مرحبا جميعا اعزائي،اردت ان اضع في هذا البارت قصة ليون و مايا و ايدوارد و فصلها عن القصة قليلا،و هذا البارت بعنوان
سراب..لا غير


..اوشكت الشمس على الاختباء في الافق خجلا من حسن الليل و قمره البديع،تلالئت وريقات اشجار التوت البراقة تحت ذلك الوهج الاحمر الاخاذ،و من اشجار الحديقة الجميلة،ظهر شاب يبدو في عامه الخامس عشر،بشعر اشقر داعبته نسائم الهواء و بعثرته مما زاد ملامحه الهادئة جاذبية،كان يسير بهدوء واضعا يديه داخل جيوب بنطاله الاسود الذي هو جزء من الزي المدرسي الرسمي الغير مرتب،فربطة عنقه مفتوحة و ياقة قميصه مرتبة بعشواية،كانت عيناه العسليتان الحادتان المذهلتان مصوبتان الى الفراغ،و عقله شاردا فيعالم اخر،الا ان صوتا قاطع شروده بنبرة مرحة
-ايها المعقد،انتظرني!!
استدار ببرود و انزعاج ليجد شابا وسيما بمثل عمره بشعر اسود و عينان سوداوتان رائعتان،يبدو على وجهه المرح و كثرة الكلام،ليقول الشاب بنفس النبرة
-مساء الخير،ليون المعقد!!
-لست كذلك،كفاك ثرثرة ادوارد
قال ليون مشيحا و هو ينظر الى الجهة الاخرى حتى يخفي ملامح الخجل التي اعتلت وجهه،ابتسم ادوارد بمكر و قال
-بل كذلك،ات صديقي و اعرفك،ثم لماذا تكره الفتيات لهذا الحد،رغم انهن رائعات جدا!!
-هذا لانك منحرف
-و انت معقد!
-منحرف!
-معقد!
-منحرف!
_معقد!
-قلت انت منحرف!
-وانا قلت انك معقد جدا!
-ابتعد عني ايها المنحرف
-مغفل و معقد
اخذا يتجادلان كالاطفال،الا ان صوتا انثويا رقيقا و جميلا قاطع نزاعهما
-معه حق،انت معقد!
استدار ليون و ادوارد ليتفاجئا بما راياه،اهذه ملاك ام فتاة؟!لقد انت حقا فاتنة جدا،كان شعرها اشقر ناعما يصل الى اسفل ظهرها حرا تداعبه نسائم الربيع،و عيناها زرقاوتان واسعتان جذابتان،لقد كانت جميلة لدرجة ان جمالها غطى جمال زهور الربيع الرائعة،و جمال الشمس اللامعة ،فقد جعلت ليون الذي يمقت الفتيات ينذهل و يبقى محد،قا بها،اذن ماذا حدث لايدوارد!
-اسفة على التدخل،لكن صديقك المنحرف على حق،انت معقد!
شعر ليون بالخجل لكنه حاول اخفاؤه و قال ببرود
-ليس مهما،من انت؟
لقد كانت غريبة جدا،ثيابها،نظراتها المرحة،نبرة صوتها،كل شيئ فيها غريب،كانت تضع سماعات موسيقى في اذنها،و تمص مصاصة حلوى كانها طفلة صغيرة!اما ثيابها،اغرب ما راه ليون في حياته،تضج بالالوان و الزهور و الفراشات الملونة الزاهية،كانت ترتدي تنورة قصيرة الى نصف فخذها،و جوارب طويلة مخططة بكل الالوان الجميلة،و قميصا مليئا بالزهور الملونة ،و كذا كانت تضع زهرة صغيرة زرقاء في شعرها،مما زادها جمالا و رونقا..قالت بصوت مرح و هي تؤدي التحية العسكرية
-اسمي مايا سيدي القائد المحترم!
ثم اتبعتها بضحكة عذبة جميلة،
-انسة مايا..انا..انت..جم.جميلة جدا
قال ادوارد متعلثما،اقتربت مايا منه و قالت بمرح
-حقا؟!شكرا لك ..اه،ما اسمك؟
-ادوارد..اسمي ادوارد
-اسم جميل ادي،و ماذا عنك انت؟
قالت موجهة كلامها الى ليون،صمت لبرهة ليقول ببرود
-ليون
- ما اجمل اسمك!لكن لقب المعقد سيكون افضل!
بدت علامات الغضب على وجه ليون،وقال
-يا لك من مزعجة
و ذهب من هناك دون اي كلمة،ابتسمت مايا و قالت
-يا لك من غريب الاطوار يا ليون،ثم قالت ملوحة بيدها لادوارد
-علي الذهاب الان،اراك غدا ادوارد!
لتذهب من هناك بمرح..
مرت الايام و الشهور ،بل و قد مرت سنتان على ذلك اليوم،و مايا لا تزال بصف ادوارد و ليون،و تتعمد ازعاج ليون بحجة انه يبد،و وسيما عندما يغضب،اما ليون فقد كان يتظاهر بانه لا يطيقها،انما هو في الحقيقة معجب بها كثيرا،و لاول مرة تتمكن فتاة من تجعل ليون يعجب بها او حتى ينظر اليها،رغم محاولات الفتيات المتكررة،ذات مساء،و بعد انتهاء الدوام المدرسي،اقتربت مايا من ليون قبل الخروج من الصف و همست في اذنه
-ما رايك ان تسابقني الى المنزل،طبعا ان لم تكن خائفا من الهزيمة
نظر اليها و قال
-موافق
ضحكت برقة و قالت بصوت مسموع لتغيض الفتيات اللواتي كن ينظرن اليها بكره شديد لانها تكلمت مع ليون
-نلتقي عند البوابة،حبيبي!
احمرت وجنتا ليون و نبض قلبه بشدة،شعر بخجل شديد لدرجة انه تمنى ان يجد حفرة ليختبا بها!وقف بخجل و هو يحاول اخفاء ذلك ،الا ان ادوارد صرخ بمرح
-لم تقل لي انك تملك حبيبة ليون!انتما متناسبان جدا!
زاد خجل ليون و قال متعلثما
-اصمت ..انت احمق
ثم ركض خارجا حتى يلحق مايا،كانت واقفة امام الباب تنتظره،و ما ان راته من بعيد لوحت له بيدها و صرخت بمرح
-هاي،ايتها السلحفاة،اسرع قليلا!
زاد ليون من سرعته ،و عندما وصل اليها قالت و هي تنظر اليه بتمعن و كانها تتفحصه
-هل انت مريض؟تعبان؟جائع؟عطشان؟نعسان؟و الاهم..هل ترتدي حفاظات؟
نظر اليها ليون بانزعاج و قال
-كفاك ثرثرة
-انا جادة،سوف تكون الصدمة كبيرة عليك و لن تتحملها عندما تهزم
لم يعقب ليون على كلامها بل ابتسم ابتسامة جذابة و استعد لبدا السباق،نظرت مايا الى الامام و قالت
-حسنا ،سننطلق عند العشرة..واحد..عشرة..
و انطلقت بسرعة تاركة ليون خلفها،لم يستطع الوصول اليها فقد كانت سريعة جدا،جمع كل طاقته في قدميه و ركز على ان يصل اليها مهما كلفه الامر،ركض باقصى قوته ،الى ان وصل اليها و اصبح في نفس المستوى معها،نظرت مايا ايه و قالت
-لن تفعلها
و اسرعت بكل قوتها و تجاوزته بسهولة،الى ان وصلت الى حديقة جميلة تتوسطها نافورة مياه،انحنت عند تلك النافورة وبللت وجهها و قالت بمرح
-كان هذا رائعا جدا!
في هذه الاثناء وصل ليون و قال و هو يلهث
-انت مخادعة!لقد انطلقت قبلي!
-هذا هو قانون الغابة!انه لا يحمي المغفلين!
-لست مغفلا
اقتربت مايا من ليون و قالت بهمس
-اذا كنت مغفلا،فانا مثلك
احمرت وجنتا ليون و قال مغيرا الموضوع
-انت غريبة،كل شيء غريب معك،حتى السباق غريب معك
-هذا لانها قوانيني،انا وضعتها لاعيش عليها،لا احب ان اكون مثل الاخرين،لن ارغم نفسي على العيش كما يريد الاخرون،لان هذا ممل جدا!
اخذ ليون يحدق بعيني مايا،فقد اثر كلامها به كثيرا،صمت لبرهة ثم قال
-مايا،انا..
-احبك ليون،كثيرا
قالتها بكل هدوء مقاطعة ليون،ثم شقت شفتيها ابتسامة جذابة و تابعت
-انت لست كذلك،لا يمكنك ذلك حقا،لا يمكنك ان تحب غريبة الاطوار،و انا لا يمكنني ان اتغير
لكن ليون امسكها من يدها و قال
-و انا احبك مايا،انت اكثر شخص غيرني،كلامك دوما ما يجعلني سعيدا،احبك كثيرا مايا،صدقيني!
و لاول مرة،دمعت عينا مايا اللتين لم تعرفا غير السعادة رغم كل شيئ،نزلت تلك الدموع من عيني مايا الرائعتان،و سحبت يدها من يد ليون و قالت
-ليون،انا سوف ارحل،لا يمكني البقاء هنا،عائلتي ستذهب من المدينة و لن استطيع البقاء معك!
كانت كلمات مايا بمثابة سيف اخترق قلب ليون ، فبعدما احب و تعلق بشخص ملئ الفراغ الذي بحياته،على حبيبته الرحيل و تركه!لم يجد كلمات يمكن ان تعبر عما يختلج بداخله،صمت برهة و هو يحدق بدموع مايا الرقيقة،ليقول بعدها
-مايا،ارجوك ابقي معي،سوف اقوم بخطبتك من اهلك
-و هذه هي المشكلة،والدي سوف يزوجني بابن صديقه ليضمن استمرارية دعمه لشركته!
قالت مايا و هي تشهق من شدة البكاء،لكن ليون قال
-نحن يمكننا تمويل شركة والدك،فعائلتي غنية جدا،ارجوك اطلبي من والدك ذلك
مسحت مايا دموعها،لترسم على وجهها ملامح البرود التي لم ترتسم عليه قط،و تردف بهدوء شديد
-ليون،اتمنى لك حياة سعيدة
استدارت و ركضت بسرعة و كانها هاربة من نظرات ليون الحزينة،الا ان ليون ناداها قائلا
-مايا،شكرا لك
نظرت مايا نحو ليون من مسافة بعيدة،ابتسمت ابتسامة رائعة ترجمت مشاعرها الصافية ، تبعتها تلك الدموع المتلالئة تحت وهج الشمس الاحمر الجميل،لكن،دون سابق انذار،تلاشت احلام مايا البريئة،تلاشى حبها النقي،و تلاشت ابتسامتها الجميلة،اختفت روح مايا النقية كما اختفت الشمس الرائعة،لتسقط بين دمائها ،و قد فارقت الحياة،لم تنتبه مايا للسيارة القادمة نحوها و هي تنظر لحبيبها نظرتها الاخيرة،لقد كانت مايا تماما كالسراب بحياة ليون،يجعل التائه في الصحراء يفرح بمجرد رؤيته،لكن المه يتضاعف حينما يرحل عنه،كانت كالشمس،لكن مايا..لن تعود..تلك الفتاة البريئة المبتسمة،رحلت و لم تترك الا ذكراها الجميلة و طيفها النقي الذي يداعب الشمس و يودعها للمرة الاخيرة..اما ليون..فقد اختلطت عليه مشاعر الحزن و الصدمة و الذنب،لم يكن يعرف ماذا يفعل،غرق في دموعه التي ملئت عيناه الجميلتان،جلس على الارض و همس بصوت خافت
-احبك..مايا

..فارقت مايا النقية هذه الحياة،وغير ذلك الكثير في حياة ليون،فشعوره بالذنب جعله انسانا متحجرا..لا يفرق قلبه بين الحب و الكره،ذهبت المشاعر التي زرعتها مايا برحيلها ،لكن حبها لا يزال يعيش في قلب ليون الحزين...


انتهى..
ما رايكم بالبارت؟
ما رايكم بشخصية مايا؟
هل هناك تحسن؟
هذا كل شيئ..ارجو تفاعلكم احبائي
جاااااااااانااااا