ثم قلت بصوت مسموع:أين أنا؟ ماهذا المكان؟
فجأة فتح الباب، و ظهر تاماكي(أخ تاكومي التوأم)، و الفتاة التي رأيتها يوم أمس في مطار امريكا، و ماساتو و قد بدت على وجه ملامح الاسف. .
احسست بأن دقات قلبي تسارعت لدرجة كبيرة عندما رأيت تاماكي، بما انه قد ظهر، فهذا ليس بالامر الجيد. .
إبتلعت ريقي بصعوبة، و قلت لهم بقلق:م-ماذا يحدث هنا؟ أين أنا ؟و لماذا احضرتوني إلى هنا؟
تاماكي بسخرية:لا تستعجلي و تستبقي الاحداث، في البداية. .
ثم اكمل:ماساتو، حررها من الحبال.
إقترب ماساتو مني، و وقف خلفي و قطع الحبال بسكين صغيرة، فقمت على رجلي سألته نفس الاسئلة مرة اخرى، فقال لي و هو مكتف يديه:أنت في امريكا، و سوف تواصلين مهنتك كمغنية هنا-
قاطعته و قلت له بصوت مرتجف:هذه المزحة ليست مضحكة بتاتاً. .
ثم قلت له بتردد:سوف تلاحظ الفرقة غيابي، و سوف يأتون هنا للإنقاذي بالتأكيد. .!
تاماكي:لكنك قلت بأنك "لا تريدينهم".
توسعت عيني، و قلت له :أنا لم اقل شيئاً كهذا!
عندها رمق تاماكي الفتاة التي رأيتها في المطار بنظرة، فخلعت النظارة الشمسية الكبيرة، و ظهرت عيناها اللتان تشبهان الاحجار الكريمة في لمعانها، و نزعت القبعة ليظهر شعرها الاشقر بكامل حلته، كان طويلاً و مصففاً بتسريحة جديلتان طويلتان، مع انها تبدو في عمري إلا أن هذه التسريحة تعتبر طفولية بالنسبة لمراهقة. .
فجأة تكلمت الفتاة و قالت:اسمي هو يوكي، خطيبة تاكومي السابقة.
إسمها يوكي، عمرها الآن واحد و عشرون سنة، لكنها قصيرة و تحسبينها في صفوف الثانوي، و هي ايضاً ممثلة أصوات.
فجأة تذكرت الحديث بيني و بين تاكومي عن خطيبته السابقة! لكن لم اتوقع أن التقيها الآن!
لحظة! هل يمكن. .
ثم قلت لها بصوت مسموع:أنت صاحبة الرسالة، أليس كذلك؟
كتفت يديها و إبتسمت، ثم قالت:أرى بأنك دقيقة ملاحظة، لكن كيف عرفت بأنني أنا من ارسل الرسالة حال ما رأيتي شكلي الحقيقي بدون التنكر؟
قلت لها:اتذكر بأن بعد التحقيق عن قضية إحتراق الملحق، وجدوا خصلات شعر شقراء مثل لون شعرك بالضبط! و بالتالي أنت من حرق ملحقي في ذلك اليوم!
إقتربت مني بعدها، و أخذت تلعب بشعري و تلفه على إصبعها، و هي تقول:في الحقيقة أنا كنت أنوي حرقك، للإعتقادي بأنك سوف تكونين في الملحق ريثما ينتهي تاكومي من غنائه، لكنني تفاجأت عندما لم اجدك هناك، فأخمدت الحريق قبل إندلاعه للخارج و يكشف امري.
ثم قالت:آه! و بشأن انك تظنين بأن الفرقة سوف يأتون لإنقاذك. .
بعدها اخذت تصدر أصواتاً غريبة، و كأنها سوف تغير صوتها، فجأة اصبح صوتها يشبه صوتي بالضبط، و قالت:أنا آسفة، لكني قررت أن اذهب و أواصل مهنتي كمغنية في امريكا، سوف انسحب من الفرقة، لقد كرهتكم بعد أن فعلتم بي كل هذه الاشياء. .
ثم توقفت، بعدها قالت و قد رجع صوتها إلى حالته الطبيعية:هذا الكلام كله دخل في مسامع الفرقة، و موكا إبنة خالتك هي من سمعتهم هذا، فلقد سجلنا صوتك الذي انا اقلده في مسجل و جعلنا الفرقة تسمع كل ما قلته الآن، و هم الآن ينظنون بأنك لا تريدينهم. .
ثم اكملت بإستهزاء:آه~ هل تريدين أن تسمعي التكملة-
لم اجعها تكمل كلامها، فقد صفعتها على خدها و الدموع في مقلتي، فتراجعت للوراء و قد غظت خدها الذي إحمر شيئاً فشيئاً بيدها، نظرت لي بتعجب، تلاه غضب جامح، فإنقضت علي و امسكتني من رقبتي، و دفعتني على الارض، كانت تريد أن تخنقني!
لكن ماساتو ابعدها عني و هو يقول:آنسة يوكي، ارجوك إهدئي.
بعدما خمدت نيران الحقد، عندها اخذت نفساً عميقا و تراجعت للوراء، بينما أنا إلتقطت انفاسي التي كادت ان تنقطع، و قلت لهم بما تبقى لي من أنفاس:ل-لماذا تفعلون بي هكذا. .؟؟
تاماكي:يمكنك أن تقولي بأن لكل شخص اسبابه ..
ثم اكمل:أنا اكره أخي، بينما هو يحبك، فإذا ابعدتك عنه سوف يعاني أكثر و أكثر، مع انني لا أملك أي حقد بإتجاهك.
قلت له:لماذا؟ لماذا تكره؟ إنه شقيقك، و شقيقك التوأم ايضاً.
ظل تاماكي صامتاً. .
ثم قلت في نفسي:اتذكر بان تاكومي قال لي بأنك كنت تغار منه، للأنه قد اصبح خطيب الفتاة التي تحبها.
يوكي:أنا أغار منك، فأنا كنت خطيبة تاكومي، لكنه قد ألغا الخطبة للأنه كان يكرهني. .
ثم اقتربت مني و امسكت بذقني بعنف و قالت:بينما أنت تأتين و بكل سهولة و تخطفينه مني-
قاطعتها و قلت لها:و هل تتوقعين أن يحبك إن فعلت هذا بي؟
توسعت عينها و ظلت صامتة بعدها، ثم قلت لها:لقد ألغا الخطبة قبل أن يلتقي بي، ببساطة انه لم يكن يعرفني، و ببساطة اكثر حتى لو لم يعرفني سوف يظل يكرهك.
كانت سوف تقول شيئاً، لكنني واصلت كلامي و قلت لها:بجانب انك لا تحبينه، بل معجبة به. .
تاماكي:و كيف يكون هذا؟
فقلت لهم:ببساطة، لو اعجبت بوردة سوف تقطفها، لكن لو احببتها سوف تظل تسقيها كل يوم.
تاماكي بإبتسامة:لم اتوقع بأنك فصيحة اللسان.
إبتسمت من طرف فمي، بينما يوكي دفعتني على الارض، و من ثم انصرفت، فتبعها الجميع من تاماكي و ماساتو، و اغلقوا الباب ثم قفلوه. .
ظللت مستلقية على الارض لفترة، ثم قمت للأبحث عن حقيبتي لكني لم اجدها، كان لدي امل في أن اجد هاتفي المحمول ايضاً لكن لم اجده، فأخذت اجوب في الشقة و انا ابحث عن شئ للإتصال! وجدت غرفة النوم الفاخرة و المتكاملة بكل اجزائها، ففتحت الخزانة و رأيتها مليئة بالثياب، عندما ذهبت لغرفة اخرى رأيتها تشبه صالون التجميل! فخرجت منها على الفور، حتى انني ذهبت للحمام فخرجت منه فوراً، إنتهى بي المطاف في الصالة الضخمة، فألقيت بنفسي على الكرسي ووضعت يدي على عيني، و قلت بضجر:على الاقل أنا لا اسكن في مكب القمامة. .
فجأة قمت عندما احسست بشئ سال على خدي، و قلت و أنا امسحها:هل أنا ابكي؟
ثم غطيت وجهي بأكمله و أنا أقول في نفسي:ماذا سأفعل الآن؟ بالجانب بأن الفرقة تظن بأنني تعمدت تركها و لا تعلم بأنني مخطوفة، و ليس لدي أقارب سوى موكا التي هي شريكة في هذا. .
تذكرت! النافذة! سوف اخرج من النافذة! ثم قمت على رجلي و توجهت للنافذة، الحمدلله بأنها لم تكن مقفلة! عندما اخرجت رأسي للخارج إنصدمت، ثم سمعت صوت ماساتو يقول:شقتك في الطابق العاشر، لذا لا تتعب نفسك و تحاولي القفز، أم تفضلين الموت؟
إلتفت له فوجدته يحمل صينية عليها فنجانان من الشاي، و قد كانت فناجين الشاي من النوع الياباني التقليدي، حيث يكون الفنجان مصنوع من الخزف.
ماساتو:هل تبكين؟
لم ارد عليه، فوضع الصينية على الطاولة، و اخرج منديل من جيبه و مسح دموعي! لكنني ابعدت يده عني و قلت له بحدة:ماذا تريد؟
عندها نظر للأرض و قال:أريد التحدث معك.
بعدما جلسنا، تناولت كوب شاي و اخذت اشربه بهدوء، بينما بدأ ماساتو الحديث و هو يقول:أنت تعلمين بأنك سوف تعملين مغنـ-
قاطعته و قلت:نعم، اعلم.
ثم اكملت في نفسي:هذا يفسر في ذلك اليوم عندما رأيت نفسي على احد المباني في امريكا، لقد كانوا يخططون إلى هذا الموضوع منذ زمن، لكن مالذي جعلهم واثقون لهذه الدرجة بأنهم سوف ينجحون ؟
ماساتو:لقد امرني السيد تاكومي في أن اضل معك من داخل الشقة، لكي أراقبك.
ثم اكمل:و الشقة محاطة بالحراس من الخارج ايضاً.
إنتهيت من شرب الشاي ووضعته على الطاولة، ثم لذت بالصمت، فقال ماساتو:الآنسة موكا سوف تكتب لك الالحان.
أنكست رأسي للأسفل، و بالتالي تسللت نسائم الربيع للغرفة فحركت الستائر، عندما رفعت رأسي لماساتو كانت مقلتي قد ملئت بالدموع، ثم قلت لماساتو بإنزعاج و غضب:لا تذكر اسم "موكا" امامي مرة اخرى!
عندها لاذ ماساتو بالصمت، ثم امسكت قلبي و قلت له:و أنا من ظن بأنها إبنة خالتي، لا! بل كانت اختي، مافعلته بي هو بمثابة الطعن من الظهر!
ثم اكملت و قلت بعفوية:لكن، لماذا فعلت هذا بي؟ هل فعلت لها شيئاً؟
فقال ماساتو:السيد ماساتو و الآنسة يوكي كانا يخططان لهذه الخطة منذ زمن، فجمعوا جميع المعلومات عنك، ماضيك، كيف اصبحت مشهورة، من انت، اصلك و فصلك، و الاشخاص الذين إلتقتيهم منذ إلتقائك بالفرقة إلى هذا اليوم. .
ثم اكمل:لكن هذه الاشياء لم تنفعهم في شئ، فقد وجدوا في نهاية المطاف بأنك مجرد فتاة مراهقة عادية، قلت لهم هذا منذ البداية لكنهم لم يصدقوني. .
قلت له و قد إرتجفت شفاهي من البكاء:هل تعني بأنك تعرفني منذ زمن؟
هز رأسه موافقة، ثم تابع كلامه:عندما لم يستفيدوا من المعلومات التي جمعوها، توجهوا إلى إبنة خالتك، و اغروها بمبلغ ضخم من المال إذا فعلت ما فعلته الآن، ووافقت.
عندها مسحت دموعي و قلت له:هل تسمح لي بأن اسألك سؤالاً. .
ثم اكملت:لماذا تتبع تاماكي؟ أنت لست خادماً، و قد سمعت من تاكومي بأنك إبن عمه، أليس كذلك؟
ماساتو:إذن أنت تعرفين كيف كان ماضي و كيف قتلت زوجة أبي؟
فهززت رأسي موافقة، ثم قال ماساتو:هددني تاماكي بأنه سوف يخبر الشرطة عني إن لم افعل ما يريده، و قد قال لي ايضا بأن الذي يقتل مرة يستطيع أن يقتل ألف مرة، قتلت الكثير من الاشخاص الذين وقفوا في طريق تاكومي، فأصبح القتل عندي سهل مثل شرب الماء.
ثم قلت له :لكن، لماذا قتلت سايتو،هيميا و ماريا؟
فأجابني:كانت الانسة يوكي تكرهك كثيراً، مع ان السيد تاماكي ليس لديه سبب ليكرهك و يريد تعذيبك، لكنه يعشق الانسة يوكي، فإنصاع للأمرها، فامرني في أن اقتل-
قاطعته و قلت له:لا تكمل!
فصمت ماساتو و شد على قبضته، ثم قلت له بلهفة:هل يمكنك أن تساعدني على الهرب من هنا؟
فهز رأسه نافياً، ثم قلت له :لماذا؟ لا احد سيعرف!
ماساتو:ربما كان كلامك صحيحاً، بأن لا احد سوف يعرف، لكن السيد تاماكي سوف يعرف بالتأكيد. .
ثم اكمل:السيد تاماكي من النوع العبقري، أو يمكنك أن تقولي بأنه داهية، و لو لم يكن داهية لما استطاع خطفك. .
فسألته:ماذا تقصد؟
ماساتو:ما اقصده هو انه لعب على جميع الاطراف بحيث لا تفشل خطته، فقد استعمل الانسة يوكي التي تستطيع تغيير صوتها، و جعلها تأخذ صوتك بحيث تسجله في شريط و توهم الفرقة بأنك لا تريدينهم، و لعب بعقل إبنة خالتك و جعلها تستغلك و تخدعك، و الآن سوف يجعلك مغنية في امريكا، مع قطع جميع وسائل الاتصال و حبسك في هذه الشقة.
ظللت فترة صامتة و محتارة:لماذا تقول لي هذا الكلام؟ لماذا تنفشي أسرار سيدك؟
إبتسم ماساتو من طرف فمه و قال:أنا فقط كنت أريد توضيح الامور لك، لكنني مهما اخبرتك لم ينفع. .
ثم اكمل:للأنني أنا نفسي لم أسبح مرة في بحر السيد تاماكي.
ثم تابع كلامه:إختصار كلامي كله، بأنهم سوف يضربون عصفوران بحجر واحد، فإنهم سوف يحققون إنتقامهم من ناحية، و سوف يجنون المال من شهرتك من ناحية اخرى.
شعرت بالقشعريرة فجأة، و حاولت الهروب من هذه المحادثة، فإنتصبت على رجلي و قلت و الدموع تملأ مقلتي، لكنني حاولت حبسها قدر الامكان، و قلت:أ-أنا سوف أخذ حماماً. .
فهز ماساتو رأسه بخفة، و من ثم توجهت للحمام و أغلقت الباب خلفي بسرعة، و اسندت ظهري على الباب و سالت الدموع على خدي، كانت هذه أكثر دموع ذات مرارة تسقط من عيني، هذه ثاني مرة في حياتي، و المرة الاولى كانت عندما فقدت أمي، فدموع الفراق أكثر الدموع ألم و مرارة. .
أخذت شفتاي و جسمي يرتعشان، و ظللت أصدر اصواتاً تصدر عندما يشتد الانسان في البكاء، فوضع يدي على فمي لكي لا يسمعني ماساتو في الخارج، حبست الالم داخلي. .
. . .
خلعت ملابسي، و ملأت الحوض بالماء الساخن، و من ثم دخلت فيه، كنت أسمع صوت الماء في الحوض، ضممت ركبتي لصدري و أدخلت رأسي داخل حضني، فكرت للحظة في الانتحار، لكنني تراجعت عن الفكرة بسبب الخوف. .
اتساءل كيف حال الفرقة الآن؟ هل صدقوا ذلك الشريط المسجل و كلام موكا؟ أم كذبوه؟ و كيف ردة فعلهم من انسحابي من الفرقة؟ و كيف سينتهي الامر بي في بلاد غربة؟ هل سأعود لهم؟ أم سأظل هنا؟ و هل حقاً سوف أواصل مهنتي هنا بدونهم؟ لقد كانوا هم بداية حلمي، مع انني بدأت المشوار بدون تاكومي في البداية، إلا انني كنت في تلك اللحظة احس بأن هناك شئ ليس في مكانه، بعدما تعافى تاكومي، رجع لي الامل، كانت تلك أجمل لحظات حياتي عندما اجتمعنا كلنا. .
ظللت في الحوض بدون حراك، أسمع فقد صوت الماء و هو يرتطم بجسدي، اطرب صداه اذني بهدوئه و بهائه، تبعتها دمعة سقطت في الحوض وو شكلت موجات صغيرة إرتدت على جدار الحوض و رجعت ذهاباً و إياباً، كان المكان هادئ لدرجة كبيرة، لكن كسر حاجز الصمت صوت ماساتو و هو خلف الباب:ميو، هل أنت بخير؟ فأنا لا اسمع صوت ماء أو اي شئ!
قلت في نفسي:هذه أول مرة يناديني فيها بأسمي. .
إنتصبت على رجلي، و قلت له بتوتر:لا! كنت سوف أخرج لتوي.
عندها لم اسمع صوته، فخرجت من الحوض و ارتديت ملابس النوم داخل الحمام، كانت عبارة عن ثوب طويل و ذو أكمام ،و قد شقته خيوط سوداء، في منتصفها خطوط بيضاء. .
وقفت بجانب المرآة و أخذت أنزل شعري الذي كان مرفوعاً للأعلى، فجأة! احسست بألم في قدمي، لم يكن ألماً داخلياً، بل كان في الخارج! عندما نظرت لحافة المرآة رأيتها مكسورة، بعدها تحول نظري لقدمي الذي انغرست فيها قطعة حادة من المرآة ،بينما الدماء اخذت تثور و تندمج مع الماء الذي في الحمام لتواصل رحلتها داخل المجاري. .!!
استجمعت ما عندي من قوة و فتحت الباب بعدها سقطت على السجادة الحمراء، لم ارى ماساتو في أي مكان. .
. .تاكويا. .
----------------------------------