عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 05-14-2012, 02:04 PM
 
إنه لكِ...فهل تقبلينه؟
تقلبت إلهام في فراشها و قد جافاها النوم... لقد مرت خمسة أيام على حريق المكتب غرقا فيهما في العمل كانا ينظمان الأوراق و الملفات قبل البدء في العمل اليومي على الرواية... لقد إستغرقت عملية التنظيم اليوم أكثر من المعتاد فقد أصر يوسف أن يتنتهيان منها كما انه تركها بعد العصر ليخرج في مشوار غامض لم يخبر به احد و هذا ما منعها من إكمال طباعة ما أملاه عليها... نظرت في الساعة إنها الواحدة بعد منتصف الليل، إرتدت روبها و نزلت إلى غرفة المكتب... مادمت لن أنام فبإمكاني عمل ما هو مفيد سوف أنتهي من طباعة الفصل الثالث و بعدها أحضر كوب من الحليب و أنام.
دخلت غرفة المكتب و هي في طريقها إلى طاولتها لفتت نظرها علبة صغيرة من المخمل الأسود، تقدمت من المكتب و أمسكت بها و فتحتها... شهقت ما ان رأت خاتم خطوبة رائع الجمال تلفتت لا شعورياً كأنها تبحث عن أحد في الغرفة ثم إستسلمت لإغراء إرتداؤه... مدت يدها أمامها تتأمله كانت مبهورة بجمال الماسة التي تتوسطه... إنه تقليدي لكنه ساحر، إنتفضت ما ان دخل يوسف الغرفة و وقف بجوارها... مدت يدها لتخلع الخاتم و قد بدى عليها الإرتباك فوضع يده على يديها يمنعها
رفعت رأسها فتلاقت عينيها المرتبكتين بعينيه الحانيتين قال لها هامساً:
- إنه لكِ...فهل تقبلينه؟

نظرت له بتساؤل... ماذا يقول؟ لم تفهم ما يقصده ظهر هذا في عينيها فقال :

- لقد إشتريته اليوم لكِ.

قالت بذهول:

- لكنه خاتم خطوبة!!!

نظر لها بحنان و فكر... تلك الساذجة الصغيرة:

- و هل قلت غير ذلك؟

- لكن... لكن... لكن لو قبلته سوف يعني ذلك أن أكون خطيبتك!!!

ضحك:

- من الواضح أن عقلك الصغير الحاد الذكاء في إجازة الآن و يجد أن أقوم بذلك على الطريقة التقليدية.

نزل على ركبته و أمسك بيدها و قال و الهزل في عينيه:

- إلهام .. هل تتزوجيني؟

إتسعت عيناها دهشة... نظرت له غير مصدقة و إمتلأت عيناها بالدموع، وقف مصدوماً:

- لماذا البكاء؟ هل ضايقتك؟ لو أن طلبي ضايقك أو جرحك بأي طريقة فإنسي....

قاطعته سها التي إقتحمت المكان كعاصفة هوجاء:

- أيها الغبي إن غباءك في فهم موافقتها لا يوازي غباءها في فهم طلبك للزواج... إنكما أحمقان تليقان ببعضكما البعض.

نظر لإلهام:

- هل ما قالته صحيح؟

عندما لم تجيبه قال ممازحاً:

- بصرف النظر على كوننا أحمقان فهذا ما لا أشك به... هل ما قالته صحيح؟

هزت رأسها فتساقطت دموعها على خديها... نظر لها بمحبة و قال:

- حسناً... هل يمكن لعروسي أن تكافئني بإحدى إبتساماتها الرائعة؟

ما أن سمعت كلمة عروسي حتى أحست بقلبها يطرق قفصها الصدري مطالباً بالخروج من مكانه.

توجهت إلهام إلى غرفتها بعد أن رفض يوسف أن يدعها تكمل العمل و قال ضاحكاً أنه يشكر حبها للعمل و الذي دفعها لتنزل فرأت الخاتم معترفاً أنه كان رومنسيا في الطريقة التي يقدم فيها الخاتم لها دون أن يشعر بالسخف... لم تستطع إلهام النوم من فرط السعادة... ظلت تحدق في الخاتم حتى طلوع الشمس و لم تدري متى نامت.

******************************
كانت الساعة الثانية عشر ظهراً عندما إستيقظت إلهام ما أن نظرت في الساعة حتى قفزت من السرير و أسرعت ترتدي ملابسها... نزلت السلم راكضة توقفت في اللحظة الأخيرة قبل أن تصطدم بيوسف الذي كان على أول درجة ما أن رآها حتى إبتسم:
- مهلك يا فتاة سوف توقعيني أرضاً.... يبدو لي أن مساعدتي ستستغل الخطوبة لتتغيب عن العمل.

إحمر وجهها و نظرت أرضاً فضحك:

- يبدو أنك لم تعتادي الأمر بعد.

نظرت له:

- هل تريد الصدق؟ نعم لم أعتد الأمر... لقد ظللت أتأمل الخاتم طوال الليل لكن هذا الأمر لم... صمتت و قد أدركت إندفاعها الغبي بالكلام.
ضحك مرة أخرى:

- ما أجمل أن تقولي لي ما يخطر ببالك.... و الآن هيا إلى المطبخ لتتناولي فطورك بسرعة و بعدها نبدأ العمل... لن أسمح لك بالتقاعس لمجرد أنكِ أصبحتِ خطيبتي.

همست:

- متسلط.

أحنى رأسه:

- ماذا قلتي.

ابتسمت:

- لا شئ.

دفعها بإتجاه المطبخ:

- لقد سمعتك أيتها الماكرة.

توقفت:

- لا أريد أن أتناول الفطور... لقد إقترب موعد الغداء فلنبدأ العمل...

قاطعها:

- لا... لا أريد أن تتهمني توحه أو سها بتجويعك.

- متسلط.

قال:

- ها هي تلك الكلمة أسمعها مرة أخرى و في نفس الدقيقة...

حذرها ممازحاً:

- إن سمعي حاد... حاذري مما تقولينه.

قالت بمرح:

- اسمح لي سيد عياش... عندما تتصرف بتسلط لا تتوقع من الناس إلا أن تدعوك بالمتسلط.

همهم:

- لقد بدأ كلام الزوجات.

ضحكت و سبقته لغرفة المكتب:

- إلحق بي سيدي... إنك تضيع الكثير من الوقت.

بعد ان دخلت الغرفة تنهد و قال:

- نعم إنني أضيع الكثير من الوقت... فتاة كهذه لا يضيع الوقت معها في الخطوبة.

**************************
بعد الغداء خرجت إلهام و سها لمقابلة نشوى التي ما أن عرفت بالخطوبة حتى قفزت صارخة و عانقت أختها التي حاولت أن تهدئها فرواد المطعم كلهم أخذوا يحدقون بهم لكن نشوى لم تتوقف عن الضحك و قول ((لا يمكنني أن أصدق)) شاركتها سها حماستها مؤنبة إلهام:
- دعيها تعبر عن فرحتها.... أخيراً وجدت من تماثلني حماسة.

قالت لنشوى:

- لا يمكنك أن تتصوري كم يحبطني أخي... و أختك أيضاً تشبهه إنها متزنان أكثر من اللازم.

ضحكت نشوى:

- معك حق لكننا معهما لإضفاء روح المرح... أليس كذلك؟

- نعم.... لن نتركهما يهنآن بحياة هادئة مليئة بالجدية.

قالت إلهام:

- حزب المرح... كفى... و الآن لقد حان الوقت لنعود إلى المنزل يا سها و أنت يا نشوى ألم تقولي أن غداً عندك إختبار؟

قالت سها:

- لما لا تأتين معنا يا نشوى لتتعرفي إلى يوسف و بعدها يمكنني أن أوصلك إلى منزل صديقتك.

- كنت أتمنى ذلك لكن كما سمعتِ غداً إمتحان مادة الكيمياء و لا أريد أن أغضب أختي بالحصول على درجة منخفضة...مرة أخرى إن شاء الله سوف أجعلكم تقيمون إحتفال لهما إريد أن أمرح و بصخب.

نظرت لإلهام و ضمتها:

- كوني سعيدة أختي... أرسلي سلامي لزوج أختي المستقبلي إلى ان أراه و أُوصيه عليكِ... و سلامي لتوحه أيضاً قولا لها أنني مما سمعت عنها أصبحت متشوقة لتذوق طعامها.

خرج الثلاثة و وقفن أمام المطعم، بعد أن ركبت سها السيارة سارعت نشوى تسأل إلهام:

- هل أخبرت يوسف؟

- لا..

- ماذا؟ ماذا تنتظرين أن يعرف من عوني أو من أي مصدر آخر؟

- لقد حاولت لكن لم تسنح الفرصة... لكنني سأحاول.

- أسرعي بإخباره.. هيا إركبي السيارة قبل أن تتساءل سها... بالمناسبة إنها فتاة لطيفة جداً...أعتقد أنها تختلف عن أخيها..

غمزتها:

- عن خطيبك.

لكزتها إلهام:

- توقفي عن هذه الحركات يا فتاة إنتبهي لدروسك... سوف أتصل بكِ غداً لأطمئن.

- حسناً... إلى اللقاء اختي... و مبروك.

***********************
أصرت سها أن تقيم حفلة بمناسبة خطوبة يوسف و دهشت من رغبته في كتم الخبر عن الإعلام و صاحت به:
- هل ستتزوجان سراً؟

صاح بها راعداً:

- سها.

صمتت سها و إندست بزوجها الذي كان يجلس بجوارها على الأريكة... نظرت إلهام إلى يوسف لقد سدد لاخته تلك النظرة النارية التي كانت تراها في أول أيامها هنا، لقد كانت تلك النظرة تجمدها لكن هذه الأيام ولت قالت له:

- لا تصرخ بها بهذه الطريقة... لا تنسى أنها الآن كبيرة و متزوجه.

نظر لها ببرود:

- ألم تسمعي ما قالت؟

- نعم سمعت و مؤكد أنك تعلم أنها لم تقصد ما فهمته... كل ما تريده أختك أن تفرح بك فلا تغضب و تعود لذلك اليوسف الذي لا يمكن معاشرته.

نظر لها بذهول حل محل الغضب الذي كان يسيطر عليه فابتسمت... لقد نجحت ربتت على ذراعه:

- و الآن بعد أن هدأت يمكننا أن نتفاهم و كل منا يقول رأيه.... أنت لا تريد أن تعلن الخبر لكي لا تزعجنا الصحافة و أنا معك في ذلك لكن في نفس الوقت سها تريد أن تحتفل بنا و أنا معها في ذلك....

قال:

- ماذا تقولين؟ كيف يمكن...

قالت له:

- لا تقاطعني يا رجل.

ابتسمت توحه بإستمتاع بينما ضحكت سها و نظرت لزوجها الذي ابتسم و أشار لها بالصمت أكملت إلهام:

- يمكننا أن نحتفل معاً بعيداً عن الصحافة... أنا و أنت... سها و محمد... و بالطبع شيفنا الكبير توحه.

تدخلت توحه:

- مرحى لكِ... إنني موافقة و سوف أحضر لكم أشهى الاطباق.

قالت سها:

- أنا موافقه ... و محمد أيضاً.

قال محمد:

- هذا ما أسميه تسلط الزوجات.

ضحكت إلهام:

- لكن تسلط زوجتك يرافقه بصيرة نافذه... أليست محقه... أم أنك معترض؟

- لا إنني موافق؟

قالت:

- إذن لما هذا الكلام عن التسلط... أرأيت يا سها؟ ياللرجال!

كان الكل يشارك في الحديث إلا يوسف الذي إكتفى بالنظر إلى إلهام بإعجاب... كم تمنى لو أمسك بيدها و ذهب على أقرب مأذون ليتزوجها لم يكن يصدق أن في الحياة هناك فتاة بهذا الشكل و الإسلوب و العقل.

نظرت إلهام إلى يوسف:

- ها؟ ما رأيك؟

اختفت الابتسامه من على وجهها عندما رأت النظرة التي يرمقها بها... لماذا ينظر لي بهذه الطريقة؟ أحست أن عينيه تحتضنانها... و ياله من إحساس؟ يجب عليه أن يتوقف الآن و إلى إنتهى بها الأمر مغشياً عليها تحت قدميه... تساءلت هل هاتين نفس العينين اللتان كانتا تقذفان سهام الغضب منذ لحظات؟... كم تمنت أن يعود للغضب فعلى الأقل غضبه لن يدفع قلبها إلى حنجرتها.

إلتفت يوسف و إلهام إلى سها التي صاحت:

- هااااي... أنتما الإثنان.

بدى الذهول على كلاهما فقالت:

- أين كنتما.... لقد كنا نتناقش في أمر الإحتفال و إنتهى بكما الأمر و أنتما تحدقان في بعضكما البعض كأن كل منكما ينظر إلى كائن فضائي.... صمتت ثم أضافت مشاكسة:

- أم أقول إلى نصفه الآخر.

قالت توحه ما أن رأت وجه إلهام يبدأ بالاحمرار كعادتها عندما تشعر بالخجل:

- ماذا قررتم يا أولاد؟

قال يوسف:

- موافق.... إنها فكرة جيدة....سوف يكون إحتفال عائلي صغير يمكنك أن تذهبي أنت و سها إلى أختك نشوى لإحضارها أعتقد أن توحه لن تحتاج لأكثر من ثلاثة ساعات لتنتهي من التحضيرات.

- لن تستطيع نشوى أن تحضر...يجب أن تدرس ينتظرها غدا امتحان....

قاطعت سهاإلهام :

- لكنها أرسلت لك تحياتها...قالت لي أن أسلم على زوج اختها المستقبلي حتى تراه.

نظر لإلهام:

- يبدو لي أن سها وجدت توأم روحها.

ضحكت إلهام:

- نعم... لم أكن أدرك مدى تشابه طباعهما حتى رأيتهما تجلسان معاً.

*************************
ساعدت إلهام توحه في حمل الأطباق و الأكواب إلى المطبخ .... كانت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل قالت إلهام:
- لقد تأخر الوقت كثيراً يجب أن تذهبي للنوم.

ابتسمت توحه:

- أعلم أم سيدة عجوز مثلي لا يجوز لها السهر لمثل هذا الوقت لكن لم يدخل الفرح إلى هذا المنزل منذ وقت طويل.... إن الإحساس بالإثارة يحرمني النوم سوف أنظف المطبخ.

- حسناً سوف أساعدك فانا أيضاً لن أستطيع النوم.

- لكن يوسف يظنك في فراشك الآن.

- لقد قلت له أنني سوف أنام فوراً لكي يأوى إلى فراشه إنه بحاجه للنوم... لا تنسى أنه يحتاج للتركيز في عمله و إذا إستيقظ غداً مع صداع لن ينجز شئ... كما أن سها كانت تشعر بتوعك في آخر السهرة و لو قلت لها أنني أنوى أن أساعدك لفضلت البقاء معنا لمساعدتنا رغم تعبها.

ابتسمت توحه:

- لا تقلقي عليها فأنا أظن أنني أعرف ما بها.

نظرت إلهام لها:

- لا تقولي أنها.... صمتت فقالت توحه:

- نعم... أخيراً سوف تصبح طفلتنا الشقية أم.

هتفت إلهام بفرح لكنها وضعت يدها على فمها بسرعه فضحكت توحه:

- هيا إلى العمل.

إنتهتا من ترتيب المكان بسرعة و جلست توحه إلى طاولة المطبخ و بين يديها كوب كاكاو و وضعت أمام إلهام كوب حليب:

- إجلسي يا ابنتي... أريد أن أتحدث معكِ قليلاً.

نظرت لها إلهام بقلق إنها المرة الأولى التي ترى فيها توحه بهذه الجدية كما أنها لم تدعها بابنتها قبل الآن:

- ما الأمر؟

- إنه يوسف يا ابنتي لابد أنكِ عرفت معظم الأمور عن حياته لكن مهما ظننتِ أنكِ تعرفين كم قاسى فذلك لا شئ لا يمكنك أن تدركي مدى جرحه... لقد تزوج والداه و كانت حياتهما سعيدة إلى أن إنصرف والده إلى العمل مهملاً والدته بصورة بشعة لكنها ردت عليه أبشع رد و إنتهى بها الأمر منتحرة و كان من سوء حظ يوسف أنه إكتشف كل هذا و عاصره ... إستطاع أن يبعد اخته عن كل هذا ليحميها من المرارة التي يعيش فيها و نجح في ذلك... باركه الله...لذلك ترينها خالية البال دائمة المرح.

أومأت إلهام برأسها إيجاباً بينما تابعت توحه:

- بعد ذلك دخلت سوسن حياته ظن أنه سيجد الراحة... منذ اللحظة الأولى لم أحب تلك الفتاة لقد كانت تمثل البراءة و الضعف و سلامة النية بصورة مبالغ فيها لكن حاجه يوسف للحنان جعلته ينخدع فيها... رحبت بها لأنني رأيت تعلقه بها كما تقبلتها سها لأنها كانت ترى سعادة أخيها معها... سعادة لم تدم لأكثر من سنه بعدها تحولت تلك الفتاة إلى مستهلك للأعصاب و الأموال... لم تكن تتوقف عن شراء أشياء لا حاجة لها... كان يوسف في بداية حياته المهنية و ذلك كان يستنفذ موارده المالية بصورة بشعة لكنه لم يعترض لكن ما أن وصل الأمر إلى السهر خارج المنزل إلى منتصف الليل و ممازحه الأغراب حتى ثارت ثائرته... إعترض و تشاجر معها ... لن أقول لكِ أنها خانته جسدياً... لكنها فعلت ذلك على أكثر من صعيد آخر... المشاعر... الماديات...كل شئ... حتى أنها دمرت ذكرى والدته لأنها حملته على وضعهما في خانة واحدة.... لقد حطمت روحه بمعنى الكلمة...لن أنسى ما قيل في آخر مواجهة بينهما كانت آخر مرة تحدثا فيها صرخت بوجهه قائلة ((إنك كوالدك... رجل فاشل لا يمكنه إسعاد إمرأته... لقد تزوجتك من أجل المال لكن حتى أموالك لم تجلب لي السعادة... أنت ووالدك صنف واحد إن كل ما تلمسانه يصبح رماداً لقد قضى على والدتك و دفعها للإنتحار و إعلم أنك أيضاً دمرتني و سلبتني سعادتي و إذا فكرت يوماً بإنهاء حياتي سيكون ذلك بسببك)) يومها خرجت بالسيارة و لم تعود.... وجدوا سيارتها على الطريق الصحراوي بين الإسكندرية و القاهرة... لقد صدّق يوسف كلامها الذي حفر في روحه جراح عميقه لم تندمل إلى بعد دخولك حياته... لقد أعدتِ له ثقته بالحب و بالناس و الحياة يا ابنتي فلا تأخذيها منه مرة أخرى.

قالت إلهام بلوعه:

- سوف أبذل كل ما أملك لأسعده يا توحه فهو يستحق أن يحيا سعيداً... لم أكن لأتصور أن سوسن بتلك البشاعة لو كانت حية لكنت قتلتها بكل سرور.

ابتسمت توحه إزاء لهجة الشراسة التي بانت في كلام إلهام و قالت:

- لكنها الآن ميته و فوق كل هذا لا أظن أنها إنتحرت فوالدة يوسف كانت تحب والده لذلك أقدمت على فعلتها بعد أن يئست من فعلتها التي إرتكبتها في حق نفسها و حق زوجها الذي تحب... لكن سوسن لم تكن تحب إلا نفسها و لا أظن انها كانت لتقتل نفسها لأجل أحد... إنني متأكدة أن موتها لا يتعدى كونه حادث سير.

قررت إلهام أن تنزل حملها الثقيل عن أكتافها فقالت:

- توحه أريد أن أخبرك بأمر لكن عديني أن يبقى الأمر بيننا.

- لكِ وعدي.

أخبرتها بكل شئ و عندما إنتهت كانت تبكي:

- لا أعلم ماذا أفعل... حقاً لا أعلم... لكن صدقيني لم أخطط لأي شئ حتى دخولي حياته كان صدفه.

- إنني أصدقك يا صغيرتي.

نظرت إلهام بقلق:

- لكن هل سيصدقني يوسف؟

- أخبريه و أعتقد أن حبه لكِ سوف يجعله يرى الصواب.

- كم أتمنى ذلك... سوف أخبره غداً لقد حاولت أكثر من مرة و في كل مرة يقاطعنا شئ لكنني سوف أنهي الأمر غداً و أدعو الله أن يصدقني و يسامحني.

















قراءة ممتعة


__________________
  #17  
قديم 05-14-2012, 02:13 PM
 


الخروج من الجنة


إستيقظت إلهام على صوت هاتفها الخليوي:


- السلام عليكم من معي؟


- أنا عوني...أريد أن أراكِ اليوم.


طار كل أكثر للنعاس كان ينتابها و جلست...عوني؟ ماذا يريد الآن؟:


- لن أستطيع اليوم...


- يجب أن أراكِ بدون أي تأخير.


فكرت... لا لن أذهب له يجب أن أخبر يوسف أولاً و كأنه قرأ أفكارها:


- إن لم تأتي سيحدث ما لن يرضيكِ... لا تقلقي أريد أن أراكِ لأحدثك فقط لن أطالبك بأي معلومات.


- لكن يو... السيد عيّاش رآنا المرة السابقة و ثارت شكوكه.


صمت مفكراً ثم قال:


- حسناً سوف نتقابل في المكتبة... لا أظن أن (رجلك) سيذهب إلى مكتبة الإسكندرية إلاّ إذا كان معه فوق سياحي يريد مكتبنا الذاخره.


غضبت من سخريته و كانت على وشك أن تقول له أن يوسف ليس رجلها لكنها صمتت عندما سمعت طرق على باب غرفتها... قال عوني الذي بدى أنه سمع الصوت:


- سوف أراكِ اليوم الساعة الثانية عشر... إلى اللقاء.


دخلت سها:


- هيا أيتها الكسوله... غنني أنتظرك لنتناول الفطور معاً لقد خرج محمد قبل أن أستيقظ و يوسف تناول فطوره سريعاً و ذهب لمقابلة الأستاذ ياسر.


- حسناً سوف ألحق بك بعد خمس دقائق.


بعد أن تناولتا الفطور تقيأت سها و أحست بالتوعك فصحبتها توحه إلى غرفتها و قالت أنها ستلازمها حتى تفارقها نوبة الدوار... نظرت لإلهام نظرة ذات معنى كأنها تخبرها " ألم أقل لكِ بالأمس" سالتها إلهام:


- هل ستحتاجان إلى مساعدتي؟


- لا لا يا ابنتي إذهبي و اكملي عملك.


- حسناً لكنني سأمر على نشوى ظهراً لأرى ماذا فعلت في إمتحانها.


قالت سها بإنهاك:


- أرسلي لها تحياتي ... و خذي سيارتي.


- شكراً عزيزتي.


تناولت المفاتيح و خرجت... وجدت عوني ينتظرها أمام شباك التذاكر، سبقته إلى داخل المكتبه ... أخذت إلهام أحد الكتب و جلست على طاولة فجلس عوني في مقابلها أغلق الكتاب و نحاه جانباً:


- لا داعي لكل هذا التظاهر فنحن لا نقوم بمهمة جاسوسية.


نظرت له بغضب فقال لها:


- مرحى لكِ... يجب أن أهنئك.


- تهنئني؟ على ماذا؟


- على تلك المعلومات الرهيبة.


أحست بشر قادم في الطريق:


- أي معلومات؟


إتسعت عينيها بلوعه ما أن أخرج من حقيبته ظرف.... أن ذلك الظرف الذي كانت تضع فيه أوراقها، سالته من بين أسنانها:


- من أين لك بهذا الظرف؟


- بالمناسبة إن منزلك جميل جداً... أولانه متناسقة و توحي بالبهجة.


مدت يدها لتنتزع منه الظرف لكنه أبعده عندها... عندما لاحظ تلفت الناس نحوهما أعطاه لها:


- على كل حال عندي نسختي المحفوظة.


- أيها الوغد الحقير.


نظر إلى يدها اليمنى ... قال بطريقة بغيضة و هو يضع يده على قلبه:


- أوووووه... لم أنتبه... يجب أن أكون أول من يقدم التهاني.


صفعته بقوة:


- أنت لست إنسان.


صر على أسنانه في محاولة منه لكبت غضبه:


- بالعكس... سوف ترين أكبر دليل على إنسانيتي... سوف أعطيكِ صور أختك و لن أنشرها... لكنني سوف أعرف كيف أجعلك تندمين على صفعتك هذه.


قالت بصوت خرج كالفحيح:


- لو فكرت أن تمس يوسف بأي آذى سوف تندم.


تراجع إلى الخلف متظاهراً بالخوف:


- ياإلهي لقد شعرت بالرعب... من الواضح أنني سأخسر أنشط صحافية عندي لأنها وقعت في الحب... لكن أرجوكِ عندما تفشل هذه القصة الرائعة تعالي إلى العمل في وقتك و لا تتأخري.


لم تتحمل سخريته فوقفت و غادرت نادى لها:


- لقد نسيت أن أخبرك... المكان كان في المطبعة بالأمس من الممكن أن تعودي للمنزل لتجدي السيد عيّاش يقرأ الجريدة هذا لو لم تستطيعي إخفاءها.


قادت سيارتها بسرعة جنونية و هي تدعو الله أن تصل إلى يوسف قبل أن يقرأ الجريدة.... لم تكن تصدق ما فعله عوني لقد دخل إلى منزلها وسرق الأوراق لابد أنه عرف أن الأوراق في حقيبتها، صرت على أسنانها كم كانت غبية عندما تركت حقيبتها و ذهبت إلى الحمام مؤكد أنه فتح حقيبتها و رآى الظرف ضربت المقود بقبضتها... إنني غبية... لماذا لم أتخلص من تلك الأوراق؟ لماذا إحتفظت بها؟ لم تستطع أن تتوقف عن لوم نفسها بالرغم من عدم جدوى ذلك.


رمت مفاتيح السيارة على أقرب طاولة لها و ركضت إلى غرفة المكتب رأت يوسف يجلس وراء المكتب ساهماً لم تحرك وقفت تنظر إلى شحوب وجهه بفزع قالت بصوت مرتجف:


- يوسف أريد أن أخبرك بأمر ضروري.


رمى على الأرض علبة إستقرت تحت قدميها نظرت إلى العلبة بذعر... إنها صور اختها قال لها:


- هل ما ستخبريني به هذه الصور أم هذه...


رمى الجريدة على الأرض فإنحنت و إلتقطتها... مررت عينيها على الأسطر ثم تأوهت:


- آآآآه لا.


قال بعنف:


- آآه نعم.


- يوسف اسمعني يمكنني أن أفسر لك.


إنفجر:


- تفسرين لي؟ ماذا الذي ستفسرينه هذه الصور الرائعة؟ أم المقال الجهمني هذا؟


فكرت... عوني السافل طلب أن يلتقيني ليرسل الصور و الجريده ليوسف.... تقدم منها و انتشل الجريدة من بين يديها و نظر إلى المقال بعينان متوهجتان.


تسمر كأنه تمثال من حجر و ابيض لونه ثم لوح بالجريده و قال بيأس


- لقد قابلت في حياتي كل أنواع الإشاعات و رغب الكثير في تشويه صورتي لكن هذا....


صمت ورمى المجلة بقرف ثم نظر لها بعدم تصديق و سأل:


- أنتِ من كتب هذا الكلام؟


قالت له:


- لقد كنت أريد أن أخبرك....


قاطعها:


- تريدين أن تخبريني بماذا؟....لقد سألت سؤال أنتِ من كتب هذا المقال اللعين؟


نظرت له و عيناها تتوسلانه لفرصة فقال:


- إذن كل ما حدث كان بترتيب منك.


سارعت تقول:


- لا...صدقني لم أرتب لشئ.


سألها:


- ألم تنوي أن تكتبي عني هذا المقال قبل أن نلتقي؟


أطرقت برأسها و صمتت فهز رأسه بأسى:


- إذن كان كل ما حدث مرتب و بدقة و أنا كالأحمق وقعت في الفخ حتى أنني كنت سأتزوجك....


ضحك بمرارة ثم اقترب منها و صر على أسنانه:


- ترى هل هناك ما هو صادق منذ أن دخلت حياتي؟...أتراكِ أيضاً ابتدعت موضوع الحادث و ألقيتِ بنفسك أمام سيارتي؟


تجاهل نظرة الألم التي أطلت من عينيها...بدى أنه لن يتوقف فصرخت به :


- كل ما تقوله غير صحيح...غير صحيح.


قال بصوت راعد و قد فقد السيطرة على اعصابه:


- لن أسامحك على هذا أبداً... أبداً...أتفهمين؟


إختنق صوته:


- اخرجي من حياتي يا ذات الوجه الملائكي المخادع...لا أريد أن أراكِ بعد الآن.


عندما همت بالرحيل أمسك ذراعها:


- انتظري.


نظر لعينيها الدامعتين:


- دموع؟ لا أظنك بحاجه لها فقد صار كل شئ واضح....


هزها بقوه:


- لقد عرفتك على حقيقتك.


قالت إلهام و هي تنتحب:


- أنت لا تفهم.


سألها بصوت مبحوح من شده الغضب:


- ما الذي لا أفهمه؟ها؟ أخبريني....ما الذي لا أفهمه؟


اخفضت رأسها و تساقطت دموعها بغزاره فهزها لتنظر له و عندما رآى ملامح الكرب على وجهها أحس بالألم فأمسك بذراعيها بقوة و توسلها:


- إنكري...أرجوك إنكري أنكِ من كتب هذا و سأصدقك.


هزت رأسها بألم:


- اتركني فأنت تؤلمني.


رفع يديه عنها بنفاذ صبر و عاد لغضبه:


- حسنا...حسنا على الأقل هناك بقية من صدق توجد بداخلك خذي هذه قبل أن ترحلي فأنا أود أن تكون حياتي نظيفه من أي أثر كان لكِ فيها.


أحست أنه كلما طال وقوفها أمامه سيظل يؤلمها فأسرعت بالخروج لكنه استوقفها صائحا:


- لا تنسي أن تأخذيها قبل خروجك إنها الصور السلبية التي كانت مع مديرك و الذي كان يبتزك بها.


إلتفتت له بصدمه و نظرت إلى الأفلام التي كانت في علبه بلاستيكيه و تساءلت "لقد عرف و رغم ذلك لم يعذرها؟؟"...


قال:


- حتى هذه الصور كان صدمه بحد ذاتها...صدمة من إحدى الصدمات الكبيره التي تلقيتها فيكِ و على يديكِ....لا تقلقي لم أنظر لها فيكفي أن صورتك صارت مشوهة في خيالي لا أريد أن أزيدها.


خلعت خاتم الخطوبة و وضعته على المكتب ثم انتزعت الأفلام من بين يديه و انفجرت بالبكاء ثم خرجت راكضه و كأن الشياطين في أعقابها، بعد أن خرجت إنهار يوسف على الكرسي واضعا رأسه بين يديه:


- لماذا؟ لماذا لا أستطيع الاقتراب إلا من نساء غادرات...مدمرات للروح...لا مبادئ لهن.


لكنه توقف ثم صاح بإعتراض مخاطباً نفسه:


- لكنها لم تكن كذلك.


عاد و ضرب جبهته بيده و صرخ:


- إنها كذلك و أسوأ....و أسوأ.


دخلت سها راكضه:


- ماذا حدث يا يوسف لقد رأيت إلهام تركض و هي تبكي بهستيرية....توقفت عن الكلام عندما رأت حالة اخيها و لأول مره في حياتها ترى الدموع تنساب من عينيه.



يتبعــــ........






قراءة ممتعة
__________________
  #18  
قديم 05-14-2012, 02:26 PM
 
حطام
كانت معجزة أن تصل إلهام إلى منزلها دون أن تدهسها سيارة فمنذ خرجت من منزل يوسف و هي تسير كالتائهة و عينيها تغشاهما الدموع.
رن الهاتف فلم ترد و دخلت غرفتها لترتمي على فراشها منتحبه... لم تتصور أن تخرج من حياة يوسف بهذه الطريقة، بعد أن أنهكها البكاء إستسلمت لنوم متقطع إستيقظت منه على صوت طرقات قوية على الباب أعقبها رنين الجرس المتواصل... أنتزعت نفسها من الفراش بقوة و فتحت الباب لترى منظر أختها المذعورة التي صرخت بها:
- لماذا لم تردي على إتصالاتي؟ ألم تتخيلي ما فكرت به بعد أن إتصلت سها بي و أخبرتني بما حدث و بعدها لم أستطع الوصول لكِ؟
دخلت و أغلقت الباب خلفها... وقفت تنظر إلى اختها مؤنبة و ما كان من إلهام إلى أن إرتمت في حضنها و إنفجرت بالبكاء في البداية شلت الصدمة نشوى فما هذه باختها القوية لكنها ما لبثت أن لفت ذراعيها حول جسد أختها الذي أخذ بالإرتجاف و صحبتها لتجلسان على الأريكة:
- إهدئي يا عزيزتي... إهدئي سوف يكون كل شئ على ما يرام.
قالت إلهام من بين شهقات بكائها:
- كيف... كيف يكون على ما يرام؟ إنه الآن يكرهني... يكرهني و سيكرهني للأبد؟
- لا يا اختي... سوف أذهب له و....
قاطعتها إلهام بسرعة:
لا... لا تذهبي له.
رفعت رأسها من على كتف نشوى و نظرت في عينيها:
- نشوى... عديني أنك لن تذهبي له.
نظرت نشوى إلى عيني أختها الحمراوتين و وجهها المبلل بالدموع و صرت على أسنانها.... لن أمنحها أي وعد، أصرت إلهام:
- أريحيني يا نشوى... عديني.
تنهدت نشوى:
- حسناً إذا كان هذا ما تريدينه.
قالت بحزم و كأنها تسعى لإقناع نفسها:
- نعم هذا ما أريده... أعلم أنني تسببت له بالكثير من الألم و إن كان بغير قصد مني... لكنه لم يتوقف للحظة و يتركني أشرح له... لم يسمح لي.
ربتت نشوى على يديها اللتلان كانتا منقبضتان في حجرها:
- لا تحاولي إسترجاع ما حدث... إن شئت إبقاء الأمور على ما هي عليها فعليك أن تنسي كل ما يتعلق به.
قالت كاذبة:
- نعم هذا ما أريد.
- لكن إعلمي أنني ليست موافقة فحبك له لن يسمح لكِ أن تعيشي بسلام خاصة أن فراقكما كان بتلك الصورة المحطمة.
قالت بشرود:
- لقد نجحت بوصفك... فكل ما تبقى لي الآن هو حطام... حطام علاقتنا القصيرة.
صمتت ثم قالت و هي تقف:
- أظن أن الآن يجب أن تنقلي أغراضك من عند رباب لتعودي إلى المنزل... سوف أقلك لكن بعد أن أقوم بامر ما.
أوقفتها نشوى:
- أي أمر؟
- إنه مشوار ضروري... سوف أوصلك إلى بيت رباب و سوف أمر بك بعد ساعة لآخذك جهزي كل أغراضك.
************************
ما أن دخلت إلهام إلى مكتب رئيس التحرير حتى وقفت السكرتيرة مبتسمة:
- إلهام؟!! كيف حالك عزيزتي؟ لقد إشتقنا لكِ كثيرة.
لم تجد إلهام بها طاقة للحديث الإجتماعي:
- نادية... هل السيد عوني موجود؟
ردت الفتاة بارتباك إزاء لهجة إلهام الباردة فطالما كانت ودودة مع الكل خاصة معها:
- نـ... نعم إنه بالداخل لكن معه السيد...
لم تنتظر إلهام لتسمع باقي كلامها، إقتحمت المكان رفع عوني و الرجل الموجود معه رأسهما بدهشة فقال عوني:
- ما هذا يا آنسة إلهام؟ كيف تدخلين علينا بهذه الصورة؟
قالت بحدة:
- كما دخلت أنت منزلي من ورائي و سرقت أوراقي... كلنا نتعلم منك سيد عوني إنك مثالنا الأعلى.
إحتقن وجهه و قال للرجل:
- سيد سامح أظن أننا سنرجئ إجتماعنا إلى وقت آخر.
جمع الرجل أوراقه و خرج متعثراً فصفقت إلهام الباب خلفه و إلتفتت له فقال:
- إسمعي ... يمكنني...
قاطعته:
- بل إسمعني أنت... لا تظن أن بإمكانك إرهابي بعد اليوم لم يعد هناك شئ أخسره... على عكسك يا رئيس التحرير المحترم.
جلس فجأة و كأن قدماه لم تعودا قادرتان على حمله، جلست على أحد الكراسي المقابلة لمكتبه و قالت:
- يالسخرية القدر إنني أذكر آخر لقاء كان بيننا في هذا المكتب و كأنه كان بالأمس... لقد كنت أحس بأنني كالفأر في المصيدة ... مذعورة... محاصرة... لكن الآن إنقلبت الأدوار لتكون أنت ذلك الفأر....
صاح بها:
- آنسية إلهام لا يجوز أن تتحدثي معي بهذه الصورة.
صرخت به:
- بل يجوز... من حقي أن أحدثك بالطريقة التي أراها مناسبة لأمثالك... ثم من أنت لتتحدث عن الذي يجوز و الذي لا يجوز... مؤكد أنك تعلم أن بإمكاني مقاضاتك.
فتحت يدها و أخذت تعد على أصابعها:
- إبتزازك لي.... إقتحامك منزلي...سرقتك أوراقي بالإضافة إلى نشر المقال و وضع إسمي عليه.
شحب وجه عوني فقالت له:
- أرى أنك فقدت القدرة على الكلام.
وقف عوني و قال بغضب:
- لا تظني أن بإمكانك تهديدي... يمكنني أن أدمرك هل تفهمين؟ ما زال في جعبتي الكثير... قد تظنين أنك لا تملكين ما تخسرينه لكن السيد عيّاش....
صمت عندما تقدمت منه و أمسكت بتلابيبه و قد بدى من عينيها أنها فقدت السيطرة على نفسها:
- إسمع أيها الوغد... حتى السيد عيّاش كما تحب أن تدعوه متشدقاً لم يعد في حياتي بعد الآن... لا يمكنك أن تؤذيني خلافاً لقدرتي على تحويل حياتك للجحيم... ابتعد عن حياتي نهائياً و إنسى أنني عملت معك يوماً.
دفعته فكاد يتعثر... أخرسته الصدمه فتابعت:
- و لا تحتاج إلى أن أذكرك أن تنسى اختي أيضاً و إذا فكرت بأذيتها سوف تندم.
تقدمت خطوة منه و قد إحمر وجهها غضباً ...اخرجت الجريدة من حقيبتها و رمتها في وجهه:
- و يوسف... يوسف عيّاش لقد حققت غايتك و أذيته بذلك المقال البائس لكن مؤكد أنه سيكون الأول و الأخير... إمحيه من رأسك هل فهمت؟
قرأ لهجة التهديد في صوتها فتراجع أمام هجومها و إستمر ينظر لها كأنها مجنونة...فجأة إنفتح الباب و دخلت نشوى مسرعة و وقفت بين اختها و عوني كأنها تخاف أن تنقض اختها عليه لتخنقه:
- إلهام يكفي ما قلتيه... لا أظن السيد عوني سوف يفعل شئ بعد ما قيل... هيا بنا.
سحبتها من يدها بينما أخذت إلهام تنظر من فوق كتفها إلى عوني الذي وقف مسمر في مكانه دون أن يجرؤ على الحركة.
ما أن أصبحا خارج مبنى الجريدة حتى سألت إلهام:
- كيف عرفتي مكاني؟
- لقد تكهنت أنك سوف تذهبين إلى عوني فقررت أن ألحق بك قبل أن ترتكبي عمل أحمق و الآن أرى أنني كنت على حق... لقد إنتظرت في مكتب السكرتيرة أستمع إلى كلامك لكن ما أن إحتد صوتك و بدى لي أنكِ ستقفزين على عنقه فضلت أن أقطع حديثكما فلا أريدك في السجن اختي.
ابتسمت إلهام ابتسامه شاحبة:
- حسناً لقد إنتهيت من ذلك الرجل و الآن هيا إلى بيت صديقتك لنحضر أغراضك.
***********************
مر إسبوع على خروج إلهام من حياة يوسف... كانت نشوى تظن أن بمرور الوقت سوف تعود اختها إلى طبيعتها لكن ذلك لم يحدث فقد أصبحت تقوم بأعمال المنزل بصورة مستمرة كأنها تسعى لإنهاك نفسها ... كانت تعد الطعام بصورة آليه و تتناوله بصورة آليه أيضاً و بعد محاولات عديدة و فاشلة لإستنطاقها قررت أن تقوم بزيارة لسها.
جلست نشوى و سها على طاولة منعزلة في أحد مقاهي محطة الرمل قالت نشوى:
- إن الإنسانة الموجودة معي منذ إسبوع ليست اختي... لقد حطمها فراقها عن اخيك.... حاولت أن أعرف ما حدث بينهما لكنها لم تتكلم لقد أوصدت في وجهي كل الأبواب.
أخبرتها سها بالقليل التي نجحت في إعتصاره من اخيها:
- إن اخي مثلها... كل ما عرفته منه كان بإسلوب الإستفزاز لقد إستمريت في إغضابه حتى إنفجر في صائحاً.
قالت نشوى:
- لقد فهمت... أظن أن أكثر ما يؤلمها أنه يظن بها أسوأ الأمور... إذن فهو يظن أن تلك الصور صورها... إن الأمر يتعدى كونه يظن أنها خانت ثقته و نشرت حياته الخاصة على الملأ أعتقد أنه حان الوقت لأزور اخيك و افهمه بعض الأمور.
- كم أتمنى هذا... لم يعد أحد يستطيع الحديث معه... حتى توحه تشاجرت معه إنه يحبس نفسه في غرفة المكتب منذ غادرت إلهام كل ما يفعله الجلوس ساهماً محدقاً في الفراغ و عندما اتصل به ناشره صاح في وجهه أن ينسى أمر الرواية القادمه... تلك الروايه كان يعمل عليها مع إلهام.
- إذن فكلاهما يمثل دور الحبيب المحطم... يجب أن نتدخل و نعيد لهما عقلهما... لن أقف متفرجه على حطام علاقتهما.
نظرت لها سها ثم قالت و هي تحمل حقيبتها:
- هيا بنا.
سألتها نشوى:
- إلى اين؟
- إلى منزلكم أريد أن أرى إلهام و أتحدث معها قليلاً.
- حسناً هيا بنا.
كانت إلهام تجلس على طاولة المطبخ و بين يديها الأوراق التي كانت كتبتها عن يوسف...أحتارت ماذا تفعل بها هل تتخلص منها؟ ألم يكن الإبقاء عليها هو أساس المشكلة؟ لكنها لم تستطيع أن تحمل نفسها على التخلص منها إنها ترافق ذكريات بالإضافة إلى إنها تشعر أنها آخر رابط بينها و بين يوسف و تشعر أن بالتخلص منها تخرج نهائياً من حياته، أفاقت من أفكارها عندما سمعت صوت باب المنزل يفتح و يغلق... لابد أنها نشوى لقد قالت لها أنها ستذهب لتحضر مذكرات من عند صديقتها عادت لتنظر بحزن إلى الأوراق سمعت حركة على باب المطبخ فرفعت رأسها رأت سها فاتسعت عينيها دهشة.... أخذت تحدق بها صامتة بينما تقدمت سها منها مبتسمة.
كانت صدمة سها كبيرة عندما رأت إلهام... كانت نشوى محقة في كل كلامها إن الفتاة الشاحبة الغائرة العينين التي رأتها جالسة تحدق في بعض الأوراق ليست إلهام حتى في أكثر الأوقات التي كانت حالتها الصحية فيها سيئة لم تكن بهذا الشكل... ما أن رفعت عينيها و رأتها حتى ترقرقت الدموع في عينيها لكنها حولت نظرها عنها فجلست بمقابلها:
- إلهام... كيف حالك يا عزيزتي؟
صمتت إلهام قليلاً كأنها تحاول تمالك نفسها و عندما تكلمت خرج صوتها مبحوح:
- بخير و أنتِ؟ كيف حالك؟
ابتسمت سها و وضعت يدها على بطنها:
- بخير... إنني حامل.
ابتسمت إلهام بإرهاق:
- أعلم.
سألتها بدهشة:
- تعلمين؟ لكن كيف؟
- لقد أخبرتني توحه... عندما كنا بحتفل بــ.... صمتت بارتباك ثم قالت:
- عندما إصبت بوعكة في تلك السهرة تكهنت توحه بالأمر.
أحست سها أن قلبها يعتصر عندما تجاوزت إلهام ذكر إحتفالهم بالخطوبة و قد بدى أن الأمر آلمها رفعت عينيها فرأت نشوى تشير لها و تشجعها قبل أن تخرج... أمسكت سها يدي إلهام المرتجفتين على الطاولة:
- إلهام... إنه يتعذب مثلك.
سحبت إلهام يديها من بين يدي سها و إنتفضت واقفة:
- لا أعرف عن من تتحدثين.
قالت سها بسخط:
- إلهام لا داعي أن تتدعي الجهل... يجب أن تعطيا علاقتكما فرصة إنكما تحبان بعضكما البعض.
إلتفتت لهاإلهام قائلة بحدة:
- فرصة؟ عن أي فرصة تتكلمين؟ تلك الفرصة لم يمنحها أخيكِ لي لأبرر... لم يسمح لي أن أشرح له... سها... أعلم أن نيتك حسنه و أنكِ تحبينني لكن يجب أن تتقبلي أن ما بيني و بين أخيك إنتهي.
- بهذه البساطة؟
- لم أكن لأتخيل هذا لكن نعم بهذه البساطة.
- لكن الأمر يدمركما... إنه يحبك.
صاحت إلهام:
- لا... لا إنه لم يحبني قد يكون رآني مجرد تغيير بعد سوسن لكن الأمر لم يتجاوز ذلك فلو كان يحبني... صمتت و قد ترقرق الدمع في عينيها و إختنق صوتها:
- لو كان يحبني لما تركني أخرج من حياته بتلك الصورة أبداً... أبداً.
جلست ووضعت وجهها بين يديها منتحبة، كورت سها قبضتيها بغضب...غضب من اخيها... غضب مما آلت إليه الأمور لم تكن تتحمل رؤية إنهيار إلهام بهذه الصورة الرهيبة، دخلت نشوى راكضة و ما أن رأت اختها تبكي حتى ركعت بجوار كرسيها تحتضنها... عندما هدأت إلهام وقفت:
- سها... عزيزتي لا تشغلي بالك أعلم أنكِ و نشوى تحاولان إصلاح الأوضاع لكن لا جدوى... أعرف أن ما حدث جرح يوسف و أعرف أنني أخطأت ... عندما أفكر بالأمر أرى أن من حقه أن يفعل ما فعل لكن ها هو مر إسبوع و من المؤكد أنه عرف الحقيقة لكنه.... لكنه...
قالت كأنها تخاطب يوسف و تلومه:
- لم يتصل و لو مرة... لم يحاول... لم يحاول...
صمتت و كأنها لم تعد تجد الكلمات... تسمرت سها و نشوى إزاء منظر إلهام الذابلة و العتاب الحزين الذي كانت تتحدث به حتى أن سها غفلت عن إخبارها أن يوسف لا يعرف شئ حتى الآن فهو يرفض الحديث مع أحد و كل ما أخبرته به توحه لاقى أذن صماء.
قالت إلهام:
- لقد حطمنا هذا الأمر...كلانا... لكن يوسف لم يفعل شئ ليصلح هذا...هذا الحطام.
يتبعــــــــ.........















قراءة ممتعة


__________________
  #19  
قديم 05-14-2012, 10:25 PM
 
أعجبتني القصة روووعة و خصوصا أنوا الشخصيات عربية مشكورة على نقل القصة بس ممكن أسأل شوا هي إسم القصة الأصلي إذا ما عندك مانع شكرا سلااام
  #20  
قديم 05-15-2012, 01:22 PM
 
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة wafa15 مشاهدة المشاركة
أعجبتني القصة روووعة و خصوصا أنوا الشخصيات عربية مشكورة على نقل القصة بس ممكن أسأل شوا هي إسم القصة الأصلي إذا ما عندك مانع شكرا سلااام




اولا مرسي على المرور اللطيف
واسم لالقصة الاصلي هو
(من أجلك )

هادا هو
__________________
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية الشفق / twilight ستيفاني ماير ، مكتملة Wu Yi Fan روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة 93 05-06-2016 02:24 PM
رواية قطرة وراء قطرة تكوّن بركة من الدماء "مكتملة " ورديــہ ♥ روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة 43 06-22-2015 01:00 AM
خطوات عمل ميلك شيك الكريز2013 , ميلك شيك الكريز روعه بالصور 2013 ملاك الرومنسيه أطباق شهية 1 09-02-2012 01:39 AM
خطوات عمل ميلك شيك بالفراولة والموز2013 , طريقة اعداد ميلك شيك بالفراولة 2013 ملاك الرومنسيه أطباق شهية 1 09-02-2012 01:36 AM
من أجلك يا فلسطين..من أجلك يا بلدي عاشقة فلسطين أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 6 04-23-2007 09:37 PM


الساعة الآن 03:46 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011