يمنع وضع روابط لمواقع اخرى لؤلؤة بالقران


القاهرة 25 يوليو 2012 الساعة 12:43 م


مابين الحلم والواقع مسافات ومسافات لايستطيع عليها بساط الريح

ما بين ألف ليلة وليلة ...ملايين الحكايات تقطعها شهر زاد عندما تصمت عن الكلام المباح.

وبينى وبين الحلم وألف ليلة و بلاد فارس مسافات وحكايات لاحصر لها ، لكنها تقف دائما عند اعتاب شهر زاد وغالبا تسكت عن الكلام المباح .
الإسبوع الماضى خرجت شهر زاد من كتب الحكايات وليالى ألف ليلة الأسطورية لتصحبنى معها إلى بلاد فارس فى رحلة حلمت بها كثيرا ، وجاءت كالبرق غير المتوقع ،البداية أخبرنى الصديق والزميل طارق السنوطى باختيارى مع مجموعة من الكتاب والصحفيين لزيارة إيران بدعوة من الخارجية الإيرانية ، سألنى عن رأى ومدى موافقتى فى السفر خلال إسبوع ، رحبت قائلا : هى رحلة تأخرت كثيرا ، لأننى من المؤمنين بأن مثلث القاهرة طهران أنقرة يمكن أن يكون حجر الزاوية الحقيقى لشرق أوسط جديد لضرب المشروع الصهيونى المشبوه .
البداية مع طائرة تابعة لخطوط شركة الاتحاد الإمارتية ، يعنى الغربة ومرحلة الفطام بدأت مبكرا من مطار القاهرة بعيدا عن حضن " مصر للطيران "، وتتوالى البدايات مع مضيفات خواجات من عينة جميلات الإعلانات ، وأخريات جئن خصيصا لتغيير صورتنا الذهنية عن بنات جنوب وشرق أسيا القصيرات النحيفات ذو السحنة الصفراء ، باختصار جئن ينافسن على عرش الجمال مع حوريات أوربا وروسيا اللائى يتطايرن كالفراشات بين الركاب !!

مابين الحلم والواقع مسافات ومسافات لايستطيع عليها بساط الريح

الطائرة نموذج مصغر من الأمم المتحدة ، كل الجنسيات واللغات متواجدة ،من الركاب إلى طاقم الطائرة ، مفردات الإنجليزية والعربية تحلق مع لغات شرق وجنوب أسيا فى سماء الطائرة وهى تغادر سماء القاهرة إلى أبو ظبى المرحلة الأولى للوصول إلى طهران عاصمة بلاد الفرس ، وهى إشارة موحية وموجعة لانقطاع العلاقات بين مصر وإيران منذ عام 1979، كلفتنا هذه القطيعة نحو 12 ساعة مابين الطيران والانتظار والترانزيت و كانت ستختصر إلى نحو 4 ساعات لو كانت العلاقات تسمح لمصر للطيران والخطوط الإيرانية بالتحليق المباشر بين البلدين ، وجاءت المفاجأة الأخرى أن العملة المصرية لاوجود لها فى شركات الصرافة والبنوك الإيرانية ،
قلت معقولة الطيران والشيكل الإسرائيلى حلال فى قاهرة المعز والطيران والريال والتومان الإيرانى حرام فيها ،
قلت معقولة فى إيران الدولار الأمريكى هو السيد رغم العداء الأمريكى المنتشر فى كل مكان ، ودرهم الإمارات وطيرانها ( أكثر من 100 رحلة شهريا ) هنا محل ترحيب رغم احتلال إيران الجزر الإمارتية الثلاثة وتأكيد طهران احقيتها طبقا لحكم محكمة العدل الدولية 1970.
قلت معقولة عملات دول الخليخ وفى مقدمتها الريال السعودى يتم التعامل بها رغم مايقال عن التوتر الدفين والظاهر بينهم .
قلت معقولة مصر والمصريين محل ترحيب وحب واحترام فى إيران لكن عملتهم حرام .!!
تنهدت بكل ذلك وأنا أخرج من حافظتى بعض الريالات السعودية كنت احتفظ بها من بقايا رحلة الحج لتنقذنى فى البداية وتخرجنى من المأزق المؤقت بعدما تعطلت فى جيبى الجنيهات المصرية وأصيبت بحالة من الغيبوبة الفجائية ، حتى منحها بعض الأصدقاء فى الرحلة قبلة الحياة بتغييرها إلى دولارات ويضعونها فى جيوبهم لتعود لها الحياة مرة أخرى فى القاهرة بعد غيبوبة دامت نحو 7 أيام .
قلت هذه أول حكاية من حكايات ألف ليلة وأول عجيبة بين أكبر دولتين إسلاميتين ، فرقت بينهما السياسة وأبناء العم سام .
المهم وصلنا إلى مطارأبو ظبى ولم اندهش فى المطار فقد كفانا والحمد لله مطار القاهرة الجديد رغم مايقال عنه شر الدهشة ، لكن المطار القديم عندنا له شأن أخر .
ما بين ألف ليلة وليلة ...ملايين الحكايات تقطعها شهر زاد عندما تصمت عن الكلام المباح.
لكن الحداثة هنا تجعلنى اتفائل واتوجه بالدعاء للسماء أن تنتقل إلى داخلنا كعرب ، وتترجم إلى سلوك لنا ، أفقت على صوت لهجات ولغات هندية وباكستانية ... الخ من عمال وموظفين هنا وهناك جعلتنى أبحث عن أشخاص ينتمون للإمارات ، لكن المفاجأة كانت أننى أبحث عن إبرة فى كوم قش.
قضينا اكثر من 5 ساعات نتجول مابين السوق الحرة والكافيهات و التجول بين مواقع الإنترنت والفيس بوك الذى كان يعاندنا ويتمنع علينا فى الظهور على استحياء ، ولم نكن نعلم أننا سنبدأ بالفعل بعد ساعات رحلة طلاق مع الفيس بوك الذى فشلنا فى طلب يده طوال وجودنا فى إيران ، بالإضافة إلى صعوبة فى الإتصال التليفونى مع القاهرة طبعا لينضما إلى القائمة المحرمة من طيران وعملات بين البلدين .
وبدأت مرحلة أخرى فى اللعب فى الساعة البيولوجية ، تقدمت ألة الزمن ساعتين بين القاهرة وأبو ظبى وستزيد بعد 3 ساعات عقب وصولنا لطهران ليكون الفارق ساعتين ونصف لتشكل فى البداية مشكلة للدرجة التى جعلتنا كل لحظة نقول الساعة هنا كذا يعنى فى القاهرة كذا مثل العملة بالضبط .
ورغم شعورالغربة الذى جاء معى من القاهرة إلى مطار أبو ظبى لكنها غربة العربى المنتقل من بلد أى أخر ، لكن الغربة الكبرى خلعت قلبى عندما وضعت قدمى فى الطائرة مرة أخرى متجها إلى طهران
ورغم أن النوم لايعرف طريقه إلى جفونى فى السفر أو فى المواصلات ، فما بالك بالطائرة ، لم أشعر بنفسى وقد نمت مستغرقا من التعب ، وفعل مثلى الكثير حولى ، لكن سرعان ما تيقظت لأننى لست من أهل الخبرة فى هذا الدرب من النوم فى الطائرات ، أنظر حولى الكثير نائم لم ينقذنى سوى الشاشة التليفويونية أمامى ، وضعت السماعة فى أذنى وبدأت رحلة البحث لأجد من ينقذنى أقصد فيلم البوسطجى ، وهو من الأفلام المهمة فى السينما المصرية ، تمتعت بالقصة العبقرية ليحيى حقى والحوار المدهش لأديبنا الكبير صبرى موسى.
أعادنى صلاح منصور وشكرى سرحان إلى مصر من فوق سماء الخليج العربى كما نسميه ، ويصرّ الإيرانيون على تسميته بالخليج الفارسى ، بدد النجمان مع يحيى حقى وصبرى موسى رياح الغربة حتى وصلنا وفككنا الأحزمة لنهبط إلى عاصمة بلاد الفرس ، حيث يذوب الحلم مع الوقع ، وكان نزولنا إلى مطار طهران مع شقشقة وبدء ميلاد صباح جديد ،
لمست قدماى الأرض وطهران تفرك عيناها ، وتتمطع لكنها لاتتثائب ، وبدت كالبدر ، يزداد بهائها كلما ازداد انتشار ضوء الصباح .
وبدأت الغربة تسحب أذيالها عندما وجدنا الأستاذين الموسوى وأبو الحسين من الحكومة الإيرانية فى انتظارنا بباقة من الورود البيضاء والحمراء والزنبق لم تذبل أو تخفت رائحتها من حولنا حتى عدنا إلى مصر

وللحديث بقية......