07-16-2012, 09:17 PM
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم الجزء السابع عاشر ( 1 ) بعض أيات من سورة الأنبياء مبدأ اليقظة والوعي لما يدور من حولنا. وعدم الغفلة والإستغراق في اللهو واللعب. اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ – 1 مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ – 2 لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ - 3 قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ - 4 هذا تعجب من حالة الناس، وأنه لا ينجع فيهم تذكير، ولا يرعون إلى نذير، وأنهم قد قرب حسابهم ، ومجازاتهم على أعمالهم الصالحة والطالحة ، والحال أنهم في غفلة معرضون ، أي: غفلة عما خلقوا له ، وإعراض عما زجروا به. كأنهم للدنيا خلقوا، وللتمتع بها ولدوا، فالدنيا مرحلة نمر بها كما ممرنا بمراحل قبل نزولنا إليها ... وأن الله تعالى لا يزال يجدد لهم التذكير والوعظ، ولا يزالون في غفلتهم وإعراضهم، ولهذا قال: ﴿ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ﴾ يذكرهم ما ينفعهم ويحثهم عليه وما يضرهم، ويرهبهم منه ﴿ إِلا اسْتَمَعُوهُ ﴾ سماعا، تقوم عليهم به الحجة، ﴿ وَهُمْ يَلْعَبُونَ – 2 لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ﴾ أي: قلوبهم غافلة معرضة لاهية بمطالبها الدنيوية ، فترى إنسان لديه مال كثير ولديه شركات ومصانع ويعمل لديه مئات العمال , ومع ذلك لا يعطي لنفسه وقتا ليتقرب فيه إلى الله تعالى , هموم الدنيا تلاحقه , فلا ينام إلا بواسطة منوم , ولا يستيقظ إلا بمنبه , هذا في جانب الإشتغال بإمور مهمهة وهي العمل , فما بالنا بمن منهمك بنفس الطريقة ولكن في اللعب , أو اللهو المحرم .. إن العمل الجاد مطلب شرعي وكذلك القيام ببعض الترفيه مطلوب والرياضة مطلوبة ولكن على الإنسان أن يدرك أن العمل جزء من حياته وليس كل حياته وكذلك الترفيه جزء من الحياة وليس كل الحياة وكذلك الرياضة جزء من الحياة وليس كل الحياة .. إذا حدث توازن لحياة الإنسان أقبل بقلبه على أمر الله ونهيه، وفقه المراد منه، وتسعى جوارحه، في عبادة ربه، التي خلقوا لأجلها، ويجعل القيامة والحساب والجزاء في وعيه دائما ، فبذلك يتم للإنسانية أمرهم، وتستقيم أحوالهم، وفي معنى قوله: ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ ﴾ قولان: أحدهما أن هذه الأمة هي آخر الأمم، ورسولها آخر الرسل، وعلى أمته تقوم الساعة، فقد قرب الحساب منها بالنسبة لما قبلها من الأمم، لقوله صلى الله عليه وسلم " بعثت أنا والساعة كهاتين " وقرن بين إصبعيه، السبابة والتي تليها. والقول الثاني: أن المراد بقرب الحساب الموت، وأن من مات، قامت قيامته، ودخل في دار الجزاء على الأعمال، وأن هذا تعجب من كل غافل معرض، لا يدري متى يفجأه الموت، صباحا أو مساء، فهذه حالة الناس كلهم، إلا من أدركته العناية الربانية، فاستعد للموت وما بعده. ثم ذكر ما يتناجى به الكافرون الظالمون على وجه العناد، ومقابلة الحق بالباطل، وأنهم تناجوا، وتواطأوا فيما بينهم، أن يقولوا في الرسول صلى الله عليه وسلم، إنه بشر مثلكم، فما الذي فضله عليكم، وخصه من بينكم، وقولوا: ﴿ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾ هذا وهم يعلمون أنه رسول الله حقا بما شاهدوا من الآيات الباهرة ما لم يشاهد غيرهم، ولكن حملهم على ذلك الشقاء والظلم والعناد، والله تعالى قد أحاط علما بما تناجوا به، وسيجازيهم عليه، ولهذا قال: ﴿ قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ ﴾ أي: الخفي والجلي ﴿ فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ ﴾ أي: في جميع ما احتوت عليه أقطارهما ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ ﴾ لسائر الأصوات، باختلاف اللغات، على تفنن الحاجات ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ بما في الضمائر، وأكنته السرائر. ******* ونمضي مع سورة الأنبياء وثمرة الإصلاح فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ – 94 ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ ﴾ أي: الأعمال التي تفيد البشر في كل مجالات حياتهم ﴿ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾ بالله وبرسله وشريعته ، وما جاءوا به ﴿ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ ﴾ أي: لا نضيع سعيه ولا نبطله، بل نضاعفه له أضعافا كثيرة. ﴿ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴾ أي: مثبتون له في اللوح المحفوظ، وفي الصحف التي مع الحفظة. أي: ومن لم يعمل من الصالحات، أو عملها وهو ليس بمؤمن، فإنه محروم، خاسر في دينه، ودنياه. فالإصلاح في الارض يؤدي إلى التمكين عليها والسيادة في الدنيا.. ويؤدي إلى ميراث الأرض في الآخرة .. وهذا قانون وسنن الله تعالى.. جاءت في جميع الرسالات.. قال تعالى: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ -105 إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ - 106 والعبادة هنا بمعناها الشامل , فإن أفعال الإنسان كلها تصبح عبادة إذا ابتغي به مرضات الله تعالى ... , فالطبيب في عيادته عابدا لله , والعامل في مصنعه عابدا لله , والمهندس في مكتبه أو موقعه عابدا لله , والمحامي مدافعا عن المظلوم عابدا لله , والتاجر في متجره عابدا لله , وتأتي الفرائض التي فرضها الله علينا لتدعم الصله بين العبد وربه مباشرة , فالمؤمن يقف بين يدي الله تعالى خمس مرات يوميا يجدد العهد بالالتزام بما أمر الله والنهي عن المحرمات , " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " , وهكذا بقية الفرائض... وبهذا يتحقق الوعي المطلوب والفهم لرسالة الإسلام. إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ - 106 ********
<b>بسم الله الرحمن الرحيم الجزء السابع عاشر ( 2 ) بعض أيات من سورة الأنبياء مبدأ الرحمة وقد تأكد هذا المبدأ كثيرا في القرآن العظيم والأحاديث الصحيحة. فالمقصد لرسالة الإسلام هي الرحمة للعالمين. قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ -107 فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو الرحمة المهداة للعالمين، فالمؤمنون به، قبلوا هذه الرحمة، وشكروها، وقاموا بها، وغيرهم كفرها، وبدلوا نعمة الله كفرا، وأبوا رحمة الله ونعمته . وفي الحديث الشريف, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة . الراوي: أبو صالح المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 490 خلاصة حكم المحدث: حسن أو صحيح وقال تعالى في سورة ال عمران: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ - 159 أي: برحمة الله لك ولأصحابك، منَّ الله عليك أن ألنت لهم جانبك، وخفضت لهم جناحك، وترققت عليهم، وحسنت لهم خلقك، فاجتمعوا عليك وأحبوك، وامتثلوا أمرك. ﴿ ولو كنت فظا ﴾ أي: سيئ الخلق ﴿ غليظ القلب ﴾ أي: قاسيه، ﴿ لانفضوا من حولك ﴾ لأن هذا ينفرهم. فالأخلاق الحسنة تجذب الناس إلى دين الله ، وترغبهم فيه ، مع ما لصاحبه من المدح والثواب الخاص ، والأخلاق السيئة تنفر الناس عن الدين ، وتبغضهم إليه ، مع ما لصاحبها من الذم والعقاب الخاص. أليس من أوجب الواجبات، وأهم المهمات ، الاقتداء بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومعاملة الناس بما كان يعاملهم به ، من اللين وحسن الخلق والتأليف، امتثالا لأمر الله، وجذبا لعباد الله لدين الله ؟. ثم أمره الله تعالى بأن يعفو عنهم ما صدر منهم من التقصير في حقه صلى الله عليه وسلم، ويستغفر لهم في التقصير في حق الله، فيجمع بين العفو والإحسان. ﴿ وشاورهم في الأمر ﴾ أي: الأمور التي تحتاج إلى استشارة ونظر وفكر، فإن في الاستشارة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية ما لا يمكن حصره: منها: أن المشاورة من العبادات المتقرب بها إلى الله. ومنها: أن فيها تسميحا لخواطرهم، وإزالة لما يصير في القلوب عند الحوادث، فإن من له الأمر على الناس - إذا جمع أهل الرأي: والفضل وشاورهم في حادثة من الحوادث - اطمأنت نفوسهم وأحبوه، وعلموا أنه ليس بمستبد عليهم ، وإنما ينظر إلى المصلحة الكلية العامة للجميع ، فبذلوا جهدهم ومقدورهم في طاعته ، لعلمهم بسعيه في مصالح العموم، بخلاف من ليس كذلك، فإنهم لا يكادون يحبونه محبة صادقة ، ولا يطيعونه وإن أطاعوه فطاعة غير تامة. ومنها: أن في الاستشارة تنور الأفكار، بسبب إعمالها فيما وضعت له، فصار في ذلك زيادة للعقول. ومنها: ما تنتجه الاستشارة من الرأي: المصيب، فإن المشاور لا يكاد يخطئ في فعله ، وإن أخطأ أو لم يتم له مطلوب، فليس بملوم، فإذا كان الله تعالى يقول لرسوله - صلى الله عليه وسلم- وهو أكمل الناس عقلا، وأغزرهم علما، وأفضلهم رأيا-: ﴿ وشاورهم في الأمر ﴾ فكيف بغيره؟! ثم قال تعالى: ﴿ فإذا عزمت ﴾ أي: على أمر من الأمور بعد الاستشارة فيه، إن كان يحتاج إلى استشارة ﴿ فتوكل على الله ﴾ أي: اعتمد على حول الله وقوته ، متبرئا من حولك وقوتك ، ﴿ إن الله يحب المتوكلين ﴾ عليه، اللاجئين إليه. ****** ومن مظاهر الرحمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته أنه حريص على هديهم يحب لهم الخير. قال تعالى في سورة التوبة: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ – 128 فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ – 129 يمتن الله تعالى على عباده بما بعث فيهم رسوله صلى الله عليه وسلم الذي من أنفسهم، يعرفون حاله، ويتمكنون من الأخذ عنه، ولا يأنفون عن الانقياد له، وهو صلى الله عليه وسلم في غاية النصح لهم، والسعي في مصالحهم. ﴿ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾ أي: يشق عليه الأمر الذي يشق عليكم ويعنتكم. ﴿ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ ﴾ فيحب لكم الخير، ويسعى جهده في إيصاله إليكم، ويحرص على هدايتكم إلى الإيمان، ويكره لكم الشر. ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ أي: شديد الرأفة والرحمة بهم، أرحم بهم من والديهم. أين هذه الرحمة وما يشاع اليوم من أن الإسلام دين عنف ؟ وماذا نفعل لإناس صموا أذانهم عن سماع الحق واكتفوا بما تردده شياطين الإنس عن دين الإسلام . فإن حقيقة الإسلام تأخذ من مصادره وليس ممن يحاولون تشويهه بتصرفاتهم المنافية للإسلام.. فالإسلام جاء بالرحمة لجميع البشر... ورد في الحديث الشريف: إن لله مائة رحمة . فمنها رحمة بها يتراحم الخلق بينهم . وتسعة وتسعون ليوم القيامة . الراوي: سلمان الفارسي المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2753 خلاصة حكم المحدث: صحيح وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يرحم الناس لا يرحمه الله الراوي: جرير بن عبدالله البجلي المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 1922 خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح وروى البخاري واقعة تدل على مدى الرحمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : تقبلون الصبيان ؟ فما نقبلهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة ) . الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5998 خلاصة حكم المحدث: [صحيح] قيل : يا رسول الله ! ادع على المشركين . قال " إني لم أبعث لعانا . وإنما بعثت رحمة " . الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2599 خلاصة حكم المحدث: صحيح ****** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى </b>
__________________ لٱ ٱلۂ ٱلٱ ٱللۂ عدُدُ مٱ كٱنٌ وِ عدُدُ مٱ يّكوِنٌ عدُ ٱلحًركٱتُ وِ ٱلسًكوِنٌ
ٱلحًمدُ للۂ على كل حًٱل ٱللۂمٌ رضٱك وِ ٱلجَنٌة ٱسًتُغّفُر ٱللۂ ٱلعظٌيّم سًبّحًٱنٌ ٱللۂ وِ بّحًمدُۂ سًبّحًٱنٌ ٱللۂ ٱلعظٌيّم ٱللۂم يّسًر ليّ وِ للمؤمنٌيّنٌ كل ماًَ فيهً خٍيٍرُ |