضية العقيدة - تتلخص هنا في توحيد الخالق وعبادته وحده وشكر آلائه , وفي اليقين بالآخرة وما فيها من حساب دقيق وجزاء عادل , وفي إتباع ما أنزل الله والتخلي عما عداه من مألوفات ومعتقدات . 3- والسورة تتولى عرض قضية العقيدة بطريقة تستدعي التدبر لإدراك الأسلوب القرآني العجيب في مخاطبة الفطر والقلوب , وكل داع إلى الله في حاجة إلى تدبر هذا الأسلوب . إنها تعرض هذه القضية في مجال العرض القرآني , وهو هذا الكون الكبير ,. سماؤه وأرضه , شمسه وقمره , نهاره وليله , أجواؤه وبحاره , أمواجه وأمطاره , نباته وأشجاره , وهذا المجال الكوني يتكرر في القرآن الكريم , فيحيل الكون كله مؤثرات ناطقة , وآيات مبثوثة عن الإيمان والشمائل , تخاطب القلوب البشرية وتؤثر فيها وتستحييها , وتأخذ عليها المسالك والدروب . 4- ومع أن قضية العقيدة واحدة ومجال العرض واحد , فإنها تعرض في السورة أربع مرات في أربع جولات , تطوف كل منها بالقلب البشري في ذلك المجال الفسيح , مستصحبة في كل مرة مؤثرات جديدة , ومتبعة أسلوبا كذلك جديدا في العرض والتناول . وتتبع هذه الجولات وهي تبدأ وتنتهي بطريقة عجيبة فيه متاع للقلب والعقل . إلى جانب ما فيه من دواعي التأثر والاستجابة . 5-عرض قضية العقيدة في أربع جولات : * تبدأ الجولة الأولى: بعد افتتاح السورة بالأحرف المقطعة: (الم (1)); فتقرر أن هذه السورة من جنس تلك الأحرف (تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2)), هي آيات الكتاب الحكيم , وهي: (هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3)), وهؤلاء المحسنون هم : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)) فتقرر قضية اليقين بالآخرة وقضية العبادة لله , ومعها مؤثر نفسي ملحوظ هو أن : (أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)) ومن ذا الذي لا يريد أن يكون من المفلحين ? . وفي الجانب الآخر فريق من الناس يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم , ويتخذ تلك الآيات هزوا . وهؤلاء يعاجلهم بمؤثر نفسي مخيف مناسب لاستهزائهم بآيات الله : (...أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6)). . ثم يمضي في وصف حركات هذا الفريق: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا). . ومع الوصف مؤثر نفسي يحقر هذا الفريق: (كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا) ومؤثر آخر يخيفه مع التهكم الواضح في التعبير: (فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) والبشارة هنا فيها ما فيها من التهكم الملحوظ ! . . ثم يعود إلى المؤمنين يفصل شيئا من فلاحهم الذي أجمله في أول السورة و يبين جزاءهم في الآخرة , كما كشف عن جزاء المستهزئين المستكبرين : (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8) خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)). . وهنا يعرض صفحة الكون الكبير محالا للبرهان الذي يطالع الفطرة من كل جانب , ويخاطبها بكل لسان , ويواجهها بالحق الهائل الذي يمر عليه الناس غافلين خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10)). . وأمام هذه الأدلة الكونية التي تهول الحس وتبده الشعور يأخذ بتلابيب القلوب الشاردة , التي تجعل لله شركاء وهي ترى خلقه الهائل العظيم : ( هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (11)).. وعند هذا الإيقاع الكوني الضخم العميق تنتهي الجولة الأولى بقضاياها ومؤثراتها معروضة في ساحة الكون الكبير . * تبدأ الجولة الثانية: من خلال نفوس آدمية , وتتناول القضية ذاتها في المجال ذاته بأسلوب جديد ومؤثرات جديدة . . (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ) فما طبيعة هذه الحكمة وما مظهرها الفريد ? إنها تتلخص في الاتجاه لله بالشكر: (أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) فهذه هي الحكمة وهذا هو الاتجاه الحكيم . . والخطوة التالية هي اتجاه لقمان لابنه بالنصيحة:نصيحة حكيم لابنه , فهي نصيحة مبرأة من العيب , صاحبها قد أوتي الحكمة , وهي نصيحة غير متهمة , فما يمكن أن تتهم نصيحة والد لولده , هذه النصيحة تقرر قضية التوحيد التي قررتها الجولة الأولى وقضية الآخرة كذلك مصحوبة بهذه المؤثرات النفسية ومعها مؤثرات جديدة لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). . ويؤكد هذه القضية بمؤثر آخر فيعرض لعلاقة الأبوة والأمومة بأسلوب يفيض انعطافا ورحمة: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ) ويقرن قضية الشكر لله بالشكر لهذين الوالدين , فيقدمها عليها: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ) . . ثم يقرر القاعدة الأولى في قضية العقيدة , وهي أن وشيجة العقيدة هي الوشيجة الأولى , المقدمة على وشيجة النسب والدم . وعلى ما في هذه الوشيجة من انعطاف وقوة إلا أنها تالية للوشيجة الأولى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ). ويقرر معها قضية الآخرة: (ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). . ويتبع هذه القضية بمؤثر هائل وهو يصور عظمة علم الله ودقته وشموله وإحاطته , تصويرا يرتعش له الوجدان البشري وهو يتابعه في المجال الكوني الرحيب يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16)). . ثم يتابع لقمان وصيته لابنه بتكاليف العقيدة , بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , والصبر على ما يستتبعه هذا وذلك من مواجهة المتاعب التي لا بد أن تواجه صاحب العقيدة , وهو يخطو بها الخطوة الطبيعية , فيتجاوز بها نفسه إلى غيره: (وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ). . ومع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على المصاب الأدب الواجب . أدب الداعي إلى الله . ألا يتطاول على الناس , فيفسد بالقدوة ما يصلح بالكلام : ( وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)).. والمؤثر النفسي بتحقير التصعير والنفخة ملحوظ في التعبير , وبه تنتهي هذه الجولة الثانية , وقد عالجت القضية ذاتها في مجالها المعهود , بمؤثرات جديدة وبأسوب جديد . * تبدأ الجولة الثالثة: بعرض القضية المعهودة في مجال السماوات والأرض , مصحوبة بمؤثر منتزع من علاقة البشر بالسماوات والأرض وما فيها من نعم سخرها الله للناس وهم لا يشكرون : (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20)). . وفي ظل هذا المؤثر يبدو الجدل في الله مستنكرا من الفطرة , تمجه القلوب المستقيمة . . ثم يتابع استنكار موقف الكفر والجمود: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا) وهو موقف سخيف مطموس , يتبعه بمؤثر مخيف: (أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ) . . ومن ثم يعرض قضية الجزاء في الآخرة مرتبطة بقضية الإيمان والكفر: (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22)). . وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا.. (23)). . ويشير إلى علم الله الواسع الدقيق: (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).. ويصحب ذلك العرض بتهديد مخيف نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (24)). . وقرب ختام الجولة يقفهم وجها لوجه أمام منطق الفطرة وهي تواجه هذا الكون , فلا تملك إلا الاعتراف بالخالق الواحد الكبير وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ(25)).. ويختم الجولة بمشهد كوني يصور امتداد علم الله بلا نهاية , وانطلاق مشيئته في الخلق والإنشاء بلا حدود ; ويجعل من هذا دليلا كونيا على البعث والإعادة وعلى الخلق والإنشاء: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)).. * وتبدأ الجولة الرابعة: بمشهد كوني ذي إيقاع خاص في القلب البشري, مشهد الليل وهو يطول فيدخل في جسم النهار ويمتد ; والنهار وهو يطول فيدخل في جسم الليل ويمتد,ومشهد الشمس والقمر مسخرين في فلكيهما يجريان في حدود مرسومة إلى وقت لا يعلمه إلا خالقهما الخبير بهما وبالناس وبما يعملون : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29)). . ويتخذ من هذا المشهد الكوني دليله إلى الفطرة على القضية المعهودة : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30)). . ويلمس القلوب بمؤثر آخر من نعمة الله على الناس في صورة الفلك التي تجري في البحر: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ) .. ويعقب على هذا بوقفهم أمام منطق الفطرة حين تواجه هول البحر مجردة من غرور القدرة والعلم الذي يبعدها عن بارئها ; ويتخذ من هذا المنطق دليلا على قضية التوحيد: (وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32)). . وبمناسبة موج البحر وهو له يذكرهم بالهول الأكبر , وهو يقرر قضية الآخرة . الهول الذي يفصم وشائج الدم التي لا يفصلها في الدنيا هول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)). . وعند هذا المقطع وهذا المؤثر الذي يرتجف له الكيان يختم السورة بآية تقرر القضايا التي عالجتها جميعا , في إيقاع قوي عميق مرهوب: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)) .. * هذه الجولات الأربع: بأساليبها ومؤثراتها ودلائلها وآياتها نموذج من أسلوب القرآن الكريم في معالجة القلوب , هذا الأسلوب المختار من خالق هذه القلوب العليم بمداخلها , الخبير بما يصلح لها وما تصلح به من الأساليب . . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هل تعرفون من هو لقمان الحكيم | ms.nana | نور الإسلام - | 2 | 04-25-2012 09:31 PM |
لمسات في وصية لقمان | حمزه عمر | نور الإسلام - | 0 | 10-04-2009 08:08 AM |
خواطر سورة لقمان | اياكو | نور الإسلام - | 7 | 07-04-2008 10:43 AM |
أحكم من لقمان | عثمان أبو الوليد | نور الإسلام - | 9 | 09-19-2007 02:41 AM |
تفسير اية من سورة لقمان | محمد طه المغربي | نور الإسلام - | 0 | 05-09-2007 05:53 PM |