07-23-2012, 03:58 AM
|
|
أسفة على التأخير
الجزء التاسع ...
وهناك على ذالك الجسر الطويل وبينما سايا تقترب منه ،، تلمح جون واقفاً فوق السور عالياً على حافته ،، وينظر للأسفل إلى أمواج ذالك النهر بعينية البائستين بينما تلك الرياح تدغدغ خديه اللذان صارا حمراوين من البرد ، ثم يتنفس الهواء بعمقٍ بأنفه الأحمر الصغير الذي يبدو وكأنه أنف أرنب خائف ،،وخصلات شعره تتطاير بشكل متبعثر بفعل تلك النسمات الهادئة ،،
فتركض سايا مسرعتاً نحوه بخوف ٍ وتصرخ
سايا (بصوت عالٍ وخائف) : جون ....لا ..... جون لا تفعل ذالك .... جون إنزل من هناك ........ توقف يا جون ..... ليس هذا هو الحل الوحيد ....توقف .... توقف ..
ثم يلتفت جون لها باستغراب و يقفز على أرض الجسر ثم يقف معتدلاً وينظر لها بنظرة بريئة قد إمتزجت بها مشاعر البؤس والحزن ،، فنظرت له سايا بتعجب .
جون : هل ظننتي أني أحاول الإنتحار بالقفز في النهر ؟؟؟
سايا : إذا ً ما الذي كنت تحاول فعله ؟؟؟؟
جون (وهو يلتفت لسور الجسر) : كنت فقط أجرب الوقوف على حافة الموت ...
ثم يقترب من سور الجسر ويضع قدميه عليه ويتشبث به ويضع ذقنه عليه و هو يراقب السماء السوداء ،، فتقترب سايا منه وتراقب السماء معه ،، ويطبق الهدوء على المكان فيجتاح صوت جون الطفولي البائس ذالك الهدوء العارم وهو يقول : هل ذهبتي إلى منزلي ؟؟؟
سايا : نعم ....
ثم تمرَ لحظات صمت طويلة بينهما وهما يراقبان السماء السوداء المرصعة بالنجوم الصغيرة بهدوء
فيسقط نجم من السماء ... فيرفع جون إصبعه الصغير مشيراً إليه
ثم يقول : ذالك النجم الذي يسقط من السماء يبدو تماما مثلي ....
وحيداً...
مليئاً بالندم ...
يطلب المغفرة دائماً ...
لكن ... لا أحد يسمعه .... لا أحد يسمعه أبداً ...
لقد إخترق صوته السماء .....ولا يزال غير مسموع ...
فصمتت سايا للحظات ثم قالت : أتعلم أنه هناك في تلك السماء السوداء ... نجوم صغيرة تبرق بشدة ....
فما بالك بالقلوب اليائسة ......؟؟؟
لابد أنه ...هناك أحلام صغيرة تلمع بشدة ... لتحول ذالك القلب من قلب يائس إلى قلب نقي ينبض بالأمل والسعادة ...
فينظر جون لها بنظرات غريبة وكأنه يصرخ في قلبه الصغير طالباً المساعدة .
سايا : سأحكي لك قصة عن طفلة صغيرة ...
طفلة قد تخلت عنها والدتها في ميتم فعاشت فيه إلى أن كبرت ...
لكنها لم تستسلم للحزن ولا لمرة واحدة .. ولم تترك اليأس يستولي على قلبها ..
بل كانت تبتسم ...
تبتسم أينما ذهبت ... تبتسم لكل من تقابله ..
وعاشت حياتها وهي تنشر البسمة في قلوب البشر وتجعلهم يبتسمون لتنتشر السعادة في هذا العالم الواسع...
وكانت في كل مرة تبتسم فيها تشعر بالسعادة تغمر قلبها ...
كانت تبتسم في أصعب الأوقات وحتى حينما تبكي ...لتجعل الألم الذي في قلبها يختفي ..
فتنساه للأبد وتعود لتبتسم و تعيش حياتها بسعادة مرة أخرى ..
ولم تنسى أبداً آخر كلمة قالتها لها أمها قبل أن تتركها وتذهب ..
إبتسمي دائماً يا سايا ...فإنكي إذا ابتسمتي ...فلن تكوني قادرةً على تصنع السعادة .
إلتفت جون لها عندما سمع آخر جملة من حكايتها ،، ونظر لها بنظرة متفاجئةٍ ،، فالتفتت سايا له ثم قالت : نعم ....هذا صحيح .....تلك الفتاة في الحكاية ....هي هذه الآنسة التي تقف أمامك لآن .
فهبت نسمات باردة اجتاح صوتها ذالك الهدوء الذي سكن المكان و ظل جون ينظر لها وهي تنظر له ،، ثم أدارت وجهها بعد ذالك وعادت لتنظر للسماء وهو ما يزال يحدق بها .
جون(بصوته الطفوليَ البائس) : لو استطعت إعادة الزمن إلى الوراء لما طلبت منها أن تسامحني ...
فنظرت سايا له بإستغراب وعيناها تطلبان حلولاً لهذه الألغاز الكثيرة التي تخرج من ذالك الطفل الصغير .
وأكمل كلامه قائلا :
لم أقصد أن أحرق المنزل .... كنت فقط أحاول المساعدة ...
كنت فقط أريد منها أن تسامحني لأنني ضربت أخي الأصغر...فدخلت المطبخ لأساعدها على إعداد العشاء لتسامحني على ما فعلت ...لكنني في الحقيقة لم أكن أساعدها في شيء ...
دخلت المطبخ فلم تكن هي هناك وكان القدر يغلي على الموقد ...
و أردت فقط أن أنزل القدر فاندلق على قدمي الماء الساخن وسقطت المنشفة على الموقد ..
فرأيت شعلة صغيرة تخرج منه لتتحول إلى نار كبيرة وبعد لحظات تحولت تلك النار إلى جحيم ...
حاولت الزحف والخروج من المطبخ لأخبرهم ... لكنني خرجت بعد أن فات الأوان ..وكان الوقت قد تأخر على تحذيرهم ...
فبعد أن خرجت كانت النيران قد أكلت كل شيء ...و الدخان الكثيف يملئ المكان ..
وسقطت على الأرض في الصالة حيث رأيت الجحيم بأم عيني ،، وسمعت صوت بكاء أخي الصغير يجتاح أرجاء المنزل ... ورأيتها قادمةً تركض نحوي بهلع وتقول لي بخوف : جون ....جون أخرج من هنا بسرعة يا جون ......أخرج قبل أن يفوت الأوان ......سأحضر أخاك الصغير وسأتبعك ....هيا إذهب.
وتوجهت إلى الطابق الثاني واختفت بين ألسنت تلك النيران المخيفة ،،لكنها لم تكن تعلم أنني لا أستطع النهوض من مكاني ...لم تعلم أنني لم أستطع الخروج من ذالك المكان المخيف ....
و بدأت النيران تقترب مني من كل الإتجاهات محاولتاً أكلي بألسنتها الحارقة ...
ولكن ...وقبل أن تأكلني ... إلتفت حولي يدين قويتين حملتني إلى خارج ذالك الجحيم
ونظر لي آخر نظرة قبل أن يذهب وقال لي : إبق هنا يا جون ...سأذهب لأخرج أمك وأخوك الصغير وسأعود ...لا تدخل.. أتسمعني ؟؟ لا تدخل ..سأعود.. أعدك بذالك .
وتركني وذهب ولم يفي بوعده لي ...
لم يعد أبداً .... لا هو ولا أمي ولا أخي الصغير ...
وبقيت وحيداً خارج ذالك الجحيم ....حيث تركت وحيداً إلى الأبد ...
......في تلك الليلة... رأيت نجماً يسقط من السماء ..
وتمنيت لو كنت مثله ...
يسقط من السماء ولا يبقى له وجود فيها ...كما لو أنه لم يكن موجوداً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
فجثت سايا على ركبتيها لتكون على مستوى جون و نظرت له بحزن ونسمات الليل المظلم تلفح وجهها ..
فنزل هو من على السور ونظر لها ووجهه قريب من وجهها ،،فوضعت سايا يديها على كتفيه الضئيلتين .
وقالت : لماذا لا تبكي ؟؟؟ لماذا لا تجعل دموعك البائسة تخرج قبل أن تميت هذا الجسد الصغير ؟؟؟
جون(بحزن) : دموعي ؟؟؟!!!!
دموعي تخرج حين ينام الناس في الظلام حيث لا أحد يراها ..
أنفاسي تكاد تتوقف في بعض الأحيان ..
أتنفس اليأس .......أعيش اليأس
حياتي كلها يأس...
جسدي يحاول الخروج لكن قلبي لا يستطيع ......إنه غارق في بحار اليأس ..
لقد حاولت مراراً وتكراراً وفي كل الأوقات ...ولكن لم أستطع الخروج .
ثم رفع يده الصغيرة ووضعها على صدره وقال :
يظل قلبي يؤلمني ...
... أشعر.. أن الموت البطيء يلتصق بي ويحكم قبضته علي ...
أني أكره نفسي ..
أكره نفسي لأنني قتلتهم ...
ثم يصمت للحظات ويقول :
أتمنى ..........لو أعيش كطفل سعيد .....ولو ليوم واحد .
يوم واحد فقط ...
فخرجت دموع حزينة من عيني سايا وتزحلقت ببطئ على خدها بعد أن سمعت ذالك الكلام الاذع الذي خرج من ذالك الطفل البائس ،، فحدق جون إلى تلك الدموع بعينيه البريئتين المبتلتين ،، ورفع يده الصغيرة ووضعها على خدها ليلامس أصبعه الصغير تلك الدموع ، ليتأكد ما إذا كانت تلك الدموع دموع حقيقية أم لا .
جون : لماذا ................ لماذا تبكين ؟؟
سايا : أنا أيظاً لا أعلم لماذا ...
جون(بعينين مبتلتين) : في حياتي كلها .......لم يبكي أحد من أجلي .
و نزلت دمعة من عينيه البريئتين راسمةً خطا طويلاً على خده ....
خطاً طويلاً قد حفر في ذاكرة سايا ...
خطاً خرج معه ألم ذالك الطفل البريء وحزنه ..
سايا (ودموعها ما تزال على خديها) : لم تكن أنت المذنب .........لم يكن الذنب ذنبك
هناك في هذا العالم ... شيء يدعى القدر ....هو الذي تسبب بهذا كله ....
لم تكن أنت المسؤول عن هذا كله أبداً ....
أنت بريء من هذا كله ...... أنت حر ...
حر الآن ....
و بكى جون و إبتل وجهه الصغير بالدموع ،، بكى بحرقة وبشكل مؤلم ،، بكى كثيراً وبصوت عالٍ ، كطفل خرج لتوه من بطن أمه ،، بكى حتى سمعته السماء والرياح والأشجار والطيور وأمواج النهر والسحاب والشوارع الخالية والمزدحمة ،، و اجتاح بكائه المكان كله ...
فضمته سايا لحضنها بقوة حيث بكى طويلاً وبلا توقف ...
هل أعجبكم الجزء ؟؟؟
هل هو محزن ؟؟؟
و ما الذي سيحدث ؟؟؟
أنتظروني ... |
__________________ صرخت صديقتي في لحظة عتاب بحرقة : " أكرهك " . فهمت أنها تُحبني جداً و أنها لذلك عاتبتني بشدة و قد صح حدسي فقد اعتذرت مني حين هدأت و أخبرتني بأنها لم تعني ما قالته.
تفهمتها جيداً و قدرت خوفها علي رغم أنه أرعبني . ما شعرت بشيء حينها لكن و حين أدرت ظهري عائدة شعرت بحرقة في صدري و تلألأت الرؤية أمامي ، أيضا شعرت بقطرة باردة تدحرجت على خدي !!! كم كانت موجعة .
.. "أميرةالانمي": . |