عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 05-13-2012, 02:33 PM
 
الوشاح الحريري

كان الكل يجلس في غرفة الجلوس_سها و زوجها و إلهام و يوسف وفتحية_ عندما رن جرس الهاتف فقفزت سها و إلتقطت السماعة:
- من معي؟..... اهاااا كيف حالك يا أستاذ ياسر.... حقاً.....يا له من خبر سار.
صمتت قليلاً تستمع لما يقوله و هي مبتسمة ثم قالت:
- سوف أمرر له السماعة و لتخبره بنفسك بكل هذا الكلام.
ناولته السماعة:
- إنه الناشر.
بعد خمس دقائق أغلق الخط ، بدأت سها حملتها لمضايقة أخيها:
- أتعرفون ماذا أخبرني الاستاذ ياسر؟ إن رواية يوسف الأخيرة أحدثت ضجة رهييييييبة و أن النقاد لم يتوقفوا عن الكتابة و قال لي أخبري اخيكِ أنه أياً كان السبب في التغير السحري الذي أصاب قلمه لا تدعه يتوقف، حاول يوسف أن يسكتها لكن بلا جدوى فقال محمد ضاحكاً:
- إتركها يا يوسف أنت تعرف أنك لن تستطيع إسكاتها دعها تعبر عن فرحتها.
أكملت سها:
- كما أنه أثنى على سرعتك في إنهاء الرواية في الوقت المحدد.... لم يكن يتوقع ذلك.
نظر يوسف إلى إلهام:
- في هذا الأمر يعود الفضل بعد الله إلى إلهام.... لم تكن تدعني أتوقف عن الإملاء و لو لدقيقة.
ابتسمت إلهام:
- إنه عملي.
ضحكت فتحية:
- مرحى لكِ يا فتاة.
فكرت سها " أعتقد أن الفضل في هذا الأمر و غيره لإلهام.... يجب أن أقرا الرواية لأحدد ما قصده الأستاذ ياسر و ساعتها سأقرر لمن الفضل في انفتاح يوسف على حد تعبير ناشره" هزّها زوجها:
- لماذا تخططين يا عزيزتي و على وجهك هذه النظرة التآمرية الرائعة؟
إبتسمت سها و قد احمر وجهها فاقترحت إلهام:
- قد يكتب أخيك عنك في المرة القادمة و يجعلك جاسوسة أو عميلة سرية في أحد المنظمات.
ضحكت:
- لكن قصص يوسف لا تحتوي على النساء إلاّ في الضرورات القصوى فما بالك بأحد أدوار البطولة.
قالت إلهام:
- لكن في روايته الأخيرة....
صمتت ثم قالت:
- لن أخبرك سوف أتركها مفاجأة.
تململت سها:
- حسناً لقد شوقتماني لأقرأها أولاً الأستاذ ياسر و الآن أنت...
إلتفتت ليوسف:
- هل تحتفظ بنسخ في المكتب؟
رد يوسف:
- أعتقد أن عندي اثنين إنهما لكِ و لإلهام لقد كتبت لكلٍ منكما إهداء خاص بها.
بعد العشاء جلست إلهام في غرفتها و فتحت الرواية.... كان الإهداء على الصفحة الأولى كانت كلماته رسمية لكنها لا تعرف لماذا بعثت السرور في نفسها ....بعد أن عملت مع يوسف و قضت معه الكثير من الوقت اكتشفت انه إنسان آخر مختلف عن ذلك الشخص الذي يراه الناس للوهلة الأولى....قاس و عنيف و لا يقبل الجدال أو حتى الكلام بسهولة مع الآخرين، عاودتها حاستها المهنية و تملكتها رغبة في معرفة سر تغير يوسف فكما قالت سها إنه كان انسان مختلف قبل ان تدخل زوجته حياتك حاولت ان تتذكر ما اسمها....نعم اسمها سوسن، لم تدر إلهام إلا و هي تسحب ورقة بيضاء من الدرج و تبدأ في كتابة كل ما عرفته عن يوسف منذ دخلت منزله.
استيقظت إلهام على صوت هاتفها المحمول و عندما ردت فاجاها صوت اختها المرح:
- سوف اعود خلال أسبوعين.
سألتها إلهام:
- لماذا؟
ظهرت خيبة الأمل في صوت اختها:
- ما هذا السؤال؟ يبدو أنكِ لم تشتاقي إلي لكنني اشتقت إليكِ
رقت ملامح إلهام و عاد لصوتها حنانه المعهود:
- لا يا عزيزتي لم أقصد لقد اشتقت إليكِ بشدة لكنني كنت أسأل لأنني أعلم أنكِ لن تتركي مكانك إلا بالقوة. ضحكت نشوى:
- معك حق لا أحد يعرفني مثلك يا اختاه...
تنهدت و أكملت:
- ما عساي أفعل و قد أشرفت العطلة الصيفية على الإنتهاء.
فكرت إلهام بذعر العطلة المدرسية أوشكت على الإنتهاء.... هذا يعني أن سها سوف تسافر مع زوجها .... سيكون وجودها مع يوسف مستحيل بعد ذهاب سها تذكرت عوني.... إنها لم تجمع أي معلومة حساسة حتى الآن سوى موضوع إنتحار زوجته و ها هي اختها ستعود من عطلتها.... يا إلهي إن كل الامور تتعقد من حولها، رن صوت اختها في اذنها:
- هاااااا إلهام أين أنتِ؟ هل مازلت معي على الخط؟
قررت إلهام أن الحل الوحيد في ما ستفعله:
- اسمعيني يا نشوى؟ رباب سوف تعود معك أليس كذلك؟.
أجابتها:
- نعم سوف تعود مع أهلها و سأكون معهم، سألتها إلهام:
- هل ستقبل أن تظلي معها لمدة شهر أو شهرين؟
قالت نشوي:
- نعم بل ستسعد بذلك حتى لو قضيت معها العام الدراسي كله لكن لماذا؟
قالت إلهام:
- أنتِ لا ترغبين في معرفة ذلك.... سوف تعودين مع صديقتك و تقيمي معها حتى أعود من مهمتي و أنا سوف اتصل بأهل رباب لأستأذنهم.
سألتها نشوى:
-إلهام ما الأمر؟ أخبريني فأنا لم أعد صغيرة.
تحت إصرار اختها أخبرتها كل ما حدث حتى اللحظة التي تتكلمان فيها:
- بماذا كنتِ تفكرين عندما كنتِ تلتقطين هذه الصور؟
سمعت صوت بكاء اختها:
- لم يكن هناك أي شباب؟ أنت تعلمين انه مهما كنت سذاجتي فلن أذهب مع أي شاب لأي مكان فما بالك بأن يصورني أحد....
صمتت و أخذت تبكي بقوة:
- لقد.... لقد كانت صديقة لصديقتي و كنا نمزح.... كنا نمثل أننا عارضات أزياء.... لم أكن أعلم أنها تصورنا حقاً... تلك الوضيعة.
هدأت إلهام اختها:
- لا تقلقي سوف أتولى الأمر.... ما حدث حدث و سوف أهتم بالأمور هل فهمتي ما طلبته منك؟ سوف تبقين مع رباب حتى أعود من منزل يوسف فحسب ما قلته لهما أنني لا أملك منزل ... لا أريد أن أناقض قصتي.
قالت إلهام بصوت منكسر:
- حسناً لكن لا تدعيهم يكشفونك يا اختي أرتجف عندما أتخيل ما يمكن أن يحدث.
طمأنتها:
- لا تخافي على اختك أيتها الفتاة الصغيرة و الآن سوف أغلق السماعة قبل أن تأتي سها كالإعصار فتقتحم غرفتي.
أغلقت الهاتف و جلست على السرير واضعة رأسها بين يديها... لقد حسم الأمر سوف أفعلها.... ليس لدي خيار سوف أكتب التقرير عن يوسف لكن بقى أمر واحد هو وجودها هنا بعد سفر سها ما هي إلا دقائق حتى اجتاحت سها الغرفة فغرقت إلهام في الضحك و عندما سألتها سها عن سبب ضحكها قالت لها:
- لقد كنت أتساءل متى سأحظى بزيارتك الصباحية إجلسي هناك ما أريد أن أحدثك عنه.
أخبرتها بما كانت تفكر فيه و اختتمت كلامها:
- و هكذا سترين أنه ليس لائقاً أبداً أن أظل هنا.
ابتسمت سها:
- إنك مباركة أتعلمين على ماذا استيقظت اليوم؟
نظرت لها إلهام بتساؤل فقالت:
- لقد استيقظت على خبر رائع فمحمد سوف يضطر للمكوث في الاسكندرية لمدة خمسة عشر شهراً لأن الشركة التي يعمل بها تواجه مشاكل في فرع الإسكندرية و طلب منه مديره أن يظل في فرعهم هنا و عندما أخبرني عن ذلك طرت فرحة فأنا لم أنفك في التفكير في نفس الأمر الذي أخبرتني به و ها هو قد حل... إقترح محمد أن نستأجر منزل لكن أخي عاقبه على هذا الإقتراح بأن كشر في وجهه بتلك التكشيرة الشهيرة و قال له: " ما هذا الهراء الذي تتحدث عنه؟ تستأجر منزل و أنا لدي مكان يكفي جيش من الناس"، انهارت إلهام و سها على السرير ضاحكتان.
******************
دخلت إلهام غرفة المكتب دون أن تطرق الباب، عندما رفع يوسف رأسه و نظر لها معاتباً تجاهلت نظرته و جلست:
- ها؟ لقد أخبرتني توحه أنك تريدني... ما الأمر؟
جلست تستمع إلى أخيها مبتسمة و ما أن إنتهى حتى أومأت برأسها موافقة:
- حسناً سوف أذهب معك و أساعدك في إنتقاء الهدايا.
- تذهبين معي؟... لا لقد أسأت فهمي... سوف تذهبين وحدك و تشتريهم نيابة عني.
هزت رأسها بإعتراض:
- إنسى هذا الأمر... إذا أردت أن تبتاع لنا هدايا بمناسبة إنتهائك من روايتك فيجب أن تكون منك فعلاً لا أن تدع غيرك يحضرها.
زفر يوسف بضيق... إنها عنيدة و هو يعرف أنها لن ترجع عن تفكيرها... أمسك مفاتيحه مع على المكتب و وقف:
- حسناً هيا بنا.
نظر سها إلى أخيها و هو يقود السيارة و هو واجب و تساءلت... ترى هل يكون نادم على هذه الخطوة؟ لقد كانت عادة أن يشتري لها و لزوجها و توحه هدايا بعد كل رواية لكن وجود إلهام سيحتم عليه أن يشملها بهذه العادة.
كان يوسف يفكر " لن أستطيع أن أهدي الجميع و أترك إلهام بلا هدية خاصة أنها قدمت له عون كبير في الرواية... لكن ألن تكون هدية منه لها دليل...." توقف بتفكيره و أنّب نفسه... دليل على ماذا أيها الأحمق؟ إترك الأمر لسها فهي ستختار لها أي شئ و سيطلب منها أن تقدمه لإلهام نيابة عنه.
صافحه محمد شاكراً:
- إنها برطة عنق جميلة...
نظر إلى زوجته ممازحاً:
- و أرى أنها تحمل ذوق زوجتي.
ضحكت سها بينما إبتسم يوسف التي تقدمت منه توحه التي ربتت على ظهره كأنه طفل صغير تكافؤه على جلوسه مطيع:
- شكراً أيها الصغير على هذه الكنزة الجميلة.
إبتسم لها بحنو:
- أنتِ على الرحب و السعه يا توحه.
صاحت سها ببهجة:
- و أنا أيضاً أشكرك يا اخي على هذا العقد الجميل الذي تركتني أختاره بنفسي.
قال محمد و هو يكتم ضحكاته:
- و الذي لا يمكن إغفال ثمنه الباهظ.
لكزته سها ثم قالت بطريقة مسرحية:
- و الآن إلى هدية إلهام... المساعدة المجتهدة و...
قاطعتها إلهام:
- أنا؟... هدية لي؟!!
- نعم... خذي.
نازلتها لفافة خفيفة الوزن ثم قالت:
- و الآن هيا بنا لغرفة الطعام قبل أن يبرد العشاء.
خرج الكل بينما وقفت إلهام محدقة باللفافة في ذهول... قال يوسف الذي لم يلحق بالباقيين:
- هيا إفتحيها لن تعضك.
- لكن...
قاطعها:
- إفتحيها... إنه غرض بسيط.
كادت تقول له أنه ما من شئ منه يمكن أن يكون بسيط... نزلت الورق فلامس أصابعها قماش ناعم نظرت إلى محتوى اللفافة إنه وشاح بني اللون... لا إنه عسلي... وشاح حريري يمتزج به اللونين البني الفاتح و العسلي قالت كأنها تخاطب نفسها:
- إنه رائع الجمال.
رفعت عينيها إليه شاكرة ثم قالت:
- إن ذوق سها رائع.
أطلت سها برأسها من الباب:
- بل هو ذوق أخي... تصوري أنك الوحيدة التي إختار هديتها... أعتقد أنه إختار هذا اللون لأنه يليق بعينيك لم يقل هذا بالطبع لكنني تكهنت.
نظرت لأخيها بفرح و خرجت بسرعة ما أن وجه إليها نظرة نارية... لم يعرف كيف يصلح ما قالته إخته فقال:
- لقد لاحظت أن سها تميل إلى إختيار الهدايا الباهظة الثمن و كنت أعرف أنك لن تقبلي مني ما هو غالي.
إبتسمت:
- على كل حال أشكرك على هذه الهدية الجميلة...قد أحثك على البدء بالرواية القادمة لأحظى بهدية جميلة كهذه.
كانت محاولتها المزاح لتبديد التوتر فاشله فقد نظر يوسف إلى عينيها في صمت... بدون روايات بإمكانه أن يقدم لها كل هدايا الدنيا و هو راضٍ... صدمه تفكيره هذا فقال لها:
- سأعتبر هذا وعد منك بأن تساعديني في الرواية القادمة لننتهي منها بسرعة قياسية.
وصل لهم صوت سها عير الردهة:
- هيا يا شباب قبل أن أجهز على العشاء.
يتبعــــــــ






























قراءة ممتعة
__________________
  #12  
قديم 05-13-2012, 05:33 PM
 
الفصل التاسع

بئر الأسرار
خرجت إلهام مع سها التي قالت لها " إن كنت تكرهين ماله لهذه الدرجة يجب أن تصرفيها و بسرعة" فما كان من إلهام إلاً أن إبتسمت، كانتا في أحد المتاجر عندما تنهدت إلهام بغضب فقالت سها:
- أمازلت غاضبة من مشاجرتكما؟ لا أعرف لما لم تأخذي منه المال في صمت؟ لما جادلته؟
- سها... أنا التي تسببت في كسر يده لذلك أرى أنه من واجبي أن أساعده في الرواية... لم يكن الأمر يستحق أن يعطيني أجر... يكفي أنني موجودة في منزله منذ ثلاثة أشهر دون أن أدفع قرش.
ضحكت سها:
- عزيزة النفس... عزيزة النفس.
- ماذا قلتِ؟
- لابد أن هذا سبب غضب أخي... لقد أربكتيه فأنتِ نوع جديد لم يسبق له التعامل معه... نفسك عزيزة يا أختاه.
قالت بإعتراض:
- بلا سخرية سها...
قاطعتها:
- لا أنا لا أسخر... مر على أخي الكثير من الأنواع... في بداية حياته كان كأي شاب يملك من سلامة النيه ما يكفي قبيلة كاملة لكنه جُرح كثيراً و نال من الصفعات ما يكفي لذلك بنى جداره الواقي و الذي من أعمدته الأساسية عدم الوثوق بإمرأة...مؤكد أنه رآى عدم قبولك للمال تصرف غير مألوف لم يستطع التعامل معه إلاّ بالغضب و الصياح .... الآن دعينا من كل هذا و هيا لنتسوق أريد أن نتأنق.
- و ما المناسبة؟
- غير ضروري وجود مناسبة...
صمتت قليلاً ثم قالت:
- إسمعي الآن يوسف في أجازة قد أجبره على إصطحابنا إلى السينما أو المسرح... أو... أو أي شئ قد يخطر في بالنا و بعدها نتناول العشاء خارجا.
بعد أن أنتهت جولة التسوق إصطحبت سها إلهام إلى المزين (لتعتنيا بجمالهما) على حد قول سها ، ما أن عادتا للمنزل حتى توجهت إلهام إلى غرفتها و أمسكت القلم " فقد ثقته بالنساء بعد التعرض للكثير من خيبات الأمل...." توقفت تفكر ما عساها تضيف لكنها إكتفت بهذه الجملة للآن فلابد أن هناك المزيد فلا داعي لكتابة الكثير من الكلام الذي لا أهمية له إلاّ الحشو.
إرتدت إلهام فستان كان من إختيار سها... كانت تجلس أمام المرآه عندما دخلت سها في أبهى صورة:
- إلهام ... هل إنتهيتِ؟
- لا ... أمامي عشرة دقائق.
جلست سها على السرير:
- حسناً لكن أسرعي لأن يوسف و محمد في إنتظارنا.... لن تصدقي... لقد أقنعت يوسف أن يأخذنا للسينما و بعدها سوف نتعشى.... إحزري أين؟
- أين؟
- في بيتزا هت.
ضحكت إلهام فقالت سها:
- أعلم... أنا نفسي لا أتصور أخي إلا في أرقى المطاعم التى يرتادها كبار السن لا الشباب .... لكنني تحديت نفسي بأن أقنعه.
قالت إلهام بهدوء:
- لا يدهشني الأمر.
سألتها سها بدهشة:
- حقاً؟؟!!
- نعم... فبالرغم من عناد أخيكِ الكبير و تمسكه برأيه إلاً أنه أمامك... لا أعرف ما أقول... بإمكانك أن تديريه حول إصبعك.
ضحكت سها:
- ما أجمله من تعبير.... لا تدعي يوسف يسمعك.
تصنعت إلهام الرهبة:
- لا سمح الله.
- هيا أسرعي.
- حسناً حسناً...سها أخبريني لماذا إنفجر غضب أخيكِ و هو يأمر البستاني أن يقطع تلك الشجرة الغريبة؟
- شجرة سوسن؟
- شجرة من؟
- لقد أمرت سوسن بزراعة تلك الشجرة و كانت على عكس الكل معجبة بمنظرها ... لكنني لم أحبها أبداً و يوسف أيضاً كرهها فلها منظر شيطاني بأغصانها المتشابكة و أشواكها.... كان يوسف يقول أن سوسن تحبها لأنها لا ترى بشاعتها فهي تشبهها.
كتمت إلهام شهقة دهشة كادت تخرج منها... أمضت معظم السهرة صامته... تُرى ماذا ستكتشف بعد عن حياة يوسف عياش التي يبدو أنها مليئة بالأسرار... هوه نفسه يبدو كبئر من الأسرار، قطع أفكارها صوت يوسف الذي مال ناحيتها هامساً:
- أريد أن أعتذر عن إنفجاري بكِ صباحاً.
إستدارت تنظر له:
- لا عليك لقد نسيت الأمر.
- إذن لما الشرود؟ إنك بالكاد شاركت بالحديث كما أنك لم تمسي طعامك.
رسمت إبتسامة على وجهها:
- يبدو أن معدتي تعودت على طعام توحه العالي الجودة فلم يعد يرضيني ما تقدمه المطاعم.
كوفئت على جملتها بإبتسامة رائعة حملت قلبها على التخبط بين ضلوعها:
- يجب أن تخبريها بما قلته فهذا سيسعدها.
تدخلت سها:
- بماذا تتهامسان؟
إحمر وجه إلهام... لقد كانا يتحدثان همساً بالفعل... ما هذا الإحراج، قال يوسف:
- كنت أعتذر لها عن ثورتي الرهيبة... كما أنني أطري ذوقكم الرائع .
نظر لزوج اخته:
- أليس كذلك يا محمد... على طاولتنا فاتنتان.
أومأ محمد برأسه مبتسماً و هو ينظر لزوجته بمحبة، بينما أكمل يوسف:
- هيا لنعيدهما للمنزل قبل أن تخطفان منا.
قالت سها بإعتراض:
- أيها الماكر... هذا التملق لتعيدنا إلى المنزل... هيا لنتمشى على البحر قليلاً.
و كان لسها ما أرادت.... تأبطت ذراع زوجها و أسرعا الخطى و هذا ما ترك إلهام وحيدة مع يوسف نظرت إلى ظهر سها بنجدة فابتسم يوسف:
- أظن أنها لن تسمع نجداتك الصامتة.
نظرت له بتساؤل فقال:
- سها... إنها الآن في عالم آخر و لن تفكر للحظة أنها تركتنا وحيدان.
إحمر وجه إلهام:
- لا... إن الأمر...
صمتت وقد إزداد إرتباكها فقال:
- لا عليكِ... إسترخي و الآن حدثيني عنك.
في البداية دهشت إلهام من سؤاله الذي يتناقض مع طبيعته المنطوية.... يبدو أنها أحرزت تقدماً رهيباً و دون أن تشعر... قد تحصل على المعلومات التي تحتاجها من يوسف نفسه لا من اخته لكنها عادت و إستبعدت الأمر.
قال يوسف:
- إذا كان يضايقك أن تتحدثي...
قاطعته مسرعة:
- لا... أبداً... أبداً.
فكرت إلهام أن الكذب لن ينفعها لذلك ستخبره بالحقيقة شرط أن يبتعدا عن موضوع عملها:
- حياتي خالية من الأحداث المثيرة باستثناء الحادث العظيم الذي وقع لي في الفترة الأخيرة.
ابتسم يوسف:
- ذلك الحادث الذي صدمك فيه رجل مجنون كان مسرعاً بسيارته؟؟!!
ضحكت إلهام... إذن فهو يملك حس دعابة كاخته!!! قالت من بين ضحكاتها:
- أظن ذلك لكن لا أعتقد أنه يمكن وصفه بالمجنون.
نظر لها و هي تضحك و حبس أنفاسه... لابد أن صدى هذه الضحكة لن يتركه لأيام:
- حسناً هل لكِ أن تخبري ذلك الرجل الذي لا يمكنك وصفه بالمجنون عن حياتك الخالية من الأحداث؟
- حسناً... من أين سأبدأ؟... توفى والدي و والدتي إثر حادث سيارة و ذلك ما تركني أنا و نشوى فقط... أنا أكبرها بثمان سنوات كنت في سنتي الدراسية الأخيرة عندما حدث ذلك الحادث المروع لوالدي و هكذا عملت و إعتنيت باختي و بالطبع ساعدني في ذلك بعض المدخرات التي كان والدي أودعها بإسمي لكنني لم أستطع إستخدامها إلا بعد أن بلغت الواحدة و العشرين.
- منذ فترة قصيرة؟
رفعت إحدى حاجباها:
- أعتقد أن هذا السؤال الملتوي يا أستاذ يوسف هدفه أن تستعلم عن عمري أليس كذلك؟
- فتاة ذكية.
ابتسمت:
- بإمكانك أن تقول لي مباشرةً كم عمرك بدلاً من أن تجاملني و أنت تحاول أن تقول لي أنني أبدو أصغر سناً.
- برأيي أنت لا تتجاوزين العشرين.
ابتسمت:
- لقد كنت في العشرين منذ ست سنوات يا أستاذ يوسف.
- لابد أنك تمزحين آنستي الصغيرة.
نظرت له... آنسته الصغيرة؟، إحمر وجهها خجلاً يجب أن أتحدث لأبدد هذا الإحراج:
- آنستك الصغيرة؟ لا أعتقد أستاذ يوسف أن كلمة الصغيرة تنطبق علي.
- أريد أن أخبرك أمران الأول أنك فعلا تبدين ليس لي فقط بل لكل من يراكِ صغيرة السن... قد لا يكون سن السادسة و العشرون سن كبيرة لكنها تبدو كبيرة عليكِ أما الأمر الثاني هو مناداتك لي بذلك الإسم (إستاذ يوسف) لا أرى داعياً له... إنه يشعرني بأنني صرت كهلاً.
ضحكت:
- لقد كنت أظنك كذلك حقاً.
نظر لها بإمعان:
- ماذا؟
صمتت... يا إلهي ما الذي قلته لكنها أسرعت تقول بحنكة:
- قد تظن أنك غير مشهور لكنك مشهور حتى في الأوساط النسائية فرواياتك في كل المكتبات... عندما سمعت عنك و قرأت إحدى رواياتك تخيلتك رجل عجوز قد دب الشيب في شعره...
صمتت فقال لها و قد بانت التسلية في عينيه:
- أكملي لماذا توقفتي؟ و هي تخيلتني أمشي مستنداً على عصا و قد إنحنى ظهري.
قالت و هي تكبت ضحكة:
- في الحقيقة لا لقد تصورتك على كرسي متحرك.
رمى رأسه إلى الوراء و إنفجر ضاحكاً.... توقفت سها و إلتفتت إلى أخيها ثم تابعت سيرها و هي تقول لزوجها:
- أرأيت يا محمد.... إنها المرة الأولى منذ سنوات التي أرى فيها يوسف خالي البال بهذه الصورة لقد كنت قد نسيت صوت ضحكته الرنانة تلك.
- لكل شئ نهاية يا عزيزتي و أعتقد أن نهاية الكآبة و الحزن اللذين أحاطهما يوسف بنفسه قد حانت...
- نعم و على يدي إلهام.
ابتسم محمد:
- يبدو أنكِ صرت متبصرة يا حبيبتي.... لقد سعيتِ منذ البداية أن تقربيهما و كأنك كنت تعلمين أن مفتاح قلب يوسف مع إلهام.
قالت و هي تتصنع الغرور:
- بإمكانك قول هذا.
عنفها ممازحاً:
- أيتها التعجرفة المغرورة.
سألته بدلال:
- متعرفة و مغرورة لكنك تحبني أليس كذلك؟
- و هل أنتِ بحاجة للسؤال؟ بالطبع أحبك.
تعلقت بذراع زوجها و أسرعت الخطى تاركة خلفها يوسف و إلهام اللذين لم يتوقفا عن الحديث.
قال يوسف بإعتراض:
- لقد كنتِ تتحدثين عن نفسك و كيف إنتهى بنا الأمر و نحن نتحدث عني.
قالت و هي تتصنع البراءة:
- لا أعلم.... يبدو لي يا أستاذ يوسف....
قاطعها:
- يوسف.... ألم نتفق.
- حسناً... يبدو لي أنك...
قاطعها مرة أخرى:
- لقد تجاوزت إسمي... هيا قوليها.
صمتت ثم قالت:
- يو...سـ...ف
شاكسها:
- إنك ممتازة في التهجئة.
إنه يسخر منها... نظرت له بدهشة إنه مختلف تماماً هذه الليلة و يبدو لها أنها سيندم لاحقاً على هذا الحديث قطع أفكارها:
- هيا أخبريني ماذا يبدو لكِ.
- أتصدقني إن قلت لكِ أنني نسيت؟
ضحك ثم قال ممازحاً:
- بل أصدقك... إنه سحري.
كادت تقول له فعلاً ... معك حق لكنها عضت على لسانها بينما قال:
- كنت أتساءل عن كيفية إنتهاء الأمر إلى أن أتكلم أنا عن نفسي و أنت تستمعين.
قالت:
- اهاااا تذكرت... يبدو لي يا يوسف أنني من الأسخاص الذي يرتاح المرء في وجودهم لذلك تراك تحدثت عن نفسك.
ابتسم:
- مغرورة لكن مرحى لك.
- مرحى لي؟
- نعم لقد قلت إسمي بكل براعة يبدو أن تمارين التهجئة أفادتك.
إرتبكت إلهام هل نادته بإسمه مجرداً... نظر إلى وجهها المعبر لابد أنها لم تنتبه إلى فعلتها قالت بسرعة:
- هيا.... هيا بنا لنلحق بسها و محمد.
سبقته بسرعة بينما إستمر في المشي بهدوء و هو يتساءل على سر هذه الفتاة ليشعر معها بتلك الراحة... الراحة التي لم يذق طعمها منذ أمد... الراحة و الشعور بالأمان و عدم توقع الغدر.
حثت إلهام خطاها و هي غاضبة من نفسها... طالما كنت متحكمة في نفسي و مسيطرة على إنفعالاتي... ماذا في هذا الرجل يدفعني إلى الأرتباك كتلميذة مدرسة ساذجة... و تعليقاته... لماذا أحمرت خجلاً عند سماعها؟
************************
عندما أصبحت إلهام في غرفتها أخرجت أوراقها و أخذت تكتب كل ما عرفته اليوم.... اليوم هو يوم الأسرار العالمي و كأن البئر قد فاض بكل ما فيه لكنها متأكدة أنه مازال هناك المزيد، بعد أن إنتهت إندست تحت الأغطية محاولةً النوم بلا فائدة ... جلست في فراشها تسترجع ذكرى تلك التمشية الساحرة و عاد لها ذلك الشعور بالذنب لما تفعله فيوسف لا يستحق أبداً ما ستفعله به.
إستلقى يوسف في فراشه و قد تصارع شعورين في صدره... شعور بالسعادة لذلك الحديث مع تلك الفتاة الساحرة و شعور بالغضب لسماحه لنفسه بأن ينفتح بتلك الصورة، كما قالت إنها فتاة يسهل الحديث معها فهي تبعث على الراحة.... لكنه عاد و قرر أن يغلق الأبواب على أسرار حياته التي لم تكن تحمل إلاّ الألم فإنكشافها لن يجلب إلاً المزيد و المزيد من الألم.

يتبعــــــــ........


تمنياتي بقراءة ممتعة

__________________
  #13  
قديم 05-14-2012, 01:23 PM
 

لماذا التجهم؟
ما أن نزلت إلهام إلى المطبخ حتى وجدت سها التي قالت لها هامسة و كأنها طفل يتآمر:
- لقد إستيقظ أخي اليوم في مزاج متعكر و كأن أحداً ضربه على رأسه..... إننا جميعاً نتجنبه و أنصحك أن تتجنبيه أنت الأخرى.
- هل الأمر بهذا السوء.
- إنتظري و سوف ترين.
في غرفة الطعام جلس الأربعة _سها و محمد و إلهام و يوسف_ يتناولون الطعام في صمت... كانت إلهام ستقوم بسؤال يوسف متى سيبدأ في روايته الجديدة و هل سيسمح لها بأنه تساعده في العمل بعد أن تعافت يده لكن بعد أن أجاب عن تحيتها الصباحية بنظرة متجهمة عدلت عن نيتها في الحديث معه.
ما به هذا الرجل؟ هل إستكثر على من حوله ليلة من السلام قضاها معهم ها هو يبدأ اليوم التالي بتسديد النظرات الغاضبة يميناً و يساراً؟ أم تراه الندم؟ مؤكد أنه يشعر بالندم بسبب حديثهما العفوي الملي بالمزاح.... زفرت بضيف فلعينني الله فيبدو أنني سوف أدفع ثمن لطفه القصير غالياً.
بعد الغداء إستأذن يوسف منسحباً إلى مكتبه..... خرج محمد للقاء عميل و جلست إلهام مع سها في الحديقة و كالعادة أغرقتها سها بالمعلومات عن حياتهم و لم تستطع إلهام إيقافها، قالت سها:
- و هكذا ترين أن يوسف يظن نفسه يشبه والدي؟
لم تستطع منع نفسها من السؤال:
- و كيف ذلك؟
- ألم أخبرك أن سوسن إنتحرت؟
- نعم... و لكن ذلك لا صله له....
قاطعتها سها:
- إن يوسف يرى أنه هو الذي دفعها لذلك... و طبعا هذه نظرة غير صائبه فقد كنت موجودة لقد كان يعاملها كأنها من الكريستال القابل للكسر... بحنان و حرص و إهتمام.
فكرت إلهام.... حنان؟ لا يمكنها تخيل صاحب الوجه المتجهم الذي كاد ينفث في وجوههم النار صباحاً و هو يغدق أحداً بالحنان... عادت للتركيز فيما تقوله سها:
- حتى بعدما تغيرت سوسن و لو تعد تلك الفتاة البريئة الحلوة التي كانت تدعيها إستمر في معاملتها معاملة طيبة... بذل كل ما يستطيع لكي ينجح زواجهما لكنه فشل لأن سوسن لم تكن الفتاة التي أوهمتنا.
قالت إلهام بنفاذ صبر:
- مازلت لا أرى صلة لما تقولينه بوالدك.
صمتت سها كأنها تفكر هل يجب أن تتكلم أم لا لكنها في النهاية إستسلمت لرغبتها في مشاركة إلهام بما تعلم:
- لقد إنتحرت والدتي أيضاً.
شهقت إلهام بذعر... و كم تمنت أن تصمت سها و لا تكمل ما تقوله لكن فات الأوان لأنها تابعت:
- كانت والدتي على حسب قول توحه سيدة مرحة لم تكن تتوقف عن الضحك و الإبتسام كان زواجها من أبي زواج مدبر لكنهما ما لبثا أن أغرما ببعضهما البعض بجنون... بعد ولادة أخي إزدادت فرحتهم حتى أن والدتي كانت دوماً ما تقول لتوحه أنها تشعر أنها تعيش حلم جميل تخشى أن تستفيق منه ... بعد عشر سنوات جئت أنا للدنيا و إستمرت السعادة خمس سنوات و بعدها بدأت الأمور تتغير إنشغل والدي بالعمل و لم يعد يتواجد في البيت فأصاب إمي الحزن و بدأت في تفريغ إحباطها على يوسف بالصراخ و الصياح و التأنيب... حاولت أن تقرب المسافات مع والدي لكن العلاقة بينهما لم تعد كما كانت قط و عندما بلغت العاشرة إنتحرت والدتي... لا أعلم ما حدث بينهما لكنني أظن يوسف يعلم لقد أحدث إنتحارها شرخاً في دروع أخي و جاءت سوسن لتجهز عليه.
لم تحتمل إلهام كل هذا الكم من المآسي... لقد توقعت أن تكون حياة يوسف لغز لكن أن تحمل هذا الكم من المصائب فلم تكن تتخيل ، قالت سها:
- يوسف من وجدها ميته في غرفتها... لقد أخذت علبتين أقراص منومه.
شهقت إلهام:
- ياإلهي... ياإلهي.
- هل إنتهيت من سرد تاريخ عائلتنا المشرف على الآنسة إلهام؟
قفزت الفتاتان ما أن سمعتا صوت يوسف الراعد الذي كان يقطر غضباً، نظر إلى إلهام:
- آنسة مشيرة أريد أن أراكِ في مكتبي.
نظر إلى أخته و الشرر يتطاير من عينيه:
- أما أنتِ فلنا حديث في وقت آخر.
جلست سها منكمشه في كرسيها بعد أن إستدار يوسف و إتجه إلى المنزل نظرت سها إلى إلهام و إبتسمت فهمست إلهام:
- أيتها المخادعة... تمثلين دور الخائفة المرتعدة و أنت تشعرين بالتسلية لما يحدث.
- إن نجوتِ من بين يدي أخي أريدك أن تحكي لي ما حدث بالتفصيل.
رفعت يديها إلى السماء:
- سها... إنك إنسانة ميئوس منها أين هو زوجك ليرى ما فعلت؟
*******************
دخلت إلهام غرفة المكتب... كان يوسف يقف أمام النافذة و قد بدى غافل عن كل ما حوله، وقفت إلهام بالباب محدقة في ظهره إنتفضت عندما قال بصوت غليظ عبر عن الغضب الذي يحاول كبته:
- إدخلي و أغلقي الباب وراءك.
بعد أن نفذت ما قاله أمرها بنفس اللهجة:
- إجلسي.
كانت في طريقها إلى أحد الكراسي لكنها توقفت و قد تملكها الغضب... إنها ليست دمية ليتحكم بها مصدراً الأومر... كما أنها ليست جبانه لتخافه قالت بحدة:
- أفضل الوقوف...يوسف.
تعمدت إضافة إسمه و كأنما لتذكره بالليلة السابقة، إلتفت لها بحدة و شدد على كلامه:
- آنسة إلهام أتمنى لو تتفضلي و تجلسي ....
قاطعته:
- لا أعرف لما الإصرار على جلوسي هل لتتمكن من خنقي بسهولة... أوكد لك أن بإمكانك إنجاز المهمة و أنا واقفة.
نظر لها بذهول سرعان ما إختفى ليعود الجمود إلى وجهه:
- لا تغريني بالفكرة.
وقفا ينظران لبعضهما البعض كعدوان مستعدان لإشهار الأسلحة لكنها رضخت و جلست:
- و الآن هل لي أن أعرف ما الموضوع؟
تمنت أن يتحدث من مكانه لكن أملها خاب عندما تقدم و جلس على طرف المكتب، قال:
- عندما وصلت كانت اختي تخبرك بأسراري السوداء.
- لا أعتقد أنه يمكننا أن نطلق عليها سوداء.
- بل هي كذلك بالنسبه للكثير من الناس لذلك أحب أن أبقيها في الخفاء.
- لكنها ليست كذلك بالنسبة لي.... لكل منا أسرار في حياته و رغبتنا في إخفائها لا تجعل منها أمور (سوداء) ... أمور يجب أن نخجل منها.
- أرى أن بعد جلستك مع أختي بدأتي في تحليلي نفسياً.
- لا... كل ما في الأمر أنك تعطي الأمور أكبر من حجمها و تتمتع بالرثاء على نفسك.... إنظر إلى نفسك بالرغم من ليلة الأمس الرائعة ها أنت تستيقظ صباحاً لتعزل نفسك عن الجميع و كأنك تقول ((لا تفرحوا بما حدث فأنا لن أتغير)) و هذا العبوس... بحق الله لما التجهم؟؟؟
إشتعلت عيناه:
- أنتِ لا تعرفين عن ماذا تتكلمين.
- لا؟...أعتقد أنه طاب لك أن تعيش في قوقعتك الخاصة مدعياً أن هذا نوع من الحفاظ على الذات بينما هو هروب.... جبن...
صمتت عندما قفز من على المكتب و أمسك بكتفيها بغضب:
- أيتها الحمقاء الصغيرة... إنك تتكلمين و كأن حياتي هي النعيم و أنا أصر على تحويلها لجحيم بإرادتي...
قالت بهدوء:
- كل منا يصنع نعيمه الخاص أو جحيمه و إذا إخترت أنت أن تعيش في العذاب فلا جدوى....
هزّها بقوة:
- أتظنين أنه يطيب لي أن ترافقني الكوابيس كل ليلة.... أتظنين أنه شعور جميل أن تحسي أن كل تلمسينه يموت... كل إهتممت لأمره يصبح في النهاية إلى ماضي.... ماضي محطم مجرد التفكير فيه يعذب روحك.
تسمرت إلهام في مكانها مصعوقة... كان يوسف يشتعل غضباً... بل كان كل جسمه يرتجف من الغضب، لم تتخيل إلهام أن ترى هذا الرجل المسيطر يفقد السيطرة على أعصابه، تركها فجأة فإنهارت على الكرسي... إبتعد عنها و أخذ يذرع الغرفة ذهاباً و إياباً كأنه أسد محبوس في قفص، تخلل شعره بأصابعه في حركة عصبية:
- تظنين أنك عالمة بالأمور.... حسناً سوف أخبرك بالصورة كاملة.
قالت بذعر:
- لا أريد أن اعرف شئ.
- بل ستسمعين... أنت من طلبت ذلك...
- لا.... أنا لم أطلب من سها أن تخبرني بشئ.
صاح:
- ياللبراءة... لابد أنك شجعتها...
هبت واقفة و صاحت به في غضب:
- لا تبدأ في إلقاء الإتهامات يا سيد...
- سيد؟ و أين ذهبت المناداة بالإسم الأول.
صاحت به:
- يالك من لئيم... إذهب أنت و أسرار إلى جهنم... و إعلم أنني لم أشجع أختك على أن تقول كلمة فهي على خلاف أخيها لا تملك عقداً نفسية تمنعها من الحديث عن الماضي كأنه شبح.
رعد صوته في الغرفة:
- كاذبة... لو أردت أن تسكتيها لإستطعتِ.
- لن أسمح لك بإهانتي.
- و أنا لم أطلب منك الإذن سأقول ما أريده.
إقتحمت فتحية الغرفة و في أعقابها سها سألا بذعر:
- ماذا يحدث؟
إلتفتت إلهام و يوسف و قالا في وقت واحد:
- لا شئ.
توجهت إلهام للباب:
- إنني راحلة.
أمسك يوسف ذراعها:
- بل ستبقين حتى أنتهي من كلامي.
دهشت فتحية و سها من تصرف يوسف إلتفت لهما:
- و أنتما... إلى الخارج.
هتفت به توحه:
- حسناً لكن لا تسئ التصرف أيها الولد.
نظرت إلى إلهام و قالت بصرامة:
- لو ضايقك ناديني.
إنسحبا و أغلقا الباب بهدوء فقالت إلهام بعنف:
- إسمعت يا سيد عيّاش لا تعتقد أن بإمكانك إرهابي بالصراخ... أنا لا أخافك.
نظر لها بإعجاب ما لبث أن إختفى سريعاً... عندما هم بالكلام قاطعته:
- معك حق... لقد أخطأت لأنني لم أوقفها عن الكلام لكن مؤكد أنك لا تغفل عن أختك... عندما تبدأ بالكلام لا يستطيع أحد أن يوقفها...و بالرغم من كل شئ لم يكن لك الحق في إهانتي.
- لكن لك أنتِ هذا الحق في إهانتي و نعتي بكل النعوت و إتهامي بانني أستمتع بالتمرغ في الرثاء على نفسي.
- أوليس هذا صحيحاً.
أجفلت عندما صاح بها:
- لا ليس صحيحاً.... إعذريني إن قطعت عليكِ تمثيلك دور المحلل النفسي.... سوف أخبرك ما لم تخبرك به سها و ما لن يخبرك به أحد.
قالت بسخرية غاضبة:
- إعذرني لا أريد هذا الإمتياز.
- أنا لا أسألك.... بما أنك سمعت القصة فلزام عليكِ أن تسمعيها للنهاية قد تريني الجانب المضئ منها.... من يدري قد تنجحين في النهاية و تقنعيني بعدم وجوب التجهم.
إنه يسخر منها ... حسناً سوف تسمعه في النهاية و مهما كان ما سيقوله لا تعتقد أنه سيكون أكثر بشاعة من ما سمعته من سها، إجتاحت الظلمة عينيه و جلس مشيراً لها بأن تجلس فلم تعارضه:
- أعتقد أن سها أخبرتك ان سوسن إنتحرت.
- نعم كما أخبرتني أن والدتك أنتحرت و رأيي أنه ليس بالضرورة أن يكون للأمران صلة ببعضهما.... كما أنه لا يبرر كرهك العميق للنساء.
نظر لها بتساؤل فقالت له:
- نعم و لا تنكر ذلك.... أكاد أوقن أنه لولا قدمي و ذراعي المكسورتان لكنت القيت بي خارج منزلك من اللحظة الأولى هذا إن إستقبلتني من الأصل هذا بدون ذكر تجهمك الدائم و كأنك نسيت كيف يكون الإبتسام.
- و هل هناك ما يسدعي الإبتسام؟سالتيني لما التجهم؟ سأخبرك لما التجهم.... ما رأيك برؤية والدتي و هي تخون والدي رداً على إهماله لها... ما رأيك بموتها و هي بين يدي و مشاهدتي لوالدي يذوي من بعد موتها و كأنه يعاقب نفسه....
صاح هادراً:
- لا أعلم من ألوم منهما فهما الإثنان أجرما في حق بعضهما.... و ما رأيت بيعودة الأمل على يد زوجتي الجميلة التي تحولت مع مرور الوقت لنسخة من والدتي مع إختلاف أنني لم أميت نفسي حزناً عليها... كنت أشبه والدي في دفع زوجتي لقتل نفسها لكنني لم أتمادي لقتل نفسي من أجلها فهي لا تستحق... لا توجد إمرأة على وجه الأرض تستحق....
كان جسده يهتز بصورة كبيرة و قد هب واقفاً و كأنه لم يحتمل الجلوس أكثر من ذلك.... أمسكت بذراعه فوجدته يرتجف:
- إهدأ... إهدأ.
نظر إلى يدها الصغيرة التي تغطي يده .... حاول نفض يدها رافضاً المواساة التي تقدمها له... لا يريد حنانها... لا يريد الحنان من أحد فهو سم ذاقه مرتين... و كأنها قرأت أفكاره شدت على يديه:
- كفى... لا أريد سماع المزيد.
جلس واضعاً رأسه بين يديه سمعها تقول هامسة:
- أعتذر... أعتذر عن ما قلته من قبل... صمتت قليلاً ثم قالت:
- لكن بالرغم من كل هذا هناك سؤال يلح علي.... لماذا التجهم؟
عندما رفع رأسه لم يجدها.... داعبت إبتسامة شفتيه و هز رأسه بعدم تصديق..... يالها من فتاة بالرغم من شجارهما العظيم تصر على المزاح و تلقي هذا السؤال كأنها تشاكسة ممازحة.... إعترف على كره منه أنها على حق... فمع وجود فتاة مثلها في حياته لا حاجه للعبوس... فلماذا التجهم؟


يتبعــــــــ.........


قراءة ممتعة
__________________
  #14  
قديم 05-14-2012, 01:38 PM
 
من أجلك توقفت عن التجهم فهلاّ….

أطلقت إلهام لساقيها الريح و لم تتوقف إلا في غرفتها…. أغلقت الباب و إستندت إليه لاهثة أغمضت عينيها و هي تفكر غير مصدقة… ماذا دهاني لأمازحه بهذه الصورة؟… إعترفت لنفسها إنها لم تتحمل رؤيته في تلك الحالة لقد بدى لها إنسان متصدع فتحت عينيها عندما سمعت صوت سها المرح:
- إعذريني إن قطعت عليكِ تأملاتك و لكن هل لي أن أعرف ماذا حدث؟ إريد تقرير مفصل عن حجم الأضرار.
كانت تجلس القرفصاء على السرير و قد إنفرج وجهها عن إبتسامة تسلية…. إذن فأنا و أخيها نتقاتل و هي تستمتع… حسناً، جلست على السرير صامتة فهزتها سها:
- هيا تكلمي.
نظرت إلهام إلى السقف و تصنعت التفكير فصاحت سها:
-إلهااااااااااااااااااام
نظرت لها:
- سها… بعد التفكير لا أظن أنني سأخبرك شئ.
صاحت بخيبة أمل:
- لااااااااااااا.
- نعم… كما أنني لا أريدك أن تخبريني عن حياة أخيك بعد اليوم.
دخل يوسف:
- لا أظن أن هناك ما يحتاج إلى المعرفة… لقد عرفت كل أسراري… على الأقل السوداء منها.
نظرت له بإرتباك… متى دخل؟... قالت له مؤنبة:
- ألم نتفق أنه ما من ألوان للأسرار لا سوداء و لا بيضاء.
تدخلت سها:
- مرحى لك يا فتاة…. إنها المرة الأولى التي أرى فيها أحداً غير توحه يخاطب أخي كأنه ولد يحتاج للتعليم.
أمسكها يوسف من أذنها:
- ألم يحن الوقت لتكبري يا فتاة… توقفي عن إلقاء هذه التعليقات …. لن يطول الوقت قبل أن ترزقي بأطفال.
ضحكت سها ثم قالت و هي تتصنع الألم:
- أخي إترك أذني إنك تؤلمني… إتركني و أعدك أن لا أذكّر إلهام أنك نعتها بالكاذبة.
إبتسمت إلهام لمنظر يوسف الذي أحمر وجهه غضباً…تركها و هو يقول غاضباً:
- هل قلت لكِ من قبل أن لسانك يسبق عقلك؟
- العدييييييد من المرات.
- حسناً… الآن إذهبي لزوجك إنه يبحث عنك في الأسفل.
بعد أن خرجت صمت يوسف كأنه يبحث عن الكلمات تكلمت إلهام في محاولة منها لقطع الصمت الذي ملأ المكان توتر:
- هل جئت لتطلب مني شئ؟
- لا… بل جئت لأعتذر.
- تعتذر؟
- نعم…. لقد خاطبتك بطريقة غير لائقة و نعتك بــ…. لا يهم دعينا ننسى ما نعتك به.
ضحكت فنظر لها… يالها من ضحكة جميلة… ألم يخبرها أحد من قبل كم هي فتاكة تلك الضحكة الرقيقة، توقفت عن الضحك و نظرت له… لماذا يحدق بها بهذه الطريقة الشاردة؟ قالت:
- لابد أن كل من في المنزل سمع شجارنا لكن لا تقلق القسم الأخير منه… صمتت فسألها:
- و لما القلق؟
- بدى لي أن ما أخبرتني به من أسرارك السوداء.
قال مبتسماً:
- ألم نتفق أنه لا الوان للأسرار.
ابتسمت فقال لها:
- لقد تعلم التلميذ الدرس.
- و ياله من تلميذ ذكي…. اسمع سيد يوسف.
- عدنا لمسألة الرسميات.
أنبته:
- هل ستدعوني لمناداتك بإسمك الأول و بعدها تعود للسخرية مني.
نظر للأرض:
- و هذه أيضاً أعتذر عنها.
- حسناً يوسف… أنا ايضاً أعتذر على كل ما قلته كما أعتذر عن لعبي دور المحللة النفسية.
- لكن إعترفي أن الأمر راق لكِ.
ما هذا إنه يمازحها!!! حسناً سوف تجاريه:
- نعم راق لي قبل أن تبدأ بالصراخ في وجهي.
ابتسم ثم أستدار و إتجه إلى الباب توقف عندما نادته:
- نعم؟
- هل ستعود للتهجم مرة أخرى؟
- ماذا تقولين؟
- ما سمعت؟ هل ستعود للتجهم مرة أخرى؟ عندما تمشينا البارحة و تحدثنا بكل بساطة و عفوية و تمازحنا واجهتني اليوم بوجه متغصن كأن صاحبه يعاني مشاكل الكون و هانحن عدنا و تحدثنا معاً بكل بساطة هل سيكون علي أن أستعد غدا لدفع ثمن هذا المزاح.
نظر لها… يالها من فتاة!!! لا يعلم كم من المرات سيقول هذه الكلمة لم يجرؤ أحد أن يتحدث معه بهذه الطريقة من قبل حتى زوجتة الراحلة… و لم يستطع إلا أن يعترف كم راقه الأمر قال:
- لا تقلقي … لن أعود للتجهم.
سألته مؤكدة:
- و لا العبوس؟
هز رأسه:
- و لا العبوس؟
- هل أعتبر هذا وعد؟
- وعد.
عندما وصل إلى الباب وقف و قال لها بتساؤل ساخر:
- لم أكن اعرف أنني أكون قبيح لهذه الدرجة عندما أعبس!!
قالت توحه التي ظهرت أمام الغرفة:
- أيها الفتى الأحمق… بل إنك لا تعرف كم تبدو جميلاً عندما تبتسم أليس كذلك يا صغيرتي؟
نظر يوسف لإلهام التي إحمر وجهها فبدت كفتاة صغيرة مراهقة هز رأسه و كأنما ليتخلص من سحرها و خرج.
قال توحه:
- سوف أقدم العشاء بعد ساعة لا تتأخري.
جلست إلهام تفكر…. ياله من يوم لم تكن تتوقع كل هذه الأمور و ما أفضى لها به يوسف… أخرجت الورقة و القلم و بدأت بالكتابة لكنها عندما وصلت لخيانة والدته تجاوزتها لا يمكنها حتى كتابة مثل هذا الأمر بعد أن إنتهت من كتابة ما عرفته اليوم رمت بالقلم و الدفتر… لا إن ما أفعله غير صائب لا يمكنني أن أفعل هذا في أي شخص و خاصة يوسف… خاصة؟ فكرت لماذا هو بالأخص؟ جلست على السرير و قد إنتابتها حالة من عدم التصديق… ترى هل تكون وقعت في حبه؟… لا لا إنها حماقة إنها لا تحتاج إلى مثل هذا التعقيد إن مشاكلها أكبر من أن تغرم بذلك الكاتب المعروف الذي من المفترض أنها تعد عنه تقرير… هزت رأسها و نهرت نفسها إستيقظي يا فتاة إنكِ في الحياة الواقعية و لست في فيلم سينمائي، أمسكت بالقلم و الدفتر و قرأت أخر سطرين ثم زفرت…. لا لا لا لن أفعلها، وضعت أوراقها في ظرف كبير و ضعته في حقيبتها سوف تذهب به إلى شقتها ثم أخرجت هاتفها و إتصلت بعوني… كادت تجبن و تنهي المكالمة لكن ما أن سمعت صوته حتى قالت له:
- سيد عوني أريد أن أراكِ غداً.
سألها بسعادة:
- هل ستسلمينني المقال…
قاطعته قبل أن يسترسل في الكلام:
- لا... أريد أن أتحدث معك بشأنه.
- أي حديث هذا؟ لقد بدأ صبري ينفذ إنك تسكنين في منزله منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
قالت بصرامة:
- سيد عوني إنتظرني في المنتزة الثانية عشر ظهراً …. أمام صالة البولينغ.
- حسناً… و من الأفضل لكِ و لأختك أن تجلبي معك المقال أو أخبار عنه.
- سيد عوني لا تبدأ بالتهديد… مضطرة أن أنهي المكالمة الآن.
بعد أن اغلقت الخط إتصلت بإختها التي بادرتها بالسؤال و قد بان المرح في صوتها:
- كيف حال أختي الكبيرة التي تلعب دور الجواسيس؟
حاولت أن تدخل المرح على صوتها:
- بخير؟… و كيف حال أختي الصغيرة التي تجتذب المشاكل كالمغناطيس؟
- بخير و مواظبة على دراستها علّها تكفر عن خطيأتها.
قالت إلهام بإحباط:
- بمناسبة الحديث عن تلك الخطيئة…. صمتت فحثتها نشوى:
- هيا أختي أخبريني هل فشلت في معرفة شئ عن يوسف؟
قالت إلهام و قد زادت الكآبة في صوتها:
- بالعكس عرفت عنه معلومات سوف تعد سبق صحفي ضخم لكن…. عندما صمتت قالت نشوى بتفهم:
- لكنك لا تسطيعين فعلها… إنها تخالف مبادئك أن تنشري حياة مرء على الملأ خاصة لو كان يجهد في إخفائها.
دهشت إلهام من إدراك أختها فحاولت المزاح:
- ما هذا التعقل؟... لقد صدمتني.
ضحكت نشوى لكنها ما لبثت أن عادت إلى جديتها:
- أختي… دعينا من المزاح و أخبريني ما يقلقك... إن الأمر يتجاوز ذلك.
طالما كانتا مقربتان و كان كل منهما تستطيع قراءة أفكار الأخرى… قالت إلهام شاردة:
- في البداية إستقبلني في بيته على كره منه فلولا إصابتي لرماني خارجاً… حتى أنني فكرت أنه يستحق ما سأفعله … لقد كدت أكتب عنه أبشع الأشياء ناسبةً أياها له دون أن يرف لي جفن لكن بعد أن عرفته….
إسترسلت إلهام في الكلام عن يوسف فأوقفتها نشوى.:
- هااااااي…. هااااااي….. توقفي يا فتاتي الحالمة…. صمتت ثم قالت:
- لقد وقعت في حبه.
وبختها إلهام:
- توقفي عن السخافة.
- أختي الكبيرة ...لا إنها ليست سخافة إنك تحبينه…
قالت إلهام محذرة:
- نشوووووى…
أخذت تهتف ضاحكة:
- أنتِ تحبينه…. أنتِ تحبينه.
- كفي كفي.
- أختي عاشقة… اختي عاااااااشقة.
أخذت إلهام تضحك لكن ضحكاتها إنلقبت إلى نحيب صامت صمتت نشوى:
- إلهام.....إلهام حبيبتي هل تبكين؟
- لا… لا يا عزيزتي.
- بل تبكين… اسمعي إنسي أمر المقال و ليذهب عوني إلى الجحيم.
- نشوى لا تتفوهي بمثل هذا الكلام.
- و من يأبه لآداب الكلام الآن … اسمعي ما اقوله لكِ… ما الذي سيحدث؟ هل سينشر صوري؟ و إن يكن أنا لست نجمة سينمائية أو عارضة أزياء… إنني لست مشهورة لن يهتم أحد….
قاطعتها إلهام:
- سوف أقابله غداً لكنني لا أستطيع أن أدعه ينشر مثل هذه الصور لكِ يا نشوى… لا أستطيع.
- أختي….
قاطعتها إلهام عندما سمعت طرقاً على الباب:
- نشوى سوف أكلمك مرة أخرى هناك من يطرق الباب لابد أنها سها.... إنها لا تعرف إنني أكمل هاتف نقال.
- حسناً أرسلي لها تحياتي …. لقد راقت لي قبل أن أراها… و إسمعي ما قلتله لك أخبري سها و يوسف أنك ستقابلينني غداً و إسحقي رئيسك الحشرة…
- حسناً… حسناً إلى اللقاء.
وضعت الهاتف في الحقيبة و قالت:
- إدخل.
ما أن أطلت سها بوجهها البشوش حتى قالت لها إلهام و هي تشير إلى الهاتف بجوار السرير:
- لقد كنت أتحدث مع نشوى إنها ترسل لكِ تحياتها.
قالت سها بخيبة أمل:
- كم كنت أود أن أتحدث إليها.
- حسناً مرة أخرى إنها تمكث عند إسرة صديقة لها حتى أدبر شقة لنا... سها هل عندك مانع أن أقترض سيارتك سوف أذهب للقاء نشوى غداً.
حبست أنفاسها خشية أن تقترح سها أن ترافقها لكنها أطلقتها بإرتياح ما أن قالت لها:
- لا مانع نهائياً و بلغيها سلامي كنت أريد أن أراها لكن بما أنكما لم تريا بعضكما منذ فترة سوف أؤجل اللقاء للمرة القادمة.
على العشاء جلس الكل يتبادلون الحديث و الدعابات و تحدثت سها بسخرية عن شجار إلهام و يوسف و الذي أسمته بالعاصفة الهوجاء.... لاحظت يوسف أن إلهام لم تشارك أبداً بالحديث و لم تمس طعامها... منذ نزلت من غرفتها و هي شاردة كأنها في عالم آخر و عندما حاول أن يشركها في الحديث كانت تجيب بكلمات مختصرة لتعود إلى صمتها و...شرودها.
إنتقلوا إلى غرفة الجلوس يتناولوا الشاي ، نظر يوسف إلى إلهام و هو يقدم لها الشاي فوجدها على نفس الحالة حتى أنها كادت تسكب الشاي على نفسها فأسرع و رمى بالفنجان بعيداً عنها صرخت:
- ياإلهي... أنا آسفة.
نزعت المنديل الذي ربطت به شعرها و أسرعت تمسح يده:
- لابد أن الشاي آذاك... أنا... أنا آسفه.
نظر إلى رأسها المحنى على يده و شعرها الذي غطى وجهها...أوقفها:
- لا بأس لم يحدث شئ.
توجه إلى الباب:
- سوف أضع عليها بعض الماء البارد و أعود.
غسل يديه و وجهه بالماء البارد لكنه لم يستطع أن يخرج قلبه من صدره ليضعه تحت شلال المياه الباردة علّها تطفي من لهيبه... يا إلهي... عندما شدت المنديل من شعرها فإنتشر كالشلال حول وجهها ... شلال أسود شديد اللمعان يتناقض بشكل صارخ مع عينيها العسليتان اللتان أغرقهما الشرود... إنها ليست المرة الأولى التي يرى فيها شعر إمرأة لكن ما الذي شعر به.... وبخ نفسه... إنضج يا رجل؟ هل عدت للمراهقة؟ ، إنتشلته توحه من أفكاره:
- أيها الصبي هل ستظل ساهماً محدقاً في صنبور الماء كأنه حورية بحر... هل وقعت في غرامه إنه في مطبخك منذ سنوات لكن لم أرك تنظر له بمثل هذه اللهفة من قبل!!.
قال بإعتراض:
- تووووحه توقفي عن هذه السخرية و لو ليوم واحد و سوف أهديك عقد من الألماس.
قالت بمشاكسة:
- أنت تعلم أنني لا أستطيع فكما تحيا بالهواء أنا أحيا بسخريتي منك أيها الصبي.... هيا إذهب لقد بدأت سها بإحداث ضجة حول غيابك إنها تحاول جر إلهام للحديث بينما تبدو المسكينه تفضل الصمت... ما بها تلك الصغيرة اليوم؟
- لا أعلم.
- حسناً أسرع لأنها تظن أنها أصابت يدك بحرق من الدرجة الثانية....همهمت:
- إنها لا تعلم أن الحروق في قلبك و من الدرجة الثالثة.
- ماذا قلت؟
- لا شئ هيا إغرب عن وجهي أيها الصبي.
إنهمكت في تنظيف الأطباق فناداها:
- توحه.
ردت عليه دون أن تلتفت له:
- ممممم؟
- شكراً لكِ على طردك لي من مطبخي.
- أنت على الرحب و السعه.
- و أمر آخر.
قالت بنفاذ صبر و هي مشغولة بجلي الصحون:
- ماذا؟
- توقفي عن مناداتي بالصبي و كل هذا لمجرد أن تشعري نفسك بأنك أصغر سناً.
إلتفتت له لترشه بالماء فخرج راكضاً و هو يضحك...
لم تحتمل إلهام الجلوس و سماع نكات سها دون القدرة على سماعها أو التفاعل معها فلقائها مع عوني يشغل تفكيرها و يؤرقها إستأنت لتصعد إلى غرفتها و بعد إلحاح عميق تركتها سها كانت تخرج من غرفة الجلوس عندما خرج يوسف راكضاً من المطبخ و هو يضحك... كان ينظر إلى المطبخ لذلك لم ينتبه لها... لم تستطع أن تتلافى الإصطدام و فجأة وجدت نفسها بين ذراعيه، نظر يوسف إلى عينيها التي إتسعتا ذعراً وضع يديه على كتفيها ليثبتها لكنهما وقعا أرضاً... هبت واقفة:
- أنا... أنا آسفة.
إتجهت إلى السلم بسرعة البرق إلا أنه كان أسرع منها و قطع عليها الطريق:
- إلى أين؟
- إلى غرفتي.
- لكن الوقت مازال مبكراً... هل تشعرين بتوعك؟
- لا... لكن....
قاطعها:
- إذن تعالي و إجلسي معنا قليلاً... أعتذر عن هذا الصدام الرهيب لكن توحه كانت ترشني بالماء.
مرر يده على شعره الذي لاحظت أنه مبتل، إستغل أنهما بعيداً عن مسامع اخته و سألها:
- لما الشرود؟
- شرود؟
- نعم إنك شاردة طوال الليلة حتى أنك لم تتناولي عشائك... هل أفسد شجارنا شهيتك؟
هزت رأسها فسألها:
- إذن لماذا تبدين لي كأنك لست معنا؟
- لا شئ من هذا... هيا لنعود إلى الداخل.
عندما دخلا الغرفة قالت سها:
- حمداً لله أنك إستطعت إقناع الشاردة أن تعود لتجلس معنا...أهلاً بك وسط أهل الأرض.
كانت إلهام تتقدمه أسرع الخطى و أقترب منها هامساً من فوق كتفها:
- أرأيتِ أنني محق... حتى سها قالت أنك شاردة.
تحدثا عن أعمال محمد و الذي قال أنها شارفت على الإنتهاء و سوف يتعين عليه أن يعود هو و سها إلى بيتهما فأسرعت سها تغير الموضوع و تتحدث عن أعمال أخيها... كل هذا و إلهام صامتة.
وقف يوسف يصب الشاي لأخته ناولها فنجانها و هو يخاطب زوجها:
- زوجتك تشرب الشاي كأنه ماء حاول أن تقضي على هذه العادة قبل أن يولد أطفالكما يطالبان بالشاي بدلاً من الحليب.
ضحكت سها.... صب فنجان آخر لإلهام هذه المرة وضعه في يدها و لف أصابعه حول يدها كأنه يحكم قبضتها حوله قالت له:
- لا تقلق لن أوقعه عليك.
- و من قال إنني أقلق إنني أرحب بشايك علي .
جلس بجوارها قالت له ممازحة:
- و إذا أصيبت يدك بالحروق من سيكتب لك روايتك التالية.
- لدي مساعدة ماهرة... كما أنها ملهمة أيضاً قد أعرفك عليها يوماً ما.
ابتسمت و عادت لصمتها... كانت سعيدة بمحادثتهم الهادئة لقد تغير يوسف كثيراً أصبح سهل المعشر... أكثر إنفتاحاً لم تكن لتحلم بذلك يبدو أن إنفجارهما في بعضهما البعض كسر الكثير من الحواجر التي ما كانت لتسقط لو إستمرا على تعاملها الدمث الهادئ.... لكانت في قمة سعادتها بتحوله العجيب لكن تفكيرها بما يمكن أن يحمله لقاءها مع رئيسها يعكر صفوها ، راقبها يوسف... ها هي تعود إلى صمتها ...إستغل إنشغال اخته و زوجهما بالحديث عن الأطفال و همس لها:
- من أجلك توقفت عن التجهم فهلاّ توقفت عن الشرود من أجلي؟
إلتفتت له فإصطدمت عينيها بعينيه اللتان كانتا تتأملانها بتلك الطريقة العميقة التي صارت تألفها.... كادت تقول له... من أجلك أفعل أي شئ لكنها عضت لسانها ثم قالت و قد جاهدت لرسم إبتسامة مشرقة على وجهها:
- و هل تستطيع المساعدة الماهرة أن ترفض أي طلب؟

يتبعــــــــ.........






قراءة ممتعة
__________________
  #15  
قديم 05-14-2012, 01:50 PM
 
لا يمكنني تركك أبداً
ركنت إلهام السيارة أمام مطعم ماكدونالد... رأت عوني يقف أمام صالة البولينغ وقد بدى عليه نفاد الصبر، أخذت وقتها قبل أن تترجل من السيارة فلتدعه ينتظر فقد يفيده بعض القلق... ما أن رآها حتى تقدم نحوها مسرعاً و بدون مقدمات سألها:
- أين المقال؟
قالت بسخرية:
- أنا بخير و أنت كيف حالك سيد عوني؟
نظر لها بصمت ثم قال بسماجة:
- أعذريني يا عزيزتي إنها لهفة الصحفي... كيف حالك؟ ها؟ أخبريني هل جهزتِ المقال؟
قالت بغضب:
- هل سنظل نتحدث هنا؟ في الشارع؟
تنهد و قال:
- حسناً... هيا لنجلس في مقهى الصالة.
ما أن إستقرا على الطاولة حتى فتح فمه ليتحدث فقالت بسرعة:
- سيد عوني... لم أكتب شئ حتى الآن.
إحمر وجهه و قال بحدة:
- ماذا تقولين؟
بدأ الناس بالنظر إليهما فقالت هامسة بغضب:
- أخفض صوتك.
كرر بصوت هادئ و هو يكتم غضبه:
- ماذا تقولين؟ لم تكتبي شئ؟ أعذريني إن وجدت صعوبة في تصديقك.
قالت من بين أسنانها:
- لابد أنك تعرف مدى تكتم يو...السيد عيّاش... قاطعها:
- لكن ثلاثة أشهر ليست بالمدة القصيرة.
- نظراً لقدرته على إبقاء حياته الشخصية بعيداً عن تطفل الإعلام كل تلك السنوات لا أظن أن الثلاثة أشهر طويلة.
قال:
- إسمعيني يا فتاة... لقد رأيتك و أنتِ تنزلين من السيارة و لابد أنها له...
قالت بتسرع ندمت عليه:
- بل هي لأخته.
- اخته أيضاً... هذا ما أحاول أن أقوله لكِ ... لابد أنكِ شققتِ طريقك وسط عائلة عياش جيداً.
نظرت له و قد تفاقم إحساس الكره بداخلها تجاهه فوقفت:
- إعذرني سيد عوني سوف أذهب إلى الحمام.
غسلت وجهها بالماء البارد... لقد بدأت تشعر بصداع رهيب يكاد يشق رأسها... يبدو من تصميم عوني أنه لن يتنازل لو طلبت منه أن ينسى أمر المقال، تنهدت بقنوط و تساءلت ترى ماذا يمكن أن تفعل لتتفادي هذه الورطة؟
********************************
خرج يوسف من المطعم و صافح الناشر:
- حسناً سوف أبدأ الرواية من الغد.
- و لا تتأخر بها... إن إنتهاء روايتك السابقة في الموعد كان أشبه بالمعجزة.
- لا تقلق يا ياسر... من يدري قد أنتهي منها قبل الموعد.
- كم أتمنى ذلك... إلى اللقاء.
- إلى اللقاء.

ما أن إلتفت ليركب سيارته حتى وقعت عيناه على فتاة سوداء الشعر تقف أمام صالة الألعاب و ما أن إلتفتت حتى جحظت عيناه دهشة... إنها إلهام، كانت تقف مع رجل متوسط الطول يرتدي بدلة رمادية يتحدث معها بحدة وقف يحدق بهما حتى إختفيا عن نظره، قاوم دافع كان يحثه على أن يتبعهما و توجه إلى سيارته التي إستقلها متوجهاً إلى منزله و هو يفكر بهوية الرجل الذي كانت تقف معه... لقد قالت له سها أنها ستذهب لرؤية أختها فمن ذلك الرجل؟ تناول هاتفه و إتصل باخته:
- سها... أين إلهام؟
تناهى له صوتها الذي بدى أنه يخرج من فم باسم:
- إلهام؟ و لما السؤال أخي؟ هل إشتقت لها؟
قال مؤنباً:
- سها... هل لك أن تتوقفي عن مشاكساتك و تجيبي عن الأسئلة الموجهة لك مباشرة؟
- حسناً... حسناً يا نافذ الصبر... لقد أخبرك أنها ذهبت لمقابلة أختها.
- ألا تعلمين أين؟
- في المنتزه.

- حسناً إلى اللقاء.

- إنتظر...لكنني لم أفهم شئ.

- جيد... سلام.
أغلق الهاتف و قد تصاعد غضبه... إذن فحتى تلك الفتاة التي تشبه الملائكة تحمل بين طيات حياتها بعض الأكاذيب... لم يكن يعرف أن الأمر يمكن أن يصدمه بهذه القسوة.... هاله كم آلمه ذلك الأمر و لم يرق له.
*********************
نظرت إلهام في ساعتها لقد مضى على وجودها في الحمام ما يزيد عن الخمس دقائق... لقد توصلت إلى حل سوف تماطل عوني إلى أن تخبر يوسف بالأمر... حسناً إنها لا تملك إلا هذا المخرج... يجب أن تخبر يوسف.
رفع عوني نظر لها و هي تتجه إليه و إبتسامة عريضه مرتسمة على وجهه ما أن جلست حتى قال لها:
- حسناً سوف أصدقك هذه المرة لكن حاولي أن تنتهي من هذا العمل في أقرب فرصة.
وقف و قال:
- سوف أذهب الآن عندي إجتماع بعد نصف ساعة.... آراكِ لاحقاً أنسة إلهام.
للحظة إنتابتها الريبة لكنها عادت و نهرت نفسها... هل أصبحت أعاني من عقدة إضطهاد لقد مر الموقف و ها هي قد حصلت على المهلة التي ستستغلها في إخبار يوسف كل الحقيقة... تناولت حقيبتها من أسفل الطاولة و خرجت.... قررت الذهاب إلى منزلها لتترك حقيبتها هناك فهي لا تريد أن تحتفظ بتلك الأوراق التي تحتوي معلومات عن يوسف في منزله... أخذت هاتفها النقال و وضعته في حقيبة أخرى قبل أن تسرع بالخروج عائدة إلى منزل يوسف.
في طريقها إتصلت باختها و أخبرتها بما حدث فقالت لها:
- حسناً اختي أخبري يوسف بالأمر... هذا ما كان يجب أن تقومي به من البداية.
- لكنني أخشى ردة فعله يا نشوى.
- لكنها لن تكون شئ مقارنة بردة فعله لو نُشرت تلك الأشياء عنه... سوف تكونين خارج حياته و إلى الأبد.

خارج حياته و إلى الأبد؟ لا يمكنها أن تتخيل مثل هذا الأمر... حزمت أمرها و قالت لأختها:
- سوف أخبره اليوم.
- إذا جد شئ أخبريني فوراً.

- حسناً إلى اللقاء نشوى... و إنتبهي لدروسك جيداً.

ركنت السيارة و توجهت إلى غرفة الجلوس تبحث عن سها... أعطتها المفتاح:
- شكراً على إعارتي سيارتك.
- أنتِ على الرحب و السعة دوماً.... أخبريني كيف حال نشوى؟

- نشوى... آه نعم... إنها بخير لقد قالت لي إنها تتمنى أن تراكِ و أنها أحبتك قبل أن تقابلك.
إبتسمت سها:
- أنا أيضاً متشوقة لرؤيتها.
سألت إلهام:
- أين يوسف؟
- في غرفة المكتب منذ عاد من الخارج و هو يرغي و يزبد... لقد كان مزاجه جميل صباحاً لكنه عاد عكر المزاج... لقد كان مع الأستاذ ياسر.

- حسناً سوف أذهب و أرى ما الأمر.
- أمنياتي القلبية معك.
ضحكت إلهام:
- أيتها الشيطانة أراهن أنك تتمنين أن تسمعي صوت الشجار لكنني لن أعطيك أمنيتك.
تصنعت خيبة الأمل:
- يالها من خسارة... على كل حال ليس كل ما يتمناه المرء يجده.
طرقت إلهام باب الغرفة ما أن أتاها صوت يوسف حتى دخلت باسمة... سارعت تقول له:
- أريد أن أخبرك بشئ لكن أتمنى أن لا تغضب.
كانت تريد أن تنتهي من موضوع عوني و الصور و المقال بأسرع وقت...قال لها بغضب:
- هل يتعلق هذا الأمر بذلك الرجل الذي رأيتك معه اليوم.
كتمت شهقة كادت تفلت منها... لقد رآها مع عوني ، نظرت له كان الغضب يطفر من عينيه بينما بدت عظام وجهه بارزة بصورة تنذر بالشر قالت بارتباك:
- إنه... إنه رب عملي السابق.
رفع حاجبيه و سأل بسخرية:
- حقاً؟ و هل يجب أن أصدق كلامك الذي تعوزه الثقة؟
إنها يكذبها صاحت بغضب:
- أمر تصديقي من عدمه فهو شأنك الخاص لكنني لا أكذب.
فكرت إلهام أنها حقاً لا تكذب فعوني أصبح رب عملها (السابق) فهي لن تعود للعمل له و لو من أجل أموال العالم كلها.
تنهد يوسف و كأنما ليطرد غضبه... أغمض عينيه ثم فتحهما:
- أنا آسف...أعتذر عن إنفجاري.
قالت:
- لم يحدث شئ... لقد ذهبت لمقابلة نشوى و صدف أن رأيته فوقف يتحدث معي.
قال يوسف بغيظ:
- عندما رأيتكما كان يتحدث إليك بعنف ملوحاً بيديه... لقد كدت أن أذهب إليه لأدق عنقه.
إبتسمت إلهام بسعادة لم تستطع إخفاءها:
- لم أكن أعلم أن رب عملي الحالي يشكل حماية كبيرة هكذا.
بادلها الإبتسام:
- تأكدي من ذلك... كما أنه يطلب منك أن تستعدي للبداية في الرواية الجديدة.
شعر بالسعادة عندما رآى الحماسة تظهر على وجهها قبل أن تجلس إلى طاولتها و تقول بحماسة تشبه حماسة طفل حصل على أول هدية له:
- حسناً هيا لنبدأ.
ضحك تلك الضحكة التي توقف نبضات قلبها:
- ليس بهذه السرعة أيتها النشيطة.... سوف نبدأ غداً و الآن أخبريني ما الأمر الذي كنتِ تريدين التحدث معي بخصوصه.
قبل أن تتفوه بنصف كلمة أطلت توحه من الباب:
- هيا يا صغار إلى الغداء.
بعد أن خرجت توحه ضحك يوسف و عندما سألته إلهام عن سبب ضحكه قال:
- يمكنني أن أستوعب دعوتك بالصغيرة لكن أنا...
هز رأسه فضحكت:
- مهما مرت الأيام سوف تبدو صغيراً بالنسبة إلى توحه... بالإضافة إلى أنها تشعر بالإستمتاع و هي تدعوك بالصغير.
- في هذه معك حق... هيا بنا لنلحق بها قبل أن تأتي لتعاقبنا و بهذا نكون منحناها أفضل أنواع المتعة...
قالت و هي متجهة إلى الباب:
-لها الحق بممارسة سلطتها.
تبعها إلى الباب قائلاً:
- إن لي مساعدة ذكية.
*****************************
مر إسبوع على عملهما في الرواية و في كل مرة تحاول أن تخبره بالأمر يقاطعهما أحد...ودت أكثر من مرة أن تخنق سها على هجومها المستمر على غرفة المكتب....كانت إلهام سعيدة بالتقدم الذي طرأ على علاقتها مع يوسف التي تحول إلى شخص آخر... نعم كان ذات الشخص العنيد الفخور بنفسه لكنه أصبح أكثر إنفتاحاً، كانا يتشاركان النكات و لم تخل ساعات عملهما من الضحك و المزاح حتى أنه في بعض الأوقات كانت سها تدخل غرفة المكتب قائلاً ( أشركوني في مهرجان الضحك الذي تقيمانه) و كانا دوماً يجيبانها ( إنك قادرة على إقامة مهرجان وحدك)... إزداد تقاربها مع الأيام و هذا ما زاد من سعادتها و لكنها في الوقت نفسه كانت تشعر بخوفها يتفاقم مفكرة بردة فعل يوسف لو علم بما كانت تنوي أن تفعله....بعد عشرة أيام من لقائها بعوني و فشل محاولات عديدة في فتح الموضوع مع يوسف قررت أن تأخذ خطوة فعلية فلا مجال للمماطلة بعد أن إنتهيا من عملهما اليومي قالت له:
- يوسف سوف أحضر عصير و أخرج لأجلس في الحديقة... هل تشاركني؟
نظر لها صامتاً... لابد أنه يفكر في الأمر دعت الله أن يوافق... قالت تحثه:
- لقد خرجت سها من محمد و توحه مشغوله بإعداد العشاء... لقد إنتهينا من عمل اليوم... ما رأيك؟
هز رأسه:
- حسناً... إذهبي وضعي لنا كرسيان تحت الشجرة الكبيرة و أنا سوف أعد العصير و أحضره.
ابتسمت بإشراق:
- حسناً.
نظر لها و هي تركض إلى الخارج و وضع يده على قلبه هامساً:
- لقد سقطت.... لقد سقطت و إنتهي الأمر يا قلبي.
كانت إلهام غارقة في بحر أفكارها و هي تحاول إيجاد طريقة لتخبر يوسف بها عندما وصل حاملاً صينية عليها أبريق عصير و كوبين:
- إلى أين وصلتي بأفكارك...أخشى أن تفكري بكتابة الروايات و تنفصلي عني... سوف تشكلين منافسة قوية يجب أن لا أسمح لك بالإستسلام إلى أفكارك فقد تبدئين في نسج حكاية.
فكرت... و يالها من حكاية التي ستسمعها مني قالت بقوة:
- لا أعتقد أنه يمكنني تركك أبداً....
لم تنتبه لمدى الإخلاص الذي قالت به كلامها حتى رأته يتفرس بها بقوة فقالت:
- إلا إذا أضطررت.... على أي حال العمل معك هو المتعة بعينها.
بدأت بسكب العصير لتبدد الإرتباك الذي تشعر به إزاء تحديقه بها... ناولته كوبه ثم أخذت تشرب على مهل عصيرها قالت له:
- يوسف أريد أن أخبرك أمر.
قال لها:
- لقد لاحظت في الفترة الأخيرة أن هناك أمر ملح تريدين الحديث عنه لكن في كل مرة يؤجل لسبب ما هل تراه يكون نفس الأمر؟
- نعم إنني...
صمتت عندما خرجت توحه راكضة:
- يوسف... يوسف إنه الأستاذ ياسر على الهاتف... لقد بدى لي مذعوراً و طلب الحديث معك بسرعة.
ركض يوسف و إلهام في أعقابه... تناول السماعة:
- ما الأمر يا ياسر؟... ماذا تقول؟.... يا إلهي سوف آتي حالاً.
أغلق السماعة فتعلقت إلهام بذراعه:
- ما الأمر؟
- لقد إحترق مكتبي.

سألته:
- أي مكتب؟
نظر لها باستغراب و كأن السؤال أدهشه ثم قال بسرعة:
- مكتبي الذي كنت أزاول فيه عملي... لقد كان المكان يحتوي على الكثير من الأوراق المهمة أدعو الله أن يستطيعوا إخماد النار قبل أن تنتهي كلها.
قالت له:
- هل مازالت النار....
قاطعها:
- ياسر يقول أن رجال الإطفائيه في الطريق.
تناول مفاتيحه و خرج مسرعاً... ركضت و تشبثت بذراعه بلهفة:
- إعتني بنفسك و كن حذراً.
نظر لها بحنو ثم ربت على يديها الممسكة بكمه:
- لا تقلقي.... أنا لست بتهور أبطال قصصي.
إبتسمت لمزحته:
- أحمد الله على ذلك.
تركته فأسرع بإتجاه سيارته... صاحت في أعقابه:
- إتصل بي ما ان يحدث شئ جديد.
- حسناً... أراكِ قريباً يا ملاكي.

حبست أنفاسها....ملاكي؟ ترى هل قال هذه الكلمة أم أنها من صنع خيالها... إلتفتت إلى توحه التي أكدت إبتسامتها الأمر، همهمت توحه و هي تتوجه إلى المطبخ:
- لقد وقع الصغير... لقد وقع الصغير.
ما أن وصلت سها حتى أخبرتها إلهام بما حدث و سألتها:
- أي مكتب هذا؟ لم أجد الوقت لأستفسر عن الامر من يوسف.
قالت سها:
- لم يكن يوسف يعمل في المنزل أبداً لذلك تريني أتذمر كثيراً من غيابه في غرفة المكتب... لقد كان يعمل في مكتبه... إنه مكتب كبيرا لا بأس به... كانت له سكرتيرة و العديد من المساعدين لجمع ما حيتاجه من معلومات ليستخدمها في كتاباته....هناك تعرف على سوسن عندما تقدمت للعمل كسكرتيرة له و بعد ثلاث سنوات تزوجا... لكن بعد موتها لم يعد يعمل به أبداً لقد أغلقه و بإستثناء ذهابه لإحضار بعض الأوراق من حين إلى آخر لم يكن يذهب.
فسرت سها شرود إلهام على أنه خيبة أمل فقالت:
- لا تظني أن ذلك حزاً منه على سوسن... أعتقد أنه لم يشأ الذهاب إلى هناك لأنه لا يريد أن يتذكرها بتاتاً.
بعد ساعة تلقت إلهام التي كانت تجلس مع سها بجوار الهاتف بقلق إتصال من يوسف:
- لقد سيطرت الإطفائية على الأمر... بإستثناء بعض الأثاث المتفحم لم تُمس أوراقي بسوء سوف أجلبها كلها معي و هذا ما سيوفر لنا الكثير من العمل.
- و أنا مستعدة له سيدي.







قراءة ممتعة

__________________
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية الشفق / twilight ستيفاني ماير ، مكتملة Wu Yi Fan روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة 93 05-06-2016 02:24 PM
رواية قطرة وراء قطرة تكوّن بركة من الدماء "مكتملة " ورديــہ ♥ روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة 43 06-22-2015 01:00 AM
خطوات عمل ميلك شيك الكريز2013 , ميلك شيك الكريز روعه بالصور 2013 ملاك الرومنسيه أطباق شهية 1 09-02-2012 01:39 AM
خطوات عمل ميلك شيك بالفراولة والموز2013 , طريقة اعداد ميلك شيك بالفراولة 2013 ملاك الرومنسيه أطباق شهية 1 09-02-2012 01:36 AM
من أجلك يا فلسطين..من أجلك يا بلدي عاشقة فلسطين أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 6 04-23-2007 09:37 PM


الساعة الآن 08:10 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011